اشترك الان
 

العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات العامة والمنوعة > منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-13-2010, 04:10 PM
الصورة الرمزية ابو فارس
ابو فارس ابو فارس غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 0 ابو فارس على طريق التميز
افتراضي غازي القصيبي ورومانسية بلا حدود

الحلقة الأولى
الرومانسية والليبرالية في الأدب الغربي :
شهد القرن الثامن عشر في أوروبا مولد حدثين عظيمين على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من جانب آخر . كما كان الحدث الأول ممهدا للحدث الثاني ومبشرا بظهوره . أما الحدث الأول فهو الثورة الفرنسية عام 1789 م . التي كانت بمثابة إشارة البدء للتحرر والانعتاق من قيود الطبقية والإقطاع ، وتحكم فئة بعينها في قطاع عريض من الشعب . وبعد أن استقرت الثورة وتمخض عنها المذهب اللبرالي الذي يدعو إلى الحرية والخلاص من هيمنة الطبقية ، وقويت أرضية الأساس الاجتماعي القائم على دعائم إعلاء الفردية الذاتية ، وتقديم الفرد على الجماعة . انبثق عن هذا المفهوم التحرري مفهوم فكري جمالي تبلور فيما بعد ليصبح مذهبا أدبيا وفنيا عريضا عرف بالرومانسية مذهبا يحمل في أعماقه نزعة التحرر والانطلاق وكسر القيود التي كبلت الأشكال والمضامين على حد سواء . واتجهت ناحية جديدة تخلق أعمالا فنية مطابقة لاحتياجات العصر ومطالب إنسان ما بعد الثورة الفرنسية . ( 1 )
ومن هنا ندرك الصلة الحميمة بين الرومانتيكية والليبرالية ، فهما مذهبان متداخلان ، كلاهما يستهدف التحرر " الرومانتيكية تستهدف في الأدب والفن ، والليبرالية في السياسة وشئون الحكم " . ( 2 )
فالرومانتيكية ثورة ـ بكل ما تحمل هذه الكلمة من دلالة ـ على الأدب والأدباء ، فحطمت القوالب الشعرية التقليدية ، وكسرت حدودها ونمطيتها ، وتمردت على القوانين الفنية ، وصرخت أعلى صوتها منادية بالحرية الأدبية إبداعا وابتكارا واعتبرت الرومانسية ذات الشاعر المحور الأساس الذي تدور حوله التجربة الفنية ، وجعلت من الإنسان سيد نفسه ، وذاتيا إلى ابعد الحدود !! ولذا يأتي الشاعر الرومانسي غنائيا صافيا ملتهب العاطفة غزيرها متدفق الحماسة ، مرهف مجذوبا إلى الطبيعة يناجيها مندمجا فيها ينطقها ، يحل فيها وتحل فيه , صدفيا متأرجحا بين الحلم والواقع ( 3 ) .
وقد تشبعت مفاهيم الرومانسية . واختلطت معانيها حتى أصبح ، من العسير أن يقف الباحث على مفهوم محدد ، وذلك أمر حتمي ، إذ كيف يمكن أن نحصر مذهبا في مفهوم مؤطر . وقد جاء انتفاضة ضد الأطر والقواعد . جاء مخلصا للإبداع من القيود والحتمية .
كما أن هذا الخلط وذلك التشعب يرجع بالضرورة إلى اتساع القاعدة العريضة من الفنانين والأدباء الذين يمثلون الرومانسية كمذهب أدبي قلق متحرر منطلق من صدفية التقوقع والتحجر .
غير أنهم لم يوفقوا في رسم أطر محددة وبلورة ملامح أدبية متكاملة واضحة المعالم ، لذلك كانت الرومانسية أبعد ما تكون عن مدرسة أدبية راعي تلاميذها نظاما أو التزموا بقيم ايجابية ثابتة . ( 4 ) لذلك يقول أحد الباحثين " أن الرومانتيكية اتجاه عريض ربما يمثل في موقفه الاجتماعي الرافض أكثر مما تمثل خصائص إيجابية مشتركة . ( 5 )
ومن هنا ندرك مدى الحيرة التي وقع فيها النقاد والأدباء في تأطير مفهوم الرومانسية ، فتباينت مفاهيمها واختلفت باختلاف ميول وأهواء ونوازع أدبائها ، ومع هذا فثمة محاولات كانت تتجه لتعريف مضمون " الرومانسية كمنهج أو مذهب أكثر من اتجاهها لتعريف الأدب الرومانسي ذاته ، لذلك نلمح أحيانا في بعض المباحث التي تعني بدراسة الأدب الرومانسي شيئا من التعريفات التي تنتمي إلى مفهوم أدبي بحت فقد عرفها " ستاندال " بأنها الفن الذي بموجبه نقدم للشعوب في حالتها الراهنة من العادات والمعتقدات أعمالا أدبية جديدة بأن تعطيها أكبر قدر ممكن من المسرة " . ( 6 ) وعرفها البعض " أنها حالة نفسية أكثر منها مذهبا أدبيا وفنيا " . ( 7 )
ومجمل القول إن الأدب الرومانسي هو أدب العاطفة والخيال والتحرر الوجداني والفرار من الواقع والتخلص من ربقة الأصول الفنية التقليدية للأدب .. كما انه يمثل روح الثورة والتمرد والانطلاق والحرية " . ( 8 ) وهو أدب الخيال المشحوذ ، والملتهب في خدمة الغرض العاطفي بدلا من أن يكون في خدمة الغرض العقلي الرومانسي .
