العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات العامة والمنوعة > منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-24-2010, 09:50 AM
الصورة الرمزية ابو فارس
ابو فارس ابو فارس غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 0 ابو فارس على طريق التميز
افتراضي لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث الاسلامية

مكانة المرأة في الإسلام


المقدمة :


الحمد لله الخالق وحده المبدع لما خلق الذي أعطى كل شيء خلقه تم هدى حمدا يليق بجلالته وعظمته والأنة فهو المنعم وحده والشافي وحده والعالم وحده وصل اللهم على الهادي البشير سيدنا وقدوتنا رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد فإن هذا البحث المتواضع عن بعض قضايا المرأة في الإسلام والذي يتحدث عن مكانه المرأة في الإسلام وكيف كانت قبل ذلك وعن سفر المرأة بدون محرم وعن الحجاب الشرعي واللباس الذي أحله الإسلام للمرأة وعن نكاح المشركات والتي التقطناها لكم من أمهات الكتب لتسهيل الدراسة والبحث والإطلاع.

وهذا البحث هو تكملة لمنهج التربية الإسلامية لصف أول ثانوي لبعض الدروس التي تتعلق بالمرأة ونحن أجدر بهذه القضايا لدارستها وفيها ونرجوا أن ينال على إعجابكم وتقديركم
ونرجوا من الله العلي القدير أن يتمم عملنا هذا برضاه ومغفرته عن كل زلة أو غلطه وقعت منا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





فظل مكانة المرأة في الإسلام

مكانة المرأة في الإسلام :-

يراد بما قبل الإسلام عصر الجاهلية التي كان يعيشها العرب بصفة خاصة ويعيشها أهل الأرض بصفة عامة حيث كان الناس في فترة الرسل ودروس من السبل ونظر الله إليهم – كما جاء في الحديث – فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وكانت المرأة في هذا الوقت في الأغلب الأعم تعيش فترة عصيبة – خصوصا في المجتمع العربي – حيث كانوا يكرهون ولادتها فمنهم من كان يدفنها وهي حية حتى تموت تحت التراب ومنهم من يتركها تبقى في حياة الذل والمهانة كما قال تعالى : " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه ومسوداً وهو كظيم ( 58) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون "( [1])
وقال تعالى : " وإذا المؤودة سئلت {8} بأي ذنب قتلت {9} ([2])
والمؤودة : هي البنت تدفن حية لتموت تحت التراب وإذا سلمت من الوأد وعاشت فأنها تعيش عيشة المهانة فليس لها حظ من ميراث قريبها مهما كثرة أمواله ومهما عانت من الفقر والحاجة لأنهم يخصون الميراث بالرجال دون النساء بل أنها كانت تورث عن زوجها ما يورث ماله وكان الجمع الكثير من النساء يعيشن تحت زوج واحد حيث كانوا لا يتقيدون بعدد محدد من الزوجات غير عابئين بما ينالهن من جراء ذلك من المضايقات والظلم .

فلما جاء الإسلام رفع هذا المظالم عن المرأة وأعاد لها أعتبارها في الإنسانية قال تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" ([3]) فذكر سبحانه أنها شريكة الرجل في الثواب والعقاب على العمل رد من عمل صالحا من ذكر أو أنثى هو مؤمن " لنحييه حياة طيبةولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" ([4]) وحرم سبحانه أعتبار المرأة من جملة موروثات الزوج الميت فقال تعالى : " ياأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء " ([5]) فضمن لها استقلال شخصيتها وجعلها وارثة لا موروثة وجعل للمرأة حقا في الميراث من مال قريبها فقال تعالى : " للرجل نصيب مما ترك الوالدان الأقربوا له للنساء نصيب مما ترك الوالدانوالأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" ([6])

وقال تعالى" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق أثنتين ثلثا ما تركوإن كانت واحدة فلها النصف"([7])
....... إلى آخر ما جاء في توريث المرأة : أما وبنتاً وأختاً وزوجة.
وفي مجال الزوجة حصر الله الزواج على أربع حداً أعلى بشرط القيام بالعدل المستطاع بين الزوجات وأوجب معاشرتهن بالمعروف فقال سبحانه " وعاشروهن بالمعروف " ([8]) وجعل الصداق حقا لها أمر بإعطائها إياه كاملاً إلا ما سمحت به عن طيب نفس فقال : " وآتوا النساء صدقاتهن كله فإن طلبن لثم عن سمئ منه نفساً فكلوه هنيئاً مرياً " ([9] ) وجعلها الله راعية في بيت زوجها ومسئولة عنه وراعية أمره ناهية في بيت زوجها أميره على أولادها قال (صلى الله علية وسلم ) : " المرأة راعية في بيت زوجها مسئولة عن رعيتها" وأوجب على الزوج نفقتها وكسوتها بالمعروف، ما يدعيه أعداء الإسلام وأقرانهم اليوم من سلب المرأة كرامتها وانتزاع حقوقها.

أن أعداء الإسلام أعداء الإنسانية اليوم من الكفار والمنافقين والذي في قلوبهم مرض غاظهم ما نالته المرأة المسلمة من كرامة وعزة وصيانة في الإسلام لأن أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين يريدون أن تكون المرأة أداة تدمير وحباله يصطاد بها ضعاف الأيمان وأصحاب الغرائز الجانحة بعد أن يشبعوا منها شهواتهم المسعورة كما قال تعالى : " ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلواميلاً عظيما" ([10])
والذين في قلوبهم مرض من المسلمين يريدون من المرأة أن تكون سلعه رخيصة في معرض أصحاب الشهوات والنزعات الشيطانية سلعه مكشوفة أمام أعينهم . يتمتعون بجمال منظرها أو يتوصلون منها إلى ما هو يتيح من ذلك ولذلك حرصوا على أن تخرج من بيتها لتشارك الرجل في أعماله جنباً إلى جنب أو لتخدم الرجال ممرضة في المستشفى أو مظيفة في الطائرة أو دارسة أو مدرسة في فصول الدارسة المختلطة أو ممثلة في المسرح أو مغنية أو مذيعة في وسائل الإعلام المختلفة سافرة فاتنة بصوتها وصورتها واتخذت المجلات الخليعة من صور الفتيات الفاتنات العاريات وسيله لترويج مجلاتهم وتسويقها واتخذ بعض التجار وبعض المصالح من هذه الصور أيضاَ وسيله لترويج لبضاعتهم حيث وضعوا هذه الصور على معروضاتهم ومنتجاتهم وبسبب هذه الإجراءات الخاطئة تخلت المرأة عن وظيفتها الحقيقية في البيت مما أضطر أزواجهن إلى جلب الخادمات الأجنبيات لتربية أولادهم وتنظيم شؤون بيوتهم مما سبب كثيراً من الفتن وجلب عظيما من الشرور.

أننا لا نمانع من عمل المرأة خارج بيتها إذا كلفت بالضوابط التالية:
1-أن تحتاج إلى هذا العمل أو يحتاج المجتمع إليه بحيث لا يوجد من يقوم به من الرجال.
2-أن يكون ذلك بعد قيامها بعمل البيت الذي هو عملها الأساسي.
3-أن يكون هذا العمل في محيط النساء كتعليم النساء وتطبيب وتمريض النساء ويكون منعزلاً عن الرجال.
4-كذلك لا مانع بل يجب على المرأة أن تتعلم أمور دينها ولا مانع أن تعلم من أمور دينها ما تحتاج إليه ويكون التعليم في محيط النساء ولا باس أن تحضر الدروس في المسجد ونحوه وتكون متسترة ومنعزله عن الرجال على ضوء ما كانت النساء في صدر الإسلام يعملن ويتعلمن ويحضرن إلى المساجد.




والقدر المشترك هو ما يطلب من الجنس كإنسان و يطلب من الجنس كانسان بالنسبة إلى دين الأديان هو الاعتقاد فالمرأة مطلوبة أن تعتقد العقيدة التي تقتنع بها والرجل كذلك يعتقد العقيدة التي يقتنع بها فلا يمكن للرجل إن يفرض عقيدته على أمراه والقرآن يعرض لنا هذه المسألة ويعرضها في أقوى صورها ، مثلاً الرسل الذين جاءوا ليحملوا الناس على منهج الله أولى بهم أن يعلموا زوجاتهم على منهج الله ومع ذلك قام لنا القرآن الكريم هذا العرض ، فيقول : " ضرب الله مثلاً للذين كفروا أمراة نوح ، وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا الصالحين ، فخانتهما ، فلم يغنيها عنها من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين" ([11]) أذن الرسول المفروض فيه أن يأتي لكي يهدي الناس ويعلمهم منهج الله ولكن لم يستطع أن يقنع أمراة – زوجه – منهجه ، وطلت مخالفة لذلك المنهج ، إذن فللمرأة أن تعتقد ما ترى كإنسان له حرية الاعتقاد ، وبعد ذلك يعرض القضية المقابلة " ضربالله مثلاً للذين أمنوا ، أمراة فرعون" .. فرعو الذي ادعى الألوهية ما استطاع أن يدخل هذه العقيدة في ردع زوجته .." قالت رب أبن لي عندك بيتاً في الجنه، ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين " ([12]) إذا فالخاصية الأولى هي خاصية حرية الاعتقاد ، وأن لها أن تعتقد ما تشاء وأن تعتني به ، لماذا لأن هذا الاعتقاد سيلزمها بمنهج فلو لم تكن مرتبطة بالقعيدة باختيارها وبطواعيتها فيكون إقبالها على المنهج غير مأمون ، إن أقبلت إكرامها ، تقبل على المنهج ما راميتها ، أو ما رآها القانون أو ما رآها المكره ، لكن إذا ما خلت بنفسها يمكنها أن تتحلل من ذلك المنهج.

في قصة أدم نجد حينما نصح الله آدم وزوجة وحذرهما من الشيطان قال: " إن هذا عدوكولزوجك " والعداوة مسبقة لأنه أمتنع عن السجود ، " عدو لك ولزوجك ، فلنخرجنكم من الجنة "..... أي إياكما أن يغويكم ، ويدلوكم بغرور فيكون أن يخرجكما من جنه الأمثال عند الله " فتشقى" ([13])
فبجعل الترتيب في الشقاء لآدم فقط ، فكأن آدم مخلوق للكفاح ، ولجهاد الحياة والمقابلة صعابها والمرأة فقط مخلوقة سكناً له ، يتحرك حركته في الرياح ويأتي ليهدأ عندها ، ويأتي ليستقر هي مصدر الحنان وهي مصدر العطف الذي يمسح بيده كل متاعبه فتزول حين تمسح بيدها على كل متاعبة فتزول ، يستطيع أن يستأنف الحياه بعد ذلك بشيء من النشاط . الحق حينما قال : " لتسكونا إليها " إذا فالمهمة الأساسية للمرأة أن يسكن إليها الرجل . " والله جعل لكم من أنفسكمازواجا وجعل من أزواجكم بنيين وحفده " ([14]) إذا فالمهمة الأساسية للمرأة .أن يسكن إليها الرجل ، ومعنى يسكن إليها الرجل ، لو قدرت المرأة هذه المهمة لوجدتها تستوعب كل وقتها ، بمعنى أنه ساعة أن يعمل هو تعمل هي وتعدله ما يأتي ليرتاح به ، فيأتي ويجد بيتاً ساكنا مستقرا ، بيتا كل أموره مرتبه .كل أموره فيه منظمة ، فبعد أن كان متعبا يرتاح. أذن فعملية الرجل ..تعامل مع أجناس من الحياه أي مع " أشياء" ، كل هذه الأشياء لخدمة الإنسان والإنسان أرفع هذه الأجناس كلها .أما مهمة المرأة فهي التعامل مع ذلك الجنس الراقي : وهو الإنسان ، تتعامل مع الإنسان ، تتعامل مع الإنسان كزوج فيسكن إليها وتريحه ثم تتعامل معه جنينا فيكون في بطنها وبعد ذلك وليداً تحضنه وليدا ترضعه ، وليدا تعطي له المثل تربية وتخرجه للحياه مزوداً بمبادئ القيم التي تصوغها في نفسه إذا فالرجل يتعامل مع الأشياء التي دون الإنسان والمرأة تعاملها الأساسي مع الإنسان كزوج أو كابنه حين تنظر إلى طفولات الحيوانات نجد أن طفولات الحيوانات كلها قليله وأطول الطفولات عمراً ..طفولة الإنسان . هذه الطفوله هي ميدان المرأة ميدان عمل المرأة ، وما دامت الطفولة زادت لأنها تزاد بقدر المهمة التي يقوم بها ، أما الحيوانات الأخرى فمهمتها غير مهمة الإنسان مهمة كبيرة سامية وعالية : فطفولته تناسب مع هذه المهمة ليستطيع أن يعمل بكل المبادي وبكل القيم وبكل الأشياء التي تعينه على هذه المهمة ، من الذي يتعامل ؟ الرجل يخرج لعملة والطفل مع أمه يظل إلى سن السادسة مثلاً ، إلى أن يكبر ، ويوجد له مجال آخر يؤثر فيه وهو المدرسة إلى سن السادسة : هذه السن نجد أن العقل فيها فارغ ، بالمثل تبدأ تملأه ، من إذن يستطيع أن يملا المثل .الأم فإذا كانت الأم مثلا مشغولة عن ذلك الوليد بأي عمل من الأعمال فليس من المعقول أن تتركه بلا راع : فهي تلجأ إلى راع ..وهو الخادم يأتي الخادم وقد تكون أمينه ، وقد تكون نظيفة ، إنما لا يمكن أبداً أن يكون لها قلب أم و لذلك قرأت أنا كتاباً عن " أطفال بلا أم" وجاءوا أن جيلهم متخلف ، لماذا لأن عشرين طفلا مثلاً يعاملون مع مربية واحدة ويتعامل مع أطفال في سنه لكن حين يكون الولد في مجتمع بين أمه وبين أبيه وبين جده وجدته وبين أخوانه المتفاوتين في الأعمار ، يبدأ الولد الصغير يلتقط من كل جيل ولذلك هذا هو السر في أن القرآن قال : " بنين وحفده "......وأنت تتصور الوليد الناشئ في بيت فيه جد وجده وأب وأم ، الجد والجده ، الذين فرغوا من شؤون الحياة المادية ، ومن التهافت عليها أصبحوا يقبلون على المثل وعلى القيم وعلى الوضوء والصلاه وسائل الفضائل فيبدأ يأخذ شيئاً من نشاطه إلى آخره وأخوه الصغير يأخذ من مستواه أيضاً . فإذ كان في الجامعة يأخذ شيئاً منه والذي في الثانوية يأخذ شيئاً منه . إذا الوليد الصغير حينما يكون في الأسرة يستطيع أن يتقبل من كل قطاعات الإنسان يجيء متعباً ويعد ذلك يكون له وليده فيصرخ بالليل فنجد الرجل يضيق بهذا ويطلب من أمه أن تقوم وتسكت هذا الوليد الصغير وما معنى ذلك ؟ معنى إنه ليس مخلوقا كل يتحمل هذه المسألة ولكنه هو مخلوق لميدان العمل خارج البيت وأنما المسؤول عن تحمل هذه المسألة هي الأم فحينما يصرخ الوليد تقوم هي تهبه الحنان وتهبه العطف وقد تجده في أقذر حالاته ومع ذلك نفسها لا تتقزز تنظيفه ولا شيء وربما ذهبت لتكمل أكلها ، لكن الرجل لا يقدر هذه المهمة فهو أولاً لا يقدر على مهمة الضجيج فهو يريد أن يسكت الوليد لأنه هوجاء ليهدأ في البيت إذا فالمرأة مهمتها وتعاونها مع أشرف أجناس الكون ، وهو ذلك الإنسان مهمة الإنسان ننظر إليه بعد أن ينضج لأنه بعد أن ينضج مطلوب منه عطاء ، أنما مطلوب له أخذ قبل أن ينضج من الذي يعطي له ؟ لا بد أن تكون طاقة حنان تحبه ، المربية مهما كانت فليس عندها طاقة الحب أو طاقة العاطفة كي تعطي حنانا ، فحينما يأتي الإسلام ليقول أن المرأة مجعولة لهذه المهمة ، سكن للزوج وبعد ذلك حضانة للبنين ، يعطيها أشرف مهمة في ذلك الوجود وهذه المهمة يجب أن تأخذها المرأة بشي من الفخر وبشيء من الاعتزاز بعد ذلك تأتي إلى المسألة ل الأقوى وهي أن الإسلام مثلاً يحدها ببعض الأشياء والإسلام لا يمنع عمل المرأة ولكن الإسلام واقعي ، بحيث أن الذي خلق الإنسان وخلق الظروف يعرف أن هناك ظروفا قد تضطر المرأة إلى أن تعمل لكن الإسلام يعرضها في حدود الضرورة وفي إطارها . هذا الإطار وضحته لنا قصة سيدنا موسى ، لما ورد ماء مدين " ولما ورد ماء مدين وجد عليه الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان " تذودان أي تمنعان ما ترعيان عن الماء إذا لأي شيء خرجتا؟ " قال ما خطبكما ....قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء" لا نسقي ما شيهم ، وبعد ذلك يخلوا البئر والعين فيصلان إلى هناك إذا الفتاتان أخذتا الضرورة بالقدر وليس معنى أن ضرورة أخر جتهما ، إنها يتناسيان نوعهما ، فلا بد أن يفهما أنهما لا يصح أن يحتكا بالنوع الأخر فظلتا في مكانهما إلى أن يتنهي ، الرجال ثم عللتا سبب الخروج بأن هناك حاجه دفعت إلى ذلك " لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير"([15]) فكأن " أبونا شيخ كبير " تبرير لخروجهما لهذا العمل ، فكأن أحد قال لهما ما دمتما خائفتين من الزحام أو التزاحم مع الرجال فما الذي أخرجكما من بيتكما ؟ فقالتا " أبونا شيخ كبير " إذ فألآية تحدد أن ضرورة قد تلجئ المرأة إلى الخارج ولكن حين تخرج لا تنسى نوعيتها لا تنسى أنها أمرأة ولا يصح أن تدخل في زحام الرجال وبعد ذلك جاءت لقطة أخرى وهي مهمة الرجال حينما يترك ذلك على مهمة المجتمع ممثلاً في الرجل ....." فسقى لهما " ومعنى سقى لهما إنه أعانهما على أداء مهمتهما حتى يسرعا بالرجوع إلى البيت ، تلك مهمة المجتمع حتى أو كان فردا شهما يرى المرأة مثلا وقد اضطرتها ظروفها أن تخرج لعمل من الأعمال فشهامة الرجل تقتضيه أن يؤدي عنها هذه المهمة وقد لتنتهي ولا يجعلها تضطر إلى أن تزحم مع الناس في الحياة " فسقى لهما ثم تولى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير " ([16]) هذه القصة من قصص تدلنا على أن القرآن عرض هذه العرضه ، ليدلنا على أن المرأة قد تضطرها ظروفها إلى أن تخرج ولكن ظروفها التي اضطرتها أن تخرج يجب ألا تخرجها عنوهيتها بحيث تحسب نفسها رجلاً بل تأخذها بقدرها ما أمكن إلى أن ينتهي الرجال من السقي كما في القصة وتؤدي مهمتها وبعد ذلك جاءت بالعلة " وأبونا شيخ كبير" وبعد ذلك جاءت بالمجتمع سواء كان مجتمعا قريبا أو بعيدا مجتمع أسره أو فرد فأنا مثلا حين أكون في أسره وأجد أن المرأة خرجت لتعمل فإن لدي الشهامة وأنا أتبر أن هذه من لحمي ون دمي فأنا أغار على هذا وأدي أي مصلحة لها تمنعها من الخروج ، فإذا لم تجد فلا مانع من أن تذهب.ولكن علي أن تأخذ الضرورة بقدرها والأ تزيد فيها ، وهنا فأنها ساعة أن تخرج ، فصحيح منعتني من الازدحام ، ولكن في خروجها يلزمنا الشارع بشيء آخر ، هذا الشيء الأخر هو أنها تكون علي هيه مثيرة

والقيود التي على حرية المرآة نقول فيها إن التشريعات دائماً حين ينظر إليها لا تعترض العملية الإدراك ولا تعترض لعملية الوجدان وإنما تعترض لعملة واحده هي عملية النزوع بمعنى أن علماء النفس حينما قسموا مثلا مظاهر الشعور قسموها إلى ثلاثه أقسام قالوا إن الإنسان يرى ورد جميلة في البستان فإن رويته لها تعتبر إدراكاً أدرك منها الجميل فأعجبه ذلك وأحبه فيكون هذا وجدانا وجد في نفسه شيئاً أثر في ذلك الإدراك فنجدهم يهم ويذهب ليقطف تلك الورده ، فهذا نزوع – عملية نزوعه إذا فكان التشريع يأتي ويقول له أنت قد رأيت الورد ولم نمنعك من رؤيتها ، أعجبتك ووجدت في وجدانك شيئاً من السرور فلم نمنعك من ذلك إنما ساعه أكن تأتي كي تقطفها سيدخل التشريع إنما يتعرض لحالات النزوع ولا يتعرض لحالات الإدراك وحاله الوجدان لماذا ؟ قالوا إنه ليس من الممكن أن أفضل عمليه الوجدان عن النزوع ، إنسان أي أمرأة جميله وتقاسمها بديعه وشكلها مثير ومغر، هو رأي : إذا أدرك واستقر في نفسه إعجاب هذا الأعجاب كأنه معرك داخلي عمل في نفسه عمليه نزوع ولا يمكن أن نفضل العمليه الوجانيه عن النزوعيه كما نفصلها عن الورده ، فنجد الإسلام يقول أنا أريد أن أمنع عمليه الإدراك هذه من أساهها لأني سأتعبك قلو أبحث لك الإدراك ثم حرمت عليك النزوع فستعيش في قلق وتعب فلأن الله هو المشروع رحيم وعارف بالنفوس ، قال : .....أنا أريد أن أمنع هذا الإدارك فلا تتعب نفسك ، لماذا لأنها لو أثارتك واعجبتك ماذا يكون الموقف ؟ الموقف يعلمه الله ونعمه جميعاً من واقع الحياة ، وأظن شوقي رحمة الله عليه قال : " نظره فابتسامه فسلام فكلام فموعد فلقاء " إلى أخره لكن التشريع قال أن لن أبيح لك إلا راك حتى لا يكون عندك وجدان مثار لأنك لا تستطيع أن تفصل بين الوجدان والنزوع ، فقال التشريع : " يدنين عليهن من جلابيبهن " ([17]) وقال له غض طرفك لأنك ستتعب نفسك وتتعبها / أما أن تؤدي العملية النزوع ، فتريح فتنتهك وأما ألا تؤديها فتقلق وتعيش في اضطراب ، وأيضاً أنت يا امرأة أريد أن أؤمن حياتك ، بهذا التشريع الإسلامي تؤمنين من حياه المرأة ، لماذا ؟ لأن الإنسان المتزوج من زوجته مكثا معاً مده طويلة وهما الآن في سن الأربعين والخمسين فإن المرأة تعرضت لعمليات الخدمه وعمليات الولادة ولعمليات الرضاعة ولعمليات التربية ولعامل الزمن في شكلها وفي نظارتها وكل هذا أثر في تكوينها فإذا كان الرجل الذي في سن الأربعين والخمسين يذهب إلى الشارع فيجد في مقتبل عمرها على أحسن ما تكون من الزينه وأنضر ما تكون من الثياب ، فماذا يكون موقفه بالنسبه لها حينما يراها ؟ ستجلب غرائزه فبعد أن كانت غرائزه غرائز طبيعية وهو مع أهله تثور كل فتره وتهد بانتظام فإنه حين يرى منظراً كذلك الذي نذكره ومن شأنه أن يجلب غرائزه ويلهيها ، فماذا ستكون النتيجة المعتمدة ؟ أن يذهب إلى البيت ويجد زوجته مجعده الشعر مثلا ومتعبه فإن قد يبدأ مقارنه وفساء أغلب البيوت من هذه المسأله ، قيبدأ ينظر لا يحب أن يراه لأنه رأي منظراً أخره الفتاه الجميله التي في الحاله الأولى متصل إلى مثل هذه السنه يوماً ما فهو يقول لها لا تتبرجي حتى تأتي فتاه أخرى ينتظر خلقها لتفسد رجلك وبيتك عليك لأن هذه الفتاه ستتعرض أما لشاب مازال في مقتبل العمر وهو لا يزال يتعلم ولم يستقر بعد ولا يزال يتعلم ولم يستقر بعد ولا يزال عاله على أهله وهو لا تنقصه يقظه غرائزه زياده عما هي فيه وأما لإنسان له حياه رتيبه وله أهل فتأتي هذه الفتاه له فكان الإسلام أمنه حياتها أيضا لأن عمر زمانها هذا عشرا أو خمس عشر سنه وبعد ذلك تعير أمرأة عاديه تفسد بتك وتفسد ولدك وتفسد زوجتك عليك فتها لا تزال في مقتبل العمر فالإسلام كي يحرم المرأة ويؤمن حياتها ويجعلها وقره ومتحرمه منعها من أن تفعل في الناس هذا حتى لا يفعل أحد لا يفعل أحد معها ذلك إذا فالإسلام حينما جاء ليحدد الإدراك فالمسأله الوحيده التي حدد فيها الإدراك في مجال الشعور هي مسأله النظر إلى المرأة لأن العمليه الوجدانيه التي سينشأ منها النزةع لا يمكن فصلها ولا يمكن فصل ذلك إلاصل موجود في مثل هذه الأشياء فحين يجرو الإسلام على المرأة إنها لا تبذل أو لا تبرج أو أنها ل تبدي زينتها إلا لكذا وكذا فلإسلام يريد أن يكرم المرأة وهو لا يرد ان يجعلها في مكانها الطبيعي من المجتمع وزجا تمثل السكين وأنما تمثل الحضانه لأشرف جنس في الوجود ([18])بمقدار ما توحي على أن يأمر الرجال بغض البصر حفظ الفرج.

ونصيحة امرأة لأمرأة تعطي لها مقوماتها كزوجه هذه أمره ولو جمعت كل المستغلين لهذه المسائل من الرجال كي يضعوا أدله هذه البنود التي وضعتها أم أياس لوجدتها تعطي لك فكره على أنها امرأة عاشت في منهجها الحقيقي أدارتها أن تنقل المنهج الحقيقي الذي عاشته إلى أبتها لتسعدها فماذا قالت لها أمها ؟ أولا كانت الفتاه جميلة جدا وبلغ الحارث بن عمرو ملك كنده جمالها فأراد أن يتزوجها فلما تزوجها وجاءت لتحمل إليه قالت لها أمها " أي بنيه أن النصيحه لو تركت لفضل أدب لتركت لذلك منك " أي انك مؤدبه ولست في حاجه إلى نصيحه ، " ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أهلها لكنت أغنى الناس ولكن النساء للرجال خلقنه ولهن خلق الرجال يا أبنتي احفظي عني عشره خصال تكون لك ذخراً
أما الأولى والثانية فالمعاشرة له بالرضى والقناعة وحسن السمع والطاعة .
أما الثالثة والرابعة فالتفقد لموضوع أنفه وموقع عينيه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يتم منك إلا أطيب ربح.
أما الخامسة والسادسة فالهدوء عند منامه والتفقد لوقت طعامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغصنه من النوم مغضب.
أما السابعة والثامنة فالاحتفاظ بماله والإرعاء على حشمته وعياله.
وأما التاسعة والعاشره فإياك أن تعصي له أمرا أو تفشي له سرا فإنك أن عصيت أمره أو عرت صدره وإن أفشيتي سره لم تأمني غده وأعدك بعد ذلك من الفرح أن كان ترحا ومن الترح أن كان فرحاً "

فصل في سفر المرأة وحدها

سفر المرأة وحدها :
عن أبي عبيده عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تسير مسيرة يوم ولليلة إلا مع ذي محرم ))([19] ).

(1)قوله عن أبي هريرة : الحديث أيضاء رواه مالك في الموطأ والبخاري ومسلم وأبو داود وأبن ماجه وغيرهم .
(2)قولة : (لا يحل لامرأة ) : ـ أخرج الرجل لأنه لا يشاركها في الحرمة وان كره له الوحدة للإشفاق علية من المهالك في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه عنه أحمد وأبي داود والترمذي : ( الراكب شيطان ويستثني البريد لضرورة التعجيل ) .
(3)قولة : ( تؤمن بالله واليوم الآخر ) ويقصد به يوم القيامة وقيل بذلك لأن الأيمان هو الذي يستمر للمنصف به خطاب الشرع أو أن الوصف ذكر لتأكيد التحريم لأنها إذا سافرت بدون محرم خالفت شرك اليمان بالله واليوم الآخر ولكن هذا ليعتبر أنها كافرة كتابية , كما اعتقد بعض العلماء تمسكا بالمفهوم ولفظ المرأة عامة في جميع النساء ولكن استثنيت المرأة الكبيرة في السن التي لا تشتهي فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم واستبعد أن الخلوة بها حرام وما لا يطلع من جسدها غالب عورة فالمظنة موجودة فيها والعموم صالح لها فينبغي أن لا تخرج منه , وقال النووي : المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كبيرة وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس و سقطهم من لا يرتفع من الفاحشة العجوز وغيرها لغلبة شهوته وقلة دينة ومروءته وحياءه نحو ذلك .
(4)قوله : (مسيرة يوم وليلة ) : ـ المسير مصدر يسمى بمعنى السير وليست التاء فيه للمرة ولا اليوم ولا الليلة للتمديد ففي حديث أبي سعيد عن شخصيتين , (( عن أبي سعيد أن نبي الله نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم )) وفي لفظ (( لا يحل لمرآة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تسافر سفرا أن يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها ))([20] ), وفي حديث أبن عمر في الصحيحين , عن أبن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( لا تسافر المرأة ثلاثة إلا ومعها ذو محرم ))([21]) وفي رواية الليث لحديث أبي هريرة تسافر مسيرة ليلة وفي رواية أحمد يوما وفي رواية أبي داود أبدل يوم وفي رواية يومين وفي أخرى إطلاق السفر من غير تقييد , فقد قال العلماء هذا خلاف يسبب اختلاف السائلين فقد سئل مره عن سفرها ليلة فقال لا وأخرى عن سفرها يوما فقال لا وهكذا في جميعها ويعني هذا سفرها ليست فيه تحديد قال لآبي : والمراد أنها إذا كانت جوابا للسائلين فلا مفهوم لأحدها وبالجملة فالفقه جمع أحاديث الباب فحق الناظر أن يستحضر جميعها وينظر أخصها فيستنبط الحكم به وأخصها باعتبار ترتيب الحكم عليه يوم لأنه إذا امتنع فيه امتنع فيها شوقه ثم أخص من اليوم وصف السفر المذكور في غالبها فيمنع أقل ما يصدق علية اسم سفر ثم أخص من أسم السفر الخلوة بها فيجب عليها أن لا تعرض نفسها بالخلوة مع واحد حتى لو قل زمن الخلوة وذلك لعدم الأمن لا سيما من انتشار الأمن فقد قال الأمام الصالح الشارح وهو في عمان ولما ينتشر فيها الفساد ما انتشر في غيرها من البلاد التي تفرنج أهلها وابتعدوا عن سبيل الرشاد يصدق علينا , قول الشاعر : ذهب الدين يعاش في أكنافهم وتعبت في خلق كجلد الأجرب
فالمرأة فتنة إلا ما فيها من جلبت عليه النفوس من نفره المحارم .

(5)قوله : ( إلا مع ذي محرم منها ) : ـ المحرم منها وهو ذو الرحم منها إذا لم يحل له نكاحها وذو المحرم : من لا يحل له نكاحها من الأقارب كالأب والعم والابن ومن يجري مجراهم(ويقال رحم محرم : محرم تزويجها والمروءة العربية تدخل في المحارم )([22])

قال الشاعر : وجارة البيت أراها *** مكارة السعي لمن تكرما

والمحرم حرام التزويج منها بنسب أو المصاهرة أو الرضاع زاد الشخصيتين من حديث أبي سعيد ( أو الزوج ) وفي معناه السيد والأمة وهو لم يرد ذكر الزوج ليقيس على المحرم قياسا جليا وكره مالك كراهة تنويه سفرها مع ابن زوجها واختلف أصحابه في وجه ذلك فقيل لفساد الزمان وحداثة الحرمة ولأن الدواعي على الحرمة إلى النفرة عن امرأة الأب ليس كالداعي إلى نفرة عن سائر المحارم فقيل لعداوة المرأة لربيتها وعدم شغفه عليها ,واستدل الحديث لأبي حنيفة وأحمد ومن رافقها على أن المحرم أو الزوج شرط في استقامة فريضة الحج فإنه حرم عليها السفر إلا مع أحدهما والحج مع الجملة الأسفار حرام عليها وقال أصحاب أبي حنيفة وأحمد و الشافعي في المشهور عنها لا يشترط المحرم لأب الوجود بتوجيه إليها بنفس الخطاب وعليها إن تتقى في سفرها ما نهيت عنه حتى لا تغضب الله عليها ويزيد من أعمالها السيئة , وذكر أبو عبيده عن جابر أنه قال : (( إذا كانت المرأة صرورة (التي لم تحج ) فالحج أوجب عليها وان كانت أصابت ذا محرم فلتحج معه فأن لم تصب ذا محرم فلتحج مع ثناه من المسلمين وعليهم أن يمنعوها عما يمنعون أنفسهم منه الفرض فأما التطوع فلا تحج مع غير المحرم أو زوج وقالوا فريضة الحج على فريضة العمرة قيل نسخها فأن الكافرة إذا أسلمت بدار الحرب تجب عليها الهجرة منها وإن بلا محرم إجماعا والجامع بينهما نفس الوجوب , والله اعلم.


يقيم الإسلام مجتمعة على أساس تحقق الانسجام والتوازن بين أفراده من حيث الحقوق والواجبات فكل فرد في المجتمع الإسلامي مسؤول , ومسؤولية متعلقة بعمل يجب أن يؤديه كما أمر به الإسلام , من غير إرهاق بل في حدود الطاقة , لقد بين الإسلام في نصوصه الكثيرة أن مجال عمل المرأة هو تربية ألا سره الصالحة , وهي رسالة مهمة , لان صلاح المجتمع إنما يكون بصلاح أولى لبنائه وهي الأسرة , وقد يقلل البعض عن ما هوى في نفوسهم من هذا الدور الخطير الذي هبا الله تعالى المرأة له, مما يوجب توضيح الأمور في هذا الباب .

إن رسالة المرأة الحقيقية هي الأمومة وتربية الأسر , ولكن لا يمنع المرأة من ممارسة نشاطات أخرى هي في مجملها عوامل مساعدة تمكنها من القيام بمهمتها على أكمل وجه , فتعليمها وتثقيفها وتزويدها بكثير من المهارات التي تلزمها في الحياة إنما يفيد في أداء عملها وواجبها ودورها الأساسي وهو صيانة الأسرة , ومن هذا المنطق فغن غي عمل أخر للمرأة إنما هو استثناء من القاعدة الأساسية ويبيحه الإسلام بشروط هي في مجملها في صالح المرأة , أي لصالح الأسرة والمجتمع ومن ذلك السفر , فقد أباحه لها للقيام بأداء فريضة كالحج أو اكتساب العلم أو للتنزه والزيارة أو غير ذلك إلا إن الإسلام قيده بشروط اصطحاب المحرم أي أنه لا يجوز لها إن تسافر ما مقدار مسيرة يوم وليلة وحدها وبدون محرم معها , أو زوج لها , والحديث العام يحق للمرأة سواء أكانت شابه أم كبيرة في السن ولهذا فإنه لا يجوز للمرأة السفر وحدها مهما كانت سنها , والإسلام لم يقرر ذلك من باب سوء الظن بالمرأة , كما انه لم يقصد القصر عليها وإنقاص حريتها , وإنما أمر بذلك حفاظا عليها وعلى سمعتها وصيانة لشرفها وهذا ما يفسره بوضوح تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهم محرم )) .

