اشترك الان
 

العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات الاسلامية الشاملة > مواضيع وبرامج دينية عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-08-2011, 09:48 PM   رقم المشاركة : 61
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

التغريب
التعريف:

التغريب هو تيار فكري كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبْغ حياة الأمم بعامة، والمسلمين بخاصة، بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

بدأ المشرقيون في العالم الإسلامي مع نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر بتحديث جيوشهم وتعزيزها عن طريق إرسال بعثات إلى البلاد الأوروبية أو باستقدام الخبراء الغربيين للتدريس والتخطيط للنهضة الحديثة، وذلك لمواجهة تطلع الغربيين إلى بسط نفوذهم الاستعماري إثر بدء عهد النهضة الأوروبية.

لما قضى السلطان محمود الثاني على الإنكشارية العثمانية سنة 1826م أمر باتخاذ الزيِّ الأوروبي الذي فرضه على العسكريين والمدنيين على حد سواء.

أصدر السلطان العثماني عبد المجيد منشوراً 1255هـ/ 1839م يسمح فيه لغير المسلمين بأن يلتحقوا بالخدمة العسكرية.

استقدم السلطان سليم الثالث المهندسين من السويد وفرنسا والمجر وانجلترا وذلك لإنشاء المدارس الحربية والبحرية.

قام محمد علي والي مصر، والذي تولى سنة 1805م، ببناء جيش على النظام الأوروبي، كما عمد إلى ابتعاث خريجي الأزهر من أجل التخصص في أوروبا.

أنشأ أحمد باشا باي الأول في تونس جيشاً نظامياً، وافتتح مدرسة للعلوم الحربية فيها ضباط وأساتذة فرنسيون وإيطاليون وإنجليز.

افتتحت أسرة القاجار التي حكمت إيران كلية للعلوم والفنون على أساس غربي سنة 1852م.

منذ عام 1860م بدأت حركة التغريب عملها في لبنان عن طريق الإرساليات، ومنها امتدت إلى مصر في ظل الخديوي إسماعيل الذي كان هدفه أن يجعل مصر قطعة من أوروبا.

التقى الخديوي إسماعيل في باريس مع السلطان العثماني عبد العزيز 1284هـ/1867م حينما لبَّيا دعوة الإمبراطور نابليون الثالث لحضور المعرض الفرنسي العام، وقد كانا يسيران في تيار الحضارة الغربية.

ابتعث كل من رفاعة الطهطاوي إلى باريس وأقام فيها خمس سنوات 1826 – 1831م وكذلك ابتعث خير الدين التونسي إليها وأقام فيها أربع سنوات 1852 – 1856م وقد عاد كل منهما محملاً بأفكار تدعو إلى تنظيم المجتمع على أساس علماني عقلاني.

منذ 1830م بدأ المبتعثون العائدون من أوروبا بترجمة كتب فولتير وروسو ومونتسكيو في محاولة منهم لنشر الفكر الأوروبي الذي ثار ضد الدين(*) الذي ظهر في القرن الثامن عشر (على النحو الذي فصلنا، في مادة العلمانية).

أنشأ كرومر كلية فيكتوريا بالإسكندرية لتربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا أداة المستقبل في نقل ونشر الحضارة الغربية.

- قال اللورد لويد (المندوب السامي البريطاني في مصر) حينما افتتح هذه الكلية سنة 1936م: "كل هؤلاء لن يمضي عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهة النظر البريطانية بفضل العشرة الوثيقة بين المعلمين والتلاميذ".

كان نصارى الشام من أول من اتصل بالبعثات التبشيرية وبالإرساليات ومن المسارعين بتلقي الثقافة الفرنسية والإنجليزية، كما كانوا يشجعون العلمانية التحررية وذلك لعدم إحساسهم بالولاء تجاه الدولة العثمانية، فبالغوا من اظهار إعجابهم بالغرب ودعوا إلى الاقتداء به وتتبع طريقه، وقد ظهر ذلك جلياً في الصحف التي أسسوها وعملوا فيها.

كان ناصيف اليازجي 1800 – 1871م وابنه إبراهيم اليازجي 1847-1906م على صلة وثيقة بالإرساليات الأمريكية الإنجيلية.

أسس بطرس البستاني 1819 – 1883م في عام 1863م مدرسة لتدريس اللغة العربية والعلوم الحديثة فكان بذلك أول نصراني يدعو إلى العروبة والوطنية إذ كان شعاره "حب الوطن من الإيمان"، كما أصدر صحيفة الجنان سنة 1870م التي استمرت ستة عشرة سنة. وقد تولى منصب الترجمة في قنصلية أمريكا ببيروت مشاركاً في الترجمة البروتستانتية للتوراة(*) مع الأمريكيَيْن سميث وفانديك.

أنشأ جورجي زيدان 1861 – 1914م مجلة الهلال في مصر وذلك في سنة 1892م، وقد كان على صلة بالمبعوثين الأمريكان، كما كانت له سلسلة من القصص التاريخية التي حشاها بالافتراءات على الإسلام والمسلمين.

أسس سليم تقلا صحيفة الأهرام في مصر وقد سبق له أن تلقى علومه في مدرسة عربية بلبنان والتي أنشأها المبشر الأمريكي فانديك.

أصدر سليم النقاش صحيفة المقتطف التي عاشت ثمانية أعوام في لبنان انتقلت بعدها إلى مصر في سنة 1884م.

تجوَّل جمال الدين الأفغاني 1838-1897م كثيراً في العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، وقد أدخل نظام الجمعيات السرية في العصر الحديث إلى مصر، كما يقال بأنه انضم إلى المحافل الماسونية، وكان على صلة بالمستر بلنت البريطاني.

كان الشيخ محمد عبده 1849-1905م من أبرز تلاميذ الأفغاني، وشريكه في إنشاء مجلة العروة الوثقى، وكانت له صداقة مع اللورد كرومر والمستر بلنت، ولقد كانت مدرسته – ومنها رشيد رضا – تدعو إلى مهاجمة التقاليد، كما ظهرت لهم فتاوى تعتمد على أقصى ما تسمح به النصوص من تأويل(*) بغية إظهار الإسلام بمظهر المتقبل لحضارة الغرب، كما دعا الشيخ محمد عبده إلى إدخال العلوم العصرية إلى الأزهر لتطويره وتحديثه.

كان المستشرق مستر بلنت: يطوف هو وزوجته مرتدياً الزي العربي، داعياً إلى القومية العربية وإلى إنشاء خلافة عربية بغية تحطيم الرابطة الإسلامية.

قاد قاسم أمين 1865 – 1908م وهو تلميذ محمد عبده، الدعوة إلى تحرير المرأة وتمكينها من العمل في الوظائف والأعمال العامة. وقد كتب تحرير المرأة – 1899م والمرأة الجديدة 1900م.

كان سعد زغلول: الذي صار وزيراً للمعارف سنة 1906م شديد التأثر بآراء محمد عبده، وقد نفذ فكرة كرومر القديمة والداعية إلى إنشاء مدرسة للقضاء الشرعي بقصد تطوير الفكر الإسلامي من خلال مؤسسة غير أزهرية منافسة له.

كان أحمد لطفي السيد 1872 – 1963م: من أكبر مؤسسي حزب(*) الأحرار الدستوريين الذين انشقوا عن سعد زغلول سياسياً، وكان يدعو إلى الإقليمية الضيقة وهو صاحب العبارة المشهورة التي أطلقها عام 1907م وهي "مصر للمصريين". وقد تولى شؤون الجامعة المصرية منذ تسلمتها الحكومة المصرية عام 1916م وحتى 1941م تقريباً.

وكان طه حسين 1889- 1973م من أبرز دعاة التغريب في العالم الإسلامي، حيث تلقى علومه على يد المستشرق دور كايم وقد نشر أخطر آرائه في كتابيه الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر.

- يقول في كتابه الشعر الجاهلي ص 26: "للتوراة(*) أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا أيضاً، ولكن ورود هذين الأسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي".

- ويقول بعد ذلك: "وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح(*)". كما أنه ينفي فيه نسب النبي (*) صلى الله عليه وسلم إلى أشراف قريش.

- لقد بدأ طه حسين محاضرة له في اللغة والأدب بحمد الله والصلاة على نبيه ثم قال: "سيضحك مني بعض الحاضرين إذا سمعني أبدأ هذه المحاضرة بحمد الله والصلاة على نبيه لأن ذلك يخالف عادة العصر". (مجلة الهلال، عدد أكتوبر ونوفمبر 1911م).

ازدهرت حركة التغريب بعد سيطرة الاتحاديين عام 1908م على الحكم في الدولة العثمانية وسقوط السلطان عبد الحميد.

وفي سنة 1924م ألغت حكومة مصطفى كمال أتاتورك الخلافة(*) العثمانية مما مهد لانضمام تركيا إلى الركب العلماني الحديث، وفرض عليها التغريب بأقصى صورة وأعنفها.

علي عبدالرزاق: نشر سنة 1925م كتابه الإسلام وأصول الحكم الذي ترجم إلى الإنجليزية والأردية. يحاول فيه المؤلف أن يقنع القارىء بأن الإسلام دين(*) فقط وليس ديناً ودولة. وقد ضرب سميث مثلاً به عندما أشار إلى أن التحررية العلمانية والعالمية لا تروج في العالم الإسلامي إلا إذا فسرت تفسيراً إسلامياً مقبولاً، وقد حوكم الكتاب والمؤلف من قبل هيئة العلماء بالأزهر في 12/8/1925م وصدرت ضده إدانة أخرجته من زمرة العلماء. وكان يشرف على مجلة الرابطة الشرقية، كما أقام حفل تكريم لأرنست رينان في الجامعة المصرية بمناسبة مرور مائة سنة على وفاة هذا المستشرق الذي لم يدخر وسعاً في مهاجمة العرب والمسلمين.

وكان محمود عزمي من أكبر دعاة الفرعونية في مصر، درس على أستاذه دور كايم الذي كان يقول له: "إذا ذكرت الاقتصاد فلا تذكر الشريعة(*)، وإذا ذكرت الشريعة فلا تذكر الاقتصاد".

وسبق أن قدم منصور فهمي 1886-1959م: أول أطروحة للدكتوراه على أستاذه ليفي بريل مهاجماً نظام الزواج في الإسلام التي موضوعها حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها. وفي هذه الرسالة يقول: "محمد يشرع لجميع الناس ويستثني نفسه" ويقول: "إلا أنه أعفى نفسه من المهر والشهود"، لكنه انتقد بعد ذلك حركة(*) التغريب في سنة 1915م وجاهر بآرائه في الأخطاء التي حملها طه حسين ومدرسته.

ويعتبر إسماعيل مظهر من أئمة مدرسة التغريب لكنه لم يلبث أن تحول عنها إبان عصر النهضة الحديثة.

وكان زكي مبارك في مقدمة تلاميذ طه حسين. درس على أيدي المستشرقين، وسبق له أن قدم أطروحة للدكتوراه في الغزالي والمأمون مهاجماً الغزالي هجوماً عنيفاً، لكنه رجع عن ذلك فيما بعد وكتب مقاله المعروف إليك أعتذر أيها الغزالي.

ويعتبر محمد حسين هيكل 1888 – 1956م رئيس تحرير جريدة السياسة في الفترة الأولى من حياته من أبرز المستغربين، وقد أنكر الإسراء بالروح والجسد معاً انطلاقاً من نظرة عقلانية حياة محمد. لكنه عدل عن ذلك وكتب معبراً عن توجهه الجديد في مقدمة كتابه في منزل الوحي.

وكان الشيخ أمين الخولي وهو من مدرسي مادتي التفسير والبلاغة بالجامعة المصرية، يروج لأفكار طه حسين في الدعوة إلى دراسة القرآن دراسة فنية بغض النظر عن مكانته الدينية، وقد استمر في ذلك حتى كشفه الشيخ محمود شلتوت سنة 1947م.

وقاد شلبي شميل 1860 – 1917م الدعوة إلى العلمانية ومهاجمة قيم الأديان(*) والأخلاق(*).

الأفكار والمعتقدات:


أفكار تغريبية:

- المستشرق الإنجليزي جب ألف كتاب إلى أين يتجه الإسلام الذي يقول فيه: "من أهم مظاهر سياسة التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة". وقد أعلن في بحثه هذا صراحة أن هدفه معرفة" إلى أي مدى وصلت حركة تغريب الشرق وما هي العوامل التي تحول دون تحقيق هذا التغريب".

- عندما دخل اللورد اللنبي القدس عام 1918م أعلن قائلاً: "الآن انتهت الحروب الصليبية".

- يقول لورنس براون: "إن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته. إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار(*) الغربي". ولهذا فلابد من الدعوة إلى أن يطبع العالم الإسلامي بطابع الغرب الحضاري.

- تشجيع فكرة إيجاد فكر إسلامي متطور يبرر الأنماط الغربية ومحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية بغية إيجاد علائق مستقرة بين الغرب وبين العالم الإسلامي خدمة لمصالحه.

- الدعوة إلى الوطنية ودراسة التاريخ القديم والدعوة إلى الحرية(*) باعتبارها أساس نهضة الأمة مع عرض النظم الاقتصادية الغربية عرضاً مصحوباً بالإعجاب، وتكرار الكلام حول تعدد الزوجات في الإسلام وتحديد الطلاق واختلاط الجنسين.

- نشر فكرة العالمية والإنسانية التي يزعم أصحابها بأن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب(*) واحد تزول معه الخلافات الدينية والعنصرية لإحلال السلام في العالم، ولتصبح الأرض وطناً واحداً يدين بدين(*) واحد ويتكلم بلغة واحدة وثقافة مشتركة، بغية تذويب الفكر الإسلامي واحتوائه في بوتقة الأقوياء المسيطرين أصحاب النفوذ العالمي.

- إن نشر الفكر القومي كان خطوة على طريق التغريب في القرن التاسع عشر وقد انتقل من أوروبا إلى العرب والإيرانيين والترك والأندونيسيين والهنود، بغية تمزيق الكتل الكبيرة إلى كيانات جزئية تقوم على رابط جغرافي يجمع أناساً ينتمون إلى أصول عرقية مشتركة.

- تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة، يقول المستشرق جب: "وقد كان من أهم مظاهر سياسية التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة التي ازدهرت في البلاد المختلفة التي يشغلها المسلمون الآن… وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور العداء لأوروبا ولكن من الممكن أن يلعب في المستقبل دوراً مهماً في تقوية القوميات المحلية وتدعيم مقوماتها".

- عرض روكفلر الصهيوني المتعصب تبرعه بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للآثار الفرعونية في مصر وملحق به معهد لتخريج المتخصصين في هذا الفن.

- إن كلاً من الاستعمار، (*) والاستشراق، والشيوعية، والماسونية وفروعها، والصهيونية، ودعاة التوفيق بين الأديان" وحدة الأديان(*)"، قد تآزروا جميعاً في دعم حركة(*) التغريب وتأييدها بهدف تطويق العالم الإسلامي وتطويعه ليكون أداة لينة بأيديهم.

- نشر المذاهب الهدامة كالفرويدية، والداروينية، والماركسية، والقول بتطور الأخلاق(*) (ليفي بريل) وبتطور المجتمع (دور كايم) والتركيز على الفكر الوجودي والعلماني، والتحرري، والدراسات عن التصوف الإسلامي، والدعوة إلى القومية والأقليمية والوطنية، والفصل بين الدين والمجتمع، وحملة الانتقاص من الدين، ومهاجمة القرآن والنبوة(*) والوحي(*) والتاريخ الإسلامي، والتشكيك في القيم الإسلامية، والدعوة إلى التخلي عن الأصالة والتميز، والتخويف من الموت أو الفقر وذلك لإقعاد المسلمين عن فكرة الجهاد،(*) وإشاعة فكرة أن سبب تأخر العرب والمسلمين إنما هو الإسلام.

- اعتبار القرآن فيضاً من العقل الباطن مع الإشادة بعبقرية النبي(*) محمد r وألمعيته وصفاء ذهنه ووصف ذلك بالإشراق(*) الروحي تمهيداً لإزالة صفة النبوة عنه.

• مؤتمرات تغريبية:


- عقد مؤتمر في بلتيمور عام 1942م وهو يدعو إلى دراسة وابتعاث الحركات السرية في الإسلام.

- في عام 1947م عقد في جامعة برنستون بأمريكا مؤتمر لدراسة (الشؤون الثقافية والاجتماعية في الشرق الأدنى) وقد ترجمت بحوث هذا المؤتمر إلى العربية تحت رقم 116 من مشروع الألف كتاب في مصر. شارك فيه كويلر يونغ وحبيب كوراني وعبد الحق أديوار ولويس توماس.

- عقد مؤتمر (الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة) في صيف عام 1953م في جامعة برنستون وشارك فيه كبار المفكرين من مثل ميل بروز، وهارولد سميث، وروفائيل باتاي، وهارولد ألن، وجون كرسويل، والشيخ مصطفى الزرقا، وكنت كراج، واشتياق حسين، وفضل الرحمن الهندي.

- وفي عام 1955م عقد في لاهور بالباكستان مؤتمر ثالث لكنه فشل وظهرت خطتهم بمحاولتهم إشراك باحثين من المسلمين والمستشرقين في توجيه الدراسات الإسلامية.

- انعقد مؤتمر للتأليف بين الإسلام والمسيحية(*) في بيروت 1953م، ثم في الاسكندرية 1954م وتتالت بعد ذلك اللقاءات والمؤتمرات في روما وغيرها من البلدان لنفس الغرض.

- في سبتمبر 1994م عقد بالقاهرة مؤتمر السكان والتنمية بهدف نشر أفكار التحلل الجنسي "الغربية" بين المسلمين – من إتاحة للاتصالات غير المشروعة بين المراهقين والإجهاض والزواج الحر والسفاح والتدريب على موانع الحمل، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية فتوى بضرورة مقاطعته والحذر من توصياته وأهدافه.

• كتب تغريبية خطرة:

- الإسلام في العصر الحديث لمؤلفه ولفرد كانتول سميث مدير معهد الدراسات الإسلامية وأستاذ الدين المقارن في جامعة ماكجيل بكندا، حصل على الدكتوراه من جامعة برنستون سنة 1948م تحت إشراف المستشرق هـ. أ.ر. جب الذي تتلمذ عليه في جامعة كمبريدج وهذا الكتاب يدعو إلى التحررية Liberalism والعلمانية Secularism وإلى فصل الدين(*) عن الدولة.

- نشر هـ.أ.ر. جب كتابه إلى أين يتجه الإسلام؟ Whither Islam? الذي نشر بلبنان سنة 1932م كان قد ألفه مع جماعة من المستشرقين، وهو يبحث في أسباب تعثر عملية التغريب في العالم الإسلامي ووسائل تقدمها وتطورها.

- إن بروتوكولات حكماء صهيون(*) التي ظهرت في العالم كله عام 1902م ظلت ممنوعة من الدخول إلى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي حتى عام 1952م تقريباً أي إلى ما بعد قيام إسرائيل في قلب الأمة العربية والإسلامية. ولا شك بأن منعها كان خدمة لحركة التغريب عموماً.

