|
#1
|
||||
|
||||
![]() المبحث الأول - تعريف الاعتكاف ومشروعيته ومكانه وزمانه:
|
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |
|
![]() ويخرج المعتكف ليأتي بمأكول ومشروب يحتاجه إن لم يكن له من يأتيه به. ولا يجوز خروجه لأجل أكله وشربه في بيته، لعدم الحاجة، لإباحة ذلك في المسجد، ولا نقص فيه. ويخرج للجمعة إن كانت واجبة عليه، لأنه خروج لواجب فلم يبطل اعتكافه، كالمعتدة، أو شرط الخروج إليها، وإن لم تكن واجبة، للشرط، وله التبكير إليها، لأنه خروج جائز، فجاز تعجيله، كالخروج لحاجة الإنسان، وله إطالة المقام بعد الجمعة، ولا يكره لصلاحية الموضع للاعتكاف. ويخرج لنفير متعين إن احتيج إليه، لأن ذلك واجب كالجمعة، ولشهادة تعيَّن عليه أداؤها، ولخوف من فتنة على نفسه أو حرمته، أو ماله نهباً أو حريقاً ونحوه كالغرق، لأنه عذر في ترك الواجب بأصل الشرع كالجمعة، ولمرض يتعذر معه المقام، أو لا يمكنه المقام معه إلا بمشقة شديدة، بأن يحتاج إلى خدمة أو فراش، ولا يبطل اعتكافه بخروجه لشيء مما تقدم للحاجة إليه. ولا يجوز له الخروج إن كان المرض خفيفاً كصداع وحمى خفيفة ووضع ضرس، لأنه خروج لما له منه بد، فأشبه المبيت ببيته. ولا يبطل اعتكافه أيضاً إن أكرهه السلطان أو غيره على الخروج من معتكفه، بأن حمل وأخرج، أو هدده قادر بسلطنة، أو تغلب كلص وقاطع طريق، فخرج بنفسه، لأن مثل ذلك يبيح ترك الجمعة والجماعة، فهو كالمريض والحائض. ولا يبطل اعتكافه أيضاً إن خرج من المسجد ناسياً، للحديث السابق "عفي عن أمتيالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وينبي على اعتكافه إذا زال العذر في كل ما تقدم مما لا يبطل فيه الاعتكاف. وتخرج المرأة المعتكفة من المسجد لوجود حيض ونفاس، فإذا طهرت رجعت إلى المسجد، لأن اللبث معهما في المسجد حرام. وتخرج أيضاً لعدة وفاة في منزلها، لوجوبها شرعاً كالجمعة، وهو حق لله ولآدمي، لا يستدرك إذا ترك، بخلاف الاعتكاف، ولا يبطل بذلك. ولا تمنع المستحاضة الاعتكاف، لأن الاستحاضة لا تمنع الصلاة، ويجب عليها أن تتحفظ لئلا تلوث المسجد. ولا يعود المعتكف مريضاً ولا يشهد جنازة، ولا يجهزها خارج المسجد إلا بشرط بأن يشترط ذلك، أو وجوب بأن يتعين ذلك عليه، لعدم غيره، لأنه لابد منه إذاً. ولا يجوز للمعتكف أن يتجر أو يتكسب بالصنعة، إلا ما لابد له منه، للنهي السابق عن البيع والشراء في المسجد. ولا بأس أن يتزوج (يعقد عقد الزواج) في المسجد، ويشهد النكاح، لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب، فلم تحرم النكاح كالصوم، ولأن عقد النكاح طاعة، وحضوره قربة، ومدته لا تتطاول، فيتشاغل به عن الاعتكاف، فلم يكره فيه، كتشميت العاطس ورد السلام. ولا بأس أن يتنظف بأنواع التنظيف، وله أن يتطيب ويلبس الرفيع من الثياب، ولكن ليس ذلك بمستحب. ولا بأس أن يأكل المعتكف في المسجد، ويضع سفرة كيلا يلوث المسجد، ويغسل يده في الطست، ولا يجوز أن يخرج لغسل يده، لأن من ذلك بداً. المبحث الخامس- آداب المعتكف ومكروهات الاعتكاف ومبطلاته: 9- آ- آداب المعتكف: 1- يستحب للمعتكف التشاغل على قدر الاستطاعة ليلاً ونهاراً بالصلاة، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى نحو لا إله إلا الله، ومنه الاستغفار، والفكر القلبي في ملكوت السموات والأرض ودقائق الحكم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتفسير القرآن ودراسة الحديث، والسيرة وقصص الأنبياء وحكايات الصالحين، ومدارسة العلم، ونحو ذلك من الطاعات المحضة. وعد المالكية ذلك من شروط الاعتكاف على سبيل الندب، لكنهم مع الحنابلة كرهوا اشتغال المعتكف بعلم ولو شرعياً، تعليماً أو تعلماً إن كثر لا إن قل، لأن المقصود من الاعتكاف صفاء القلب بمراقبة الرب، وهو إنما يحصل غالباً بالأذكار وعدم الاشتغال بالناس، والكتابة ولو كان المكتوب مصحفاً، لما فيها من اشتغال عن ملاحظة الرب تعالى، وليس مقصوداً من الاعتكاف كثرة الثواب، بل صفاء مرآة القلب الذي به سعادة الدارين. 