ومن أسباب حفظ الفروج منع المرأة أن تسافر إلا من ذي محرم يصونها ويعينها من أطماع العابثين والفاسقين .
فقد جاءت الأحاديث الصحيحة تمنع سفر المرأة بدون محرم منها : ما رواة أبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم (0 لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا من ذي محرم )) متفق عليه .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم (( نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم ) متفق عليه , وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر تسافر مسرة يوم و ليلة إلا مع ذي محرم منها )) متفق عليه , والتقدير في الأحاديث بثلاثة الأيام واليومين واليوم والليلة المراد به ما كان على وسائل النقل مما هو معروف آنذاك من سير على الأقدام والرواحل واختلاف الأحاديث في هذا التقدير بثلاثة أيام أو يومين وليلة وما هو أقل من ذلك أجاب عنه العلماء بأنه ليس المراد ظاهرة وإنما المراد كل ما يسمى سفرا فالمرأة منهيه عنه قال في [ شرح صحيح مسلم ] (9/103) , فالحاصل كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو يزيد أو غير ذلك , لرواية أبن عباس المطلقة وهي أخر روايات مسلم السابقة : (( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم )) , وهذا يتناول كل ما يسمى سفرا قاصدا والله أعلم .
وأما من أفتى بجواز سفرها مع جماعة من النساء للحج الواجب فهذا خلاف السنة قال الإمام الخطابي في [ معالم السنن ] (2/277,276) [ مع تهذيب ] أبن القيم : وقد حظر النبي صلى الله عليه وسلم عليها أن تسافر إلا ومعها رجل ذو محرم منها فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم شريطة التي أثبتها الرسول صلى الله عليه وسلم خلاف السنة فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة بأمره يؤدي إلى معصية .

أقول : وهم لا يبيحوا للمرأة أن تسافر من دون محرم مطلقا وإنما أباحوا لها ذلك في سفر الحج الواجب فقط , يقول الإمام النووي في [ المجموع ] (8/249) ولا يجوز في التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما إلا بمحرم , فالذين يتساهلون في هذا الزمان في سفر المرأة بدون محرم في كل سفر لا يوافقهم عليه أحد العلماء الذين يعتقدون بقولهم : إن محرمها يركبها في الطائرة ثم يستقبلها محرمها الأخر عند وصولها إلى البلد الذي تريده لن الطائرة ما مونه بزعمهم لها فيها من كثرة الركاب من الرجال والنساء , نقول لهم : كلا فإن الطائرة أشد خطرا من غيرها فإن الركاب يختلطون فيها وربما تجلس بجانب رجل وربما يعترض الطائرة ما يصدها عن اتجاهها إلى المطار آخر تجد فيه من يستقبلها فتكون معرضه للخطر وماذا تكون المرأة في بلد لا تعرفه ولا محرم لها فيه .
ومن أسباب حفظ الفروج منع الخلوة بين المرأة والرجل الذي ليس محرما لها : قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان )) , وعن عامر بن ريبعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ألا يخلوان رجل بامرأة لا تحل له فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم)) قال المجد في [ المنتقى ] : رواها أحمد وقد سبق معنا لأبن عباس في حديث متفق عليه .






فصل اللباس الشرعي :

اللباس :
اللباس من النعم الذي أنعم الله بها على عباده بقوله تعالى : (( يا بني أدم قد أنزلنا عليكم اللباس يواري سوءاتكم وريشا لباس التقوى ذلك خيرا ذلك من آيات الله لعلهم يتذكرون )) , وينبغي أن يكون حسنة جميلة نظيفة والله تعالى قال : (( يا بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين )) , وقال أيضاء (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هو الذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفضل الآيات لقوم يعلمون ))وعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر , فقال رجل إن الرجل يحب إن يكون ثوبه حسن ونعله حسنه , قال : إن الله جميل يحب الجمال . الكبر بطر الحق و غمط الناس )) رأي الإنكار الحق واحتقار الناس .
روىالترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرام جواد يحب الجود , فنظفوا أفنيتكم ولا تتشبهوا باليهود )) .

حكمة :
واللباس منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب ومنه ما هو حرام .

اللباس الواجب :
فالواجب منم اللباس ما يستر العورة وما يقي الحر والبرد وما يستنفع به في الضرر , فعن حكيم بن خزام عن أبية قال : قلت يا رسول الله عورتنا : ما نأتي منها وما ندر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك , قلت : يا رسول الله فإن كاب القوم بعضهم في بعض ؟ قال : إن استطعت أتن لا يراها أحد فلا يزينها , فقلت : فإن كان أحدنا حالما ؟ قال : فالله تبارك و تعالى أحق أنة يستحي منه )) . رواة أحمد وأبو داود وأبن ماجه و الترمذي .


اللباس المندوب :
والمندوب من اللباس ما فيه جمال الزينة فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنكم قادموا على إخوانكم فاصلحوا رحالكم واصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس فغن الله لا يحب الفحش ولا التفحش )) , رواة أبو داود .
وعن أبي الأموص عن أبيه قال : أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب رث فقال : آلك مال ؟ قال نعم , قال : من أين المال ؟ قال : قد أتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق , قال : فإذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمته عليك و كرامته )) أي إذا وسعة . ويتأكد ذلك عند العباد وفي الجمعة والعبد بين وفي المجتمعات العامة . فعن محمد بن يحيى إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ((ما على أحد أن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى نوى مهنئه )) رواة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبن ماجه .

اللباس الحرام :
أما اللباس الحرام فهو لباس الحرير والذهب للرجال ولبس الرجل بما يختص بالنساء من الملابس ولبس النساء ما يختص بالرجال من ملابس ولبس الشهر والاحتيال وكل ما فيه إسراف .

لبس الحرير والجلوس عليه :
جاءت الأحاديث بتحريم لباس الحرير والجلوس عليه بالنسبة للرجال نتذكرها فيما يلي:
(1)فعن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تلبسوا الحرير فإن من لبس في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة )) رواة البخاري
(2)وعن عبدالله بن عمر أن عمر رأى حله من إستبرق تباع فأتى بها إلى الرسول الكريم فقال : يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها في العيد وللوفود فقال: الرسول غنما هذا لباس من لا خلاق له , ثم لبت عمر ما شاء الله فأرسل الرسول بجبة ديباج , أتى عمر للرسول فقال : يا رسول الله قلت : إنما هذا اللباس من لا خلاق له ثم أرسلت لي بهذه فقال النبي إني لم أرسلها لتلبسها ولكن لتبيعها وتصيب بها حاجتك )) رواة البخاري .
(3)عن حذيفة قال : نهانا النبي الكريم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس علية وقال : (0 هو لهم في الدنيا ولنا في الآخرة )) بمقتضى هذه الأحاديث ذهب الجمهور من العلماء إلى تحريم لبس الحرير وافتراشه بل ذكر المهدي في البحر أنه مجمع علية , فعن أنس قال : (( إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكمة كانت بهما)) قال في الحجة البالغة : لأنه لم يقصد به حينئذ الارتقاء وإنما قصد به الاستشفاء. رواة مسلم والبخاري , فعن علي قال : (( هديت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فبعث بها إلى فلبستها فعرفت الغضب في وجهه فقال : إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشقها خمارا بين النساء )) رواة البخاري ومسلم , سيراء : التي فيها خطوط كالسبور وهي البردة من الحرير أو الغالب فيها حرير وفسرت بغير ذلك . وعن عمر : (( إن النبي صلى الله علية وسلم نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة )) قال في الحجة البالغة :لأنه باب اللباس وربما تقع الحاجة إلا ذلك .


لبس الحرير المخلوط بغيره :
كما تقدم خاص بالحرير الخالص أما الحرير المخلوط بغيره فعند الشافعية أنه الثوب إذا كان أكثر من الحرير فهو حرام وإن كان نصفه فما دونه من الحرير فليس بحرام . قال النووي : أمنا المخلط من حرير وغيره فلا يحرم إلا أن يكون أكثر وزنا .

حكمة الإباحة للنساء :
وإنما استثنى النساء من هذا الحكم مراعاة لجانب المرأة ومقتضى أنوثتها وما فطرت علية من حب الزينة على إن يكون هما من زينتها إغراء الرجال وإثارة الشهوات وفي الحديث (( أيها امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية )) .


لباس المرأة المسلمة :
وقد حرم الإسلام على المرآة أن تلبس من الثياب ما يصف وما يشق عما تحته من الجسد ومثله ما يحدد أجزاء البدن وبخاصة مواضع الفتن ومنه الثديين والخصر والآلية ونحوها , وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : (( صنفان من أهل النار أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ( إشارة , وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : (( صنفان من أهل النار أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ( إشارة إلى الحكام الظلمة أعداء الشعوب ) ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الحنة ولا يجدن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) و إنما جهلن ((كاسيات )) لان الثياب عليهن ومع هذا فهن (( عاريات )) لان ثيابهن لا تودي وضيفة الستر لرقتها وشفتها فنصف ما تحته كا كثر ملابس النساء في هذا العصر , والبخت نوع من أنواع الإبل عظام الأسنمة شبة رؤوسهن بها لما وقعت شعورهن على أوساط رؤوسهن وكأنه صلى الله عليه وسلم بنظر من وراء الغيب إلى هذا الزمان الذي أصبح فيه لتصفيف شعور النساء وتجميلها وتنويع أشكالها محلات خاصة (( كوافير )) يشرف على غالبا الرجال يتقاضون على عملهم أبهظ الأجور وليس ذلك وحسب فكثير من النساء لا يكتفين بما وهبهن الله من شعر طبيعي فليجالا إلى شراء الشعر الصناعي المستعار تصله المرأة بشعرها وليبدو أكثر نعومة ولمعانا ومجالا ولتكون هي أكثر جاذبية وإغراء , والعجب في أمر هذا الحديث أتى ربط بين الاستبداد السياسي والانحلال الخلقي هذا و ما يصدقه الواقع فإن المستبدين يشغلون الشعوب عادة بما يقوي الشهوات ويلهي الناس بالمتاع الشخصي عن مراقبة القضايا العامة .







تشبه المرأة بالرجال :
وأعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن من المحظور على المرأة أن تلبس لبست الرجل ومن المحظور على الرجل أن يلبس لبسه المرأة ولعن المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ويدخل في ذلك المتشبهة في الكلام والحركة والمشية واللبس وغيرها , إن شر ما تصاب به الحياة وتبتلي به الجماعة هو الخروج على الفطرة والفسوق عن أمر الطبيعة والطبيعة فيها الرجل وفيها المرأة ولكل منهما خصائص فإذا تجنبت الرجل واسترجعت المرأة فذلك هو الاضطراب والانحلال , وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم ممن لعنهم في الله في الدنيا والآخرة وأمنت الملائكة على لعنتهم رجلا جعلهم الله ذكرا فأنت نفسه وتشبهت بالنساء وامرأة جعلها الله أنثي فتذكرت وتشبهت بالرجال .

اختلاف الأحكام الناتج من اختلاف الخصائص :
فللمرأة أحكام كما أن لها خصائص وللرجل أحكام كما أن له خصائص والقران الكريم والسنة النبوية على صاحبها افضل الصلاة و السلام عندما يشرعان للنساء أحكاما في كثير من الأشياء تختلف من أحكام الرجل إنما يلبيان بذلك نداء الفطرة ويلبيان حاجات هذه الحياة فالمرأة يجب أن تراعي أنوثتها والرجل يجب إن يراعي رجولته وموقف الإسلام من ذلك موقف صارم ولذلك نجد في هذا الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن المتشبهات من النساء بالرجال ,

الحجاب صوان لحياة المجتمع :
فمن هذه الأحكام التي شرعها الإسلام للمرأة الحجاب الشرعي الذي فرضه الله تعالى عليها في كتابه وعلى لسان رسوله الكريم ولم يشرع الله تعالى الحجاب للمرأة إلا لأجل صون كرامتها والحفاظ على عفتها وبالتالي إنما شرع الله الحجاب للمرأة لأجل صون حياة الرجل والمرأة جميعا فالله سبحانه لم يؤدب المرأة بالحجاب إلا بعد ما أدب الرجل بالواجبات الاجتماعية التي فرضها عليه فقد وجه الله الخطاب أولا إلى الرجل حيث قال عز من قائل : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يعلمون )) من سورة النور الآية (30) , والدين الإسلامي بعيد كل البعد عن المفارقات والتناقضات وليس من الأمر الطبيعي إن يفرض غض البصر وحسن الفرج على الرجال ومع ذلك لا يخرج الرجل من بيته إلا على طوفان من التعري الفاضح والتبرج الشائن لذلك كان إتباع هذا الأمر بالأمر التأديبي للنساء ضرورة لابد منها فنجد بعد ذلك قول الحق سبحانه : (( قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويخفضن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو إباءهن أو إباء بعولتهن أو أبناءهن أو أبناء بعولتهن أو أخونهن أو بني أخونهن أو بني أخوتهن أو نساءهن أو ما ملكت أيمنهن أو التبعين غير أولى آلا ربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورت النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا آيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) من سورة النور الآية (31) .إن الدين الإسلامي ليهدف إلى تنقية الشعور وإلى تطهير السلوك لذلك فرض هذه الآداب التي فرضها على الرجال والنساء .
غض البصر وحفظ الفرج :
فمن هذه الآداب غض البصر وحفظ الفرج فغض البصر أمر لابد منه إذا لا يمكن أن يحفظ الفرج إلا بغض البصر فحظ الفرج نتيجة حتمية لغض البصر ,ولذلك فرض الله على الرجال أن يغضوا من أبصارهم وفرض على النساء أيضاء أن يغضضن من أبصارهن فكما إن الرجال منتهون عن التطلع على النساء أو محاولة الإطلاع على ما يسترنه من محاسنهن ومفاتنهن تؤمر النساء كذلك بغض البصر لئلا يتطلعن إلى الرجال الأجانب , ويؤمرن كذلك ألا يبين زينتهن إلا ما ظهر منها , واختلف العلماء فيما ظهر من الزينة فقيل الوجه والكفان أي لا يباح للمرأة أن تبدي غير وجهها وكفيها وقيل ما ظهر من الزينة ظاهر الثياب ويجب عليها ستر وجهها وكفيها والقولان موجودان منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم جميعا , وإن كان فريق من العلماء يبيح للمرأة أن تكشف عن وجهها وكفيها فغنما يبيح ذلك مع أمن الفتنه أما مع فوق الفتنه فالمرأة مطالبة بأن تستر جميع جسمها سترا كاملا حتى وجهها وكفيها وكيف تأمن المرأة الفتنة وهي تخرج في وسط جمع غفير من الرجال فيهم كثير من الذين لا يخشون الله ولا يتقونه ؟؟؟

الإسلام ينظم الفطرة ولا يعاكسها :
وللمرأة بفطرتها تحب أن تبدو جميلة وتحب أن تظهر زينتها وهذا الجمال للرجل وتحب أن تغريه به فدين الإسلام لا يعاكس هذه الفطرة ولكنه ينظم هذه الفطرة, ولقد أباح للمرأة أن تتزين وأن تبين زينتها ولكن إبداء هذه الزينة مطلقا لشخص واحد وهو زوجها الذي هو شريك حياتها و الذي أباح أن يستمتع بكل محاسنها والذي أباح له منها ما لا يباح لآي شخص أخر حتى اقرب قريب إليها ويباح لها أن تبدي شئ من زينتها لذوى المحارم الذي لا يتأثرون بما تبديه لهم من زينتها , لذلك نجد في هذه الآية الكريمة ما يسمح للمرأة أن تبدي زينتها لوالدها ولوالد بعلها ولابنها ولابن بعلها ولا أخيها ولابن أخيها إلى أخر ما بينته الآية الكريمة من الرجال الذين يباح للمرأة أن تبدي لهم زينتها . وبجانب ذلك فإسلام يحرص كل الحرص على تطهير المشاعر وتنقية النفوس كما يحرس على تطهير السلوك زاجرا للمرأة على أن تثير خيال الرجل فخيال الرجل اتجاه المرأة يثير أي شي منها نبرة الصوت و جرسه الحلي ونفحة الطيب كل من ذلك يثير ويصيب خيال الرجل وقد يفعل فعلا يؤدي به إما إلى بلبلة فطرة وإما محاولة ارتكاب الفاحشة مع المرأة ولذلك قطع الإسلام على المرأة والرجل هذا الطريق بما فرضه من هذه الآداب .

وفي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و أزواج أصحابه أسوة :
يؤكد ذلك أيضاء قوله تعالى في خطابه للأزواج النبي صلى الله عليه وسلم : ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )) من سورة النور الآية (32) وإذا كان هذا الخطاب يوجه إلى نساء النبي مع علو قدرهن وعظم شانهن ومع احترام المؤمنين لهن واحترامهم للرسول صلى الله عليه وسلم و إكبارهم لهن لأنهن أمهاتهم فكيف سائر النساء ؟؟؟؟؟والخطاب موجة من الله إلى أمهات المؤمنين إنما يدل على أن الحجاب لم يقصد به إلا الطهارة والصون والعنة فتلك النساء الفاضلات اللواتي رفع الله من شأنهن وأعلى من قدرهن يفرض الله تعالى عليهن هذا الحجاب وينؤ من أنه أراد بذلك تطهيرهن فكيف يمكن الطهارة لغيرهن إلا بالتزام ذلك الحجاب الشرعي ؟؟؟ فالله تعالى يقول لهن ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلوة وءاتين الزكوة واطعن الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)) من سورة الأحزاب الآية ((32ـ33) , فيجب على النساء المؤمنات الصالحات القانتات أن يتأسين بأزواج الرسول الكريم وان يلزمن هذا الحجاب الشرعي الذي فرضه الله تعالى عليهن وأن يتأسين بنساء المهاجرين والأنصار , فقد تحدثت عنهن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وما كان منهن من استجابة لنداء الله تعالى والتزام لأمره مع أن فطرة المرأة تدعوها إلى أن تظهر زينتها وجمالها , فقد روي الأمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله تعالى : (( وليضربن بخمورهن على جيوبهن )) من سورة النور الآية (31) . وروى أبو داود عن صفية بنت شيبة أنها قالت : بينما نحن جلوس عند عائشة إذ ذكرن نساء قريش فقالت عائشة إن نساء قريش لفاضلات ولكم ما رأيت أفضل من نساء الأنصار إيمانا بكتاب الله تعالى وتصديقا بما أنزل لما أنز الله تعالى قوله (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) وأنقلب رجالهن إليهن يكون عليهن ما نزل من كتاب الله فكان الرجل يتلو على امرأته وعلى أخته وعلى ابنته وعلى كل ذي قرابة ما منهن امرأة إلا وقامت إلى مد طها الموجل فشقته فأصبحن وراء رسول الله معتجرات كأن على رؤسهن الغربان , وهذا المشهد الذي وصفته عائشة رضي الله عنها يتجلى واضحا في هذا العصر الحديث في تلك النساء اللواتي تطهرن من ادرأن الجاهلية الحديثة كما تطهرن نساء المهاجرين والأنصار من أحوال الجاهلية الأولى فكثير من النساء اللواتي وقر الأيمان في قلوبهن انقلبن في هذا الوقت خلاف ما كانت عليهن أمهاتهن وقر بناتهن من التبرج وقد ظهر ذلك في كثير من النساء المثقفات والفتيات العارفات والطالبات في الجامعات في البلاد الإسلامية , حتى في غير البلاد الإسلامية كثير من الفتيات المسلمات يلزمن الحجاب الشرعي ويخالفن هذه الجاهلية الحديثة كما خالفت نساء المهاجرين والأنصار من قبل تلك الجاهلية القديمة و آنا لنرجوا من الله تعالى أن يوفق جميع النساء المسلمات لسلوك هذا المسلك واتباع أمر الله والابتعاد عن طريق الشيطان الذي يحاول إضلالهن ويحاول أن يغويهن ويرميهن في المهلكة , ونجد في كتاب الله سبحانه ما يدل أيضاء على حكمة الحجاب فيما أنزل الله في سورة الأحزاب فاله تعالى قال : ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما )) الآية (59) , فالمرأة أن التزمت الحجاب الشرعي كان أدنى أن تعرف بأنها مؤمنة فلا تؤذى أي إيذاء , وقد ظهرت لك بارزة حتى في الواقع هذا ففي العام الماضي في مصر شكت فتاة إلى صديقتها أو زميلتها بأنها كلما مرت في طريق عاكسها الشباب فنصحتها صديقتها المتحجبة بأن تتحجب فتحجبت ولم يعاكسها الشباب بعد ذلك وهكذا فإن الذباب لا يقع إلا على النتن .

التلاعب بكرامة المرأة يولد الدمار :
والمتدبر لتاريخ المدنيات الزائلة والحضارات البائدة يجد أن سبب فناء تلك الحضارات هو التلاعب بكرامة المرأة وتسن لها بأن تخلع العذراء وأن تهتك الستر وأن تخرج عارية وكان ذلك في سبب أنها حضارة اليونان وبلاد فارس والرومان ,


أحكام تختص باللباس والحجاب :


أولا :صفة اللباس الشرعي للمسلمة :
(1)يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ساتر لجميع جسمها عن الرجال الذي ليسوا من محارمها ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وكفيها وقدميها .
(2)أن يكون ساترا لما وراءه فلا يكون شفافا يرى من وراءه لون بشرتها .
(3)ألا يكون ضيقا يبين حجم أعضائها ففي [ صحيح مسلم ] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( صنفان من أهل النار ولم أرهم : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )) , قال شيخ الإسلام أبن تيميه رحمة الله في [ مجموع الفتاوى ] وقد فسر قول الرسول الكريم : (كاسيات عاريات ) بأن تكتسي ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية مثل من تكتسي بالثوب الرقيق الذي يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل أردافها وساعدها وغير ذلك , و إنما كسوة المرأة ما يسترها قلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه واسعا نفيسا .
(4)ألا تتشبه بالرجال في لباسها فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال ولعن المترجلات من النساء وتشبهها بالرجل في لباسه : أن تلبس ما يختص بالرجال نوعا وصفة فيما عرف كل المجتمع بحسبه , وقال الشيخ أيضا فالفراق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء فالنساء مأمورات بالاستتار والتحجب دون التبرج والظهور ولهذا لم يشرح لها رفع الصوت الأذان ولا التلبية ولا الصعود إلى الصفاء والمروءة ولا التجرد من الاحترام إنما بتحرر الرجل فإن الرجل مأمور إن يكشف رآسة وألا يلبس الثياب المعتادة وهي التي تضع على قدر أعضاءه فلا يلبس القميص ولا السروال ولا البرنس ولا الخف ..........إلى أن قال : وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس , لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب فلا يشرع لها ضد ذلك لكن منعت أمن تتنقب وأن تلبس القفازين لأن ذلك لباس مصنوع من القدر العضو ولا حاجه بها إليه....... ثم ذكر أنها تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال ..... إلى أن قال في النهاية : وإذا تبين أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتشام والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبة لبس الرجال نهيت المرأة عنه إلى أن قال : فإذا أجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين والله اعلم .
(5)ألا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من النزل لئلا تكون من المتبرجات بالزينة .

ثانيا : الحجاب معناه وأدلته وفوائده :
الحجاب : معناه : إن تستر المرأة بدنها عن الرجال الذي ليسوا من محارمها كما قال الله تعالى : (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبا بعولتهن أو إخوانهن )) من سورة النور الآية (31) وقال تعالى : (( وإذا سألتموهن متاعا فسلوهن من وراء حجاب )) من سورة الأحزاب الآية(53) والمراد بالحجاب ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس ولفظ الآية وإن كان واردا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن حكم عامه لجميع المؤمنات ، لأن علمه عموم علته دليل على عموم حكمه وقال تعالى : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن )) من سورة الأحزاب الآية (59) , وقال الشيخ أيضا في الجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه أبن مسعود وغيره : الرداء وتسميه العامة : الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها وقد حكى أبو عبيده وغيرة : أنها تدنيه من مستوى رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن الجنة النقاب .
ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها : حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع الرسول الكريم محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه ) رواة احمد و أبو داود وأبن ماجه .
وأدلة وجوب ستر وجهها عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة وأعلمي أيتها الأخت المسلمة إن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء مع كون قولهم مرجوحا قيدوه بالأمس من الفتنه غير ما مؤنه خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الحياء وكثر فيه رعاة الفتنه فأحذري من ذلك أيتها الأخت المسلمة والزمي الحجاب الواقي من الفتنه بإذن الله ولا أحد من العلماء المسلمين المفسرين قديما وحديثا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه ومن النساء المسلمات قد يستعملن النفاق في الحجاب فإذا كن في مجتمع يلزم الحجاب احتجبن وإذا كن في مكان عام وإذا دخلن محلا تجاريا أو مستشفى أو كانت تكلم أحد صاغه الحلي أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها كأنها مع زوجها أو أحد محارمها فأتقن الله يا من تفعل ذلك ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يتحجبن غلا عند هبوط الطائرة في احد المطارات لا من المشروعات الدينية .
أيتها المسلمة : إن الحجاب يصونك من النظرة المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر ولا يقع عنك الأطماع المشهورة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شانه فإنها تريد لك الشر كما قال تعالى : ((ويريد الذين يبتغون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )) من سورة النساء الآية (27) .



فصل نكاح المشركات :



النكاح :
* تعريفة : ـ (1) لغة : النكاح لغة الضم والتداخل .
(2) اصطلاحا :
النكاح شرعا : العقد حقيقة والوطء مجازا .
وقيل : النكاح حقيقة في الوطء ومجاز في العقد

وقيل : النكاح حقيقة فيها الاشتراك ويتعين المقصود بالقرينة

عرفه بعض العلماء بقولة :
النكاح عقد يفيد حل استمتاع كل العاقدين بالآخر على الوجه المشروع.


·أنواع لأنكحه قبل الإسلام :
أن لأهل الجاهلية عدة أنواع من الأنكحه فلما جاء الإسلام رحمه للعالمين هدم ما يتنافى مع كرامة الإنسان وأمر النكاح الصحيح وقد بينت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنواع النكاح ما أنكح أهل الجاهلية فعن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله علية وسلم أخبرته (( أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء )) (1).
(1)فنكاح منها نكاح ناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل ولبنته أو لبنته فيصدقها فينكحها .
(2)نكاح أخر كان الرجل يقول لآمراته إذا اطهرت من طمثها أي حيضها : أرسلي إلى فلان فاستيضعى منه و ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا و إنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكل هذا النكاح نكاح الأستبضاع .
(3)نكاح أخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرآة كلهم فإذا حملت ووضعت تمر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع الرجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهوا أبنك يا فلان تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع به الرجل .
(4)النكاح الرابع : يجتمعن الناس كثر فيدخلون على المرآة ولا تمنع من جاءها وهن البقايا كان ينصبن على أبوابهن الرايات لتكون علما فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووصلت حملها جمعوا له ودعوا لهم القافه ـ وهم يعرفون شبة الولد بالوالد بالآثار الحقيقية ـ ثم الحق ولدها بالذي يرونه فالتا منه حب ـ الصفة ـ ودعي ابنه يمنع من ذلك فلما بعث محمد صلى اله عليه وسلم بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم .












ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه البخاري والفظ له أبو داود وغيرهما .
مشروعية النكاح في الإسلام وحكمته وحكمه :


النكاح مشروع في الكتاب وفي السنة والإجماع أما في كتاب الله فقوله عز وجل ((فأنكحوا من طاب لكم من النساء مثنى وثلث وربع )) ([23]) وقوله (( و أنكحوا الأيمىمنكم والصالحين من عبادكم وإماءكم )) ([24]) وأما في السنة فقولة صلى الله عليه وسلم (( يا معشر الشباب من تطاع من كم الباء فليتزوج فأنة أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعلية الصوم فإنه له )) ([25]). إي حصاء والباءة هي ( مؤن الزواج وتكاليفه وواجباته ومن الباءة النكاح نفسه إلى القدرة علية . واجمع المسلمون مشروع ورغبة الإسلام فيه أيما ترغيب وحض علية من وجد الاستطاعة إلية وقد تنوعت أساليب والبحث علية في الكتاب والسنة فتارة يخبر عنه عز وجل إنه من سنن الأنبياء والمرسلين وهم القدوة الحسنة لامتهم , فيقول سبحانه وتعالى (( ولقد أرسلنا رسلامنقبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية )) ([26]) , وعن أبى أيوب الأنصاري رضي الله عنه إن الرسول صلى الله عليه وسلم قــال : أربع مـن سنن المرسلين (( الحياء والتعطر والسلوك والنكاح))([27]) وتارة يتحدث عنه المولى عز وجل انه آيه من آيات الله فيقول سبحانه (( ومن ءايته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لأيت لقوم يتفكرون )) ([28]), و أحيانا يذكره الله عز وجل في معرض الامتنان به علينا حسب قوله تعالى (( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاوجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبت )) ([29]) وقد يحج الإنسان عن الزواج تخوفا من تحمل أعبائه والقيام بمسؤولياته ومما يترتب على ذلك من نفقات وقد يتردد وفقد يمتنع ولي المراه أيضا إذا تقدم إليه رجل فقير ليتزوج ولو كان صالحا خوفا عليها من بؤس الفقر وشطف العيش فيخبرنا عز وجل أن الزواج يسبب الرزق ليستأصل مثل هذه الأفكار الخاطئة التي تدل على عدم اليقين الراسخ بتكلفة الله عز وجل أرزاق العباد فيقول سبحانه (( و أنكحوا الايمى منكم والصالحين من عبادكم وإماءكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله واله واسع عليم )) ([30]) , وعن أبى هريرة رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف وفي بعض الروايات هذا الحديث (( ثلاثة حق على الله أن يغنيهم واخبر عليه السلام (( أن الدنيا متاع وخير متاعها المرآة الصالحة فعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أن الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرآة الصالحة )) ([31]) وأمر عليه السلام أمته بالزواج من الودود الولود ليكاثر بأمته الأمم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة )) ([32], والإنسان تعتريه عوامل نفسية شتى فيخيل إلية في بعض الأوقات حينما تغمره المشاعر الروحية والسمو النفسي وجب الانقطاع لله سبحانه وتعالى في كل شأن من شؤون الحياة أن الزواج من القواطع الشاغلة للإنسان عن التفاني في العبادة فيقرر الابتعاد عنه كما حصل ذلك مع بغض أصحاب الرسول صلى الله علية وسلم حين قرر أحدهم أن يصلي الليل فلا يرقد وقرر الأخر أن يصوم الدهر فلا يفطر وقرر الثالث أن يعتزل النساء فلا يتزوج فيبن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا الصنيع خلاف لسنه صلى الله عليه وسلم ثم قال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله أني أخشاكم لله واتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد و أتتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني )) (11) , وعظم الإسلام شأن الزواج فجعله شطر الدين لأنه يعين على الطهر والتقاء والعفاف فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من رزقه الله أمراه صالحة فقد أعانه على شطر الدينة فليتق الله في الشطر الباقي )) (12).

·من المحرمات :
المشركة وهي التي تعبد الأوثان كمشركات الغرب ومن شابههن .
قال تعالى : (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة المؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدون إلى النار والله يدعو على الجنة والمغفرة بإذنه )) (1) .
بينت الآية لا يجوز للمسلم أن يتزوج من مشركة , كما لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من مشرك للاختلاف الشاسع بين الدينين فهؤلاء يدعون إلى الجنة , و أولئك يدعون إلى النار هؤلاء مؤمنون بالله وبالنبوة وبالآخرة وأولئك مشركون بالله منكرون النبوة جاحدون بالآخرة والزواج سكينة ومودة ورحمة فكيف يلتقيان هذان الطريقان المتباعدان ؟
اتفق العلماء على أنه لا يحل للمسلم أن يتزوج الوثنية ولا الزندقية ولا المرتدة عن الإسلام , ولا المعتقدة لمذاهب الإباحية كالوجودية ونحوها من المذاهب الملحدة .
سورة البقرة الآية 221وسببب نزولها [1] قال مقاتل : نزلت هذه الآية في أبي مرثد الفنوي , وقيل في مرثد بن أبي مرثد : واسمه كناز بن حصين الفنوي . بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة سرا ليخرج رجلا من أصحابه وكانت له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية يقال لها ((عناق)) فجاءته فقال لها : عن الإسلام حرم ما كان في الجاهلية قالت : فتزوجني قال : حتى استأذن رسول الله فأتى إلى الرسول فأستأذنه , فنهاه عن التزوج بها لأنه مسلم وهي مشركة وروى السدي عن أبن عباس رضي الله عنهما قال أمن هذه الآية نزلت في عبد الله بن رواحه وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم أنه فزع فأتى إلى الرسول فأخبره خبرها : فقال له الرسول : (( ما هي يا عبد الله )) ؟ قال : هي يا رسول الله تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا اله إلا الله وانك رسول الله فقال : (( يا عبد الله هي مؤمنه )) قال عبد الله : فو الذي بعث بالحق لأعتقها ولأتزوجها ففعل , فطعن عليه الناس من المسلمين ؛ فقالوا أنكح أمة ؛ وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أنسابهم فأنزل الله (( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )) قال في الهفني, وسائر الكفار غير أهل الكتاب كمن عبد ما أستحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم . قال : و المرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت .
لم يقف الإسلام عند إعلان مبادئ العدل والمساواة بين الناس بل أبقاها بالتطبيق العملي وتربيه الأمة عليها وفيها يظهر لون من ألوان هذه التربية الكريمة التي يحطم فيها الإسلام قيم الجاهلية في النفوس علميا ويغرس فيها القيم الإسلامية من خلال تزهيد المسلمين بنكاح المشركة ولو كانت ذات حسب ونسب وترغيبهم في الزواج من المؤمنة واو كانت أمة . كذلك تحريم المؤمنة للمشرك مهما كان حسبة ونسبة والترغيب في التزويج المؤمن ولو كان عبدا وذلك ليغرس في النفوس أن قيمة العقيدة والدين أعظم من قيمة المال و الكسب وشرح أية البقرة 221 إي (( لا تتزوجها أيها المؤمنون المشركات حتى يؤمن بالله واليوم الأخر ولأمة مملوكة مؤمنة بالله ورسوله أفضل من مشركة وإن أعجبتكم المشركة بجمالها ومالها وحسبها ونسبها ولا تزوجوا المشركين من بناتكم المؤمنات حتى يؤمنوا بالله ورسوله ولأن تزوجوهن بعبد مؤمن خير لكم من أن تزوجوهن من مشرك مهما أعجبكم حسبة ونسبة وماله فأن هؤلاء المشركون والمشركات يدعونكم إلى ما يؤدي بكم إلى النار والله يدعوا إلى العمل الذي يدخلكم إلى الجنة .جاء تفسير أية ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من أمة مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آيته للناس لعلهم يتذكرون )) وقد جاء في تفسير أبي السعود على النحو التالي :
(( انتفاء مقدمها ( ولا تنكحوا المشركات ) إي لا تتزوجوهن و قرء يضم النساء من الانكاح أي تزوجوهن من المسلمين ( حتى يؤمن) والمراد بهن أما ما يعم الكتابيات أيضا حسب ما يقتضيه العموم لقولة تعالى : (( وقالت اليهود عزيز أبن الله وقالت النصارى المسيح أبن الله ... إلى قوله تعالى عما يشركون )) فأية منسوخة بقولة تعالى (( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وأما غير الكتابيات فهي ثابتة)) , وروى أن رسول الله بعث مرثد بن أبي مرثد الفنوي إلى مكة ليخرج ناسا من المسلمين وكان يهوى امرأة في الجاهلية أسمها عناق فأتته فقالت ألا تخلو فقال وعيك إن الإسلام حال بيننا فقالت هل لك أن تتزوج بي قال نعم ولكن أرجع إلى رسول الله فستأمره فأمره فنزلت ( ولأمه مؤمنه ) تعليل لنهي عن مواصلتهن والترغيب بمواصلة المؤمنات صدر بلام الابتداء السببية بلام القسم في إفادة التأكيد مبالغة في الحمل على الازدجار وأصل أمه ( آمو ) حذفت لامها واو أرجو عنها في الجمع قال الكلابي (( أما الإماء يدعو ولدا إذا تدعى بنو الأموات بالعار وظهورها في المصدر يقال هي أمه بينة الأمومة وأقرت له بالأموه وقد وقعت مبتداء لما فيها من لام الأبتداء والوصف إي (( ولامه مؤمنه )) مع مآبها من خساسه الرق وقلة الخطر (خبر ) يمس بالدين والدنيا ( ومن مشركة ) إي آمراه مشركة مع مسلما من شرف الحرية ورفعة الشأن ( ولو أعجبتكم ) قد مر أن لكلمه في أمثال هذه المواقع ليست لبيان انتقاء الشي في الماضي لانتقاء غيرة فيه فلا يلاحظ لما جواب قد حذف بدلالة ما قبلها عليه من انصباب المعنى على بقديرة بل هي لبيان تحقق ما يفيد للكلام السابق من الحكم على كلا الحال مفروض من الأحوال المقارنة له على الأجمال بإدخالها على أبعادها منه وأشدها منافاة له ليظهر بثبوته مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشي منى تحقيق مع المنافي في القوى فلأن يتحقق مع غيره أولى و لذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفي عنه بذكر الواو العاطفة للجملة . ( ولا تنكحوا المشركين ) من الانكاح والمراد بهم الإنكار على الإطلاق لما مرآي , لا تتزوجوا منهم المؤمنات سواء كن (حرائر أو إماء ) ( حتى يؤمنوا ) ويتركوا ما هم فيه من كفر ( ولعبد مؤمن ) مع مآبه من ذلك المملوك ( خير من مشرك ) مع ماله من غز المالكية ( ولو أعجبكم ) بما فيه من دواعي الرغبة فيه الراجعة إلى ذاته وصفاته ( أولئك ) استئناف مقرر لمضمون المتعاليين المارين أي أولئك المذكورون من المشركات والمشركين ( يدعون ) من بقائهم ( إلى النار ) أي إلى ما يودي إلى الكفر والفسوق فلابد من الاجتناب عن مقاربتهم ( والله يدعوا ) بواسطة عبادة المؤمنين يقارنهم (إلى الجنة والمغفرة ) إي إلى الاعتقاد الحق والعمل الصالح المواصلين إليهما وتقديم الجنة على المغفرة مع إن حق التحلية أن تقدم على التحلية لرعاية مقابلة النار ابتداء ( بإذنه ) متعلق إي يدعو ملتبسا بتوفيقه الذي جملة بإرشاد المؤمنين لمقارنيهم إلى الخير وتضحيتهم فهم أحقا بالمواصلة ( ويبين آياته ) المتمثلة على الأحكام الفائقة والحكم الرائق (( للناس لعلهميتذكرون ) أي لكي يتذكروا ويعملوا بما فيها فيقرنونها بما دعوا إلية من الجنة والغفران )) (2) ,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1)من سورة البقرة الآية (221)
المصادر : كتاب الحلال والحرام في الإسلام ـ تأليف الدكتور شيخ يوسف القرضاوي ـ ص 178 . كتاب فقه السنة .
2- نقل هذا النص من كتاب تفسير أبي السعود ( المجلد الأول الصفحة رقم : 220ـ 221ـ222.