- تصوير بعض الشخصيات الإسلامية في صور من الابتذال والعهر والمزاجية كما في كتب جورجي زيدان، وكذلك تلك الكتب التي تضيف الأساطير القديمة إلى التاريخ الإسلامي علىهامش السيرة لطه حسين والكتب التي تعتمد على المصادر غير الموثوقة مثل محمد رسول الحرية للشرقاوي وكتبه عن الخلفاء الراشدين والأئمة التسعة.

• الجذور الفكرية والعقائدية:

لقد ارتدت الحملة الصليبية مهزومة بعد حطين، وفتح العثمانيون عاصمة الدولة البيزنطية ومقر كنيستهم(*) عام 1453م واتخذوها عاصمة لهم وغيروا اسمها إلى اسلامبول أي دار الإسلام، كما أن جيوش العثمانيين قد وصلت أوروبا وهددت فيينا سنة 1529م وقد ظل هذا التهديد قائماً حتى سنة 1683م. وسبق ذلك كله سقوط الأندلس وجعلها مقراً للخلافة(*) الأموية، كل ذلك كان مدعاة للتفكير بالتغريب، والتبشير فرع منه، ليكون السلاح الذي يحطم العالم الإسلامي من داخله.

إن التغريب هجمة نصرانية، صهيونية، استعمارية،(*) في آن واحد، التقت على هدف مشترك بينها وهو طبع العالم الإسلامي بالطابع الغربي تمهيداً لمحو الطابع المميز للشخصية الإسلامية.

• الانتشار ومواقع النفوذ:


لقد استطاعت حركة(*) التغريب أن تتغلغل في كل بلاد العالم الإسلامي، وإلى كل البلاد المشرقية على أمل بسط بصمات الحضارة الغربية المادية(*) الحديثة على هذه البلاد وربطها بالغرب فكراً وسلوكاً.

لقد تفاوت تأثير حركة التغريب إذ أنه قد ظهر بوضوح في مصر، وبلاد الشام، وتركيا، وأندونيسيا والمغرب العربي، وتتدرج بعد ذلك في البلاد الإسلامية الأقل فالأقل، ولم يخل بلد إسلامي أو مشرقي من آثار وبصمات هذه الحركة.

ويتضح مما سبق:

أن التغريب تيار مشبوه يهدف إلى نقض عرى الإسلام والتحلل من التزاماته وقيمه واستقلاليته، والدعوة إلى التبعية للغرب في كل توجهاته وممارساته. ومن واجب قادة الفكر الإسلامي كشف مخططاته والوقوف بصلابة أمام سمومه ومفترياته، التي تبثها الآن، شخصيات مسلمة، وصحافة ذات باع طويل في محاولات التغريب، وأجهزة وثيقة الصلة بالصهيونية العالمية والماسونية الدولية. وقد استطاع هذا التيار استقطاب كثير من المفكرين العرب، فمسخوا هويتهم، وحاولوا قطع صلتهم بدينهم، والذهاب بولائهم وانتمائهم لأمتهم الإسلامية، من خلال موالاة الغرب والزهو بكل ما هو غربي، وهي أمور ذات خطر عظيم على الشباب المسلم.

ي ت ب ع

رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:49 PM   رقم المشاركة : 62
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الأديان الشرقية



مقدمة عـامة :



تتشابه الأديان الشرقية في عدد من الخصائص التي تجمعها مع الديانات العالمية الأخرى، إلا أنها تتجاذبها نزعتان مختلفتان تمام الاختلاف، فيما يتعلق بالألة(*)، وهاتان النزعتان هما نزعتا الوحدانية وتعدد الآلهة.



فقلما نجد دولة من الدول أو شعباً من شعوب الديانات الشرقية، لا تتمثل إلهاً لكل قوى الطبيعة النافعة والضارة يستنصرونه في الشدائد ويلجأون إليه في الملمات، ويتضرعون إليه ليبارك لهم في ذرياتهم وأموالهم، ولم يصل هؤلاء إلى عبادة هذه الظواهر دفعة واحدة وإنما مروا بمراحل انتهت بهم إلىعبادتها، ولقد كثر الآلهة عندهم، لاسيما عند الهندوس، كثرة كبيرة وكانوا يسمون إلههم بكل اسم حسن ويصفونه بكل صفة كاملة ويخاطبونه باسم "رب الأرباب" أو "إله الآلهة" توقيراً وتعظيماً وإجلالاً.



وفي القرن التاسع قبل الميلاد، استطاع بعض كهنة(*) تلك الدول، اختصار الآلهة، فقد جمعوا الآلهة في إله واحد، وقالوا إنه هو الذي أخرج العالم من ذاته.



ثم ظهرت حركات عقلية آمنت بالتناسخ(*)، وظهرت حركات أخرى آمنت بالإله أساساً لفلسفة الدين(*)، وعندما فتح محمود الغزنوي الهند، وأخضعها للحكم الإسلامي، قدَّم أروع الأمثلة على سماحة الدين الإسلامي عندما ترك الحرية(*) للهنود فيما يعبدون، وانتشر الإسلام في الهند ومنها انتقل إلى دول شرقية أخرى تركت لها حرية العبادة كذلك، ولكن الناس كانت تجد في عقيدة التوحيد ملاذها فاندفعت إليها عن حرب ورضا.



ومن أهم أهداف هذه الموسوعة، وضع يد القارىء على كثير من الحقائق المتعلقة بالأديان الشرقية، وقد يمكن القول أن كثيراً من هذه الديانات ربما بدأت كديانات توحيد سماوية، إعمالاً لقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} [فاطر:24]. ولكن التحريف لحق هذه الأديان ، كما لحق غيرها، ودليل ذلك أن فكرة التوحيد كان لها وجود بشكل أو بآخر في هذه الديانات، كما أن بعض كتب هذه الأديان(*) انطوت على إشارات إلى نبوة(*) الرسول(*) r ، ومبعثه، ولذا فإن هذه الموسوعة عندما تشير إلى حقائق هذه الأديان في الوقت الحاضر، فإنها لا تنفي عن أصل نشأتها إمكانية أن تكون ديانات توحيد قبل أن يلحقها التحريف وتتطرق إليها الوثنية(*).



وأيًّا ما كان الأمر، فقد عالجت هذه الموسوعة أهم الأديان الشرقية المعاصرة، كما هي لا كما كانت، وهي:



(1) الصابئة المندائيون:

وتعد من أقدم الديانات التي تعتقد بأن الخالق واحد وهي بهذا الوصف تعتبر من الديانات السماوية ويعتبر أتباعها أتباع دين كتابي.



(2) الهندوسية :

وتسمى أيضاً البرهمية(*) وهي ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند، وليس في الهندوسية دعوة إلى التوحيد، بل إنهم يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إليها(*) يعبد، ثم قالوا بوجود آلهة ثلاثة من عبد أحدها فقد عبدها جميعاً وهي براهما(*) وفشنو(*) وسيفا(*).



(3) الشنتوية:

وهي ديانة ظهرت في اليابان منذ وقت طويل وقد بدأت بعبادة الأرواح ثم قوى الطبيعة ثم عبادة الإمبراطور مؤخراً حيث يعتبرونه من نسل الآلهة.



(4)الطاوية :

وهي إحدى أكبر الديانات الصينية القديمة التي تستلزم العودة إلى الحياة الطبيعية مع ضرورة الإيمان بوحدة الوجود إذ الخالق والمخلوق شيء واحد.



(5) الجينية:

وهي ديانة منشقة عن الهندوسية وتدعو إلى التحرر من كل قيود الحياة، والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم كالعيب والإثم والخير والشر.



(6) الكونفوشيوسية:

وهي ديانة أهل الصين وتدعو إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم، مع إضافة بعض آراء الحكيم كونفوشيوس إليها وهي تقوم على عبادة الإله(*) الأعظم وعبادة أرواح الآباء والأجداد وتقديس الملائكة.



(7) البوذية :

وهي الديانة التي ظهرت في الهند بعد البراهمية (الهندوسية) في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي تدعو إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالتسامح، ويعتقد البوذيون أن بوذا(*) هو ابن الإله عندهم وأنه مخلِّص البشرية من مآسيها.



(8) السيخية:

وهي ديانة السيخ الذين هم جماعة دينية هندية تدعو إلى دين جديد تزعم فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار (لا هندوس ولا مسلمين).



(9) المهاريشية:

وهي نحلة هندوسية دهرية ملحدة(*) انتقلت إلى أمريكا وأوروبا داعية إلى طقوس كهنوتية بغية تحصيل السعادة الروحية.



ي ت ب ع


رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:50 PM   رقم المشاركة : 63
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الصابئة المندائيون


التعريف :




الصابئة المندائية هي طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم والتي تعتبر يحيى عليه السلام نبيًّا لها، يقدّس أصحابها الكواكب والنجوم ويعظمونها، ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي وكذلك التعميد(*) في المياه الجارية من أهم معالم هذه الديانة التي يجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى.




ولقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الرد على المنطقيين ط6 (ص454 وما بعدها) حقيقة الصابئة كما وردت في القرآن الكريم فقال ما حاصله:




إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء وصابئة مشركون.




أما الصابئة الحنفاء فهم بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة(*) والإنجيل(*) قبل النسخ والتحريف(*) والتبديل من اليهود والنصارى. وهؤلاء حمدهم الله وأثنى عليهم. والثابت أن الصابئين قوم ليس لهم شريعة مأخوذة عن نبي(*)، وهم قوم من المجوس(*) واليهود والنصارى ليس لهم دين(*)، ولكنهم عرفوا الله وحده، ولم يحدثوا كفراً، وهم متمسكون "بالإسلام المشترك" وهو عبادة الله وحده وإيجاب الصدق والعدل وتحريم الفواحش والظلم ونحو ذلك مما اتفقت الرسل على إيجابه وتحريمه وهم يقولون "لا إله إلا الله" فقط وليس لهم كتاب ولا نبي. والصحيح أنهم كانوا موجودين قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأرض اليمن.




وأما الصابئة المشركون فههم قوم يعبدون الملائكة ويقرؤون الزبور ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية.




وعلى ذلك فمن دان من الصابئة بدين أهل الكتاب فهو من أهل الكتاب، ومن لم يدن بدين أهل الكتاب فهو مشرك ومثالهم من يعبد الكواكب. كمن كانوا بأرض حران عندما أدركهم الإسلام وهؤلاء لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم وإن أظهروا الإيمان بالنبيين(*) وقد أفتى أبو سعيد الاصطخري بأن لا تقبل الجزية منهم، ونازعه في ذلك جماعة من الفقهاء.




التأسيس وأبرز الشخصيات :




يدّعى الصابئة المندائيون بأن دينهم(*) يرجع إلى عهد آدم عليه السلام.




ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام، فهم ساميون.




يزعمون أن يحيى عليه السلام هو نبيهم الذي أرسل إليهم.




كانوا يقيمون في القدس، وبعد الميلاد طردوا من فلسطين فهاجروا إلى مدينة حران فتأثروا هناك بمن حولهم وتأثروا بعبدة الكواكب والنجوم من الصابئة الحرانيين.




- ومن حران هاجروا إلى موطنهم الحالي في جنوبي العراق وإيران وما يزالون فيه، حيث يعرفون بصابئة البطائح.




منهم الكنزبرا الشيخ عبد الله بن الشيخ سام الذي كان مقيماً في بغداد سنة 1969م وهو الرئيس الروحي لهم، وقد كان في عام 1954م يسكن في دار واقعة بجوار السفارة البريطانية في الكرخ ببغداد.




الأفكار والمعتقدات :




كتبهم:




- لديهم عدد من الكتب المقدسة مكتوبة بلغة سامية قريبة من السريانية وهي:




1- الكنزاربّا: أي الكتاب العظيم ويعتقدون بأنه صحف آدم عليه السلام، فيه موضوعات كثيرة عن نظام تكوين العالم وحساب الخليقة وأدعية وقصص، وتوجد في خزانة المتحف العراقي نسخة كاملة منه. طبع في كوبنهاجن سنة 1815م، وطبع في لايبزيغ سنة 1867م.




2- دراشة إديهيا: أي تعاليم يحيى، وفيه تعاليم وحياة النبي(*) يحيى عليه السلام.




3- الفلستا: أي كتاب عقد الزواج، ويتعلق بالاحتفالات والنكاح الشرعي والخطبة.




4- سدرة إدنشاماثا: يدور حول التعميد(*) والدفن والحداد، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض ومن ثمّ إلى عالم الأنوار، وفي خزانة المتحف العراقي نسخة حديثة منه مكتوبة باللغة المندائية.




5- كتاب الديونان: فيه قصص وسير بعض الروحانيين مع صور لهم.




6- كتاب إسفر ملواشه: أي سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم(*).




7- كتاب النباتي: أي الأناشيد والأذكار الدينية، وتوجد نسخة منه في المتحف العراقي.




8- كتاب قماها ذهيقل زيوا: ويتألف من 200 سطر وهو عبارة عن حجاب يعتقدون بأن من يحمله لا يؤثر فيه سلاح أو نار.




9- تفسير بغره: يختص في علم تشريح جسم الإنسان وتركيبه والأطعمة المناسبة لكل طقس مما يجوز لأبناء الطائفة تناوله.




10- كتاب ترسسر ألف شياله: أي كتاب الأثنى عشر ألف سؤال.




11- ديوان طقوس التطهير: وهو كتاب يبين طرق التعميد(*) بأنواعه على شكل ديوان.




12- كتاب كداواكدفيانا: أي كتاب العوذ.




• طبقات رجال الدين :




يشترط في رجل الدين أن يكون سليم الجسم، صحيح الحواس، متزوجاً منجباً، غير مختون، وله كلمة نافذة في شؤون الطائفة كحالات الولادة والتسمية والتعميد والزواج والصلاة والذبح والجنازة، ورتبهم على النحو التالي:




1- الحلالي: ويسمى "الشماس"(*) يسير في الجنازات، ويقيم سنن الذبح للعامة، ولايتزوج إلا بكراً، فإذا تزوج ثيباً سقطت مرتبته ومنع من وظيفته إلا إذا تعمد هو وزوجته 360مرة في ماء النهر الجاري.




2- الترميدة: إذا فقه الحلالي الكتابين المقدَّسين سدره إنشماثا والنياني أي كتابَيْ التعميد والأذكار فإنه يتعمد بالارتماس في الماء الموجود في المندي ويبقى بعدها سبعة أيام مستيقظاً لا تغمض له عين حتى لا يحتلم، ويترقى بعدها هذا الحلالي إلى ترميدة، وتنحصر وظيفته في العقد على البنات الأبكار.




3- الأبيسق: الترميدة الذي يختص في العقد على الأرامل يتحول إلى أبيسق ولا ينتقل من مرتبته هذه.




4- الكنزبرا: الترميدة الفاضل الذي لم يعقد على الثيبات مطلقاً يمكنه أن ينتقل إلى كنزبرا وذلك إذا حفظ كتاب الكنزاربّا فيصبح حينئذٍ مفسراً له، ويجوز له ما لا يجوز لغيره، فلو قتل واحداً من أفراد الطائفة لا يقتص منه لأنه وكيل الرئيس الإلهي عليها.




5- الريش أمه: أي رئيس الأمة، وصاحب الكلمة النافذة فيها ولا يوجد بين صابئة اليوم من بلغ هذه الدرجة لأنها تحتاج إلى علم وفير وقدرة فائقة.




6- الربّاني: وفق هذه الديانة لم يصل إلى هذه الدرجة إلا يحيي بن زكريا عليهما السلام كما أنه لا يجوز أن يوجد شخصان من هذه الدرجة في وقت واحد. والرباني يرتفع ليسكن في عالم الأنوار وينزل ليبلغ طائفته تعاليم الدين ثم يرتفع كرة أخرى إلى عالمه الرباني النوراني.




• الإِله(*) :




- يعتقدون من حيث المبدأ – بوجود الإِله الخالق الواحد الأزلي الذي لاتناله الحواس ولايفضي إليه مخلوق.




- ولكنهم يجعلون بعد هذا الإله 360 شخصاً خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، وهؤلاء الأشخاص ليسوا بآلهة ولا ملائكة، يعملون كل شيء من رعد وبرق ومطر وشمس وليل ونهار… وهؤلاء يعرفون الغيب، ولكل منهم مملكته في عالم الأنوار.




- هؤلاء الأشخاص الـ 360 ليسوا مخلوقين كبقية الكائنات الحية، ولكن الله ناداهم بأسمائهم فخلقوا وتزوجوا بنساء من صنفهم، ويتناسلون بأن يلفظ أحدهم كلمة فتحمل أمرأته فوراً وتلد واحداً منهم.




- يعتقدون بأن الكواكب مسكن للملائكة، ولذلك يعظمونها ويقدسونها.




• المندي:




- هو معبد الصابئة، وفيه كتبهم المقدسة، ويجري فيه تعميد(*) رجال الدين، يقام على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية، له باب واحد يقابل الجنوب بحيث يستقبل الداخل إليه نجم القطب الشمالي، لابدَّ من وجود قناة فيه متصلة بماء النهر، ولا يجوز دخوله من قبل النساء، ولا بدّ من وجود علم يحيى فوقه في ساعات العمل.




• الصلاة:




- تؤدى ثلاث مرات في اليوم: قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل الغروب، وتستحبّ أن تكون جماعة في أيام الآحاد والأعياد، فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود، وهي تستغرق ساعة وربع الساعة تقريباً.




- يتوجه المصلي خلالها إلى الجدي بلباسه الطاهر، حافي القدمي، يتلو سبع قراءات يمجد فيها الرب مستمداً منه العون طالباً منه تيسير اتصاله بعالم الأنوار.




• الصوم :




- صابئة اليوم يحرمون الصوم لأنه من باب تحريم ما أحل الله.




- وقد كان الصوم عند الصابئة على نوعين: الصوم الكبير: ويشمل الصوم عن كبائر الذنوب والأخلاق(*) الرديئة ، والصوم الصغير الذي يمتنعون فيه عن أكل اللحوم المباحة لهم لمدة 32 يوماً متفرقة على طول أيام السنة.




- ابن النديم المتوفى سنة 385هـ في فهرسته، وابن العبري المتوفى سنة 685هـ في تاريخ مختصر الدول ينصان على أن الصيام كان مفروضاً عليهم لمدة ثلاثين يوماً من كل سنة.




• الطهارة:




- الطهارة مفروضة على الذكر والأنثى سواء بلا تمييز.




- تكون الطهارة في الماء الحي غير المنقطع عن مجراه الطبيعي.




- الجنابة تحتاج إلى طهارة وذلك بالارتماس في الماء ثلاث دفعات مع استحضار نية الاغتسال من غير قراءة لأنها لا تجوز على جنب.




- عقب الارتماس في الماء يجب الوضوء، وهو واجب لكل صلاة، حيث يتوضأ الشخص وهو متجه إلى نجم القطب، فيؤديه على هيئة تشبه وضوء المسلمين مصحوباً بأدعية خاصة.




- مفسدات الوضوء: البول، الغائط، الريح، لمس الحائض والنفساء.




• التعميد(*) وأنواعه:




- يعتبر التعميد من أبرز معالم هذه الديانة ولا يكون إلا في الماء الحي، ولا تتم الطقوس إلا بالارتماس في الماء سواء أكان الوقت صيفاً أم شتاءً، وقد أجاز لهم رجال دينهم مؤخراً الاغتسال في الحمامات وأجازوا لهم كذلك ماء العيون النابعة لتحقيق الطهارة.




