اشترك الان
 

العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات الاسلامية الشاملة > مواضيع وبرامج دينية عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-21-2011, 01:37 PM
الصورة الرمزية فريد سليمي
فريد سليمي فريد سليمي غير متواجد حالياً
 





معدل تقييم المستوى: 29 فريد سليمي على طريق التميز
افتراضي كيف تكسب الناس؟؟

كيف تكسب الناس؟؟
الحمد لله، وبعد،،،

فإن كسب قلوب الناس ليكونوا بعد ذلك للدعوة محبين، وإليها مقبلين، ولجندها مناصرين من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يوليها الدعاة عنايتهم واهتمامهم، وأن يكون لها نصيب كبير من تفكيرهم. وتأتي أهمية هذا الموضوع من جوانب عدة منها:

أولًا:
أن كسب قلوب الناس وسيلة إلى تقبلهم الحق، وبعض الناس معرض عن الدعوة لعدم انسجامه مع الداعية؛ نتيجة لبعض تصرفاته الخاطئة، وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ] رواه البخاري ومسلم.
ثانيًا:
صنف من الدعاة لا يهتم بمعاملة الناس، ولا يبالي بموقف الناس منه، فنشأت بينه وبينهم هوة كبيرة حالت دون تبليغ دعوة الله، في الوقت الذي نجد فيه بعضًا من أصحاب الأفكار المنحرفة أوجدوا لأفكارهم أتباعاً، ولمبادئهم جنوداً وأنصاراً؛ لأنهم عرفوا كيف يتعاملون مع الناس، فكسبوا قلوبهم، وحركوا نفوسهم إلى ما لديهم من باطل .
ثالثًا:
أن كسب الدعاة لقلوب الناس يبدد الجهود المضنية لأعداء الدين والتي يبذلونها في تشويه صورة دعاة الحق بما يبثونه من إشاعات وافتراءات كاذبة عبر وسائل الإعلام المختلفة.. فمعاملة الداعية للناس معاملة الذي يحرص عليهم كما يحرص على نفسه؛ يسد الأبواب أمام أهل الباطل، فلا يستطيعون النيل منه، أو إثارة الشبهات حوله.

رابعًا:
حاجة الدعوة للتفاعل مع الناس، وهذا التفاعل لن يثمر الثمار المرجوة منه إلا إذا أخذنا بأساليب كسب القلوب التي سنها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد.

خامسًا:
أن قيام الدعاة بكسب قلوب الناس من حولهم يزيد في ترابط أفراد المجتمع المسلم، ويجعلهم أفراداً متراحمين متعاطفين وهذا مطلب شرعي في حد ذاته: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى] رواه مسلم.
كل هذه الأمور، وغيرها تجعل الحديث عن موضوع' كيف تكسب الناس' في غاية الأهمية .. وقد تناولنا الموضوع من خلال استعراض بعض الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية، ثم أتبعناها بذكر بعض المنفرات التي تنفر الناس من الداعية، وتمنع استجابتهم له .

أولًا: الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية:

