اشترك الان
 

العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات الاسلامية الشاملة > مواضيع وبرامج دينية عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-14-2012, 03:53 PM
الصورة الرمزية الباشا محمود
الباشا محمود الباشا محمود غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 13 الباشا محمود على طريق التميز
افتراضي [الطلاق والعدة فى الإسلام ]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد

المعاملات الإسلامية في الطلاق والعدة

الطـلاق :

الطلاق هو إنهاء للعلاقة الزوجية بسبب من الأسباب، وقد أباحه الشرع عندما تصبح الحياة بين الزوجين مستحيلة، وعندما يشتد الشقاق والنزاع بينهما.

كما إن الطلاق حل نهائى لما استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين بسبب اختلاف الأخلاق، وتنافر الطباع، وفشل استمرار مسيرة الحياة بين الزوجين، مما قد يؤدى إلى ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء؛ فيكون الطلاق عندئذ طريقًا للخلاص من كل ذلك.

ويكون الطلاق بيد الزوج، لأنه أكثر تحكمًا في الأمور من المرأة، فهى سريعة الانفعال والاندفاع، كما أن الرجل عادة أكثر تقديرًا لعواقب الأمور وأبعد عن الطيش في اتخاذ القرارات، وأشد تحكمًا في عاطفته من المرأة، ومع ذلك فمن حق المرأة أن تطالب بطلاقها في حالة سوء العشرة وغيرها من الحالات.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
أركان الطلاق:

للطلاق أركان هي: المطلق، والقصد في الطلاق، ومحل الطلاق.

أولاً: المطلق.

ثانيًا: القصد في الطلاق: وهو أن يقصد المتكلم الطلاق إذا تلفظ به، فلا تقع طلاق الفقيه، إذا لم يقصده لأنه عادة ما يكرره، ولا طلاق من يحكي الطلاق عن نفسه أو غيره، ولا طلاق أعجمي لقن لفظ الطلاق بلا فهم منه لمعناه، كما لا يقع طلاق مَرَّ بلسان نائم، أو من زال عقله؛ لعدم توافر القصد في الطلاق.
***********************************************
ثالثًا: محل الطلاق:

محل الطلاق هو المرأة، فهي التي يقع عليها الطلاق، وذلك إذا كانت في حال زواج صحيح قائم فعلاً، ولو قبل الدخول، أو في أثناء العدة من طلاق رجعي، لأن الطلاق الرجعي لا تزول به العلاقة الزوجية.
ولا يقع الطلاق على المرأة إذا كانت في عدة الطلاق البائن بينونة كبرى، لأن العلاقة الزوجية انتهت بين الزوجين، وكذلك لا يقع في الطلاق البائن بينونة صغرى عند الجمهور، ولا يقع عند الأحناف لبقاء بعض الأحكام الزوجية كوجوب النفقة أو السكنى في بيت الزوجية وعدم حل زواجها بآخر في العدة، كما لا يقع الطلاق على المرأة بعد انتهاء العدة.
***********************************************
أنواع الطلاق وحكم كل نوع:

ينقسم الطلاق إلى عدة تقسيمات باعتبارات متنوعة كالتالي:

(ا) من حيث الموافقة للسنة وعدمها ينقسم الطلاق إلى سني موافق للسُّنة، وبدعي (مخالف للسُّنة).

(ب) من حيث الرجعة وعدمها ينقسم إلى رجعى وبائن.

(جـ) من حيث الصيغة ينقسم إلى صريح وكناية.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
أولاً: تقسيم الطلاق من حيث السنة والبدعة:

ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة أو البدعة إلى سنى وبدعى.

الطلاق السني: هو الطلاق الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع؛ وهو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهرٍ (غير حائض)، لم يمسسها فيه (أي لم يجامعها فيه)، وهو الطلاق المشروع، ويكون بأن يطلق مرة يعقبها رجعة، ثم مرة ثانية يعقبها رجعة، ثم يخير نفسه بعد ذلك إما أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان، قال تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ). فإن طلقها الثالثة فلا يحل له أن يراجعها إلا بعد أن تتزوج زوجًا غيره زواجًا صحيحًا.

الطلاق البدعى: هو الطلاق المخالف للشرع كأن يطلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، أو متفرقات بمجلس واحد، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو يطلقها اثنتين بكلمة واحدة، أو يطلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه، وقد أجمع العلماء على أن الطلاق البدعى حرام وأن فاعله آثم، واختلفوا هل يقع أم لا، فقال بعضهم: يقع. وقال البعض الآخر: لا يقع.
***********************************************
ثانيًا: تقسيم الطلاق من حيث الرجعة:

ينقسم الطلاق من حيث رجوع الزوجة إلى زوجها أو عدم رجوعها إلى:

1 - طلاق رجعى.

2 - طلاق بائن.

أ- الطلاق الرجعى: هو الطلاق الأول أو الثانى الذي يوقعه الزوج على زوجته التي دخل بها حقيقة حيث يكون له بعده حق إرجاع الزوجة إليه مادامت في عدتها.
فللرجل أن يُرجع زوجته إن طلقها طلقة واحدة أو اثنتين وكانت لا تزال في عدتها، ويكون الرجوع بالكلام كأن يقول لها: راجعتك. أو بالفعل كأن يقبِّلها أو يجامعها.