- يجب أن يتم التعميد(*) على أيدي رجال الدين.




- يكون العماد في حالات الولادة، والزواج، وعماد الجماعة، وعماد الأعياد وهي على النحو التالي:




1- الولادة: يعمد المولود بعد 45 يوماً ليصبح طاهراً من دنس الولادة حيث يُدخل هذا الوليد في الماء الجاري إلى ركبتيه مع الإتجاه جهة نجم القطب، ويوضع في يده خاتم أخضر من الآس.




2- عماد الزواج: يتمّ في يوم الأحد وبحضور ترميدة وكنزبرا، يتم بثلاث دفعات في الماء مع قراءة من كتاب الفلستا وبلباس خاص، ثم يشربان من قنينة ملئت بماء أُخذ من النهر يسمى (ممبوهة) ثم يطعمان (البهثة) ويدهن جبينهما بدهن السمسم، ويكون ذلك لكلا العروسين لكل واحد منهما على حدة، بعد ذلك لا يُلمسان لمدة سبعة أيام حيث يكونان نجسين وبعد الأيام السبعة من الزواج يعمدان من جديد، وتعمد معهما كافة القدور والأواني التي أكلا فيها أو شربا منها.




3- عماد الجماعة: يكون في كل عيد (بنجة) من كل سنة كبيسة لمدة خمسة أيام ويشمل أبناء الطائفة كافة رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، وذلك بالارتماس في الماء الجاري ثلاث دفعات قبل تناول الطعام في كل يوم من الأيام الخمسة. والمقصود منه هو التكفير عن الخطايا والذنوب المرتكبة في بحر السنة الماضية، كما يجوز التعميد في أيام البنجة ليلاً ونهاراً على حين أن التعميد في سائر المواسم لا يجوز إلا نهاراً وفي أيام الآحاد فقط.




4- عماد الأعياد: وهي:




أ‌- العيد الكبير: عيد ملك الأنوار حيث يعتكفون في بيوتهم 36 ساعة متتالية لا تغمض لهم عين خشية أن يتطرق الشيطان إليهم لأن الاحتلام يفسد فرحتهم، وبعد الاعتكاف مباشرة يرتسمون، ومدة العيد أربعة أيام، تنحر فيه الخراف ويذبح فيه الدجاج ولا يقومون خلاله بأي عمل دنيوي.




ب‌- العيد الصغير: يوم واحد شرعاً، وقد يمتد لثلاثة أيام من أجل التزاور، ويكون بعد العيد الكبير بمائة وثمانية عشر يوماً.




ت‌- عيد البنجة: سبق الحديث عنه، وهو خمسة أيام تكبس بها السنة، ويأتي بعد العيد الصغير بأربعة أشهر.




ث‌- عيد يحيى: يوم واحد من أقدس الأيام، يأتي بعد عيد البنجة بستين يوماً وفيه كانت ولادة النبي يحيى عليه السلام الذي يعتبرونه نبيًّا(*) خاصاً بهم، والذي جاء ليعيد إلى دين آدم صفاءه بعد أن دخله الانحراف بسبب تقادم الزمان.




• تعميد المحتضر ودفنه:




ج‌- عندما يحتضر الصابيء يجب أن يؤخذ – وقبل زهوق روحه – إلى الماء الجاري ليتمّ تعميده.




ح‌- من مات من دون عماد نجس ويحرم لمسه.




خ‌- أثناء العماد يغسلونه متجهاً إلى نجم القطب الشمالي، ثم يعيدونه إلى بيته ويجلسونه في فراشه بحيث يواجه نجم القطب أيضاً حتى يوافيه الأجل.




د‌- بعد ثلاث ساعات من موته يغسل ويكفن ويدفن حيث يموت إذ لا يجوز نقله مطلقاً من بلد إلى بلد آخر.




ذ‌- من مات غيلة أو فجأة، فإنه لا يغسل ولا يلمس، ويقوم الكنزبرا بواجب العماد عنه.




ر‌- يدفن الصابيء بحيث يكون مستلقياً على ظهره ووجهه ورجلاه متجهة نحو الجدي حتى إذا بعث واجه الكوكب الثابت بالذات.




ز‌- يضعون في فم الميت قليلاً من تراب أول حفرة تحفر لقبره فيها.




س‌- يحرم على أهل الميت الندب والبكاء والعويل، والموت عندهم مدعاة للسرور، ويوم المأتم من أكثر الأيام فرحاً حسب وصية يحيى لزوجته.




ش‌- لا يوجد لديهم خلود في الجحيم، بل عندما يموت الإنسان إما أن ينتقل إلى الجنة أو المطهر حيث يعذب بدرجات متفاوتة حتى يطهر فتنتقل روحه بعدها إلى الملأ الأعلى، فالروح خالدة والجسد فان.




• أفكار ومعتقدات أخرى:




- البكارة: تقوم والدة الكنزبرا أو زوجته بفحص كل فتاة عذراء بعد تعميدها وقبل تسليمها لعريسها وذلك بغية التأكد من سلامة بكارتها.




- الخطيئة: إذا وقعت الفتاة أو المرأة في جريمة الزنى فإنها لا تقتل، بل تهجر، وبإمكانها أن تكفر عن خطيئتها بالارتماس في الماء الجاري.




- الطلاق: لا يعترف دينهم بالطلاق إلا إذا كانت هناك انحرافات أخلاقية خطيرة فيتمّ التفريق عن طريق الكنزبرا.




- السنة المندائية: 360 يوماً، في 12 شهراً، وفي كل شهر ثلاثون يوماً مع خمسة أيام كبيسة يقام فيها عيد البنجة.




- يعتقدون بصحة التاريخ الهجري ويستعملونه، وذلك بسبب اختلاطهم بالمسلمين، ولأن ظهور النبي(*) محمد r كان مذكوراً في الكتب المقدسة الموجودة لديهم.




- يعظمون يوم الأحد كالنصارى ويقدسونه ولا يعملون فيه أي شيء على الإطلاق.




- ينفرون من اللون الأزرق النيلي ولا يلامسونه مطلقاً.




- ليس للرجل غير المتزوج من جنة لا في الدنيا ولا في الآخرة.




- يتنبئون بحوادث المستقبل عن طريق التأمل في السماء والنجوم وبعض الحسابات الفلكية.




- لكل مناسبة دينية ألبسة خاصة بها، ولكل مرتبة دينية لباس خاص بها يميزها عن غيرها.




- إذا توفي شخص دون أن ينجب أولاداً فإنه يمرّ بالمطهر ليعود بعد إقامته في العالم الآخر إلى عالم الأنوار ثم يعود إلى حالته البدنية مرة أخرى حيث تتلبس روحه في جسم روحاني فيتزوج وينجب أطفالاً.




- يؤمنون بالتناسخ(*) ويعتقدون بتطبيقاته في بعض جوانب عقيدتهم.




- للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء على قدر ما تسمح له به ظروفه.




- يرفضون شرب الدواء، ولا يعترضون على الدهون والحقن الجلدية.




- الشباب والشابات يأتون إلى الكهان(*) ليخبروهم عن اليوم السعيد الذي يمكنهم أن يتزوجوا فيه، وكذلك يخبرون السائلين عن الوقت المناسب للتجارة أو السفر، وذلك عن طريق علم النجوم.




- لا تؤكل الذبيحة إلا أن تذبح بيدي رجال الدين وبحضور الشهود، ويقوم الذابح – بعد أن يتوضأ – بغمسها في الماء الجاري ثلاث مرات ثم يقرأ عليها أذكاراً دينية خاصة ثم يذبحها مستقبلاً الشمال، ويستنزف دمها حتى آخر قطرة، ويحرم الذبح بعد غروب الشمس أو قبل شروقها إلا في عيد البنجة.




- تنص عقيدتهم على أن يكون الميراث محصوراً في الابن الأكبر، لكنهم لمجاورتهم المسلمين فقد أخذوا بقانون المواريث الإسلامي.




• الجذور الفكرية والعقائدية:




تأثر الصابئة بكثير من الديانات والمعتقدات التي احتكوا بها.




أشهر فرق الصابئة قديماً أربعة هي: أصحاب الروحانيات، وأصحاب الهياكل، وأصحاب الأشخاص، والحلولية.




لقد ورد ذكرهم في القرآن مقترناً باليهود والنصارى والمجوس والمشركين (انظر الآيات62/ البقرة - 69/ المائدة، 17/الحج)، ولهم أحكام خاصة بهم من حيث جواز أخذ الجزية منهم أو عدمها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى.




عرف منهم الصابئة الحرانيون الذين انقرضوا والذين تختلف معتقداتهم بعض الشيء عن الصابئة المندائيين الحاليين.




لم يبق من الصابئة اليوم إلا صابئة البطائح المنتشرون على ضفاف الأنهر الكبيرة في جنوب العراق وإيران.




تأثروا باليهودية، وبالمسيحية(*)، وبالمجوسية(*) لمجاورتهم لهم.




تأثروا بالحرانيين الذين ساكنوهم في حران عقب طردهم من فلسطين فنقلوا عنهم عبادة الكواكب والنجوم أو على الأقل تقديس هذه الكواكب وتعظيمها وتأثروا بهم في إتقان علم الفلك وحسابات النجوم.




تأثروا بالأفلاطونية الحديثة التي استقرت فلسفتها في سوريا مثل الاعتقاد بالفيض(*) الروحي على العالم المادي.




تأثروا بالفلسفة(*) الدينية التي ظهرت أيام إبراهيم الخليل - عليه السلام - فقد كان الناس حينها يعتقدون بقدرة الكواكب والنجوم على التأثير في حياة الناس.




تأثروا بالفلسفة(*) اليونانية التي استقلت عن الدين(*)، ويلاحظ أثر هذه الفلسفة اليونانية في كتبهم.




لدى الصابئة قسط وافر من الوثنية(*) القديمة يتجلى في تعظيم الكواكب والنجوم على صورة من الصور.




• الانتشار ومواقع النفوذ:




الصابئة المندائيون الحاليون ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهوار وشط العرب، ويكثرون في مدن العمارة والناصرية والبصرة وقلعة صالح والحلفاية والزكية وسوق الشيوخ والقرنة وهي موضع اقتران دجلة بالفرات، وهم موزعون على عدد من الألوية مثل لواء بغداد، والحلة، والديوانية والكوت وكركوك والموصل. كما يوجد أعداد مختلفة منهم في ناصرية المنتفق والشرش ونهر صالح والجبابيش والسليمانية.




كذلك ينتشرون في إيران، وتحديداً على ضفاف نهر الكارون والدز ويسكنون في مدن إيران الساحلية، كالمحمرة، وناصرية الأهواز وششتر ودزبول.




تهدمت معابدهم في العراق، ولم يبق لهم إلا معبدان في قلعة صالح، وقد بنوا معبداً مندياً بجوار المصافي في بغداد، وذلك لكثرة الصابئين النازحين إلى هناك من أجل العمل.




يعمل معظمهم في صياغة معدن الفضة لتزيين الحلي والأواني والساعات وتكاد هذه الصناعة تنحصر فيهم لأنهم يحرصون على حفظ أسرارهما كما يجيدون صناعة القوارب الخشبية والحدادة وصناعة الخناجر.




مهاراتهم في صياغة الفضة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا.




ليس لديهم أي طموح سياسي، وهم يتقربون إلى أصحاب الديانات الأخرى بنقاط التشابه الموجودة بينهم وبين الآخرين.




ويتضح مما سبق:




إن الصابئة من أقدم الديانات(*) التي تعتقد بأن الخالق واحد وقد جاء ذكر الصابئين في القرآن باعتبار أنهم أتباع دين كتابي. وقد اختلف الفقهاء حول مدى جواز أخذ الجزية منهم، إن كانوا أحدثوا في دينهم ما ليس منه. وقد أصبحت هذه الطائفة كأنها طائفة وثنية تشبه صابئة حران الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وعموماً فالإسلام قد جب ما قبله ولم يعد لأي دين(*) من الديانات السابقة مكان بعده.




ي ت ب ع

رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:51 PM   رقم المشاركة : 64
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الهندوسية
التعريف :

الهندوسية ويطلق عليها أيضاً البرهمية(*) ديانة(*) وثنية(*) يعتنقها معظم أهل الهند، وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر. إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادىء القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها، فلكل منطقة إله(*)، ولكل عمل أو ظاهرة إله.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

لا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون، فقد تمّ تشكُّل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن.

الآريُّون الغزاة الذين قدموا إلى الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية.

- ديانة الفاتحين الجديدة لم تمح الديانة القديمة للهنود، بل مازجتها وتأثرت كل منهما بالأخرى.

- في القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية على أيدي الكهنة(*) البراهمة الذين يزعمون أن في طبائعهم عنصراً إلهيًّا.

- ثم تطورت مرة أخرى في القرن الثالث قبل الميلاد عن طريق قوانين منوشاستر(*).

الأفكار والمعتقدات :

نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها، ونظرتها إلى الإله، ومعتقداتها وطبقاتها إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى.

• كتبها :

للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم غريبة اللغة وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها وأخرى لاختصار تلك الشروح، وكلها مقدسة وأهمها:

1- الفيدا veda : وهي كلمة سنسكريتية معناها الحكمة والمعرفة، وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي، وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود، وهي تتألف من أربعة كتب هي:

1- رج فيدا أو راجا فندا (أي الفيدا الملكية) وترجع إلى 3000 سنة قبل الميلاد، فيها ذكر لإله(*) الآلهة(إنذار) ثم لإله النار (أغني) ثم الإله (فارونا) ثم الإله سوريه (إله الشمس).

2- يجور فيدا Yajur veda يتلوها الرهبان(*) عند تقديم القرابين.

3- سم فيدا Sama veda: ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية.

4- أثروا فيدا Atharva veda: عبارة عن مقالات من الرقي (*) والتمائم (*) لدفع السحر والتوهم والخرافة والأساطير والشياطين. وكل واحد من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء هي:-

i- سَمْهِتا: تمثل مذهب(*) الفطرة، وأدعيته كان يقدمها سكان الهند الأقدمون لآلهتهم قبل زحف الآريين.

ii- البراهمن: يقدمها البراهمة للمقيمين في بلادهم مبينة أنواع القرابين.

iii-آرانياك: وهي الصلوات والأدعية التي يتقدم بها الشيوخ أثناء إقامتهم في الكهوف والمغاور وبين الأحراش والغابات.

iv- آبا نيشادات: وهي الأسرار والمشاهدات النفسية للعرفاء من الصوفية.

2- قوانين منو: وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد في العصر الويدي الثاني، عصر انتصار الهندوسية على الإلحاد(*) الذي تمثل في (الجينية والبوذية). وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسية ومبادئها وأسسها.

1- كتب أخرى:

أ‌- مها بهارتا: ملحمة هندية تشبه الإلياذة(*) والأوديسة(*) عند اليونان ومؤلفها (وياس) ابن العارف (بوسرا) الذي وضعها سنة 950 ق.م وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب.

ب‌- كيتا: تصف حرباً بين أمراء من أسرة ملكية واحدة، وينسب إلى كرشنا(*) فيها نظرات فلسفية واجتماعية.

ت‌- يوجا(*) وأسستها: تحتوي على أربعة وستين ألف بيت، ألفت إبتداء من القرن السادس عبر مرحلة طويلة على أيدي مجموعة من الناس، فيها أمور فلسفية ولاهوتية.

ث‌- رامايانا: يعتني هذا الكتاب بالأفكار السياسية والدستورية وفيه خطب لملك أسمه (راما).

• نظرة الهندوسية إلى الآلهة:

- التوحيد: لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق، لكنهم إذا أقبلوا على إله(*) من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى، وعندها يخاطبونه برب الأرباب أو إله(*) الآلهة.

- التعدد: يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد: كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين.

التثليث(*): في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه:

1- براهما(*): من حيث هو موجود.
2- فشنو(*): من حيث هو حافظ.
3- سيفا(*): من حيث هو مهلك.

فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها. وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث.

- يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ولها حق الانتقال إلى أي مكان ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية.

- يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا وقد التقى فيه الإله(*) بالإنسان أو حل اللاهوت(*) في الناسوت(*)، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح، وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة – رحمه الله – مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب، بل التطابق، وعلق في أخر المقارنة قائلاً: "وعلى المسيحيين(*) أن يبحثوا عن أصل دينهم".

• الطبقات في المجتمع الهندوسي:

- منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكَّلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن، ولا طريق لإزالتها لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله (كما يعتقدون).

- وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي:

1- البراهمة: وهم الذين خلقهم الإله(*) براهما من فمه: منهم المعلم والكاهن(*)، والقاضي، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم.

2- الكاشتر: وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه: يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع.

3- الويش: وهم الذين خلقهم الإله من فخذه: يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال، وينفقون على المعاهد الدينية.

4- الشودر: وهم الذين خلقهم الإله من رجليه، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين، وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة.

- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني.

- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال.

- البراهمة هم صفوة الخلق، وقد ألحقوا بالآلهة، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم "شودر" ما يشاؤون.

- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه.

- لايجوز للملك – مهما اشتدت الظروف – أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي.

- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل.

- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة كما يفوق الوالد ولده.

- لا يصحُّ لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده.

- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو(*).

- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب.

- إذا مدّ أحد المنبوذين إلى برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده، وإذا رفسه فُدِعت رجله.

- إذا هَمَّ أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد.

- إذا ادّعى أحد المنبوذين أنه يعلِّم برهمياً فإنه يسقى زيتاً مغليًّا.

- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء.

- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات.

- ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه.

معتقداتهم:

- تظهر معتقداتهم في الكارما، وتناسخ الأرواح(*)، والانطلاق، ووحدة الوجود:

1- الكارما: قانون الجزاء أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة إما في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب.

2- تناسخ الأرواح(*): إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة.

3- الانطلاق: صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة.

- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء، واطمأنت نفسه، فإنه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما.

- يؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والسلبية أفضل من صالح الأعمال لأن ذلك طريق للاتحاد بالبراهما.

4- وحدة الوجود: التجريد الفلسفي ارتقى بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها، وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة(*) وتصير النفس هي عين القوة الخالقة.

أ‌- الروح كالآلهة أزلية سرمدية، مستمرة، غير مخلوقة.

ب‌- العلاقة بين الإنسان وبين الآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة.

ت‌- هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا.

• أفكار ومعتقدات أخرى :

- الأجساد تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه الروح إلى أعلى وبشكل عمودي لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً.

- عندما تتخلص الروح وتصعد، يكون أمامها ثلاثة عوالم:
1- إما العالم الأعلى: عالم الملائكة.
2- وإما عالم الناس: مقر الآدميين بالحلول.
3- وإما عالم جهنم: وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب.

- ليس هناك جهنم واحدة، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم.

- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد.

- يترقى البرهمي في أربع درجات:
1- التلميذ وهو صغير.
2- رب الأسرة.
3- الناسك ويقوم بالعبادة في الغابات إذا تقدم به السن.
4- الفقير : الذي يخرج من حكم الجسد وتتحكم فيه الروح ويقترب من الآلهة.

- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده، بل تعيش في شقاء دائم، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم.

- قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة.

- الديانة الهندية تجيز عقد القران للأطفال وهم يَحْبُون، ويحدث أن يموت الولد فتشب البنت أرملة ابتداء، ولكن القانون الهندي الحديث حرم ذلك ومنع عقد القران إلا في سن الشباب.

- ليس للفرد أهمية إلا إذا كان عضواً في جماعة، وتكون هذه الجماعة عضواً في جماعة أكبر، ذلك لأن العناية للجماعة لا للفرد.

- يلاحظ هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقي الهندوسية لأن بعض الطبقات لا تعمل؛ ذلك لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمة مثلاً.

- نظام الطبقات يعطل مبدأ تكافؤ الفرص.

- رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في الإسلام وقاومتها محتفظة بتعليماتها ومعتقداتها.

- حاول الزعيم الهندي (غاندي) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح، بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة.

- حاولت جماعة (السيخ) إنشاء دين(*) موحد من الهندوسية والإسلام لكنهم فشلوا إذ سرعان ما انغلقوا على أنفسهم وصاروا طبقات متميزة يرفضون التزاوج مع غيرهم.

الجذور الفكرية والعقائدية:

في القرن الخامس عشر قبل الميلاد كان هناك سكان الهند الأصليين من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية.

جاء الغزاة الآريون مارّين في طريقهم بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها، ولما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص.

وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وُضع مذهب البرهمية وقالوا بعبادة براهما(*).

عصفت بالديانة(*) الهندية حركتان قويتان هما الجينية والبوذية.

ظهرت قوانين منو(*) فأعادت إليها القوة وذلك في القرن الثاني والثالث قبل الميلاد.

انتقلت فكرة التثليث(*) من الفكر الهندي إلى الفكر النصراني بعد رفع المسيح عليه السلام.

انتقل فكر التناسخ(*) والحلول(*) ووحدة الوجود (*) إلى بعض المسلمين الذين ضلُّوا فظهرت هذه العقائد عند بعض المتصوفة، وكذلك ظهرت عند الإسماعيلية وعند الفرق الضالة كالأحمدية.

الانتشار ومواقع النفوذ :

كانت الديانة الهندوسية، تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيهما إلى الكون والحياة وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها؛ كان ذلك سبباً في حدوث التقسيم حيث أُعلن عن قيام دولة الباكستان بجزأيها الشرقي والغربي والتي معظمها من المسلمين، وبقاء دولة هندية معظم سكانها هندوس والمسلمون فيها أقلية كبيرة.

ويتضح مما سبق :
أن الديانة الهندوسية مزيج من الفلسفة(*) الهندية والديانتين اليهودية(*) والمسيحية كما أنها عقيدة محدودة الأتباع. ويعتقد الهندوس أنها جاءت عن طريق الوحي(*)، ولو صح هذا فلا بد أنه قد حصل لها الكثير من التحريف والتبديل حتى أصبحت أسلوباً في الحياة أكثر مما هي عقيدة واضحة المعالم. وتشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأشجار والأحجار والقرود والأبقار.. إلى غير ذلك من أنواع الوثنية(*) التي تتنافى مع أبسط قواعد التوحيد. كما أن التقسيم الطبقي فيها يتعارض مع كرامة الإنسان ويجعلها بعيدة عن الوحي الرباني.

الشنتوية
التعريف :

الشنتوية ديانة وضعية اجتماعية ظهرت في اليابان منذ قرون طويلة، ولا زالت الدين(*) الأصيل فيها، وقد بدأت بعبادة الأرواح، ثم قوى الطبيعة.. ثم تطور احترام الأجداد والزعماء والأبطال إلى عبادة الإمبراطور الميكادو الذي يعد من نسل الآلهة، كما يزعمون.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

لا تنتسب الشنتوية إلى شخص معين كما نجد ذلك في البوذية، مثلاً، بل هي دين اجتماعي مر بأدوار كما رأينا في التعريف.

الأفكار والمعتقدات:

تشيع في الشنتوية الحالية عبادة الطبيعة وقواها المنتجة، وهي من خصائص الأديان الفطرية الأولى، لذلك فإن الناس يعظمون الشمس وكذلك الأرز – الغذاء الرئيسي لهم- والذي تكثر معابده في الأقاليم الزراعية.

وفي الشنتوية يوقر الناس الأجداد والأسلاف من الزعماء والأبطال والملوك.. وهناك فرق بين عبادة الأسلاف في الصين وبين توقير اليابانيين واحترامهم لأجحدادهم.

يطلق الشنتويون لفظ كامي على كل إله(*) أو شيء يسمو فوق الإنسان كالسماء أو السلطان.

تطورت فكرة احترام الأجداد إلى عبادتهم، وانحصرت هذه العبادة والتأليه في الإمبراطور الميكادو الخالد في نظرهم، المنزه عن العيوب والنقائص، والسمو به إلى درجة لا يشاركه فيها سواه. وقد جاء في منشور صدر عن وزارة المعارف اليابانية عام 1937م "إن أرضنا بلد إلهية يحكمها الإمبراطور وهو إله(*)". ولا ندري كيف يجتمع هذا السخف مع التقدم العلمي في اليابان الحديثة.

الإمبراطور والدولة هما كل شيء، ولا قيمة للفرد في الديانة(*) الشنتوية لذلك تعد التضحية به شرف عظيم له.

يعد الاهتمام بالنظافة أمراً مقدساً، ويكره أتباع الشنتوية كل شيء يدنس الجسد أو الثوب.

الجذور الفكرية والعقائدية (تطور الشنتوية وصلتها بالبوذية):

تطورت الشنتوية من احترام وتوقير الأسلاف من زعماء القبائل أو الأبطال إلى عبادتهم. وكان رجال قبيلة يماتو أشد الناس إحياء لتوقير السلف من القبائل، وهم الذين صاروا سادة اليابان فيما بعد، وكان زعيمهم المعروف بالميكادو مركز دينهم وعبادتهم. ثم زعموا أن الشمس تمتُّ إليهم بصلة القربى، ومنها تحدد الميكادو فحسبوه ممثل الشمس وآلهة السماء على الأرض.

وكانت عبادة أسلاف القبائل الذائعة في اليابان قبل إخضاع أسرة يماتو لها خير ممهد لهذه العقيدة الجديدة، وفعل رجال يماتو الكثير لتبسيطها وتقريبها إلى أذهان العامة بأن أدخلوا عليها آلهة(*) صغرى هم زعماء القبائل التي دانت بالطاعة والولاء لحكم الأسرة الغالبة، وكان لهذا الجمع بين الآراء السياسية والدينية أثره الكبير في وجود توقير يكاد يبلغ حد العبادة لشخص الإمبراطور.

وفي منتصف القرن السادس الميلادي هاجر إلى اليابان بعض الكهنة(*) البوذيين من كوريا والصين، وكان لهم أثر عميق في البلاط الملكي، فقد حاولوا أن ينشروا البوذية في اليابان ولكنهم أخفقوا إخفاقاً عظيماً وذلك لتمسك الشعب الياباني بالشنتوية.

وفي القرن الثامن الميلادي استطاع راهب بوذي أن يؤثر في الشنتوية على اعتبار أن آلهتها مظاهر مجسدة لبوذا(*).

وفي العصر الحديث حينما استيقظ الشعور القومي في اليابان، وبلغ ذروته في ثورة 1868م نفر الشعب من كل ما هو أجنبي، ومنه البوذية فأزيلت تماثيل بوذا(*) من المعابد، وأوقف الكهنة البوذيون عن ممارسة وظائفهم وعادت الشنتوية ديناً قومياً. وكانت الحكومة اليابانية تعمل على توطيد الشنتوية في البلاد للاحتفاظ بعبادة الإمبراطور الميكادو.

بعد انهزام اليابان في الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م عملت السياسة الأمريكية على إبطال عبادة الإمبراطور، وحاولت القضاء على الوطنية الفائقة التي تغرسها الشنتوية في النفس اليابانية، التي أفرزت أثناء الحرب العالمية الفرق الانتحارية التي أنهكت الأسطول الأمريكي.

ومن الملاحظ أن البوذية دخلت اليابان ولم تخرج منه، إلا أن البوذية اليابانية تختلف عن البوذية الهندية والصينية في كثير من التعاليم.

ولكن التسامح سائد بين البوذية اليابانية والشنتوية، ولهذا نرى الناس في اليابان ينتقلون من هيكل بوذي إلى معبد شنتوي دون حرج، والعقائد التي يعتنقها الفرد الياباني العادي مزيج من الشنتوية والكونفشيوسية والبوذية.

الانتشار ومواقع النفوذ:

الشنتوية منتشرة في اليابان فقط.

ويتضح مما سبق:

أن الشنتوية ديانة وضعية اجتماعية ظهرت في اليابان منذ قرون طويلة، ولا زالت الدين(*) الأصيل فيها، وقد بدأت بعبادة الأرواح وقوى الطبيعة وانتهت بعبادة الإمبراطور الذي يعتبرونه من نسل الآلهة(*) كما يزعمون، هناك تسامح في اليابان بين البوذية اليابانية وبين الشنتوية وقد أصبحت عقيدة الفرد العادي الآن مزيجاً من الشنتوية والكونفوشيوسية والبوذية.

ي ت ب ع
رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:52 PM   رقم المشاركة : 65
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الطاوية

التعريف :


الطاوية إحدى أكبر الديانات(*) الصينية القديمة التي ما تزال حية إلى اليوم إذ ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، تقوم في جوهر فكرتها على العودة إلى الحياة الطبيعية والوقوف موقفاً سلبياً من الحضارة والمدنية. كان لها دور هام في تطوير علم الكيمياء منذ آلاف السنين وذلك من خلال مسيرتها في البحث في إكسير الحياة ومعرفة سر الخلود.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


يعتقد بأن لوتس Laotse الذي كان ميلاده عام 507 ق.م هو صاحب مذهب الطاوية التي تُرجع بعض معتقداتها إلى زمن سحيق. وقد وضع كتابه طاو – تي – تشينغ Tao – te – ching أي كتاب طريق القوة. وقد التقى به كونفوشيوس فأخذ عنه أشياء وخالفه في أشياء أخرى.


بقيت الطاوية خلال أكثر من ألفي سنة تؤثر في الفكر الصيني وفي التغيرات التاريخية الصينية.


ظهر شوانغ تسو الذي يرجع إلى القرن الرابع والثالث قبل الميلاد زاعماً بأن لوتس كان أحد المعلمين السماويين، كما قام بشرح كتاب معلمه لوتس مضيفاً إليه شيئاً من فلسفته.


لقد نمت الطاوية المنظمة في منطقة جبال شي شوان قبل غيرها.


في عام 142م زعم شانغ طاولينغ أنه قد جاءه الوحي(*) من الرب تعالى بأن يتحمل تبعات إصلاح الدين الطاوي، وأنه قد ارتقى وسمي المعلم السماوي. وقاد ذلك التنظيم الذي صار تبعاً لسلالته الذين عرفوا بالمعلمين السماويين.


في القرن الثاني الميلادي انتشرت الطاوية الشعبية بفضل حركة السلم الكبير Tai-ping وقد كان للمعلمين السماويين دور كبير في نشرها.


في عام 220م زالت أسرة هان مما أدى إلى انقسام الصينيين إلى ثلاثة أقسام الأمر الذي ترك أثره على الاختلافات الدينية الإقليمية فيما بينهم.


عقب سقوط أسرة هان، وفي القرنين الثالث والرابع الميلاديين ظهرت الطاوية الجديدة.


في عام 406- 477م ظهر المصلح لوهيوشنغ الذي يرجع إليه مفهوم القانون الكنسي لجميع الكتب المقدسة الطاوية.


مؤسسو أسرتي تانغ 618 – 907م ومينغ 1368 – 1644م قد استخدموا التنبؤات الطاوية والسحر لكسب التأييد الشعبي.


تدَّعي عائلة شانغ الحالية للمعلمين السماويين بأنها من سلالة شانغ طاو لينغ المعلم السماوي الأول الذي ظهر أيام أسرة هان.


الأفكار والمعتقدات:


الكتب :


- كتاب لوتس المسمى طاو – تي تشينغ لم يكن ليكتب لولا رجاء حارس الممر ين شي الذي طلب من المعلم الشيخ أن يدون أفكاره. وهذا الكتاب مجموعة قطع أدبية تحيط بطبيعة طاو كما تشمل قواعد عامة وأمثلة للحاكم الذي يمتلك زمام أمر الطاو، وهو كتاب غامض في كثير من عباراته إذ أن ذلك الغموض مقصود لذاته.


- شوانغ تسو: بحث في النظرة الطاوية الفلسفية، كما أجرى مقابلة بين السماء والبشر، وبين الطبيعة والمجتمع، طالباً من الطاويين طرح كل الحيل المصطنعة، وفيه قصص عن بشر كاملين يستطيعون الطيران هم الخالدون الذين لا يتأثرون بالعناصر الطبيعية ولا يمسهم حر ولا قر، أصحاب أرواح تمتاز بحرية في تصرفها.


- كتاب هوانغ – تي – ني – تشينغ وهو من القرن الثالث قبل الميلاد، فيه تجارب على بعض المعادن والنباتات والمواد الحيوانية وذلك انطلاقاً من اهتمامهم بالمحافظة على الصحة وإطالة الحياة.


- كتاب باو – بو – تسو الذي انتهوا من تأليفه عام 317م يبحث في علوم الكيمياء القديمة وفيه محاولات لتحويل المعادن إلى ذهب وإطالة الحياة بواسطة بعض الأكاسير.


- لهم أدب فلسفي وديني سري، قسم منه يعود إلى القرن الرابع والقرن الثاني قبل الميلاد ويركز على إقناع الحكام، وقسم يبدأ منذ نهاية القرن الثاني الميلادي وهو يمثل حركات(*) دينية منظمة وينتقل من الشيخ إلى تلاميذه من أداء القسم للمحافظة على سريته.


• فكرتهم عن الإله(*):


- الإله – لديهم – ليس بصوت، ولا صورة، أبدي لا يفنى، وجوده سابق وجود غيره وهو أصل الموجودات، وروحه تجري فيها.


- إن طاو هو المطلق الكائن، وهو مراد الكون، إنه ليس منفصلاً عن الكون بل هو داخل فيه دخولاً جوهريًّا، انبثقت عنه جميع الموجودات.


- إنهم يؤمنون بوحدة الوجود(*) إذ إن الخالق والمخلوق شيء واحد لا تنفصل أجزاؤه وإلا لاقى الفناء.


- إن نظرتهم إلى الإله قريبة جدّاً من مذهب الحلولية الذي يذهب إلى أن الخالق حالٌّ في كل الموجودات، كما أن الخالق لا يستطيع أن يتصرف أو يعمل إلا بحلوله في الأشياء.


- يؤمنون بالقانون السماوي الأعظم الذي هو أصل الحياة والنشاط والحركة لجميع الموجودات في السماء والأرض.


- يرى شونغ تسي بأن الإنسان قد جاء إلى الوجود مع الكون، فهو يحب الله ولكنه يحب المصدر الذي جاء منه الله أكثر من حبه الله، فهو تصور يدل على أنهم يعتقدون بأن هناك مبدأ قبل الله – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-


• الاحتفالات الدينية والطقوس الطاوية:


- هناك طقس شيو Chioo وهو أقدم الطقوس إذ هو تجديد لعلاقة الجماعة بالآلهة(*)، ولا يزال هذا الطقس موجوداً في تايوان إلى اليوم.


- هناك طقوس لتنصيب الكهنة(*)، وأخرى عند ميلاد الآلهة.


- بعض الكهنة يمارسون طقوساً معينة في مناسبات الدفن والزواج والولادة.


- من طقوسهم معالجة المريض وذلك بإدخاله إلى غرفة هادئة يقضي فيها بعض الوقت متأملاً منشغلاً بذنوبه، كما يقوم بعضهم باستعمال الوسطاء الذين يسترخون في سبات ويزعمون أنهم يقومون بنقل آراء الآلهة أو الأموات أو الأقارب.


- حرق البخور موضوع أساسي لكل عبادة طاوية فضلاً عن استعمال الخناجر والماء المسحور والموسيقى، والأقنعة والكتب المقدسة.


• أفكار طاوية أخرى:


- إنهم متصوفة، إذ إنه يجب على الطاوي أن ينظف نفسه من جميع المشاغل والشوائب ليوجد في داخله فراغاً هو في الحقيقة الامتلاء نفسه، وذلك بالوصول إلى الحقائق المجردة، ويتم ذلك عن طريق التجرد من الماديات ليصبح الإنسان روحاً خالصاً.


- أعلى مراتب التصوف هي مرحلة الوحدة التامة بين الفرد والقانون الأعظم وذلك بحصول اندماج بين المتصوف والذات العليا لتصيرا شخصية واحدة.


- إذا ارتقى الإنسان إلى المعرفة الحقة عندها يستطيع أن يصل إلى الحالة الأثيرية حيث لا موت ولا حياة.


- إن الطاوية تتجه اتجاهاً سلبياً – على عكس الكونفوشيوسية – ذلك لأن الفضيلة لديهم تكمن في عدم العمل والاقتصاد على التأمل داعين إلى الحياة على الجبال المقدسة وقرب الجزر النائية.


- إنهم يهاجمون الشرائع والقوانين والعلم وما إلى ذلك من مظاهر المدنية التي عملت على إفساد فطرة الإنسان الذي ولد خَيِّراً. إن مثلهم الأعلى في ذلك هو في العودة إلى النظام الطبيعي المتميز بنقاء الفطرة وسلامتها.


- اهتم الطاويون بطول العمر، ويعتبر التقدم في السن دليلاً على القداسة حتى صار من أهداف التصوف الطاوي السعي لإطالة العمر والخلود، وقد ذهب بعضهم إلى ادعاء إمكانية إطالة العمر مئات السنين. وأفضل الخالدين – في نظرهم – هم الذين يصعدون إلى السماء في وضح النهار، هذا الخلود الذي من الممكن أن يتم بواسطة تدريبات ورياضات خاصة جسدية وروحية كما يزعمون.


- هذا الاهتمام في البحث عن إكسير الحياة كان عاملاً مهمًّا في تقدم الطب والكيمياء على أيديهم فضلاً عن السحر والشعوذة والدجل مما أدى إلى ثراء الكهنة ثراءً فاحشاً.


- إنهم يؤكدون حرصهم على التعاليم الأخلاقية وعلى ضرورة المشاركة في الاحتفالات الجماعية الموسمية.


- ليس لديهم بعث ولا حساب، إنما يكافأ المحسن بالصحة وبطول العمر بينما يجازى المسيىء بالمرض وبالموت المبكر.


الجذور الفكرية والعقائدية:


المفاهيم الطاوية ترجع إلى زمن سحيق لكنها تبلورت على يد مؤسسها لوتس.


هناك عوامل تأثر وتأثير بين الطاوية والكنفوشيوسية والبوذية بسبب توطن هذه الديانات(*) في منطقة واحدة متجاورة، حيث يمكن ملاحظة فكرة التصوف التي يعبر عنها بأساليب مختلفة ولكن في مضمون واحد.


الطاوية أقرب إلى الكنفوشيوسية منها إلى البوذية.


أخذ الطاويون عن البوذيين بناء الأديرة وتقرير الرهبنة(*) والعزوبية.