الوسيلة الأولى:
خدمة الناس وقضاء حوائجهم: جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، والميل إلى من يسعى في قضاء حاجاتها، وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك؛ ولذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي] رواه الترمذي وابن ماجة.
ومنّا من لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه: كوالديه، وزوجته، وأقربائه، فتجد قلوبهم مثخنة بالضغينة عليه لتقصيره في حقهم، وانشغاله عن أداء واجباته تجاههم.
ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسبهم، ولهم الأفضلية على غيرهم: الجيران؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ] رواه البخاري ومسلم . وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى؛ ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار، فنبدأه بالسلام، ونعوده في المرض، ونعزيه في المصيبة، ونهنئه في الفرح، ونصفح عن زلته، ولا نتطلع إلى عورته، ونستر ما انكشف منها، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته، وصنع المعروف معه، وعدم إيذائه.
ومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة: من تقابلهم في العمل ممن هم بحاجة إليك.. فإذا كنت طبيباً فالمرضى، وإذا كنت مدرساً فالطلاب، وإذا كنت موظفاً فالمراجعون . فلا بد من كسب قلوبهم من خلال تقديمك لأقصى ما تستطيعه من جهد في خدمتهم. فالوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة الله ..
و إنما خصصت هذه الأصناف الثلاثة من الناس بالذكر، وهم: الأهل، أو الأقرباء، والجيران، ومن نلقاهم في وظائفنا لسببين هما:
كثرة اللقاء بهم، والثاني: كثرة التقصير أو الإهمال لحقوقهم مماله الأثر السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه؛ إذن فالمسلم.. فضلًا عن الداعية ينبغي أن يسع الناس كلهم بخلقه، وتضحيته؛ ولذلك وصفت خديجة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت :'إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ 'رواه البخاري ومسلم.
الوسيلة الثانية:
الحلم، وكظم الغيظ: يخطئ بعض الناس- أحياناً – في حقك.. يوعد، فيخلف، أو يتأخر، أو يجرحك بلسانه، فلا بد لكسبه من حلم، وكظم للغيظ؛ لأنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها؛ ولذا لابد من حسن تصرفك والله عز و جل يمتدح هذا الصنف من الدعاة، فيقول:{... وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[134]}[سورة آل عمران].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ'رواه البخاري ومسلم. وهذا الموقف من سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام لا يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول ما قاله الحق في وصف نبيه:{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[4]}[سورة القلم].
الوسيلة الثالثة:
السماحة في المعاملة: يوجز الرسول صلى الله عليه وسلم أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس، ويكسب ودهم وحبهم، فيقول: [رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى] رواه البخاري. فالسماحة في البيع: ألا يكون البائع شحيحاً بسلعته، مغالياً في الربح، فظاً في معاملة الناس. والسماحة في الشراء: أن يكون المشتري سهلًا مع البائع، فلا يكثر من المساومة؛ بل يكون كريم النفس، وبالأخص إذا كان المشتري غنيًا، والبائع فقيرًا معدمًا.
والسماحة في الاقتضاء: أي عند طلب الرجل حقه، أو دينه، فانه يطلبه برفق ولين.. وربما تجاوز عن المعسر، أو أنظره، وانظر كيف دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا فَقَالَ:[أَعْطُوهُ] فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً] رواه البخاري ومسلم.
ومن السماحة في المعاملة: عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك . فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:' خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا 'رواه البخاري ومسلم.
الوسيلة الرابعة:
المداراة: المداراة وليست المداهنة ..والمداراة هي لين الكلام، والبشاشة، وحسن العشرة لأناس عندهم شيء من الفجور والفسق؛ لمصلحة شرعية . فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: [بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ] فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ] رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر رحمه الله نقلا عن القرطبي:' وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق، أو الفحش، ونحو ذلك من الجور في الحكم، والدعاء إلى البدعة، مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى...ثم قال: –و لا زال الكلام للقرطبي تبعًا لعياض-: والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة: بذل الدنيا لصلاح الدنيا، أو الدين، أو هما معًا، وهي مباحة وربما استحبت. والمداهنة: ترك الدين لصلاح الدنيا'.
إذن: فنحن بحاجة إلى كسب قلوب الفسقة أيضًا بلين الكلام، والقيام بحسن العشرة؛ لهدايتهم إلى الصواب – أو على الأقل – لاتقاء شرهم.

الوسيلة الخامسة:
إدخال السرور على الآخرين : وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط، وامتزاج القلوب وائتلافها .. كما إن إدخال السرور على المسلم يعد من أفضل الطاعات التي تقرب العبد إلى الله .. ولإدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة، وأبواب عديدة منها ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: [أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُؤْمِنٍ] ولكن كيف تدخله؟! قال صلى الله عليه وسلم: [تَكْشِفُ عَنْهُ كَرْبًا أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ تَطْرُدَ عَنْهُ جُوعًا ولِأْن أَمْشِي مَعَ أَخِي الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِليّ مِنُ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ فِي قلبه رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزَلُ الْأَقْدَامُ] رواه الطبراني وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج.
فلا أقل من الابتسامة والبشاشة، فابتسامتك بوجه من تلقاه من المسلمين لها أثر في كسب قلوبهم ؛ ولذلك قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ] رواه مسلم. والوجه الطلق: هو الذي تظهر على محياه البشاشة والسرور .. وقد كان صلى الله عليه وسلم ينبسط مع الصغير والكبير: يلاطفهم ويداعبهم، وكان لا يقول إلا حقًا، فما ترك صلى الله عليه وسلم سبيلاً إلى قلوب الناس إلا وسلكه ما لم يكن حراماً، فإذا كان كذلك كان أبعد الناس عنه.
الوسيلة السادسة:
احترام المسلمين، وتقديرهم، والتأدب معهم: فقد كان صلى الله عليه وسلم يجل من يدخل عليه ويكرمه، وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى، وينزل الناس منازلهم، ويعرف فضل أولي الفضل، وقال صلى الله عليه وسلم: [لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ] رواه أحمد.
ومما ينبغي أن نذكر به في هذا المقام: احترام من خالفك في الرأي مما فيه مجال للاختلاف، ومتسع للنظر، وعدم انتقاصه، ورميه بالجهل، وقلة الفقه، وسوء الظن به، ما دام ظاهره السلامة.
احترام المتحدث وعدم مقاطعته، قال ابن كثير رحمه الله:' وكان صلى الله عليه وسلم إذا حدثه أحد التفت إليه بوجهه وجسمه، وأصغى إليه تمام الإصغاء، ولا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه'.