ويستحب الإشهار على الرجعة عند جمهور الفقهاء لكنه لا يشترط.
ورجوع الزوجة حق للرجل خلال مدة العدة، فإذا انقضت مدة العدة فلا مراجعة.
***********************************************
ب- الطلاق البائن:

فهو الطلاق الذي يوقعه الزوج بزوجته وهو نوعان:

1- طلاق بائن بينونة صغرى: مثل الطلاق قبل الدخول، والطلاق بالطلقة الأولى أو الثانية مع انقضاء عدة الطلاق دون رجوع من الزوج.

وبهذا الطلاق تصبح المرأة أجنبية عن زوجها فلا يحل الاستمتاع بها، ولا يتوارثان، ولا يحل للرجل أن يُرجع زوجته إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها، وتنقص به عدد الطلقات التي يملكها الرجل، ويحل به مؤخر الصداق.

2- طلاق بائن بينونة كبرى: وهو طلاق الرجل للمرأة للمرة الثالثة، وبه تنفصل المرأة عن الرجل انفصالا نهائي، فلا يحلُّ له أن يتزوجها إلا إذا تزوجت غيره زواجًا صحيحًا، فإن تزوجها غيره زواجًا صحيحًا، ثم طلقت منه حلَّ له أن يتزوجها، وهذا الطلاق يمنع التوارث، ويحل به الصداق المؤجل، وتُحَرَّم به المطلقة تحريمًا مؤقتًا على الزوج حتى تتزوج بآخر ويدخل بها دخولا حقيقيًا ثم يطلقها أو يموت عنها، فالطلاق البائن بينونة كبرى لا يبقى للزوجية أثرًا على الإطلاق سوى العدة.
***********************************************
ثالثًا: تقسيم الطلاق من حيث الصيغة:

يقع الطلاق باللغة العربية أو بغيرها من اللغات ، سواء أكان الطلاق باللفظ أم بالكتابة أم بالإشارة.

الطلاق يقع بلفظ من الزوج يفيد إنهاء العلاقة الزوجية، مثل: أنت طالق أو أنت مطلقة، أو فارقتك أو سرحتك أو بالألفاظ غير الصريحة مثل: اذهبى إلى بيت أبيك ولا تعودى إلىَّ أبدًا إذا قصد بهذا القول الطلاق.
وينقسم الطلاق من حيث الصيغة إلى صريح وكناية:

الطلاق الصريح: ويكون باللفظ الذي يفهم منه المراد ويغلب استعماله عرفًا في الطلاق مثل (أنت طالق) و(مطلقة) و(طلقتك) وغير ذلك مما هو مشتق من لفظ الطلاق، وألفاظ الطلاق الصريحة كما جاءت في القرآن ثلاثة: الطلاق والفراق والسراح.
ويقع الطلاق بهذه الألفاظ دون حاجة إلى نية تبين المراد منه لظهور دلالته ووضوح معناه.

طلاق الكناية: وهو كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره ولم يتعارف عليه الناس في الطلاق مثل قول الرجل لزوجته: الحقى بأهلك أو اذهبى أو اخرجى أو أنت بائن أو أنت علىَّ حرام إلى غير ذلك. ولايقع الطلاق بهذه الألفاظ إلا بالنية.

كما يقع الطلاق بالكتابة ، فإن كانت الكتابة صريحة بالطلاق يقع الطلاق، وإن كانت الكتابة فيها كناية ، فهي تفتقر إلي النية، فإن كان الطلاق وقع ، وإلا فإنه لا يقع.

كما يكون الطلاق بإرسال رسول إلى الزوجة ، فيقول الزوج للرسول : قل لها : أنت طالق، ويقع الطلاق بمجرد أن يتلفظ بهذا اللفظ.
والطلاق يقع بالإشارة للأخرس، لعدم قدرته على النطق ، أما إذا أشار المتكلم فإن إشارته لا تجدي في الطلاق ولا الزواج. وللرجل أن يفوض امرأته في تطليق نفسها كأن يقول لها: أمرك بيدك، أو طلقى نفسك إن شئت. فإن اختارت الطلاق كان الطلاق طلاقًا بائنًا. وإن اختارت البقاء فلا شىء عليهما ولا يُعد ذلك طلاقًا.

الإشهاد على الطلاق: كما يجب الإشهاد على الزواج يستحب الإشهاد عند الطلاق وعند الرجعة، قال تعالى ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ).

التفريق بالقضاء: وقد تلجأ المرأة إلى القضاء لتمكينها من إنهاء العلاقة الزوجية التي لا تستطيع إنهاءها بنفسها، فإن حُكم لها بالتفريق بينها وبين زوجها لعدم إنفاق زوجها عليها، أو لعيوب جسمية أو جنسية خاصة بالرجل تمنع الاستمتاع والإنجاب، أو لسوء العشرة عُدّ هذا التفريق طلاقًا بائنًا، وإن كان لسبب يمنع استمرار الزواج كاكتشاف أن الزوجين أخوان في الرضاعة، عُدّ هذا التفريق فسخًا للزواج، وبه تنتهى الحياة الزوجية حين حدوثه.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
قيود إيقاع الطلاق :

الزواج رباط مقدس، وحل هذا الرباط فيه كثير من الأضرار في الغالب، لذا فإن الشرع قد وضع قيودًا لإيقاع الطلاق هي :

- أن يكون الطلاق لحاجة مقبولة: فإن كان لحاجة غير مقبولة ، فإنه يقع ويأثم المطلِّق.

- أن يكون في طهر لم يجامعها فيه: فقد طلق ابن عمر زوجته وهي حائض ، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فقال: (مره ، فليراجعها أو ليطلقها طاهرًا أو حاملا) [البخاري]. والطلاق في العدة فيه ضرر على المرأة، وذلك لإطالة مدة العدة إلا من الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحتسب من العدة ، والطلاق في الحقيقة يقع عند المذاهب الأربعة ، مع أنه إثم ، لأن هذا الطلاق هو الطلاق البدعي ، وقال ابن تيمية وابن الهيثم أن الطلاق لا يقع.

