
لفضيلة الشيخ الدكتور
إبراهيم بن عبدالله الدويش
مقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. . أما بعد:
فقد يتسأل البعض عن سر العدد أربعين ضمن هذه السلسلة (1) فأقول: إنه تيمناً بنوع من أنواع المصنفات الحديثية وهي الأربعينات، وهذه عبارة عن أجزاء صغيرة يحوى كل منها أربعين حديثاً في موضوع معين، أو عام، يخرجها المؤلف بأسانيده أو يؤلفها مجردة عن السند، إلى الصحابى الذي روى الحديث: وقد استأنسوا رحمة الله تعالى عليهم في هذا النوع من التأليف بحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول النووى في مقدمة الأربعين النووية: أما بعد فقد روينا عن على بن أبى طالب و عبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبى الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم من طرق كثيرة ومن روايات متنوعات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حفظ على أمتى أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء" وفي رواية: " بعثه الله فقيهاً عالماً" وفي رواية أبى الدرداء: " وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً " وفي رواية ابن مسعود " قيل أدخل من أي أبواب الجنة شئت " وفي رواية ابن عمر " كُتب في زمرة العلماء وحُشر في زمرة الشهداء" . وقد إتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف ؛ وإن كثرت طرقه ؛ وقد صنَّف العلماء – رضى الله عنهم – في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات فأول من (علمته) صنف فيه عبدالله بن المبارك، ثم محمد بن أسلم الطوسى العالم الربانى، ثم الحسن بن سفيان النسائى، وأبو بكر الآجرى، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الأصفهانى، والدارقطنى، والحاكم، وأبو نعيم، وأبو عبد الرحمن السلمى، وأبو سعيد المالينى، وأبو عثمان الصابونى، وعبدالله بن محمد الآنصارى، وأبو بكر البيهقى، وخلائق لا يُحصون من المتقدمين والمتأخرين وقد إستخرت الله تعالى في جمع أربعين حديثاً اقتداءً بهؤلاء الأئمة الأعلام حُفاظ الإسلام، وقد إتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال (2) .
ومع هذا فليس إعتمادى على هذا الحديث بل على قوله صلى الله
عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة :" ليبلغ الشاهد منكم الغائب " (3)
وقوله صلى الله عليه وسلم:" نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها " (4) ثم من العلماء من جمع أربعين في أصول الدين وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب وكلها مقاصد صالحة – رضى الله عن قاصديها – وقد رأيت جمع أربعين أهم من هذا كله مشتملة على كل ذلك، وكل حديث منها مشتمل على قاعدة عظيمة من قواعد الدين . . إلخ ) (5).
وأنا لى بهم أسوة في ذلك، وإن لم أذكر الأحاديث في هذه الأربعينات من الوسائل والتوجيهات فقد تعمدت ذلك لأسباب:
أولاً: لو ذكرت الأحاديث والآيات لطال الكتاب .
ثانياً: إن الهدف هنا هو التوجيه والتذكير وليس العزو والتأصيل .
ثالثاً: إن الأحاديث والآيات في شأن الدعوة مشهورة مستفيضة .
وأعلم أيها المحب أن هذه الوسائل والتوجيهات إنما هي إجتهاد بشر عرضة للخطأ والنقص، أسأل الله العفو والصفح، ومنه التوفيق والسداد، والعون والرشاد، وبه أستعين،وهو نعم المعين وتذكر أيها القارئ قبل أن تبدأ :
عين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تُبدى المساويا
فهذه الوسائل والأفكار التي بين يديك هي بعنوان { أربعون وسيلة لاستغلال شهر رمضان } (6) ولعل القارئ لا ينتهي من قراءتها إلا وقد زاد فيها إلى الخمسين أو فوق ذلك .
وهذه الوسائل هي عبارة عن جمع عدد من التوجيهات والأفكار والمقترحات لاستغلال شهر رمضان ولابد لهذه الوسائل من شرطين حتى تكون صحيحة:
أولاً: أن تكون الوسيلة مشروعة أي مباحة.
ثانيا: أن تؤدى هذه الوسيلة الغرض المطلوب والمقصود منها.