وقد أوجز الباحثون والنقاد القول في الركائز الفلسفية والفنية التي يتمحور حولها الاتجاه الرومانسي وهي :
أولا ـ من البديهي أن الاتجاه الكلاسيكي يعتمد في فلسفته الجمالية على العقل . في حين أن الرومانسية تعتمد على دعامتين أساسيتين القلب والعاطفة ، فالرومانسيون يجحدون هيمنة العقل على الإبداعي الغني ويستبدلون به العاطفة والشعور ، وهم يسلمون قيادهم للقلب ، لأنه منبع الإلهام والهادي الذي لا يخطئ وهو موطن الشعور ، ومكان الضمير عندهم " وقوة من قوى النفس ، قائمة بذاتها ، وغريزة خلقية تميز الخير من الشر عن طريق الإحساس والذوق " .( 9 )
ثانيا ـ تطالب الرومانسية بالتحرر من القواعد والتقليد ، وتؤكد أهمية التلقائية والغنائية ، وذلك أن الرومانسية تقدمية تنظر إلى المستقبل ، ولا تحترم قدسية الأدب القديم لأنها تحترم ذاتية الفرد . " فالحقيقة التي ينشدها الرومانسي ذات طابع ذاتي أسيرة لخيال الكاتب وعاطفته المشبوبة ، وتتبدى في ثوب جديد ثائر . (10)
ثالثا ـ يستمد الشعراء الرومانسيون صورهم من نهر الأحلام الحالم ، فهم يميلون إلى أحلام اليقظة والغموض ، وتداخل وظائف الفنون المختلفة وحدودها ، وخيالهم المجنح يعوضهم عما فقدوه في دنيا الواقع ، وهو خيال يجسد الأحلام فتصبح كأنها حقيقة ، ويرسم صورة مجسدة لمحبوبة وهمية بعشقها الشاعر في الخيال وهو خيال يقرب من الجنون والرومانسيون سواء أكانوا متفائلين أو متشائمين يجمع بينهم الهروب من الواقع " ويرجع ذلك إلى الخيال الرومانتيكي الفريد من نوعه الذي يجعلهم يشعرون بفراغ في وجودهم لا سبيل إلى ملئه . (11) وهم يتمنون الهرب من الزمان والمكان إلى أحضان الأبدية والعدم ، وهذا التمني صورة من صور الهرب من الحاضر .
رابعا ـ والأدب الرومانسي أدب الثورية والتحررية ، أدب حطم ما هد كاهل الكلاسيكية من قيود ونمطية وتقليد أدت إلى جفاف أدبهم وموته .
لذلك ندرك الصلة الوثيقة بين الرومانسية كمذهب جمالي فني والليبرالية كمذهب تحرري إذ أن كليهما يستهدف الانعتاق والتحرر .
خامسا ـ مالت الرومانسية إلى استعمال اللغة الرقيقة السهلة والاقتراب من تعبيرية الريفيين ، " كما جاءت بحشد من الصور والاستعارات والتشبيهات الجامحة الخيال . وأحيانا نراها تجنح إلى الغريب من اللفظ لتجاري رغبتها العامة في اكتشاف أساليب تعبيرية جديدة تكون أكثر تأثيرا وإدهاشا وأكثر مفاجأة
للقارئ . ( 13 )
سادسا ـ كانت الغابة من الأدب الكلاسيكي نشدان الحقيقة ومن ثم كان أدبهم أخلاقي في النزعة والهدف ، يسعى دائما إلى تحقيق الغايات الأخلاقية في حين أن الغاية من الأدب الرومانسي " نشدان الجمال والاستجابة للعواطف ، وهذه العواطف ليست شرا ، بل هي الخير كله ، لأنها مجلى الجمال النابع من الضمير ثائرين على شرور المجتمع من حولهم ، مطلقين العنان لعواطفهم وأحلامهم " ( 14 ) .