- أن يكون الطلاق مفرقًا ليس بأكثر من واحدة: ومن حلف ثلاثًا بلفظ واحد ، فالجمهور ومنهم المذاهب الأربعة على أنه يقع ثلاثًا .

المتعة: هى مالٌ يدفعه المطلق إلى مطلقته بحسب حاله بين الغنى والفقر، وهو واجبٌ في الطلاق الذي يكون قبل الدخول في زواجٍ لم يُحدد فيه المهر لا قبل العقد ولا بعده، قال تعالى: ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا علي المحسنين )

وفى المتعة أقوال كثيرة للفقهاء بين الوجوب والاستحباب، والأرجح أن المتعة واجبة لكل مطلقة سواء أكان الطلاق قبل الدخول أم بعده، إلا للمطلقة قبل الدخول والتي حُدد لها مهرٌ ، فإنه يكتفى لها بنصف المهر.
***********************************************
اللعان:

وهو أن يتهم الرجل زوجته بالزنى، أو أن ينفى نسب طفل ولدته زوجته إليه، فيقسم أربع شهادات بالله إنه صادق في اتهامه، ويقسم قسمًا خامسًا بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فإن أنكرت الزوجة أقسمت أربع مرات إنه من الكاذبين، وتقسم قسمًا خامسًا أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. قال تعالى ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه من الصادقين. والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين. ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) .

ويُقدِّم الحاكمُ الزوج فيشهد قبل المرأة، فإن امتنع عن اللِّعَان أقام عليه حدَّ القذف، وإن امتنعت هى عن اللعان أقام عليها حد الزنى، وتتم التفرقة بين الزوجين باللعان، ولا يحل لهما الزواج ببعضهما أبدًا.
***********************************************
الإيلاء:

وهو أن يقسم الزوج أن يمتنع عن مجامعة زوجته مدة لا تزيد عن أربعة أشهر، فإن عاد فجامعها كانت عليه كفارة يمين، وإن مضت الشهور الأربعة ولم يرجع الزوج في قسمه يكون بذلك قد عزم الطلاق.
والإيلاء حرام عند الجمهور للإيذاء، لأنه يمين على ترك واجب.
وكفارة الإيلاء هى نفسها كفارة اليمين؛ وهى أن يطعم عشرة مساكين يومًا واحدًا أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعات، وذلك كله إذا رجع عن يمينه، أما إذا لم يجامع الزوج زوجته قبل مرور أربعة أشهر ولم يقربها يكون قد طلقها طلقة بائنة.
***********************************************
الظهار:

وهو أن يقول الرجل لامرأته: أنت علىَّ كظهر أمى. والظهار حرام، وبه تكون المرأة محرمة على زوجها .

وكفارة ذلك أن يعتق المسلم رقبة، فإن لم يجد يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع يطعم ستين مسكينًا، يقول تعالى ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم ) .
***********************************************
الخلع:

هو أن يفارق الرجل زوجته مقابل بدل يحصل عليه منها ؛ فقد لا تقدر المرأة على المعيشة مع زوجها لعدم الوفاق بينهما مثلا أو لكراهيته، فترد لزوجها كل ما أخذت منه ( المهر الذي دفعه لها ) إلا أن يقبل هو بأقل مما ما دفع لها، وبذلك تكون قد خلعت نفسها منه، قال تعالى ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ).

وعن ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" أترين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" أقبل الحديقة، وطلقها تطليقة " وقيل طلاق بائن.
*-**-*-*-*-*-*-*-*--**-*
العدة
هى مدة محدودة، لا يحل للمرأة فيها الزواج، وتبدأ من لحظة فراق زوجها بالطلاق أو الموت، وهى واجبة على المرأة.

وتعريفٌ آخر للعدة في اللغة هي: الإحصاء يقال: عددت الشيء عدة. أي أحصيته إحصاء، والجمع عدد، ويطلق العدة ويراد بها المعدود، ومنه قوله تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )

والعِدة في الشرع: أجل حدده الشارع للمرأة التي حصلت الفرقة بينها وبين زوجها بسبب من الأسباب تمتنع عن التزوج فيه بغير زوجها الأول.

ومعنى ذلك: أن المرأة التي فارقها زوجها يجب عليها أن تنتظر بدون زواج حتى تنقضي المدة المحددة شرعاً، فإن كانت المفارقة بالموت وجب عليها الانتظار مطلقاً دخل بها أو لم يدخل، وإن كانت المفارقة بالطلاق أو الفسخ وجب عليها الانتظار إذا كان ذلك بعد الدخول بها، فإذا انقضت المدة حل لها التزوج.

أما الرجل فلا يجب عليه الانتظار بعد مفارقة زوجته، فله التزوج بغيرها متى شاء، وبأي امرأة شاء إلا إذا كانت المرأة التي يريد التزوج بها محرمة عليه لمانع مؤقت بسبب زواجه السابق بمن طلقها، كمن طلق زوجته فلا يحل له التزوج بمن لا يحل له الجمع بينها وبين زوجته الأولى حتى تنقضي عدتها كأختها أو بنت أخيها أو بنت أختها أو عمتها أو خالتها لئلا يكون جامعاً بين محرمين.