أما أسباب إختيار هذا الموضوع فمنها:
أولاً: كيف نستغل رمضان وماذا نفعل في رمضان ؟
سؤال نسمعه كثيراً من الحريصين والحريصات ومن بعض أئمة المساجد ووجود هذا السؤال من المبشرات فتبق الإجابة ومن أجلها جمعنا هذه الوسائل .
ثانياً: تضييع البعض ليالى رمضان في اللهو والسهر، ونهاره في النوم والكسل، فذكرُ هذه الوسائل وحصرها توجيهات لمثل هؤلاء، وتشجيع لهم لاستغلال رمضان .
ثالثاً: ترشيد للصحوة المباركة وتوجيه لطاقاتها للعمل والعبادة والدعوة إلى الله من خلال هذه الأفكار والوسائل .
رابعاً: يمر على الآنسان رمضان تلو رمضان، وهكذا تمر الرمضانات بدون رصد للأعمال والمواضيع والمشاريع وبدون تدارك للأخطاء والتقصير مما يجعلنا في كل رمضان يأتى نبدأ من جديد ولا شك أن هذا مضيعة للأوقات، والأعمار فكان هذا الرصد لهذه الوسائل .
خامساً: لو لم يكن في شهر الصوم إلا أنه أحد أركان الإسلام التي لا يتم إسلام المرء إلا بها، ثم أيضاً إنه العمل – أي الصيام – الذي إختصه الله سبحانه وتعالى لنفسه من بين عمل ابن آدم كله (7)، ثم أيضاً فيه ليلة هي أفضل من ألف شهر وأنه الشهر الذي إختصه الله بنزول القرآن وأنه شهر المغفرة ومحو الذنوب والسيئات فلو لم يكن في هذا الشهر إلا هذه الأمور لكفاه شرفاً ومنزلة ولكفانا حرصاً وإصراراً على استغلال أيامه وساعاته وكل لحظة من لحظاته وهذا الاستغلال منطلق من سنته صلى الله عليه وسلم وأله وصحبه وسلم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: " فصل: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة (8) . . . ألخ " .
هذه الأسباب الخمسة وغيرها كثير، جعلنى أختار مثل هذا الموضوع .
وقد قسمت هذه الوسائل إلى أقسام منها ما هو توجيهات وأفكار للجادين خاصة، ومنها توجيهات وأفكار للإهتمام بالقرآن، ومنها ما هو توجيهات وأفكار للمرأة، ومنها وسائل وأفكار للصغار .
وأذكر بعض التنبيهات قبل أن أبدأ بعرض هذه الوسائل :
أولاً: سيكون العرض مختصراً عند طرح الأفكار والتوجيهات بقدر الإمكان، فأكتفي في بعض الأحيان بذكر المضمون فقط لوضوح الفكرة وترك الإطالة .
فلعل القراء بارك الله فيهم يعذورنا في سرد هذه الأفكار والتوجيهات بهذا الاختصار فالقصد منها المعرفة والبيان أما التفصيل فلا شك أن كل فكرة وتوجيه يحتاج إلى كتاب مستقل وإنما أردنا التنبيه والإشارة .
ثانياً: من هذه التوجيهات والأفكار ما هو مكرر ومعلوم ومشهور لكن ذكرها من باب التذكير والإرشاد ولتكامل الموضوع ثم للتأكيد عليها في هذا الشهر المبارك الذي تضاعف فيه الحسنات .
ثالثاً: هذه الوسائل وهذه الأفكار هي للنشر ويجوز فيها الزيادة والنقصان فعلى كل داع للخير أن ينشرها ويذكر بها والدال على الخير كفاعله .
الوسيلة الأولى
توجيهات وأفكار عامة
أي للناس عامة
أولاً: هل تحب أن تصوم رمضان مرتين ؟ كيف ؟
الإجابة تكون في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم : " من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً "(9) .
وهناك صور متعددة يمكنك من خلالها الحصول على هذا الأجر العظيم من تفطير الصائمين .
من هذه الصور
تفطير الصائمين في الخارج. فهل تصدق يا أخى الحبيب أن عشر ريالات تفطر صائماً في اليوم الواحد !