ومن حكم التشريع :
لقد حرم الإسلام زواج المسلم بالمشركة وتزويج المسلمة بالمشرك وذلك راجع إلى حكم عظيمة منها :
(1)أ يتم التعاون بين الرجل والمرآة على إنشاء الأسرة مسلمة وتربية الأولاد تربية إسلامية .
(2)مقاطعة المشركين حتى لا يكون بينهم وبين المسلمين مصاهره ولا تعاون.
(3)تقوية الروابط الإيمانية وإشاعتها في المجتمع .





























الأستفاده
-التعاون والتساوي بين الجماعة الإسلامية وهذا ما نتحقق في عمل بحثنا هذا .
-الإسلام يبين اليسر وليس عسر
-كرامة المرأة المسلمة في أعظم منحه وحققها لها الإسلام
-السعادة الدنيوية لدى المسلمين تكون بالتزام كل من الطرفين الوحل والمرأة بحقوقهم وواجباتهم .
-المرأة لؤلؤه مصانة في الدين الحنيف.
-سلامة المجتمع تكون سلامه المرأة ضمان عدم خروجها عن قاعدة هذا الدين الحنيف.
-تقوم المرأة مصانة في ظل النظم الإسلامية
-الحجاب الشرعي هو عنوان المرأة المسلمة في المحافل الدولية .
-ليس المرأة هو كشف عن شخصيتها أو النيل على كرامتها أو حقارتها .
-نكاح المشركات فساد للمجتمع الإسلامي وضياع الأبناء وسط سحابة الفجور الغربي.
-المرأة لا تسافر إلا لعذر شرعي.
-الإسلام حافظ على المرأة في حلها وترحالها.
-الزواج رابط مقدس يربط الرجل والمرأة.
-تحريم زواج الرجل بالمشركة.
-أساس الأسرة المسلمة التقوى والأيمان.
-نور الإسلام حطم قيم الجاهلية وتبين قيمة الإنسان .
-لا يجوز للمرأة المسلمة ولا للمسلم أن يتزوجوا كافر أو كافرة .
-تكريم الإسلام للمسلمين وذلك لأنه فضل على المرأة المسلمة أن تتزوج عبد مملوك وهو مسلم عن ملك كافر .
-اشتراط الله من المسلم أن لا يتزوج كافرة إلا بعد تؤمن ذلك فيه محافظة على الإسلام من الضعف والانقسام : فإذا تزوج المسلم من كافره فإنه سيتأثر بعاداتها وتقاليدها ودينها أيضا أطفاله الذين سيتأثرون بشكل كبير جدا بعادات أمهم الكافرة التي تنافي مع عادات الإسلام وربما النقير حجه السلبية من زواج المسلم من كافره هو أن يترك إسلامه ويلتحق بدين زوجته.
-الله تعالي يخبر المسلم بين الجنه في طاعته وأتباع أوامره سبحانه وتعالي ، أو النار إذا عصى الله تعالي.
-تكريم الله تعالى للمرأة المسلمة فلإسلام بفضل على المسلم أن يتزوج من مملوكة مسلمة خير من ملكة وهي كافره.
-رسالة المرأة الحقيقة في المجتمع في المجتمع تربية الأسرة وتنشئها وفق أحكام الإسلام ومبادئه.
-سفر أعداد وحدها مخالف للإسلام ويترتب عليه أثم يلحق بها .
-الخفوه بالمرأة الأمنية حرام في الإسلام
-النكاح في الجاهلية كان على أربع أنحاء لا أساس لها من الصحة .
-تحطيم الإسلام الأفكار الجاهلية الهدامة.
-الزوجية في الإسلام لت مسؤوليات من حيث النفقة وتحمل أعبائه.
-تعظيم الإسلام لشأن الزواج وجعله شطر الدين.
-الزواج السبب في الطهر والنقاء والعفاف.



الختام :
فمع الأسف الشديد فإن الكثير من الذين يسوئون إلى الأدب في المجتمعات الإسلامية يحاولوا أن يسخروا مواهبهم في تضليل المرأة وفي إخراجها من بيتها و أزالتها من مكانتها التي قواها الإسلام أيضاء وذلك لان هذا النوع من الرجال لا هم لهم إلا إرضاء شهواتهم وإشباع غريزتهم وهم يحاولون لأن يضلوا المرأة ليكون هذا التضليل وسيلة من وسائل استقلال المرأة لإشباع شهوة الرجل المنهزم , فما اجدر بنا جميعا أن نقف مواقف الحذر من هولا وما أجدر الفتيات المؤمنات أن يدرسن لينتهن وأن يتمسكن بكتاب ربهن وسنه نبيهن ولهن في نساء المهاجرين و الأنصار أسوة حسنه , وما أجدر الأباء والأمهات أن يراعوا حقوق بناتهن وأن يحفظن لهن شرفهن وكرامتهن وأن يحذرا كل الحذر أن يرزأن في عفافهن وفي شرفهن فذلك الذي ندعو به الأباء والأمهات والمدرسين والمدرسات .

وأسال الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه و يرضاه وأن يجعل الغيرة في قلوب رجال المسلمين والحياء في نفوسهم وفي وجوه نساءهم وأن يأخذ بأيدينا إلى كل تيسير من أمور الدنيا والآخرة وأن يصرف عنا كل شر من شرورهما وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وصحبه أجمعين .

الخـــــــاتمة :
الحمد لله الذي أنعم على عباده بنعمة الصحة والعافية والعلوم الكافية " أليس الله بكاف عبده"
بلى يا رب فأنت المنعم ومنك النعم لك الفضل والمنه ومنك الخير كله والنعمة وأعظمها من نعمة نعمة الإسلام تليها نعم الصحة والأمان ولكل نعمة ما يحفظها التوحيد واجتناب المعاصي ونعمة الصحة يحفظها الاقتصادي في المأكل والمشرب والحميه عن المعاصي ودوام الرياضة والسعي والحركه فإن فيها الرزق والبركة .

وإن ثمة أمر هام في حياتنا أنه مهما وصلنا إلى أو حتى العلوم فأننا لا نصل إلى القدر ألازم ويبقى الطموح والجد والاجتهاد وهو سبيل الإنسان وغايته في هذه الحياة.
ونحن كذاك مهما عملنا ومهما تعلمنا فأننا بعيدين عن القدر وهو سبيل اللأزم ولن نعطيه حقه وأننا لن نصل إلى ذلك المنصب الذي تعنينا به أنفسنا إلا إذا اجتهدنا وعملنا بجد ومثابرة في كل عمل من أعمال حياتنا وفي كل هدف وطريق تطمح إليه نفوسنا .
وهذا البحث الذي عملنا هو ثمرة من ثمار علمنا واطلاعنا .
أرجو أن ينال على إعجاب كل من قراءه وتصفح صفحاته
وفي الختام لا يسرنا إلا أن نهديكم أصدق تحياتنا وأمنينا لكم بالأستفاده ولأفاده .

هذا ولكم جزيل الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] - سورة النحل الآيتان 58-59

[2]-سورة التكوير الآيتان 8-9

[3]- سورة النحل الآية 97

[4]- سورة الأحزاب الآية 73

[5]- سورة النساء الآية 19

[6]- سورة النساء الآية 7

[7]- سورة النساء . الآية ( 5)

[8]- سورة النساء الآية ( 19)

[9]- سورة النساء الآية ( 4)

[10]- سورة النساء . الآية ( 27)

[11]- الآية . 10 من سورة التحريم

[12]- الأية 11 من سورة التحريم .. ولأبن القيم النفاته جميلة في تقديم ( عندك ) على بيتاً في الجنه ) إذ قال إن إمرأة فرعون قد طلبتت الجوار على الدار.

[13]- الآية 117 من سورة طه

[14]- الآية 72 من سورة النحل

[15]- آيه 23 من سورة القصص


[16]- آيه 24 من سورة القصص

[17]- سورة الأحزاب الآية (59)

[18]- الأمر في القرآن الكريم للجنسين معا وكليف لها " قل للمؤمنين غضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أذكر لهم أن الله خبير بما يصنعون " وقل للمؤمنات يغضن أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها"

[19]- رواة الجماعة

[20]-رواة الجماعة النسائي والبخاري

[21]- متفق عليه

[22]- الجوهري في صحاحه

[23]-الآية (3) من سورة النساء

[24]- الآية ( 32) من سورة النور

[25]- الآية (38) من سورة الرعد

[26]- الآية ( 21 ) من سورة الروم

[27]- الآية (72 ) من سورة النحل المرجع السابق

[28]- الآية ( 32) من سورة النور

[29]- أخرجة النسائي وأحمد وغيرهم

[30]- أخرجة أبو داود و النسائي وأبن حيان وأحمد وغيرهم

[31]- أخرجة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأبن ماجة وغيرهم

[32]- أخرجة النسائي وأحمد وغيرهم

 

 

رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:51 AM   رقم المشاركة : 2
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

الزكاة في الإسلام




تعريف الزكاة

الزكاة لغة هي‏
البركة والطهارة والنماء والصلاح‏.‏ وسميت الزكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه‏, ‏ وتقيه الآفات‏, ‏ كما قال ابن تيمية‏:‏ نفس المتصدق تزكو‏, ‏ وماله يزكو‏, ‏ يَطْهُر ويزيد في المعنى‏.‏
والزكاة شرعا هي‏‏
حصة مقدرة من المال فرضها الله عز وجل للمستحقين الذين سماهم في كتابه الكريم‏, ‏ أو هي مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة‏, ‏ ويطلق لفظ الزكاة على نفس الحصة المخرجة من المال المزكى‏.‏ والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم‏)‏ ‏(‏التوبة ‏103‏‏)‏ وفي الحديث الصحيح قال صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏(‏أعْلِمْهُم أن اللّه افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم‏.‏‏)‏ أخرجه الجماعة‏.‏
حكم الزكاة‏
هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة‏,‏ وعمود من أعمدة الدين التي لا يقوم إلا بها‏, ‏ يُقاتَلُ مانعها‏, ‏ ويكفر جاحدها‏, ‏ فرضت في العام الثاني من الهجرة‏, ‏ ولقد وردت في كتاب الله عز وجل في مواطن مختلفة منها قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين‏)‏ ‏(‏البقرة ‏43)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم‏)‏ ‏‏(‏المعارج ‏24‏‏‏/‏‏25)‏‏.
حكمة مشروعيتها
أنها تُصلح أحوال المجتمع ماديًا ومعنويًا فيصبح جسدًا واحدًا‏, ‏ وتطهر النفوس من الشح والبخل‏, ‏ وهي صمام أمان في النظام الاقتصادي الإسلامي ومدعاة لاستقراره واستمراره‏, ‏ وهي عبادة مالية‏, ‏ وهي أيضا سبب لنيل رحمة الله تعالى‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏)‏ ‏(‏الأعراف ‏165‏‏)‏‏, ‏ وشرط لاستحقاق نصره سبحانه‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز‏, ‏ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏)‏ ‏(‏الحج ‏40‏‏, ‏ ‏41‏‏)‏‏, ‏ وشرط لأخوة الدين‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين‏)‏ ‏(‏التوبة ‏11‏‏)‏‏, ‏ وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم‏)‏ ‏(‏التوبة ‏71‏‏)‏‏, ‏ وهي من صفات عُمّار بيوت الله‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله‏)‏ ‏(‏التوبة ‏18‏‏)‏‏, ‏ وصفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس‏, ‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏والذين هم للزكاة فاعلون‏)‏ ‏(‏المؤمنون ‏4‏‏)‏.
مكانة الزكاة‏
وبينت السنة مكانة الزكاة فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله‏, ‏ وأنّ محمدًا رسول الله‏, ‏ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة‏.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏, ‏ وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, ‏ والنصح لكل مسلم‏.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏, ‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏بني الإسلام على خمس‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله‏, ‏ وأن محمدًا رسول الله ‏, ‏ وإقام الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, ‏ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا‏, ‏ وصوم رمضان‏.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏.‏
حكم منع الزكاة والترهيب من منعها‏
من أنكر وجوب الزكاة خرج عن الإسلام ويستتاب‏, ‏ فإن لم يتب قتل كفرا‏, ‏ إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام‏, ‏ فإنه يعذر لجهله بأحكامه ويبين له حكم الزكاة حتى يلتزمه‏, ‏ أما من امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه يأثم بامتناعه دون أن يخرجه ذلك عن الإسلام‏, ‏ وعلى الحاكم أن يأخذها منه قهرا ويعزره ولو امتنع قوم عن أدائها مع اعتقادهم وجوبها وكانت لهم قوة ومنعة فإنهم يقاتلون عليها حتى يعطوها .
ودليل ذلك ما رواه الجماعة عن أبي هريرة قال‏:‏ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏, ‏ وكان أبو بكر‏, ‏ وكفر من كفر من العرب‏, ‏ فقال عمر‏:‏ ‏(‏كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله‏, ‏ فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله تعالى؟ فقال‏:‏ والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة‏, ‏ فإن الزكاة حق المال‏, ‏ والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها‏.‏ فقال عمر‏:‏ فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق‏
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار‏, ‏ فأُحْميَ عليها في نار جهنم‏, ‏ فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره‏, ‏ كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بين العباد‏, ‏ فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار‏.‏‏)‏ رواه مسلم‏.‏
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏, ‏ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مُثِّلَ له يوم القيامة شُجاعا أَقْرع حتى يُطَوّقَ به عنقه‏.‏‏)‏ ثم قرأ علينا النبي صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله ‏(‏ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة‏)‏ ‏(‏آل عمران ‏180‏‏)‏‏, ‏ حديث صحيح‏, ‏ رواه النسائي وابن خزيمة وابن ماجة واللفظ له‏.
وعن علي رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكلَه‏, ‏ وشاهدَه‏, ‏ وكاتبَه‏, ‏ والواشمةَ‏, ‏ والمستوشمةَ‏, ‏ ومانع الصدقة‏, ‏ والمُحَلِّلَ‏, ‏ والمُحَلَّلَ له‏.‏‏)‏ حديث حسن رواه أحمد والنسائي‏.‏


شروط الزكاة
فرضت الزكاة في المال ووضعت لها شروط بتوافرها يكون المال محلا لوجوب الزكاة‏, ‏ وهذه الشروط شرعت للتيسير على صاحب المال‏, ‏ فيخرج المزكي زكاة ماله طيبة بها نفسه‏, ‏ فتتحقق الأهداف السامية التي ترمي إليها فريضة الزكاة‏, ‏ وهذه الشروط هي‏:‏


الملك التام
النماء حقيقة أو تقديرا
بلوغ النصاب
الزيادة عن الحاجات الأصلية
حولان الحول
منع الثِّنَى في الزكاة

الملك التام
هو قدرة المالك على التصرف بما يملك تصرفا تاما دون استحقاق للغير‏, ‏ لأن الزكاة فيها معنى التمليك والإعطاء لمستحقيها فلا يتحقق ذلك إلا من المالك القادر على التصرف‏, ‏ فلا زكاة في مال الضمار وهو ما غاب عن صاحبه ولم يعرف مكانه‏, ‏ أو لم يقدر على الوصول إليه‏.
وقد روي عن عدد من الصحابة‏:‏ لا زكاة في مال الضمار‏, ‏ ولا في مؤخر الصداق لأنه لا يمكن للمرأة التصرف فيه‏, ‏ ولا زكاة في الدين على معسر‏, ‏ لكن إذا قبض شيئا من ذلك زكاه عن سنة واحدة فقط ولو أقام غائبا عن صاحبه سنين‏, ‏ أو بقي الصداق في ذمة الزوج أو الدين على المعسر سنين‏.‏
النماء حقيقة أو تقديرا
بمعنى أن يكون المال ناميا حقيقة أو تقديرا‏, ‏ ويقصد بالنماء الحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارة‏, ‏ ويقصد بالتقديري قابلية المال للزيادة‏, ‏ وذلك في الذهب والفضة والعملات‏, ‏ فإنها قابلة للنماء بالمتاجرة بها فتزكى مطلقا‏, ‏ أما عروض القنية فلا تزكى لعدم النماء لا حقيقة ولا تقديرا‏.‏
بلوغ النصاب
النصاب مقدار من المال معين شرعا لا تجب الزكاة في أقل منه‏, ‏ وإن من الشروط الواجب توافرها في الأموال الخاضعة للزكاة بلوغ النصاب‏, ‏ وينطبق على النقود والذهب والفضة وعروض التجارة والأنعام‏, ‏ وفي ذلك ورد في الحديث النبوي‏:‏ ‏(‏أن الذهب لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ عشرين دينارا فإذا بلغ عشرين دينارا ففيها نصف دينار‏, ‏ والورِق - أي الفضة - لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم‏)‏‏.
‏ ونصاب الذهب عشرون مثقالا وتساوي ‏(‏‏85‏‏)‏ جراما من الذهب الخالص‏, ‏ ونصاب الفضة مائتا درهم وتساوي ‏(‏‏595‏‏)‏ جراما من الفضة الخالصة‏, ‏ والنصاب في زكاة عروض التجارة هو ما قيمته ‏(‏‏85‏‏)‏ جراما من الذهب الخالص‏, ‏ وللأموال الزكوية الأخرى أنصبتها‏, ‏ ويخضع للزكاة مقدار النصاب وما زاد عنه‏, ‏ أما ما دون النصاب فليس وعاءً للزكاة وهو معفو عنه‏, ‏ ويكفي أن يكتمل النصاب في طرفي الحول‏, ‏ ولا يضر نقصانه أو انعدامه خلال الحول‏, ‏ ويضم المستفاد من المال خلال الحول إليه عند الحنفية والمالكية وهو أيسر في التطبيق وأبعد عن التعقيد ولقد أخذ به جمهور الفقهاء‏.‏
أثر الخلطة في النصاب والقدر الواجب إخراجه‏
الخلطة هي أن يعامل المال المملوك لاثنين أو أكثر معاملة المال الواحد بسبب الاتحاد في الأوصاف والظروف‏, ‏ كوحدة المرعى والسقي والإيواء في الغنم‏, ‏ ووحدة الأعباء والإجراءات والتصرف في أموال الشركات‏, ‏ وقد ثبت مبدأ الخلطة في زكاة الأنعام‏, ‏ وأخذت به بعض المذاهب في غير الأنعام كالزروع والثمار‏, ‏ والنقود‏, ‏ فينظر حينئذ إلى أموال الشركاء كأنها مال واحد من حيث توافر النصاب وحساب القدر الواجب إخراجه من الزكاة ففي النصاب مثلا‏:‏ يتحقق النصاب في أغنام مملوكة لثلاثة‏, ‏ لكل منهم ‏15‏ شاة‏, ‏ لأن المجموع ‏45‏ شاة وهو أكثر من النصاب الذي هو ‏(‏‏40‏‏)‏ شاة‏, ‏ فيجب إخراج شاة واحدة‏, ‏ ولو نظر إلى مال كل منهم على حدة لما اكتمل النصاب ولما أخذت منهم زكاة‏.‏
الزيادة عن الحاجات الأصلية
العروض المقتناة للحاجات الأصلية مثل دور السكنى وأدوات الحرفة وآلات الصناعة ووسائل المواصلات والانتقالات - كالسيارة - وأثاث المنزل‏, ‏ لا زكاة فيها‏, ‏ وكذلك المال المرصد لسداد الدين على تفصيل يأتي في موضعه‏, ‏ فإن المدين محتاج إلى المال الذي في يده ليدفع عن نفسه الحبس والذل‏, ‏ ولذلك فلا زكاة في الأموال المرصدة للحاجات الأصلية‏.‏




حولان الحول
هو أن ينقضي على بلوغ المال نصابا اثنا عشر شهرا بحساب الأشهر القمرية‏, ‏ وإذا تعسر مراعاة الحول القمري - بسبب ربط الميزانية بالسنة الشمسية- فإنه يجوز مراعاة السنة الشمسية على أن تزاد النسبة المئوية الواجب إخراجها وهي‏:2.5%‏ لتصبح 2.577 مراعاة نسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية عن السنة القمرية‏‏
ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وآتوا حقه يوم حصاده‏)‏ ‏(‏الأنعام ‏141‏‏)‏ كما لا يشترط كذلك الحول في زكاة المعادن والركاز باتفاق الفقهاء‏‏

منع الثِّنَى في الزكاة
إذا زكى المال ثم تحول إلى صورة أخرى مغايرة له‏, ‏ كالمحصول الزراعي إذا زكى ثم بيع بثمن‏, ‏ أو الماشية التي زكيت ثم بيعت بثمن فالثمن الناشئ من بيع مال يزكى إذا حصل خلال الحول لا يزكى عند حولانه لأن ذلك يؤدي إلى تكرار الزكاة خلال حول واحد للمال نفسه في الواقع وهو منفي بالحديث الشريف ‏(‏لا ثِنَى في الصدقة‏)‏ متفق عليه‏.‏
الأموال العامة والموقوفة والخيرية
لا تجب الزكاة في المال العام‏, ‏ لأنه مملوك لعامة الناس والأمة ومنهم الفقراء‏, ‏ فلا يختص به مالك معين‏, ‏ ولا جدوى من أخذ الدولة الزكاة من نفسها لتعطي نفسها وكذلك لا تجب الزكاة في المال الموقوف على جهات عامة كالفقراء أو المساجد أو اليتامى وغير ذلك من أبواب الخير والبر العام‏, ‏ وذلك لحين تعين مالك الأموال الموقوفة أي عدم حصر ملكيتها في مالك معين‏, ‏ ولا زكاة أيضًا في أموال الجمعيات والصناديق الخيرية لأنها لجماعة الفقراء‏, ‏ ومصارفها من أصحاب الحاجة‏, ‏ ومالكها ليس محصورًا أو متعينًا‏.‏
ما تجب فيه الزكاة :
زكاة النقود ( الذهب و الفضة و العملات ) و الحلي و ما في حكمها
عروض التجارة و الصناعة
الزروع و الثمار
الأنعام و الثروة الحيزانية
الثروة المعدنية

زكاة النقود ‏(‏الذهب والفضة والعملات‏)‏

تعريف النقود‏:‏
المراد بالنقود جميع العملات الورقية والمعدنية سواء كانت عملة بلد المزكّي أم عملة بلد آخر‏.‏
وجوب الزكاة في النقود‏:‏
وجوب الزكاة في النقود ثابت بالكتاب والسنة والإجماع, أما الكتاب فقوله تبارك وتعالى‏:‏ ‏(‏والذين يكنزون الذهب والفضة ولا يُنفقونها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فبشّرهم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ, يوم يُحْمَى عليها في نار جهنم فتُكوَى بها جباهُهم وجنوبُهم وظُهُورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون‏)‏‏(‏التوبة ‏34‏- ‏35‏‏)‏
وأمَّا السنة فقوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما أُدّيت زكاتُه فليس بكنز‏)‏ أخرجه الحاكم وصححه الذهبي, وكذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها, إلا إذا كان يوم القيامة صُفّحت له صفائح من نار, فأحمي عليها في نار جهنم فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره‏)‏ رواه مسلم‏.‏
وأجمع المسلمون في كل العصور على وجوب الزكاة في النقدين ‏(‏الذهب والفضة‏)‏ وقيس على ذلك سائر العملات, لأنها ثبتت لها أحكام الذهب والفضة, وقد جاء في ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم ‏9‏ دورة ‏3‏ ونصه‏:‏ ‏(‏العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة, ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما‏)‏


نصاب زكاة النقود
بلوغ المال النصاب وهو المقدار الأدنى الذي حدده الشرع, بحيث لا تجب الزكاة في المال إذا قل عنه, فإذا بلغه المال وجبت فيه الزكاة‏.‏
ونصاب الذهب والعملات الذهبية هو ‏(‏‏20‏‏)‏ عشرون مثقالا وتعادل ‏(‏‏85‏‏)‏ جراما من الذهب الخالص ‏(‏والمثقال يعادل ‏4.25‏ جراما‏)‏
ونصاب الفضة والعملات الفضية ‏(‏‏200‏‏)‏ مائتا درهم, وتعادل ‏(‏‏595‏‏)‏ جراما من الفضة الخالصة ‏(‏والدرهم يعادل ‏2.975‏ جراما‏)‏
وقد نص قرار مجمع البحوث الإسلامية ‏(‏المؤتمر الثاني‏)‏ على أنه‏:‏ يكون تقويم نصاب الزكاة في نقود التعامل المعدنية وأوراق النقد والأوراق النقدية, وعروض التجارة, على أساس قيمتها ذهبًا فما بلغت قيمته من أحدها عشرين مثقالا ذهبيا وجبت فيه الزكاة, وذلك لأن الذهب أقرب إلى الثبات من غيره‏.‏
ويرجع في معرفة قيمة مثقال الذهب بالنسبة إلى النقد الحاضر إلى ما يقرره الخبراء‏.‏
ولبعض الباحثين تعليل آخر لاختيار نصاب الذهب لتقويم النقود, وهو أن الذهب هو المعدن النفيس الذي يتخذ رصيدا وغطاء - ولو بصفة جزئية - لأوراق النقد التي تصدرها أي دولة, وهو الذي تُقَوّم على أساسه قيمة النقود الورقية, وهو بمثابة العملة الدولية والمعيار الذي تقاس به نقود العالم وتنسب قيمتها إليه, وإن كان ذلك لا يمنع من تغير قيمته بين زمن وآخر تبعًا لتغير الأسواق‏.‏
ويضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب, ويكون ذلك بالقيمة - طبقا لمذهب الحنفية - وليس بالأجزاء, فتنظر قيمة الموجود من الذهب ونسبة ذلك إلى كامل النصاب, ثم قيمة الموجود من الفضة, فإذا اكتمل النصاب وجبت الزكاة, لأن الغنى يتحقق بملكية قيمة النصاب, كما تُضَمّ قيمة عروض التجارة أيضا إلى الذهب والفضة في تكميل النصاب‏.‏ ويقدر النصاب في النقود والعملات الورقية والمعدنية الأخرى بالذهب بما يساوي قيمة ‏(‏‏85‏‏)‏ جراما ذهبا خالصا - والذهب الخالص هو السبائك الذهبية ‏(‏‏999‏‏)‏ - بحساب سعر يوم الوجوب في بلد المال المزكى‏.‏
أما غير الخالص من الذهب فيسقط من وزنه مقدار ما يخالطه من غير الذهب‏.‏
ففي الذهب عيار ‏(‏‏18‏‏)‏ قيراطا مثلا يسقط مقدار الربع ويمثل ستة من أربعة وعشرين ويزكي الباقي‏.‏
ومن الذهب عيار ‏(‏‏21‏‏)‏ قيراطا مثلا يسقط مقدار الثمن ويمثل ثلاثة من أربعة وعشرين ويزكي الباقي‏.‏
وكذلك في الفضة غير الخالصة‏.‏

شروط وجوب الزكاة في الذهب والفضة والعملات‏:‏
تجب الزكاة في النقود والذهب والفضة إذا ما توافرت فيها شروط وجوب الزكاة المبينة سابقا
مقدار الواجب في زكاة الذهب والفضة والعملات‏:‏
المقدار الواجب إخراجه في ذلك هو ربع العشر ‏(‏‏2.5‏‏%‏‏)‏
كيفية معرفة مقدار زكاة الذهب والفضة بالعملة النقدية‏:‏
إذا لم يرغب المزكي في إخراج عين القدر الواجب عليه ذهبا أو فضة, فبعد حساب الزكاة على كل من الذهب والفضة, يؤخذ الناتج وهو مثلا ‏(‏‏25‏‏)‏ جراما ‏(‏في الذهب‏)‏ ويضرب في سعر الجرام, وليكن سعره ‏(‏‏4‏ دنانير‏)‏ فيكون الناتج هو مبلغ الزكاة بالعملة النقدية, هكذا‏:‏ مقدار الزكاة‏=‏ ‏25‏ جراما من الذهب ‏‏*‏4‏ دنانير ‏(‏سعر الجرام‏)‏‏=‏ ‏100‏ دينار‏.‏
زكاة الحلي والمقتنيات الذهبية والفضة‏

حلي المرأة المعدّ للاستعمال الشخصي لا زكاة فيه إذا لم يزد عن القدر المعتاد للبس المرأة بين مثيلاتها في المستوى الاجتماعي لها, أما ما زاد عن القدر المعتاد لبسه فيجب تزكيته لأنه صار فيه معنى الاكتناز والادخار, وكذلك تزكي المرأة كل ما عزفت عن لبسه من الحلي لقدم طرازه أو نحو ذلك من الأسباب‏.‏
وتحسب الزكاة في كلا النوعين حسب وزن الذهب والفضة الخالصين, ولا اعتبار بالقيمة, ولا بزيادتها بسبب الصياغة والصناعة, ولا بقيمة ما فيها من الأحجار الكريمة, والقطع المضافة من غير الذهب والفضة‏.‏
وهذا بخلاف الذهب والفضة الموجودين لدى التجار فإن العبرة في تزكيته بالقيمة الشاملة للصناعة ولما في المصوغات من الأحجار الكريمة‏.‏
ما حرم استعماله من حُلي الذهب والفضة تجب الزكاة فيه‏

من ذلك ما اتخذه الرجل لزينته من الذهب المحرم فعليه زكاته, كسوار ذهبي أو ساعة ذهبية, بخلاف ما لو اتخذ خاتما من فضة فلا زكاة فيه لأنه حلال له, وكذا ما تتخذه المرأة من حلي الرجال لزينتها فهو حرام عليها وفيه الزكاة‏.‏
وجملة ذلك أن كل ما حرم استعماله من حلي الذهب والفضة فيه زكاة, إذا بلغ نصابا بنفسه, أو بلغ بضمه إلى ما عنده نصابا, وقد سبق بيان نصاب الذهب والفضة, وتضم النقود إلى الذهب والفضة في حساب النصاب, وكذلك عروض التجارة بعضها إلى بعض‏.‏
والقدر الواجب إخراجه زكاة في كل من حلي الذهب والفضة هو ‏2.5‏‏%‏ أيضا‏.‏

زكاة السندات‏

الحكم الشرعي في التعامل بالسندات‏:‏
السند يمثل جزءا من قرض على الشركة أو الجهة المصدرة له, وتعطي الشركة عليه فائدة محددة عند إصداره, وهذه الفائدة غير مرتبطة بربح الشركة أو خسارتها, والشركة ملزمة بالسداد في الوقت المحدد, وللسند قيمة اسمية هي قيمته الأصلية عند إصداره أول مرة, وقيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب‏.‏
والتعامل بهذه السندات حرام شرعًا لاشتمالها على الفائدة الربوية المحرمة, ولأن تداولها بالبيع والشراء من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه, وهو غير جائز‏.‏
كيفية تزكية السندات‏:‏
يحرم التعامل بالسندات لاشتمالها على الفوائد الربوية المحرمة, ومع ذلك تجب على المالك تزكية الأصل - القيمة الاسمية للسندات - كل عام بضم قيمة رأس مال السندات إلى مالِهِ في النصاب والحول, ويزكي الجميع بنسبة ربع العشر دون الفوائد الربوية المترتبة له, فإن الفوائد محرمة عليه ويجب صرفها في وجوه البر والمصلحة العامة ما عدا بناء المساجد وطبع المصاحف ونحوها‏.‏
وهذا الصرف للتخلص من الحرام, ولا يحتسب ذلك من الزكاة, ولا ينفق منه على نفسه أو عياله, والأولى صرفه للمضطرين من الواقعين في المجاعات والمصائب والكوارث ونحوها‏.‏
زكاة الأسهم‏

الحكم الشرعي في التعامل بالأسهم‏:‏
السهم عبارة عن جزء من رأس مال الشركة, وهو معرض للربح والخسارة تبعًا لربح الشركة أو خسارتها, وصاحب السهم يُعدّ شريكًا في الشركة, أي مالكًا لجزء من أموالها بنسبة عدد أسهمه إلى مجموع أسهم الشركة, ويستطيع مالك السهم أن يبيعه متى شاء‏‏
وللسهم قيمة اسمية تتحدد عند إصداره أول مرة, وله أيضًا قيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب في سوق الأوراق المالية التي تتداول فيها الأسهم‏‏
ويُحكم على الأسهم من حيث الحِلّ والحرمة تبعًا لنشاط الشركة المساهمة فيها, فتحرم المساهمة في الشركة ويحرم تملك أسهمها إذا كان الغرض الأساسي من الشركة محرمًا كالربا وصناعة الخمور والتجارة فيها مثلا, أو كان التعامل بطريقة محرمة كبيوع العينة, وبيوع الغرر‏‏
كيفية تزكية الأسهم‏:‏
- إذا قامت الشركة بتزكية أسهمها على النحو المبين في زكاة الشركات فلا يجب على المساهم إخراج زكاة عن أسهمه, منعًا للازدواج‏‏
- أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها على النحو التالي‏:‏
إذا اتخذ أسهمه للمتاجرة بها بيعًا وشراء فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر ‏(‏‏2.5‏‏%‏‏)‏ من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة, كسائر عروض التجارة‏‏

أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي فزكاتها كما يلي‏:‏
أ - إذا أمكنه أن يعرف - عن طريق الشركة أو غيرها - مقدار ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة فإنه يخرج زكاة ذلك المقدار بنسبة ربع العشر ‏(‏‏2.5‏‏%‏‏)‏
ب - وإن لم يعرف, فعليه أن يضم ريعه إلى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ربع العشر ‏(‏‏2.5‏‏%‏‏)‏ وتبرأ ذمته بذلك‏‏

زكاة الدين

الدين هو مبلغ في الذمة على الغير, وتجب فيه الزكاة متى كان مرجوا, ويضم الدين الجديد إلى بقية الأموال النقدية في حساب النصاب أما الديون المستحقة على المزكى للغير فإنها تسقط من الوعاء الزكوي على النحو التالي‏:‏
أ- يمنع الدين وجوب الزكاة على من عليه الدين بمقدار دينه إذا استقر الدين في ذمته قبل وجوب الزكاة وإذا لم يجد المزكي مالا غير زكوي فائضًا عن حاجاته الأساسية يقضي منه الدين‏.‏
ب- إذا كان للمدين المزكي أكثر من مال زكوي من أجناس مختلفة فإنه يجعل أحدها في مقابل الدين ويزكي الباقي مما هو أحظ لمستحقي الزكاة‏.‏
ج- الديون الإسكانية المؤجلة وما شابهها من الديون التي تمول أصلا ثابتا لا يخضع للزكاة ويُسدّد عادة على أقساط طويلة الأجل يسقط من وعاء الزكاة ما يقابل القسط السنوي المطلوب دفعه فقط, ويزكي المدين ما تبقى من أموال بيده إذا كانت نصابا فأكثر‏.‏
د- يحسم من الموجودات الزكوية جميع الديون التي تمول عملا تجاريا إذا لم يكن عند المدين عروض قنية ‏(‏أصول ثابتة‏)‏ زائدة عن حاجاته الأساسية‏.‏
هـ- يحسم من الموجودات الزكوية الديون الاستثمارية التي تمول مشروعات صناعية ‏(‏مستغلات‏)‏ إذا لم توجد لدى المدين عروض قنية ‏(‏أصول ثابتة‏)‏ زائدة عن حاجاته الأصلية بحيث يمكن جعلها في مقابل تلك الديون, فإن وجدت جعلت في مقابل الدين إذا كانت تفي به وحينئذ لا يحسم الدين من الموجودات الزكوية‏.‏
وإن لم تف تلك العروض بالدين يحسم من الموجودات الزكوية ما تبقى منه وإذا كانت الديون الاستثمارية مؤجلة يحسم من الموجودات الزكوية القسط السنوي المطالب به ‏(‏الحالّ‏)‏ فقط‏.‏

عروض التجارة و الصناعة
عروض التجارة
زكاة الصناعة
الشركات التجارية و الصناعية

تعريف عروض التجارة

يقصد بعروض التجارة جميع الأموال التي اشتريت بنية المتاجرة بها‏, ‏ سواء بالاستيراد الخارجي أم الشراء من السوق المحلية‏, ‏ وسواء كانت عقارًا أم مواد غذائية أم زراعية أم مواشي أم غيرها‏, ‏ وقد تكون بضائع في محل تجاري لفرد أو لمجموعة من الأفراد‏, ‏ وهذه الأموال يطلق عليها عروض التجارة‏‏
الفرق بين عروض القُنْيَة وعروض التجارة‏

يُقصد بعروض القنية تلك العروض المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي‏, ‏ لا للبيع والتجارة‏, ‏ وتعرف في المحاسبة بالأصول الثابتة‏, ‏ وهي التي ينوي التاجر أو الصانع أو غيرهم عند شرائها الاحتفاظ بها لأنها أدوات إنتاج‏, ‏ مثل الآلات والمباني‏, ‏ والسيارات‏, ‏ والمعدات‏, ‏ والأراضي التي ليس الغرض منها بيعها والمتاجرة بها‏, ‏ وكذلك الأواني‏, ‏ والخزائن‏, ‏ والرفوف التي تعرض فيها البضاعة‏, ‏ وكذلك المكاتب والأثاث‏‏‏‏ إلخ‏, ‏ فجميع هذه الموجودات الثابتة لا زكاة عليها‏, ‏ ولا تدخل في وعاء الزكاة
وأما عروض التجارة‏, ‏ وهي العروض المعدة للبيع‏, ‏ وتعرف في المحاسبة بالأصول أو الموجودات المتداولة‏, ‏ وهي التي ينوي التاجر أو الصانع عند شرائها المتاجرة بها‏, ‏ مثل‏:‏ البضائع‏, ‏ والسلع‏, ‏ والآلات‏, ‏ والسيارات‏, ‏ والأراضي التي تُشترى بنية المتاجرة بها‏, ‏ فإنها تجب فيها الزكاة إذا ما استوفت شروط وجوب الزكاة‏‏
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة‏

يشترط لوجوب زكاة مال التجارة ما يشترط في المال النقدي من الشروط بالإضافة إلى أمرين اثنين لا بد من اعتبارهما في المال ليصبح من مال التجارة الذي تجب زكاته‏, ‏ وهذان الأمران هما العمل والنية‏:‏
1‏- العمل بأن تملك العروض بمعاوضة‏:‏
وذلك عن طريق الشراء بنقد أو عرض آخر ‏(‏مقايضة‏)‏ أو بدين حالّ أو مؤجل‏, ‏ ومثله ما لو حصلت المرأة على السلعة بقبولها مهرا أو عوض خلع‏‏
أما لو ملك العرض بإرث أو هبة أو استرداد بعيب أو باستغلال الأرض المملوكة له بالزراعة فلا يزكى زكاة عروض التجارة ويخضع لزكاة المال المستفاد‏, ‏ وذلك لعدم حصول التملك ببذل عوض‏‏

‏2‏- النية بأن يقصد عند تملك العروض التجارة بها‏:‏
والتجارة هي بيع ما اشتراه لتحصيل الربح‏, ‏ والنية المعتبرة هي المقارنة لدخول عرض التجارة في الملك‏, ‏ فإذا اشترى فرد سيارة مثلًا ناويًا أنها للقنية أي للاستعمال الشخصي‏, ‏ وفي نيته إن وجد ربحا باعها‏, ‏ فلا تُعدّ من مال التجارة الذي تجب فيه الزكاة‏, ‏ بخلاف ما لو اشترى مجموعة من السيارات بنية التجارة والربح واستعمل واحدة منها‏, ‏ فتعدّ من أموال التجارة التي تجب فيه الزكاة‏, ‏ إذ العبرة بنية الأصل - النية الغالبة عند الشراء - فما كان الأصل فيه هو الاقتناء والاستعمال الشخصي لا يُعدّ من التجارة بمجرد رغبته في البيع إذا وجد الربح المناسب. وما كان الأصل فيه التجارة والبيع لا يخرجه من مال التجارة الاستعمال الشخصي الطارئ عليه‏‏
ثم إنه إذا اشترى عرضًا معينًا بنية المتاجرة فيه ثم قَبْلَ أن يبيعه - غيّر نيته فيه إلى الاستعمال الشخصي فتكفي النية هنا لإخراجه من مال التجارة إلى المقتنيات الشخصية‏‏ فلا تجب فيه زكاة‏, ‏ وكذلك إن اشترى عرضًا للقنية ثم غيَّر نيته إلى البيع فلا يكون فيه زكاة‏‏
كذلك يدخل في نطاق زكاة عروض التجارة الأنشطة التالية‏:‏
أ - عمليات الشراء والبيع لغرض الكسب‏, ‏ وتشمل المشروعات التجارية‏, ‏ سواء أكانت في شكل منشآت فردية أم شركات مضاربة أم شركات أشخاص أو شركات مساهمة أم غير ذلك‏‏
ب - عمليات الوساطة بين التجار‏, ‏ مثل الدلالين والجلّابين ‏(‏الذين يُسوِّقون البضائع بعمولة‏)‏‏‏
ج - أعمال الصيارفة والاستثمار على اختلاف أنواعها‏‏

كيف تُزكى الثروة التجارية؟

إذا حلّ موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم - أو الشركة التجارية - أن يَقُوم بجرد موجوداته التجارية مثل البضاعة الموجودة ويضمها إلى ما لديه من نقود - سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها - ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد‏, ‏ ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى‏, ‏ ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر ‏(2.5%‏‏‏ راجع شرط حولان الحول من شروط وجوب الزكاة‏‏
وقد عبر عن ذلك ميمون بن مهران فيما رواه الإمام أبو عبيد عنه بقوله‏:‏ ‏(‏إذا حلّت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض فقوّمه قيمة النقد‏, ‏ وما كان من دين في ملاءة فاحسبه‏, ‏ ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين ثم زكّ ما بقي‏)‏‏‏
بأيّ سعر يُقَوّم التاجر موجوداته التجارية عند إخراج الزكاة؟

يُقَوّمُ التاجر ثروته التجارية بسعر السوق الحالي‏, ‏ سواء كان سعر السوق الحالي منخفضًا عن سعر الشراء أو مرتفعًا‏, ‏ فالعبرة بسعر السوق الحالي والمراد بسعر السوق سعر بيعها وقت وجوب الزكاة ولا يطبق هنا المبدأ المحاسبي التقليدي في الأخذ بالتكلفة أو سعر السوق أيهما أقل‏, ‏ لأن ذلك في المشاركات‏, ‏ وهي حقوق للشركاء لهم أن يختاروا في المحاسبة استقصاء الربح لتوزيعه أو إبقاء قسم منه من خلال اختيار الأقل من التكلفة أو القيمة السوقية‏, ‏ أما في الزكاة فهي حق لغير المزكي وهم المستحقون من المصارف الثمانية فيجب التأكد من إخراج هذا الحق المعلوم باعتبار القيمة السوقية التي تمثل التكلفة والربح الكامن غالبًا‏‏
وإذا هبطت القيمة السوقية عن التكلفة فإن اعتبارها يدفع الضرر عن المزكي ويكون تقويم عروض التجارة بسعر الجملة سواء بيعت جملة أم تجزئة ‏(‏قطاعي‏)‏‏, ‏ وهذا الرأي هو ما أَخذ به مجمع الفقه في مكة‏‏

إخراج الزكاة من عين البضاعة أو قيمتها‏

الأصل أن تخرج زكاة عروض التجارة نقدًا بحسب قيمة العروض يوم وجوب الزكاة كما تقدم‏, ‏ وليس من أعيان البضائع نفسها‏, ‏ وذلك لما في الرواية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لحماس‏:‏ ‏(‏أدّ زكاة مالك‏, ‏ قال‏:‏ ما لي إلا جِعاب أَدم‏, ‏ قال‏:‏ قومها ثم أدّ زكاتها‏)‏‏, ‏ لأن ذلك أصلح للفقير حيث يسد بها حاجاته مهما تنوعت‏‏
ويجوز إخراج الزكاة من أعيان البضائع تسهيلًا وتيسيرًا على الناس إذا كان ذلك يدفع الحرج عن المزكي في حالة الكساد وقلة النقد لدى التاجر ويحقق مصلحة الفقير في أخذ الزكاة أعيانا يمكنه الانتفاع بها‏‏




الديون التي للتاجر على الآخرين‏

تنقسم هذه الديون إلى قسمين‏:‏

دين مرجو الأداء‏:‏
وهو ما كان على مُقرّ بالدين قادر على أدائه - أو جاحد للدين لكن عليه بينة ودليل بحيث لو رفع الأمر إلى القضاء لاستطاع التاجر استرداده‏, ‏ وهي ما تعرف بالديون الجيدة‏, ‏ ففي هذه الحالة على التاجر - أو الشركة التجارية - تزكية مبلغ الدين مع زكاتها كل عام‏‏

دين غير مرجو الأداء‏:‏
وهو ما كان على جاحد ومنكر للدين ولا بينة عليه‏, ‏ أو ما كان على مقرّ بالدين لكن كان مماطلًا أو معسرًا لا يقدر على السداد‏, ‏ وهي ما تعرف بالديون المشكوك في تحصيلها‏, ‏ فليس على التاجر - أو الشركة التجارية - زكاة في هذا الدين إلا بعد أن يقبضه فعلًا‏, ‏ فيزكيه عن سنة واحدة فقط وإن بقي عند المدين سنين‏‏

زكاة الصناعة‏

النشاط الصناعي أقرب إلى النشاط التجاري من أي نشاط آخر والصناعة لا تنفصل عن قصد التجارة‏, ‏ كما أنها لا تخلو عن شراء مواد بقصد المتاجرة بها‏, ‏ ولذا تطبّق عليها أحكام زكاة عروض التجارة‏, ‏ أما المؤسسات التي يقتصر عملها على الصناعة للآخرين‏, ‏ فلا تُعَدّ أدواتها التي تستعملها من عروض التجارة.
كما هو الحال في الشركات التي تتخصص في أعمال المقاولات لصالح الغير‏, ‏ فمثل هذه الشركات تُعَدّ صناعية وإن لم يُؤْلف إطلاق هذه الكلمة عليها‏, ‏ فكل شركة تعمل في الصناعة للآخرين مثل شركات الحديد والصلب تُعَدّ شركات صناعية ومثلها محل الحدادة والنجارة‏, ‏ ولكن لو اشترت هذه الشركات الصناعية بضائع ومواد بقصد بيعها بعد تصنيعها فإن هذه المواد تعتبر عروضًا تجارية‏, ‏ وتزكى قيمتها خالية من الصناعة‏‏









وتنقسم أنشطة الصناعة إلى قسمين‏

القسم الأول‏:‏
البضاعة التي تشترى مصنوعة بقصد المتاجرة بها‏, ‏ فهذه البضاعة تقوم بنية البيع بالقيمة السوقية‏, ‏ ويضاف إليها النقد الذي لدى المزكي‏, ‏ والديون الجيدة المستحقة له على الغير‏, ‏ ويسقط ما عليه من الديون ثم يزكي الباقي‏‏
القسم الثاني‏:‏
البضاعة التي تصنع من قبل المزكي بغرض البيع‏, ‏ أي يدخل عليها بمجهوده على المادة المشتراة صنعة لها قيمة‏, ‏ فهذا القسم من البضائع تكون الزكاة على المادة الخام فقط والمواد المضافة التي تبقى عينها‏, ‏ أي على الحال التي اشتريت عليها‏, ‏ ويؤخذ في الاعتبار أن المواد الخام المستخدمة في الصناعة إذا حال عليها الحول أو ضُمّت إلى حول نصاب مشابه‏, ‏ كالنقود أو عروض التجارة - كأقمشة خام لدى مصنع ملابس مضى عليها ستة أشهر مثلا ثم صنعت ملابس - فإنها تزكى بالحول السابق ولا يبدأ حساب حول جديد‏, ‏ والقدر الواجب إخراجه من الوعاء الخاضع للزكاة في كل من القسمين هو ‏(2.5%)‏‏‏
زكاة الشركات التجارية والصناعية

‏1‏ - تُربط الزكاة على الشركات الصناعية والتجارية لكونها شخصًا اعتباريًا‏, ‏ وذلك في كل من الحالات التالية‏:‏
أ - صدور نص قانوني ملزم بتزكية أموالها‏.‏
ب - أن يتضمن النظام الأساسي ذلك‏.‏
ج - صدور قرار الجمعية العمومية للشركة بذلك‏.‏
د - رضا المساهمين شخصيًا ‏(‏أي بتوكيل المساهمين لإدارةالشركة في إخراج زكاتها‏)‏‏.‏ومستند هذا الاتجاه الأخذ بمبدأ الخُلطة الوارد في السنة النبوية الشريفة بشأن زكاة الأنعام‏, ‏ والذي رأت تعميمه في غيرها بعض المذاهب الفقهية المعتبرة‏, ‏ وأخذ بذلك مؤتمر الزكاة الأول والطريق الأفضل أن تقوم الشركة بإخراج الزكاة ضمن الحالات الأربع المذكورة‏, ‏ فإن لم تفعل فينبغي للشركة أن تحسب زكاة أموالها ثم تُلحق بميزانيتها السنوية بيانا بما يجب في حصة السهم الواحد من الزكاة‏, ‏ تسهيلا على من أراد من المساهمين معرفة مقدار زكاة أسهمه‏.‏

‏2‏ - تحسب الشركة زكاة أموالها بنفس الطريقة التي يحسبها بها الشخص الطبيعي‏.‏
فتخرج زكاتها بمقاديرها الشرعية بحسب طبيعة أموالها ونوعيتها سواء أكانت نقودًا‏, ‏ أم أنعامًا ‏(‏مواشي‏)‏ أم زروعًا‏, ‏ أم عروضا تجارية‏, ‏ أم غير ذلك‏.‏
فقه زكاة الزروع والثمار


ما تجبفيه الزكاة من الزروع والثمار
زكاةمنتجات الثروة النباتية
نصاب زكاةالزروع والثمار
وقت وجوبزكاة الزروع والثمار
مقدارالواجب في زكاة الزروع والثمار
الخرص فيزكاة الزروع والثمار
ما يباحلصاحب الزروع والثمار
زكاةزروع وثمار الأرض المؤجرة
مبادئعامة في زكاة الزروع والثمار
هذا ولا زكاة في الأسهم التي تخص مال الدولة ‏(‏الخزانة العامة‏)‏‏, ‏ أو الأوقاف الخيرية‏, ‏ أو مؤسسات الزكاة‏, ‏ أو الجمعيات الخيرية‏.‏
















ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار‏

تجب الزكاة في كل ما يستنبت من الأرض‏, ‏ أي في جميع الزروع والثمار التي يقصد بزراعتها استثمار الأرض ونماؤها طبقًا لمذهب أبي حنيفة وغيره من الفقهاء الذين أخذوا بعموم النصوص في ذلك من القرآن كقوله تبارك وتعالى‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض‏)‏ ‏(‏البقرة ‏267‏‏)‏ ومن السنة كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريّا ‏(‏يشرب بعروقه‏)‏ العشر‏, ‏ وفيما سقي بالنضح نصف العشر‏‏‏)‏ أخرجه ابن ماجة والترمذي‏‏.
ولا تجب الزكاة فيما نبت دون فعل‏, ‏ كالحطب والحشيش والقصب المجوف ‏(‏غير قصب السكر‏)‏ ونحو ذلك‏, ‏ إلا إذا قصد به التجارة‏, ‏ فيزكى زكاة عروض التجارة‏‏
زكاة منتجات الثروة النباتية‏

لا تجب الزكاة في أعيان منتجات الثروة النباتية ولكن إذا قصد بها التجارة فإنها تزكى زكاة عروض التجارة‏‏
نصاب زكاة الزروع والثمار
جاء في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏‏‏)‏ أخرجه الجماعة‏, ‏ والخمسة أوسق تعادل ما وزنه ‏ 653‏ كيلو جراما من القمح ونحوه‏,‏ وتراعى فروق الكثافة في المواد الأخرى‏, ‏ وفي الحب والثمر الذي من شأنهالتجفيف‏, ‏ يعتبر التقدير السابق بعد الجفاف لا قبله‏‏
وقت وجوب زكاة الزروع والثمار‏

لا يراعى الحول في زكاة الزروع والثمار‏, ‏ بل يراعى الموسم والمحصول لقوله تبارك وتعالى ‏(‏وآتوا حقه يوم حصاده‏)‏ ‏(‏الأنعام ‏141‏‏)‏
وعليه لو أخرجت الأرض أكثر من محصول واحد في السنة وجب على صاحبها إخراج الزكاة عن كل محصول‏‏

وتجب زكاة الثمار إذا بدا صلاحها‏, ‏ وتجب زكاة الزروع إذا اشتد الحب أي بدا نضجه‏, ‏ ولا يستقر الوجوب حتى تصير الثمار أو الحبوب في الجرين ‏(‏البيدر‏)‏ فلو تلف شيء قبل ذلك بغير تعدّ ولا تفريط فلا زكاة فيه وتجب الزكاة على من باع أو وهب أو توفي عن زرعه بعد بدوّ صلاحه‏, ‏ أما إن وقع ذلك قبل بدوّ الصلاح‏, ‏ فالزكاة على المشتري أو الموهوب له أو الوارث‏‏
مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار‏

يختلف مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار بحسب الجهد المبذول في الري على النحو التالي‏:‏
‏-‏ في حالة الري دون كلفة يكون الواجب هو العشر ‏(‏‏10‏‏%‏‏)‏‏‏
‏-‏ في حالة الري بوسيلة فيها كلفة‏, ‏ كأن يحفر بئرًا ويخرج الماء منها بآلة‏, ‏ أو يشتري الماء ونحوه‏, ‏ يكون مقدار الواجب نصف العشر ‏(‏‏5‏‏%‏‏)‏‏‏

‏-‏ في حالة الري المشترك بين النوعين يكون الحكم للغالب‏, ‏ وعند التساوي يكون الواجب ثلاثة أرباع العشر ‏(‏7.5%‏‏)‏‏‏
‏-‏ وعند الجهل يكون الواجب هو العشر‏‏

الخرص في زكاة الزروع والثمار‏

يمكن خرص الزكاة الواجبة في الزروع والثمار‏, ‏ وذلك بتقدير الوعاء الزكوي تخمينا من ذوي الخبرة في الزروع والثمار‏, ‏ وحساب مقدار الزكاة لأخذه فيما بعد وإتاحة التصرف لصاحب الزرع بعدما أمكن معرفة حق الفقراء بالحزر والتخمين‏, ‏ ويجوز ذلك في جميع أنواع الثمار والزروع - طبقًا لمذهب الأوزاعي والليث وغيرهما - ويكون الخرص عند طيب الثمار واشتداد الحب‏, ‏ ولكن مقدار الزكاة ‏(‏حسب الخرص‏)‏ يؤخذ بعد التجفيف والتصفية‏‏ ويترك الخارص لصاحب الزرع الربع أو الثلث‏, ‏ حسبما تبدو له حاجة أصحاب الزرع‏, ‏ فلا يحسبه في وعاء الزكاة‏‏
ما يباح لصاحب الزروع والثمار‏

لا يجب على صاحب الزروع والثمار إخراج الزكاة عما يلي‏:‏
أ - ما أكل هو وأهله من الزرع أو الثمر وهو أخضر صغير‏‏
ب - ما أكلته البهائم المستخدمة في حرث الأرض ونحوه‏‏
ج - ما أكلته ‏(‏السابلة‏)‏ وهم عابرو السبيل ويسمون أيضا الوطيئة لوطئهم الزرع‏‏
د - ما وهبه صاحب الزرع على سبيل الصدقة بأن يعطي ثمر شجرة لفقير طيلة السنة وهي ‏(‏العرية‏)‏‏‏





زكاة زروع وثمار الأرض المؤجرة‏

إذا كان الزرع أو الثمر ناتجا من أرض مؤجرة‏, ‏ أي أن مالك الزروع والثمار ‏(‏المستأجر‏)‏ فإن الزكاة تجب عليه‏, ‏ لأن الزكاة واجبة في الزرع فكانت على مالكه أما مالك الأرض المؤجرة فإنه يضم صافي القيمة الإيجارية إلى أمواله النقدية ويزكيه معها في حوله بنسبة 2.5‏‏%‏‏‏
وإذا كانت الزروع والثمار ناتجة عن عقد المزارعة أو عقد المساقاة ‏(‏وهي مشاركة بين صاحب أرض وعامل‏, ‏ بأن يزرعها أو يسقيها بحصة من الناتج لكل من صاحب الأرض والعامل فيها‏)‏ فإن الزكاة على كل واحد من الطرفين في المحصول الناتج المستحق له‏, ‏ إذا بلغ نصابا‏‏
مبادئ عامة في زكاة الزروع والثمار‏

‏1‏- تُضم الأصناف من الجنس الواحد من الزرع كالحبوب أو الثمار بعضها إلى بعض‏, ‏ ولا يضم جنس إلى آخر ‏(‏كالثمار والخضروات‏)‏‏‏
‏2‏- إذا تفاوت الزرع رداءة وجودة أُخذت الزكاة من أوسطه فما فوق‏, ‏ ولا تؤخذ مما دون الوسط‏‏
‏3‏- يُضم زرع الرجل الواحد بعضه إلى بعض ولو اختلفت الأرض التي زرع فيها‏‏
‏4‏- الأصل أن يخرج المزارع الزكاة من عين المحصول‏, ‏ ويرى بعض العلماء جواز إخراج القيمة‏, ‏ وذلك بأن يحسب كمية الواجب من المحصول ثم يقدر قيمتها بالسوق ويخرجها نقدا‏‏



فقه زكاة الأنعام والثروة الحيوانية

الأنعام هي الإبل ‏(‏وتشمل البخاتي‏)‏ والبقر ‏(‏وتشمل الجواميس‏)‏‏, ‏ والغنم ‏(‏وتشمل الماعز‏)‏‏‏
شروط وجوب زكاة الأنعام‏

لوجوب زكاة الأنعام شروط تتحقق بها مصلحة الفقراء والمساكين وغيرهم من أهل استحقاق الزكاة‏, ‏ وتحول دون الإجحاف بصاحب الأنعام‏, ‏ فيؤدي الزكاة طيبة بها نفسه‏, ‏ وهذه الشروط هي‏:‏
‏1‏- أن تبلغ النصاب‏:‏
والنصاب هو الحد الأدنى لما تجب فيه الزكاة‏‏ فمن كان لا يملك النصاب فلا تجب عليه الزكاة لأن الزكاة تجب على الأغنياء‏, ‏ ونصاب الإبل خمسة ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة‏, ‏ ونصاب الغنم أربعون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة‏, ‏ ونصاب البقر ثلاثون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة‏‏
‏2‏- أن يحول عليها الحول‏:‏
بمعنى أن يمضي على تملكها عام كامل من بدء الملكية فلو لم يمض الحول على تملكها لم تجب فيها الزكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏‏‏)‏ أخرجه الترمذي والإمام مالك‏, ‏ والحكمة في اشتراط الحول أن يتكامل نماء المال‏‏
وأما أولاد الأنعام فتضم إلى أمهاتها وتتبعها في الحول‏, ‏ ولو زال الملك عن الماشية في الحول ببيع أو غيره ثم عاد بشراء أو مبادلة صحيحة‏, ‏ ولم يكن ذلك بقصد الفرار من الزكاة استأنف حولا جديدا لانقطاع الحول الأول بما فعله‏, ‏ فصار ملكا جديدا من حول جديد للحديث السابق‏‏

‏3‏- ألاّ تكون عاملة‏:‏
والعوامل من الإبل والبقر هي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض أو السقي أو الحمل وما شابه ذلك من الأشغال‏, ‏ فليس في الأنعام العاملة زكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ليس على العوامل شيء‏‏‏)‏ أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة‏‏





النصاب ومقدار الزكاة

نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيها‏:‏
يكون نصاب زكاة الإبل ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو الآتي‏:‏
أ - من ‏1‏ إلى ‏4‏ لا شيء فيها‏, ‏ ومن ‏5‏ إلى ‏9‏ يجب فيها شاة واحدة‏, ‏ ومن ‏10‏ إلى ‏14‏ شاتان‏, ‏ وفي ‏15‏ إلى ‏19‏ ثلاث شياه‏, ‏ وفي ‏20‏ إلى ‏24‏ أربع شياه‏, ‏ ويلاحظ أن الواجب هنا ‏(‏وهي الشياه‏)‏ من غير جنس الإبل لأن إيجاب شيء من الإبل فيه إجحاف بالغني‏, ‏ وعدم إيجاب شيء فيه تضييع للفقراء‏‏

ب - إذا بلغ نصاب الإبل ‏25‏ حتى ‏35‏ وجب فيها بنت مخاض‏, ‏ وفي ‏36‏ حتى ‏45‏ بنت لبون‏, ‏ وفي ‏46‏ حتى ‏60‏ حقة‏, ‏ وفي ‏61‏ حتى ‏75‏ جذعة‏, ‏ وفي ‏76‏ حتى ‏90‏ بنتا لبون‏, ‏ وفي ‏91‏ حتى ‏120‏ حقتان‏, ‏ وفي ‏121‏ حتى ‏129‏ ثلاث بنات لبون‏, ‏ وفي ‏130‏ حتى ‏139‏ حقة + بنتا لبون‏, ‏ وفي ‏140‏ حتى ‏149‏ حقتان + بنت لبون‏, ‏ وفي ‏150‏ حتى ‏159‏ ثلاث حقاق‏, ‏ وفي ‏160‏ حتى ‏169‏ أربع بنات لبون‏, ‏ وفي ‏170‏ حتى ‏179‏ ثلاث بنات لبون + حقة‏, ‏ وفي ‏180‏ حتى ‏189‏ بنتا لبون + حقتان‏, ‏ وفي ‏190‏ حتى ‏199‏ ثلاث حقاق + بنت لبون‏, ‏ وفي ‏200‏ حتى ‏209‏ أربع حقاق أو خمس بنات لبون‏‏
ج - وهكذا ما زاد على ذلك يكون في كل خمسين حقة‏, ‏ وفي كل أربعين بنت لبون‏‏
نصاب البقر ومقدار الزكاة فيها‏:‏
يكون نصاب زكاة البقر ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو التالي‏:‏

أ - من ‏1‏ إلى ‏29‏ لا شيء فيه‏, ‏ ومن ‏30‏ حتى ‏39‏ يجب إخراج تبيع أو تبيعة‏, ‏ ومن ‏40‏ حتى ‏59‏ مسنة‏, ‏ ومن ‏60‏ حتى ‏69‏ تبيعان أو تبيعتان‏, ‏ ومن ‏70‏ حتى ‏79‏ مسنة وتبيع‏, ‏ ومن ‏80‏ حتى ‏89‏ مسنتان‏, ‏ ومن ‏90‏ حتى ‏99‏ ثلاثة أتباع‏, ‏ ومن ‏100‏ حتى ‏109‏ مسنة وتبيعان أو تبيعتان‏, ‏ ومن ‏110‏ حتى ‏119‏ مسنتان وتبيع‏, ‏ ومن ‏120‏ حتى ‏129‏ ثلاث مسنات أو أربع أتباع‏‏
ب - وهكذا ما زاد عن ذلك في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة‏, ‏ وفي كل أربعين مسنة‏‏
نصاب الغنم ومقدار الزكاة فيها‏:‏
يكون نصاب الغنم ومقدار الزكاة الواجبة فيه على النحو التالي‏:‏

أ - من ‏1‏ إلى ‏39‏ لا شيء فيه‏, ‏ ومن ‏40‏ إلى ‏120‏ يجب إخراج شاة واحدة‏, ‏ ومن ‏121‏ إلى ‏200‏ شاتان‏, ‏ ومن ‏201‏ إلى ‏399‏ ثلاث شياه‏, ‏ ومن ‏400‏ إلى ‏499‏ أربع شياه‏, ‏ ومن ‏500‏ إلى ‏599‏ خمس شياه‏‏
ب - وهكذا ما زاد عن ذلك في كل مائة شاة‏, ‏ شاة واحدة‏‏
الأنعام المعدة للتجارة‏

تعامل الأنعام المعدة للتجارة معاملة عروض التجارة‏, ‏ وتحسب زكاتها بالقيمة لا بعدد الرءوس المملوكة‏, ‏ لذا لا يشترط النصاب العددي المذكور سالفا لوجوب الزكاة فيها‏, ‏ بل يكفي أن تبلغ قيمتها نصاب زكاة النقود ‏(‏وهو ما قيمته ‏85‏ جرام من الذهب الخالص‏)‏ لتجب الزكاة فيها‏, ‏ فيضمها مالكها إلى ما عنده من عروض التجارة والنقود‏, ‏ ويخرج الزكاة عنها بنسبة ربع العشر ‏(2.5%‏‏)‏ متى ما استوفت شروط وجوب زكاة عروض التجارة من بلوغ النصاب وحولان الحول‏‏
لكن إن كان ما عند المالك من الأنعام لا تبلغ قيمته نصابا من النقد وبلغ نصابا بالعدد‏, ‏ فيخرج زكاتها كسائر الأنعام التي ليست للتجارة بالمقادير المبينة سابقا‏‏

فقه زكاة الثروة المعدنية


زكاةالمعادن
زكاةالركاز

فقه زكاة المعادن‏

أ - تشمل الثروة المعدنية كل ما يوجد في باطن الأرض أو باطن البحر من معادن‏, ‏ سواء أكانت المعادن سائلة كالنفط أم جامدة كالملح أم غازًا كالبوتان‏, ‏ وسواء أكانت تنطبع كالحديد أم لا تنطبع كالكبريت‏‏
ب - النصاب في زكاة المعادن هو ما تبلغ قيمته نصاب الزكاة في الذهب‏, ‏ أي ما قيمته تعادل قيمة ‏85‏ جراما من الذهب‏‏
ويراعى النصاب فيما استخرج دفعة واحدة‏, ‏ كما يراعى فيما استخرج تباعًا دون ترك على سبيل الإهمال‏, ‏ إذ يضم هذا المتتابع لتوافر النصاب‏, ‏ فإن انقطع العمل لأمر طارئ‏, ‏ كإصلاح المعدات أو توقف العاملين لم يؤثر ذلك في ضم الخارج بعضه إلى بعض‏‏
أما إذا انقطع للانتقال إلى حرفة أخرى لليأس من ظهور المعدن أو لسبب آخر فهذا الانقطاع مؤثر‏, ‏ فيراعى وجود النصاب عند استئناف الاستخراج‏‏

ج - لا يشترط الحول في زكاة المعادن‏, ‏ فتجب الزكاة بمجرد الاستخراج للمعدن وتصفيته لأن الحول يعتبر لتكميل النماء‏, ‏ والنماء هنا يتكامل دفعة واحدة كالزروع والثمار فلا يعتبر الحول فيهما‏‏
د - مقدار زكاة المعادن هو ‏(2.5%‏‏)‏ ربع العشر طبقا لمذهب جمهور الفقهاء‏‏
هـ - تشمل المعادن ما يستخرج من اليابسة أو من البحر مما وجد في باطن قاعه‏, ‏ أما ما يستخرج من البحر نفسه كاللؤلؤ والسمك والعنبر والمرجان فقد سبق أنه يزكى زكاة عروض التجارة‏‏

فقه زكاة الركاز‏
- الركاز كل ما يدفن في الأرض من الكنوز‏‏
- ولا يشترط لزكاته حول ولا نصاب‏‏
- والقدر الواجب إخراجه الخمس ‏(‏‏20‏‏%‏‏)‏ باتفاق الفقهاء لحديث ‏(‏وفي الركاز الخمس‏‏‏)‏ أخرجه الجماعة‏‏
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:52 AM   رقم المشاركة : 3
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

كيف بدأ الربا.. وكيف انتشر؟..



