ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- مصطفى غريب ، موقع الحوار المتمدن ، العدد : 1943، 6/11/2007 .
(2)- سيف الدين كاطع ، صحيفة الصباح ، العدد 1244، 2/3/2007 .
عالج دستور العراق الحالي حرية الرأي والتعبير والصحافة والاعلان والاعلام في الفصل الثاني من الباب الثاني منه، حيث وردت تحت عنوان الحريات، اذ نصت المادة(38) منه على"تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب (*) اولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر، ثالثا: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون " وجاء في المادة (46) منه ما نصه (لا يكون تقييد اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه " على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية. ان النصوص الدستورية السالفة الذكر قد بينت ان الدولة تكفل الحريات الواردة في الفقرات اولا وثانيا وثالثا من المادة(38) من الدستور الا انها علقت ذلك بشرط عدم الاخلال بالنظام العام والاداب في حين ان مفهوم النظام العام والاداب مفهوم واسع وقد يختلف مفهوم الاداب من مكان لاخر، ذلك يتغير بتغير الزمان والمكان، وبالتالي فان ذلك يعطي سلطة تقديرية للقضاء لتحديد مفهوم الاداب، اذا ما اعتبرنا ان جميع القواعد القانونية الآمرة هي من النظام العام، وان نص بما لا يخل بالنظام العام والاداب، نص يعطي سلطة تقديرية للقضاء في تفسير النص المذكور، ما يجعل الصحفي والاعلامي عرضة للمساءلة القانونية تحت حجج مخالفة النظام العام والاداب وتفسيرها. ان النصوص الواردة في الفقرة(3) من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاءت اكثر وضوحا وتحديدا من المادة (38) من الدستور العراقي وكان الاولى الافادة منها في النص الدستوري المذكور، خاصة ان العهد الدولي الخاص كانت اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها رقم 2200 الصادر في كانون الاول 1966.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)- صحيفة الصباح ، العدد 1244، 2/3/2007 ، ص7.
في اطار استقلالية وسائل الاعلام وشفافيتها ومصداقيتها، فيمكن القول ان دور هذه الوسائل مهم وضروري لاسيما في بلورة الرأي العام وفي صنع القرار، وهذا بالتأكيد يرجع الى المدى الواضح لهذه الاستقلالية والشفافية والمصداقية التي تعتمدها لكي تكون مقبولة ومؤثرة في طرفي المعادلة وهم الافراد (الرأي العام) ومسؤولو اتخاذ القرار في الدولة وفي بلد مثل العراق وفي ظل المتغيرات التي تعيشها وسائل الاعلام من حيث نوعيتها وعددها فان دورها وتأثيرها في بلورة آراء افراد المجتمع وفي تسهيل عملية صنع القرار يعتمد على ما تم ذكره آنفا حيث ان مستقبل الديمقراطية وحرية الاتصال والاعلام يكمن اولا واخيرا بيد افراد الشعب، فهم وحدهم الذين يملكون نقل نظريتها ومبادئها من حيز الفكر الى عالم الواقع المعاش(1) ، مهما كان نظام الحكم السائد في العراق جمهوريا كان او ملكيا، لان افراد الشعب على وفق الصيغ التي تتم ممارستها هي التي تقرر شرعية النظام والحكومة. اذن الرأي العام"افراد الشعب" هو الذي يمارس دوره في الاتصال والتعبير عن طريق وسائل الاعلام في صنع القرار والسياسات العامة في البلاد، ويتضح مما تقدم ان تأثير وسائل الاعلام في بلورة الرأي العام وبالتالي في عملية صنع القرار يبدو سيفا ذا حدين، اي بمعنى ان تأثير وسائل الاعلام في الرأي العام سيؤثر بدوره في متخذي القرار والذي يمكن ان يكون تأثيره غير مباشر في اوساط افراد الشعب، من خلال توفير المعلومات والافكار والصور المختلفة التي يمكنها ان تشكل رؤية المجتمع او"الرأي العام" وهذا يعني ان علاقة ودور وسائل الاعلام في العملية السياسية الجارية في العراق سوف تعتمد على معايير منها مدى استقلالية وسائل الاعلام في العراق ومدى شفافيتها ومرونة عملها وطبيعة ما تطرحه لاصلاح او مناقشة الاوضاع على نحو اجمالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- محسن العكيلي ، مجلة الشبكة العراقية ، العدد 58، 13/4/2008 ، ص40.
من ناحية ثانية ان معالجة وسائل الاعلام للاحداث من خلال تركيزها عليها او اغفالها لها يساعد في تحديد درجة اهميتها بالنسبة لمتخذي القرار، ما يشيع في الرأي العام الاهتمام به ومن ثم ممارسة الضغط على متخذي القرار ، ولكننا لو نظرنا الى واقع الاعلام في العراق فاننا سنلحظ ان كثيرا من المفاهيم قد تغيرت وشاعت افكار الديمقراطية والحرية وعلى جميع الصعد والاعلام وحرية الصحافة والرأي، ما يتطلب تفعيل عدد من المقترحات كانت قد طرحت في وقت سابق وتقتضي الضرورة الى اعادة التذكير بها، لانها تشكل سمات لتحديد ميثاق العمل الصحفي في العراق، ومنها اعتماد قانون عقوبات اعلامي يتراوح بين اعتذار علني الى اغلاق المؤسسة بسبب الافتراء وتشويه السمعة والدعوة الى العنف والتصريحات التي تدعو الى الكراهية مع منح سلطات لتحديد موجات البث الاذاعية والتلفزيونية ومراقبة المحتوى والاصغاء للشكاوى، كذلك اصدار الصحف والمجلات من دون ترخيص والسماح للصحفيين الافراد بالعمل من دون اذونات قانونية ومنح الافراد والصحفيين حق الوصول الى الوثائق والقرارات الصادرة عن السلطات الحكومية السابقة والسماح للشركات بتوسيع دائرة خدمات الانترنت الخاصة بالعمل في العراق ونقل التلفزيون والاذاعة الرسميتين الى نظام البث العام مع استقلالية واضحة وفيها الكثير من المرونة ، من جانب اخر على وسائل الاعلام العراقية ان تتحمل مسؤوليتها الخاصة تجاه المواطن العراقي وان تلتزم بان تقدم له الحقيقة الخالصة الهادفة الى خدمة قضاياه وان تعمل على تكامل شخصيته الوطنية وانمائها فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا واظهار حقوقه وحرياته الاساسية وترسيخ ايمانه بالقيم التي تنادي بالديمقراطية وحقوق الانسان والحريات وان تحث في خطابها الاعلامي على تربية الشباب على احترام حقوق الانسان وتنمية الحس الوطني عنده سواء تجاه مجتمعه او الانسانية جمعاء(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- المصدر السابق ، ص41.