إذن ففي الشهر كم ؟ ثلاثمائة ريال. فإذا أردت أن تحصل على أجر صيام رمضان مرتين فعليك أن تدفع ثلاثمائة ريال وتنال أجر تفطير صائم شهراً كاملاً إن شاء الله تعالى .
ثم صورة أخرى:
تفطير الجاليات المسلمة الموجودة في البلد من خلال مساجد الأحياء .
وهذه مشهورة في كثير من مساجد وأحياء هذه البلاد - بفضل الله عز وجل - ولكن تحتاج أيضاً التخطيط والتنظيم فلو رافق هذا التخطيط والتوجيه والإرشاد وعقد الدروس قبل الإفطار على الأقل بساعة لكان هذا شيئاً جيداً، وخاصة في هذا الوقت الذي تكون القلوب فيه منشرحة والأذان صاغية لسماع ما يلقى عليها ولو قامت وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب دعوة الجاليات مشكورة بتبني هذه الفكرة عموماً بتخطيط وتنظيم، وجدول يشرف عليه المكتب في جميع أنحاء المدينة، وأيضاً يشرف على الدروس وتوفير المدرسين باللغات المختلفة أو الترجمة ويصاحب هذا توزيع الأشرطة والرسائل والكتيبات التي تناسب لغة أولئك القوم، ولا شك أن هذا متوفر في هذا الزمن ولله الحمد بجميع اللغات .
وهناك أيضاً صورة ثالثة وهي:
تفطير الأقارب والجيران، وفي هذا كما ذكرنا صيام في رمضان مرتين، وفيه صلة رحم وبر وحسن جوار .
الوسيلة الثانية
حث المحسنين وأهل الخير على الآنفاق
في هذا الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات
فالقلوب مهيئة لجميع أعمال الخير، وفي رمضان تكثر المناسبات خاصة في الإفطار لكثير من الأسر .
وهذه المناسبات تجمع أعداداً كبيرة من الرجال والنساء فلم لا يستغل هذا الجمع ؟ كيف ؟
يستغل بالتذكير بفضل الصدقة وأحوال إخواننا المحتاجين في كل مكان، فتجمع الصدقات بالتنسيق مع الهيئات والمؤسسات الخيرية من خلال صناديق صغيرة توضع عند الرجال وعند النساء . ولا شك أن هذا باب عظيم من أبواب الخير .
وقد جربه أحد الشباب ونجح نجاحاً باهراً مع أسرته نسأل الله جل وعلا أن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء .
فلعلنا نحرص على هذا الأمر فإن حال المسلمين اليوم في كل مكان وفي كل صقع من أصقاع المعمورة حالة يرثى لها، وإن كانت هناك مبشرات ولله الحمد والمنة ؟، ولكننا أيضاً نريد أن نشعر بالجسد الواحد وأن نقف مع المسلمين وقفة صادقة لنكون كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم بذلك المثل " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (10) .
ولا بأس أن يكتب على هذه الصناديق: إما للفقراء والمساكين في الداخل أو يكتب عليها أيضاً للمسلمين في الخارج أو ما شابه ذلك حتى يتجه المتصدق إليها بنية محددة .
الوسيلة الثالثة
التوجه إلى القرى والهجر
استغلال أخر إسبوع من رمضان فرمضان أربعة أسابيع نريد من الشباب أصحاب السواعد الفتية والعضلات القوية في نهاية كل إسبوع من أسابيع رمضان أن يتوجهوا للقرى والهجر في توزيع الإعانات وإطعام الطعام للمساكين في تلك القرى والهجر وتوعية أهلها، عبر الكلمات، وخطب الجمع، وتوزيع الأشرطة والرسائل نتمنى حقيقة أن نجد من أصحاب الهمم والسواعد الفتية ومن الشباب الإسلامى ومن تعلق قلبه بالجنان ألا يترك إسبوع من أسابيع رمضان في هذا الشهر إلا وتنطلق فئات من الشباب محملون بكل خير ولو نظم هذا الأمر أيضاً وخطط له وطرح بقوة ورتب له من قبل وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب الدعوة والجمعيات الخيرية لرأينا شبابنا أفواجاً فإننا نحسن الظن فيهم ولله الحمد والمنة .