الوسيلة السابعة:
حسن الكلام:لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طيب القول، وحسن الكلام، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: [الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ] رواه البخاري ومسلم. لما لها من أثر في تأليف القلوب، وتطييب النفوس، إنه ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الأهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة بها .. فيا أيها الدعاة زينوا الدعوة بحسن كلامكم، فان الكلام الحسن يزيد الدعوة حسنًا وجاذبية .. وخاصة عند النصح .. وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها؛ فرقت بين القلوب، ومزقت الصفوف، وزرعت الحقد والبغضاء في النفوس؛ ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ] رواه البخاري ومسلم.

الوسيلة الثامنة:
التواضع ولين الجانب:لقد كسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواضعه، ولين جانبه قلوب الناس من حوله . ذكر أنس رضي الله عنه صورة من صور تواضعه عليه الصلاة والسلام فقال:أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ: [ يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ] فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.رواه مسلم وبهذا التواضع ولين الجانب دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شغاف قلوب الناس من حوله.أما الظهور بمظهر الأستاذية، والنظر إلى المسلمين نظرة دونية، فهي صفة شيطانية لا تورث إلا البغض والقطيعة.

الوسيلة التاسعة:
الجود والكرم: وذا السخاء والجود يأسر القلوب، ويطيب النفوس، فعن أنس رضي الله عنه قال:'َا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ'رواه مسلم. الله كيف أثر هذا السخاء النبوي على قلب هذا الرجل، وجعل منه-بعد أن كان حربًا على الإسلام- داعية إليه .
الوسيلة العاشرة:
الرفق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ] رواه البخاري ومسلم. لذا كان ما يعطيه الله لصاحبه من الثناء الحسن في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة أكثر مما يعطيه على غيره .. لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: [إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ] رواه مسلم.
ومن المواطن التي يتأكد فيها الرفق عند تقويم خطأ الجاهل: والأمثلة على ذلك كثيرة: كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد. ومعاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للشاب الذي استأذنه بالزنا، وحسن تصرفه عليه الصلاة والسلام معه .
وفي الجملة؛ فإن الذي ينظر إلى هذه الوسائل؛ يجد أنها لا تكاد تخرج عن دائرة الأخلاق، فالتزامها إنما هو التزام بالخلق الحسن، الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: [أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا] رواه أبوداود والترمذي والدارمس وأحمد.
وقبل هذا وكله وبعده.. لا بد أن نذكرك بملاك ذلك كله، وهو الإقبال على الله: الإقبال على رب القلوب، ونيل محبته؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ] رواه مسلم-وروى البخاري شطره المتعلق بالمحبة دون البغض-. وحسبك بداعية قد وضع الله له القبول في أهل الأرض، قال ابن حجر رحمه الله:'والمراد بالقبول: قبول القلوب له بالمحبة، والميل إليه بالرضا عنه'.

ثانيًا:المنفرات:
لا شك أن مساوئ الأخلاق عمومًا من أشد الأمور تنفيرًا للناس عن الداعية،إذا اتصف بشيء منها، بيد أننا سنخص بعض المنفرات؛ لما لها من الأثر الكبير في تنفير الناس، وانفضاضهم،ومن هذه المنفرات:

أولًا:عدم مراعاة أحوال الناس وظروفهم:
وإليك هذه الحادثة التي تدل على أن إغفال هذه الوصية يؤدي إلى نفرة الناس، وربما يسبب تركهم للعمل الصالح، أو تأخرهم عنه:
عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ فَقَالُوا لَهُ أَنَافَقْتَ يَا فُلَانُ قَالَ لَا وَاللَّهِ وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأُخْبِرَنَّهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: [ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا وَاقْرَأْ بِكَذَا] وفي رواية: [اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى] رواه البخاري ومسلم-واللفظ له-.