سابعا ـ ثار الرومانسيون على مبدأ التقليد والمحاكاة التي نادت بها الكلاسيكية ، ونادوا بأن الأدب خلق وإبداع ، فتمردوا على فلسفة المحاكاة وتقليد الطبيعة التي نادي بها أرسطو وتابعة فيها الكلاسيكيون . وقالوا إن الأدب يجب أن يعتمد على الخلق . وأداة الخلق ليست العقل ، ولا الملاحظة المباشرة " بل الخيال المبتكر ، أو المؤلف بين العناصر المشتتة في الواقع الراهن ، أو في ذكريات الماضي ، بل وفي إرهاصات المستقبل وأماله " ( 15 ) .
ثامنا ـ كما نادت الرومانسية بمحلية الأدب ، وحاربوا به الاتجاه الإنساني العام الذي دعت إليه الكلاسيكية .
فالرومانسية لا تريد أن نتحدث عن الإنسان في ذاتها ، بل عن أفراد البشرية " لذلك تريد أن تضفي على كل إنسان لونه المحلى ، فالأسباني غير الفرنسي ، وحب موبسييه غير حب لامرتين ، فلكل منهم لونه النفسي وخصائصه المميزة " ( 16 ) .
الرومانسية في الأدب العربي
ومثلما شهد القرن الثامن عشر في أوروبا حدثين عظيمين ـ تحدثنا عنها أنفا ـ شهد الأدب العربي في مطلع القرن العشرين متغيرات كثيرة دفعة بعضها إلى البحث عن مذهب أدبي جديد يخلصه من تقوقع الكلاسيكية وتحجرها ، فسلك الفكر العربي أدبيا وثقافيا مسلك الأدب الرومانسي الغربي .
وقد غزت الرومانسية الشعر العربي على أيدي شعراء المهاجر الأمريكية كجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ، وإيليا أبو ماضي ، وشفيق المعلوف وغيرهم ، وشعراء مدرسة الديوان العقاد والمازني وشكري ، ويعتبر الشاعر خليل مطران أبا الرومانسية العربية ( 17 ) ، ولكن أحد الباحثين يقول ، وربما كان جبران خليل جبران أول مؤسس للمذهب الرومانسي العربي ، فهو أول رومانسي عربي أدبا وحياة ، وقد كان قبله أصوات خافتة متقطعة في هذا المجال . ولكنه هو الذي نفخ من روحه في هذا المذهب حياة جديدة ، وأعطى له معالم وخصائص مميزة واتخذه فلسفة في حياته . ( 18 )
وقد شعر جبران كما شعر من قبله خليل مطران بغربته في هذه الحياة التي كانت دافعا قويا ـ إلى جانب الدوافع الأخرى ـ لتولد عنده مذهبا أو فلسفة جديدة عرفت فيما بعد بالرومانسية ، يقول جبران " أنا غريب في هذا العالم أنا غريب وفي الغربة وحده قاسية ، ووحدة موجعة ، غير أنها تجعلني أفكر أبدا بوطن سحري لا أعرفه ، وتملأ أحلامي بأشباح ارض قصية ما رأتها عيني " ( 19 ) .
والذي نراه أن كلا الشاعرين يعدان من أوائل الشعراء العرب الذين تأثروا بالرومانتيكية الغربية وأثروا فيمن جاء بعدهم من الشعراء فمطران من أبرز الشعراء المهاجرين إلى مصر تأثرا بالاتجاه الإبداعي الغربي ، وينسب إليه كل تجديد في الشعر المصري ، ويعد العقاد ، والمازني ، وأبو شادي ، وناجى ، ومحمود طه وغيرهم من تلاميذه ومن الذين تأثروا به . ومن مظاهر تأثر خليل مطران بالاتجاه الإبداعي دعوته في مقدمة ديوانه إلى الوحدة العضوية في القصيدة الغنائية ، وإلى صدق الشاعر في تجاربه ، وتحقق ذلك في تجارب مطران نفسه حين عبر عن آلامه تعبيرا أصيلا جديدا في نوعه في الشعر العربي إذ رأى الطبيعة مرآة لنفسه الآسية الحزينة ، وقابل بين مناظرها وأحاسيسه في قصيدته _ المساء ) ، وفي قصائده ذات الطابع الإنساني والاجتماعي ، وهذه كلها نزعات وخواطر رومانتيكية (20) . وكذلك الحال فيما يتعلق بجبران فهو من مؤسسي المدرسة الإبداعية في الشعر العربي الحديث ، وصوره لا تكاد تختلف في شيء عن شعراء الاتجاه الإبداعي في فرنسا وإنجلترا .
ثم نمت الرومانتيكية العربية وترعرت على أيدي شعراء مدرسة أبولو وروادها أحمد زكى أبو شادي و أبو القاسم الشابي و إبراهيم ناجى و الصيرفي والسحرتي وغيرهم . ثم تبناها شعراء لبنان وفلسطين كبشارة الخوري و إلياس أبو شبكة وإبراهيم طوقان و فدى طوقان في فلسطين .