وكمن كان متزوجاً بأربع نسوة فطلق إحداهن فلا يحل له التزوج بأي امرأة حتى تنقضي عدة من طلقها لئلا يكون جامعاً بين أكثر من أربع.
وهذا الانتظار وإن وجد فيه معنى العدة إلا أنه لا يسمى عدة اصطلاحاً.
وهذا في الطلاق الرجعي باتفاق الفقهاء لبقاء الزواج الأول حكماً.
***********************************************
الحكمة من تشريع العدة:

1- التعرف على براءة الرحم لئلا تختلط الأنساب، لأنها لا تكون غالباً إلا في فرقة بعد الدخول وهذا أمر تُوحي به الفطرة، لذلك كانت العدة معروفة عند العرب قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام أقرها بعد أن خلصها مما كان بها من أضرار تلحق المرأة.

2- التنويه بعظم شأن الزواج وإعلام الناسب أنه أمر له خطره يغاير سائر العقود لأنه عقد الحياة، فكما أنه لا ينعقد صحيحاً إلا بحضور شهود عند جماهير الفقهاء كذلك لا ينتهي بمجرد وجود الفرقة، بل لا بد فيه من انتظار المرأة المدخول بها قبل الفراق مدة كافية ليتروى فيها كل من الزوجين، أما الزوج فقد يوقع الطلاق في ثورة غضب أو تسرع من غير روية مما قد يوقعه في ندم على ما فعل، فجعل الشارع أمامه فسحة من الوقت يراجع فيها نفسه ليختار أوفق الأمرين له، تدارك ما وقع بإرجاع الحياة الزوجية، أو المضي بالطلاق إلى مصيره المحتوم.

فإذا ما رجح عنده الندم أمكنه أن يرجعها إلى الزوجية بدون عقد ولا مهر أثناء فترة التربص إن كان الطلاق رجعياً، أو بعقد ومهر جديدين أثناء العدة لا يزاحمه غيره في ذلك إن كان الطلاق بائن .

أما الزوجة المكلفة بالإنتظار فهي أحوج ما يكون إليه للتروي والتبصر في إنشاء زوجية أخرى لأن عصمتها بيد زوجها، فإذا تسرعت عقب الطلاق وأنشأت زوجية وظهر خطؤها عجزت عن مفارقة زوجها بخلاف الرجل فإنه يستطيع التخلص من الزواج غير الملائم بما ملكه الشارع من حق الطلاق.

3- تمكين الزوجة المتوفى عنها زوجها من إظهار التأثر لفقد زوجها بالمنع من التزين، وهذا ضرب من الوفاء له، إذ ليس من المروءة والاعتراف بالجميل تسرع المرأة بالزواج عقب وفاة زوجها ولو قبل دخوله بها، كما أن تعجلها بالزواج يسيء إلى أهل الزوج الذين ارتبطت بهم برباط المصاهرة، إذ كيف تنعم بحياة زوجية جديدة في الوقت الذي لا يزال أهل زوجها في حزن عليه.
***********************************************
أنواع العدة بشكل موجز ::

1- عدة الحامل: تنتهى بوضع الحمل سواء أكانت المرأة مطلقة أم متوفى عنها زوجها، لقول الله تعالى ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ).

سواء أكان الحمل حيًّا أم ميتًا، تام الخلقة أو ناقصها، نفخ فيه الروح أو لم ينفخ.

2- عدة المتوفى عنها زوجها: وعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام مالم تكن حاملا، لقول الله تعالى ( والذين يتوفون من منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا ). ولا فرق بين أن يكون الرجل قد دخل بزوجته أو لم يدخل بها.

3- عدة المطلقة: إذا طلقت المرأة ولم تكن حاملا، وكانت من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة قروء، قال تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ). والقروء: جمع قُرْء. وهو الحيض، وعلى ذلك فعدة المطلقة هنا ثلاث حيضات.

أما إذا كانت المرأة من غير ذوات الحيض كالصغيرة التي لم تبلغ أو الكبيرة التي لا تحيض حيث بلغت سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر، لقول الله تعالى ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ).

وإذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول بها فلا عدة عليها، لقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) .

4- عدة المفقود زوجها: عدة المرأة التي غاب عنها زوجها ولم يُعْرَف أحىٌّ هو أم ميت، قيل: فعلى الزوجة عدتها أن تنتظر أربع سنوات، ثم تعتد عدة الوفاة وهى أربعة أشهر وعشرة أيام؛ ودليل ذلك ما روى عن عمر رضى الله عنه أن رجلا غاب عن امرأته وفقد، فجاءت امرأته إلى عمر، فذكرت ذلك له، فقال: تربصى (انتظرى) أربع سنين. ففعلت، ثم أتته فقال: أين ولى هذا الرجل؟ فجاءوا به، فقال: طلقها. ففعل. فقال عمر: تزوجى من شئت ِ. [الدارقطنى].

وقيل: ليس لها أن تعتد حتى يتحقق موته أو طلاقه لها.

5- عدة المختلعة: المختلعة وهى المرأة التي خلعت نفسها من زوجها بأن أعطته ما دفعه من مهر وغيره مقابل طلاقه لها، فعدتها حيضة واحدة ودليل ذلك ما قاله رسول الله صلي الله عليه وسلم لثابت:" خذ الذي لها عليك وخل سبيلها " قال: نعم. فأمرها رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة واحدة وتلحق بأهلها "
***********************************************
أنواع العدة بشكل مفصل :

تتنوع العدة إلى ثلاثة أنواع:

1- عدة بالقروء.
2- عدة بالأشهر.
3- عدة بوضع الحمل.