وقد رأينا كثيراً من نشاطاتهم ولكننا نريد أن نستغل توجه القلوب إلى الله جل وعلا في هذا الشهر المبارك فلا نريد الخمول والكسل والجلوس بين الأولاد والأزواج وترك هذا الأمر العظيم ونترك المسلمين من أهل القرى والبوادى في جهل عظيم .
الوسيلة الرابعة
زيارة تجمعات الشباب
وهي من الإقتراحات العامة الزيارات من قبل الدعاة وطلبة العلم والصالحين ومحبي الخير من شباب الصحوة للأرصفة وتجمعات الشباب والجلوس معهم وتقديم الهدايا والأشرطة والكتيبات لهم .
فإن هؤلاء اللشباب يشكون هجركم أيها الأحبة بل ويتهمونكم بالتقصير، وإنكم سبب كبير في غفلتهم وبعدهم عن الله كما ذكر ذلك كثير منهم ويعتذرون بالخجل والحياء منكم وإلا لجاءوا بأنفسهم إليكم كما قال بعضهم .
وأتمنى أيضاً لو قامت مكاتب الدعوة والإرشاد بالإعلانات عن مثل هذا المشروع قبل رمضان وتسجيل أسماء الراغبين في المشاركة وترتيب جدول للزيارات ويكون ذلك قبل دخول شهر رمضان .
الوسيلة الخامسة
هدنة مع وسائل الإعلام
وهي من التوجيهات العامة أيضاً إذ كنت ممن إبتلى ببعض وسائل الإعلام في بيتك فلماذا لا تفكر يا أخى الحبيب ويا ولى الأمر ؟ لماذا لا تفكر بعقد هدنة مع أهلك وأولادك خلال هذا الشهر المبارك بهجرها والإبتعاد عنها وعزلها ؟ وذلك بالترغيب والكلمة الطيبة وبالتذكير بعظمة هذه الأيام ؟
على الأقل خلال هذا الشهر ولعلها أن تكون إن شاء الله بداية النهاية ولا شك أن رمضان من أعظم المناسبات لتربية النفوس وإن لم تستطع خلال هذا الشهر أن تعزل أهلك ولو لشهر واحد من السنة فمتى إذن ؟
خاصة وأن النفوس كما ذكرنا مهيئة والشياطين مصفدة .
فحاول يا أخى الحبيب وإستعن بالله تعالى وكن صادقاً من قلبك فستجد إن شاء الله العون والإجابة من الأهل والأولاد .
وأيضاً أتمنى أن تتوقف خلال هذا الشهر المبارك عن قراءة المجلات والجرائد حتى ولو كانت مباحة .
فإن السلف الصالح رضوان الله عليهم ومن سار على نهجهم يهجرون مجالس التحديث وطلب العلم ليتفرغوا في رمضان لقراءة القرآن والنظر فيه والعبادة وقيام الليل .
أفلا تستطيع أن تهجر المجلات والجرائد ووسائل الإعلام ولو خلال هذا الشهر .
الوسيلة السادسة
الدعاء قبل الإفطار
أوقات الإفطار وقبل الآذان بدقائق لحظات ثمينة ودقائق غالية هي من أفضل الأوقات للدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى وهي من أوقات الإستجابة كما جاء في الحديث " ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"(11) .
والعبد الصائم مقبل على الله منكسر نفسه ومع ذلك يغفل كثير من الناس عن هذه اللحظات خاصة الأسر عند الإجتماع على الإفطار بالحديث والذهاب وبالإياب وتجهيز وجبات الإفطار فلماذا لا نتذاكر أيها الأحبة بفضل واستغلال هذه اللحظات والحرص عليها برفع الأيدى والأكف إلى الله سبحانه وتعالى .
راقب هذه اللحظات وستجد الغفلة العجيبة عند كثير من الناس .
والعجيب أيضاً أننا نرى التجمعات والجلسات في الطرقات وعند الأبواب من بعض الشباب بل ومن بعض الآباء وإذا مررت بأحد الشوارع فأنظر يمنة ويسرة فستجد تلك التجمعات حتى قبيل الغروب إن لم يكن إلى الأذان .