بيد أن الرومانتيكية في الشعر العربي ما بين الحربين العالميتين لم تكن سوى تقليد ممسوخ للرومانتيكية الغربية ، وغناء بسيط فاتر بعيد عن المعاناة الحقيقية . أما في مرحلة ما بعد الحرب الثانية ، فقد باتت تمثل معاناة الإنسان العربي الذي يتمزق وينزف داخليا من خلال الحضارة الجديدة التي يعيش فيها ويمارسها باتت ثورة على الواقع الفاسد والحياة المؤلمة المربدة التي طالما عانى من وقعها الإنسان العربي ، وأخذت تعكس ما في داخل الشاعر من أمان وأحلام ، وقلق وضجر وأحزان وغربة واستلاب .
فالرومانتيكية في الأدب العربي بعد الحربين دعوة إلى التحرر من القيود الفنية ، فالقصيدة العربية تحررت من عمود الشعر العربي القديم ، ومن القافية الواحدة ، بل تحررت من الأوزان القديمة وشكليتها ، وظهرت أنماط مختلفة من الشعر لا تعتمد على وزن ولا قافية مطلقا . بينما نجد الشعراء الذين تأثروا بالتيار الرومانسي في فترة ما بين الحربين كخليل مطران ، وجبران وغيرهما من شعراء تلك الفترة لم يخرجوا على التقاليد الفنية الموروثة ، ولم يغيروا في شكل القصيدة ، ولم يتخلوا عن أوزان الشعر وقوافيه . وقد مثل الرومانتيكية العربية في مرحلتها الثانية شعراء العراق المعاصرون كالسياب ، نازك وبلند الحيدري ، ويوسف عز الدين وعبد الوهاب البياتى وغيرهم . وأدونيس ، وخليل حاوي وأنسى الحاج والماغوط ويوسف الخال في سوريا ولبنان . وتوفيق زياد ومحمود درويش وسميح القاسم ـ إلى حد ما ـ في فلسطين . وصلاح عبد الصبور و أحمد عبد المعطى حجازي وغيرهم في مصر . ثم اتسعت دائرتها وتشعبت لتشمل جمعا غفيرا من جيل الشعراء الشباب في الوطن العربي .
ورغم أن الرومانتيكية العربية كانت في بادئ نشأتها انعكاسا للرومانتيكية الغربية ، فإنها لم تصل في جميع مراحلها إلى ما وصلت إليه الرومانسية الغربية من إلحاد وأعمل سيئة غير أخلاقية أضفت عليها طابع التشاؤم ، وألقت بأدبائها إلى بؤرة الجريمة ، وأوصلت بعضهم إلى هاوية الجنون ، إضافة إلى البحث عن كل غريب مجهول " جانحين بأدبهم إلى الغموض والرهبة ، وصوروا الأحلام المفزعة وحالات الرعب ووخز الضمير " . (21)
وبقيت الرومانتيكية العربية محصورة في حدود مقاومة الأدب التقليدي ، والدعوة إلى الرجوع للذات ، ووصف تجارب الأديب الفردية والإنسانية في حدود ما يشعر به أو يصل إلى تفكيره .
وقد شارك الشعراء الخليجيون عامة والسعوديون على وجه الخصوص ذوو النزعة الرومانتيكية إخوانهم من الشعراء العرب الرومانتيكيين في كل اتجاهاتهم الفنية بدءا بمضمون القصيدة وموضوعها وانتهاء بالتحرر من الأنماط الشكلية ، فوجدت بذرة الرومانتيكية في أرض الخليج تربة صالحة لنموها وترعرعها ، حيث اتسعت دائرة المثقفين ، وبرزت ملامح الطبقات الاجتماعية ، وكانت النقلة الحضارية والثقافية مفاجئة لمن أطلع عليها .
وحول هذه النقلة الحضارية والثقافية يحدثنا أحد الباحثين قائلا : " تطورت النقلة الثقافية خاصة في شمال الخليج ، ثم اتسعت لتشمل أقطار أخرى كالسعودية ، وقد تجلى ذلك في انتشار الجمعيات الأدبية والأندية الثقافية والمعاهد والجامعات وأتيح للكثيرين أن يتلقوا علومهم بالخارج ، واتصلوا برواد النهضة الثقافية في الأقطار العربية الأخرى ، ومن ثم كان الاتصال بالتيارات الثقافية في الوطن العربي " (22) . هذا إلى جانب حياة القلق النفسي التي عاشها بعض الشعراء ، وشعورهم بتخلخل البنية الاجتماعية وانكماش قيمها ، ومعاناتهم النفسية وانطوائهم الذاتي ، وتأثرهم بالمدارس الأدبية العربية ، وبشعراء سوريا ولبنان وفلسطين والعراق الذين سبقوهم في التأثر بالاتجاه الرومانتيكي الغربي ، وإعجاب بأدبائه ، وما تركته الصوفية السلبية المتمكنة في الشرق من رواسب في نفوس هؤلاء الشعراء . كل ذلك كان بمثابة المؤشرات التي ساعدت على بروز ملامح التيار الرومانتيكي في منطقة الخليج بأسرها .