وهذا التنوع باعتبار سبب الفرقة، وما تكون عليه المرأة عند حصول الفرقة، وصحة الزواج وفساده.

- النوع الأول: العدة بالقروء:

وتكون العدة بالقروء لمن فارقها زوجها بعد الدخول أو الخلوة بسبب من أسباب الفرقة غير الوفاة إذا كانت المرأة من ذوات الحيض ولم تكن حاملاً.
وهذا إذا كانت الفرقة بعد زواج صحيح، أما إذا كان فاسداً فإنها تعتمد بالقروء بعد الدخول الحقيقي وإن كانت بعد الوفاة ،والدليل على ذلك قوله تعالى ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )، فقد أوجبت الآية على المطلقة التربص ثلاثة قروء، والقروء جمع قرء، وهو يحتمل في الآية الحيض أو الطهر، لأنه لغة مشترك بينهما -كما قالوا- ومن هنا اختلف فقهاء الصحابة ومن بعدهم في المراد منها:
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المراد بها الحيض ،وذهب المالكية والشافعية إلى أن المراد بها الطهر.

- النوع الثاني: العدة بالأشهر:

وتكون لمن فارقها زوجها بعد الدخول بسبب من أسباب الفرقة غير الوفاة وكانت لا تحيض لصغرها وإن بلغت بالسن ولم تر الحيض ولم تكن حاملاً أو لبلوغها سن اليأس ، كما تكون لمن توفي عنها زوجها بعد العقد الصحيح ولو قبل الدخول إذا لم تكن حاملاً صغيرة كانت أو كبيرة تحيض أو لا تحيض.
***********************************************
غير أن هذه العدة صنفان:

الصنف الأول: ثلاثة أشهر وهي بدل عن الحيض، والثاني أربعة أشهر وعشرة أيام وهي أصل وليست بدلاً عن غيرها ،والدليل على الأول قوله تعالى ( وَاللائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ). فهذه الآية جعلت العدة ثلاثة أشهر لنوعين من النساء. من بلغت سن اليأس، ومن لم تحض لصغرها ،وإنما جعلت ثلاثة أشهر لأنها قائمة مقام ثلاث حيضات حيث جعلت بدلا عنها بدليل أنها لو حاضت انتقلت عدتها إلى الحيض وألغي اعتبار الأشهر، ولأن الغالب في المرأة أنها تحيض كل شهر مرة فاعتبرت مدة الثلاث حيضات ،هذا هو مذهب الحنفية في المفارقة بعد الدخول أو الخلوة في النكاح الصحيح، وبعد الدخول أو الوفاة في النكاح الفاسد والوطء بشبهة.

الصنف الثاني: وهو الاعتداد بالأشهر التي هي أصل: يكون لمن توفي عنها زوجها بعد عقد صحيح ولو قبل الدخول إذا لم تكن حاملاً يستوي في ذلك ذوات الحيض وغيرها، وهذه تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه متفق عليها بين الفقهاء ولم يخالف فيها أحد صغيرة كانت أو كبيرة بالغاً كان زوجها أولا. لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) والحكمة في هذا التقدير: أن هذه المدة هي التي يتبين فيها كون المرأة حاملاً أو غير حامل، لأن الجنين يمر بعدة أطوار. أربعون يوماً نطفة، وأربعون علقة، وأربعون مضغة، ثم تنفخ فيه الروح، ولأن هذه المدة -كما قالوا- هي أقصى ما تتحمله الزوجة عادة في البعد عن زوجها ،والأشهر هنا كاملة بالأهلة إذا ابتدأت العدة من أول شهر، وتنتهي في نهاية اليوم العاشر بعد الأربعة، وإذا ابتدأت في أثناء الشهر يجري فيها الخلاف السابق ،فعند أبي حنفية تكون مائة وثلاثين يوماً.أو في قول عند الحنفية يكمل الشهر الأول من الخامس وما بينهما بالأهلة.

النوع الثالث: العدة بوضع الحمل:

ذهب الحنفية إلى أن المرأة الحامل إذا انتهى زواجها بطلاق أو فسخ وفاة زوجها تعتد بوضع الحمل دون تقيد بزمن سواء كان الحمل من زواج صحيح أو فاسد أو مقاربة بشبهة لقوله تعالى ( وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُن )، وهي عامة في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن وإن كان سياقها في المطلقات، لأنها نزلت بعد آية البقرة وهي قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) فتكون ناسخة لعمومها أو مخصصة لها ،ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الله بن أحمد في رواية المسند عن أبي ابن كعب قال: " قلت يا رسول الله. وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" هي المطلقة ثلاثاً أم المتوفى عنها؟ قال:" هي المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها".

وروي عن ابن مسعود أنه قال:" نسخت سورة النساء القصرى كل عدة" ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) أجل كل حامل مطلقة أو متوفى عنها زوجها أن تضع حملها.

وكذلك روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نزلت سورة النساء القصرى بعد التي في البقرة بسبع سنين، وروى البخاري عن المسور بن مخرمة أن سُبيعة الأسليمة نُفِست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح فأذن لها فنكحت "، وفي لفظ أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة.