الربا في اللغة هو الزيادة ، وفي الشرع عبارة عن عقد فاسد بصفة سواء كان هناك زيادة ، أو لا ألا ترى أن بيع الدراهم بالدراهم نسيئة ربا وليس فيه زيادة والربا حرام بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله : تعالى وحرم الربا ، وأما السنة فقول الرسول : (أكل درهم واحد من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنية يزنيها الرجل ومن نبت لحمه من حرام فالنار أولى به) وقال ابن مسعود آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده إذا علموا به ملعونون على لسان محمد إلى يوم القيامة كذا في النهاية . قال رحمه الله : ( الربا محرم في كل مكيل وموزون إذا بيع بجنسه متفاضلا ) سواء كان مأكولا ، أو غير مأكول . قوله : ( فالعلة فيه الكيل مع الجنس ، أو الوزن مع الجنس ) ويقال : القدر مع الجنس وهو أشمل ; لأنه يتناول الكيل ، والوزن معا بخلاف لفظ الكيل فإنه لا يتناول الوزن ولفظ الوزن لا يتناول الكيل ، وأما لفظ القدر فيشملهما معا.

وقال الشافعي العلة الطعم مع الجنس في المطعومات والثمنية في الأثمان وقال مالك العلة الاقتيات والادخار مع الجنس وفائدته فيمن باع قفيز نورة بقفيزي نورة لا يجوز عندنا لوجود الكيل مع الجنس وعند الشافعي يجوز لعدم الطعم وكذا يجوز بيع بطيخة ببطيختين وبيضة ببيضتين وحفنة بحفنتين عندنا لعدم الكيل ولا يجوز عنده لوجود الطعم قال في الهداية وما دون نصف صاع في حكم الحفنة ; لأنه لا تقدير في الشرع بما دونه حتى لو باع خمس حفنات من الحنطة بست حفنات منها وهما لا يبلغان حد نصف صاع جاز البيع ولو باع حفنة بقفيز لا يجوز كذا في النهاية قال : لأنه إذا كان أحد البدلين لا يبلغ حد نصف صاع ، والآخر يبلغه ، أو يزيد عليه فبيع أحدهما بالآخر لا يجوز وكذا ما يدخل تحت الوزن كالحديد والرصاص فإن الربا يثبت فيه عندنا لوجود القدر وهو الوزن والجنس وعنده لا يثبت فيه لعدم الطعم والثمنية والجنس بانفراده يحرم النساء عندنا.

وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحرم النساء بيانه إذا باع هرويا بهروي ، أو مرويا بمروي نسيئة لا يجوز عندنا وعنده يجوز وكذا إذا باع شاة بشاة نسيئة لا يجوز عندنا وعنده يجوز وكذا إذا باع عبدا بعبد إلى أجل لا يجوز لوجود الجنسية وهي بانفرادها تحرم النساء وأجمعوا على أن التفاضل يحل.

عندما ينشأ مجتمع يتعامل بالربا تنشأ به طبقة من الرأسماليين الذين يمتصون ثروات المجتمع دون عمل يؤدونه للمجتمع مقابل هذا المال الذي يحصولون عليه دون جهد أو خبرة. فيزداد الفقراء فقرا ويزداد الأثرياء ثراءا وتنشأ الطبقية البغيضة في المجتمع. تتفكك على إثره الروابط الاجتماعية وينعدم فيه الأمن.





قبل أن نطلع على حقيقة الربا وآثاره في الناس..

لننظر أولا في حكم الربا في الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية، وكيف بدأ وانتشر؟….

لقد حرم الله الربا على اليهود، وهم يعلمون ذلك، وينهون عنه فيما بينهم، لكنهم يبيحونه مع غيرهم، جاء في سفر التثنية: الإصحاح الثالث والعشرين:

" للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بالربا".

ومنشأ هذا أنهم ينظرون إلى غيرهم نظرة استعلاء واحتقار، والتوراة وإن كانت قد حرفت إلا أن شيئا منها بقي كما هو لم يحرف، منها تحريم الربا، لكنهم حرفوا النص حينما أباحوه مع غير اليهودي…

والدين النصراني كذلك يحرمه، ففي إنجيل لوقا:

" إذا أقرضتم الذين ترجون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟…

ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها… وإذاً يكون ثوابكم جزيلا" .

وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريم الربا تحريما قاطعا، حتى إن الآباء اليسوعيين وردت عنهم عبارات صارخة في حق المرابين، يقول الأب بوني:

" إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة، إنهم ليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم" ..

ولم يكن تحريم الربا قاصرا على أرباب الديانتين، بل كذلك حرمه من اشتهر في التاريخ بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلاسفة، منهم أرسطو، وأفلاطون الفيلسوف اليوناني الذي قال في كتابه القانون:

" لا يحل لشخص أن يقرض بربا" ..

وأما العرب في جاهليتهم على الرغم من تعاملهم به إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة ازدراء، وليس أدل على ذلك أنه عندما تهدم سور الكعبة وأرادت قريش إعادة بنائه حرصت على أن تجمع الأموال اللازمة لذلك من البيوت التي لا تتعامل بالربا، حتى لا يدخل في بناء البيت مال حرام، فقد قال أبو وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم: " يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس" ..

وإذا كان الأمر على هذا النحو، وأصحاب الديانات كلهم يحرمون الربا، كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟..


--------------------------------------------------------------------------------

لقد كانت الجاهلية تتعامل بالربا مع قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحرمه كما هو معلوم بالنصوص، وسد كل أبوابه ووسائله وذرائعه ومنافذه، حتى ما كان فيه شبهة من ربا منعه وحرمه، كمنعه عليه الصلاة والسلام من بيع صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد ..

فامتثل الناس لذلك، وتلاشى الربا، وحل محله البيع والقرض الحسن والصدقة والزكاة..

وكما قلنا كانت أوربا التي تدين بالنصرانية تحرم الربا وتنهى عن التعامل به، أما اليهود ـ والذين كانوا يمتنعون من التعامل بالربا فيما بينهم ـ كانوا ممنوعين من التعامل به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوا فيه..

لكن ومنذ أواخر القرن السادس عشر ميلادي بدأت أوربا بالتمرد على هذا الحكم الإلهي..

ففي عام 1593م وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين، فصار يباح تثميرها بالربا، بإذن من القاضي، فكان هذا خرقا للتحريم..

ثم تبع ذلك استغلال الكبار لنفوذهم، فقد كان بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربا علنا، فهذا لويس الرابع عشر اقترض بالربا في 1692م، والبابا بي التاسع تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م.

كانت تلك محاولات وخروقات فردية..

لكن الربا لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على الدين والحكم الإقطاعي والملكي..

وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك، إذ إن اليهود كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم، من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر:

فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون.

صدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عن الحياة إلى كل أوربا، ومن ذلك التمرد على تحريم الربا، وقد كان اليهود في ذلك الحين من أصحاب المال، وبدأت الثورة الصناعية، واحتاج أصحاب الصناعات إلى المال لتمويل مشاريعهم، فأحجم أصحاب المال من غير اليهود عن تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسارة..

أما اليهود فبادروا بإقراضهم بالربا، ففي قروض الربا الربح مضمون، ولو خسر المقترض، وقد كانت أوربا في ذلك الحين مستحوذة على بلدان العالم بقوة السلاح، فارضة عليها إرادتها، فلما تملك اليهود أمرها وتحكموا في إرادتها كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمع، ومن ثم فرضوا التعامل الربا على جميع البلاد التي تقع تحت سيطرة الغرب، فانتشر الربا وشاع في كل المبادلات التجارية والبنوك، فاليهود كانوا ولا زالوا إلى اليوم يملكون اقتصاد العالم وبنوكه..

إذن.. اليهود هم وراء نشر النظام الربوي في العالم، وكل المتعاملين بالربا هم من خدمة اليهود والعاملين على زيادة أرصدة اليهود ليسخروها في ضرب الإسلام والمسلمين وكافة الشعوب..

انتشر الربا وانتشر معه كافة الأمراض الاقتصادية والسياسية والأخلاقية الاجتماعية..




نبذة عن نشأة المصارف والبنوك:

المصارف جمع مصرف، وهو يطلق على المؤسسات التي تخصصت في إقراض واقتراض النقود، وتسمى أيضا بالبنوك..

ولفظ البنك مشتقة من اللفظة الإيطالية "بنكو" أي مائدة، إذ كان لكل صيرفي في القرون الوسطى مائدة يضعها في الطريق عليها نقود يتجر فيها، وقد كان معظم الصيارفة من اليهود، وصناعة الصيرفة ترجع إلى العهد الذي نشأت فيه العلاقات التجارية بين الجماعات البشرية..

وقد عرف البابليون والإغريق والرومان علميات البنوك، وبوجه عام كان الطابع الغالب على وظيفة البنوك في العصور القديمة حفظ الودائع الثمينة والنقود والمحصولات الزراعية، بالإضافة إلى الحوالات المالية..

فقد صارت البنوك على مر الأيام مكانا آمنا لحفظ المدخرات من ذهب وفضة وجواهر ثمينة نظير أجر معين، وكان هؤلاء الصيارفة يعطون كل من يودع شيئا من المال سندات فيها توثيق الودائع، تستخدم في سحب ما يحتاج إليه من نقود..

ثم تطورت العملية فبدأ هؤلاء التجار المودعون يتداولون هذه السندات بينهم في البيوع ووفاء الديون وتصفية الحسابات، لأن تداولها أخف من تداول الذهب والفضة، شعر الصيارفة بوجود المال الكثير في صناديقهم..

وقد ألف المودعون التعامل بالسندات قبضا وتسليما، والمال باق عند الصيارفة لفترات طويلة، قلما يأتي مودع يطلب نقوده، ففكروا في استغلالها والانتفاع بها بأنفسهم، فبدءوا يعطونها الناس قروضا بفائدة، ويتصرفون فيها، وكأنهم أصحابها..

وهكذا أصبح الصيارفة يأخذون على الذهب المودع أجرين: أجر على الحفظ، وأجر مقابل القرض، فلما تطورت هذه العملية وأصبحت السندات تقوم مقام الذهب في المعاملات..

بدأ الصيارفة يقرضون الناس السندات الورقية بدل أن يقرضوهم ذهبا..

وبهذه الطريقة تضخمت ثرواتهم التي لم تكن في أصلها إلا أموال المودعين، وبدؤوا يدفعون فائدة للمودعين لإغرائهم بالإيداع، وتحولت عملية الإيداع إلى علمية إقراض..

وبذلك أصبح دور الصيارفة هو التوسط بين الأشخاص الذين لديهم أموال لايمكنهم استثمارها بأنفسهم، وبين الأشخاص المحتاجين إلى أموال لتثميرها ويستحلون الفرق بين الفائدتين..

وبتطور التجارة وأشكالها تعددت أعمال المصارف وأنواعها، فمنها المصارف التجارية، وهي التي تمارس جميع الأعمال المتصلة بالتجارة، وتتميز عن سواها من حيث استعدادها لقبول الودائع النقدية من الأفراد أو الشركات وتخويل المودع حق السحب عليها.. وهناك المصارف الزراعية والصناعية والعقارية، وهي التي تقرض نظير فائدة، ولا تستقبل الودائع النقدية.

هذا باختصار حقيقة المصارف.. وفي المرة القادمة إن شاء الله نتطرق إلى صور الربا..
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:52 AM   رقم المشاركة : 4
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه

من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن"
" أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله
حديث شريف


هو ابـن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولد قبل البعثة النبوية بعشـر سنين
وأقام في بيت النبوة فكان أول من أجاب الى الاسلام من الصبيان ، هو أحد العشرة
المبشرين بالجنة ، وزوجته فاطمة الزهراء ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم-000
ووالد الحسن والحسين سيدي شباب الجنة000

الرسول يضمه إليه
كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدق بما جاءه من الله تعالى : علي بن أبي طالب رضوان الله وسلامه عليه ، وهو يومئذ ابن عشر سنين ، فقد أصابت قريشاً أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال الرسول الكريم للعباس عمه : يا عباس ، إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمـة ، فانطلق بنا إليه فلنخفـف عنه من عياله ، آخذ من بنيـه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكفهما عنه )000فقال العباس :( نعم )000فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له :( إنا نريد أن نخفف من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه )000فقال لهما أبو طالب :( إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما )000فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- علياً فضمه إليه ، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبياً ، فاتبعه علي -رضي الله عنه- وآمن به وصدقه ، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا حضرت الصلاة خرج الى شعاب مكة ، وخرج علي معه مستخفياً من أبيه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات معا ، فإذا أمسيا رجعا000

منزلته من الرسول
لمّا آخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه قال لعلي :( أنت أخي )000 وكان يكتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وشهد الغزوات كلها ما عدا غزوة تبوك حيث استخلفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أهله وقال له :( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى )000
وكان مثالا في الشجاعة و الفروسية ما بارز أحد الا صرعه ، وكان زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- :( من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله )000
دعاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوجته فاطمة وابنيه ( الحسن والحسين ) وجلَّلهم بكساء وقال :( اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهِّرْهُم تطهيراً )000وذلك عندما نزلت الآية الكريمة000

قال تعالى :( إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرِّجسَ أهلَ البيت )000

كما قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-:( اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة : إلى علي ، وعمّار وبلال )000

ليلة الهجرة
في ليلة الهجرة ، اجتمع رأي المشركين في دار الندوة على أن يقتلوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فراشه ، فأتى جبريل -عليه السلام- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( لا تبيت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه )000فلما كانت عتمة من الليل اجتمع المشركون على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه ، فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي :( نم على فراشي ، وتَسَجَّ ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه ، فإنه لن يَخْلُصَ إليك شيء تكرهه منهم )000ونام علي -رضي الله عنه- تلك الليلة بفراش رسول الله ، واستطاع الرسول -صلى الله عليه سلم- من الخروج من الدار ومن مكة ، وفي الصباح تفاجأ المشركون بعلي في فراش الرسول الكريم000وأقام علي -كرّم الله وجهه- بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الودائع التي كانت عنده للناس ، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله في قباء000

أبو تراب
دخل ‏علي ‏‏على ‏فاطمة -رضي الله عنهما-‏ ‏، ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏:( ‏أين ابن عمك )000قالت :( في المسجد )000فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره ، وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول :( اجلس يا ‏‏أبا تراب )000‏مرتين000

يوم خيبر
في غزوة خيبـر قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- :( لأُعْطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويُحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، أو على يديه )000فكان رضي الله عنه هو المُعْطَى وفُتِحَت على يديه000 ‏

خلافته
لما استشهد عثمان -رضي الله عنه- سنة ( 35 هـ ) بايعه الصحابة والمهاجرين و الأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين ، يعمل جاهدا على توحيد كلمة المسلمين واطفاء نار الفتنة ، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى 000
ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى مكة المكرمة لتأدية العمرة في شهر محرم عام 36 هجري ، ولما فرغت من ذلك عادت الى المدينة ، وفي الطريق علمت باستشهاد عثمان واختيار علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين ، فعادت ثانية الى مكة حيث لحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام -رضي الله عنهما- وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا في الخروج على الخليفة عثمان -رضي الله عنه- ، وكان من رأي الخليفة الجديد عدم التسرع في ذلك ، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين ،وتستقر الأوضاع في الدولة الاسلامية ، غير أنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه الى البصرة ، فساروا اليها مع أتباعهم 000

معركة الجمل
خرج الخليفة من المدينة المنورة على رأس قوة من المسلمين على أمل أن يدرك السيدة عائشة -رضي الله عنها- ، ويعيدها ومن معها الى مكة المكرمة ، ولكنه لم يلحق بهم ، فعسكر بقواته في ( ذي قار ) قرب البصرة ، وجرت محاولات للتفاهم بين الطرفين ولكن الأمر لم يتم ، ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل في شهر جمادي الآخرة عام 36 هجري ، وسميت بذلك نسبة الى الجمل الذي كانت تركبه السيدة عائشة -رضي الله عنها- خلال الموقعة ، التي انتهت بانتصار قوات الخليفة ، وقد أحسن علي -رضي الله عنه- استقبال السيدة عائشة وأعادها الى المدينة المنورة معززة مكرمة ، بعد أن جهزها بكل ما تحتاج اليه ، ثم توجه بعد ذلك الى الكوفة في العراق ، واستقر بها ، وبذلك أصبحت عاصمة الدولة الاسلامية 0

مواجهة معاوية
قرر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ( بعد توليه الخلافة ) عزل معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام ، غير أن معاوية رفض ذلك ، كما امتنع عن مبايعته بالخلافة ، وطالب بتسليم قتلة عثمان -رضي الله عنه- ليقوم معاوية باقامة الحد عليهم ، فأرسل الخليفة الى أهل الشام يدعوهم الى مبايعته ، وحقن دماء المسلمين ، ولكنهم رفضوا 000 فقرر المسير بقواته اليهم وحملهم على الطاعة ، وعدم الخروج على جماعة المسلمين ، والتقت قوات الطرفين عند ( صفين ) بالقرب من الضفة الغربية لنهر الفرات ، وبدأ بينهما القتال يوم الأربعاء (1 صفر عام 37 هجري ) 000
وحينما رأى معاوية أن تطور القتال يسير لصالح علي وجنده ، أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح ، وقد أدرك الخليفة خدعتهم وحذر جنوده منها وأمرهم بالاستمرار في القتال ، لكن فريقا من رجاله ، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم ، بينما رفضه فريق آخر 000 وفي رمضان عام 37 هجري اجتمع عمر بن العاص ممثلا عن معاوية وأهل الشام ، وأبو موسى الأشعري عن علي وأهل العراق ، واتفقا على أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماع في شهر رمضان من نفس العام ، وعادت قوات الطرفين الى دمشق والكوفة ، فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانية ، وكانت نتيجة التحكيم لصالح معاوية 0

الخوارج
أعلن فريق من جند علي رفضهم للتحكيم بعد أن اجبروا عليا -رضي الله عنه- على قبوله ، وخرجوا على طاعته ، فعرفوا لذلك باسم الخوارج ، وكان عددهم آنذاك حوالي اثني عشر ألفا ، حاربهم الخليفة وهزمهم في معركة (النهر وان) عام 38 هجري ، وقضى على معظمهم ، ولكن تمكن بعضهم من النجاة والهرب 000 وأصبحوا منذ ذلك الحين مصدر كثير من القلاقل في الدولة الإسلامية 000

استشهاده
لم يسلم الخليفة من شر هؤلاء الخوارج اذ اتفقوا فيما بينهم على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص في ليلة واحدة ، ظنا منهم أن ذلك يحسم الخلاف ويوحد كلمة المسلمين على خليفة جديد ترتضيه كل الأمة ، وحددوا لذلك ثلاثة من بينهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، ونجح عبد الرحمن بن ملجم فيما كلف به ، اذ تمكن من طعن علي -رضي الله عنه- بالسيف وهو خارج لصلاة الفجر من يوم الجمعة الثامن عشر من رمضان عام أربعين هجرية بينما أخفق الآخران ، وعندما هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه نهاهم علي قائلا :( ان أعش فأنا أولى بدمه قصاصا أو عفوا ، وان مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ، ولا تقتلوا بي سواه ، ان الله لا يحب المعتدين )000وحينما طلبوا منه أن يستخلف عليهم وهو في لحظاته الأخيرة قال لهم :( لا آمركم ولا أنهاكم ، أنتم بأموركم أبصر )000 واختلف في مكان قبره000وباستشهاده -رضي الله عنه- انتهى عهد الخلفاء الراشدين000
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:53 AM   رقم المشاركة : 5
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

معركة بدر الكبرى

غزوة بدر

موقع معركة بدر
الصراع: بين المسلمين و قريش
التاريخ: 17 مارس 624 ، 17 رمضان سنة 2هـ
المكان: آبار بدر ، 120 كم جنوب غرب المدينة المنورة
النتيجة: انتصار المسلمين
المتحاربون
المسلمون قريش
القادة
رسول الله عليه الصلاة والسلام عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي
القوى
170 من الخزرج
78 من المهاجرين
71 من الأوس
ـــــــــــــــــ
المجموع: 318 900 راجل
100 فارس

ـــــــــــــــــ
لمجموع: 1,000
النتائج
17 شهيد 70 قتيل
70 اسير



معركة بدر هي معركة وقعت بين المسلمين بقيادة محمد بن عبد الله و بين قريش بقيادة عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي عند آبار بدر جنوب المدينة في 13 مارس 624 ، 17 رمضان 2 للهجرة إنتهت بانتصار المسلمين و مقتل سيد قريش عمرو بن هشام بن المغيرة المخزوميٍ




أساب المعركة
وصل الخبر للمسلمين بأن أبو سفيان بن حرب جاء من الشام في قافلة ضخمة لقريش، تحمل أموال و تجارة لهم، و قُدّر عدد الرجال بها ما بين ثلاثين إلى أربعين رجلا من قريش، منهم مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص.‏‏ فلما وصل الخبر للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) ندب المسلمين إليهم، وقال ‏‏:‏‏ هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله يُنْفِلُكُموها‏‏.‏‏

فبدأ الناس ييستعدون للإنطلاق، البعض جهز سلاحا والبعض الأخر لم يجهز سلاح بل وسيلة نقل من ناقة و خلافة، إذ أنهم لم يعتقدوا بإحتمالية قيام الحرب.‏‏

وكان أبو سفيان حينما يقترب من الحجاز كعادته يتحسس الأخبار ممن كان يلقى من المسافرين و القوافل، تخوفا على أموال قريش من العربان و المسلمين‏‏.‏‏ و وصله من بعض المسافرين‏‏ أن محمد قد استنفر المسلمين للقافلة، فأخذ حذره، و استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى مكة ، ليستنفر قريش للدفاع عن أموالهم، وليخبرهم بأن محمدا قد يهاجم القافلة‏‏.‏‏ فإنطلق ضمضم سريعا إلى مكة.

ما أن وصل ضمضم مكة حتى جدع بعيره، وحوّل رحله، وشق قيمصه ، و وقف فوق بعيره ببطن الوادي و هو يصرخ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، اللطيمةَ اللطيمةَ ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها ، الغوثَ الغوثَ

و قد ذكرت عدة مصادر أن عاتكة بنت عبدالمطلب، قبل ثلاث أيام من وصول ضمضم، رأت حلما شاهدت فيه صخرة تقع في مكة، فتتحطم و يدخل جميع بيوت مكة قطعة منها.


إستعداد قريش للخروج
بدأت قريش بتجهيز سلاحها و رجالها للقتال، وقالوا‏‏:‏‏ أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي ، كلا والله ليعلمن غير ذلك‏‏.‏‏ و أتفقوا أن يخرج جميع رجالها و ساداتها إلى محمد، فمن تخلف أرسل مكانه رجلا أخر، فلم يتخلف أحد من أشرافها عن الخروج‏‏ إلا أبو لهب، حيث أرسل العاصي بن هشام ابن المغيرة بدلا عنه، و ذلك لكون العاصي مدينا له بأربعة آلاف درهم، فاستأجره أبو لهب بها.

و حاول أمية بن خلف التخلف، فقد كان شيخا ثقيلا ، فأتاه عقبة بن أبي معيط ، وهو جالس في المسجد، بمجمرة يحملها ، و وضعها بين يديه قائلا‏‏:‏‏ يا أبا علي ، استجمر ، فإنما أنت من النساء، فرد عليه أمية‏‏:‏‏ قبحك الله وقبح ما جئت به، ثم جهز سلاحه و فرسه وخرج مع الناس.‏‏

عند بدء التحرك تخوف البعض بسبب الحرب بين قريش و بين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة، إذ إعتقدوا ان يغدر بهم بنو بكر و هم منشغلون بملاقاة المسلمين. فقال سراقة بن مالك بن ‏جعشم المدلجي، و هو أحد أشراف بني كنانة‏‏:‏‏ أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه.

يؤمن الكثير من المسلمين بأن من أجار قريش من بني بكر لم يكن سراقة بل كان إبليس، الشيطان، و هم يعتقدون أنه تقمص شكل سراقة و قال ما قال لقريش.


حال المسلمين عند مغادرتهم المدينة
يُعتقدُ بأن المسلمين غادروا المدينة يوم الأثنين الثامن من رمضان. و قد قام محمد (صلى الله عليه وسلم) بالطلب من عمرو بن أم مكتوم بإمامة الصلاة، بعض المصادر تذكر أن إسمه هو عبدالله بن أم مكتوم، و وضع المدينة تحت إدارة أبا لبابة.‏‏

تذكر المصادر أن اللواء سُلّم إلى مصعب بن عمير وكان أبيض ‏‏اللون، بينما تذكر مصادرأخرى أنه كان أمام محمد (صلى الله عليه وسلم) رايتان سوداوان ، واحدة مع علي بن أبي طالب تسمى‏‏ العقاب، والأخرى مع الأنصار، و قيل أنها كانت مع سعد بن معاذ.

إستعمل المسلمون سبعين بعيرا للسفر، و كانوا يتناوبون الركوب عليها، فمثلا كان محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتناوبون على ركوب بعير ، و أيضا كان حمزة بن عبدالمطلب وزيد بن حارثة ، وأبو كبشة وأنسة ، موليا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يتناوبون ركوب بعير، وأبو بكر ، وعمر ، وعبدالرحمن بن عوف يتناوبون ركوب بعير أخر‏‏.‏‏


طريق المسلمين إلى بدر
إنطلق المسلمون من المدينة بإتجاه مكة، مرورا بنقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذي الحليفة، ثم على أولات الجيش (و قيل أم إسمها ذات الجيش). ‏‏ثم مر على تُرْبان، ثم على ملل، ثم غَميس الحمام من مريين، ثم على صخيرات اليمام، ثم على السيَّالة، ثم على فج الروحاء، إلى أن وصلو إلى عرق الظبية.

هنالك وجد المسلمون أعرابيا، فسألوه عن قافلة قريش فلم يعرف، فطلبوا منه السلام على محمد (صلى الله عليه وسلم)، فسألهم إن كان من ضمنهم، فأجابوه بذلك، فسلم عليه ثم قال‏‏:‏‏ إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه. رد عليه سلمة بن سلامة بن وقش ‏‏بأن لا يسأل النبي محمد، بل يدعه هو يخبره ما في بطنها. فوافق الأعرابي. فإذا بسلمة يخبره بأنه (أي الأعرابي) قد واقع الناقة، و هي حبلى منه بسخلة ، فقال محمد لسلمة: مه ، أفحشت على الرجل، ثم أعرض عنه‏‏.‏‏

ثم أكمل المسلمون طريقهم فمروا بسجسج، وهي بئر الروحاء، ثم وصلوا المنصرف، هنالك تركوا طريق مكة بيسار، و اتجهوا يمينا من خلال النازية بإتجاه بدر، إلى أن وصلوا وادي‏‏ رُحْقان، و هو وادٍ بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم وصلوا إلى المضيق، إلى أن إقتربوا من قرية الصفراء.

هنا بعث محمد (صلى الله عليه وسلم) بسبس بن الجهني ،(من بني ساعدة) ، وعدي بن أبي الزغباء الجهني، (من بني النجار)، بمهمة إستكشافية إلى بدر ليحضرا له أخبار قافل أبي سفيان بن حرب. لدى وصول المسلمون قرية الصفراء، وهي تقع بين جبلي ، سأل محد (صلى الله عليه وسلم) عن اسم الجبلين وعن أهل القرية، فأخبروه بأن الجبلين أحدما يطلق عليه اسم مسلح والآخر مخرىء، أما أهل القرية فهم بنو النار وبنو حراق، بطنان من بني غفار ، فكره المرور بينهم‏‏.‏‏ ثم تركهم و إتجه نحو اليمين إلى واد‏‏ ذَفِران.


وصول خبر خروج قريش للمسلمين وحذرهم
وصل خبر خروج جيش قريش إلى المسلمين، و لم يكن خروج المسلمين لقتال قريش هو خيار مطروح في الأصل، بل كان الخروج من أجل الغنيمة بالقافلة. كما أن الأنصار في بيعة العقبة إشترطوا حماية النبي محمد في المدينة فقط و تبرؤا من ذلك حتى دخوله اليهم في المدينة حيث قالوا له وقتها:

يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا ، فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا
فقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بإستشارة من معه، فتكلم كل من أبو بكر و عمر بن الخطاب، ثم قام المقداد بن عمرو فقال:

يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ههنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه
ثم وجه النبي كلامه إلى الأنصار قائلا :أشيروا علي أيها الناس، فقال له سعد بن معاذ :

والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟
فقال النبي محمد : أجل
فقال سعد:

فقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء . لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله .
فقال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم

أكمل بعدها المسلمون طريقهم من ذفران، فمروا بمنطقة تسمى الأصافر، ثم إلى بلد تسمى الدبة ثم جعلوا كثيب عظيم كالجبل العظيم يسمى الحنان على يمينهم، و نزلوا قريبا من بدر.

و أنطلق بعدها النبي محمد و أبو بكر الصديق حتى وصلا إلى سفيان الضمري، أحد شيوخ العرب في المنطقة، فسأله النبي محمد عن قريش ، وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الضمري: لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما ؟ فقال له: إذا أخبرتنا أخبرناك

فقال الضمري: أذاك بذاك ؟ ليجيبه محمد: نعم. فقال الضمري: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني ، فهم اليوم بمكان كذا وكذا ، (و هو المكان الذي وصله المسلمون فعلا) وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش . فلما فرغ من خبره قال: ممن أنتما ؟ فقالا: نحن من ماء، ثم إنطلقا

فلما عادا إلى معسكر المسلمين، خرج علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص، إلى ماء بدر فأسروا غلمان لقريش يحضرون الماء منهم أسلم، و هو غلام بني الحجاج وعريض أبو يسار ، و هو غلام بني العاص بن سعيد، فأعادوهم إلى معسكر المسلمين، و كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يصلي، فأستجوبوهما فقالا : نحن سقاة قريش ، بعثونا نسقيهم من الماء. فلم يصدقوهما و ضربوهما. فإضطر الرجلان للكذب و قول أنهما ملك لأبي سفيان، ليطمع المسلمون بافدية فلا يضربوهم. فلما أنها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) صلاته قال لعلي و أصحابه:إذا صدقاكم ضربتموهما ، وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا ، والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش ؟ قالا : هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى - والكثيب العقنقل - فقال لهما النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): كم القوم ؟ قالا : كثير قال: ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري ; قال: كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوما تسعا ، ويوما عشرا ، فقال: القوم فيما بين التسع مئة والألف . ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ، ونوفل بن خويلد ، والحارث بن عامر بن نوفل ، وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود ، وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، وسهيل بن عمرو ، وعمرو بن عبد ود . فخرج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى المسلمين و قال لهم: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها .


هروب أبو سفيان بالقافلة و طلبه من قريش العودة

وصول الجيشين إلى بدر

المعركة


وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".

قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله .


إعتقاد المسلمين بحضور الملائكة و نكوص إبليس
ولقد اعتقد المسلمون بان الله قد ارسل لهم ملائكه كثيرون فان كان احدهم اقبل على رجل كي يقتله كان قد قتل ولقد اكد الله انه اسل لهم ملائكه لتساعدهم


العودة إلى المدينة

فداء الأسرى
ولقد اعطى الرسول الاسرى الحريه واطلق صراحهم بشرط ان كل من يعرف الكتابه والقرائه فل يعلم 10 من المسلمين الاميين


مراجع
القران الكريم
الرحيق المختوم
تم الاسترجاع من



فهرس
1 أساب المعركة
2 إستعداد قريش للخروج
3 حال المسلمين عند مغادرتهم المدينة
4 طريق المسلمين إلى بدر
5 وصول خبر خروج قريش للمسلمين وحذرهم
6 هروب أبو سفيان بالقافلة و طلبه من قريش العودة
7 وصول الجيشين إلى بدر
8 المعركة
9 إعتقاد المسلمين بحضور الملائكة و نكوص إبليس
10 العودة إلى المدينة
11 فداء الأسرى
12 مراجع
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:53 AM   رقم المشاركة : 6
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

أبو ذر الغفاري


أبو ذر الغفاري ، جندب بن جنادة الغفاري أحد السابقين الأولين وخامس خمسة في الإسلام .

إسلامه


كان يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث من هنا وهناك ما دله على محمد بن عبد الله ، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه. و في صبيحة يوم ذهب إلى مكة فوجد هناك الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده, فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب ،

ورد عليه الرسول السلام وسأله من أين أنت؟

فقال : من غفار وهي قبيلة مشهورة في السطو ، فتعجب الرسول أن يأتيه أحد قطاع الطرق يريد الإسلام في بداية الدعوة التي كانت سرا ولم يجهر بها ، ولكن الله يهدي من يشاء فقد كان متمردا على عبادة الأصنام وما أن سمع بوجود نبي يسفه عبادة الأصنام حتى أتاه وأعلن إسلامه عند رسول الله فكان ترتيبه الخامس أو السادس .

فقال له الرسول
(يا أبا ذر أكتم هذا الأمر ، وأرجع إلى قومك ،وإذا بلغك ظهورنا فأقبل)
فقال
والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم ،
فصاح يا معشر قريش أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقاموا على ضربه حتى خلصه العباس عم النبي بحيلة أنكم تجار وستمرون في طريقكم على غفار وهذا من رجالها فتركوه.

وهكذا بدأت شخصية أبو ذر بالقوة بالحق وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم في الحق ، مع حدة وصلابة تميز بها ، فعاد أبو ذر مسلما إلى قومه .


المدينة المنورة


بعد مرور الأيام و هجرة الرسول إلى المدينة واستقرار المسلمين فيها ، يأتي يوم وإذا صفوف من المشاة والركبان فيها قبيلة غفار برجالها ونسائها وقبيلة أسلم يقودهم أبو ذر إلى المدينة مسلمين ، فتعجب الرسول من صنيع ودعوة أبو ذر ، وأستقبلهم ونظر إلى قبيلة غفار .وقال غفار غفر الله لها. ثم إلى قبيلة أسلم فقال: وأسلم سالمها الله ، ثم قال الرسول لأبي ذر : ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر .


كن أبا ذر


في غزوة تبوك أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم ، وكانت أيام عسر وشقة وحر شديد وتخلف فيها من تخلف من المنافقين والمعذورين ، وكان منهم أبو ذر الذي تخلف وأبطا به بعيره فما كان منه إلا أن نزل من فوق ظهر البعير, وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه, مهرولا, وسط صحراء ملتهبة حتى يدرك الرسول وصحبه ، فتوقف الرسول والصحابة وقفة أستراحة حتى رأى أحدهم رجل يمشي على الطريق وحده فقال الرسول : ( كن أبا ذر ) فلما أقبل كان هو أبو ذر .

فقال الرسول عليه السلام
( يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده ) .

الحديث النبوي


روى عنه: حذيفةُ بن أَسِيد الغِفاري، وابنُ عباس، وأنسُ بنُ مالك، وابنُ عمر، وجُبـير بن نُفير، وأبو مسلم الخَولاني، وزيدُ بنُ وهب، وأبو الأسود الدُّئِلي، ورِبعيُّ بنُ حِراش، والمعرورُ بن سُويد، وزِرُّ بن حُبـيش، وأبو سالم الجَيْشاني سُفيان بن هانىء، وعبدُ الرحمن بن غَنْم، والأحنفُ بنُ قيس، وقيسُ بن عُبَاد، وعبدُ الله بن الصامت، وأبو عثمان النَّهدي، وسُويد بنُ غَفَلة، وأبو مُراوح، وأبو إدريس الخولاني، وسعيدُ بنُ المُسيِّب، وخَرَشةَ بن الحُرِّ، وزيدُ بن ظبـيان، وصعصعةُ بنُ معاوية، وأبو السَّليل ضُريبُ بن نُفَير، وعبدُ الله بن شقيق، وعبدُ الرحمن بن أبـي ليلى، وعُبـيد بن عمير، وغُضيفُ بن الحارث، وعاصمُ بنُ سفيان، وعُبـيدُ بن الخَشخاش، وأبو مسلم الجَذْمِيُّ، وعطاءُ بنُ يسار، وموسى بنُ طلحة، وأبو الشعثاء المُحاربـي، ومُوَرِّقُ العِجلي، ويزيدُ بن شَريك التيمي، وأبو الأحوص المدني ـ شيخٌ للزهري ـ وأبو أسماء الرَّحَبـيُّ، وأبو بَصرة الغِفاري، وأبو العالية الرِّياحي، وابنُ الحوتكية، وجَسرةُ بنتُ دجاجة.