يذكر دوان في كتابه خرافات التوراة(*) وما يماثلها في الديانات الأخرى (ص172)، بأن في الطاوية تثليث(*)، فطاو هو العقل(*) الأزلي الأول، انبثق من واحد، ومن هذا انبثق ثالث كان مصدر كل شيء.


الانتشار ومواقع النفوذ:


في عام 1958م أُعلن أن ثلاثين ألفاً من الكهنة الطاويين لا يزالون ناشطين في مختلف أنحاء الصين. ومعلوم أن الثقافة الصينية التقليدية ما تزال الطاوية حية فيها.


في عام 1949م هرب أخر المعلمين السماويين شانغ اين بو إلى تايوان، وفي عام 1960م انبعثت هذه الديانة من جديد وظهرت المعابد الطاوية الضخمة كمعبد شهنان قرب تايبيه والذي يضم تمثال لو يونغ ين الذي تقمصته روح إله الطاو كما يزعمون، وفي عام 1970 مات هذا المعلم السماوي ليخلفه ابنه شانغ يوان هسين.


توجد فئات طاوية في بعض نواحي ماليزيا وبينيانغ وسنغافورة وبانكوك.


تعتبر اليابان من أوسع البلاد علماً بالطاوية في أيامنا الحالية.


أما تايوان فهي أهم ملجأ للطاوية في القرن العشرين بسبب الهجرة الطاوية إليها في القرنين السابع عشر والثامن عشر.


ويتضح مما سبق:


أن الطاوية ديانة(*) صينية مؤسسها الفيلسوف لوتس الذي رأى أن الخير في الزهادة والاعتزال والعفو والتسامح مع الناس وعدم مقابلة السيئة بالسيئة. ولم يثبت أنها ديانة سماوية.



الجينية

التعريف :


الجينية ديانة(*) منشقة عن الهندوسية، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يدي مؤسسها مهافيرا وما تزال إلى يومنا هذا . إنها مبنية على أساس الخوف من تكرار المولد، داعية إلى التحرر من كل قيود الحياة والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم كالعيب والإثم والخير والشر. وهي تقوم على رياضات بدنية رهيبة وتأملات نفسية عميقة بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


يعتقد الجينيون أن ديانتهم ساهم في تأسيسها 24 ترنكاراً أو جيناً، حيث يظهر كل منهم في نصف دورة زمنية بدأت منذ الأزل. وسوف تستمر إلى ما لا نهاية. كان أول هؤلاء هو ريشابها أو أديناثا. ويعتبر وجود هؤلاء الجينيات من قبيل الأساطير التي لم تثبت تاريخيًّا.


نيميناثا أو أريشتمانيمي: هو الجيني الثاني والعشرون ويعتبرونه ابن عم كرشنا، ووصل إلى مرحلة النيرفانا(*) (الخلاص) في مدينة سوراسترا في ولاية كوجرات.


برشفا ابن ملك فاراناس يعتبر الجيني الثالث والعشرين، وهو أول الشخصيات التاريخية. عاش في القرن الثامن قبل الميلاد.


يعتبر مهافيرا المؤسس الحقيقي للجينية، وقد ولد عام 599 ق.م وترهبن في سن الثلاثين، وعلى يديه تبلورت معتقداته التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا، وقد سار بدعوته بنجاح حتى بلغ الثانية والسبعين من العمر، وتوفي عام 527 ق.م.


- ينحدر مهافيرا من أسرة من طبقة الكاشتر المختصة بشؤون السياسة والحرب.


- أبوه سدهارتها أمير مدينة في ولاية بيهار، ومهاويرا هو الابن الثاني له.


- عاش حياته الأولى في كنف والديه متمتعاً بالخدم والملذات العادية، وكان شديد التقدير والاحترام لوالديه، تزوج ورزق بابنة.


- لما توفي والده، استأذن أخاه في التخلي عن ولاية العهد والتنازل عن الملك والألقاب.


- حلق رأسه ونزع حليَّه، وخلع ملابسه الفاخرة، وبدأ مرحلة الزهد والخلوة والتبتل، وكانت سنه آنذاك ثلاثين عاماً.


- صام يومين ونصف يوم، ونتف شعر جسده، وهام في البلاد عارياً مهتماً بالرياضات الصعبة والتأملات العميقة.


- اسمه الأصلي فردهامانا لكن أتباعه يسمونه مهافيرا ويزعمون أن هذا الاسم من اختيار الآلهة له ومعناه البطل العظيم، ويطلقون عليه كذلك جينا أي القاهرة لشهواته والمتغلب على رغباته المادية.


- يدعي أتباع هذه الطائفة بأن الجينية ترجع إلى ثلاثة وعشرين جينياً، ومهافيرا هو الجيني الرابع والعشرون.


- تلقى مهافيارا علومه على يدي بارسواناث الذي يعتبرونه الجيني الثالث والعشرين، وقد أخذ عنه مبادىء الجينية، وخالفه بعد ذلك في بعض الأمور، وزاد على هذه الطريقة شيئاً استخلصه من تجاربه وخبرته مما جعله المؤسس الحقيقي لها.


- غرق في تأملاته ورهبانيته وعرى جسده هائماً في البلاد لمدة ثلاثة عشر شهراً مداوماً على مراقبة نفسه في صمت مطبق، يعيش على الصدقات التي تقدم إليه. حصل بعدها على الدرجة الرابعة مباشرة إذ كان مزوداً بثلاثة منها أصلاً كما يقولون.


- تابع بعد ذلك رحلة عدم الإحساس حتى حصل على الدرجة الخامسة وهي كما يزعمون درجة العلم المطلق ووصوله إلى مرحلة النجاة.


- بعد سنة من الصراع والتهذيب النفسي فاز بدرجة المرشد، وبدأ بذلك مرحلة الدعوة لمعتقده، فدعا أسرته ثم عشيرته، ثم أهل مدينته، ومن ثم دعا الملوك والقواد، فوافقه كثير منهم لما في دعوته من ثورة على البراهمة(*).


- استمر بدعوته حتى بلغ الثانية والسبعين حيث توفي سنة 527 ق.م. مخلفاً وراءه خطباً وأتباعاً ومذهباً.


أرياشاما: عاش في القرن الرابع بعد مهافيرا.


كونداكاوندا أكياريا: تقدره فرقة الديجامبرا وكتب بعض الكتب والشروح، عاش في القرون المسيحية(*) الأولى.


انقسمت الجينية بعده إلى عدة أقسام وصلت إلى ثمان فرق أو أكثر، أهمها الآن:


- ديجامبرا: أي أصحاب الزيِّ السماوي العراة، وهم طبقة الخاصة الذين يميلون إلى التقشف والزهد ومعظمهم من الكهان(*) والرهبان(*) والمتنسكين الذين يتخذون من حياة مهاويرا قدوة لهم، وقد انقسموا مؤخراً إلى عدد من الفرق.


- سويتامبرا: أي أصحاب الزي الأبيض، وهم طبقة العامة المعتدلون الذين يتخذون من حياة مهاويرا الأولى في رعاية والديه نبراساً لهم حيث كان يتمتع حينها بالخدم والملذات، إذ يفعلون كل أمر فيه خير ويبتعدون عن كل أمر فيه شرّ أو إزهاق لأرواح كل ذي حياة، يلبسون الثياب، ويطبقون مبادىء الجينية العامة على أنفسهم.


أقبل الملوك والحكام في الهند على اعتناق الجينية مما سجل انتصاراً على العصر الويدي الهندوسي الأول، ذلك أنها تدعو إلى عدم إيقاع الأذى بذي روح مطلقاً، كما توجب أن يطيع الشعب حاكمه وتقضي بذبح من يتمرد على الحاكم أو يعصي أوامره، فصار لهم نفوذ كبير في بلاط كثير من الملوك والحكام في العصور الوسطى.


- نالوا كثيراً من الاحترام والتقدير أيام الحكم الإسلامي للهند، وقد بلغ الأمر بالإمبراطور أكبر الذي حكم الهند من 1556 – 1605م أن ارتد عن الإسلام واعتنق بعض معتقدات الجينية واحتضن معلم الجينية هيراويجياً مطلقاً عليه لقب معلم الدنيا.


الأفكار والمعتقدات:


الكتب :


- نزل مهاويرا قبل موته في مدينة بنابوري في ولاية تَبْنا وألقى خمساً وخمسين خطبة، وأجاب عن ستة وثلاثين سؤالاً. فهذه الخطب وتلك الأسئلة أصبحت كتابهم المقدس.


- يضاف إلى ذلك الخطب والوصايا المنسوبة للمريدين والرهبان والنسَّاك الجينيين.


- انتقل تراثهم مشافهة، وقد حاولوا تدوينه في القرن الرابع قبل الميلاد لكنهم فشلوا في جمع كلمة الناس حول ما كتبوه، فتأجلت كتابته إلى سنة 57م.


- في القرن الخامس الميلادي اجتمع كبار الجينيين في مدينة ويلابهي حيث قاموا بتدوين التراث الجيني باللغة السنسكريتية في حين أن لغته الأصلية كانت أردها مجدى.


- ويوجد الآن عدد من الكتب والشروح والأساطير الكثيرة يختلف الاعتراف بها من طائفة إلى أخرى.


الإله(*):


- الجينية في الأصل ثورة على البراهمة، لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة (برهما(*) – فشنو(*) – سيفا(*))، ومن هنا سميت حركتهم بالحركة الإلحادية(*).


- لاتعترف الجينية بالروح الأكبر أو بالخالق الأعظم لهذا الكون لكنها تعترف بوجود أرواح خالدة.


- كل روح من الأرواح الخالدة مستقلة عن الأخرى ويجري عليها التناسخ(*).


- لم يستطيعوا أن يتحرروا تحرراً كاملاً من فكرة الألوهية، فاتخذوا من مهافيرا معبوداً لهم وقرنوا به الجينيات الثلاثة والعشرين الآخرين لتكمل في أذهانهم صورة الدين(*) وليسدوا الفراغ الذي أحدثه عدم اعترافهم بالإله الأوحد.


- خلق المسالمة والمجاملة دفعهم إلى الاعتراف بآلهة الهندوس (عدا الآلهة الثلاثة) ثم أخذوا يجلّونها، لكنهم لم يصلوا بها إلى درجة تقديس البراهمة(*) لها، ودعوا كذلك إلى احترام براهمة الهندوس باعتبارهم طائفة لها مكانتها في الدين الهندوسي.


- لا توجد لديهم صلاة، ولا تقديم قرابين، ولا يعترفون بالطبقات ، بل هم ثورة عليها، إذ ليس لديهم سوى طبقتي الخاصة والعامة. ولم يجعلوا لخاصتهم من الرهبان (*) أية امتيازات مما جعل الرهبنة ذات مشقة وتضحية وتكليف ذاتي.


• من معتقداتهم الأخرى:


• الكارما:


- الكارما لديهم كائن مادي يخالط الروح ويحيط بها ولا سبيل لتحرير الروح منها إلا بشدة التقشف والحرمان من الملذات.


- يظل الإنسان يولد ويموت ما دامت الكارما متعلقة بروحه ولا تطهر نفسه حتى تتخلص من الكارما حيث تنتهي رغباته وعندها يبقى حيًّا خالداً في نعيم النجاة. وهي مرحلة النيرفانا(*) أو الخلاص التي قد تحصل في الدنيا بالتدريب والرياضة أو بالموت.


• النجاة:


- إنها تعني الفوز بالسرور الخالد الخالي من الحزن والألم والهموم، وتعني التطهر من أدران الحيوانية المادية، إنها ترمي إلى التخلص من تكرار المولد والموت والتناسخ(*).


- طريق الوصول إلى النجاة يكون بالتمسك بالخير والابتعاد عن الشرور والذنوب والآثام، ولا يصل إليها الإنسان إلا بعد تجاوز عوائق ومتاعب الحياة البشرية بقتل عواطفه وشهواته.


- الشخص الناجي مكانه فوق الخلاء الكوني، إنها نجاة أبدية سرمدية.


• تقديس كل ذي روح:


- يقدسون كل ما فيه روح تقديساً عجيباً.


- يمسك بعض الرهبان بمكنسة ينظف بها طريقه أو مجلسه خشية أن يطأ شيئاً فيه روح.


- يضع بعضهم غشاءً على وجهه يتنفس من خلاله خوفاً من استنشاق أي كائن حي من الهوام العالقة في الهواء.


- لا يعملون في الزراعة حذراً من قتل الديدان والحشرات الصغيرة الموجودة في التربة.


- يذبحون الحيوانات، ولا يأكلون لحومها وهم نباتيون.


- لا يشتركون في معركة ولا يدخلون في قتال خوفاً من إراقة الدماء وقتل الأحياء من البشر فهم مسالمون بعيدون عن كل مظاهر العنف.


• العواف:


- يجب قهر العواطف والمشاعر جميعاً، حتى لايشعر الراهب بحب أو كره، بحزن أو سرور، بحرّ أو برد، بخوف أو حياء، بخير أو شرّ، بجوع أو عطش، فيجب أن يصل إلى درجة الخمود والجمود والذهول بحيث تقتل في نفسه جميع العواطف البشرية.


- ترى أحدهم ينتف شعر جسده دون أن يشعر بأي ألم في ذلك.


العري:


- قمة قتل العواطف هي الوصول إلى مرحلة العري الذي يعتبر أبرز مظاهر الجينية حيث يمشي الشخص في الشوارع بدون كساء يستر جسده من غير شعور بالحرج أو الحياء أو الخجل. وهذا تطبقه فرقة ديجامبرا من الجينية.


- الرهبان(*) يعيشون عراة، وذلك نابع من فكرة نسيان العار أو الحياء مما يمكنه من اجتياز الحياة إلى مرحلة النجاة والخلود.


- إذا تذكر الإنسان العاري الحياة والحسن والقبح فذلك يعني أنه مازال متعلقاً بالدنيا مما يحجبه عن الفوز والنجاة.


- الشعور بالحياء يتضمن تصور الإثم، وعدم الشعور بالحياء معناه عدم تصور الإثم. فمن أراد الحياة البريئة البعيدة عن الشعور بالآلام فما عليه إلا أن يعيش عارياً متخذاً من السماء والهواء كساء له.


الجذور الفكرية والعقائدية:


الجينية ثورة على الهندوسية مستنكرة آلهتها وطبقاتها، لكنها لم تستطع أن تتحرر من طابعها العام ومن سماتها البارزة فاتخذت لنفسها آلهة(*) خاصة بها.


الفكر الجيني يقوم أصلاً على أفكار هندوسية كالانطلاق، والكارما، والنجاة، والتناسخ وتكرار المولد، والدعوة إلى السلبية مع صبغ هذه المفاهيم بالصبغة الجينية وتطويرها لتلائم المعتقد الجيني.


تَدَّعي الجينية بأن فلسفتها ترجع إلى الجيني الأول الذي كان حيًّا في التاريخ البعيد، وإلى جيناتها الذين تتابعوا واحداً إثر الآخر حتى كان الجيني الثالث والعشرون بارسواناث؛ والرابع والعشرون مهافيرا الذي استقرت على يديه معالم هذه الديانة التي تشكلت خلال مرحلة طويلة من الزمن.


كان ظهورها مواكباً لظهور البوذية، وكلتاهما ثورتان داخل الفكر الهندوسي.


يعتقد بأن النصرانية قد أخذت عن الجينية فكرة الصيام عن كل ما فيه حياة إذ إنهم يصومون عن اللحوم وعن جميع المشتقات الحيوانية لأيام معدودة ويعيشون خلال ذلك على الأطعمة النباتية.


الانتشار ومواقع النفوذ :


لم تخرج الجينية من الهند، فمعابدهم منتشرة في كلكتا ودلوارا، ولهم معابد في كهجورا وجبل آبو، وهي تعدُّ من عجائب الدنيا زينة وزخرفة، وفي القرن الثاني قبل الميلاد نحتوا كهفهم العظيم المسمى هاتي كنبا في منطقة إدريسه ولهم كهوف أخرى منتشرة في أنحاء الهند مما يدل على براعتهم في نحت التماثيل ورسوخ قدمهم في فن معمار المعابد وزخرفتها وتزيينها بالنقوش العجيبة. يبلغ تعدادهم الحالي حوالي المليون نسمة يعملون في التجارة وإقراض البنوك، فمعظمهم من الأغنياء مما ساعدهم على نشر الكتب والتأثير على الثقافة الهندية.


ويتضح مما سبق:


أن الجينية حركة(*) عقلية متحررة مطبوعة بطابع الذهن الهندوسي العام، فمنشؤها الزهد والتقشف، وطريقتها الرياضة الشاقة، ومظهرها الرهبانية، وهم يعترفون بآلهة الهندوس، ويعيشون شبه عراة، معرضين أجسامهم لظواهر الطبيعة، وأحياناً يلجئون إلى قطع الروابط بالحياة عن طريق الانتحار، ويعتبرونه غاية لا تتاح إلا للخاصة من الرهبان.


ي ت ب ع

رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:56 PM   رقم المشاركة : 66
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

اللــذة


التعريف :




اللذة: مذهب(*) غير أخلاقي فلسفي، يرى أن اللذة هي الشيء الخيِّر الوحيد في الوجود.




التأسيس وأبرز الشخصيات:




اللذة مذهب قديم جديد في نفس الوقت، فهو قد تأسس بالفعل في العهد اليوناني القديم، وظهر بثوبه الجديد في مذهب المنفعة الذي نادى به فلاسفة أوروبا في الوقت الحاضر.




ومن أبرز شخصياته القديمة والجديدة:




الفيلسوف أبيقور اليوناني 343 – 270 ق.م، ولد في أثينا في اليونان، وقد اختلف الكتَّاب في أفكاره وحياته الخاصة، فبعض الكتَّاب المتأخرين يصف حياته بالحياة المنعمة اللاأخلاقية، إلا أن البعض الآخر يقول بأن كل خطاباته تدل على أنه كان متواضعاً في طعامه، وأن مفهوم اللذة عنده لا يقصد به الإباحية الأخلاقية أو ما شابه ذلك من مفاهيم.




جيرمي بنتام 1748 – 1823م وهو أول فيلسوف إنكليزي أبرز مذهب اللذة في القرن التاسع الميلادي، وذلك في كتابه مقدمة لأصول الأخلاق والتشريع.




جون ستيوارت ميل 1806 – 1873م – وهو الفيلسوف الإنكليزي الذي نادى باللذة والمنفعة أيضاً.




جون لوك 1632 – 1704م وهو فيلسوف إنكليزي. قال بأن فكرة الخير: يجب أن تُعرّف بأنها هي نفسها كلمة اللذة أو على الأقل تعرف تعريفاً يردها إلى اللذة وعارض نظرية الحق الإلهي، وقال بأن الاختيار هو أساس المعرفة.




الأفكار والمعتقدات:




يمكن إجمال الأفكار الأساسية لأصحاب مذهب(*) اللذة فيما يلي:




إن اللذة هي وحدها الخير، وهي خير الدوام، ولا توجد اللذة إلا من خلال إقصاء الألم وكل ما يعكر صفو العقل(*). ولا يقصد باللذة لذَّات أصحاب الشهوات الحسية ولا إدمان الشراب.




اللذة نوعان:




1- لذة جسمية تبلغ أوج صورها في الصحة الجسمية الكاملة.