وعلى هذا لو وضعت حملها بعد وفاة زوجها بفترة وجيزة انتهت عدتها وحلت للأزواج، وليس عليها عدة وفاة بالأشهر، ومن هنا قال عمر رضي الله عنه : لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج ،ولكنهم شرطوا في الحمل الذي تنتهي العدة بولادته أو بإسقاطه أن يكون مستبين الخلقة كلها أو بعضها سواء ولد حياً أو ميتاً، فإذا لم يكن مستبين الخلقة بأن كان علقة أو مضغة غير مخلقة فلا تنتهي العدة بوضعه لأنه إذا لم يستبن خلقه لا يعلم كونه ولداً بل يحتمل أن يكون وأن لا يكون فيقع الشك، والعدة لا تنتهي إلا مع اليقين.
***********************************************
تحول العدة من نوع إلى نوع آخر:

1- إذا وجبت العدة بالأشهر لغير وفاة بأن كانت صغيرة أو بلغت سن اليأس ثم جاءها الحيض قبل انقضاء الأشهر الثلاثة وجب عليها أن تستأنف عدة جديدة بثلاث حيضات عند الحنفية، لأن الاعتداد بالأشهر وجب عليها أولاً لأنها ليست من ذوات الحيض، فكانت الأشهر بدلاً عن الحيضات، وحيث وجد الأصل قبل أن يتم المقصود بالبدل سقط اعتبار البدل، وكانت داخلة تحت قوله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) الذي هو الأصل في العدة.

* أما إذا جاءها الحيض بعد تمام الأشهر الثلاثة فلا يجب عليها الاعتداد بالحيض، لأن العدة تمت وحصل المقصود بالبدل قبل وجود الأصل، فلا يبطل حكمه كمن تيمم لعدم وجدان الماء وصلى ثم وجد الماء بعد انتهاء الوقت المحدد للصلاة فلا يجب عليه الوضوء وإعادة تلك الصلاة.

لكن يلاحظ هنا أن هذه المرأة أصبحت من ذوات الحيض، فلو وجبت عليها عدة بعد ذلك بأي سبب اعتدت بالحيض لا بالأشهر.

2- من كانت من ذوات الحيض فابتدأت عدتها به وحاضت مرة أو مرتين ثم بلغت سن اليأس تحولت عدتها إلى الأشهر عند الحنفية، فتستأنف عدة جديدة بثلاثة أشهر كاملة، لأن العدة إما بالقروء وهي ثلاثة، وإما بالأشهر وهي ثلاثة، ولكل منهما صنف، وحيث إنها لم تكمل العدة بالحيض وصارت آيسة فتعتد عدة الآيسة.

3- من طلقها زوجها طلاقاً رجعياً ثم مات وهي في العدة تحولت عدتها من عدة طلاق سواء كانت بالحيض أو بالأشهر إلى عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام تبدؤها من وقت الوفاة. يستوي في ذلك أن يكون زوجها طلقها في صحته أو مرضه الأخير، لأن المطلقة رجعياً زوجيتها باقية من كل وجه ما دامت العدة، ولذلك ترثه، وعلى الزوجة غير الحامل التي توفى زوجها الاعتداد بهذه العدة لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) وهذه لا خلاف فيها بين الفقهاء.

فإن تبين أنه قصد بالطلاق الفرار من ميراثها بأن طلقها الثالثة في مرض موته بغير رضاها ثم مات وهي في العدة فإنها ترثه باتفاق الحنفية ولكن الخلاف بينهم في تحول عدتها ،فذهب أبو حنيفة إلى أن عدتها تتحول إلى أبعد الأجلين وهما عدة الوفاة وعدة الطلاق فأيتهما أطول فهي عدتها، فإن كانت عدة الطلاق بالأشهر اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام من وقت الوفاة، وإن كانت بالحيض وحاضت ثلاث حيضات قبل أن تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام من وقت الوفاة فعدتها تمام هذه المدة، وإن مضت المدة قبل أن تتم ثلاث حيضات لا تنتهي عدتها إلا بإكمال الحيضات الثلاث ،وإنما وجب عليها أطول العدتين لأنها باعتبار أنها مطلقة بائناً ليست بزوجة وقت الوفاة فلا تجب عليها عدة الوفاة، بل تجب عليها عدة الطلاق، وباعتبار أنها ورثت من مطلقها والميراث لا يكون إلا للزوجة اعتبر الزواج قائماً حكماً وقت الوفاة فتجب عليها عدة الوفاة، فمراعاة للاعتبارين وجب عليها عدة الطلاق والوفاة، وتتداخل العدتان لأن أقلهما داخل في أطولهما.
***********************************************
مبدأ العدة وانتهائها:

أما مبدأ العدة فيختلف باختلاف عقد الزواج السابق عليها، فإن كانت الفرقة بعد نكاح صحيح بموت الزوج ولو قبل الدخول أو بطلاق أو فسخ بعد الدخول فابتداء العدة بمجرد وقوع الفرقة وإن لم تعلم بها المرأة، فإذا وجد سبب الفرقة ولم تعلم به المرأة إلا بعد مدة احتسبت العدة من وقت حصول سببها لا من وقت علم المرأة بها، بل قد تنتهي العدة دون أن تعلم، وذلك لأن العدة مدة حددها الشارع بعد حصول سببها فتوجد دون توقف على العلم بها.

فلو ادعت المرأة على زوجها بأنه طلقها في وقت سابق عينته، فإما أن يصدقها الزوج في دعواها أو ينكر، فإن أنكرها وأقامت الزوجة البينة على دعواها وحكم لها القاضي بصحة دعواها احتسبت العدة من الوقت الذي أثبتته البينة لا من وقت الحكم، وإن لم تقم بينه رفضت دعواها.

وإن صدقها في دعواها وأقر بما ادعته أو أقر هو به ابتداء بدون دعوى منها فإن العدة تحتسب من الوقت الذي أسند الطلاق إليه لا من وقت الإقرار إذا لم يكن في إقراره أو تصديقه لها تهمة ، فإن كان في أحدهما تهمة احتسبت العدة من وقت الإقرار نفياً للتهمة.