ـــــــــــــــ
1 ـ د . سيد النساج : في الرومانسية والواقعية ص 9 .
2 ـ د . حلمي مرزوق : الرومانتيكية والواقعية في الأدب ص 17 .
3 ـ د . عبد الحميد جيدة : الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي ص 176 .
4 ـ عادل فريحات : إضاءات في النقد ص 153 .
5 ـ حسام الدين الخطيب : الأدب الأوروبي ص 154 .
6 ـ فليب فان تيجم : المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا ص 199 ترجمة فريد انطونيوس .
7 ـ د . محمد مندور : الأدب ومذاهبه ص 40 .
8 ـ د . عز الدين إسماعيل : الأدب وفنونه ص 52 .
9 ـ ( أميل برييه ) تاريخ الفلسفة ج 2 ـ ص 486 نقلا عن د . سعد دعبيس : حوار مع قضايا الشعر المعاصر ص 65 .
10 ـ د . محمد غنيمي هلال الرومانتيكية ص 19 .
11 ـ د . محمد غنيمي هلال : نفس المرجع ص 77 .
12 ـ د . محمد غنيمي هلال : نفس المرجع ص 84 .
13 ـ عيسى بلاطه : الرمانطيقية ومعالمها في الشعر العربي الحديث
ص 78 .
14 ـ د . محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن ص 45 .
16 ـ د . محمد مندور : محاضرات في الأدب ومذاهبه ص 45 .
17 ـ د . مسعد زياد : نشأة الشعر العربي السعودي المعاصر واتجاهاته الفنية ص 260 .
18 ـ عادل فريحات : مرجع سابق ص 176 .
19 ـ مجموعة جبران الكاملة العواصف ج 3 ص 163 .
20 ـ د . محمد غنيمي هلال : الأدب المقارن ص 410 ـ 411 .
21 ـ محمد مفيد الشوباشي : الأدب ومذاهبه ص 114 .
22 ـ ماهر حسن فهمي : تطور الشعر العربي الحديث في الخليج ص 59 .

الحلقة الثانية
ظواهر الرومانسية في شعره :

أولا : القلق والتمزق النفسي :
يعتبر التمزق النفسي والشعور بعدم الرضا بالواقع الذي يعيشه الشاعر من الظواهر الرومانسية البارزة ، لا في الشعر الغربي فحسب ، بل وفي الشعر العربي أيضا . فكثير من الشعراء الرومانسيين العرب تعتريهم حالات من الحزن والكآبة نتيجة لهذا القلق الذي تغطى سحبة الداكنة سماء ذواتهم . وقد غلب هذا القلق والتبرم والشعور بالحزن والكآبة على نتاج الشعراء في المملكة العربية السعودية بحيث أصبح ظاهرة نفسية تنعكس على خطابهم الشعري ، ونرى ملامحها في جل إبداعهم الفني . ويعلل أحد الباحثين أسباب هذا القلق والتمزق النفسي " بالظروف القاسية ، والحب المعذب اليتم ، والفقر ، والحرمان " (1) .
يقول القصيبي من قصيدة بعنوان " حرمان " (2) ( من الخفيف ) :
ضحكت ها هنا الحياة ..فأكواب ***** وأسرب فاتنات حسان
أين كأسي ؟ لا تسألوا ..أنا لا ***** أشرب إلا مرارة الحرمان
ويعلل باحث آخر بأن ما يسيطر على أصحاب النزعة الرومانسية من قلق نفسي ، وما يصاحبه من عوارض أخرى مرده إلى " عدم توازن القوى النفسية عند هؤلاء الشعراء الذين طغى الشعور عليهم بذات أنفسهم طغيانا دفعهم إلى النقمة على كل ما هو موجود ، والتطلع إلى ما لا يستطيعون تحديده ، خاصة في عالم السياسة والخلق والأدب " (3) .