سبحان الله هذه اللحظات الغالية أوقات الدعاء والإستجابة والتفرغ يغفل عنها أهل التوحيد ؟ ! وكلنا بحاجة إلى الدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى والموفق من وفقه الله .
الوسيلة السابعة
بر الوالدين
بر الوالدين والقرب منهما وقضاء حوائجهما وطاعتهما ومحاولة الإفطار معهما فبعض الشباب تجده كثير الإفطار في بيته أو عند أصحابه ولا يجلس مع والديه ولا يفطر معهما إلا قليلاً ولا شك أن برهما من أعظم القربات إلى الله تعالى كيف لا وقد قرن حقهما بتوحيده وعبادته وحده جلا وعلا .
ومن صور التقصير أيضاً في حق الوالدين خلال هذا الشهر المبارك أن بعض الفتيات تكثر من النوم في النهار والسهر في الليل أو حتى في الخروج أو حتى في قراءة القرآن والأم وحدها في المطبخ لإعداد وجبات الإفطار والسحور وربما لو أمرت الأم أو نهت تلك الفتاة بأمر ما لصاحت وإنهالت على أمها بالكلام، إنها غافلة عن هذه العبادة العظيمة التي يجب أن نحرص عليها لاستغلال هذا الشهر المبارك ولا شك أن الأجر مضاعف في هذا الشهر فلعل مثل هذا الأمر ينتبه إليه إن شاء الله .
الوسيلة الثامنة
الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر
النوم في ليالى رمضان يعين كثيراً على استغلال الأوقات الفاضلة كبعد صلاة الفجر مثلاً أو وقت السحر ونحن نرى المساجد بعد صلاة الفجر بدأت تهجر بعد أن كانت في رمضانات مضت تمتلئ بالتالين والذاكرين مما يشجع الكثير من الناس على المكوث بعد صلاة الفجر في المسجد لكننا نرى المساجد في مثل هذا الوقت شبه خاوية لسرعة خروج المصلين .
ولو أن الآنسان نام شيئاً من الوقت في ليل رمضان لكسب الكثير من الأوقات ولأحيا هذه السنة المباركة في الجلوس بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس ثم يصلى ركعتين فيحصل على أجر حجة وعمرة تامة كما في الحديث " من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة " (12) .
الوسيلة التاسعة
تدريب النفس على هجر المعاصى
ومازلنا في التوجيهات والوسائل العامة، إذا كنت ممن إبتلى بمعصية أو فتنة أو إعتادت عليها النفس وألفتها وأصبح الفراق عليها صعباً وثقيلاً، فإن رمضان فرصة عظيمة للصبر والمثابرة ومجاهدة النفس عن تلك الفتنة فالشياطين مصفدة والنفس منكسرة والروح متأثرة والناس من حولك صيام قيام إذن فالأجواء والظروف كلها مهيئة للإبتعاد عن الفتنة وهذه المعصية فمثلاً: التدخين، شهر رمضان فرصة عظيمة للمدخنين لهجر وترك التدخين وتدريب النفس على هجرها والإبتعاد عنها .
وكذلك مشاهدة الحرام، أو الغيبة والنميمة، أو إستماع الغناء، أو بذاءة اللسان، أو غيرها من السيئات أسأل الله أن يحفظنا وإياكم وأن يعين أصحابها على هجرها وتركها إن شاء الله .
فأقول يا أخى الحبيب إستعن بالله تعالى وكن صاحب عزيمة وهمة عالية، فلا تغلبك تلك الشهوة أيجوز أن تكون مسلماً موحداً مصلياً وتغلبك سيجارة – والله إن هذه هي دناءة الهمة والخور والضعف .
أسأل الله العافية ثم أيضاً عليك بالدعاء واللجوء إلى الله تعالى وأصبر وصابر وحاسب النفس فستجد إن شاءالله أنك تغلبت على هذه الشهوات .
الوسيلة العاشرة
السواك في رمضان
السواك سنة مؤكدة في كل وقت في رمضان لعموم الأدلة لكنها كغيرها من العبادات في مضاعفة الأجر وطلب الثواب لمناسبة الزمان وهي من أهم أبواب الخير التي يُغفل عنها في رمضان .