2- لذة عقلية وتعني التحرر الكامل من الخوف والقلق.




إن آلام العقل أقسى من آلام البدن التي يمكن تحملها والتي تنتهي لا محالة بالموت، والموت أمر طبيعي لا يوصف بأنه شر ولا بأنه خير كذلك.




لا يستطيع الإنسان أن يحيا حياة سعيدة ما لم يقض هذه الحياة في كل ما هو فاضل بالفعل، والحياة الفاضلة هي مصدر اللذة، لأن الإنسان يقضيها في تحصيل العلم أساساً.




اللذة هي الشيء الوحيد الذي "هو خير في ذاته". والألم هو الشيء الوحيد الذي هو "شر في ذاته"، والسعادة تشمل اللذة والتخلص من الألم، وإن رجحان كفة اللذة يعني صيرورة حياة الإنسان مصدراً للمزيد من اللذة.




الجذور الفكرية العقائدية:




إن كلمة Hedonism مشتقة من الكلمة اليونانية Hoedone ومعناها: "اللذة" الحسية الدنيوية، وهي وحدها أساس اهتمام الفلاسفة الذين نادوا بها.




فأبيقور كان فيلسوفاً علميًّا، إذ لم يهتم بالفلسفة النظرية التي كان معاصروه يهتمون بها.. فتوجه إلى البحث عن سر السعادة البشرية سيما وأن الحياة اليونانية الوثنية(*) لا تهتم بالحياة الآخرة، وليس فيها أية قوانين خلقية روحية. وقد وجد أبيقور سر السعادة في اللذة، التي لا تعني إلا الخير.. ولذا فقد أساء البعض فهم اللذة عند أبيقور عندما تصوروا أنه لا يدعو إلا إلى اللذة الحسية.




أما الفلاسفة المحدثون أمثال بنتام ولوك وميل الذين قالوا بالمنفعة، فهم من الفلاسفة الماديين الحسيين.. ولذا فإن قولهم بمذهب المنفعة(*)، لا يعني سوى المنفعة المادية الحسية.




يتضح مما سبق :


أن اللذة مذهب(*) غير أخلاقي فلسفي يرى أن اللذة هي الشيء الخيِّر الوحيد في الوجود، واللذة إما أن تكون جسمية وإما أن تكون عقلية، وإذا كانت آلام العقل أقسى من آلام البدن، فإن الإنسان يجب أن يحيا حياة فاضلة حتى يستشعر اللذة، لأن رجحان كفة اللذة التي هي مبعث السعادة، يعني صيرورة حياة الإنسان مصدراً للمزيد من اللذة.




الأفلاطونية الحديثة


التعريف :




الأفلاطونية الجديدة تسمية حديثة لآراء مجموعة من الفلاسفة والمفكرين الملاحدة تمتد من 250 ق.م حتى 550م وهذه الآراء تحاول إعطاء تفسير للكون والإنسان والحياة، لتلبية طموح الإنسان من النواحي الدينية والأخلاقية والعقلية. وهي تختلف اختلافاً جوهريًّا عن آراء أفلاطون اليوناني: إذ إنها تؤمن بإله(*) مفارق للكون. وهذا الإله يفيض(*) عنه الكون والوجود كله بما فيه من مخلوقات.




والأفلاطونية الجديدة أثّرت كثيراً – في طور أحدث – بأفكار بعض الفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا وغيره، ولا تزال تؤثر في كثير من الطرق الصوفية في العالم الإسلامي.. ومن هنا كان اهتمامنا بتوضيحها للقارئ المسلم.




التأسيس وأبرز الشخصيات:




تأسست الأفلاطونية الجديدة في مدينة الإسكندرية على يد أفلوطين 205 – 270م الذي درس الفلسفة(*) اليونانية واطلع على الديانات القديمة والأساطير والسحر والشعوذة.. وكتب كتابات كثيرة في مذهبه الذي سنوضح أفكاره لاحقاً.




ثم جاء فرفرويوس 234 –305 م ونشر كتابات أفلوطين وهاجم النصرانية بكتابه ضد المسيحيين وله عدة مؤلفات أخرى.




ثم أتى مبليخوس توفي عام 330م الذي ألف عدة رسائل فلسفية، منها أسرار مصرية وهي تفسير فلسفي لطقوس مصر وتعاليمها الدينية قبل الإسلام.




وجاء أبرقلس 410 – 485م الرجل المدرسي في الأفلاطونية الجديدة الذي عرض المذهب في مؤلفين: مبادئ اللاهوت ولاهوت أفلاطون.




أما أوغسطين 354 – 440م القديس الذي ولد في الجزائر من أم نصرانية وأب وثني، فقد انتسب إلى الأفلاطونية الجديدة، وقارن بينها وبين النصرانية، وقال بأن النصرانية هي الفلسفة الحقة!!




الأفكار والمعتقدات:




الأفلاطونية الجديدة خليط من الأفكار والفلسفات والمعتقدات الوثنية(*) واليهودية والنصرانية، والأساطير، وغيرها.




تدعو الأفلاطونية إلى إله(*) تفيض عنه الأشياء جميعاً بحيث لا تنفصل عنه، فيضاً لا يتحدد بزمن أو تاريخ ولا يتقيد بإرادة ولا ينقطع، وهذا الفيض(*) لا ينقص مصدره، بل يظل كاملاً غير منقوص.




وهذا الإله المبدأ الأسمى للوجود يطلق عليه واحد غير محدد بسيط لا كيف له، وهو الخير المطلق عندهم.




عملية الفيض الأزلية تبدأ أولاً بالعقل(*) أو الروح ثم النفس ثم الواقع الحسي في الزمان والمكان.




عملية الفيض دقيقة موزونة بحيث لا تترك نقصاً أو ثغرات في الكون، أما النقص الذي في الإنسان أو الشر فهو ناتج عن ابتعاد الإنسان عن الخير أو عن الألوهية، وينتج عن ذلك الشوق إلى العودة إلى الله.




الألوهية لا يمكن الوصول إليها عن طريق العقل، لأنه قاصر عن ذلك وإنما يمكن الوصول إليها عن طريق نوع آخر من المعرفة لا يتوصل إليها إلا بعد القضاء على نوازع الجسم المادي، والتطهير، ثم الفناء(*) في الواحد، وهذه هي حالة الوجد أو النشوة التي يطمح أن يصل إليها الإنسان.




تأثير هذه الأفكار والمعتقدات:




أثرت الأفلاطونية الجديدة في تفكير كثير من الفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا والفارابي وغيرهم وأخذوا عنها نظرية الفيض الإلهي، التي تدعي أن العالم يجيء صدوراً عن الله في صورة فيض، فمرتبة تفيض عن مرتبة.. وهكذا حتى تصل إلى أدنى المراتب.




وأثرت الأفلاطونية الجديدة في التصوف الإسلامي أيضاً وخاصة في أولئك المتصوفة المتأثرين بالفلسفة(*).. ثم فشا تأثيرها في طرق التصوف. وخاصة فيما يتعلق بعملية التطهير أو التزكية للوصول إلى المعرفة الكاملة أو الإيمان الكامل، وهو سعي الإنسان جاهداً للوصول إلى المصدر الذي صدر عنه والفناء فيه، وما يحتاج إليه ذلك من مجاهدة شديدة الصلابة لإماتة نوازع الجسد المفطور عليها.




الجذور الفكرية والعقائدية:




أخذت الأفلاطونية الجديدة من أفلاطون خيالاته في عالم المثل، ومن أرسطو تساؤلاته عن المعاني الكلية وهل لها وجود مستقل؟ ومن الرواقيين(*) السمو الخلقي والترقي الروحي، ومن النصرانية تأثيراتها الروحية والخلقية، ومن البوذية مسألة التطهير والتزكية والفناء(*) في المصدر الأول.




إلا أن ما جاء به أفلوطين من أفكار وآراء حول عملية الفيض(*) أو الصدور عن الله يعد جديداً في بابه كما يرى كثير من المفكرين.




الانتشار ومواقع النفوذ:




تأسست الأفلاطونية الجديدة في الإسكندرية، وانتشرت في الفكر الأوربي اللاهوتي كله والفكر الصوفي النصراني والإسلامي.




ولا شك أن هذه الآراء مرفوضة من وجهة النظر الإسلامية وقد أبان مفكرو الإسلام تهافتها من أكثر من وجه.




ويتضح مما سبق:




أن الأفلاطونية الجديدة، هي خلاصة آراء بعض الفلاسفة الملحدين، وهي خليط من الأفكار والفلسفات والمعتقدات الوثنية(*) واليهودية والنصرانية والأساطير وغيرها، تقول بوجود إله(*) "هو المبدأ الأسمى للوجود، بسيط لا نظير له، وهو الخير المطلق عند أتباعها، وهذا الإله تفيض عنه الأشياء جميعاً ولا تنفصل عنه، والعقل(*) هو الأساس الوحيد لإدراك حقيقة الألوهية التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق نوع آخر من أنواع المعرفة". ولا شك أن هذه الآراء مرفوضة من وجهة النظر الإسلامية وقد أبان مفكرو الإسلام تهافتها من أكثر من وجه.


ي ت ب ع

رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 09:59 PM   رقم المشاركة : 67
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

العقلانيــة

التعريف :


العقلانية مذهب(*) فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي(*) الإلهي أو التجربة البشرية وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل(*) لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه.


ويحاول المذهب إثبات وجود الأفكار في عقل الإنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية أي أن الإدراك العقلي المجرد سابق على الإدراك المادي المجسد.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


العقلانية مذهب قديم جديد بنفس الوقت. برز في الفلسفة(*) اليونانية على يد سقراط وأرسطو، وبرز في الفلسفة الحديثة والمعاصرة على أيدي فلاسفة أثَّروا كثيراً في الفكر البشري أمثال: ديكارت وليبنتز وسبينوزا وغيرهم.


رينيه ديكارت 1596 – 1650م فيلسوف فرنسي اعتمد المنهج(*) العقلي لإثبات الوجود عامة ووجود الله على وجه أخص وذلك من مقدمة واحدة عُدت من الناحية العقلية غير قابلة للشك(*) وهي: "أنا أفكر فأنا إذن موجود".


ليبنتز: 1646 – 1716م فيلسوف ألماني، قال بأن كل موجود حي وليس بين الموجودات مِنْ تفاوت في الحياة إلا بالدرجة – درجة تميز الإدراك – والدرجات أربع: مطلق الحي أي ما يسمى جماداً، والنبات فالحيوان فالإنسان.


وفي المجتمع الإسلامي نجد المعتزلة تقترب من العقلانية جزئيًّا، إذ اعتمدوا على العقل(*) وجعلوه أساس تفكيرهم ودفعهم هذا المنهج إلى تأويل(*) النصوص من الكتاب والسنة التي تخالف رأيهم. ولعل أهم مقولة لهم قولهم بسلطة العقل وقدرته على معرفة الحسن والقبيح ولو لم يرد بها شيء. ونقل المعتزلة الدين(*) إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية وذلك لتأثرهم بالفلسفة(*) اليونانية.


وقد فنَّد علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية وردَّ عليهم ردًّا قويًّا في كتابه درء تعارض العقل والنقل وبيّن أن صريح العقل(*) لا يمكن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل. وهناك من يحاول اليوم إحياء فكر المعتزلة إذ يعدونهم أهل الحرية الفكرية في الإسلام، ولا يخفى ما وراء هذه الدعوة من حرب على العقيدة الإسلامية الصحيحة، وإن لبست ثوب التجديد(*) في الإسلام أحياناً.


العقائد والأفكار:


تعتمد العقلانية على عدد من المبادئ الأساسية هي:


العقل لا الوحي(*) هو المرجع الوحيد في تفسير كل شيء في الوجود.


يمكن الوصول إلى المعرفة عن طريق الاستدلال العقلي وبدون لجوء إلى أية مقدمات تجريبية.


عدم الإيمان بالمعجزات(*) أو خوارق العادات.


العقائد الدينية ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي.


الجذور الفكرية والعقائدية:


كانت العقلانية اليونانية لوناً من عبادة العقل وتأليهه وإعطائه حجماً أكبر بكثير من حقيقته. كما كانت في الوقت نفسه لوناً من تحويل الوجد إلى قضايا تجريدية.


وفي القرون الوسطى سيطرت الكنيسة(*) على الفلسفة الأوروبية، حيث سخَّرت العقل لإخراج تحريفها للوحي(*) الإلهي في فلسفة عقلية مسلَّمة لا يقبل مناقشتها.


وفي ظل الإرهاب الفكري الذي مارسته الكنيسة انكمش نشاط العقل الأوروبي، وانحصر فيما تمليه الكنيسة والمجامع المقدسة، واستمرت على ذلك عشرة قرون.


وفي عصر النهضة(*)، ونتيجة احتكاك أوروبا بالمسلمين – في الحروب الصليبية والاتصال بمراكز الثقافة في الأندلس وصقلية والشمال الإفريقي – أصبح العقل الأوربي في شوق شديد لاسترداد حريته في التفكير، ولكنه عاد إلى الجاهلية(*) الإغريقية ونفر من الدين(*) الكنسي، وسخَّر العقل(*) للبعد عن الله، وأصبح التفكير الحر معناه الإلحاد(*)، وذلك أن التفكير الديني معناه عندهم الخضوع للفقيد الذي قيدت به الكنيسة العقل وحجرت عليه أن يفكر.


يتضح مما سبق :


أن العقلانية مذهب(*) فكري فلسفي يزعم أن الاستدلال العقلي هو الطريق الوحيد للوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود، بدون الاستناد إلى الوحي(*) الإلهي أو التجربة البشرية، وأنه لا مجال للإيمان بالمعجزات أو خوارق العادات، كما أن العقائد الدينية يمكن، بل ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي، وهنا تكمن علله التي تجعله مناوئاً ليس فقط للفكر الإسلامي، بل أيضاً لكل دين سماوي صحيح.

النزعة الإنسانية

التعريف :


النزعة الإنسانية هي اتجاه فكري عام تشترك فيه العديد من المذاهب(*) الفلسفية والأدبية والأخلاقية والعلمية، ظهرت النزعة الإنسانية في عصر النهضة(*).


التأسيس وأبرز الشخصيات:


ظهر المذهب الإنساني في إيطاليا في بداية عصر النهضة الأوروبية.


وأبجديات النزعة إنما تترجم الانتفاضة التي عبّرت عنها النهضة الأوروبية باعتبارها تغيراً في الفكر نجم عنه تغير في جميع شؤون الحياة. فالإنسان الأول كان مكبلاً بقيود الكنيسة(*) طوال فترة الإظلام الفكري المسماة بالعصور الوسطى والتي استطالت إلى أكثر من عشرة قرون، إذ كان خلالها مطالباً بالطاعة العمياء لرجال الدين وكان يُساق كما يساق القطيع، ويكفي أنه من طبيعة فاسدة بسبب الخطيئة الأصلية!! أما المرأة، فهي لا ينبغي أن تُحب لأنها سبب الخطيئة، لذا عزف رجال الدين عن الزواج بها. وإذا سمحوا لغيرهم بالارتباط بها بالزواج فذلك فقط باعتبارها وسيلة للإنجاب واستمرار البشرية. أما الرجال فهم وسيلة أيضاً لتحقيق أهداف الكنيسة، وكل من خرج على هذه الأهداف يواجه الموت حرقاً.


ومن أسماء الرواد الأوائل للمذهب الإنساني بوجيو وبروني، والمحامي البارز مونتبلشيانو وكلهم عاشوا خلال القرن الخامس عشر الميلادي.


أراسمس ولد في روتردام سنة 1466م ويعد من أكبر ممثلي المذهب الإنساني من ناحية معرفته بالأدب اليوناني واللاتيني.


في فرنسا مثل المذهب ستيفانوس وسكاليجر ودوليه.


ويعد رينيه ديكارت 1956 – 1650م الفيلسوف الفرنسي من أنصار المذهب الإنساني ولكنه يؤمن بوجود الله تعالى.


وكذلك سبينوزا 1632 – 1677م الفيلسوف الهولندي وهو يشبه ديكارت في الاعتقاد.


وكتابات جان جاك روسو 1712 – 1778م تحمل الطابع الإنساني.


وجون لوك 1632 – 1704م الفيلسوف الإنجليزي كان إنساني المذهب(*).


والفيلسوف الألماني كانت 1724 – 1804م في مذهبه الانتقادي كان إنساني المذهب.


والفيلسوف شيلر المتوفى سنة 1937م الإنجليزي الألماني الأصل.


والكاتب الفرنسي فرانسيس بوتر، ألف كتاباً بعنوان المذهب الإنساني بوصفه ديانة جديدة.


والأديب الإنجليزي ت.س. إليوت 1888 – 1965م يعتبر نفسه من أتباع المذهب الإنساني، وهو من أبرز ممثلي الشعر الحر.


الأفكار والمعتقدات :


تأكيد الفردية الإنسانية:


في مجال الدين(*): الاستجابة لحكم الفرد الخاص ضد سلطة الكنيسة(*) وتأييد فكرة ظهور الدول القومية.


في مجال الفلسفة(*): تأكيد ديكارت للوعي الفردي عند المفكر وشدة الاعتماد على الفعل وتغليب وجهة النظر المادية الدنيوية.


قصر الاهتمام الإنساني على المظاهر المادية للإنسان في الزمان والمكان.


المذهب الإنساني أوحى بالأفكار التحررية لقادة الفكر في عصر النهضة(*) الأوروبية ووصل إلى ذروته إبان الثورة(*) الفرنسية.


الثقة بطبيعة الإنسان وقابليته للكمال، وإمكان حدوث التقدم المستمر.


تأكيد أن الشرور والنقائض التي اعترضت طريق الإنسان لم يكن سببها الخطيئة كما تقرر النصرانية، وإنما كان سببها النظام الاجتماعي السيئ.


الدفاع عن حرية(*) الفرد.


إمكان مجيء العصر السعيد والفردوس الأرضي، ويكون ذلك بالرخاء الاقتصادي، وتحقيق ذلك يكون بتبديد الخرافات والأوهام ونشر التربية العملية.


وقد نقد الفلاسفة والمفكرون الإنسانية ومن أهم ما جاء في نقدهم:


إن تقدم العلم الحديث لم يصحبه تقدم في قدرة الإنسان على حسن استعمال العلم.


وإن البشر وجهوا اهتماماتهم جميعاً إلى المسائل الدنيوية، ونسوا كل ما يسمو على ذلك وتركزت مطامعهم في الأشياء الزائلة التي يسرها لهم العلم، وحدث من جراء ذلك صدع بين تقدم الإنسان في المعرفة وتقدمه الأخلاقي.


إن الإنسانية تؤكد على زيادة خطر الإسراف في الاعتماد على الآلة، فهذا الإسراف قد يقضي على الأصالة والابتكار.


كما أن الأسس الأخلاقية لا تصلح إلا إذا استندت إلى الاعتقاد بوجود نظام أسمى من النظام الدنيوي والإيمان بالمبادئ الخالدة المطلقة، أما إذا اقتصرت الآداب على أن تكوم خاضعة للمواءمة بين الإنسان وبيئته، كلما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال، فإنها بذلك تفقد قيمتها العامة.


وطريق الخلاص هو رفع الأخلاق(*)، ولا يحدث هذا إلا بإيحاء من الإيمان الديني، أما الآداب العلمانية فلا تمنحنا الخلاص.