2- يسن الصيام للمعتكف عند الجمهور (غير المالكية) الذين لا يشترطونه. والمالكية يشترطون الصوم. والحنفية يشترطونه في الاعتكاف المنذور. 3- يندب أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع عند المالكية والشافعية الذين لا يشترطون ذلك، كما اشترطه الحنفية والحنابلة، وأفضل المساجد لذلك : المسجد الحرام ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى. 4- يندب الاعتكاف في رمضان، لأنه من أفضل الشهور، لا سيما في العشر الأخير من رمضان بالاتفاق، لأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. 5- يندب مكث المعتكف ليلة العيد إذا اتصل اعتكافه بها، ليخرج منه إلى المصلى، فيوصل عبادة بعبادة، ولما ورد من فضل إحياء هذه الليلة: "من قام ليلتي العيد، محتسباً لله تعالى، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" رواه ابن ماجه أي أن الله يثبته على الإيمان عند النزع وعند سؤال الملكين وسؤال القيامة. 6- يجتنب المعتكف كل مالا يعنيه من الأقوال والأفعال، ولا يكثر الكلام، لأن من كثر كلامه كثر سَقَطه، وفي الحديث "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". رواه الترمذي. ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف، ففيه أولى، ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك، لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره. ولا يتكلم المعتكف إلا بخير، ولا بأس بالكلام لحاجته، ومحادثة غيره، فإن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت، فانقلبت، فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد- فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على رِسْلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، فقال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو قال : شيئاً". متفق عليه. 10- ب- مكروهات الاعتكاف: إن ترك بعض الآداب المذكورة مكروه، وكذلك يكره ما يلي في المذاهب الفقهية : ذهب الحنفية: إلى أنه يكره تحريماً إحضار المبيع في المسجد، لأن المسجد محرر من حقوق العباد، فلا يجعله كالدكان. ويكره عقد ما كان للتجارة، لأن المعتكف منقطع إلى الله تعالى، فلا يشتغل بأمور الدنيا. ويكره الصمت إن اعتقده قربة، لأنه منهي عنه، لأنه صوم أهل الكتاب، وقد نسخ. وذهب المالكية إلى كراهية ما يأتي: 1- أن ينقص عن عشرة أيام أو يزيد عن شهر. 2- أكله بفناء المسجد أو رحبته التي زيدت لتوسعته، وإنما يأكل فيه على حدة. 3- أن يعتكف القادر بدون أكل أو شرب أو لباس حتى لا يخرج، فإن اعتكف غير مكفي، خرج لأقرب مكان لشراء ما يحتاجه، وإلا فسد اعتكافه. ويكره اعتكاف ما ليس عنده ما يكفيه. 4- دخوله بمنزل به أهله (أي زوجته) أثناء خروجه لقضاء حاجة، لئلا يطرأ عليه منهما ما يفسد اعتكافه. 5- الاشتغال بعلم إن كثر ولو شرعياً، تعليماً أو تعلماً، أو بكتابة وإن كان المكتوب مصحفاً، لأن المقصود من الاعتكاف رياضة النفس وصفاء القلب بمراقبة الرب، وذلك يحصل بالذكر والصلاة. 6- الاشتغال بكل فعل غير ذكر وتلاوة وصلاة، كأن يشتغل بعيادة مريض، وصلاة جنازة ولو لاصقت المعتكف، وصعود لأذان بمنار أو سطح، وإقامة الصلاة، أما الإمامة فلا بأس بها، بل مستحبة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف ويصلي إماماً. 