ثانيًا: التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها:
وهذا المنفر أصله حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ] رواه ابن ماجة. فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نكسب الناس وننال محبتهم، وذلك بالزهد فيما في أيديهم؛ لأننا إذا تركنا لهم ما أحبوه؛ أحبونا، وقلوب أكثرهم مجبولة على حب الدنيا ومن نازع إنسانا في محبوبه كرهه، ومن لم يعارضه فيه أحبه، وقال أعرابي لأهل البصرة: من سيدكم؟ قالوا: الحسن. قال: بم سادكم؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم، فقال: ما أحسن هذا.

ثالثًا:الغلظة والفظاظة:
وهذا المنفر أصله قول الحق عز وجل لسيد الدعاة عليه أفضل الصلاة والسلام:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...[159]}[سورة آل عمران]. وما من شيء أشد تنفيراً للناس عن الحق والخير مثل دعوتهم إليه بالغلظة والخشونة .
ولقد انحسر أثر بعض الدعاة المخلصين في الناس ولم يوفقوا إلى إيصال ما لديهم من حق إلى عموم المسلمين وغيرهم؛ لأنهم أخطأوا الأسلوب الذي يفتحون به قلوب الناس وعقولهم، فغلب عليهم الجدل بالتي هي أخشن، والمواجهة بالغلظة والحدة .

رابعًا: مخالفة القول العمل:
ما أشد بغض الناس لداعية خالفت أفعالُه أقوالَه، وما أعظم نفرتهم؛ بل ما أكبر مقت الله عز وجل لهذه الصفة الخسيسة، حيث يقول عز وجل:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ[2]كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ[3]}[سورة الصف].
ولقد أنكر الله سبحانه على أقوام يأمرون الناس بالبر ويَدَعُونَ أنفسهم في غيّها:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ[44]}[سورة البقرة].
خامسًا: التعسير والتعقيد:
ولما للتيسير – في حدود الشرع – من أثر في تأليف القلوب، وزيادة ربطها بهذا الدين؛ نادى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاة قائلًا: [يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا] رواه البخاري ومسلم. قال النووي:' لو اقتصر على [يَسِّرُوا] لصدق على من يسر مرة، وعسر كثيرًا، فقال: [وَلَا تُعَسِّرُوا] لنفي التعسير في جميع الأحوال، وكذلك في قوله: [وَلَا تُنَفِّرُوا]. والمراد تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطيف ليقبل، وكذلك تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلًا حبب إلى من يدخل فيه، وتلقاه بانبساط، وكانت عاقبته غالباً الازدياد بخلاف ضده'.

الخاتمة:
فإن كسب قلوب الناس مهمة ليست باليسيرة إلا لمن يسرها الله له؛ ولذا علينا أن نلح على الله بالدعاء ليفتح قلوبنا، و قلوبهم للحق، ويجعلنا وإياهم أنصاراً لدينه، وحملة دعوته. ومع هذا الدعاء لابد من الأخذ بالأسباب التي توصلنا بإذن الله إلى كسب القلوب الشاردة؛ ولعل العمل بما ذكرناه من وسائل واجتناب ما استعرضناه من منفرات يعين على رد تلك القلوب الشاردة؛ إلى الهدى رداً جميلًا .

وأخيراً أسأل الله عز وجل أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يجعلنا هداةًًًً مهتدين، غير ضالين، ولا مضلين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين .

 

 

رد مع اقتباس
قديم 04-21-2011, 01:41 PM   رقم المشاركة : 2
عمر سلوم
 
الصورة الرمزية عمر سلوم





عمر سلوم غير متواجد حالياً

عمر سلوم سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

بالفعل موضوع رائع قرأت معظمه وفيه فوائد كثيرة مشكووووووووووووووور .

رد مع اقتباس
قديم 04-21-2011, 06:33 PM   رقم المشاركة : 3
مصعب القعاونة
 
الصورة الرمزية مصعب القعاونة





مصعب القعاونة غير متواجد حالياً

مصعب القعاونة سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تكسب مليارات الحسنات لشيخ نبيل العوضي marj صوتيات ومرئيات وصور اسلامية 2 12-17-2014 10:45 PM
مطلوب ملف تكست سسكام ظروري لورنس 9500usb لورنس9500 قسم رسيفرات لورنس - Lawrence 2 02-15-2014 07:50 PM
كيف تكسب محبة الله؟ سيف الدين مواضيع وبرامج دينية عامة 2 09-14-2011 07:21 PM
كيف تكسب ثلاث مليون حسنة في نصف دقيقة؟ سيف الدين مواضيع وبرامج دينية عامة 4 11-11-2010 09:42 PM
كيف تكسب حسنات وانت نائم عبدالله العقول مواضيع وبرامج دينية عامة 4 09-01-2010 03:15 PM


الساعة الآن 11:12 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.