حديث: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، ثلاثا
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
باب الوليمـة: الحديث الرابع عشر
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا شرِب أحدُكم فلا يتنفس في الإناء، ثلاثًا؛ متفق عليه، ولأبي داود عن ابن عباس نحوه وزاد: وينفخ فيه، وصحَّحه الترمذي.
المفردات:
فلا يتنفس في الإناء؛ أي: فلا يجعل هواء فمه يصيب الشراب الذي في الإناء؛ حتى لا يلوثه بما قد يخرج معه من شيء غير مَحبوب.
نحوه؛ أي: نحو حديث أبي قتادة.
وزاد؛ أي: في حديث ابن عباس عند أبي داود.
وينفخ فيه؛ أي: لا يتنفس في الإناء الذي يشرب منه ولا ينفخ فيه كذلك.
وصحَّحه الترمذي؛ أي: وصحَّح الترمذي حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
البحث:
قول المصنف: ثلاثًا، الظاهر أنه سبق قلم؛ إذ ليس في حديث أبي قتادة عند الشيخين لفظ: ثلاثًا، فلفظه عند البخاري: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا بال أحدكم فلا يمسَح ذكره بيمينه. وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسَّح بيمينه، ولفظه عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء، أما حديث ابن عباس عند أبي داود الذي أشار إليه المصنف، فقد قال أبو داود: باب النفخ في الشراب، حدثنا عبدالله بن محمد النفيلي ثنا ابن عيينة عن عبدالكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه؛ اهـ، والحكمة من النهي عن التنفس في الإناء أو النفخ فيه، هو صيانة ما قد يبقى في الإناء من الشراب عن التلوث بما قد يخرج مع النفس من فضلات الطعام أو غيرها، مما قد يضر الذي يشرب بعده ويؤذيه، أما الشرب ثلاثًا والتنفس خارج الإناء كل مرة، فهو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الطب النبوي، فقد روى البخاري من طريق ثمامة بن عبدالله قال: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثًا كما روى مسلم من طريق ثمامة بن عبدالله بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يتنفس في الإناء ثلاثًا، وفي لفظ لمسلم من طريق أبي عصام عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا ويقول: إنه أروى وأبرأ وأمرأُ، قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثًا، وقد أشارت الرواية لثانية عند مسلم إلى بعض حِكَمِ الشرب على ثلاثة أنفاس، وأنه يفيد الشارب ريًّا أكثر مما لو شرِب دَفعة واحدة؛ إذ إنه لو شرِب في نفس واحد، فقد يقطع التنفس تمام شربه فلا يُروى، كما أنه أبرأُ من ألَم العطش، أو أسلم من مرضٍ ينشأ عن الشرب في نفس واحد، كما أنه أمرأُ؛ أي: أَسوغُ لا تنغيص فيه، بخلاف ما إذا شرب في نفس واحد، فقد يغص به ويشرقه، ويَضر به، ويولِّد أدواءً ولا سيما في الكبد، هذا ولا معارضة بين حديث الباب: فلا يتنفس في الإناء، وبين حديث: كان يتنفس في الشراب ثلاثًا، فإن المنهي عنه هو التنفس في داخل الإناء، والمشروع هو التنفس خارج الإناء أثناء الشرب.
ما يفيده الحديث:
1- كراهة التنفس في الإناء أثناء الشرب.
2- استحباب أن يشرب الإنسان على ثلاثة أنفاس.
3- صيانة الإسلام للصحة العامة.
4- سمو التعاليم الإسلامية.
الألوكة
..................