7- السلام على الغير إن بعد، وجاز سلامه على من بقربه. وذهب الشافعية: إلى كراهة الإكثار من اتخاذ موضع للبيع والشراء، أو العمل الصناعي، والحجامة والفصد إن أمن تلويث المسجد، وإلا حرم. وذهب الحنابلة إلى كراهة الاشتغال بإقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه. والخوض فيما لا يعنيه من جدال ومراء وكثرة كلام ونحوه، والصمت عن الكلام، لأنه ليس من شريعة الإسلام، "دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها: زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: مالها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت". رواه البخاري. جـ- مبطلات الاعتكاف: يبطل الاعتكاف أو يفسد بما يأتي: 1- الخروج بلا عذر شرعي كالخروج لصلاة الجمعة، أو حاجة طبيعية كالبول أو الغائط، أو ضرورة كانهدام المسجد، على التفصيل الذي ذكرناه في "ما يلزم المعتكف" ويبطل الاعتكاف بالخروج عند المالكية وإن وجب كالجهاد المتعين والحبس في دين. 2- الجماع، ولو كان عند الجمهور ناسياً أو مكرهاً ليلاً أو نهاراً، لأن الوطء في الاعتكاف حرام بالإجماع، لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] فإن وطئ في الفرج عمداً أفسد اعتكافه بالإجماع. وكذا في غير العمد عند الجمهور، لأن ما حرم في الاعتكاف استوى عمده وسهوه في إفساده كالخروج من المسجد. وذهب الشافعية إلى أن الجماع المفسد هو المتعمد مع العلم والاختيار، فلا يفسد الاعتكاف بالجماع ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، كالخروج في هذه الحالات، ولأنها مباشرة لا تفسد الصوم، فلم تفسد الاعتكاف كالمباشرة فيما دون الفرج، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". 3- الإنزال في حال المباشرة بشهوة كالقبلة واللمس والتفخيذ، بالاتفاق، لعموم قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}. أما لو أمنى بالتفكر أو بالنظر، أو باشر ولم ينزل، فلا يفسد اعتكافه عند الجمهور، لأنها مباشرة لا تفسد صوماً ولا حجاً، فلم تفسد الاعتكاف، كالمباشرة لغير شهوة، لكن الشافعية قيدوا ذلك بما إذا لم يكن عادة له، فإن كان ذلك عادة له فيفسد الاعتكاف. وذهب المالكية إلى أن الإمناء بالفكر أو بالنظر، والمباشرة وإن لم ينزل تفسد الاعتكاف، لأنها مباشرة محرمة، فأفسدت الاعتكاف كما لو أنزل، ولا بأس بالمباشرة لغير شهوة اتفاقاً كأن تغسل رأسه أو تناوله شيئاً، لأن "النبي صلى الله عليه وسلم كان يدني رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجله". 4- الردة: فإذا ارتد المعتكف، بطل اعتكافه لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] ولأنه خرج بالردة عن كونه من أهل الاعتكاف، ولا يقضي عند الجمهور إذا عاد للإسلام ترغيباً له في الإسلام. ويجب عليه القضاء عند الحنابلة في النذر، وعليه كفارة يمين في نذر أيام معينة كالعشر الأواخر من رمضان. 5- السكر نهاراً، وكذا ليلاً إن تعمده عند الجمهور، وإن دخل في الاعتكاف عند الشافعية، لعدم أهليته للعبادة، لكن قيد الشافعية السكر بأن يحصل بسبب تعديه. 6- الإغماء والجنون الطويلان: فإذا جن المعتكف أو أغمي عليه أياماً بطل اعتكافه عند الجمهور إذا كان متعدياً بالجنون عند الشافعية، لعدم أهليته للعبادة، ويحسب عند الشافعية زمن الإغماء من الاعتكاف، دون زمن الحيض والنفاس والجنابة والجنون. وقال الحنابلة: لا يبطل الاعتكاف بالإغماء كما لا يبطل بالنوم، بجامع بقاء التكليف. 7- الحيض والنفاس: فإذا حاضت المرأة أو نفست بطل اعتكافها. 8- الأكل عمداً عند المالكية والحنفية المشترطين للصوم، فإذا أكل المعتكف عمداً بطل اعتكافه، ولا يبطل بالأكل ناسياً. 9- الوقوع في كبيرة كالغيبة والنميمة والقذف يبطل الاعتكاف عند المالكية، ولا يبطله عند الجمهور. 