وان محل الالتزام في عقد الكفالة هو الشيء المضمون على الأصيل وهو يسمى المكفول به أو الشيء المكفول
أي كان مصدر هذا الالتزام الأصلي فيمكن كفالة الالتزام سواء كان ناتج عن عقد أو فعل ضار أو فعل نافع أو أي مصدر من مصادر الالتزام.
كما يمكن كفالة الالتزام الأصلي أي كان محل التزامه سواء كان القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو أعطاء شيء .
وقد أورد المشرع الأردني في القانون المدني في المواد 954 وما بعدها شروط معينة يجب أن تتوافر في المكفول به وهي كالتالي :
أولا: أن يكون الالتزام موجودا أو ممكن الوجود
الكفالة هي توثيق وضمان للدين وهي من العقود التبعية وهذا الأمر يقتضي أولا ثبوت الدين الأصلي ووجوده حتى تنعقد الكفالة وهذا هو الأصل العام إلا أن المشرع الأردني عند تنظيم عقد الكفالة قام بالخروج على هذا الأصل وأورد استثناءات وهي :
1- أجاز المشرع كفالة الالتزام قبل وجوده فتقوم الكفالة قبل ثبوت الحق حيث تصح الكفالة معلقة على شرط ملائم لمقتضى العقد أو مضافة إلى زمن مستقبل إلا أن القانون أعطى للكفيل في هذه الحالة الرجوع عن كفالته قبل ترتب الدين وهذا ما جاء في المادة 959 من القانون المدني الأردني.
2- كما أجاز المشرع كفالة الالتزام قبل بوجوده عندما اخذ بالكفالة بالدرك
حيث يجوز ضمان كفالة ثمن المبيع للمشتري إذا ثبت انه قد استحق للغير
وفي هذه الكفالة ينشأ التزام الكفيل قبل التزام الأصيل ذلك أن ضمان رد الثمن للمشتري يكفله الكفيل قبل ثبوت استحقاق المبيع وهو يعتبر كفالة لالتزام مستقبلي.
3-أجاز المشرع الأردني كفالة الدين المستقبلي إذا كان يتعلق بنفقة الزوج أو الأقارب قبل القضاء بها أو التراضي عليها وهو ما جاء بنص المادة 955 من القانون المدني لأردني والأصل أن النفقة لا تصبح دينا بالذمة إلا بعد الحكم بها من قبل القضاء أو بالتراضي عليها لذلك عند إجازة كفالة النفقة قبل ثبوتها فهو إجازة صريحة للكفالة الدين المستقبلي
وفي هذه الاستثناءات خروج على مبدأ تبعية التزام الكفيل لالتزام الأصيل ,إلا انه خروج مبرر تقتضيه متطلبات التعامل في وقتنا الحاضر حيث أن اغلب الناس لا تعطي أتتمان معين إلا بعد الحصول على توثيق وتأمين لهذا الائتمان
ويجب الإشارة إلى أن كفالة الالتزام المستقبلي لا ينتج أثره إلا بعد وجود الالتزام المكفول فعلا وأن الكفالة تنقضي إذا لم يوجد الالتزام في المستقبل
فالكفالة بالدرك لا يطالب بها الكفيل برد الثمن للمشتري إلا إذا حكم باستحقاق المبيع وكذلك النفقة لا يلزم بها الكفيل إلا بعد القضاء بها أو التراضي عليها .
ثانيا :أن يكون الالتزام معينا أو قابلا للتعيين
يجب أن يكون الالتزام المكفول معينا أو قابلا للتعيين ,لذلك لا تصح كفالة المجهول لان الجهالة هنا تؤدي إلى عجز الكفيل عن الوفاء بما التزم به وفي هذا خروج عن المقصود بالكفالة ومثالها كفالة جزء غير محدد من التزام المدين .
وان تعيين المكفول به تختلف باختلاف ماهيته فإذا كانت كفالة بالنفس فيكون التزام الكفيل هو تسليم النفس للمكفول له عن الطلب أما إذا كانت الكفالة بالمال
فقد يكون الالتزام دينا أو عينا فيجب تحديد هذا الدين وتعيين محله .
أما بالنسبة لتحديد مقدار الالتزام كشرط لمعلومتيه فهي تختلف بين إذا كان الالتزام موجودا وقت الكفالة أو انه مستقبلي كما أسلفنا الذكر في الشرط السابق
فإذا كان موجودا وجب تحديده وبيان مقداره حتى تصح الكفالة
ككفالة دفع ثمن المبيع والذي مقداره 100 دينار أردني
أما إذا كان غير موجودا عند إبرام عقد الكفالة فلا يشترط بيان مقداره فهو آمر شبه مستحيل فيكفي بيان الشخص المدين به أو تعيين المدة التي يلتزم بها الكفيل أو بتحديد سقف أعلى لكفالة الكفيل للدين كان يكفل ما يترتب من دين في ذمة شخص ما بحدود 1000 دينار أردني .