ومنافع السواك كثيرة وفيه من الأجر والثواب العظيم والكثير وكما ذكرنا يغفل عنه الكثير، خاصة من النساء فإنك لا تكاد ترى أو تسمع عن هذه السنة بين النساء وأنت تنظر لزوجك أو بناتك أو أخواتك وترى قلة وجود السواك بين الأصابع، وقد كانت كثير من الصالحات والصحابيات رضوان الله تعالى عليهن وممن سار على دربهن يداومن على هذه السنة ومن الطريف ما يروى عن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه أنه دخل يوماً على زوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجد في فمها عوداً من الأراك فأراد أن يداعبها . والشاهد أنها كانت تستاك رضى الله تعالى عنها وهذه قصة ومثال نسوقه لأخواتنا من الصالحات ولبناتنا لعلهن إن شاء الله يقتدين بتلك الصالحات فأقول فأراد أن يداعبها رضى الله تعالى عنه فقال هذين البيتين وهو يخاطب عود الأراك :-
لقد فزت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا
لو كنت من أهل القتـال قتلتُك ما فاز منى يا سواكُ ســواكا
ولو قام أهل الخير والمحسنين بتوفير أعداد كبيرة من السواك في هذا الشهر المبارك وتوزيعها بين المسلمين في المساجد خلال هذا الشهر لكان ذلك إحياء لهذه السنة التي غفل عنها كثير من الناس .
الوسيلة الحادية عشر
العمرة في رمضان
وهي تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ثوابها (13) ولم يقيدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعشر الأواخر، كما يصر الكثير من المسلمين أن تكون في العشر الأواخر من رمضان ولا شك أن هذا يزيد في الأجر، ولكن إذا نظرنا إلى بعض الأحوال كالغلاء الفاحش مثلاً في المساكن هناك، ووجود النساء بكثرة وتبرجهن، والإزدحام في الحرم وكثرة المتسكعين في الأسواق المجاورة للحرم وأيضاً إزدحام الناس بشدة، كل هذه الظروف تجعلنا نقول لعلنا نحرص على العمرة في أوائل أيام شهر رمضان تحاشياً لهذه الأمور .
ولا شك أنه من الآنسب خاصة إذا نظرنا لهذه الظروف أن نحرص على العمرة في العشرين الأول .
ومن فوائد أداء العمرة في العشرين الأوائل أنها تتيح لك فرصة استغلال العشر الأواخر بالإعتكاف، أو القيام على الأهل وحاجتهم والوالدين والجلوس معهما أو حتى بنفع المسلمين في الوقت الذي إرتحل فيه كثير من الدعاة والمصلحين وطلبة العلم عن أحيائهم وتركوا مساجدهم بدون موجه أو مرشد بحجة أداء العمرة .
الوسيلة الثانية عشر
نشر العلم في القرى والهجر
توجه بعض الشباب ليؤموا الناس في القرى والهجر وللدروس والتوجيه وهذه تختلف عن الوسيلة الأولى لأن الوسيلة الأولى في نهاية الإسبوع ولتوزيع الطعام .
ولكن هذه الفكرة هي أن يتوجه عدد كبير من الشباب إلى القرى والهجر خلال هذا الشهر ليؤموا الناس هناك ولإلقاء الدروس وتوجيه الناس وإرشادهم فإن الجهل كما ذكرنا هناك عظيم وكما تعلمون فكم من المسلمين في هذه الأماكن لا يجدون حتى من يصلى بهم وإن وجدوا فخذ اللحن والأخطاء الجليلة في كتاب الله جل وعلا . وإن وجدوا أيضاً من يصلى بهم لا يجودن الموجه الذي يبين لهم كثيراً من الأحكام الفقهية التي يحتاجون إليها ولو نظرنا لسيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل مكثوا في المدينة ؟ لا ولكن تفرقوا في البلاد لنشر هذا الدين ولم يبق منهم ف المدينة إلا العدد القليل. توجهوا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لبث الدعوة ونشر الإسلام وتوجيه الناس وقد بتثاقل بعض الشباب عن مثل هذا الأمر فأقول لا بأس من التعاون في التناوب بين بعض الشباب في هذه الأماكن وسد احتياجاتها حتى ولو تناوب في القرية الواحدة ثلاثة أو أقل أو أكثر . ولو قامت أيضاً مكاتب الأوقاف لشئون المساجد بالتعاون مع مكاتب الدعوة والإرشاد بالتخطيط لهذه الفكرة وقام المحسنون أيضاً برصد المكافآت المالية لأولئك الشباب المحتسبين لوجدنا ورأينا أثر هذا الأمر على هذه الأماكن ولقد سمعت ولله الحمد أن وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب الأوقاف وشؤون المساجد قد وضعت مكافأة مالية قدرها 2000 ريال لأولئك الذين يؤمون الناس في تلك المساجد الشاغرة سواء في داخل المدينة أو خارجها إذن فما هو عذركم أيها الشباب والسبل كلها مهيئة .