كما أن القلق النفسي وما يصاحبه من تشاؤم طبيعية في سن الشباب ، سن التبرم والضيق والانطوائية ، وعدم المواءمة بين الواقع وأحلام الأرواح الفتنة ، وآمالها الواسعة ) وقد انعكست تلك الأعراض على أحاسيس ومشاعر القصيبي فقال ( من الكامل ) :
ورجعت للدنيا . . أجر كآبتي **** خلفي .. أقوم مع الجموع وأقعد
أخفيت عن كل العيون مواجعي **** فأنا الشقي على السعادة أحسد
وأنا العليل أحس أدواء الورى ******* وأنا المرقط بالجراح أضمد
وأنا المقيد والعناة تحف بي **** وأنا البخيل يزوره المسترفد (4)
ولا يقف الأمر بالشاعر القلق عند حد الكآبة ولتمزق النفسي والتبرم من كل ما يحيط به ، بل نجد احزن أيضا من الظواهر المصاحبة لهذا القلق ، ذلك الحزن الذي يسيطر على الشاعر إلى حد اليأس ، رغم إخفاء مظاهره عن الآخرين وإدعائه الفرحة ، ورسم ابتسامة باهتة على شفتيه . وإلى جانب الحزن لا يستطيع التخلص من الحيرة والتمزق الداخلي اللذين يصاحبانه في رحلة الحياة لمؤلمة . يقول ( من مجزوء الرجز ) :
كقطرة من مطر ـــــ تسلقي ، تسوري
وطالعى تمزقي ــــــ وشاهدي تحيري
تأملي العذاب كالضبا ـــــ ب في تفكري
وفرقى القناع عن ـــ زيفي .. وعن تنكري
أضحك للناس وفي ـــ روحي دموع الأعصرِ
وأدعي الفرحة والحز ــــ ن سمير سمري
تصوري هذا الخداع ـــــ كله تصوري (5)
وغالبا ما يترجم القلق والحزن عند القصيبي إلى خوف وأوهام وهموم تلاحقه إن اتجه أو استقر ، ويهده الألم ، ويقيد خطوه اليأس ، ويحتويه طريق الضياع . يقول من قصيدة بعنوان " قافلة الضائعين " (6) ( من المتقارب ) :
حواني طريق الضياع الطويل
وجاء المساء
وأبصرت أسباحه الواجمة
تحملق في
وظلت تردد في مسمعي :
إلى أين تمضي وهذا الطريق
بدون رجوع ؟
وضج بأذني عويل الرياح
وروعني من وراء الكهوف عواء الذئاب
وخلف انحناء الدروب رأيت عيون الوحوش
وكدت أعود
ولكن سدا رهيبا أطل
يسد على طريق الرجوع .
والحيرة والملل وتمزق الفكر من الرواسب النفسية التي يخلفها القلق في أعماق الشاعر ، حيث غدا يجر خلفه أذيال اليأس ، وخيبة الأمل ، ينفث زفراته الحري من آن لآن . فاسمعه يقول ( من البسيط ) :
هل تستطيعين إنقاذي من الملل ـــ هل ستطيعين إرجاعي إلى مثلي
أنا أمامك .. أفكار ممزقة ــــــ وحيرة .. ( تماس ) ضائع السبل
لم ترشف من ينابيع الرضا لقافلتي ــــ ولم تنور براكين السنى مقلي
ما زلت أبحث عن درب لقافلتي ـ ما زلت أبحث عن مغنى لمرتحلي (7)
واليأس والأوهام ، والآلام النفسية عناصر يفضي بعضها إلى بعض في قناة القلق النفسي الذي لا ينفك ملازما للشاعر يتعقبه من وقت لآخر ، ومن درب إلى درب ، حتى أصبح ديدنه الذي لا مفر منه , وغدا ملمحا من ملامح ذاته الحزينة , نلحظه في كثير من قصائده , بل شكلت ألفاظ اليأس والأوهام والأحزان , والأم والكآبة والضيق والتبرم , وما إلى ذك من ألفاظ معجمه الشعري المميز ( يقول من البسيط ) :
لجأت من قسوة لأيام .. فابتسمي ـــ وكفكي وحشة الضيف الذي لجأ
تأمليني ! أنا الجرح الذي هربت ــ منه الأساة ... أنا الجرح الذي نكئا
تأمليني أنا الإصرار منهزما ـــ واليأس محتدما .. والجمر منطفئا (8)
ويقول في قصيدة أخرى ( من الرمل ) :
أنت يا ذات العيون الساحرة
تتسلِّين بنقش الصفحات العاطرة
وأنا أسكن في يأس الجراح الغائرة
أنت لا تدرين ما الحزن..