ومن أمثلة ما فيه تهمة: أن يكون الزوج مريضاً مرض الموت، لأنه في هذه الحالة يحتمل أن يكون قد اتفق معها على ذلك لتصير أجنبية بانتهاء عدتها قبل وفاته ليصل إلى غرض لا يمكنه الوصول إليه مع قيام الزوجية كإقراره لها بدين حال مرضه مثلاً.

ومنها أن يكون تصديقه لها في دعواها وهو صحيح ليستطيع التزوج بمحرم لها لا يمكنه الجمع بينهما في العدة.
أما إذا كانت الفرقة بعد الزواج الفاسد فإن العدة تبدأ من وقت متاركته لها بإظهار عزمه على ترك قربانها أو وقت تفريق القاضي بينهما أو وقت موته مباشرة.

وعدة الوطء بشبهة تبدأ من آخر مقاربة لها عند زوال الشبهة بعلمه أنها غير زوجته وأنها لا تحل له، لأن سبب العدة هنا هو الوقاع بشبهة أنها زوجته حيث لا عقد هنا.
***********************************************
- انتهاء العدة:
تنتهي العدة إذا كانت بالأشهر بغروب شمس آخر يومٍ منها.
وإذا كانت بالقروء فعند من يفسرها بالحيض تنتهي بانقطاع دم الحيضة الثالثة إن انقطع لأكثر مدة الحيض وهو عشرة أيام، فإن انقطع قبل عشرة أيام فلا تنتهي العدة إلا إذا طهرت من الحيض إما بالاغتسال أو التيمم سواء صلت أو صارت الصلاة ديناً في ذمتها.

وإذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيضات لا تصدق إلا إذا كانت المدة تحتمل ذلك، وأقلها عند أبي حنيفة ستون يوماً، وفي رواية عند الحنفية تسعة وثلاثون يوماً كما قدمناه.

وأما من يفسر القروء بالأطهار يعتبرون الطهر الذي وقع فيه الطلاق أحدها فإنها تنتهي عندهم برؤية الدم من الحيضة الثالثة بعد الفرقة، وأقل مدة تصدق فيها المرأة التي ادعت انتهاء عدتها ستة وعشرون يوماً ولحظتان مع ملاحظة أن اللحظة الأولى من العدة والثانية ليست منها، وهي رؤية الدم من الحيضة الثالثة، بل هي أمارة على الخروج من العدة.

وإن كانت العدة بوضع الحمل فتنتهي إذا كان الحمل واحداً ونزل أكثره عند الحنفية سواء نزل حياً أو ميتاً، وإن كان الحمل أكثر من واحد فلا تنتهي العدة إلا بنزول آخر التوائم، لأن الحمل اسم لجميع ما في البطن بإتفاق الحنفية.

***********************************************
أحكام المعتدة وحقوقها:

1- تحريم الخطبة: لا يجوز للأجنبى خطبة المعتدة صراحة سواء أكانت مطلقة أم متوفى عنها زوجها، لأن المطلقة طلاقًا رجعيَّا في حكم الزوجة، ولا يجوز التعريض بالخطبة للمعتدة عدة طلاق، ويجوز ذلك في عدة الوفاة، لقوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ).

2- تحريم الزواج: لا يجوز للأجنبى إجماعًا زواج المعتدة، لقوله تعالى ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله ) أي لا تعقدوا عقد النكاح حتى تنقضى العدة التي كتبها الله على المعتدة، وإذا وقع الزواج كان باطلا.

3- تحريم الخروج من البيت: لا يجوز للمعتدة الخروج من البيت إلا لعذر، ولا يجوز لها المبيت خارج بيتها.

4- النفقة: وهى واجبة على الزوج.

فإذا كانت المعتدة مطلقة طلاقًا رجعيًا وجبت لها النفقة بأنواعها المختلفة من طعام وكساء وسكن، لأنها تعد زوجة ما دامت في العدة.
وإذا كانت معتدة من طلاق بائن فهى إما أن تكون حاملا أو غير حامل، فإن كانت حاملا وجبت لها النفقة بأنواعها المختلفة؛ لقوله تعالى ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ).

وإن كانت غير حامل وجب لها النفقة عند بعض الفقهاء، ولا يجب لها ذلك عند البعض الآخر، وقيل: يجب لها السكن فقط.

أما إذا كانت معتدة من وفاة فلا نفقة لها باتفاق العلماء لانتهاء الحياة الزوجية بالموت، ولها السكن عند بعضهم مدة العدة.
***********************************************
التفريق القضائي:

يكون التفريق القضائي عند تعسف الرجل في عدم تطليق المرأة إذا كانت هناك أسباب تدعو إلى ذلك ، وربما كان التفريق القضائي فسخًا للعلاقة الزوجية بين الزوجين.

والتفريق القضائي يكون طلاقًا بسبب عدم الإنفاق أو بسبب الإيلاء ،و أو لعلل معينة ، وللشقاق بين الزوجين، أو للغيبة أو للحبس ، أو للتعسف. وقد يكون التفريق القضائي فسخًا لعقد الزوجية ، كما هو الحال في العقد الفاسد، كالتفريق بسبب الردة وإسلام أحد الزوجين .
***********************************************
التفريق لعدم الإنفاق :

للمرأة الحق في رفع دعوى بالتفريق بينها وبين زوجها إذا كان الزوج لاينفق عليها .

- فإن كان للزوج مال معلوم ، نفذ الحكم عليه بأن ينفق عليها من ماله ، ولا داعي للتفريق.