الوسيلة الثالثة عشر
عصر يوم الخميس
وهي أخر التوجيهات والوسائل العامة وهو اقتراح موجه لمكاتب الدعوة أيضاً وعندما أقول لمكاتب الدعوة راجياً أن ينتفع من هذه الوسائل الناس عموماً في هذه البلاد أو في غيرها .
وهذه الفكرة هي استغلال عصر الخميس في كل إسبوع من رمضان في إقامة المحاضرات العامة أو الندوات أو المسابقات الثقافية الكبيرة.
لماذا عصر الخميس بالذات ؟
لأن الناس في إجازة وقد أخذوا قسطاً كبيراً من الراحة، بالإضافة إلى أن الغالب متفرغون لا شغل لهم فيقبلون لا شك على مثل هذه المشاريع ويعلن عنها فهل نرى ذلك قريباً إن شاء الله .
أفكار وتوجيهات لأئمة المساجد وعددها تقريباً أحد عشر وسيلة :
الوسيلة الرابعة عشر
تنويع الحديث بعد صلاة العصر
فلينتبه أئمة المساجد بارك الله فيهم فإن المسؤولية عليهم عظيمة فلو أنهم أخلصوا النية لله وقاموا بشيء من واجبهم لوجدنا الأثر الكبير لا أقول في المدن بل في كل مكان . ويظن بعض أئمة المساجد أن الوظيفة هي الصلاة بالناس وينتهي الأمر. لا والله. بل أن الأمر عظيم والمسؤولية أكبر . ولعل هذه الأمور أن تعينهم إن شاء الله . فهذه التوجيهات لأئمة المساجد لاستغلال هذا الشهر المبارك لنفع الناس بكل وسيلة ومنها :
الاهتمام بحديث الصلاة بعد العصر وذلك بتنويعه والتجديد فيه . فتارة في أحكام الصيام وتارة في الرقائق وتارة في أخطاء يقع فيها الناس وتارة بفتح الحوارات مع المصلين والآباء وكبار السن وليس من اللازم أن يكون الحديث دائماً من الأمام بل ينبغي التنويع باستضافة بعض طلبة العلم أو الدعاة في بعض الأيام فأقول: يا أيها الإمام لماذا لا تضع خطة لشهر رمضان ؟ خطة كاملة في المواضيع والمشاريع التي ستنفذها خلال الشهر بدلاً من اللامبالاة والتخبط في المواضيع التي يقرؤها بعض الأئمة على جماعتهم أو القراءة من أي كتاب قريب لديه بدون إعداد ولا تعليق بل تعال وأسمع كثرة الأخطاء واللحن في كثير من النصوص، ولا تجزع إذا لم تُعط طاعة وإذا لم يقدر لك قرد أيها الإمام مادمت لا تبالي ولا تهتم في هؤلاء الناس الذين أمامك لكن افعل ذلك وستجد التكريم والتقدير من جماعة المسجد والاحترام الذي فرضه عليهم إخلاصك لله سبحانه وتعالى ونشر هذا الدين فضلاً عن التحلي بالأخلاق وما يرونه من نشاط تقوم به .