إن المذهب الإنساني قدم للإنسانية وعوداً لم يحققها، كما أنه أفقد الناس الشعور بالحقائق الروحية، وجعل الناس عبيداً للقوى المادية(*) العمياء.


إن وجود الشر ينقض أداء المذهب(*) الإنساني لصلاح الإنسان وقابليته للتقدم.


وقد عزى الناقدون إخفاق عصبة الأمم في تسوية المشكلات في العالم وانتشار الفاشية والنازية إلى ظهور المذهب الإنساني.


إن عيوب المدنية الغربية ترجع في الغالب الأعم منها إلى المذهب الإنساني في تياره الإلحادي(*).


ومن أهم الأفكار التي تبنتها النزعة الإنسانية ما يلي:


يجب على الإنسان أن يبحث دائماً عن معنى وجوده وحياته.


الحياة في حد ذاتها شيء رائع ويستحق أن يعيشها الإنسان مهما احتوت على صراعات وتناقضات وآلام.


على الإنسان أن يواجه الألم ويتسلح بالأمل في نفس الوقت.


على الإنسان أن يهتم بالمادة قبل الروح لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع إدراكه والسيطرة عليه.


إن الطريقة الوحيدة كي يحقق الإنسان إنسانيته هي في التمتع بكل الملذات الجسدية والحسية لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان لمسه وإدراكه.


الإنسانية ترحب بالقومية والوطنية والمحلية، ولكنها تأبى العنصرية لأنها امتهان صارخ لبقية العوامل المشكلة للنسيج الإنساني الشامل، والأدب العنصري ليس سوى جسماً غريباً في نسيج الأدب الإنساني سرعان ما يلفظه ويأباه.


الجذور الفكرية والعقائدية:


إن الحركة الفكرية التي نشأت في عصر النهضة(*) الأوروبية هي الأساس في ظهور الإنسانية. وكان الوقود الذي أشعل هذه الحركة يحتوي على الفكر اليوناني الوثني(*) المعارض للفكر الديني، والآداب اليونانية واللاتينية ومن هنا كان شعار الإنسانية كلمة الفيلسوف اليوناني القديم "إن الإنسان مقياس للأشياء جميعها" فضلاً عن انغماس الإنسان بالمادة في بدايته، وحب اكتناز المال والثروات، والاستمتاع بالحياة الزائلة.


أماكن الانتشار:

انتشرت الإنسانية في أوروبا ثم عمت الغرب والشرق ومعظم سلبيات المدنية الغربية الحاضرة تعتبر ثمرة من ثمارها.


ويتضح مما سبق:

أن النزعة الإنسانية هي مذهب(*) فلسفي أدبي مادي لا ديني، يؤكد فردية الإنسان ضد الدين(*) ويغلب وجهة النظر المادية(*) الدنيوية وهو من أسس فلسفة(*) كونت الوضعية وفلسفة بتنام النفعية وكتابات برتراند راسل الإلحادية(*)، وهذا يعني فشل هذا المذهب على الصعيد العقدي، أما فشله على الصعيد العملي الواقعي المؤثر بصورة ملموسة في أسلوب سلوك الفرد، فدليله أنه منَّى الإنسان بأمان كاذبة لم تتحقق على الإطلاق، ونسي أن طريق الخلاص لا يمكن أن يتم إلا من خلال خاتم الأديان . وهذا أمر ينبغي أن يتنبه له المسلم وهو يتعامل مع نتاج هذا المذهب حيث أن الإسلام قد كرم الإنسان، وتعاليمه كلها إنسانية(ولقد كرمنا بني آدم..) ؛ لكن بعض الناس يختار الكفر فيسلبه الله هذا التكريم ( أولئك هم شر البرية ) .
رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 10:00 PM   رقم المشاركة : 68
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي


الإلحــاد
التعريف :

الإلحاد(*) هو : مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى:

فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق.

وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.

ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

الإلحاد بدعة جديدة لم توجد في القديم إلا في النادر في بعض الأمم والأفراد.

يعد أتباع العلمانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد، ومن هؤلاء : أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية.

الحركة الصهيونية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فنشرت العلمانية لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية(*) المفرطة والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم.

نشر اليهود نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ(*) ونظريات فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظريات دور كايم في علم الاجتماع، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم.

أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة(*) الإسلامية.

صدر كتاب في تركيا عنوانه: مصطفى كمال للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي. وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين(*) وإشادة بالعقلية الأوروبية.

إسماعيل أحمد أدهم. حاول نشر الإلحاد في مصر، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م.

إسماعيل مظهر أصدر في سنة 1928م مجلة العصور في مصر، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً. معيداً تاريخ الشعوبية(*)، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم.

أسست في مصر سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني.. وقد تاب إلى الله بعد ذلك.

ومن أعلام الإلحاد في العالم:

أتباع الشيوعية: ويتقدمهم كارل ماركس 1818 – 1883م اليهودي الألماني. وإنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا وأصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي سنة 1820 – 1895م.

أتباع الوجودية: ويتقدمهم:
جان بول سارتر.
وسيمون دوبرفوار.
والبير كامي.
وأتباع الداروينية.

ومن الفلاسفة والأدباء:

نيتشه/ فيلسوف ألماني.

برتراند راسل 1872 – 1970م فيلسوف إنكليزي.

هيجل 1770 – 1831م فيلسوف ألماني قامت فلسفته على دراسة التاريخ.

هربرت سبنسر 1820 – 1903م إنكليزي كتب في الفلسفة(*) وعلم النفس والأخلاق(*).

فولتير 1694 – 1778م أديب فرنسي.

في سنة 1930م ألف إسماعيل مظهر حزب الفلاح ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية(*). وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام.

ومن الشعراء الملاحدة الذين كانوا ينشرون في مجلة العصور.

الشاعر عبد اللطيف ثابت الذي كان يشكك في الأديان في شعره..

والشاعر الزهاوي يعد عميد الشعراء المشككين في عصره.

الأفكار والمعتقدات:

إنكار وجود الله سبحانه، الخالق البارئ، المصور، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.

إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت.

إن المادة أزلية أبدية وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت.

النظرة الغائية(*) للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم.

إنكار معجزات الأنبياء(*) لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم، كما يزعمون. ومن العجب أن الملحدين الماديين(*) يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال.

عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية، ولا بالروح والجمال.

ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل وقصته لا تعني شيئاً.

المعرفة الدينية، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذريًّا وكليًّا عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي!!

الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة(*) التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية.

الحاجات هي التي تحدد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات.

نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ(*) ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية دارون في أصل الأنواع ونظرية دور كهايم في علم الاجتماع من أهم أسس الإلحاد في العالم.. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم.

الجذور الفكرية والعقائدية:

نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية.

وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض، مستغلين حماقات الكنيسة(*) ومحاربتها للعلم، فجاءوا بثورة العلم ضد الكنيسة، وبالثورة(*) الفرنسية والداروينية والفرويدية، وبهذه الدعوات الهدامة للدين(*) والأخلاق(*) تفشى الإلحاد في الغرب، والهدف الشرير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كل دين على الأرض ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين!!

الانتشار وأماكن النفوذ :

انتشر الإلحاد أولاً في أوروبا، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا.. وبقاع من العالم.

وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه.. وأنشأت له مدارس وجمعيات.

وحاولت الشيوعية نشره في شتى أنحاء العالم عن طريق أحزابها. وإن سقوط الشيوعية في الوقت الحاضر ينبئ عن قرب سقوط الإلحاد – بإذن الله تعالى.

يوجد الآن في الهند جمعية تسمى جمعية النشر الإلحادية، وهي حديثة التكوين وتركز نشاطها في المناطق الإسلامية، ويرأسها جوزيف إيدا مارك، وكان مسيحيًّا من خطباء التنصير، ومعلماً في إحدى مدارس الأحد، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقد ألف في عام 1953م كتاباً يدعى: إنما عيسى بشر فغضبت عليه الكنيسة(*) وطردته فتزوج بامرأة هندوكية وبدأ نشطاه الإلحادي، وأصدر مجلة إلحادية باسم إيسكرا أي شرارة النار. ولما توقفت عمل مراسلاً لمجلة كيرالا شبدم أي صوت كيالا الأسبوعية. وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م ويعتبر أول من نالها في آسيا.

يتضح مما سبق :

أن الإلحاد(*) مذهب(*) فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق، ويعد أتباع العقلانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة، ويرى أن المادة(*) أزلية أبدية، وأنه لا يوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء فذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية(*) ولا بقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح. ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصته ولا تعني شيئاً، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه كافة القوانين الطبيعية(*) وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشاب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب الخبيث.


المنفعة
التعريف :

المنفعة مذهب(*) أخلاقي اجتماعي لا ديني، يجعل من نفع الفرد والمجتمع مقياساً للسلوك، وأن الخير الأسمى هو تحقيق أكبر سعادة لأكبر عدد من الناس.

وفي مجال الاقتصاد يقرر مذهب المنفعة أن قيمة السلعة تتوقف على قدر منفعتها وليس على نفقة العمل أو التكلفة.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

تأسس مذهب المنفعة في إنكلترا ومن أبرز شخصياته:

جيرمي بنتام 1748 – 1832م ويعد زعيم القائلين بمذهب المنفعة، ولد في لندن، وقدم نظريته في المنفعة في كتابه مقدمة لأصول الأخلاق والتشريع.

جون ستيوارت ميل 1806- 1873م وهو فيلسوف إنكليزي، ألف كتاب مذهب المنفعة ونادى بالحرية الفردية.

هربرت سبنسر 1820 – 1903م وهو فيلسوف إنكليزي قال بتطور الأنواع قبل دارون.

ج.أ. مور 1873 – 1958م وهو فيلسوف إنكليزي – ألف كتاب أصول الأخلاق وأدخل تعديلات على مذهب المنفعة إذ قبل الرأي القائل بأن صواب أي فعل من الأفعال يتوقف على النتائج الحسنة والسيئة التي تترتب عليه.

الأفكار والمعتقدات:

يعد مذهب المنفعة نظرية في الأخلاق(*)، طبعت أتباعها بطابع مميز.. إذ كان كل همهم الاهتمام بالحياة الدنيا والاغتراف من لذاتها.

ويمكن تلخيص أفكاره فيما يلي:

إن صواب أي عمل من الأعمال، إنما يحكم عليه بمقدار ما يسهم في زيادة السعادة الإنسانية أو في التقليل من شقاء الإنسان، بصرف النظر عن السداد الأخلاقي لقاعدة ما، أو مطابقتها للوحي(*) أو للسلطة أو للتقليد أو للحس الأخلاقي أو للضمير.

اللذة هي الشيء الوحيد الذي هو خير في ذاته، والألم هو الشيء الوحيد الذي هو شرٌّ في ذاته، والسعادة تشمل اللذة والتخلص من الألم، وإن رجحان كفة اللذة قد يعود هو نفسه فيصبح مصدراً للمزيد من اللذة.

يمكن دفع الناس إلى التصرف على نحو يؤدي إلى السعادة العامة من خلال ما يلي:

1- القانون بقصاصه، والرأي العام بجزاءاته من ثواب وعقاب، فهما يحولان بين الناس وبين أن يأتوا من الأعمال ما يضاد الصالح العام.

2- المنفعة الذاتية المستنيرة تدل الناس على أن الصالح العام ينطوي في أغلب الأحوال على منفعتهم الخاصة.

الجذور الفكرية والعقائدية:

إن لنظرية المنفعة جذور في الفكر اليوناني، وعند الفيلسوف أبيقور 342 – 270 ق.م بشكل خاص.

ويمكن في الوقت الحاضر أن نجد جذور مذهب(*) المنفعة عند كل من:

تومامس هوبز 1588 – 1679م الفيلسوف الإنكليزي الذي يرى أن كلمة خير يقصد بها الشهوة، وكلمة شر يقصد بها النفور.

وجون لوك 1632 – 1704م الفيلسوف الإنكليزي وفرنسيس هتشون 1694 – 1747م الفيلسوف الأيرلندي، ونظريته في الحس الأخلاقي تعبر في بعض جوانبها عن مذهب المنفعة إلا أنها ترتكز على الدين(*).

كما نجد جذور مذهب المنفعة أيضاً عند ديفيد هيوم 1711 – 1776م الفيلسوف الإنكليزي الذي يرى أنه لا شيء يؤثر في الفعل الإرادي غير اللذة والألم، وقد يكون التأثير مباشراً.

وعندما جاء جيرمي بنتام مؤسس مذهب المنفعة، استفاد من كل من سبقوه منتهياً إلى نظرية متكاملة، في رأيه، ومستخدماً إياها على أوسع نطاق.

يتضح مما سبق:
أن المنفعة فكرة فلسفية لا تلتزم بالأصول الدينية، إذ تقيس صواب العمل بمقدار ما يحققه من منفعة وسعادة بصرف النظر عن توافقه مع الأخلاق(*) أو مطابقته للدين، وترى أن كلَّ ما يُلزم به الدين، يمكن للقانون بقصاصه والرأي العام بجزاءاته أن يأتي به. ولا شك أن في هذا تجاوزاً يهدم أسس العقيدة ويحول المجتمعات إلى غابة تتصارع فيها المنافع بلا ضابط أو رابط.

ي ت ب ع

رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 10:02 PM   رقم المشاركة : 69
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الوضعية
التعريف :

المذهب(*) الوضعي مذهب فلسفي ملحد يرى أن المعرفة اليقينية هي معرفة الظواهر التي تقوم على الوقائع التجريبية، ولا سيما تلك التي يتيحها العلم التجريبي. وينطوي الذهب على إنكار وجود معرفة تتجاوز التجربة الحسية، ولاسيما فيما يتعلق بما وراء الماد وأسباب وجودها.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

تأسس المذهب الوضعي في فرنسا على يد الفيلسوف كونت ومعظم من جاء بعده طبَّق منهجه في العلم والمعرفة. ومن أبرز شخصيات المذهب:

أوغست كونت 1798 – 1857م وهو الفيلسوف الفرنسي المؤسس للمذهب، عمل أميناً للسر(سكرتيراً) للفيلسوف الاشتراكي(*) سان سيمون وبدأ بإلقاء محاضرات عن فلسفته الوضعية سنة 1826م، ثم أصيب بمرض عقلي وحاول الانتحار.. وقد نشر كتابه بعد ذلك تحت عنوان: محاضرات في الفلسفة(*) الوضعية بسط فيه نظريته في المعرفة والعلوم.

نادى بضرورة قيام دين(*) جديد هو الدين الوضعي يقوم على أساس عبادة الإنسانية كفكرة تحل محل الله – سبحانه وتعالى – في الأديان السماوية.

سان سيمون.. وهو فيلسوف فرنسي اشتراكي النزعة.. في كتابه مقال في علوم الإنسان سنة 1813م أطلق كلمة وضعي على العلوم القائمة على الوقائع القائمة على الوقائع الخاضعة للملاحظة والتحليل، والعلوم التي لم تؤسس على هذا النحو يسميها العلوم الظنية.

ريتشاد كونجريف.. وهو مفكر إنكليزي ناصر الوضعية واعتنق أفكارها.

زكي نجيب محمود وهو مفكر عربي مصري، تبع الفلسفة الوضعية الملحدة، وتبنى أفكارها.. وألف كتاب المنطق الوضعي.

أ‌.إير فيلسوف إنجليزي.

ب‌. برتراند راسل فيلسوف إنجليزي.

الأفكار والمعتقدات:

صاغ الفيلسوف الفرنسي كونت مبادئ وأفكار المذهب(*) الوضعي، ثم بلور من جاء بعده من الوضعيين هذه الأفكار وسار على منهجها العلمي.

* وهذه خلاصة لتلك الأفكار مع نقد المفكرين والفلاسفة لها:

* استحوذت على تفكير كونت فكرة التقدم الإنساني.

- وضع كونت قانون التقدم الإنساني، وهو قانون الحالات الثلاث الذي يتقدم العقل(*) البشري بمقتضاه من المرحلة اللاهوتية إلي المرحلة الميتافيزيقية ثم إلى المرحلة الوضعية الأخيرة.

وقد قسم كونت المرحلة اللاهوتية إلى ثلاث مراحل :

المرحلة الوثنية(*) – والمرحلة التعددية(*) – والمرحلة التوحيدية(*) وهي المرحلة الأخيرة التي بدأت بظهور النصرانية والإسلام.

والمرحلة الوضعية بدأت بالثورة(*) الفرنسية، وهي المرحلة التي تفسر الظواهر عن طريق الاستقرار القائم على الملاحظة.

* ويطبق كونت هذا القانون في التطور على جميع العلوم الإنسانية والاجتماعية مثل الحضارة والسياسة والفن والأخلاق(*).

• نقد القانون:

- وقد نقد طائفة من المفكرين قانون الحالات الثلاثة بما يلي:

1- يعتبر كونت أن الإنسانية كلٌّ لا يتجزأ وأنها خاضعة لقانون واحد بينما نجد أن هناك مجتمعات لا تسير في تطورها وتقدمها على نمط واحد في فهم وإدراك الظواهر.

2- يختلف الطريق الذي سلكه العقل الإنساني عن ذلك الذي حدده كونت ففي كثير من الأمور كان الفهم الوضعي للأمور يسير مع الفهم الديني أو الميتافيزيقي(*)؛ ففي مجال فهم الحقائق الرياضية والفلكية مثلاً أمور كانت تسير مع الفهم الديني قديماً. ولا تزال بعض المجتمعات تفسر الحقائق العلمية القائمة تفسيراً دينيًّا. على الرغم من أننا نجتاز حالياً المرحلة الوضعية في نظر كونت.

3- لا يستمد قانون المراحل الثلاث حقائقه من التاريخ، وإنما هو فكرة فلسفية اختار لها كونت مجتمعات معينة حاول تطبيقها عليها دون استقراء لتاريخ المجتمعات الإنسانية.

4- يفسر هذا القانون بأنه التقدم، بينما نجد الحضارة عبارة عن مستوى عام للحياة المادية(*) والروحية للمجتمع دون النظر إلى تقدمها أو تأخرها.

الجذور الفكرية والعقائدية:

لقد اعتبر فرنسيس بيكون 1561-1626م نفسه داعية للعلوم الجديدة، وهي العلوم التي كانت في طريقها إلى الانفصال عن الفلسفة (*) في القرنيين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. وربما عدّ بيكون بادئ الوضعية وواضع الاسم الذي سميت به في القرن التاسع عشر، ففي كتابه في المبادئ والأصول 1623م أطلق بيكون صفة وضعي على الحقائق الأولية التي يجب تقلبها إيماناً بصدق الخبرة.

وقد كان بيكون موضع تقدير كبير من الفلاسفة التجريبيين في القرن التاسع عشر في كل من إنكلترا وفرنسا. وأصبحت كلمة وضعي تطلق على مناهج العلوم الطبيعية، نظراً لاعتماد هذه المناهج على الملاحظة واستخدمها للتجربة، ولقد سبق بيان كيف أن سان سيمون الذي عمل كونت في خدمته، قد أطلق كلمة وضعي في كتابه مقال في علوم الإنسان على العلوم القائمة على الوقائع الخاضعة للملاحظة والتجريب.. وقد اقتبس كونت هذه الأفكار وأقام عليها نظريته وقانونه الوضعي.