11- المبحث السادس- حكم الاعتكاف إذا فسد: للفقهاء تفصيلات في ذلك. ذهب الحنفية: إلى أنالاعتكاف إذا فسد لا يخلو إما أن يكون واجباً أي منذوراً، وإما أن يكون تطوعاً: أ- فإن كان واجباً: أي إذا فسد الاعتكاف الواجب، وجب قضاؤه إلا إذا فسد بالردة خاصة، فإن كان اعتكاف شهر بعينه يقضي قدر ما فسد ليس غير، ولا يلزمه الاستئناف أي البدء من أول الشهر، كصوم رمضان. وإذا كان اعتكاف شهر بغير عينه، يلزمه الاستئناف من أوله، لأنه يلزمه متتابعاً، فيراعى فيه صفة التتابع، وذلك سواء فسد بصنعه من غير عذر كالخروج والجماع والأكل والشرب في النهار، إلا في الردة، أو فسد بصنعه بعذر، كما إذا مرض فاحتاج إلى الخروج، أو بغير صنعه كالحيض والجنون والإغماء الطويل، لأن القضاء يجب جبراً للفائت. ومن نذر اعتكاف شهر بعينه كالمحرم، ثم فات كله، قضى الكل متتابعاً، لأنه صار الاعتكاف ديناً في ذمته. وإن قدر على قضائه فلم يقضه حتى أيس من حياته، يجب عليه أن يوصي بالفدية لكل يوم طعام مسكين لأجل الصوم، لا لأجل الاعتكاف، كما في قضاء رمضان والصوم المنذور في وقت بعينه. وإن كان مريضاً وقت النذر، فذهب الوقت وهو مريض حتى مات، فلا شيء عليه. ب- وأما اعتكاف التطوع إذا قطعه قبل تمام اليوم، فلا شيء عليه. وذهب المالكية: إلى أنمبطلات الاعتكاف الواجب قسمان: الأول- ما يبطل ما فعل منه ويوجب استئنافه: كالخروج برجليه معاً بغير ضرورة أو لمرض أحد أبويه، أو لصلاة الجمعة وكان معتكفاً في مسجد غير جامع، وكتعمد الفطر أو السكر، والوطء والقبلة بشهوة واللمس ليلاً. فمن نذر أياماً معينة كأسبوع أو ثلاثة أيام، ثم حدث منه ما ذكر مما يبطل اعتكافه، لزمه القضاء واستئناف الاعتكاف من أوله. الثاني- ما يخص زمنه ولا يبطل ما قبله: وهو ثلاثة أنواع: أ- ما يمنع الصوم فقط: وهو وجود العيد وطروء مرض خفيف، فمن نذر شهر ذي الحجة، فلا يخرج يوم الأضحى، وإلا بطل اعتكافه من أصله. ب- ما يمنع المكث في المسجد: كسلس البول وإسالة جرح أو دمل يخشى معه تلوث المسجد، فيجب عليه الخروج والعودة فوراً بمجرد زوال عذره المانع من البقاء في المسجد، وبنى على اعتكافه السابق. جـ- ما يمنع الصوم والمكث في المسجد معاً: كالحيض والنفاس، وحكمه كالحالة السابقة تماماً. فإن أخر الرجوع ولو لعذر من نسيان أو إكراه، بطل اعتكافه واستأنفه، إلا إن أخر الرجوع ليلة العيد ويومه، فلا يبطل، لعدم صحة صومه لكل أحد، فإذا حصل للشخص المعتكف حيض أو نفاس أو إغماء أو مرض شديد في أثناء الاعتكاف، فخرج من المسجد للبيت، ثم زال ذلك العذر ليلة العيد، فاخر الرجوع للمسجد حتى مضى يوم العيد، وتالياه في عيد الأضحى، فإن اعتكافه لا يبطل. أما لو طهرت الحائض أو صح المريض وأخر كل منهما الرجوع، فيبطل الاعتكاف لصحة الصوم بعد زوال العذر. وذهب الشافعية: إلى أنهإذا فعل المعتكف في الاعتكاف ما يبطله من خروج أو مباشرة، أو مقام في البيت بعد زوال العذر: أ- فإن كان ذلك في التطوع، لم يبطل ما مضى من الاعتكاف، لأن ذلك القدر لو أفرده واقتصر عليه أجزأه، ولا يجب عليه إتمامه، لأنه لا يجب عليه المضي في فاسده، فلا يلزمه بالشروع كالصوم. ب- وإن كان اعتكافه منذوراً: فإن لم يشترط فيه التتابع، لم يبطل ما مضى من اعتكافه، لما ذكر في التطوع، لكن يلزمه هنا أن يتمم المدة المنذورة، لأن الجميع قد وجب عليه، وقد فعل البعض، فوجب الباقي. وإن كان قد شرط التتابع، بطل التتابع، ويجب عليه أن يستأنف ليأتي به على الصفة التي وجبت عليه. وعلى هذا يقطع التتابع السكر والكفر وتعمد الجماع وتعمد الخروج من المسجد، لا لقضاء الحاجة، ولا الأكل ولا الشرب إن تعذر الماء في المسجد، ولا للمرض إن شق لبثه فيه، أو خشي تلويثه، ولا الإغماء والجنون إذا حصل أحدهما للمعتكف، ولا إن أكره بغير حق على الخروج، ولا يقطع التتابع الحيض إن لم تسعه مدة الطهر : بأن