![]() |
حديث اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا . :أما بعد: السؤال : روى الإمام مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري صنماً يُعبد ) فهل بالإمكان تزويدي برقم الحديث لأطلع على نصه تماماً ، فقد بحثت عنه في الموطأ فلم أجده ============ الجواب : الحمد للــــــــــــــــــــه أولا هذا الحديث يرويه الإمام مالك في " الموطأ " (رقم/593- طبعة مؤسسة زايد آل نهيان، ورقم/414- طبعة دار إحياء التراث تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي) في أوائل باب " جامع الصلاة "، عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) وعطاء بن يسار ليس من الصحابة ، بل من التابعين ، فحديثه مرسل . ===== ولكن ورد الحديث مسندا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) هكذا من دون كلمة ( يعبد ). رواه الإمام أحمد في " المسند " (12/314) طبعة مؤسسة الرسالة، وقال المحققون : إسناده قوي . وصححه الشيخ الألباني في كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " (ص/24) وإن كان قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري " (2/441) عن حديث أبي هريرة : " بإسناد فيه نظر ". ================= ثانيا : يدل هذا الحديث على حرمة بناء المساجد على القبور ، وحرمة قصد الصلاة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرمة كل الأفعال التي كان يفعلها الكفار عند أوثانهم من ذبح ونذر واتخاذ سرج ونحو ذلك . ===== يقول ابن عبد البر رحمه الله : " الوثن : الصنم ، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة ، أو غير ذلك من التمثال ، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن ، صنما كان أو غير صنم ؛ وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم : كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم ، فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ، ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله ، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدا ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها ، وذلك الشرك الأكبر ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم من امتثال طرقهم " انتهى. " التمهيد " (5/45) ===== ويقول أيضا : " وليس فيه حكم أكثر من التحذير أن يُصلَّى إلى قبره ، وأن يتخذ مسجدا ، وفي ذلك أمر بأن لا يعبد إلا الله وحده ، وإذا صنع من ذلك في قبره ، فسائر آثاره أحرى بذلك ، وقد كره مالك وغيره من أهل العلم طلب موضع الشجرة التي بويع تحتها بيعة الرضوان ، وذلك والله أعلم مخالفة لما سلكه اليهود والنصارى في مثل ذلك " انتهى. " الاستذكار " (2/360) ===== وقد نقل هذا الكلام الحافظ ابن رجب رحمه الله ، وأكده ، ثم قال : " وقد اتفق أئمة الإسلام على هذا المعنى :قال الشافعي رحمه الله : وأكره أن يعظم مخلوق حتى يتخذ قبره مسجدا ، خشية الفتنة عليه وعلى من بعده . وقال صاحب " التنبيه " من أصحابه : أما الصلاة عند رأس قبر رسول الله متوجها إليه فحرام. قال القرطبي : بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعلوا حيطان تربته ، وسدوا الداخل إليها ، وجعلوها محدقة بقبره ، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذ كان مستقبل المصلين ، فتتصور إليه الصلاة بصورة العبادة ، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين ، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال ، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره . ولهذا المعنى قالت عائشة : ( ولولا ذلك لأبرز قبره )" انتهى. " فتح الباري " لابن رجب (2/442-443) ===== وقد ذكر القاضي عياض رحمه الله أن هذا الحديث كان دليل الإمام مالك رحمه الله على كراهة أن يقول المسلم : زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم . خشية أن يكون هذا الكلام من اتخاذ القبر وثنا يعبد . ........ يقول القاضي عياض رحمه الله : " الأَوْلى عندي أن منعَه وكراهة مالك له – قول : زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم - لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لو قال : زرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد بعدى ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) " انتهى. " الشفا " (2/84) وفي " البيان والتحصيل " لابن رشد (18/444-445) : " سئل مالك رحمه الله تعالى عن الغريب يأتي قبر النبي كل يوم ، فقال : ما هذا من الأمر ، وذكر حديث : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد ) ===== قال ابن رشد : فيُكره أن يُكثر المرور به ، والسلام عليه ، والإتيان كل يوم إليه لئلا يُجعل القبر بفعله ذلك كالمسجد الذي يؤتى كل يوم للصلاة فيه ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا ) " انتهى. ===== وسئل القاضي عياض عن أناس من أهل المدينة يقفون على القبر في اليوم مرة أو أكثر ، ويسلمون ويدعون ساعة ، فقال : " لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولَها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك " انتهى. " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (2/676) ===== ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " اتفق أئمة الدين على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور ، ولا أن تعلق عليها الستور ، ولا أن ينذر لها النذور ، ولا أن يوضع عندها الذهب والفضة ، بل حكم هذه الأموال أن تصرف في مصالح المسلمين إذا لم يكن لها مستحق معين ، ويجب هدم كل مسجد بني على قبر كائناً من كان الميت ، فإن ذلك من أكبر أسباب عبادة الأوثان " انتهى. " مجموعة الرسائل والمسائل " (1/54) ===== ويقول أبو الوليد الباجي رحمه الله : " دعاؤه صلى الله عليه وسلم أن لا يجعل قبره وثنا يعبد تواضعا والتزاما للعبودية لله تعالى ، وإقرارا بالعبادة ، وكراهية أن يشركه أحد في عبادته ، وقد روى أشهب عن مالك أنه لذلك كره أن يدفن في المسجد ، وهذا وجه يحتمل أنه إذا دفن في المسجد كان ذريعة إلى أن يتخذ مسجدا ، فربما صار مما يعبد " انتهى. " المنتقى شرح الموطأ " (1/306) والله أعلم . موقع الإسلام سؤال وجواب |
جزاك الله كل خير
|
الله ينور عليك أخي الحبيب
متابعة رائعة ومميزة .. ارق واجمل تحية |
سلمت يداك يا غالي
|
جزاك الله كل الخير يا غالي
|
جزاك الله كل الخير يا غالي |
رائع استمر وفقك الله
|
بارك الله فيك يا اخي الكريم
|
شكرا لك اخى الكريم
وجزاك الله خيرا |
الساعة الآن 04:04 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.