الوسيلة الخامسة عشر
وهي الثانية بالنسبة للأئمة
قراءة كتاب الصيام من أمهات الكتب
لماذا لا يقرأ الإمام على جماعته كتاب الصيام من أحد كتب الفقه المعتمدة كالزاد مثلاً أو المغنى أو العدة أو غيرها من كتب الفقه المعتمدة – فالناس بحاجة عظيمة للتفقه في شهرهم وفي هذا الركن العظيم من أركان الإسلام فلا شك أنهم يجهلون كثير من أحكام الصيام .
لماذا لا تأخذ على نفسك عهداً على أن تبدأ من أول يوم من رمضان إلى آخر رمضان بتقسيم كتاب الصيام ولا بأس من إضافة بعض التوجيهات أو الشروح عليه من خلال بعض الشروح الموجودة وليس شرطاً أن يكون بعد صلاة العصر فاجعل مثلاً ما بعد صلاة العصر للمواضيع العامة .
وما بعد صلاة الفجر للدرس الخاص مثلاً فمن أراد أن يجلس ومن أراد أن يذهب ولو لم يبق بعد صلاة الفجر إلا واحداً أو اثنين فقط لكفى, تفقيه للنفس وجلوس في المسجد إلى شروق الشمس، وعلم ينتفع به، أو بعد صلاة الظهر أو ما شئت من الأوقات . فهذا مجرد اقتراح ونسأل الله عز وجل أن ييسره قريباً في مساجدنا من خلال أئمتنا.
الوسيلة السادسة عشر
صندوق للفتاوى:
وضع صندوق للفتاوى عند الرجال والنساء خاصة في هذا الشهر، ثم جمعها وإعداد الإجابات عليها كل فترة، فإن لدى الناس كثيراً من الأسئلة – خاصة في رمضان – يحتاجون إليها في أمور دينهم لكنهم لا يجدون من يسألون فيتهاونون ويتكاسلون في ذلك.
ومثل هذه الصناديق لا شك أنها ستكون إن شاء الله عوناً وميسراً لهم لمعرفة كثير من المسائل والاستفسارات وجرب هذا وستجد أثر ذلك على نفسك وعلى جماعة مسجدك .
الوسيلة السابعة عشر
لوحة الإعلانات
الاهتمام بلوحة الإعلانات والتوجيهات في المسجد – أقول الاهتمام بها والتجديد فيها والإثارة في عرض المواضيع والدعاية والإعلان الملون وغيره فإنها من وسائل التوجيه والإرشاد والدعوة.
الوسيلة الثامنة عشر
هدية رمضان :
توزيع الأشرطة والكتيبات ولو ليوم واحد في الأسبوع واستغلال المناسبات التي يكثر فيها المصلون . وإن لم يكن هذا دائما في كل أسبوع فلا أقل من أن تقدم هدية تسمى بهدية رمضان لأهل الحي مكونة من شريط ورسالة أو كتيب وبعض الأحكام أو النشرات للعلماء الموثوق بهم ترسل إلى بيوت الأحياء معنوناً لها بهدية رمضان .
الوسيلة التاسعة عشر
الأسرة المسلمة
إقامة مسابقة الأسرة المسلمة ويعلن عنها في بداية شهر رمضان وتوزع الجوائز في أخر ليلة وهي ليلة العيد وذلك بطرح المسابقات النافعة الهادفة بعنوان " مسابقة الأسرة المسلمة " وتوزع على أهل الحي ويشارك فيها الجميع كباراً وصغاراً نساء ورجالاً ثم تعلن النتائج في آخر ليلة من رمضان ولا بأس أن يشارك الأئمة والمأمومون في الحي أو في المسجد كل بما يستطيع . هذا يساعد في إعداد الأسئلة وهذا بتوزيعها وبعض التجار من المحسنين يرصد مبالغ للجوائز في ليلة العيد .
وهكذا يتكاتف المسلمون بإحياء رمضان بالدعوة ونشر الفقه في الدين وإشغال الأوقات بما يعود بالنفع على الجميع، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
الوسيلة العشرون
كلمة يسيرة من الدعاة
استضافة بعض الدعاة وطلبة العلم في بعض الأحياء لتوجيه كلمات يسيرة لبضع دقائق بعد صلاة التراويح مثلاً أو بعد صلاة العصر أو غيرها من الأوقات