![]() |
معنى " كان " في مثل قوله تعالى ( وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا . :أما بعد: السؤال : يكثر في القرآن استخدام كلمة " كان " عندما نتحدث بعض صفات الله تعالى مثل ( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً ) ونحن نعلم أن " كان " تفيد الماضي ، والغريب أنها تُترجم إلى الإنجليزية على أنها في المضارع وليس في الماضي ، فما توجيهكم لهذا ؟ . ======== الجواب : الحمد لله لفظة " كان " لا تدل دائماً على الماضي المنقطع ، وإن كان هذا هو المشهور الغالب في استعمالها ، وقد جاء ذِكرها في كلام العرب وفي كتاب الله تعالى بمعنى " لم يزل " وهي تدل بذلك على " الاستمرارية " لا الانقطاع ، ومنه قوله تعالى ( وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً ) الإسراء/ 11 ، فهل يعني ذلك انقطاعه عن الإنسان ؟! ، ومنه قوله تعالى ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ) الإسراء/ 53 ، فهل انقطعت عداوة الشيطان للإنسان وكانت في فقط في زمن مضى ؟! ، وأولى ما يتعيَّن هذا المعنى فيه هو فيما إذا جاءت في سياق أسماء الله تعالى وصفاته . ........................................... روى البخاري في صحيحه (6/127) : عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ .... وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] ، {عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56] ، {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى؟ " . فأجاب ابن عباس رضي الله عنه عن مسائله ، فقال فيها : " {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ؛ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " انتهى. قال أبو حيان الأندلسي – رحمه الله - : " ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدًا ) فـ " كان " تدل على اقتران مضمون الجملة بالزمن الماضي ، وهو تعالى متصف بهذا الوصف ماضياً وحالاً ومستقبلاً ، وتقييد الفعل بالزمن لا يدل على نفيه عن غير ذلك الزمن " انتهى من " تفسير البحر المحيط " ( 5 / 487 ) . ........................................... وقال السيوطي – رحمه الله - : " تختص كان بمرادفة " لم يزل " كثيراً ، أي : أنها تأتي دالة على الدوام ، وإن كان الأصل فيها أن يدل على حصول ما دخلت عليه فيما مضى ، مع انقطاعه عند قوم ، وعليه الأكثر - كما قال أبو حيان - ، أو سكوتها عن الانقطاع وعدمه عند آخرين - وجزم به ابن مالك - ، ومن الدالّة على الدوام : الواردة في صفات الله تعالى نحو ( وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) النساء/ 134 ، أي : لم يزل متصفا بذلك " انتهى من " همع الهوامع " ( 1 / 437 ، 438 ) . ........................................... وقال محيي الدين درويش – رحمه الله - : " " كان " في القرآن على خمسة أوجه : 1. بمعنى الأزل والأبد نحو ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/ 17 ، وغيرها . 2. بمعنى المضيّ المنقطع نحو ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ) النمل/ 48 . 3. بمعنى الحال نحو ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) آل عمران/ 110 . 4. بمعنى الاستقبال نحو ( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) الإنسان/ 7 . 5. بمعنى صار نحو ( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/ 34 ، ص/ 74 " انتهى من " إعراب القرآن وبيانه " ( 10 / 318 ) . ومن العلماء من يرى أن لفظة " كان " في مثل السياقات السابقة تكون مسلوبة الزمن ، وهي تدل بذلك على تحقيق ما جاءت في سياقه . ........................................... قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " ثم قال ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) ، وقوله ( كَانَ ) هذه فعل ، لكنها مسلوبة الزمن ، فالمراد بها : الدلالة على الوصف فقط ، أي : أن الله متصف بالسمع والبصر ، وإنما قلنا : إنها مسلوبة الزمن لأننا لو أبقيناها على دلالتها الزمانية لكان هذا الوصف قد انتهى ، كان في الأول سميعًا بصيرًا أما الآن فليس كذلك ، ومعلوم أن هذا المعنى فاسد باطل ، وإنما المراد : أنه متصف بهذين الوصفين " السمع " و " البصر " على الدوام ، و ( كان ) في مثل هذا السياق يراد به التحقيق " انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 172 ) . فصار معنى مثل تلك الآيات أن الله تعالى كان ولا يزال متصفاً بتلك الصفات ، وأن دلالة الكلمة على الفعل الماضي لا يمنع دلالتها على الحاضر والمستقبل ، أو يقال : هي مسلوبة الزمن في هذه السياقات والمراد بها تحقيق الصفات . ........................................... وتبين مما سبق ذِكره ونقله أن ترجمة الفعل " كان " إلى المضارع صحيح لا وجه للاعتراض عليه وأن ترجمتها بالماضي لمن لا يفقه لغة العرب هو الذي يوقع في الإشكال . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب |
كل الشكر والتقدير ...على المتابعة الرائعة والمواضيع الراوع جزاك الله كل الخير وبانتظار المزيد من مفاجئاتك الرائعة |
مشكور يا غالي سلمت يداك على المتابعة
|
الإبداع عنوانك دوماً بطرحك الراقي والدائم معنا
أطيب تحية يالغلا .. |
مشكور اخي الغالي على التألق الدائم والعطاء الرائع
|
الله يجزيك الخير
|
شكرا لهذا المرور الغالى وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال |
بارك الله فيك يا اخي الكريم
|
شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز بارك الله فيك ... ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي |
شكرا لك اخى الكريم
وجزاك الله خيرا |
الساعة الآن 04:16 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.