مع الأمراء


تبدأ قصة أبو ذر وخلافه مع الأمراء و مال المسلمين بحد يث للرسول عليه السلام ، حيث ألقى الرسول يوما هذا السؤال:

يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء؟
فأجاب قائلا: اذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي . فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: أفلا أدلك على خير من ذلك..؟ اصبر حتى تلقاني . ومضى عهد الرسول, ومن بعده عصر أبي بكر, وعصر عمر وفيها مراقبة صارمة لولاتهم في العراق, و الشام, و صنعاء ، والبلاد النائية ، وبعد الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق عمر والسلطة والثروات في الأقطار الأسلامية بدأت الأموال تفسد المجتمع ، والسلطة والجاه وغيرها فكان أبو ذر يتوجه إلى أقاليم المسلمين و ولاتها ويحذرهم من السلطة والمال ومعارضا للولاة ، فكان يردد (بشّر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة ) ، وتوجه إلى الشام .


الشام


أغلب صراعه ومعارضته كانت في الشام ، حيث الخيرات والأموال في ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وكان ذلك في حكم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان معاوية يعطي الأموال ويوزعها بغير حساب, يتألف بها الناس ، وكان أبو ذر يعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط ، وأنهم جميعا شركاء في الرزق ، وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى ، وكانت الجموع تلتف حوله ولو أراد ثورة أو سلطة أو إمارة لأخذها ولكنه أراد النصح لولي الأمر, فحدث الخلاف بين أبو ذر ومعاوية فكان أبو ذر يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما, ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية إلى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع ، ويستشعر معاوية الخطر, ولكنه يعرف له قدره, فلا يقرّ به بسوء, ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له: ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام ، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة ، وأطاع أبو ذر أمر خليفته ، ومما سمع عثمان من شكاوى ضد أبو ذر ومشايعة الجماهير لآرائه ، دار الحوار بين عثمان وأبو ذر وأستقر راي عثمان على نفيه إلى الربذة .

قال ابن العربى المالكى في كتاب العواصم من القواصم
في تحقيق مواقف الصحبة بعد موقف النبى صلى الله عليه وسلم
في معرض رده على الإتهامات التى وجهت إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه
فقال:{5-وأما نفيه أبو ذر إلى الربذة فلم يفعل(1)كان أبو ذر زاهدا وكان يقرّع عمال عثمان ويتلوا عليهم{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} ويراهم يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا فينكر ذلك عليهم ويريد تفريق جميع ذلك من بين يديهم وهو غير لازم. قال ابن عمر وغيره من الصحابة:"إن ما أديت زكاته فليس بكنز". فوقع بين أبى ذر ومعاوية رضى الله عنها كلاما بالشام, فخرج إلى المدينة فاجتمع الناس إليه فجعل يسلك تلك الطرق, فقال له عثمان رضى الله عنه:"لو اعتزلت". معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس, فإن للخلطة شروطا وللعزلة مثلها, ومن كان على طريقة أبى ذر فحاله يقتضى أن ينفرد بنفسه, أو يخالط ويسلّم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة. فخرج إلى الربذة زاهدا فاضلا, وترك جلة فضلاء, وكل على خير وبركة وفضل, وحال أبى ذر أفضل. ولا تمكن لجميع الخلق, فلو كانوا عليها لهلكوا فسبحان مرتب المنازل.}

قال المعلق الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله عز وجل (وإنما اختار أبو ذر أن يعتزل في الربذة فوافق عثمان على ذلك كما صح في حديث عبادة بن الصامت عند ابن حبان فأكرمه عثمان وجهزه بما فيه راحته (1549:موارد الظمآن)


أقواله


والذي نفسي بيده, لو وضعتم السيف فوق عنقي, ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها..!! لله درك يا أبا ذر أي رجل كنت رضى الله عنك ، ونحن الآن بحاجة إلى أبي ذر لا يخشى في الله لومة لائم


وفاته
مات في الربذة حيث جلست زوجته بجواره تبكي, وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق ؟ ، فتجيبه بأنها تبكي: لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا ، لا تبكي, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض, تشهده عصابة من المؤمنين. فأتت قافلة على رأسهم عبدالله بن مسعود . فعرفه و وقف على جثمانه قائلا : صدق رسول الله ، تمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك .





فهرس
1 إسلامه
2 المدينة المنورة
3 كن أبا ذر
4 الحديث النبوي
5 مع الأمراء
5.1 الشام
6 أقواله
7 وفاته
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:55 AM   رقم المشاركة : 7
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

الفرق بين النبي والرسول

مقدمة

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْنمْ مُسْلِمُونَ "
" يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا ونِسَاءً وَاتقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائَـلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " ، أما بعد :
فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
الفرق بين النبي والرسول مسألة علمية بحتة لا طائل تحتها وما كنت لأشمر لبحث هذه المسألة لولا أنني رأيت ما كتبه أحد الاخوة الفضلاء حيث أنه كتب رأي أحد العلماء المعاصرين وانتصر له وجاوز الحد في ذلك ؛ فأحببت أن أبين من خلال هذا البحث الميسر أن هذه المسألة خلافية منذ وقت طويل ، وأن الأقوال التي ذهب لها العلماء هي مجرد اجتهادات من خلال فهم للنصوص ولا نص صريح في المسألة يفصل بينهم .
والواجب علينا معاشر طلبة العلم أن نقدر علمائنا ونجلهم ؛ ولكن لا نتعصب لأقوالهم بل نتعصب لقول ربنا عز وجل ونبينا محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أما العلماء فهم يتفاوتون في فهمهم لكلام الشارع الحكيم ، فتجد أن المسألة تعرض على عالمين يذهب كل واحد منهم لمذهب غير مذهب صاحبه ، والحق مع أحدهم .
وكم أهلك التعصب أمة محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وجعلها جامدة حتى نادا من نادا بأن الاجتهاد قد أوصدت دونه الأبواب ، وكم حورب عالم من أجل قول آخر وكم ترك الحق من أجل أن فلان يقول بغيره فتابعه الناس .

وسأتناول هذه المسألة من خلال المطالب التالية :
أولا :عرفت معنى كلمة النبي ومعنىكلمة الرسول من الناحية اللغوية .
ثانيا : بينت أن عامة أهل العلم يقلون بالفرق بين النبي والرسول وشذ من قال بعدم الفرق وسأذكر الرد على مقال بعدم الفرق .
ثم أبين رأي العلماء في الفرق بين النبي والرسول ، ثم أذكر الراجح من الأقوال وهو أقربها بإذن الله

هذا والله اسأل أن يرزقني وجميع إخواني من طلبة العلم الأدب وسعة الأفق في التعامل مع المخالف ، وأن يعيذنا من قلة الأدب وسوء التعامل مع الإخوة المخالفين من أهل السنة ، وأن ينفع الكاتب والقارئ بهذه الكلمات .
ولا يسعني في الختام إلا أن أشكر طابع هذه الكمات راجي الثواب من ربه سبحانه وتعالى شقيقي عبدالرؤوف بن محمد بن عليّ الهرفي أسكنه الله الفردوس الأعلى من الجنة .. آمين

وكتب
عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي
الدمام
2/1/1421هـ





المطلب الأول : التعريف اللغوي لكلمة النبي والرسول

قال المناوي في التعاريف : ( الرسول لغة من يبلغ أخبار من بعثه لمقصود سمي به النبي المرسل لتتابع الوحي عليه إذ هو فعول بمعنى مفعول ، والرسول رجل بعث إلى الخلق لتبليغ الأحكام ) ( )
وقال الجرجاني في التعريفات : ( النبي من أوحي إليه بملك أو ألهم في قلبه أو نبه بالرؤيا الصالحة فالرسول أفضل بالوحي الخاص الذي فوق وحي النبوة لأن الرسول هو من أوحي إليه جبرائيل خاصة بتنزيل الكتاب من الله ) ( )
وقال ابن منظور في لسان العرب : ( الرسول بمعنى الرسالة يؤنث ويذكر فمن أنث جمعه أرسلا قال الشاعر : قد أتتها أرسلي ، ويقال : هي رسولك . وتراسل القوم أرسل بعضهم إلى بعض . وفي التنـزيل العزيز : "فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ومعناه إنا رسالة رب العالمين أي ذوا رسالة رب العالمين . ولم يقل رُسُلُ فوضع الواحد موضع الجمع لأن فعولا وفعيلا يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع . والجمع أَرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاءِ الأخيرة عن ابن الأعرابي وقد يكون للواحد والجمع . وسمي الرسول رسولا لأنه ذو رسول أي ذو رسالة والرسول اسم من أرسلت وكذلك الرسالة وأرسلت فلانا في رسالة فهو مرسل و رسول وقوله عز : "وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءَايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا " قال الزجاج : يدل هذا اللفظ على أن قوم نوح قد كذبوا غير نوح ـ عليه السلام ـ بقوله الرسل ويجوز أن يعنى به نوح وحده لأن من كذب بنبي فقد كذب بجميع الأنبياء لأنه مخالف للأنبياء لأن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يؤمنون بالله وبجميع رسله ويجوز أن يكون يعني به الواحد) ( )
وقال الراغب في مفردات القرآن : ( أصل الرسل الانبعاث على تؤدة يقال ناقة رسلة سهلة السير ومنه الرسول المنبعث ) ( ) . وقال ابن منظور : ( النبيء المخبر عن عز وجل لأنه أنبأ عنه وهو فعيل بمعنى فاعل قال ابن بري صوابه أن يقول فعيل بمعنى مفعل مثل نذير بمعنى منذر وأليم بمعنى مؤلم ، وفي النهاية فعيل بمعنى فاعل للمبالغة من النبإ الخبر لأنه أنبأ عن الله أي أخبر قال ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه يقال نبأ و نبأ و أنبأ قال سيبويه : ليس أحد من العرب إلا ويقول تنبأ مسيلمة بالهمز غير أنهم تركوا الهمز في النبي ؛ إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهمزون غيرها ويخالفون العرب في ذلك . قال والهمز في النبيء لغة رديئة يعني لقلة استعمالها لا لأن القياس يمنع من ذلك ألا ترى إلى قول سيدنا رسول الله وقد قيل : يا نبيء الله فقال : " له لا تنبر باسمي فإنما أنا نبي الله " وفي رواية فقال : "لست بنبيء الله ولكني نبي الله " وذلك أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنكر الهمز في اسمه فرده على قائله لأنه لم يدر بما سماه فأشفق أن يمسك على ذلك ،  والجمع أنبئاء و نبآء العلة كعيد وأعياد النبي هو من أنبأ عن فترك همزه ،  وإن أخذ من النبوة و النباوة وهي الارتفاع عن الأرض أي إنه أشرف على سائر الخلق فأصله غير الهمز ) ( ) . وقال زكريا الأنصاري في الحدود الأنيقة : ( الرسالة انبعاث أمر من المرسل إلى المرسل إليه وأصلها المجلة أي الصحيفة المشتملة على قليل من المسائل التي تكون من نوع واحد . والرسول لغة من يبلغ أخبار من بعثه لمقصود سمي به . والنبي المرسل لتتابع الوحي عليه إذ هو فعول بمعنى مفعول . والرسول باعتبار الملائكة أعم من النبي إذ قد يكون من الملائكة بخلافه وباعتبار البشر أخص منه إذ الرسول رجل بعث إلى الخلق لتبليغ الأحكام الرسول في الفقه من أمره المرسل بأداء الرسالة بالتسليم والقبض الرسم نعت يجري في الأبد بما يجري في الأزل أي في سابق علمه تعالى) ( ) .

المطلب الثاني :


يفرق عامة أهل العلم بين النبي والرسول ـ وشذ من لم يفرق ـ ويعتمدون في تفريقهم على بعض الآيات ـ ستأتي فيما بعد ـ وحديث أبي ذر وأبي أمامة ـ رضي الله عنهما ـ وهما مقبولان بالجملة وسنورد كلام أهل العلم عنهما فيما يأتي .
وسنذكر في هذا المطلب قول من قال بعدم الفرق ثم نورد الرد عليه ثم نبدأ بذكر أقوال أهل العلم في التفريق ، وأحب أن أبين أنه لا دليل يرجع له في التفريق وكل قول عليه اعتراضات وقد لا يسلم شيء منها من اعتراض ولكن التفريق للأغلب .

وأقوال أهل العلم في التفريق بين النبي والرسول كالتالي :
القول الأول : أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ والرسول من أوحي إليه وأمر بالبلاغ .
القول الثاني : النبي من بعث بواسطة جبرائيل ـ عليه السلام ـ والنبي من بعث مناما . وهو أضعف الأقوال .
القول الثالث : أن الرسول من بعث لقوم مخالفين والنبي من أرسل لقوم موافقين .
القول الرابع : أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل .

هذه الأقوال التى وقفت عليها وسنبدأ بقول من قال بعدم الفرق .
قال الشيخ العلامة رئيس محاكم قطر ابن محمود ـ رحمه الله ـ : ( كل نبي فإنه رسول وأنه لا فرق بين الرسول والنبي إلا بمجرد الاسم والمسمى واحد ) ( ) !!.
قال الشيخ العلامة حمود التويجري ـ رحمه الله وغفر له ـ : ( فجوابه من وحهين أحدهما أن يقال قد دل القرآن والسنة على التفريق بين الرسول والنبي ، والقرآن الكريم هو حجة الله على العالمين . فأما الدليل من القرآن فقد قال الله تعالى في سورة الحج { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشطان أمنيته } الآية فقد فرق تبارك وتعالى بين الرسول والنبي وعطف النبي على الرسول والعطف يقتضي المغايرة ( ) .
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في كتب الإيمان : ( وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما ) . وسيأتي قول الرازي : ( أن عطف النبي على الرسول يوجب المغايرة وهو من باب عطف العام على الخاص ) .
وادخال حرف " لا " بين الواو والعطف والمعطوف صريح في التفريق بين الرسول والنبي كقوله تعالى : { مالك من الله من ولي ولا نصير } وقوله : { مالهم من دونه من ولي ولا شفيع } وقوله تعالى : { مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } وقوله تعالى : { فما له من قوة ولا ناصر } وأمثال هذه الآيات . وقد جاء في " تنوير المقباس . من تفسير ابن عباس " ما نصه : (( { وما أسلنا من قبلك } يا محمد { من رسول } مرسل { ولا نبي } محدث ليس بمرسل { إلا إذا تمنى } قرأ الرسول أو حدث النبي { ألقى الشيطان أمنيته } في قراءة الرسول وحديث النبي ) .
وقال ابن جرير في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان أمنيته } الآية : ( فتأويل الكلام ولم يرسل يا محمد من قبلك من رسول إلى أمة من الأمم ولا نبي محدث وليس برسل إلا إذا تمنى ) ( ) . وقال القاضي عياض : ( المعنى وما أرسلنا من رسول إلى أمة أو نبي ليس مرسل إلى أحد ) . وقال الثعالي في تفسير قوله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } : ( الرسول الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل عيانا وما ورثه إياه شفاها ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ) . وقال الواحدي في قول الله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } : ( الرسول الذي أرسل إلى الخلق بارسال جبريل إليه عيانا ومحاورته شفاها ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ) قال وهذا معنى قول القراء : ( الرسول النبي المرسل ، والنبي المحدث الذي لم يرسل ) انتهى منقولا من " تهذيب الأسماء واللغات " لأبي زكريا النووي . وقال البغوي في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول } : [ وهو الذي يأتيه جبريل بالوحي عيانا ( ولا نبي ) وهو الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما ، وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ] ( ) . وقال الزمخشري في قوله تعالى : { من رسول ولا نبي } : ( دليل بين على تغاير الرسول والنبي ) . وقال الرازي في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( المسألة الأولى من الناس من قال الرسول هو الذي حدث وأرسل ، والنبي هو الذي لم يرسل ولكنه ألهم أو رأى في النوم ، ومن الناس من قال إن كل نبي يكون رسولا وهو قول الكلبي والفراء ، وقالت المعتزلة : كل رسول نبي وكل نبي رسولا ولا فرق بينهما  ثم ذكر الرازي أن هذه الآية دالة على أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول رسولا ، وقال لأنه عطف على الرسول وذلك يوجب المغايرة وهو من باب عطف العام على الخاص . وقال في موضع آخر : ( وكم أرسلنا من نبي في الأولين ) وذلك يدل على أنه كان نبيا فجعله الله مرسلا وهو يدل على قولنا ) . وقال القرطبي في تفسيره عند قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( وقال الفراء الرسول الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل إليه عيانا ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، قال المهدوي وهذا الصحيح أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، وكذا ذكر القاضي عياض في كتاب الشفاء ، قال والصحيح والذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا واحتج بحديث أبي ذر وأن الرسل من الأنبياء ثلاثمائة وثلاثة عشر أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقال عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي المتوفى سنة سبعمائة وعشر في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } : ( هذا دليل بين على ثبوت التغاير بين الرسل والنبي بخلاف ما يقول البعض أنهما واحد ) . وقال ابن جزيء الكلبي الغرناطي في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( النبي أعم من الرسول فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا فقدم الرسول لمناسبته لقوله وما أرسلنا وأخر النبي لتحصيل العموم لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبيا غير رسول ) . وفي تفسير مجاهد عند قول الله تعالى في سورة مريم { وكان رسولا نبيا } قال : النبي هو الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل ، والرسول هو الذي يرسل . وقد قال سفيان الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ، وروى محمد بن اسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إل خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها ، وروى ابن جرير عن أبن أبي مليكة قال رأيت مجاهدا سأل عن ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال فيقول له ابن عباس أكتب حتى سأله عن التفسير كله . وعلى هذا فقول مجاهد في تفسير الآية من سورة مريم يحتمل أنه مما أخذه عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم . وقال القرطبي في تفسير سورة الأعراف عند قوله تعالى :{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ } الآية قال : ( والرسول والنبي إسمان لمعنيين فإن الرسول أخص من النبي وقدم الرسول اهتماما لمعنى الرسالة وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراء حين قال : " وبرسولك الذي أرسلت " فقال : " قل بنبيك الذي أرسلت " خرجه في الصحيح ، وأيضا فإن قوله [ وبرسولك الذي أرسلت ] تكرير الرسالة وهو معنى واحد فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه بخلاف [ ونبيك الذي أرسلت ] فإنهما لا تكرار فيهما وعلى هذا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا لأن الرسول والنبي يشتركان في أمر عام وهو النبأ وافترقا في أمر وهي الرسالة فإذا قلت محمد رسول من عند الله تضمن ذلك أنه نبي ورسول وكذلك غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ] . وقال ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب عند قول الله تعالى { ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } : ( فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ) . وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة المدثر بعد ما قرر أن أول من نزل من القرآن أول سورة { أقرأ } قال : ( وقوله تعالى : { قم فأنذر } أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة ) . وأما الدليل من السنة ففي عدة أحاديث أحدها ما رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضؤك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول " فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت قال " لا ، ونبيك الذي أرسلت " ، وفي رواية الترمذي قال البراء فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال فطعن بيده في صدري ثم قال " وبنبيك الذي أرسلت " . وهذا الحديث صريح في التفريق بين الرسول والنبي وقد استدل به غير واحد من أكابر العلماء على التفريق بينهما ، وقد تقدم كلام القرطبي في ذلك تقريبا . وقال الخطابي : ( والفرق بين النبي والرسول أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبئ وأخبر به ، والنبي هو المخبر ولم يؤمر بالتبليغ ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . قال ومعنى رده على البراء من رسولك إلى نبيك أن الرسول من باب المضاف فهو ينبئ عن المرسل والمرسل إليه فلو قال ورسولك ثم قال الذي أرسلت لصار البيان مكررا معادا ، فقال ونبيك الذي أرسلت إذ قد كان نبيا قبل أن يكون رسولا ليجمع له الثناء بالإسمين معا ويكون تعديدا للنعمة في الحالين وتعظيما للمنة على الوجهين ). وقد نقله عنه ابن الاثير في جامع الأصول وأقره .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في قوله وبرسولك الذي أرسلت قال " لا وبنبيك الذي أرسلت " : ( قال القرطبي تبعا لغيره هذا حجة لمن لم يجز نقل الحديث بالمعنى وهو الصحيح من مذهب مالك ، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع فإن النبوة من النبأ وهو الخبر ، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا ، وإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول وإلا فهو نبي غير رسول ، وعلى هذا فكل رسول نبي بلا عكس ، فإن النبي والرسول إشتركا في أمر عام وهو النبأ وافترقا في الرسالة فإذا قلت فلان رسول تضمن أنه نبي رسول ، وإذا قلت فلان نبي لم يستلزم أنه رسول فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ لاجتماعهما فيه حتى يفهم من كل واحد منهما من حيث النسق ما وضع له وليخرج عما يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة ) .

القول الأول : أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ والرسول من أوحي إليه وأمر بالبلاغ
قال السفاريني ـ رحمه الله ـ : ( لفظ النبي قال في المطلع يهمز ولا يهمز فمن جعله من النبأ همزه لأنه ينبئ الناس عن الله ولأنه ينبأ هو بالوحي ومن لم يهمز فإما سهله وإما أخذه من النبوة وهي الرفعة لارتفاع منازل الأنبياء على الخلق ، وقيل مأخوذ من النبي الذي هو الطريق لأنهم الطرق الموصلة إلى الله تعالى . وهو إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بتبليغه فهو رسول أيضا على المشهور بين النبي والرسول عموم وخصوص مطلق ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . والرسول أفضل من النبي اجماعا لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة على الأصح خلافا لابن عبد السلام ووجه تفضيل الرسالة لأنها تثمر هداية الأمة والنبوة قاصرة على النبي فنسبتها إلى النبوة كنسبة العالم العابد ، ثم أن محل الخلاف فيهما مع اتحاد محلهما وقيامهما معا بشخص واحد أما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة ضرورة مأخوذ من الصفوة مثلثة مع زيادة )( )
قال الإمام ابن أبي العز : ( وقد ذكروا فروقا بين النبي والرسول ، أحسنها : أن من نبأه الله بخير السماء إن أمره أن يبلغ غيره ، فهو نبي رسول ، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره ، فهو نبي وليس برسول . فالرسول أخص من النبي ، فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا ، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها ، فالنبوة جزء من الرسالة ، إذ الرسالة في تتناول النبوة وغيرها ، بخلاف الرسل ، فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم ، بل الأمر بالعكس . فالرسالة أعم من جهة نفسها , وأخص من جهة أهلها .وإرسال الرسل من أعظم نعم الله على خلقه ، وخصوصا محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ، كما قال تعالى : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } ( آل عمران : 164 ) . وقال تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 ) ).( )
وسل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : هل هناك فرق بين الرسول والنبي ؟ فقال : ( نعم ، فأهل العلم يقولون : إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ .
والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به . فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، والأنبياء أكثر من الرسل ، وقد قص الله بعض الرسل في القرآن ولم يقصص البعض الآخر .
قال تعالى - : { ولقد أرسلنا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } .
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول . ) واعترض عليه بقوله كيف لا يؤمر النبي بتبليغ الشرع وقد أوحي إليه ؟؟؟
فأجاب بقوله : ( أوحى الله إلى النبي بالشرع من أجل إحياء الشرع بمعنى أن من رآه واقتدى به واتبعه دون أن يلزم بإبلاغه ، ومن ذلك ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام ، فإن آدم نبيا مكلما كما جاء ذلك عن رسول الله ، ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ، ومع هذا فليس من الرسل لأنه قد دلت السنة بل دل القرآن ، والسنة ، وإجماع الأمة على أن أول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام . وآدم لابد أن يكون متعبدا لله بوحي من الله فيكون قد أوحى إليه ولم يؤمر بالتبليغ ولهذا لا يعد من الرسل . ) ( )

القول الثاني : أن الرسول من أوحي إليه بواسطة جبريل والنبي من أوحي إليه مناما

قال الإمام عبدالقاهر البغدادي ( وقالوا في الفرق بين الرسول والنبي : إن كل من نزل عليه الوحي من الله تعالى على لسان ملك من الملائكة وكان مؤيدا بنوع من الكرامات الناقضة للعادات فهو نبي ، ومن حصلت له هذا الصفة وخص أيضا بشرع جديد أو ينسخ بعض أحكام شريعة كانت قبله فهو رسول ، وقالوا :إن الأنبياء كثير ، والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وأول الرسل أبو جميع البشر هو آدم عليه السلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، على خلاف قول المجوس في دعواهم أبو جميع البشر كيومرت الملقب بكاشاء ، وخلاف قولهم : إن آخر الرسل زرادشت ، وخلاف قول من زعم من الخرمية أن الرسل تترى لا آخر لهم( ) )

القول الثالث : أن الرسول من بعث لقوم مخالفين ، والنبي من بعث لقوم موافقين
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله وقدس روحه ـ : ( فالنبي هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول وأما إذا كان انما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته }وقوله {من رسول ولا نبي} فذكر إرسالا يعم النوعين وقد خص أحدهما بأنه رسول فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته الى من خالف الله كنوح . وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث الى أهل الأرض وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس ـ عليهما السلام _ وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول . وكذلك أنبياء بني اسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى الى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود . فالانبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره ونهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله به من الخبر والامر والنهي فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر أو مجنون} وقال {ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك} فان الرسل ترسل الى مخالفين فيكذبهم بعضهم . وقال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ(109)حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ " { انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد }فقوله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولا عند الاطلاق لانه لم يرسل الى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " العلماء ورثة الانبياء " وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا } وقال تعالى { انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان النبوات وآتينا داود زبورا . ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما } . والإرسال اسم عام يتناول إرسال الملائكة وإرسال الرياح وإرسال الشياطين وإرسال النار قال تعالى { يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس } وقال تعالى { جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة } فهنا جعل الملائكة كلهم رسلا والملك في اللغة هو حامل الألوكة وهي الرسالة وقد قال في موضع آخر { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } . فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء } وقال تعالى { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } وقال تعالى { إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين توزهم أزا} . لكن الرسول المضاف الى الله اذا قيل رسول الله فهم من يأتي برسالة من الله من الملائكة والبشر كما قال { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } وقالت الملائكة { يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا اليك } . وأما عموم الملائكة والرياح والجن فإن إرسالها لتفعل فعلا لا لتبلغ رسالة قال تعالى { اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا } . فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ونهيه هم رسل الله عند الاطلاق وأما من أرسله الله ليفعل فعلا بمشيئة الله وقدرته فهذا عام يتناول كل الخلق كما أنهم كلهم يفعلون بمشيئته وإذنه المتضمن لمشيئته لكن أهل الايمان يفعلون بأمره ما يحبه ويرضاه ويعبدونه وحده ويطيعون رسله والشياطين يفعلون بأهوائهم وهم عاصون لامره متبعون لما يسخطه وان كانوا يفعلون بمشيئته وقدرته ) ( )

القول الرابع : الرسول من أوحي إليه بشرع جديد وأمر بالتبليغ والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل .
وقال النسفي ـ رحمه الله ـ : ( … وسئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الانبياء فقال مائة الف وأربعة وعشرون ألفا فقيل فكم الرسل منهم فقال ثلثمائة وثلاثة عشر والفرق بينهما أن الرسول من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه والنبي من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر ان يدعو إلى شريعة من قبله وقيل الرسول واضع شرع والنبى حافظ شرع غيره ) ( ) وقال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ : ( قال تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية . يدل على أن كلا منهما مرسل ، وانهما مع ذلك بينهما تغاير واستظهر بعضهم أن النبي الذي هو رسول أنزل إليه كتاب وشرع مستقل مع المعجزة التي ثبتت بها نبوته ، وأن النبي المرسل الذي هو غير الرسول ، وهم من لم ينزل عليه كتاب وإنما وأوحي إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله ، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة ، كما بينه تعالى بقوله : { يحكم بها النبيون الذين أسلموا } الآية ) ( ) . وقال الشيخ عبدالرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ : ( النبي : مشتق من النبأ ، بمعنى : الخبر ، فإذا كان المراد أنه يخبر أمته بما أوحى الله إليه ، فهو فعيل ، بمعنى : فاعل ، وإن كان المراد أن الله يخبره بما يوحى إليه ، فهو فعيل ، بمعنى : مفعول ، ويصح أن يكون مأخوذا من النبء ( بالهمزة وسكون الباء ) ، أو النبوة ، أو النباوة ( بالواو ) ، وكلها بمعنى : الارتفاع والظهور ، وذلك لرفعة قدر النبي ، وظهور شأنه ، وعلو منزلته . والفرق بين النبي والرسول : أن الرسول من بعثه الله إلى قوم ، وأنزل عليه كتابا ، أو لم ينزل عليه كتابا لكن أوحى إليه بحكم لم يكن في شريعة من قبله ؛ والنبي من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة دون أن ينزل عليه كتابا ، أو يوحى إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ ، وعلى ذلك ، فكل رسول نبي ن ولا عكس , وقيل : هما مترادفان ، والأول أصح . ) ( )

قال الشيخ الأستاذ الدكتور عمر الأشقر : ( النبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل ؛ والرسول من بعث بشرع جديد للأتي :
الأول : أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ " فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ فإن الإرسال يقتضي من النبي الإبلاغ .
الثاني : أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى ، والله لا ينـزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس ، ثم يموت هذا العلم بموته . ( )
الثالث : أن عوام بني إسرائيل أخذ عليهم الميثاق فكيف بالأنبياء ؟. قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ" آل عمران (187) .
الرابع : ومن الأدلة القاطعة كذلك ما أخرجه البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ . " ( ) فهذا النبي معه الرهط من أتباعه فكيف يتبعوه لولا البلاغ ؟ .
الخامس : وقد كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما مات نبي قام نبي آخر أخرج البخاري عن أَبَي هُرَيْرَةَ قال : قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي " قال الحافظ ـ رحمه الله ـ ( قوله : ( تسوسهم الأنبياء ) أي أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيا لهم يقيم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة ) . وقال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) " البقرة ، علم هذا النبي بأمر طالوت بالوحي ثم بلّغ أمر ربه جل وعلا ، وقال تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112) " الأنعام


الجواب على من قال أنه لا فرق بين النبي والرسول :
وفي تفسير مجاهد عند قول الله تعالى في سورة مريم { وكان رسولا نبيا } قال : النبي هو الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل ، والرسول هو الذي يرسل .
وقد قال سفيان الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .وعلى هذا فقول مجاهد في تفسير الآية من سورة مريم يحتمل أنه مما أخذه عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم .
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في كتب الإيمان : ( وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما ) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ( ولم يبق في الآية الكريمة المسئول عنها إشكال إلا ما يقتضيه ظاهرها من رسالة الرسول ورسالة النبي المغاير للرسول ، إذ معنى الكلام { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا أرسلنا من قبلك من نبي } فما عليه أكثر العلماء من أن النبي أعم من الرسول مطلقا وأن الرسول أخص من النبي مطلقا ، وأن النبي هو من أوحي إليه وحي أمر بتبليغه أم لا ؟ والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ خاصة لا تساعده هذه الآية الكريمة لأنها تقتضي رسالة الرسول ، ورسالة النبي المغاير للرسول ، وللعلماء عن هذا الإشكال أجوبة بتعين حمل المعنى على بعضها منها أن الرسول هو الذي يأتيه جبريل بالوحي عيانا ، والنبي هو الذي تكون نبوته إلهاماً أو مناماً ، ومنها أن الرسول من بعث بشرع جديد ، والنبي من بعث لتقرير شرع من قبله كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يوحى إليهم أن يعملوا بما أنزل قبلهم في التوراة . ومنها أن الرسول من بعث بكتاب ، والنبي من بعث بغير كتاب ، وعلى كل من هذه الأوجه فلا إشكال في الآية الكريمة( ) )
قال الألوسي 17 / 173 : وعطف نبي على رسول يدل على المغايرة بينهما وهو الشائع ويدل على المغايرة أيضا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأنبياء فقال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل فكم الرسل منهم قال ثلثمائة وثلاثة عشرة جما غفيرا وقد أخرج ذلك كما قال السيوطي أحمد وابن راهوية في مسنديهما من حديث أبي أمامة وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر وزعم ابن الجوزي أنه موضوع وليس كذلك نعم قيل في سندع ضعف جبر بالمتابعة وجاء في رواية الرسل ثلثمائة وخمسة عشر واختلفوا هنا في تفسير كل منهما فقيل الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام وقيل الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم وإن لم يكن جديدا في نفسه كإسماعيل عليه السلام إذ بعث لجرهم أولا والنبي يعمه ومن بعث بشرع غير جديد كذلك وقيل الرسول ذكر حر له تبليغ في الجملة وإن كان بيانا وتفصيلا لشرع سابق والنبي من أوحى إليه ولم يؤمر بتبليغ أصلا أو أعم منه ومن الرسول وقيل الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبي غير الرسول من لا كتاب له وقيل الرسول من له كتاب أو نسخ في الجملة والنبي من لا كتاب له ولا نسخ وقيل من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناما وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي وأنت تعلم أن المشهور أن النبي في عرف الشرع أعم من الرسول فإنه من أوحى إليه سواء أمر بالتبليغ أم لا والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ ولا يصح إرادة ذلك لأنه إذا قوبل العام بالخاص يراد بالعام ما عدا الخاص فمتى أريد بالنبي ما عدا الرسول كان المراد به من لم يؤمر بالتبليغ وحيث تعلق به الإرسال صار مأمورا بالتبليغ فيكون رسولا فلم يبق في الآية بعد تعلق الإرسال رسول ونبي مقابل له فلا بد لتحقيق المقابلة أن يراد بالرسول من بعث بشرع جديد وبالنبي من بعث لتقرير شرع من قبله أو يراد بالرسول من بعث بكتاب وبالنبي من بعث بغير كتاب أو يراد نحو ذلك مما يحصل به المقابلة مع تعلق الإرسال( ) .)
وقال ابن جزيء الكلبي الغرناطي في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : [ النبي أعم من الرسول فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا فقدم الرسول لمناسبته لقوله وما أرسلنا وأخر النبي لتحصيل العموم لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبيا غير رسول ] انتهى .
وأما الدليل من السنة ففي عدة أحاديث أحدها ما رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضؤك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول " فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت قال " لا ، ونبيك الذي أرسلت " ، وفي رواية الترمذي قال البراء فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال فطعن بيده في صدري ثم قال " وبنبيك الذي أرسلت " .
وهذا الحديث صريح في التفريق بين الرسول والنبي وقد استدل به غير واحد من أكابر العلماء على التفريق بينهما ، وقد تقدم كلام القرطبي في ذلك تقريبا .
وقال الخطابي : [ والفرق بين النبي والرسول أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبئ وأخبر به ، والنبي هو المخبر ولم يؤمر بالتبليغ ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . قال ومعنى رده على البراء من رسولك إلى نبيك أن الرسول من باب المضاف فهو ينبئ عن المرسل والمرسل إليه فلو قال ورسولك ثم قال الذي أرسلت لصار البيان مكررا معادا ، فقال ونبيك الذي أرسلت إذ قد كان نبيا قبل أن يكون رسولا ليجمع له الثناء بالإسمين معا ويكون تعديدا للنعمة في الحالين وتعظيما للمنة على الوجهين ] انتهى وقد نقله عنه ابن الاثير في جامع الأصول وأقره  ) إلى أن قال :
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في قوله وبرسولك الذي أرسلت قال " لا وبنبيك الذي أرسلت "
وقال ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب عند قول الله تعالى { ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } [ فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ) .
وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة المدثر بعد ما قرر أن أول من نزل من القرآن أول سورة { أقرأ } قال : [ وقوله تعالى : { قم فأنذر } أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة ).