وهذه هو الأصل العام إلا أن المشرع الأردني اكتفى في هذا الشرط بنص المادة 954 من القانون المدني الأردني والتي جاء فيها "يشترط لصحة الكفالة أن يكون المكفول به مضمونا على الأصيل دينا أو عينا أو نفسا معلومة وان يكون مقدور التسليم من الكفيل"
ونجد هنا أن المشرع لم يشترط بالمكفول به إذا كان دينا أو عينا أن يكون معلوما
أما النفس فوجب أن تكون معلومة وحسب نص المادة 630/1 من مجلة الأحكام العدلية والتي هي أصل هذه المادة فقد جاء فيها "إذا كان المكفول به نفسا اشترط أن يكون معلوما وان كان مالا فلا يشترط أن يكون معلوما "
إلا أن هذه الجهالة في الالتزام التي تسامح فيها القانون الأردني لا تكون على وجه الإطلاق بل أنها تنصب على جهالة مقدار الالتزام لا على غيره ويجب على الأقل أن يكون الالتزام مقدور التسليم من الكفيل .
ثالثا : أن يكون المكفول به مضمونا على الأصيل
جاء في المادة 954 من القانون المدني الأردني سالفة الذكر " يشترط لصحة الكفالة أن يكون المكفول به مضمونا على الأصيل"
فالتزام الكفيل في عقد الكفالة هو التزام تابع لالتزام أصلي وهو التزام المدين فلا يقوم التزام الكفيل إلا إذا قام التزام الأصيل فإذا لم يكن الأصيل ملتزما فلا تصح الكفالة فيجب أن تكون ذمة الأصيل ملتزمة بالدين حتى تصح كفالته.
لذلك لا تصح كفالة الالتزام الطبيعي لان هذه الالتزام غير مضمون على المدين ولا يجوز مطالبته به قضاء وان إجازة كفالة الالتزام الطبيعي يترتب عليها إجبار المدين على الوفاء بالالتزام الطبيعي لان الكفيل في هذه الحالة بعد الوفاء بالالتزام الطبيعي يجوز له الرجوع على المدين بما أداه من دين وبهذه الحالة يجبر المدين على الوفاء بالتزام هو غير مجبر على الوفاء به .
كما لا تجوز كفالة العين إذا لم تكن مكفولة على من هي تحت يده كالكفالة بالعين المودعة والمأجورة والمودعة لأنه في هذه الحالة تكون يد الأصيل يد أمانة ولا يمكن للكفيل أن يلتزم بما لا يلتزم به الأصيل
ولكن تجوز الكفالة في هذه الحالة إذا كان القصد من الكفالة ضمان ما يترتب على الأصيل من ضمان إذا تعدى اوتعمد لان يد الأصيل في هذه الحالة تكون يد ضمان وهو ملزم بالضمان فتجوز الكفالة
ومن باب أولى فأن الكفالة بالأعيان المضمونة ابتداء كالمغصوب جائزة لأنه مضمون على الأصيل وتجوز الكفالة به.
فالأصل أن القانون الأردني يجيز كفالة الالتزام متى ما كان واجبا قانونيا على الأصيل الوفاء به إلا أن المشرع الأردني قد أورد استثناءات على هذه القاعدة وهي :
1- لا يجوز كفالة وكيل البائع للمشتري بأداء ثمن ما وكل ببيعه
2- لا تجوز كفالة الوصي في ثمن ما باعه من مال الصغير
3- لا تجوز كفالة المتولي في ثمن ما باعه من مال الوقف
لأنه في هذه الحالات يكون البائع والوصي ومتولي الوقف يتصرف بصفته نائبا عن غيره ولا يجوز أن تجتمع الكفالة والنيابة في أن واحد, فلا يعقل أن يكون الشخص في نفس الوقت ملتزما وملتزما له
وتكون الكفالة في هذه الحالات باطلة بالرغم من أن الالتزام مضمون على الأصيل .
رابعا :أن يكون الالتزام مقدور التسليم من الكفيل
نصت على هذا الشرط صراحة المادة 954 من القانون المدني سالفة الذكر
وكما نصت المادة 950 من القانون المدني "الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بتنفيذ الالتزام"
فلا يجوز كفالة الالتزام الذي لا يستطيع الكفيل أن يقوم به مقام المدين الأصلي
لان الكفالة تلزم الكفيل بتنفيذ الالتزام الذي لم ينفذه المدين أو حتى قبل الرجوع على المدين يكون الكفيل ملتزما بتنفيذ الالتزام فإذا كان الالتزام المكفول به غير مقدور التسليم من قبل الكفيل لفقدت الكفالة فائدتها والمقصود منها ومثالها العقوبات البدنية لأنه لا يجوز فيها أن يقوم احد مقام أخر فيتعذر استيفاءها من الكفيل
والكفالة بالنفس جائزة وهي من الالتزامات مقدورة التسليم لان الالتزام فيها يكون بتسليم المدين وهو آمر مقدور الاستيفاء من الكفيل بالاستعانة بالسلطة العامة لتحقيق التسليم .