![]() |
كما تدين تدان
هاانا اطل عليكم اليوم السبت الموافق 20-7-1431ه باطلالة جديدة اتمنى ان تعم الفائدة المرجوة
كما تدين تدان العاقل في هذه الدنيا ، الكاذبة في امالها ، الفانية في بقائها ، هو الذي يتفحص ويدقق ويتامل ويتعلم ويبحث عن زاده الثمين الذي يقيه شرور النفس والدنيا والشيطان ، يبحث وكانه يغوص مثل غواص ماهر في بحر لجي ، يستخرج من اعماقه كل نافع ومفيد ، ليكون له مرجعا اذا اخطا ، وزادا اذا جاع ، وظلا ظليلا اذا اشتدت عليه حرارة الخطوب والايام 0 كثرت الاصوات التى تحدثت قائلة : في هذا الزمن قل العقلاء0 كما صدق المثل القائل : من لم يعلمه اهله يعلمه الناس ، ومن لم يعلمه الناس تعلمه الليالي والايام 0 الذي يخوض في بحار المشقة وتجارب الليالي والايام ، حري به ان يكون قد اكتسب تجربة جيدة في حياته ، ولكن الافضل من ذلك هو ان يتعلم الفرد من داخل اسرته ، ما يشكل له مصلا واقيا من احداث الليالي والايام ، يتلقن الخلق الطيب ويرتشف الحكمة ، ويرتوي بالحلم والصبر ، مع لبن امه في ايام طفولته الاولى ونعومة اظافره ، يطعمونه زاد التقوى ، ويربونه على الفضيلة 0 رباه ابوه من دمع عينيه ، كان يخرج قبل اذان الفجر بساعة ، قاصدا سوق الخضار ، يشتري البضاعة ثم يعرضها في سوق القرية ، معتمدا على ربه في رزقه ، منتزعا قوت اطفاله من بين مخالب وانياب زمانه ، متكئا على عصاه التي بليت كما بلي جسده النحيل ، وهرمت كما هرم جسمه وشاب شعر راسه ، وانحنى ظهره وفعلت التجاعيد على وجهه افعالها ، تخط عليه سطورا من حكايات البؤس والشقاء ، ثم يعود في المساء حاملا بيده قليلا من الخضار الى اسرته 0 هكذا ربى اطفاله من عرق جبينه ، ولكنها الايام حبلى بما لايعلمه الا الله تعالى ،، اصبح ابنه شابا قويا يافعا ، ولايزال ابوه يلتقط القروش لاسرته0 وبعيدا عن اسباب الخلاف التي نشبت بين الاب العجوز المسكين وبين ابنه العاق 0 لم يصبر الابن العاق على والده الذي رباه من عرق جبينه ، حتى اتكا على عكازته ( عصاه ) لم يتحمل الابن العاق والده العجوز ، ضاق به ذرعا فاعتدى عليه بالضرب المبرح ، في وسط سوق خضار القرية ، وفي وقت الضحى ، والسوق في ذروته مكتضا بالباعة والمشترية 0 بكى الاب بكاء شديدا ، ووقع على الارض ، وسالت الدموع من عينيه ، تسطر مزيدا من اسطر الماساة على صفحات وجهه ، متاوها باهات مزقت انياط القلوب ، وخلعتها من اجسادها ، كان يبدو كالكبش الضعيف الذي لا يملك حولا ولا قوة امام وحشية ذئب مفترس 0 بعد عام واحد على وقوع المصيبة السوداء ، اخذ الله وديعته ، ولاقى الاب الحزين ربه منكسرا قلبه 0 انها الايام التي لا يامنها الا جاهل ، فلقد كبر الابن العاق واصبح في سن والده المرحوم ، وصار اولاده رجالا يحترفون الحرفة ذاتها ، التي احترفها ابوهم وجدهم من قبل 0 وفي ذات المكان الذي ضرب الابن العاق والده العجوز فيه ، وقد بلغ من العمر عمر والده المرحوم تماما ، وفي ذات الوقت ايضا من ذروة الضحى ، يتكرر الحدث ، ولكنه في هذه المرة يتكرر بصورة اخرى ، يتكرر اخرى ، يتكرر انصافا وعدلا ، يتكرر عبرة وموعظة لاولي القلوب والابصار 0 كان للابن العاق ثلاثة من الابناء ، وخمسة من البنات ، وكان من بينهم ولد حاد المزاج ، سيء الطباع ، شرس الفعال والخصال ، عندما اصبح في العشرينات من عمره ، شابا قويا يافعا ، اعتدى على ابيه بالضرب المبرح ، في ذات المكان والزمان الذي ضرب اباه العاق جده من قبل وهو لايعلم بذلك ، وفي ذات العمر والمهنة ايضا 0 صمت الاب فجاة مذهولا ، والناس من حوله يصرخون بابنه ، ويحاولون جاهدين ابعاده عن ابيه ، وحمايته من لكماته الفتية ، يدافعون عنه وهو تحت رحمة عنفوان وغضب واندفاع ابنه الشاب0 صمت الاب طويلا ، يتذكر انه وقبل اكثر من ثلاثين عاما ، ضرب والده هنا في نفس المكان والزمان0 صرخ الاب في الناس قائلا : اتركوه 00000 يضربني ، رحمة الله عليك ياابي ، فقد ضربتك هنا في ذات المكان والزمان ، فكما تدين تدان ولايظلم ربك احدا 0 اتمنى من الله ان تعم الفائدة وان نعتني بوالدين اذا كانوا احياء ونحسن اليهم لانهم هم البركة ولكم منى كل حب وعرفان0 |
|
الساعة الآن 07:04 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.