![]() |
رقم المشاركة : 28 | |
|
![]() وفي الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة ، فتشتغل بمعالجته وإصلاحه عما هي بصدده من إزالة المرض وآثاره ، فإما أن تقف تلك البقية ، وإما أن تتزايد ، فلما وضح بين يديه السلق والشعير ، أمره أن يصيب منه ، فإنه من أنفع الأغذية للناقه ، فإن في ماء الشعير من التبريد والتغذية ، والتلطيف والتليين ، وتقوية الطبيعة ما هو أصلح للناقه ، ولا سيما إذا طبخ بأصول السلق ، فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف ، ولا يتولد عنه من الأخلاط ما يخاف منه . وقال زيد بن أسلم : حمى عمر رضي الله عنه مريضاً له ، حتى إنه من شدة ما حماه كان يمص النوى . وبالجملة : فالحمية من أنفع الأدوية قبل الداء ، فتمنع حصوله ، وإذا حصل ، فتمنع تزايده وانتشاره . ومما ينبغي أن يعلم أن كثيراً مما يحمى عنه العليل والناقه والصحيح ، إذا اشتدت الشهوة إليه ، ومالت إليه الطبيعة ، فتناول منه الشئ اليسير الذي لا تعجز الطبيعة عن هضمه ، لم يضره تناوله ، بل ربما انتفع به ، فإن الطبيعة والمعدة تتلقيانه بالقبول والمحبة، فيصلحان ما يخشى من ضرره ، وقد يكون أنفع من تناول ما تكرهه الطبيعة ، وتدفعه من الدواء ، ولهذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم صهيباً وهو أرمد على تناول التمرات اليسيرة ، وعلم أنها لا تضره ، ومن هذا ما يروى عن علي أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أرمد ، وبين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تمر يأكله ، فقال : " يا علي ! تشتهيه ؟ ورمى إليه بتمرة ، ثم بأخرى حتى رمى إليه سبعاً ، ثم قال : حسبك يا علي " . ومن هذا ما رواه ابن ماجه في سننه من حديث عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً فقال له : " ما تشتهي ؟ فقال : أشتهي خبز بر . وفي لفظ : أشتهي كعكاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من كان عنده خبز بر فيبعث إلى أخيه ثم قال : إذا اشتهى مريض أحدكم شيئاً ، فليطعمه " . ففي هذا الحديث سر طبي لطيف ، فإن المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق طبيعي ، وكان فيه ضرر ما ، كان أنفع وأقل ضرراً مما لا يشتهيه ، وإن كان نافعاً في نفسه ، فإن صدق شهوته ، ومحبة الطبيعة يدفع ضرره ، وبغض الطبيعة وكراهتها للنافع ، قد يجلب لها منه ضرراً . وبالجملة : فاللذيذ المشتهى تقبل الطبيعة عليه بعناية ، فتهضمه على أحمد الوجوه ، سيما عند انبعاث النفس إليه بصدق الشهوة ، وصحة القوة ، والله أعلم . في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الرمد بالسكون ، والدعة ، وترك الحركة ، والحمية مما يهيج الرمد وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى صهيباً من التمر ، وأنكر عليه أكله ، وهو أرمد ، وحمى علياً من الرطب لما أصابه الرمد . وذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي : أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه لم يأتها حتى تبرأ عينها . الرمد : ورم حار يعرض في الطبقة الملتحمة من العين ، وهو بياضها الظاهر ، وسببه انصباب أحد الأخلاط الأربعة ، أو ريح حارة تكثر كميتها في الرأس والبدن ، فينبعث منها قسط إلى جوهر العين ، أو ضربة تصيب العين ، فترسل الطبيعة إليها من الدم والروح مقداراً كثيراً تروم بذلك شفاءها مما عرض لها ، ولأجل ذلك يرم العضو المضروب ، والقياس يوجب ضده . واعلم أنه كما يرتفع من الأرض إلى الجو بخاران ، أحدهما : حار يابس ، والآخر : حار رطب ، فينعقدان سحاباً متراكماً ، ويمنعان أبصارنا من إدراك السماء ، فكذلك يرتفع من قعر المعدة إلى منتهاها مثل ذلك ، فيمنعان النظر ، ويتولد عنهما علل شتى ، فإن قويت الطبيعة على ذلك ودفعته إلى الخياشيم ، أحدث الزكام ، وإن دفعته إلى اللهاة والمنخرين أحدث الخناق ، وإن دفعته إلى الجنب ، أحدث الشوصة ، وإن دفعته إلى الصدر ، أحدث النزلة ، وإن انحدر إلى القلب ، أحدث الخبطة ، وإن دفعته إلى العين أحدث رمداً ، وإن انحدر إلى الجوف ، أحدث السيلان ، وإن دفعته إلى منازل الدماغ أحدث النسيان ، وإن ترطبت أوعية الدماغ منه ، وامتلأت به عروقه أحدث النوم الشديد ، ولذلك كان النوم رطباً ، والسهر يابساً . وإن طلب البخار النفوذ من الرأس ، فلم يقدر عليه ، أعقبه الصداع والسهر ، وإن مال البخار إلى أحد شقي الرأس ، أعقبه الشقيقة ، وإن ملك قمة الرأس ووسط الهامة . أعقبه داء البيضة ، وإن برد منه حجاب الدماغ ، أو سخن ، أو ترطب وهاجت منه أرياح ، أحدث العطاس ، وإن أهاج الرطوبة البلغمية فيه حتى غلب الحار الغريزي ، أحدث الإغماء والسكات ، وإن أهاج المرة السوداء حتى أظلم هواء الدماغ ، أحدث الوسواس ، وإن فاض ذلك إلى مجاري العصب ، أحدث الصرع الطبيعي ، وإن ترطبت مجامع عصب الرأس وفاض ذلك في مجاريه ، أعقبه الفالج ، وإن كان البخار من مرة صفراء ملتهبة محمية للدماغ ، أحدث البرسام ، فإن شركه الصدر في ذلك ، كان سرساماً ، فافهم هذا الفصل . |
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعرف من هنا باقة ال { mbc} الموضوع الشامل | خالد الشبول | منتدى الترددات والقنوات الفضائية | 2 | 12-22-2011 02:10 PM |
الموضوع الشامل للمضادات الحيوية | محمد قطيش | منتدى الطب العام والأسعافات الأولية | 3 | 02-22-2011 04:26 PM |
مقدمة عن تاريخ الطب النبوي | عمر الهندي | منتدى الطب النبوي والتداوي بالاعشاب | 3 | 09-23-2010 02:13 PM |
الطب النبوي | سيف الدين | منتدى الطب النبوي والتداوي بالاعشاب | 3 | 09-09-2010 03:37 PM |
الزنجبيل في الطب النبوي | رامي السريحين | منتدى الطب النبوي والتداوي بالاعشاب | 6 | 09-01-2010 03:29 PM |