الترجيج :


هذا سرد للآراء ظهر لنا فيه كثرة الأقوال وأنها كلها اجتهادية و تستطيع أن نقول بأن الفرق ثابت بين النبي والرسول ولا مجال لنفيه حيث يوجد ما يقوي إثباته من حديث أبي ذر الذي أقل ما يقال فيه بأنه يستأنس به استأناساُ . إن لم يكن دليلا قاطعا . ولكن تحديد الفرق هو الشيء الذي لا نستطيع الجزم به حيث لا دليل يمكن الجزم به ، ولكن لعلنا من واقع ما مر معنا من أقوال نستطيع أن نعرّف النبي والرسول بهذين التعريفين التقريقبيين فنقول وبالله التوفيق :

الرسول : من أرسل إلى قوم مخالفين أو كافرين ، ويدعو الناس إلى شرعٍ معه ، ويكذبه بعض قومه ويخاصمونه وهو مأمور بالتبليغ والإنذار ، وقد يكون معه كتاب ـ وهو الأقرب ـ وقد لا يكون ، وقد يكون شرعه جديدا وقد يكون مكملا لشرع سابق ـ أي فيه زيادة ونسخ ـ .

أما النبي فهو : أوحي إليه ويبعث في قوم مؤمنين يحكم بشريعة سابقة له يدعو إليها ويحييها ، وقد يؤمر بالتبليغ والإنذار ، وقد يكون معه كتاب .
هذا ما منّ الله تعالى به ، والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من ى نبي بعده وبعد .

رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:56 AM   رقم المشاركة : 8
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

الوسطية في الاسلام
المقدمـــة

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على خير عباد الله أجمعين، محمد بن عبد الله عليه وعلى سائر أنبياء الله أفضل الصلاة والسلام.
أمابعد:
فإن موضوع الوسطية في الإسلام من المواضيع التي طرقها القرآن كثيراً، وفي هذا البحث المتواضع الذي حاولت فيه جاهداً أن أجمع ما أستطيع في هذا الشأن، وحاولت كذلك أن أجعل هذا الموضوع علمياً بحتاً، وليس مجرد تعبير جاف أو رص كلمات، وهذا البحث هو باكورة أعمالي؛ لذلك فأنا متأكد أني سأخطئ فيه كثيراً، ولكن -باعتبارنا طلاباً في الجامعة- لا بد من المحاولة حتى نتعلم.
وقد رتبت هذا البحث على محاور ستة، وهي:
1. أهمية الموضوع.
2. خصائص الإسلام.
3. الإسلام وسط بين الأمم (اليهود والنصارى).
4. أهل السنة وسط في العقيدة.
5. الوسطية في المنهج.
6. الوسطية في العبادة.
وذكر الإمام الرباني شيخ الإسلام الثاني ابن القيم في كتابه القيم الموسوم (بالفوائد) خير الأمور الوسط: (والأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط، وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة، بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به؛ فإنه متى خرج بعض أخلاطه عن العدل وجاوزه أو نقص عنه ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك) ( ).
وأملي من الله عز وجل أن ينفع بهذا البحث المتواضع، وأن يأجر كاتبه وكل من ساعد فيه.
وكتبه عبدالرحمن بن محمد الهرفي
الهفوف : 1412هـ


أهمية الموضوع

فإن هذه الأمة المحمدية، منذ بعثة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، ونزول القرآن الكريم؛ وهي تحمل المشعل المضيء في الظلام الحالك، المحيط بها ذات اليمين وذات الشمال، فكانت أمة الخير بشهادة القرآن لها. فقال تعالى: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ))[آل عمران:110].
فوصفها بالخيرية التي رفعتها عن الحضيض، أو العيش في حثالة التاريخ أو مخلفاته، ومع ذلك فهي لا تزال أمة من سائر الأمم، لم تتطاول إلى ما فوق مكانتها، ولم تدَّعِ لنفسها رتبة غير رتبتها، ولم تخرج عن قدرها لتقول عن نفسها كما قال اليهود والنصارى: (( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ )) [المائدة:18]. بل اختارت الوصف الوسط، وجعلته سمة من أبرز سماتها، والتي تحرص على تحقيقها في حياة الأفراد والجماعات والتي تعنى بالتوازن والاعتدال( ).
إن مبدأ الوسطية التي أفردت له هنا بحثاً مستقلاً، قد شغل حيزاً كبيراً في آيات الكتاب الكريم، بل بلغ الاهتمام به أن أخذ مكاناً بارزاً في فاتحة الكتاب التي يتلوها كل مؤمن في اليوم الواحد سبع عشر مرة على الأقل: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7].
أليست هذه دعوة إلى الوسطية؟
وهي تعتبر بحق طريق النجاة والاستقامة والسلامة، إذ أنها تجانب طريقين: طريق نهايته حلول الغضب من الله، وطريق آخر نهايته الضلال، والمسلم يسير بينهما على وجل وحذر من الوقوع فيهما، ولذلك شرع الله له أن يقرأ ذلكم الداء في سورة الفاتحة مراراً في كل يوم وليلة، حتى يضع أول قدميه في الجنة وعندئذٍ تحصل الطمأنينة والنعيم والحبور.


خصائص الإسلام

أ- رباني المصدر( ):
فهو وحي من الله سبحانه وتعالى: لفظاً ومعنى، وهو القرآن الكريم، أو معنى فقط، وهو السنة المطهرة، إذ لا مدخل فيه لعقول البشر.
ب- أنه دين شامل لجميع أمور الحياة في الدنيا والآخرة( ):
فلا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا وضع لها نظاماً بأروع إحكام، فهو مهيمن على الأعمال والأقوال والسلوك، وكل أمور الحياة، ولا يتم إيمان العبد إلا عندما يُخضع كل أمور حياته لهذا الدين.
ج- أنه عام لجميع البشر( ):
من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً )) [سبأ:28]. فليس خاصاً بفئة من الناس، ولا بزمان معين، وليس كتلك الرسالات السابقة التي كانت تنزل لمكان محدود، أو لفئة خاصة من الناس.
د- أنه دين وسط بين الإفراط والتفريط:
وسط في عقائده، ووسط في منهجه، ووسط في عبادته، وسط في أنظمته وأخلاقه: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )) [البقرة:143]. فهو دين العدل والخيرية والكمال، قال الشوكاني: (أمة وسطاً) أي: كما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطاً، والوسط: الخيار أو العدل. والآية محتملة المعنيين).
ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير، كان محموداً، أي أن هذه الأمة لم تغلُ غلو النصارى في عيسى عليه السلام، ولم تقصر تقصير اليهود في أنبيائهم، ويقال: وسط قومه، أي: خيارهم( ).
قال الإمام الحافظ ابن كثير: (والوسط هنا: الخيار الأجود، كما يقال: قريش وسط العرب نسباً وداراً، أي: خيرهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه، ولما جعل الله عز وجل هذه الأمة وسطاً خصها بأكمل الشرائع، وأقوى المناهج، وأوضح المذاهب) ( )، وقال صاحب الظلال: (يحدث الله عز وجل هذه الأمة عن حقيقتها الكبيرة في هذا الكون، وعن وظيفتها الضخمة في هذه الأرض وعن دورها الأساسي في حياة الناس، وهي صاحبة شخصية خاصة بها لا التي تتلقى من الناس تصوراتها وقيمها وموازينها.
(أمة وسطاً) في التصور والاعتقاد؛ لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة بلا تفريط ولا إفراط.
(أمة وسطاً) في التفكير والشعور؛ لا تجمد على ما علمت وتغلق منافذ؛ التجربة والمعرفة، ولا تتبع كذلك كل ناعق. أو تقلد تقليد القردة المضحك.
(أمة وسطاً) في الارتباط والعلاقات؛ لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تطلقه كذلك فرداً جشعاً لا هم له إلا ذاته.
(أمة وسطاً) في المكان؛ في كرة الأرض وفي أوسط بقاعها، وما تزال هذه الأمة التي عمر أرضها الإسلام إلى هذه اللحظة تتوسط العالم)( ).


الإسلام وسط بين الأمم

ذكرنا آنفاً أن القرآن الكريم طرق موضوع الوسطية في عدة آيات من كتاب الله عز وجل وذكر هذا الموضوع في أم الكتاب -السبع المثاني- وهي قوله تعالى: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7].
يقول الشيخ خليل هراس شارح الواسطية: (هذه الأمة وسطٌ بين: الأمم التي تجنح إلى الغلو الضار، والأمم التي تميل إلى التفريط المهلك؛ فإن من الأمم من غلا في المخلوقين وجعل لهم من صفات الخالق وحقوقه، كالنصارى الذين غلوا في المسيح والرهبان. ومنهم من جفا الأنبياء وأتباعهم حتى قتلهم، وردَّ دعوتهم كاليهود الذين قتلوا زكريا، ويحيى، وحاولوا قتل المسيح ورموه بالبهتان، أما هذه الأمة فقد آمنت بكل الرسل واعتقدت رسالتهم. ومن الأمم من استحلت كل خبيث وطيب. ومنها ما حرم الطيبات غلواً ومجاوزة، وأما هذه الأمة فقد أحل الله لها الطيبات وحرم عليها الخبائث.
إلى غير ذلك من الأمور التي منَّ الله بها على هذه الأمة الكاملة بالتوسط فيها( ).
يقول الدكتور السحيمي في كتابه تنبيه أولي الأبصار( ): (لقد نظر الإسلام للأنبياء والعلماء والدعاة نظرة عالية قويمة لا إفراط فيها ولا تفريط، وأنزلهم المنزلة التي تليق بهم من غير تفريط كاليهود ولا إفراط كالنصارى.
أما اليهود فقد كذبوا أنبياءهم ودعاتهم، وعذبوهم وقتلوهم وأهانوا مصلحيهم كلما أمروهم بالقسط، ولقد فضحهم الله عز وجل في كتابه حيث قال: (( وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ )) [البقرة:88]، وهكذا موقفهم دائماً من الذين يدعونهم، وذكرهم الله كذلك بقولهم: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) [آل عمران:21-22]، وعلى النقيض فالنصارى غلوا وأفرطوا في المسيح عليه السلام، فقد عظموه حتى جعلوا منه إلهاً يعبد، فخرجوا بذلك عن الصراط المستقيم إلى الكفر، قال تعالى: (( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) [المائدة:72-74]، ولم يقف الأمر إلى هذا الحد، بل أعطوا علماءهم حق التشريع من دون الله ولو خالف كلام الله عز وجل بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم ووصفهم الله تعالى بقوله: (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [التوبة:31].
وقد وصل بهم الحال من الغلو إلى حد اعتقاد العصمة للبابا، ولم يقف عند هذا الحد بل قدسوهم أمواتاً كذلك.
أما موقف أهل السنة وعقيدتهم فهي: أن الإسلام وقف مع الأنبياء، فقد أكرمهم وأنزلهم منزلة سامية لا يدانيهم فيها أحد من البشر، وهي: أنهم صفوة الله من خلقه، ومع هذا فإنهم بشر يجري عليهم ما يجري على سائر البشر، من الحاجة إلى الطعام والشراب، والنوم والنكاح، والمرض والموت.. ونحو ذلك مما جَبَلَ الله عليه البشر، أما الموت ففي قوله تعالى: وهو يحكي عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) [آل عمران:144]، وقد رفع الإسلام مكانة الأنبياء في القلوب، حتى جعل تقديم حب الله ورسوله على كل شيء، بل وجعله سبباً من أسباب تذوق حلاوة الإيمان، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)، وهل يؤثر عن أمة من الأمم، أو منهج من المناهج أنه أنصف علماءه ودعاته مثل الإسلام؛ فهو وسط بين ظلم اليهود وجورهم، وإفراط النصارى وغلوهم، ونجد عدل الإسلام واعتداله، وتوسطه واتزانه، فيما يتحدث به عن مكانة العلماء والمصلحين كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، وبجانب هذه المكانة أكد الإسلام عدة أمور تعصم من السقوط في المزالق، هي:
أ‌- الطاعة لله ورسوله فقط.
ب‌- العصمة للأنبياء فقط.
ج- من عدا الأنبياء يصيبون ويخطئون، ولا يقلل هذا من شأنهم، ولا يمحو حسناتهم، ولا يبخسهم حقهم، فيطاعون فيما أصابوا فيه منهج الله، ويستغفر لهم فيما جانبهم الصواب فيه.
د- وعند الاختلاف يرجع الأمر إلى كتاب الله والسنة المطهرة( )، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) [النساء:59].


الوسطية في العقيدة

سنتطرق في هذا الموضوع إلى ضلال بعض الفرق، وسنذكر كيف توسط أهل السنة بينهم، ونرتبها على الشكل التالي:
أ‌- في باب الأسماء والصفات لله تعالى.
ب‌- في باب أفعال العباد.
ج‌- في باب وعيد الله.
د‌- في باب أسماء الإيمان والدين.
ه- في باب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر شيخ الإسلام وشامة الشام وعلامة الأنام: (أن أهل السنة وسط، بمعنى عدول خيار، وبمعنى: أنهم متوسطون بين فريقي الإفراط والتفريط؛ فهم وسط بين الفرق المنتسبة للإسلام وكذلك وسط بين أهل البدع الذين حادوا عن الحق) ( ).

وسط في باب الأسماء والصفات:
أهل السنة وسط في باب الأسماء والصفات بين الجهمية والمشبهة.
الجهمية: (نسبة لجهم بن صفوان) وهؤلاء غلوا وأفرطوا في التنزيه حتى نفوا أسماء الله وصفاته حذراً من التشبيه بزعمهم)( )، (لا يثبتون صفات الله عز وجل، بل يعطلونها هروباً من التشبيه)( )، فوقعوا في بدعة لرد بدعة أخرى.
المشبهة: هؤلاء غلوا في صفات الله عز وجل، حتى شبهوا المخلوق بصفات الخالق)( )، (غلوا في إثبات الصفات فشبهوا صفات الله بصفات المخلوقات)( ).
الأشاعرة: ينفون بعضها ويثبتون بعضها( ).
المعتزلة: ينفون الصفات دون الأسماء( ).
أهل السنة والجماعة: توسطوا بين الفرق، فأثبتوا صفات الله عز وجل على الشكل اللائق بجلاله، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل) ( )، يثبتون صفات الله عز وجل وينفون، مماثلتها للمخلوقات( ).
وقوله: (بين التشبيه والتعطيل) ( )؛ أنه تعالى يحب أن يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تشبيه، فلا يقال: سمع كسمعنا، ولا بصر كبصرنا.. ونحوه. ومن غير تعطيل، فلا ينفى عنه ما وصف به نفسه، أو وصفه به أعرف الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك تعطيل. ونظير هذا القول قوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه) ( )، وهذا المعنى مفهوم من قوله تعالى: (( فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنْ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) [الشورى:11] فقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على المشبهة، وقوله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) رد على المعطلة( ).
وسط في باب أفعال العباد:
أهل السنة وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية.
الجبرية: (أتباع الجهم ينفون فعل العبد الاختياري ويقولون: إنه مجبور على فعله، وأن أفعاله نفس أفعال الله) ( )، ولفظ الجبرية: (نسبة إلى الجبر؛ لأنهم غلوا في إثبات الفعل لله عز وجل، ونفوا الفعل من العباد، وأن العبد مجبور على فعله فحركاته كحركات المرتعش) ( ).
القدرية: (يقولون: إن العبد يخلق أفعاله ويجعلها دون مشيئة الله، وقدرته لهذا سمو مجوس هذه الأمة) ( )، ولفظ القدرية: (نسبة إلى القدر، فقد غلوا فيه حتى قالوا: إن العبد يخلق الفعل بنفسه بدون مشيئة الله( )، ويقولون: إن الأمر أُنُف، وكذلك يعتقدون أن الله عز وجل لا يعلم بالفعل إلا بعد وقوعه).
أهل السنة والجماعة: توسطوا فقالوا: أن للعبد مشيئةً وأفعالاً، ولكن لا يفعل شيئاً بدون إرادة الله عز وجل ومشيئته( ) (( وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )) [الصافات:96]؛ للعبد قدرة وإرادة وفعل وهبها الله له لتكون أفعاله حقيقة لا مجازاً، فهي من العبد كسباً ومن الله خلقاً، مع اعتقادهم أن الله خلق كل شيء )) ( ).
وسط في باب وعيد الله:
أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية.
المرجئة: (نسبة للإرجاء، وهو: التأخير. وسموا بذلك لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة) ( ).
(أتباع جهم أيضاً قالوا: لا تضر الذنوب مع الإيمان، فالناس سواء فاسقهم وصالحهم، ولا يعاقب مرتكب الكبيرة؛ فالأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان عندهم) ( ).
(والإيمان هو: الإقرار باللسان، وهو التصديق، وأن المعرفة بالله عز وجل ليست من الإيمان) ( ).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان هاهنا) أشار إلى قلبه.
الوعيدية: (فهم الذين قالوا بانقاذ الوعيد على العاصي، وشددوا في ذلك حتى قالوا: إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب فهو مخلد في نار جهنم، ويحكمون بخروجه من الإيمان في الدنيا) ( )، (مرتكب الكبيرة إذا مات كان مخلداً في النار لخروجه عن الإيمان كلية) ( ).
أهل السنة: (كانوا وسطاً، فقالوا: مرتكب الكبيرة يسمى: (فاسقاً) وينقص إيمانه، ولكنه لا يخرج من الإيمان ولا من دينه؛ فهو تحت المشيئة) ( )، (ومرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان، ويسمى فاسقاً لا كافراً، وإذا مات على كبيرة فهو تحت مشيئة الله عز وجل) ( ).
وقال أهل السنة والجماعة: وإخلاف الوعيد كرم، بخلاف إخلاف الوعد؛ فإنه يمدح بإخلاف الوعيد بخلاف الوعد( ).
قال الشاعر:
وإنــي إن أوعـدتــه أو وعـدتـــه لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وسط في باب أسماء الإيمان والدين:
أهل السنة وسط في باب أسماء الإيمان والدين بين الخوارج والمرجئة.
الخوارج (الحرورية): (نسبة للمكان الذي خرجوا فيه على علي رضي الله عنه، وهم طائفة من الخوارج، يقولون: مرتكب الكبيرة مخلد في النار، ويحكمون بكفره؛ لأنهم ينفون الإيمان عن مرتكب الكبيرة بالكلية) ( )، (ويعتقدون أن صاحب الكبيرة خالداً في نار جهنم) ( ).
المعتزلة: (يقولون: أن صاحب الكبيرة بين منزلة الكفر والإيمان، وإن مات كان مخلداً في النار) ( )، (قالوا في أسماء الإيمان: هناك منزلة بين منزلتين: الإيمان والكفر فلا هو مؤمن ولا كافر) ( ).
المرجئة والجهمية: (يقولون: مرتكب الكبيرة كامل الإيمان، ولا يستحق عقوبة عندهم، بل إيمانه كالأنبياء) ( )، (تساهلوا في ذلك وقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية؛ لأن الإيمان عندهم: تصديق بالقلب فقط، أو مع النطق باللسان، على خلاف بينهم) ( ).
أهل السنة والجماعة: (يقولون: مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان؛ ينقص إيمانه بقدر المعصية، وأمره في الآخرة مفوض إلى الله) ( )، (وقالوا: إن المعاصي لا تخرج من الإيمان لمجرد المعصية، وهو تحت المشيئة، ولا يخلد في النار كقول الخوارج والمعتزلة، والمعاصي تنقص الإيمان، ويستحق صاحبها دخول النار إلا أن يعفو الله عنه، وصاحب الكبيرة فاسق ناقص الإيمان) ( ).
وسط في أصحاب رسول الله:
أهل السنة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج.
الرافضة -قبحهم الله-: (غلوا في علي رضي الله عنه وفي آل البيت، ونصبوا العداوة لباقي الصحابة، وخاصة الشيخين وذي النورين -رضي الله عنهم أجمعين-) ( ).
(قالوا لزيد بن علي بن الحسين: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، فقال: بل نواليهما ونتبرأ ممن تبرأ منهما، فقالوا: إذاً نرفضك، وسموا رافضة) ( ).
الخوارج: (كفروا علياً وكثيراً من الصحابة، واستحلوا دماءهم وأموالهم) ( )، و(يكفرون عثمان وعلياً ومعاوية وكثيراً من الصحابة، بل يستحلون دماءهم وأموالهم) ( ).
أهل السنة والجماعة: (تولوا جميع الصحابة، ولم يكفروا أحداً منهم، وأنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيهم) ( )، (يعترفون بفضل الصحابة، ويترضون عليهم بما قاموا به من مناصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة الإسلامية) ( ).
وأجمع علماء السلف على خير هذه الأمة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. وقد كان علي رضي الله عنه يقول: (لا أجد أحداً يفضلني على الشيخين إلا أقمت عليه حد المفتري).
وبعدما تعرفنا على أنواع الانحراف وعرفنا توسط أهل السنة، فما هو سبب هذا الانحراف؟
تعال معي لنعرفها من كتاب اللالكائي( ) وقد أجملها في أمور، منها:
الأول: الغلو ويمثله الخوارج والرافضة.
أ‌. الخوارج: فقد غلوا في فهم آيات الوعيد، وأعرضوا عن آيات الرجاء.
ب‌. الرافضة: فقد غلوا في علي بن أبي طالب وآل البيت، حتى وصل الغلو إلى رفع الأئمة إلى درجة النبوة، بل وإلى مقام الألوهية.
الثاني: الرد على البدعة ببدعة مثلها أو أشد منها، وكان ذلك واضحاً في بدعة المعتزلة كخط وسط بين الخوارج والمرجئة.
الثالث: المؤثرات الأجنبية، ونعني بذلك: تأثير أرباب الأديان والمذاهب الأخرى في عقائد الفرق المنحرفة.


الوسطية في المنهج

(تتلخص وسطية الإسلام في قضية المنهج في الركن الأول من أركان الإسلام، وهو: (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، هذه الوسطية تتضمن إفراد الله -سبحانه وتعالى- بالعبادة، والقصد؛ لتكون كل الأعمال المقصود منها والغاية إنما هو رضا الله -سبحانه وتعالى- وتتضمن في جزئها الثاني: إفراد محمد صلى الله عليه وسلم في التلقي عن الله في كيفية أداء هذه العبادة المطلوبة، فلا يعبد إلا وفق ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال بعض العلماء: إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى) نصف الدين، ونصفه الآخر وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، لأن الأول يتضمن المقاصد، والثاني يتضمن المتابعة، وكلاهما شرط في صلاح العمل وتهيئته للقبول، وقد قال بعض السلف: (ما من فعلة وإن صغرت، إلا وينشر لها ديوانان. (لم؟) و(كيف؟) أي: لم فعلت؟ وكيف فعلت؟ فالأول: سؤال عن علة الفعل، وباعثه، وداعيه، هل هو حظ عاجل؟ أم الباعث على الفعل القيام بحق العبودية.
والثاني: سؤال عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك التعبد.
وهذا هو الذي بينه القرآن الكريم في قوله تعالى: (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )) [الملك:2] وهذا الأحسن بتضمن أمرين، كما فسر ذلك الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى، عندما قال: (أحسنه، أي: أخلصه وأصوبه) فأخلصه هو: (لا إله إلا الله) وأصوبه: (محمد رسول الله)، وهو الذي أشارت إليه سورة الفاتحة -أم القرآن الكريم- وفيها: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7].
الطريق الأول: طريق العباد الروحانيين من نصرانية محرمة، أو شعوذة، أو صوفية باطلة، أساسها الجهل فزاغت عن الطريق، وتجنبت الإصابة المنشودة، وإن صلحت نياتهم ومقاصدهم، خلصوهم من كل شائبة شرك لأحد آخر، فهم قد صدقوا في الإجابة على (لم؟) أي لم فعلت؟ لكن ليس عندهم إجابة عن كيف؟ أي كيف فعلت؟
الطريق الثاني: ويذكر عادة كمثال لهؤلاء السالكين اليهود، الذين غضب الله عليهم، لتنكبهم الصراط المستقيم عن علم، أما الوسط فهو الصراط المستقيم عن علم، الذي جمع بين (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أو بين (العلم والعمل)، أو (الإصابة والإخلاص)، وهو أحسن العمل الذي تعبد الله عباده به، وهو الذي يتمكن من الإجابة في النهاية على السؤالين معاً بطمأنينة وراحة بـ(لم فعلت؟ وكيف فعلت؟).


الوسطية في العبادة

(لقد سيطرت فكرة الانفصال بين الروح والجسد سيطرة كبيرة على كثير من العقائد والفلسفات، وانبعث من هذا الانفصام جنوح شديد إلى أحدهما على حساب الآخر، وبالتالي يظهر لنا أن هناك اتجاهين بارزين: أحدهما أغرق وبالغ في حق الجسم. والآخر على النقيض، إذ كان كل اهتمامه في حق الروح، وإليك بيان هذين المنهجين:
1- اليهودية: فبعد تحريف الكتاب طغت كل بنودها في تقديس المادية، فلا تقرأ في أسفار التوراة ذكراً للآخرة، حتى الوعد والوعيد فيها للمطيعين والعصاة إنما هو في الدنيا فقط، فلا يعمل الشخص إلا لتحقيق كسب حسي عاجل، أو خوف عقوبة حسية عاجلة من فقر أو مرض.. ونحوهما.
2- النصرانية: وهو المنهج القائم على الروحانيات وإعلائها وتمجيدها، وإن كان المنهج الأول تزعمته اليهودية فإن المنهج الثاني تزعمته النصرانية، وذلك أن اليهودية قامت على الماديات، وجاءت النصرانية متممة لها فلا بد أن تركز على الجوانب الروحانية، قال تعالى: (( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ * وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ )) [آل عمران:49-50].
فقد كان مجيء المسيح عليه السلام ليعدل انصراف اليهود إلى المادية البحتة، لكن اليهود عادوا المسيح وأتباعه؛ فضلت اليهودية في ماديتها، وضلت النصرانية في رهبانيتها وروحانيتها، ولم تقف الدعوة عند هذا الحد، بل ابتدع أتباع النصارى رهبانية قاسية على النفس: تحرم الزواج، وتكبت الغرائز، وترفض كل أشكال الزينة وطيبات الرزق..
وأمام هذا الغلو اليهودي الملحد وغلو المسيحيين في الترهب المبتدع جاء الإسلام ليصحح المسألة ويهدي الناس إلى أقوم السبل الطريق الوسط بين عبادة المادة وبين إرهاق الروح، ليعطي كل ذي حق حقه، قال تعالى: (( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا )) [القصص:77]).


الخاتمـة

لا يتسع المقام في بحث قصير مثل هذا أن يستوعب كل مجالات الوسطية في الإسلام! وإنما أردت في هذا البحث أن أخرج بنتيجة ناصعة وهي البرهان على وسطية الإسلام في كل أمور الحياة من خلال ضرب المثال، وخرجت كذلك بنتيجة أخرى أظن أن لها أهميتها، ألا وهي: أن هذه الوسطية ثابتة راسخة، حتى فيما يستحدث من نظم يضعها الخلق، ويحاولون فيها وضع مناهج حياة الناس، فمن شقاء البشرية أن يطلعوا على الإسلام -وهو بين أيديهم- فيعرضوا عنه ويضعوا أنظمتهم المتعددة دون الاعتماد عليه، ومما لا شك فيه أنك تجد من خلال استقراء بعض هذه النظم أن منها ما سلك أحد طريقي الانحراف، لتسلك مجموعة أخرى الطريق الآخر، وليبقى الوسط -الخير والعدل- محفوظاً، لا يستطيع أن يسير فيه إلا من اتبع منهج الله سبحانه وتعالى، وبذلك يبقى ثبات هذه الوسطية دائماً حتى مع ما يتجدد ويضعه الناس من نظم وتشريعات، فإن كثيراً من المجالات التي أشرتُ إليها متأخر عن صدر الإسلام، ونزول الوحي، ومع ذلك فالإسلام باقٍ، وسطاً عدلاً في كل عَصْرٍ ومِصْرٍ، وفي كل حال ومآل.


المراجـــع


1- القرآن الكريم.
2- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن (محمد فؤاد عبد الباقي) (دار الفكر) (1407هـ).
3- تفسير القرآن العظيم (الإمام إسماعيل بن كثير رحمه الله) (دار المعرفة الطبعة الثالثة) (1409هـ).
4- تفسير فتح القدير (الإمام الشوكاني رحمه الله) عالم الكتب.
5- تفسير في ظلال القرآن (للأستاذ سيد قطب رحمه الله) دار الشروق الطبعة السادسة عشرة (1410هـ).
6- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح د/ صالح الفوزان -مكتبة المعارف الطبعة الخامسة (1410هـ).
7- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح العلامة محمد خليل هراس - دار الهجرة الطبعة الأولى (1410هـ).
8- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح مصطفى العالم - دار المجتمع الطبعة السادسة (1405هـ).
9- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح سعيد بن علي بن وهب القحطاني.
10- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) مجموعة علماء - المكتب الإسلامي (1408هـ).
11- شرح الطحاوية في العقيدة السلفية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) تحقيق أحمد محمد شاكر - مكتب الرياض الحديثة.
12- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) - شعيب الأرنؤوط- مكتبة البيان، الطبعة الأولى(1401هـ).
13- شرح الطحاوية في العقيدة السلفية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى) عبد الرحمن عميرة - مكتبة المعارف الطبعة الثانية (1407هـ).
14- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى) بشير محمد عيون - مكتبة المؤيد الطبعة الثانية (1408هـ).
15- أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (الإمام اللالكائي) تحقيق د/ أحمد سعد حمدان (ج 1-ج2).
16- تنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار - د/ صالح بن سعد السحيمي- دار ابن حزم الطبعة الأولى (1410هـ).
17- الوسطية في ميزان الإسلام - د/ زيد بن عبد الكريم الزيد - دار العاصمة، الطبعة الأولى (1412هـ).
18- الفوائد (ابن القيم الجوزية رضي الله عنه) دار النفائس، الطبعة السابعة.
19- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة - الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الطبعة الثانية (1409هـ).
رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:57 AM   رقم المشاركة : 9
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

الإستشراق والإعجاز في القرآن الكريم
المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محَمَّد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه,
وبعد:
فهذه وقفات حول النقد الذاتي للاستشراق, تتمحور حول نظرات الأوائل من المستشرقين حول القرآن الكريم, من حيث كونُه كلامَ الله تعالى, منزَّلاً على رسوله محَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, من خلال وسيلة هي جبريل –عليه السلام-, ومحاولات طلائع المستشرقين إنكار أنْ يكونَ القرآن الكريم كتابًا منزَّلاً من عند الله تعالى, ومن ثمَّ إنكار أنْ يشتمل على أيِّ نوع من أنواع الإعجاز, بالإضافة إلى الادِّعاء بأنَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد استعان, في "تأليف" هذا الكتاب المجيد, ببعض معاصريه من أهل الكتاب. وسعى هذا البحثُ إلى التركيز على ردِّ المستشرقين على المستشرقين, فيما يمكن أنْ يدخُل في مفهوم النقد الذاتي للاستشراق.
تأتي هذه الوقفاتُ استجابةً لدعوةٍٍ كريمةٍ مشكورة من الأستاذ الدكتور محَمَّد عبدالرحيم محَمَّد عميد كلِّية دار العلوم بجامعة المنيا بجمهورية مصر العربية, رئيس المؤتمر الدولي الثالث عن العلوم الإسلامية وقضايا الإعجاز في القرآن والسنَّة بين التراث والمعاصرة, الذي يُعقد في رحاب جامعة المنيا, كلِّية دار العلوم.
آمل أنْ أكون قد وفِّقت في إثارة هذا الموضوع, بما يفتح المجال إلى مزيد من التركيز, من قبَل الباحثين العرب والمسلمين, على نظرة المستشرقين المعاصرين لأسلافهم من طلائع المستشرقين, في مواقفهم من الإسلام والقرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة, وما طرأ على هذه النظرة من تطوُّر أملته الحالة الثقافية المعولمة, التي برزت في الزمن المعاصر, دون اللجوء إلى التعميم في الأحكام, الإيجابية أو السلبية, على الاستشراق, وبما يكْفُل قدرًا من الإنصاف والاعتدال, في ضوء هذا التلاقُح الثقافي والحضاري بين الأمم, مما يستدعي قدرًا غيرَ مستهانٍ به من التسامُح والعدل في الأحكام العلمية وصنوف التعامُل الأخرى.

نقل المعلومة الشرعية


من وسائل نشر المعلومة الشرعية نقلُها لغويًا, من اللغة العربية إلى لغات أخرى, يتحدَّثها من لا يتحدَّثون العربية, من المنتمين للإسلام، ومن غير المنتمين إلى الإسلام. وتسمَّى هذه الوسيلة بالنقل والترجمة(1).
وأوَّل ما يتبادر إلى الذهن في مسألة ترجمة المعلومة الشرعية ترجمة معاني القرآن الكريم من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى(2).
القرآن الكريم كلامُ الله تعالى, المنزَّلُ من عنده, بواسطة جبريل –عليه السلام- إلى محَمَّد بن عبدالله-صلى الله عليه وسلم- النبيِّ الأمِّيِّ, لا يرقى إليه كلامُ المخلوقين, من حيث الصياغةُ والمعنى والمدلولُ والديمومةُ، وفيه ألفاظ ودلالات لا مقابلَ لها في اللغات الأخرى, ولا تتهيَّأ ترجمته إلى أيِّ لغة أخرى ترجمةً حرفية غير ميسورة, مهما قامت المحاولات, قديمًا وحديثًا, ولذا كانت هناك محاولات للتعامُل مع هذه الاستحالة بتفسير القرآن الكريم بلغات أخرى, كما اصطلح المسلمون على محاولات الترجمة, خروجًا من هذا الحرج, بأنَّها تعامُلٌ مع المعنى(3).
من سمات الإعجاز في القرآن الكريم إعجازه العلمي, بالمفهوم العلمي العام الذي لا يقتصر على العلوم التطبيقية والبحتة, إذ لا بُدَّ من التوكيد على توسيع رقعة المفهوم العلمي, من حيث كونُه إعجازًا قرآنيًا ليشمل السمات العلمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية والتربوية, التي جاءت إشارات لها في كتاب الله تعالى, دون الاقتصار فقط على العلوم التطبيقية (التجريبية) والبحتة.
يختلف التفسير العلمي للقرآن الكريم عن الإعجاز العلمي لكتاب الله, إذ إنَّ التفسير العلمي «هو الكشف عن معاني الآية في ضوء ما ترجَّحت صحَّته من نظريات العلوم الكونية. أما الإعجاز العلمي: فهو إخبار القرآن الكريم بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيرًا, وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول –صلى الله عليه وسلم-»(4).
تعالج هذه الصفحات موقفَ بعض المستشرقين من الإعجاز في القرآن الكريم, مع التركيز على نقد جهود المستشرقين في التعاطي مع القرآن الكريم بصفته وحيًا منزَّلاً على سيِّدنا رسول الله محَمَّد ابن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, بما في ذلك نقد جهود هؤلاء المستشرقين في مصدرية القرآن الكريم, من حيث نزولُه وحيًا من عند الله تعالى, في مقابل كونه تأليفًا من رسول الله محَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, أعانه عليه قوم آخرون.