ولا عرس المعاناة
ولا حلم النفوس الصابرة . (9)
والتشاؤم والتبرم والضيق ذرعا بالحياة مسرب من مسارب القلق النفسي يصب فيه ويتغذى منه , وقد يصاحبه حيرة وتساؤلات فلسفية حول رحلة الإنسان ووجوده ,ودوره في هذا الكون المليء بالتعمية والألغاز ووقوفه عاجزا أمام لغة هذه الحياة وسرها الدفين ,
يقول من ( الرمل )
إنني أجهل حتى مقصدي ــــــــ أتمنى أنني لم أولد
أنا في قفر حياتي ضائع ــ سار في الركب بخطو مجهد وئد
لفنى الليل ... فما أدري وقد ــــ وئد النور , بماذا أهتدي
أين أمضي ؟ يا سؤالا لم يزل ــــ ظامئا يقرع سمع الأبد
هذه الرحلة ما أغربها ـــــ أترى ندري مداها في غد (10)
وفي أحايين كثيرة يكاد القلق النفسي وما يصاحبه من أعراض نفسية أخرى أن يودي بالشاعر فيدفعه إلى تمنى الموت ، لأنه ـ ومن وجهة نظره ـ يعد الخلاص مما علق بنفسه ومما يسيطر عليها من أوهام وهموم وشك وتشاؤم وحيرة وتساؤلات لم يجد لها جوابا . يقول ( من المتقارب ) :
لماذا أعيش
لماذا أودع يوما وأرقب يوما
ويدفن عام ويولد عام
وما في الحياة جديد
تمر على الليالي
مكفنة بوجوم عميق
تراقص فيه ظلال الملل
سجون مغلفة بالأسى
تسمى حياة
وماذا أريد
مصابي .. أني أجهل ماذا أريد
.......
إلهي ! .. سألتك : " خذني إليك "
فإن حياتي ضاقت على " (11) .

ثانيا ـ الشعور بالوحدة والإحساس بالغربة والضياع :
لقد أحس الإنسان العربي بالغربة . هذه الغربة ، التي كانت نتيجة طبيعية لهذا التغير المفاجئ ، والتبدل الطارئ الذي اعترى الحياة الاجتماعية على أرض الخليج عامة ، لذلك نجد الشاعر يحلق بأشواقه على أجنحة الخيال بعيدا عن عوالم الواقع الموبوء بالآثام والشرور ، والنفور من أدواء المجتمع ، وعدم الاستقرار الروحي والمادي معا ، كل ذلك ولد في نفسه حب العزلة والانطوائية الذاتي يقول ( من الرمل ) :
مر بالكون غريبا
ومضى يدفن في المجهول أياما
قصيرهْ
مغرقا في لجة الموت أمانيه
الكسيره
فإذا ما جمع الليل الندامى
وأطل الفجر مدوها كمن
ينعى حبيبا
فاخبريهم أنه مات غريبا
ويحدثنا د / عبد القادر القط عن الغربة والضياع في جوف المدينة فيقول : " يتحول الإحساس بالغربة والضياع في المدينة عند الشاعر إلى شعور بضياع وجودي أعم وأعمق من ذلك الذي ينبع من العجز عن مواجهة الحياة والناس في المدينة ، . فهو قلق النفس الرومانتيكية المشدودة بين أحلام غائمة ، لا تدري كنهها ، ولا تدرك مداها ، وهو تمرد على الحياة النمطية الرتيبة التي تقتل في النفس الانطلاق والتجدد " (13) . وقد مثل القصيبي الغربة والضياع في المدينة أفضل تمثيل عندما صور إحساسه الرافض لهذه الغربة الروحية والمادية معا ، المتجسدة في صخب المدينة وضجيجها فقال من ( الرمل ) :
أيها الناس ! قفوا فالميت شاعر
كفنوه بالأزهار وبالورد الندي
واقبسوا آخر لمح
شع في الوجه الرضي
ادفنوه في رحاب المعبد المهجور ..
إنه قد مل ضوضاء المدينة (14) .
ويشكل الحنين مظهرا من مظاهر الغربة ، والمرأة الحبيبة واحدة من هذه المحسوسات التي ناجها الشاعر وحن إليها فهو يقول :
أنا وحدي اجر عبء حنيني ـــ أنا وحدي .. فشاطريني شجوني
ابعثي في من سناك شعاعا ــــــ إنني تهت في ظلام السنين
انظري لي .. أن الحنين بقلبي ــــ تتراءى ظلاله في جفوني (15)
ويؤكد الشاعر حنينه للمرأة الحبيبة هذا الحنين الذي دفعته إليه الغربة غربة الذات وغربة الجسد وكلتاهما حركتا في أعماقه مشاعر الأمل باللقاء ونشبتا في قلبه عن بقايا لذكريات دفينة كل ذلك دفع به ليصرخ بأعلى صوته معلنا هذا الحنين إلى الحبيبة كلما تذكر الأهل والوطن .