- فإن لم يكن له مال ظاهر معلوم، فإن كان حاضرًاِ ولم يثبت عجزه عن الإنفاق، وأصر على الامتناع؛ فرق القاضي بينهما في الحال.

- فإن ثبت عجز الزوج عن الإنفاق ، أمهله القاضي ثلاثة شهور علي الأكثر أو أي مدة يراها القاضي فإن مضت المدة ولم ينفق الزوج عليها فالقاضي يفرق بينهما.

فإن كان غائبًا وليس له مال ظاهر فيجب إعذاره وإمهاله إلي مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، فإن مضت المدة ولم ينفق علي الزوجة فرق القاضي بينهما .

والتفريق القضائي بسبب عدم الإنفاق هو رأي الجمهور، ويرى الحنفية أنه لا يجوز التفريق بسبب عدم الإنفاق .

والتفريق القضائي طلاق رجعي عند المالكية فإن أيسر الزوج في العدة وأنفق علي زوجته ؛ جاز له إرجاعها ويرى الشافعية والحنابلة أن الفرقة لأجل النفقة فسخ لا طلاق.
***********************************************
التفريق بسبب العيوب:

يجوز للقاضي التفريق بين الزوجين إذا كان أحدهما مريضًا مرضًا جنسيًا ، وهو قطع الذكر ، والعنة ، وهي العجز عن الجماع بسبب صغر الذكر أو غير ذلك ، والخصاء وهو استئصال أو قطع الخصيتين وذلك بالنسبة للرجل ، أما المرأة ، فإن كان بها الرتق ، وهو أن يكون الفرج مسدودًا ملتصقًا بلحم من أصل الخلقة لا مسلك للذكر فيه. والقرن ، وهو عظم أو غدة تمنع دخول الذكر. والغفل ، وهو رغوة تمنع لذة الوطء. ونخر الفرج، وهو رائحة منتنة تثور في الوطء ، وانخراق ما بين القبل والدبر.
أو كان التفريق لمرض منفر ، بحيث لا يمكن المقام معه ، كالجنون والجذام والبرص، إلا إذا كان يمكن مداواته المرض، فإن لم يكن من الممكن علاجه، تم التفريق بينهما. والتفريق بين الزوجين لمرض أو علة، يعد طلاقًا بائنًا.
***********************************************
التفريق للشقاق أو الضرر وسوء العشرة:
فإذا ثبت إضرار الزوج لزوجته ، وسوء عشرته لها ، كأن يضربها ضربًا مبرحًا ،أو يشتمها شتمًا مقذعًا ،أو يحملها على معصية الله، أو يعرض عنها من غير سبب ، جاز للمرأة رفع أمرها للقاضي، فإذا ثبتت دعواها فللقاضي أن يفرق بينهما، وهذا رأي المالكية. أما الأحناف والحنابلة والشافعية ،فهم لا يجيزون التفريق بسبب الشقاق وسوء العشرة ،بل على القاضي أن يؤدبه حتى يستقيم أمره ، فإن لم ينصلح حاله ، يبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها لأجل الإصلاح ، أو ما يتفق عليه لمصلحة الزوجين .
............................................
هذا والله تعالى اجلّ واعلم ،،،

وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،


 

 

رد مع اقتباس
قديم 04-14-2012, 04:04 PM   رقم المشاركة : 2
مناصرة سات
 
الصورة الرمزية مناصرة سات






مناصرة سات غير متواجد حالياً

مناصرة سات على طريق التميز


افتراضي

الله يجزيك الخير اخي
ويجعله ربنا في ميزان حسناتك

رد مع اقتباس
قديم 04-14-2012, 06:15 PM   رقم المشاركة : 3
الباشا محمود
 
الصورة الرمزية الباشا محمود





الباشا محمود غير متواجد حالياً

الباشا محمود على طريق التميز


افتراضي

اقتباس
مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مناصرة سات
الله يجزيك الخير اخي
ويجعله ربنا في ميزان حسناتك

أسعدنى مرورك أخى الغالى
تحياتى لك
رد مع اقتباس
قديم 04-14-2012, 06:20 PM   رقم المشاركة : 4
خالد الشبول
 
الصورة الرمزية خالد الشبول






خالد الشبول غير متواجد حالياً

خالد الشبول في إبداع مستمرخالد الشبول في إبداع مستمرخالد الشبول في إبداع مستمرخالد الشبول في إبداع مستمرخالد الشبول في إبداع مستمر


افتراضي

جزاك الله كل الخير يا غالي

رد مع اقتباس
قديم 04-14-2012, 06:45 PM   رقم المشاركة : 5
الباشا محمود
 
الصورة الرمزية الباشا محمود





الباشا محمود غير متواجد حالياً

الباشا محمود على طريق التميز


افتراضي

اقتباس
مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ربحي
جزاك الله كل الخير يا غالي

أسعدنى مرورك أخى الغالى
تحياتى لك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المرأة بعد الإسلام خالد الشبول مواضيع وبرامج دينية عامة 4 07-03-2012 05:17 PM
الطب في الإسلام الباشا محمود قسم الدراسات الطبية وعلم النفس 5 04-21-2012 02:29 PM
ما الفرق بين المطر والغيث رائد العويسات مواضيع وبرامج دينية عامة 2 08-10-2011 04:02 PM
أثر الطلاق على نفسية الأطفال ابو فارس منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية 4 08-30-2010 02:34 AM
الإسلام والإيمان عمر الهندي مواضيع وبرامج دينية عامة 2 05-05-2010 01:34 AM


الساعة الآن 04:07 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.