العناية بكتاب الله تعالى


منذ أنْ ختم الله تعالى الأديان كلَّها بالإسلام, وختم الأنبياء والرسُل كلَّهم بمحَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, وختم الكتبَ السماويةَ كلَّها, بالقرآن الكريم، وهذا الكتاب المنزَّل هو محطُّ اهتمام المسلمين, وغير المسلمين, بالتفسير والتحليل, والسعي إلى فهمه وتمثُّله من المسلمين, والوقوف على أسرار تأثيره في النفوس من غير المسلمين(5).
تَعرَّفَ كثيرٌ من المستشرقين الأوائل على النصِّ القرآني من خلال ترجمة المستشرقين أنفسهم لمعانيه إلى اللغات الأوروبية, التي اعتمد لاحقها على سابقها, مما كان سببًا من أسباب الالتفات عن الإعجاز في القرآن الكريم. ويمكن القول إنَّه من تعرَّض لنصِّ القرآن الكريم, من المستشرقين والعلماء الغربيين, بلغته العربية كانت له مواقفُ أكثر نزاهةً ممَّن تعرَّضوا للنص القرآني مترجَمًا من مستشرقين.
الذين تعرَّضوا للقرآن الكريم من منطلق أدبي كانوا أكثر تركيزًا على إعجاز القرآن الكريم. ولا تكاد دراسات المستشرقين عن أدب العصر الجاهلي تخلو من التعرُّض للقرآن الكريم, على اعتبار أنَّ القرآن الكريم معجزٌ بلاغةً, كما أنَّه معجز من نواحٍ أخرى مختلفة(6).
لا يتوسَّع هذا البحث للحديث عن الإعجاز نفسه, فمنذ أنْ درس المسلمون الإعجاز البياني في القرآن الكريم, منذ علي بن عيسى الرمَّاني الإخشيدي الورَّاق (276 ـ 384هـ) في كتابه: الجامع لعلم القرآن, وحمد بن محَمَّد بن إبراهيم بن الخطَّاب البُستي "الخطَّابي" (319 ـ 388هـ) في كتابه: إعجاز القرآن, ومحَمَّد بن الطيِّب بن محَمَّد بن جعفر بن القاسم البصري الباقلاَّني (338 ـ 403هـ), في كتابه: إعجاز القرآن, والإنتاج العلمي في هذا المجال يزداد مع الزمن(7).
يمكن القول, دون تعميم: إنَّ دراسات المستشرقين الأوائل حول المعلومة الشرعية لا تكاد تخلو من الخلل, إمَّا أن يكون غير مقصود, أو يكون متعمَّدًا. ذلك أنَّ هؤلاء الدارسين للمعلومة قد افتقدوا إلى عاملين مهمَّين؛
أوَّلهما: الافتقار إلى الانتماء إلى هذه المعلومة, وما تمثِّله من ثقافة، ومن ثمَّ أعطاهم عدمُ الانتماء الجرأةَ في الحكم والتحليل, دون النظر إلى التأثير, ولو كان هذا التأثير سلبيًا.
العامل الثاني: هو افتقارهم إلى الإلمام باللغة التي جاءت بها المعلومة الشرعية، وهي, هنا, اللغة العربية، رغم محاولاتهم الجادَّة للسيطرة عليها(8).
هذا العامل الثاني أخفُّ بكثير من العامل الأوَّل، ولكنَّ تأثيرَه بدا واضحًا, من خلال اضطرار المستشرقين إلى الاستعانة بالضليعين باللغة العربية من العلماء والأدباء العرب, يقرأون لهم, وينسخون ما يكتبون. وقد حرصوا على أصحاب الخطوط الجميلة, في ضوء تعميم المطبعة ووسائل الاستنساخ الحديثة, ومن هؤلاء العلماء والأدباء (مرتَّبة أسماؤهم هجائيًا): إبراهيم شيُّوخ, وابن أبي شنب, وأحمد تيمور, وأحمد زكي, وأحمد عبيد, وإحسان عبَّاس, والقاضي إسماعيل الأكوع, وحسن حسني عبدالوهَّاب, وحمد الجاسر, وصلاح الدين المنجِّد, والشيخ طاهر الجزائري, والعابد الفاسي, وعبدالحيّ الكتَّاني, وفؤاد سيِّد, والفقيه التطواني, وقاسم الرجب, وكوركيس عوَّاد, ومحَمَّد إبراهيم الكتَّاني, ومحَمَّد رشاد عبدالمطلِّب, ومحَمَّد محمود بن التلاميذ التركزي الشنقيطي, ومحَمَّد المنوني, ومحَمَّد يوسف نجم, ومحمود محَمَّد الطناحي(9).
يقول رشيد رضا في كتابه: الوحي المحَمَّدي: «إنَّ ترجمات القرآن التي يعتمد عليها الإفرنج في فهم القرآن كلها قاصرة عن أداء معانيه التي تؤدِّيها عباراته العليا وأسلوبه المعجز للبشر. وهي إنما تؤدِّي بعض ما يفهمه المترجم له منهم, إنْ كان يريد بيان ما يفهمه. وإنَّه لمن الثابت عندنا أنَّ بعضهم تعمَّدوا تحريف كلمه عن مواضعه. على أنَّه قلَّما يكون فهمهم تامًّا صحيحًا. ويكثر هذا فيمن لم يكن به مؤمنًا, بل يجتمع لكلٍّ منهم القصوران كلاهما: قصور فهمه وقصور لغته»(10).
يعترف المستشرق الفرنسي المعاصر جاك بيرك أنَّ محاولته ترجمة معاني القرآن الكريم «ليست غير محاولة لتفسير معاني القرآن الكريم؛ لأنَّ الترجمة الحقيقية للنصِّ القرآني مستحيلة, فألفاظ وعبارات القرآن الكريم لها مدلولات ومؤشِّرات عميقة, ولا تستطيع اللغة (القابلة) أنْ تنقلها بكلِّ ما تحتويه من معانٍ ظاهرة وخافية»(11).
يقول مصطفى عبدالغني: «إنَّ مراجعة ترجمة جاك بيرك, هنا, تشير إلى أنَّه ـ مثل عدد من المستشرقين ـ رغم استخدامه لعدد من المناهج الغربية الجديدة على النصِّ, فإنَّه ما زال يحمل رواسبَ تاريخيةً واجتماعيةً خاصَّةً في التفسير أكثر من محاولة صارمة في المنهج»(12).
اصطَلَح المسلمون على أنْ يطلقوا على عملية نقل القرآن الكريم, وترجمته من اللغة العربية إلى أيِّ لغة أخرى, ترجمة معاني القرآن الكريم(13), ويتحرَّج المسلم العالِمُ من إطلاق الترجمة على القرآن الكريم, دون أن تكون مقيَّدةً بترجمة المعنى(14).
كان هذا مخرَجًا حفِظَ للقرآن الكريم مكانته, بلغته العربية، ودفع كثيرين من غير العرب إلى تعلُّم اللغة العربية, ليستطيعوا تذوَّق القرآن الكريم, باللغة التي نزل بها. كما أنَّه كان مخرجًا لتعدُّد ترجمات المعاني في اللغة الواحدة, على أيدي أبنائها وغير أبنائها، بل ربَّما تعدَّدت ترجمة المعاني باللغة الواحدة على يد مترجم واحد، حيث يتبيَّن له دائمًا التقصير الذي يعتريه, مع كل ترجمة للمعاني. وهذا من طبع البشر(15).
يقول عبدالله بن عبدالمحسن التركي في مقدِّمته للتفسير الميسَّر: «كان غير العرب ـ بمجرَّد دخولهم في الإسلام ـ يتعلَّمون لغة العرب, ليقرؤوا القرآن ويفهموه ويعملوا به. وحينما انحسر المدُّ الإسلامي, وضعُف المسلمون, وقلَّ الاهتمام بالعلوم الإسلامية ولغتها العربية, ظهرت الحاجة إلى ترجمة معاني كتاب الله لمن لا يتكلَّم اللغة العربية ولا يفهمها, إسهامًا في تبليغ رسالة الإسلام للناس كافَّة, ودعوةً لهم إلى هدي الله وصراطه المستقيم.
وتعدَّدت الترجمات, ودخل في الميدان من ليس أهلاً له, بل قام بذلك أناسٌ من غير المسلمين, ممَّا جعل الحاجة ملحَّةً إلى أنْ يعتني المسلمون بتوفير ترجمات صحيحة لمعاني كتاب الله, وبيان ما في بعض الترجمات من أخطاء وافتراء ودسٍّ على كتاب الله الكريم, ورسالة نبيِّنا محَمَّد –صلى الله عليه وسلم-»(16).
الاهتمام بالقرآن الكريم من قبل الغربيين أدَّى إلى ترجمتهم لمعانيه إلى لغاتهم, وهم غربيون, بمفهوم أنَّهم غير مسلمين. ورغم كثرتها إلا أنَّ أبرزها ترجمة المستشرق الإنجليزي جورج سيل (1697 ـ 1736م) إلى اللغة الإنجليزية, التي وضع لها مقدِّمة, قرَّر فيها أنَّ سيِّدنا محَمَّد بنَ عبدالله –صلى الله عليه وسلم- هو الذي ألَّف القرآن الكريم ـ كما سيأتي ذكره ـ وإنْ كان لم يستبعد أنْ يكونَ قد عاونه أحد من حكماء عصره, من بني قومه, أو من اليهود والنصارى! (17) "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ" [ النحل: ١٠٣].
أعقب ذلك نقولٌ أخرى عن هذه الترجمة. وكان هذا التأثير سلبيًا، ولعلَّه كان مقصودًا؛ لصرف الآخر عن التعلُّق بالإسلام, من خلال تقديم المعلومة الشرعية الصحيحة, بالترجمة الدقيقة للمصدر الأوَّل لهذه المعلومة. هذا في ضوء غياب جهود المسلمين القادرين على تقديم المعلومة الصحيحة, من خلال الترجمة الدقيقة لمعاني القرآن الكريم, وانشغال المسلمين, في حينها, بالنظر في مشروعية النقل والترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى.
لا شكَّ في أنَّ هذا الموقف من المعلومة الشرعية كان له, في مجتمع هؤلاء الدارسين, تأثيره السلبي عليها، إذ أسهم هذا الأسلوب في إبعاد الناس عن المعلومة الشرعية الصحيحة، بما في ذلك الالتفات إلى الوقفات العلمية الكونية القائمة وقت نزول الوحي على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-, أو تلك الحقائق العلمية التي تحقَّق بعضها بعد نزول الوحي, أو تلك التي لا تزال تخضع للاكتشاف المتواصل مع التقدُّم العلمي والتقاني.
هذا الالتفات عن هذا الجانب الحيوي في كتاب الله تعالى أسهم في ضعف فهم الإسلام, أو في سوء فهمه من قبل الغربيين، مما كان له تأثيره على الإقبال على هذا الدين, الذي يقوم على المعلومة الشرعية الصحيحة.
التركيز, هنا, مخصَّص لمحاولات فهم الجانب الإعجازي في القرآن الكريم من أولئك الذين لا ينتمون إليه، ولا يتحدَّثون لغته العربية، ممَّا أدَّى إلى قيام محاولات لترجمة معانيه إلى لغاتهم, تعود إلى القرن السادس الهجري (سنة 536هـ), الثاني عشر الميلادي (سنة 1141م), حينما بدأ بطرس المحترم الكلوني هذا الجهد، وتولَّى الترجمة له الراهب الإنجليزي روبرت (روبرتوس كيتينيسيس) الكلوني, وكان, هو والراهب الآخر هيرمان الدالماتي, الذي ترجم النبذة المختصرة, ملمِّين باللغة العربية, وكانت هذه الترجمة «تزخر بأخطاء جسيمة, سواءٌ في المعنى أو في المبنى, ولم يكن أمينًا, إذ أغفل ترجمة العديد من المفردات, كما لم يتقيَّد بأصل السياق, ولم يُقم وزنًا لخصوصيات الأدب», كما يقول يوهان فوك(18).
يُضيف عبدالرحمن بدوي إليهما كلاًّ من روبرت كينت, وعربي مسلم يُدعى محَمَّدا, «ولا يُعرف له لقب ولا كنية ولا اسم آخر»(19). ويذكر محَمَّد عبدالواحد العسري أنَّ من التراجمة أحدَ المسلمين المنقلبين عن دينهم الأصلي إلى النصرانية(20). كما يذكر محَمَّد عوني عبدالرؤوف «أنَّ أحد المغاربة من المتفقِّهين في التفسير والدين كان يمُدُّ له يدَ المساعدة دائمًا»(21).
ومع هذا فلم تكن هذه الترجمة أمينةً, «فقد كانت تعاني من نقص شديد في مواطنَ كثيرةٍ, فهي شرح للقرآن أكثر من كونها ترجمةً. لم يُعنَ بأمانة الترجمة ولا بتركيب الجملة, ولم يُعِر البيانَ القرآنيَّ أيَّ التفات, بل اجتهد في ترجمة معاني السور وتلخيصها, بصرف النظر عن موضوع الآيات التي تعبِّر عن هذه المعاني بالسورة نفسها»(22).
إلا أنَّ هذه الترجمة لم يتمّ طبعها إلا بعد أربع مئة سنة من ترجمتها, أي في منتصف القرن العاشر الهجري, (سنة 950هـ), منتصف القرن السادس عشر الميلادي (سنة 1543م), حيث طبعت في بازل بسويسرا, إذ تولَّد جدل لدى رجال الدين في الكنيسة حول جواز نشر القرآن الكريم بين رعايا الكنيسة, ومدى تأثيره على مشروع حماية النصارى من الإسلام(23). ثمَّ صدرت الطبعة الثانية منها, في بازل بسويسرا, كذلك, سنة 957هـ/1550م(24). تلاها, مباشرة, محاولة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللاتينية، وقام بها جمعٌ من رهبان ريتينا. وقيل إنَّ هذه الترجمة قد أُحرقت(25).
تعاقبت الترجمات, مستندة إلى ترجمة روبرتوس الكلوني, وعلى أيدي المستشرقين, فقد صدرت أقدمُ ترجمة إلى الإيطالية سنة 954هـ/1547م, ثم صدرت عن الترجمة الإيطالية ترجمة ألمانية سنة 1025هـ/1616م, على يد سالومون شفايجر, وعن الألمانية صدرت ترجمة إلى الهولندية سنة 1051هـ/1641م, غير معلومة اسم المترجم, ثم إلى الفرنسية, حيث ترجمها رير سنة 1057هـ/1647م(26). وكلُّها كانت عالةً على ترجمة روبرتوس, حتى ظهرت ترجمة لودفيجو ماراتشي إلى الإيطالية سنة 1110هـ/1698م, «التي لا سبيل إلى مقارنتها, من حيث صحَّتُها, مع أيِّ ترجمة أخرى قبلها»(27).

الدافع لترجمة معاني القرآن


يُعيد الدارسون ترجمةَ معاني القرآن الكريم, المتقدِّمة تاريخيًا, إلى دوافع تنصيرية بالدرجة الأولى، وهذا مبني على القول بأنَّ الاستشراقَ قد انطلق من الدافع التنصيري، والديني بصورة أعمَّ.
يقول ريجي بلاشير عن بوادر ترجمة معاني القرآن الكريم التي انطلقت من بطرس المحترم سنة 536 ـ 538هـ/1141 ـ 1143م: «كانت المبادرة قد انبثقت عن ذهنية الحروب الصليبية. هذا ما تثبته الرسالة التي وجَّهها بطرس المحترم إلى القدِّيس برنار, مرفقةً بنسخة من الترجمة التي كانت قد أُعِدَّت, كما انبثقت في الوقت ذاته عن الرغبة الشديدة لإزالة كل أثر للإيمان الأول, من أذهان المسلمين المهتدين. وفي رأينا أنَّ الأهميَّة التي اتَّخذها القرآن في هذا المجال قد تجلَّت في الروح العسكرية التي استمرَّت حميَّتها حتَّى بداية القرن الرابع عشر, دليلنا على ذلك في الحماسة التبشيرية عند ريمون لول المتوفَّى في بورجي سنة 1315م»(28).
يقول يوهان فوك, حول هذا الارتباط, أيضًا: «ولقد كانت فكرة التبشير هي الدافع الحقيقي خلف انشغال الكنيسة بترجمة القرآن واللغة العربية. فكلَّما تلاشى الأمل في تحقيق نصر نهائي بقوَّة السلاح, بدا واضحًا أنَّ احتلال البقاع المقدَّسة لم يؤدِّ إلى ثني المسلمين عن دينهم, بقدر ما أدَّى إلى عكس ذلك, وهو تأثُّر المقاتلين الصليبيين بحضارة المسلمين وتقاليدهم ومعيشتهم في حلبات الفكر»(29).
تنطلق ترجمة معاني القرآن الكريم, بعد أفول حملات الفرنجة (الصليبيين)، وبالتحديد من دير كلوني, بأمر من رئيس الدير بطرس المحترم/الموقَّر, كما مرَّ ذكره(30). ويؤكِّد محَمَّد ياسين عريبي في كتابه: الاستشراق وتغريب العقل التاريخي العربي، ارتباط ترجمات معاني القرآن الكريم بالتنصير(31). كما يؤيِّده في هذا محَمَّد عوني عبدالرؤوف في أنَّ «الفكرة من الترجمة إذًا قد كانت من الكنيسة بعد أنْ اقتنعت أنَّ النصر لن يكون بالسلاح»(32).
يؤكِّده, كذلك, الباحثُ الدكتور محَمَّد بن حمَّادي الفقير التمسماني, في بحث له بعنوان: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها وخطرها. حيث يجعل «حملات التبشير النصرانية, أحد أسباب بداية نشأة الاستشراق»(33).
يؤيِّده على هذا التوجُّه الأستاذ الدكتور محَمَّد مهر علي, في بحث له بعنوان: ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون: لمحات تاريخية وتحليلية ، حيث يؤكِّد الأستاذ الباحث أنَّ ترجمات معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين لم تلقَ إقبالاً إلا لدى الدوائر التنصيرية(34).
يؤيِّدهما, كذلك, الدكتور عبد الراضي بن محَمَّد عبدالمحسن في بحث له بعنوان: مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية، الذي يرى أنَّ التنصيرَ كان وراء ترجمة معاني القرآن الكريم، حيث انطلقت الترجمة في رحلتها الأولى والثانية من الأديرة, وعلى أيادي القسُس, وأنَّ فكرة التنصير كانت وراء ترجمة معاني القرآن الكريم(35).
هذا يؤكِّد أهمية اضطلاع المسلمين أنفسِهم بمهمَّة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغات العالم، كما قام به بعض أبناء هذه الأُمَّة مؤخَّرًا، وكما تقوم به مؤسَّسات علمية عربية وإسلامية, لها اعتباراتها المرجعية, ومنها, على سبيل المثال, الأزهر الشريف ومجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة, حيث وصلت ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عن هذا المجمَّع إلى أكثر من أربعين لغة. وهذا جهد يذكر ويشكر.
الأصل أنْ تكون هناك ترجمة واحدة, قابلة للمراجعة ومعتمدة, لمعاني القرآن الكريم لكلِّ لغة، قصدًا إلى الحيلولة دون الاختلاف في المعنى باختلاف اللفظ، يأتي هذا في ضوء وجود أكثر من مئة وعشرين (120) ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى لغات العالم، بعضها مكرَّر في لغة واحدة، قام بها عدد من المستشرقين، وبعض المسلمين, كالإنجليزية, التي زادت عدد الترجمات بها عن 80 ترجمة(36). وصلت طبعاتُها سنة 1423هـ/2002م إلى ما يزيد عن 890 طبعة, بعد أنْ كانت قد وصلت سنة 1400هـ/1980م إلى ما يزيد عن 269 طبعة, «سجَّلت تفاصيلَها المرجعيةَ بدقَّة الببليوجرافيا العالميةُ لترجمات معاني القرآن الكريم: الترجمات المطبوعة»(37).
ثم تتركَّز الترجمة في اللغة الواحدة بترجمة واحدة, بفضل من الله تعالى, الذي تكفَّل بحفظ هذا الذكر العظيم؛ "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: ٩]. ثمَّ إلى هذه الثُّلَّة من علماء المسلمين, مدعومين من الحكومات العربية والإسلامية, ومن المعنيين بالشأن العلمي والثقافي والفكري ممن أقاموا مراكز الدراسات والبحوث الإسلامية؛ خدمةً لهذا الدين الحنيف.


|1|2|


--------------------------------------------------------------------------------
(*) أستاذ المعلومات والمكتبات.
(1) انظر في مناقشة قضية النقل والترجمة في الحضارة الإسلامية: علي بن إبراهيم النملة. النقل والترجمة في الحضارة الإسلامية. ـ ط 3. ـ الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية, 1427هـ/2006م. ـ 204 ص.
(2) انظر في مناقشة هذه القضية: إبراهيم بن صالح الحميدان. مواصفات الترجمة المعدَّة للاستعمال في مجال الدعوة. ـ 69 ص.
في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المدينة المنورة: مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف, 1423هـ/ 2002م.
(3) انظر, مثلاً: عُبادة بن أيُّوب الكبيسي. إمعان النظر في فواتح السوَر. ـ مجلَّة الدراسات الإسلامية. ـ مج 25 ع 2 (1410هـ). ـ ص 5 ـ 42. وانظر, أيضًا: عبد الفتاح عطية يونس. سر إعجاز القرآن الكريم في فواتح السور. ـ منار الإسلام. ـ مج 5 (5/ 1409هـ ـ 12/ 1988م). ـ ص 6 ـ 15.
(4) انظر: عبدالله بن الزبير بن عبدالرحمن. تفسير القرآن الكريم: مصادره واتِّجاهاته. ـ مكَّة المكرَّمة: رابطة العالم الإسلامي, 1423هـ. ـ ص 139. ـ (سلسلة دعوة الحقِّ؛ 202).
(5) تتَّكئ هذه الوقفات, في أصلها ومقدِّمتها, على دراسة للباحث حول القرآن الكريم والمستشرقين, تنشرها مجلَّة البحوث والدراسات القرآنية الصادرة عن مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة. ـ ع 3 (محرَّم 1428هـ ـ فبراير 2007م).
(6) انظر: عبدالرحمن بدوي. دراسات المستشرقين حول صحَّة الشعر الجاهلي. ـ ط 2. ـ بيروت: دار العلم للملايين, 1986م. ـ 327 ص. وتعرَّض مرجليوث للإعجاز البياني في مقالته: أصول الشعر العربي, كما تعرَّض له جوستاف فون جرونباوم في: دراسات في الأدب العربي, وله, كذلك, نقد الشعر في إعجاز القرآن للباقلاَّني, وأنجليكا نويفرت في مقالتها: طريقة الباقلاَّني في إظهار إعجاز القرآن.
(7) انظر مقدِّمة المحقِّق السيِّد أحمد صقر. ـ ص 5 ـ 95.
في: الباقلاَّني, أبو بكر محَمَّد بن الطيِّب. إعجاز القرآن/ تحقيق السيِّد أحمد صقر. ـ ط 5. ـ القاهرة: دار المعارف, 1981م. ــ 395 ص.
(8) انظر مناقشة البعد اللغوي لترجمةٍ من آخر ما ظهر لمعاني القرآن الكريم لدى: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ ع 49 (شتاء 2001م ـ 1421/1422هـ). ـ ص 129 ـ 135.
(9) انظر: محمود محَمَّد الطناحي. مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي مع محاضرة عن التصحيف والتحريف. ـ القاهرة: مكتبة الخانجي, 1405هـ/1984م. ـ ص 223 ـ 224.
(10) انظر: محَمَّد رشيد رضا. الوحي المحَمَّدي. ـ ط 6. ـ القاهرة: مطبعة نهضة مصر, 1375هـ/1956م. ـ ص 24.
(11) انظر: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ مرجع سابق ـ ص 115 ـ 137. والنصُّ من ص 119, نقلاً عن: سعيد اللاوندي. محاكمة جاك بيرك: إشكالية ترجمة معاني القرآن الكريم. ـ مخطوطة.
(12) انظر: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ مرجع سابق. ـ ص 129.
(13) انظر: مصطفى صبري. مسألة ترجمة القرآن. ـ القاهرة: المطبعة السلفية، 1351هـ.
(14) انظر: محَمَّد سليمان. كتاب حدث الأحداث في الإسلام: الإقدام على ترجمة القرآن. ـ القاهرة: مطبعة جريدة مصر الحرَّة، 1355هـ.
(15) انظر: محَمَّد صالح البنداق. المستشرقون وترجمة القرآن الكريم: عرض موجز بالمستندات لمواقف وآراء وفتاوى بشأن ترجمة القرآن الكريم مع نماذج لترجمة تفسير معاني الفاتحة في ستِّ وثلاثين لغة شرقية وغربية. ـ ط 2. ـ بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1403هـ/ 1983م. ـ 338 ص.
(16) انظر: عبدالله بن عبد المحسن التركي, مشرف. التفسير الميسَّر/ تأليف نخبة من العلماء. ـ المدينة المنوَّرة: مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف, 1418هـ. ـ ص و.
(17) انظر: عبدالحكيم فرحات. إشكالية تأثُّر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث. ـ 23 ص.
في: ندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية المنعقدة في مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة في المدَّة من 16 ـ 18/10/1427هـ الموافق 7 ـ 9/11/2006م. ـ المدينة المنوَّرة: المجمَّع, 1427هـ/2006م.
(18) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق: الدراسات العربية والإسلامية في أوروبَّا حتَّى بداية القرن العشرين/ تعريب عمر لطفي العالم.ـ ط 2.ـ دمشق: دار قتيبة, 1417هـ/1997م.ـ ص 18.
(19) انظر: انظر: عبدالرحمن بدوي. موسوعة المستشرقين.ـ ط 4.ـ بيروت: المؤسَّسة العربية للدراسات والنشر, 2003م.ـ ص 441.
(20) انظر: محَمَّد عبدالواحد العسري. الإسلام في تصوُّرات الاستشراق الإسباني. ـ مرجع سابق. ـ ص 122.
(21) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ ط 2. ـ القاهرة: مكتبة الآداب, 2006م. ـ ص 67.
(22) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ المرجع السابق. ـ ص 67.
(23) انظر: قاسم السامرَّائي. الطباعة العربية في أوروبا. ـ ص 45 ـ 108.
في: ندوة تاريخ الطباعة العربية حتَّى انتهاء القرن التاسع عشر, 28 ـ 29 جمادى الأولى 1416هـ/22 ـ 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1995م. ـ أبو ظبي: المجمع الثقافي, 1996م.
(24) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 15 ـ 20.
(25) انظر: عبدالرحمن بدوي. موسوعة المستشرقين. ـ مرجع سابق. ـ ص 438 ـ 445.
(26) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ مرجع سابق. ـ ص 67.
(27) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 20. وانظر : ص 97 ـ 98.
(28) انظر: بلاشير. القرآن: نزوله, تدوينه, ترجمته وتأثيره/ نقله إلى العربية رضا سعادة, أشرف على الترجمة الأب فريد جبر, حقَّقه وراجعه محَمَّد علي الزعبي. ـ بيروت: دار الكتاب اللبناني, 1974م. ـ ص 15.
(29) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 16 ـ 17.
(30) انظر: معلوف, أمين. الحروب الصليبية كما رآها العرب/ ترجمة عفيف دمشقية. ــ الجزائر: المؤسَّسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار, 2001م. ــ 352 ص.
(31) انظر: محَمَّد ياسين عريبي. الاستشراق وتغريب العقل التاريخي العربي. ـ الرباط: المركز القومي للثقافة, 1411هـ/1991م. ـ ص 144 ـ 148.
(32) انظر: عبدالرؤوف, محَمَّد عوني. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي.. ـ مرجع سابق. ـ ص 67.
(33) انظر: محَمَّد حمَّادي الفقير التمسماني. تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها وخطرها. ـ 51 ص.
في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ مرجع سابق.
(34) انظر: محَمَّد مهر علي. ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون: لمحات تاريخية وتحليلية. ـ 50 ص.
في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق.
(35) انظر: عبدالراضي بن محَمَّد عبد المحسن. مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية. ـ 64 ص.
في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق.
(36) انظر: عادل بن محَمَّد عطا إلياس. تجربتي مع تقويم ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية. ـ 28 ص.
في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق.
(37) انظر: عبدالرحيم القدوائي. مقدِّمة في الاتِّجاهات المعاصرة في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية/ ترجمة وليد بن بليهش العمْري. ـ مجلَّة البحوث والدراسات القرآنية. ـ مج 1 ع 1 (1/1427هـ ـ 2/2006م). ـ ص 217 ـ 229. والنصُّ من ص 218.

رد مع اقتباس
قديم 05-24-2010, 09:58 AM   رقم المشاركة : 10
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

جعفر بن أبي طالب

جعفر بن أبي طالب

هو أبو عبد الله جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (ص)، أمه السيِّدة فاطمة بنت أسد، ولد سنة 33ق. هـ، واستشهد في غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة 8هـ عن عمر ناهز 41 سنة. هاجر الهجرتين، الحبشة و المدينة. وهو الذي اقنع نجاشي الحبشة بإستقبال المسلمين المهاجرين. كان احد القادة في معركة مؤته حيث أستشهد. و المسلمون يؤمنون بأن الله ابدل يداه جناحين يطير بهما في الجنة و ذلك بدل يديه اللتين قطعتا و هو يحمل اللواء في معركة مؤته. و يوجد مقامه في مدينة المزار الجنوبي 140 كم جنوب العاصمة الاردنية عمان.
مُؤتة

في السنة الثامنة من الهجرة النبويّة الشريفة كانت واقعة ( مُؤْتة ) التي أبلى فيها الشهيد جعفر بن أبي طالب ( الطيّار ) رضوان الله تعالى عليه فيها بلاءً حسناً حتّى قُطِعَت يمينه فتناول الراية بشماله فقُطعت، فضمّها إلى صدره. وهي راية الإسلام الحنيف ورمز رسالة محمّد المصطفى صلّى الله عليه وآله.. حتّى هوى صريعاً شهيداً في سبيل الله عزّوجلّ وفي بدنه تسعون ضربةًوطعنة، فحزن عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله حزناً شديداً، ودعا إلى إقامة العزاء عليه وقال: على مِثل جعفر فلتَبْكِ البواكي.. ثمّ قال: قد أبدله تعالى عن يديه بجناحين من الزُّمُرُّد الأخضر، فهو الآن يطير بهما في الجنّة مع الملائكة كيف يشاء.

موقع مؤتة

قيل: مؤْتة هي قرية تقع إلى جنوبي الكَرك بالأُردنّ، وهي إحدى مزارات منطقة الكرك، فيها قبور: زيد بن حارثة وعبدالله بن رَواحة وجعفر الطيّار، الذين استُشهِدوا في معركة مؤْتة سنة ثمانٍ للهجرة ( عام 629 م )، ومؤْتة اليوم من المزارات المقصودة لا سيّما من قِبل محبّي أهل البيت عليهم السّلام. وفي بعض الكتب الأثريّة: بالقرب من الكرك نجد مزاراً جليلاً يُقارَن اسمه بتلك البقعة وقد نال شأناً رفيعاً، فهو قبر جعفر الطيّار.. وهو مكان تاريخي، حيث ذكر المؤرّخون أنّه في السنة الثامنة للهجرة خرج المجاهدون في الجزيرة لمحاربة الروم، فالتحم الجمعان في بقعة تُدعى « مُؤْتة »، سقط فيها من الجانبين عدد وافر، وكان في المعركة قائدٌ مشهودٌ له في المعارك يُدعى ( جعفر ).

مرقدة الطاهر


موقعة

يقع المشهد140 كم جنوب العاصمة الاردنية عمان في مؤتة جنوب مدينة الكرك نحو 10كم وعلى بُعد كيلو متر واحد إلى الشرق من الشارع العام المؤدي إلى بلدة المزار.

تاريخ البناء

تاريخ الموقع يعود إلى عصر الأيوبيين والمماليك حيث قاموا ببناء الضريح والقبة ومن بعدهم العثمانيين الذين اهتموا بهذا المزار فبنوا القباب وغطوا الأضرحة ببلاطات رخامية، وقد هدم هذا المقام إمّا بفعل الزلازل أو عند احتلال الصليبيين لمنطقة الكرك.

التوسعة والاعمار

قام قسم الآثار الإسلامية في وزارة الأوقاف الأردنية بإجراء حفريات أثرية أسفرت عن اكتشافات مهمة منها إبراز الواجهة الشمالية وإظهارها وبشكل كامل للموقع، وتـمّ العثور على بوابة تؤدي إلى ممر مبلط يصل إلى ساحة المسجد في منتصف الواجهة الشمالية، وكذلك تـمّ العثور على قبة تعلو أقواساً أربعة أحدها ظاهر والثلاثة الباقية منهدمة وأرضيتها مبلطة بالرخام، كما عثر على محراب المسجد الذي يبلغ ارتفاعه 2م تقريباً وكذلك العثور على عدد من قطع العملة والأسرجة الفخارية والنقوش الأثرية.
  • العصر التركي المبكر تـمّ بناء الغرف البسيطة في شمال القبة وكذلك البوابة والممر والجدران المحيطة بالموقع وكان البناء على شكل أقبية واستعمل كاستراحة للحجاج، ثُمَّ آل إلى الخراب تدريجياً.
  • في سنة 727هـ قام بهادر البدر الملكي الناصري نائب السلطنة بإنشاء تربة المزار.
  • في سنة 752هـ وفي أيام السلطان الملك الناصر محمَّد جدد المزار على يد شمس الدين الهاروني.
  • في سنة 1331هـ عثر على نقش في المشهد يدل على أنَّ سلاطين الدولة العثمانية قاموا بصيانة وترميم المقام وتجديد بناء الضريح في زمن النائب (فهرمان سيفي أفندي).
  • في سنة 1934م أمر الملك عبد اللّه ببناء مسجد كبير ذي ثلاث قباب ومئذنتين على الضريح كما أمر بتجديد أضرحة شهداء غزوة مؤتة، زيد بن حارثة، وعبد اللّه بن رواحة.
  • في سنة 1971م وضعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خطّة لتطوير الموقع تـمّ فيها بناء المئذنة وترميم سقف القبة وترميم الأبواب والشبابيك وإزالة المدخل القديـم وإصلاح الغرف الأمامية وتجهيزها لتكون متحفاً إسلامياً.
  • في سنة 1973م قامت الوزارة بإنشاء متحف المزار الإسلامي الذي يحتوي على آثار إسلامية تعود إلى مختلف العصور الإسلامية وهو أول متحف إسلامي في الضفة الشرقية للأردن.
الوصف العالم

المشهد مُقام على مساحة من الأرض قدرها 34375م2 والموقع عبارة عن تلة صغيرة من الحجارة والتراب يظهر في أعلاها بقايا قوس، في داخل قبة المقام بني ضريح من المرمر لسيِّدنا جعفر الطيار (ع) كدليل على المكان الذي استشهد فيه (وهذا الضريح هو بناء رمزي)، أمّا بالنسبة إلى رفات الشهيد جعفر الطيار (ع) فهي مدفونة في المزار.
وإلى الجنوب من المشهد بما يقرب من 500م يقع مسجد عبد اللّه بن رواحة (رض) في الموقع الذي استشهد فيه، وكذلك قبر زيد بن حارثة (رض).

فهرس

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للبحوث, مخصصه, لعيونك, الاسلامية, ابو, اصيل, يا, صفحه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفحه مخصصه لفلاشات الصيني " k600 - k300 - D66 - A200 - T33 "+ ما يخص الاجهزة الصينيه من شرح ابو فارس منتدى اعطال وصيانة الجوال 8 12-03-2012 04:00 PM
ابو اصيل لعيونك بدائل العالج فى اجهزة النوكيا ابو فارس منتدى اعطال وصيانة الجوال 7 06-27-2010 05:10 PM
لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث العلمية ابو فارس منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية 11 06-06-2010 08:18 PM
لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث الطبيعية ابو فارس منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية 11 06-06-2010 08:17 PM
لعيونك يا ابو اصيل مواضيع شامله عن ابحاث انسانية واجتماعية ابو فارس منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية 3 05-24-2010 10:31 AM


الساعة الآن 01:53 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.