طالت مدة الاعتكاف بحيث لا ينفك عن الحيض غالباً بأن يكون أكثر من خمسة عشر يوماً. ولا يقطعه أيضاً خروج مؤذن راتب (متخصص) إلى منارة المسجد المنفصلة عنه لكنها قريبة منه للأذان، لإلفه صعودها للأذان، وإلف الناس صوته. ولا يقطعه الخروج لإقامة حد ثبت عليه بغير إقراره، ولا لأجل عدة ليست بسببها، ولا لأجل أداء شهادة تعين عليها تحملها وأداؤها، للعذر في جميع ذلك، بخلاف أضداده. وإن خرج المعتكف من المسجد لغير قضاء الحاجة لزمه استئناف النية، فإن خرج لها لا يلزمه استئناف النية. وذهب الحنابلة: إلى أنه إن كان الاعتكاف تطوعاً وخرج من المسجد، لعذر غير معتاد كنفير وشهادة واجبة، وخوف من فتنة ومرض ونحوه وطال خروجه، خيِّر بين الرجوع وعدمه، لعدم وجوبه بالشروع. وإن كان الاعتكاف واجباً وجب عليه الرجوع إلى معتكفه لأداء ما وجب عليه. ولا يخلو النذر من ثلاثة أحوال بالاستقراء: أحدها- نذر اعتكاف أيام غير متتابعة ولا معينة، كنذر عشرة أيام مثلاً: وحكمه أنه يلزمه أن يتم ما بقي عليه من الأيام محتسباً بما مضى، ويبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله، ليكون متتابعاً، ولا كفارة عليه، لأنه أتى بالمنذور على الوجه المطلوب. الثاني- نذر أيام متتابعة غير معينة، بأن قال: لله علي أن أعتكف عشرة متتابعة، فاعتكف بعضها، ثم خرج للعذر السابق، وطال خروجه. وحكمه : أنه يخير بين البناء على ما مضى، بأن يقضي ما بقي من الأيام، وعليه كفارة يمين، جبراً لفوات التتابع، وبين الاستئناف بلا كفارة، لأنه أتى بالمنذور على وجهه المطلوب، فلم يلزمه شيء. الثالث- نذر أيام معينة، كالعشر الأخير من رمضان: وحكمه أن عليه قضاء ما ترك ليأتي بالواجب، وعليه كفارة يمين، لفوات المحل المنذور. وإن خرج المعتكف جميعه لما له منه بد مختاراً عمداً، أو مكرهاً بحق كمن عليه دين يمكنه وفاؤه ولم يفعل، فأخرج له، بطل اعتكافه، وإن قل زمن خروجه لذلك، لأنه خرج من معتكفه لغير حاجة، كما لو طال. ثم إن كان في نذر متتابع بشرط أو نية: بأن نذر عشرة أيام متتابعة أو نواها كذلك، ثم خرج لذلك، استأنف، لأنه لا يمكنه فعل المنذور على وجهه إلا به، ولا كفارة عليه، لإتيانه بالمنذور على وجهه. وإن كان خرج من معتكفه مكرهاً بغير حق أو ناسياً، لم يبطل اعتكافه ويبني على اعتكافه السابق، لحديث: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وإن كان المعتكف في نذر معين متتابع كنذر شعبان متتابعاً، أو في نذر معين كشعبان ولم يقيده بالتتابع، استأنف، لتضمن نذره التتابع، وكفر كفارة يمين، لتركه المنذور في وقته المعين بلا عذر. ويكون القضاء في الكل والاستئناف في الكل على صفة الأداء فيما يمكن، فإن كان الأول مشروطاً فيه الصوم، أو في أحد المساجد الثلاثة، أو نحو ذلك، فإن المقضي أو المستأنف يكون كذلك. أما ما لا يمكن، كما لو عين زمناً ومضى، فإن لا يمكن تداركه. |
|
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |
|
![]() |
|
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |
|
![]() حياك الله اخي شاكرا المرور راجيا من الله لكم التوفيق |
|
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |
|
![]() سلمت يداك وبارك الله بجهودك الطيبة |
|
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |
|
![]() حياكم الله اخواني شاكرا مروركم الجميل |
|
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |
|
![]() حياكم الله اخواني شاكرا مروركم الجميل |
|
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاعتكاف |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نظرة على أحكام الاعتكاف | خالد الشبول | مواضيع وبرامج دينية عامة | 3 | 08-21-2011 08:00 PM |