حبيبة لا تتركيني لليل ــــ كئيب .. وفجر شحيح السنا
ولا تسلميني لدرب الضياع ـــ ولا تكليني لجرح الضنا
أنا وفلول من الذكريات ـــ وصمت المساء وبقيا المنى
أحن إليك حنين الغريب ـــ إذا ذكر الأهل والموطنا (16)
وطبعي أن يكون الانتماء إلى تراب الوطن أهم بواعث الحنين عند الشعراء عامة وعند القصيبي خاصة فقد عشقه بكل أبعاده وسماته بعد أن سلم العيش مغتربا والجري اللاهث وراء المدنية الزائفة والتقدم المادي الكاذب .، يقول من قصيدة حب للبحرين ( 17)
بحرين ! هذا أوان الوصل فانسكبي ــــ عليّ بحرين من دور ومن رطب
تنفسي في شجوني .. وادخلي حرقي ــ واسترسلي في دمائي .. واسكني تعبي
وسافري في عيوني يا معذبتي ـــ بالهجر .. يا ظمأى المعطاء .. يا سغبي
يا فرحتي .. ورياح اليأس غاضبة ـــ يا نشوتي .. حين يذوى موسم العنب
يا ضحكتي والدموع الحمر تعصرني ــ يا واحتي وهجير القفر يعبث بي (18)
والقصيبي من الشعراء السعوديين بل الخليجين القلائل الذي استطاع أن يصور حنينه وغربته وقلقه النفسي أصدق تصوير ، " بل هو من أقدر الشعراء الشباب على تصوير تلك النزعة الرومانسية من حنين وغربة وقلق في أسلوب يجمع بين رصانة القديم وأصالته وإيقاعه الشجي وشفافية العبارة وحداثة بنائها وقدرتها على الإيحاء وبمستوى فوق المستوى الأول للمعنى والصورة " (19) ، ومن النماذج الشعرية الوجدانية التي واءم فيها القصيبي بين الأصالة والمعاصرة إلى جانب ما تحويه من شوق وحنين قوله من قصيدة بعنوان : أغنية للخليج (20) من البسيط :
أتيت أرقب ميعادي مع القمر ـــــ يا ساحر الموج والشطان والجزر
هديتي رعشتا شوق .. وقافية ـــــ حملتها كل ما عانيت في سفري
أتيت أمرح فوق الرمل .. أنبشه ـ عن ذكرياتي القدامى عن هوى صغري
خليج ما وشوش المحار في أذني ـــ إلا سمعتك صوتا دافئ الخدر
ولا ترنم ملامح بأغنية ـــــ إلا وضحت أغاني الغوص في السهر
حتى أتيتك فامسح بالنسيم على ـ آهات جرحي ورش الموج في شرري
ـــــــــــــــ
1 ـ د . عبد الله الحامد : الشعر الحديث في المملكة ص 312 .
2 ـ القصيبي :المجموعة الشعرية الكاملة ص 147 .
3 ـ د . محمد غنيمي هلال : الرومانتيكية ص 55 .
4 ـ جليلة رضا : مقدمة ديوان شعاع الأمل لصالح العثيمين .
5 ـ المجموعة الشعرية الكاملة ص 782 .
6 ـ القصيبي : ورود على ضفائر سناء ص30 .
7 ـ المجموعة الشعرية الكاملة ص72 .
8 ـ المرجع السابق ص323 .
9 ـ القصيبي : عقد من الحجارة ص 20 .
10 ـ المجموعة الشعرية الكاملة ص 788 .
11 ـ المرجع السابق ص 206 .
12 ـ نفس المرجع ص 206 .
13 ـ نفس المرجع ص 114 .
14 ـ د . عبد القادر القط : الاتجاه الوجداني في الشعر العربي
المعاصر ص 466 .
15 ـ المجموعة الشعرية الكاملة ص 118 .
16 ـ نفس المرجع ص 30 .
17 ـ نفس المرجع ص 33 .
18 ـ نفس المرجع ص 807 .
19 ـ د . عبد القادر القط : مرجع سابق ص 467 .
20 ـ المجموعة الشعرية الكاملة ص 330 .

 

 

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ناسا كوكب غازي عملاق يزيد حجمه على حجم كوكب المشتري حسام مشعل منتدى الترددات والقنوات الفضائية 1 03-11-2015 11:12 AM
نغمة المسلسل التركي الرائع عاصي للنجمة لميس sarabal منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 0 11-27-2012 09:08 PM
نغمة بتعيشك في رحلة حب ورومانسية sarabal منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 1 10-01-2012 07:55 AM
نغمة هندية جميلة ورومانسية sarabal منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 0 09-13-2012 07:26 PM
البوم ديني - وائل جسار - حضرة المحبوب 2010- البـوم ديني روعه abu.kaled صوتيات ومرئيات وصور اسلامية 5 06-29-2011 02:22 PM


الساعة الآن 02:25 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.