الانتشار ومواقع النفوذ:

زحف المذهب الوضعي من فرنسا إلي إنكلترا، واعتنق بعض الفلاسفة مبادئ المذهب الوضعي. إلا أن بعض كبار المفكرين والفلاسفة رفضوا متابعة كونت في مفهوم دين(*) الإنسانية الذي وضعه، وبالرغم من ذلك فقد أُنشئت جمعيات وضعية في أجزاء مختلفة من العالم على غرار النموذج الذي أسسه كونت نفسه عام 1848م. وفي هذه الجمعيات كانت الإنسانية هي موضوع الشعائر الدينية، واتخذ من علم الاجتماع سنداً لمثل هذه الديانة الاجتماعية، وقويت هذه الحركة بصورة خاصة في أمريكا اللاتينية، ولكنها ازدهرت لعدة سنوات في إنكلترا…

وقد صدرت المجلة الوضعية التي أطلق عليها فيما بعد اسم الإنسانية من عام 1893م إلي عام 1925م. وقامت محاولات لإحياء الوضيعة في إنكلترا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، من خلال أعمال الفلاسفة الإنجليز إير وراسل.

يتضح مما سبق:
* أن المذهب(*) الوضعي مذهب فلسفي ملحد، يركز المعرفة اليقينية في الظواهر التجريبية، وينكر وجود معرفة مطلقة، ويقول إن التقدم بدأ في العلوم الطبيعية وبدأ ينتقل للعلوم الاجتماعية وأن العقل البشري يتقدم من المرحلة اللاهوتية الدينية إلي المرحلة الميتافيزيقية (*) لكي يصل في النهاية إلي المرحلة الوضعية التي هي قمة التخلي عن كل العقائد الدينية.وبذا تتضح مخاطر هذا المذهب على كل مسلم.

---------------------------------------------
المثالـية
التعريف :

المثالية مذهب(*) فلسفي يشمل جانباً كبيراً من المذاهب الميتافيزيقية(*) (ما بعد الطبيعة أو الغيبية) وهي اتجاه فلسفي يبحث عن مسألة الوجود (أوْ الانطولوجيا) في حين أن العقلانية اتجاه مذهبي يبحث في أصل المعرفة ويرد هذا الأصل إلى العقل فقط وينكر دور الحواس أو المعرفة القلبية أو المعرفة عن طريق الوحي(*)، وعكس العقلانية التجريبية وهذه الأخيرة تعتمد على التجربة الحسية فقط من دون العقل المجرد.

وعكس المثالية "المادية"(*). والمثالية تعطي الأولوية في الوجود للروح على أن يكون وجود المادة ثانوياً في حين أن المادية (*) تعطي الأولوية في الوجود للمادة، على أن تكون الروح انعكاساً للمادة وظلاً لها.

وتقترب المثالية كثيراً من الفلسفة لأنها تبلور مباحث الفلسفة الثلاثة الرئيسية: الحق والخير والجمال.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

ظهرت المثالية في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن أبرز الفلاسفة الذين أثروا في المذهب، وكان لهم تأثير كبير في مجرى الفكر الأوروبي عامة:

جورج باركلي 1685 – 1753م وهو راهب(*) أيرلندي، كان على جانب كبير من النشاط والجاذبية الفطرية والقدرة على الإقناع ويعد المؤسس الحقيقي للمثالية، وكانت أفكاره ذات تأثير كبير فيمن جاء بعده من المفكرين والفلاسفة.

عمانوئيل كانت 1724 – 1804م وهو فيلسوف ألماني، ألف كتباً مشهورة أهمها نقد العقل(*) الخالص ونقد العقل العملي، وكان يعتقد أن هناك حجة أخلاقية كافية للبرهان على وجود الله هي القانون الأخلاقي.

جوهان فيشته 1762 – 1814م وهو فيلسوف ألماني، درس اللاهوت والفلسفة وتتلمذ على يد كانت وكان لخطبه الشهيرة في برلين بين عامي 1807 – 1808م عميق الأثر في إحياء بروسيا بعد هزائمها على يد نابليون بونابرت القائد الفرنسي الشهير.

جورج فلهلم هيجل 1770 – 1831م وهو فيلسوف ألماني كان من أكبر الفلاسفة تأثيراً في فلسفات(*) عدة مثل الوجودية والماركسية والذرائعية في مجال الديالكتيك (الجدل)(*) وكان يعتقد أن الوجود المادي مظهر للروح.

آرثر شوبنهور 1788 – 1860م وهو فيلسوف ألماني، تأثر كثيراً بفلسفة أفلاطون المثالية وكانت من كتبه العالم إرادة وفكرة وقد تأثر بالبوذية، لكنه لم يقبل مذهب(*) تناسخ الأرواح(*).

ت.هـ. جرين 1836 – 1924م وهو فيلسوف إنجليزي، أثر تأثيراً كبيراً في أكسفورد، واهتم بشكل خاص بالربط بين المثالية والنصرانية وبين المثالية والأفكار السياسية الحرة.

ف.هـ. برادلي 1846 – 1924م وهو فيلسوف إنجليزي، قال بأنه ينبغي علينا افتراض وجود مطلق يجاوز نطاق الفكر.

الأفكار والمعتقدات :

إن جوهر الحقيقة روحي، والروح لا تستطيع أن تدرك نفسها إلا في علاقتها بعنصر مادي موضوعي، وهذا هو علة وجود المادة أو كما قال هيجل: "الماد مظهر تتبدَّى به الروح".

إن الأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة.

إن الأشياء المادية المحسوسة ليست سوى مجموعات من الأفكار على حد تعبير باركلي أو من المعطيات الحسية على حد تعبير من جاءوا بعده. وإننا لا نستطيع أن نتصور الصفات التي ننسبها إلى الأشياء المادية مجردة من تجربتنا الحسية لها.

إن الأشياء الطبيعية التي لا يدركها الإنسان موجودة في علم الله، (باركلي).

إن معرفتنا مقتصر على الظواهر، ولا نستطيع معرفة الأشياء في ذاتها، كانت.

ترى المثالية أن الشر شيء عارض وعابر في الحياة؛ والأدب المثالي يحاول الكشف دائماً عن الطبيعة الخيرة والجميلة للإنسان.

الجذور الفكرية والعقائدية:

مؤسس المثالية جورج باركلي الفيلسوف الأيرلندي كان راهباً(*) عاش طوال حياته متشبعاً بالفكر الديني مولعاً بالفلسفة والفكر اللاهوتي، ومدافعاً عن الإيمان الديني والإدراك الفطري السليم. فضلاً عن محاولته وهو في منتصف عمره، إقامة جامعة لتخريج مبشرين بالنصرانية.

هذه الجذور الدينية العميقة كان لها أكبر الأثر في توجهه الفلسفي نحو القول بالمثالية. وأنه لا حقيقة إلا للروح ولخالقها، الله – تعالى- وأن الوجود المادي وجود ظاهري يحس به الإنسان ويدركه بعقله فقط. ويظهر الأثر المباشر لآراء باركلي في الفيلسوف كانت الألماني.

الانتشار ومواقع النفوذ :

انتشرت المثالية في أوروبا عامة وألمانيا بصفة خاصة.

يتضح مما سبق :

أن المثالية مذهب(*) فلسفي، يرى أن العقل(*) هو أساس المعرفة وأنه هو الحقيقة النهائية، فالمادة مظهر تتبدّى فيه الروح، والأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة، كما يقول المذهب النقدي عند الفيلسوف كانت.
رد مع اقتباس
قديم 04-08-2011, 10:03 PM   رقم المشاركة : 70
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الوجوديـة



التعريف :

الوجودية اتجاه فلسفي يغلو في قيمة الإنسان ويبالغ في التأكيد على تفرده وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه. وهي فلسفة عن الذات أكثر منها فلسفة(*) عن الموضوع. وتعتبر جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة التي تتعلق بالحياة والموت والمعاناة والألم، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم. ونظراً لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

يرى رجال الفكر الغربي أن سورين كيركجورد 1813 – 1855م هو مؤسس المدرسة الوجودية. ومن مؤلفاته: رهبة واضطراب.

أشهر زعمائها المعاصرين: جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المولود سنة 1905م وهو ملحد ويناصر الصهيونية له عدة كتب وروايات تمثل مذهبه(*) منها: الوجودية مذهب إنساني، الوجود والعدم، الغثيان، الذباب، الباب المغلق.

ومن رجالها كذلك: القس كبرييل مارسيل وهو يعتقد أنه لا تناقض بين الوجودية والنصرانية.

كارل جاسبرز : فيلسوف ألماني.

بسكال بليز : مفكر وفيلسوف فرنسي.

وفي روسيا: بيرد يائيف، شيسوف، سولوفييف.

الأفكار والمعتقدات:

يكفرون بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الأديان(*) ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل. وقد اتخذوا الإلحاد مبدأ ووصلوا إلى ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة.

يعاني الوجوديون من إحساس أليم بالضيق والقلق واليأس والشعور بالسقوط والإحباط لأن الوجودية لا تمنح شيئاً ثابتاً يساعد على التماسك والإيمان وتعتبر الإنسان قد أُلقي به في هذا العالم وسط مخاطر تؤدي به إلى الفناء.

يؤمنون إيماناً مطلقاً بالوجود الإنساني وتخذونه منطلقاً لكل فكرة.

يعتقدون بأن الإنسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً وأن وجود الإنسان سابق لماهيته.

يعتقدون أن الأديان والنظريات الفلسفية التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مشكلة الإنسان.

يقولون: إنهم يعملون لإعادة الاعتبار الكلي للإنسان ومراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره.

يقولون بحرية الإنسان المطلقة وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه يريد دون أن يقيده شيء.

يقولون: إن على الإنسان أن يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت أم اجتماعية أم فلسفية أم منطقية.

يقول المؤمنون منهم إن الدين(*) محله الضمير أمَّا الحياة بما فيها فمقودة لإرادة الشخص المطلقة.

لا يؤمنون بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه إنما كل إنسان يفعل ما يريد وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً معينة على الآخرين.

أدى فكرهم إلى شيوع الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية والتحلل والفساد.

رغم كل ما أعطوه للإنسان فإن فكرهم يتسم بالانطوائية الاجتماعية والانهزامية في مواجهة المشكلات المتنوعة.

الوجودي الحق عندهم هو الذي لا يقبل توجيهاً من الخارج إنما يسيِّر نفسه بنفسه ويلبي نداء شهواته وغرائزه دون قيود ولا حدود.

لها الآن مدرستان: واحدة مؤمنة والأخرى ملحدة وهي التي بيدها القيادة وهي المقصودة بمفهوم الوجودية المتداول على الألسنة فالوجودية إذاً قائمة على الإلحاد.

الوجودية في مفهومها تمرد على الواقع التاريخي وحرب على التراث الضخم الذي خلفته الإنسانية.

تمثل الوجودية اليوم واجهة من واجهات الصهيونية الكثيرة التي تعمل من خلالها وذلك بما تبثُّه من هدم للقيم والعقائد والأديان.

الجذور الفكرية والعقائدية:

إن الوجودية جاءت كردِّ فعل على تسلط الكنيسة(*) وتحكمها في الإنسان بشكل متعسف باسم الدين(*).

تأثرت بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت النهضة الأوروبية ورفضت الدين والكنيسة.

تأثرت بسقراط الذي وضع قاعدة "اعرف نفسك بنفسك".

تأثروا بالرواقيين(*) الذين فرضوا سيادة النفس.

كما تأثروا بمختلف الحركات الداعية إلى الإلحاد والإباحية.

الانتشار ومواقع النفوذ:

ظهرت في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ثم انتشرت في فرنسا وإيطاليا وغيرهما. وقد اتخذت من بشاعة الحروب وخطورتها على الإنسان مبرراً للانتشار السريع. وترى حرية الإنسان في عمل أي شيء متحللاً من كل الضوابط. وهذا المذهب يعد اتجاهاً إلحاديًّا يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية.

انتشرت أفكارهم المنحرفة المتحللة بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها حيث أدت إلى الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان.

ويتضح مما سبق:

أن الوجودية اتجاه إلحادي(*) يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية من الأديان وقيمها الأخلاقية. وتختلف نظرة الإسلام تماماً عن نظرية الوجودية حيث يقرر الإسلام أن هناك وجوداً زمنياً بمعنى عالم الشهادة ووجوداً أبديًّا بمعنى عالم الغيب. والموت في نظر الإسلام هو النهاية الطبيعية للوجود الزمني ثم يكون البعث والحساب والجزاء والعقاب.

أما الفلسفة الوجودية فلا تسلم بوجود الروح ولا القوى الغيبية وتقوم على أساس القول بالعدمية والتعطيل فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار.


الفرويديـة
التعريف :

الفرويدية مدرسة في التحليل النفسي أسسها اليهودي سيجموند فرويد Sigmund Freud وهي تفسر السلوك الإنساني تفسيراً جنسيًّا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شيء. كما أنها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الإشباع الجنسي مما يورث الإنسان عقداً وأمراضاً نفسية.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

المؤسس وحياته:

ولد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856م في مدينة فريبورج بمقاطعة مورافيا بتشيكوسلوفاكيا الحالية من والديْن يهوديين.

استقرت أسرة أبيه في كولونيا بألمانيا زمناً طويلاً.

ولدت أمه بمدينة برودي في الجزء الشمالي من غاليسيا ولما شبت تزوجت من جاكوب فرويد والد سيجموند فرويد حيث أنجبت له سبعة أبناء.

وغاليسيا مدينة ببولندا جاء منها والد فرويد وكانت معقلاً رئيسيًّا ليهود شرق أوروبا، وبسبب ظروف الشغب رحلت الأسرة إلى برسلاو بألمانيا وعمر سيجموند حينها ثلاث سنوات، ثم رحلوا مرة أخرى إلى فيينا حيث أمضى معظم حياته وبقي فيها إلى سنة 1938م حيث غادرها إلى لندن ليقضي أيامه الأخيرة فيها مصاباً بسرطان في خده وقد أدركته الوفاة في 23 سبتمبر 1939م.

تلقى تربيته الأولى وهو صغير على يدي مربية كاثوليكية دميمة عجوز متشددة كانت تصحبه معها أحياناً إلى الكنيسة(*) مما شكل عنده عقدة ضدّ المسيحية(*) فيما بعد.

نشأ يهوديًّا، وأصدقاؤه من غير اليهود نادرين إذ كان لا يأنس لغير اليهود ولا يطمئن إليهم.

دخل الجامعة عام 1873م وعقَّب على ذلك بأنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يشعر بالدونية والخجل من يهوديته. لكن هذا الشعور الموهوم بالاضطهاد ظل يلاحقه على الرغم من احتلاله أرقى المناصب.

في سنة 1885م غادر فيينا إلى باريس وتتلمذ على شاركوت Charcot مدة عام حيث كان أستاذه هذا يقوم بالتنويم المغناطيسي لمعالجة الهستيريا وقد أعجب فرويد به عندما أكَّد له بأنه في حالة من حالات الأمراض العصبية لا بد من وجود اضطراب في الحياة الجنسية للمريض.

أخذ يتعاون مع جوزيف بروير 1842 – 1925م وهو طبيب نمساوي صديق لفرويد، وهو فيزيولوجي في الأصل لكنه انتقل إلى العمل الطبي إذ كان ممن يستعملون التنويم المغناطيسي أيضاً.

بدأ الاثنان باستعمال طريقة التحدث مع المرضى فنجحا بعض النجاح ونشرا أبحاثهما في عامي 1893 و1895م وصارت طريقتهما مزيجاً من التنويم والتحدث، ولم يمض وقت طويل حتى انصرف بروير عن الطريق كلها.

تابع فرويد عمله تاركاً طريقة التنويم معتمداً على طريقة التحدث طالباً من المريض أن يضطجع ويتحدث مفصحاً عن كل خواطره، وسماها طريقة (الترابط الحر) سالكاً طريق رفع الرقابة عن الأفكار والذكريات، وقد نجحت طريقته هذه أكثر من الطريقة الأولى.

أخذ يطلب من مريضه أن يسرد عليه حلمه الذي شاهده في الليلة الماضية، مستفيداً منه في التحليل، وقد وضع كتاب تفسير الأحلام الذي نشره سنة 1900م، ثم كتاب علم النفس المرضي للحياة اليومية ثم توالت كتبه وصار للتحليل النفسي مدرسة سيكولوجية صريحة منذ ذلك الحين.

انضم عام 1895م إلى جمعية بناي برث أي أبناء العهد، وكان حينها في التاسعة والثلاثين من عمره، وهذه الجمعية لا تقبل بين أعضائها غير اليهود.

كان يعرف تيودور هرتزل الذي ولد عام 1860م، كما سعيا معاً لتحقيق أفكار واحدة لخدمة الصهيونية التي ينتميان إليها، مثل فكرة معاداة السامية التي ينشرها هرتزل سياسيًّا، ويحللها فرويد نفسيًّا.

من أصحابه وتلاميذه:

لارنست جونز، مؤرخ السيرة الفرويدية، مسيحي(*) مولداً، ملحد فكراً، يهودي شعوراً ووجداناً، حتى إنهم خلعوا عليه لقب: اليهودي الفخري.

أوتو رانك 1884 – 1939م قام بوضع نظرية تقوم أساساً على أفكار فرويد الأصلية مع شيء من التعديل الهام.

الفرِد آدلر: ولد في فيينا 1870 – 1937م، وقد انضم إلى جماعة فرويد مبكراً لكنه افترق عنه بعد ذلك مؤسساً مدرسة سماها مدرسة علم النفس الفردي مستبدلاً بالدوافع الجنسية عند فرويد عدداً من الدوافع الاجتماعية مع التأكيد على الإرادة القوية والمجهودات الشعورية.

كارل جوستاف يونج 1875 – 1961م ولد في زيوريخ، وهو مسيحي(*)، نصَّبه فرويد رئيساً للجمعية العالمية للتحليل النفسي، لكنه خرج على أستاذه معتقداً بأن هذه المدرسة التحليلية ذات جانب واحد وغير ناضجة، وكان لخروجه أثر بالغ على فرويد. وضع نظرية السيكولوجيا التحليلية مشيراً إلى وجود قوة دافعة أكبر هي طاقة الحياة مؤكداً على دور الخبرات اللاشعورية المتصلة بالعِرق أو العنصر.

الفرويديون المحدثون:

حدث انسلاخ كبير عن الفرويدية الأصلية، وذلك عندما تكونت الفرويدية الحديثة التي كان مركزها مدرسة واشنطن للطب العقلي، وكذلك معهد إليام ألانسون هوايت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مدرسة تتميز بالتأكيد على العوامل الاجتماعية معتقدة أن ملامح الإنسان الأساسية إيجابية، وهم يلحّون على نقل التحليل النفسي إلى علم الاجتماع للبحث عن أصول الحوافز البشرية في تلبية مطالب الوضع الاجتماعي، ومن أبرز شخصياتهم:

أريك فروم: ظهر بين 1941 – 1947م. كان ينظر إلى الإنسان على أنه مخلوق اجتماعي بالدرجة الأولى بينما ينظر إليه فرويد على أنه مخلوق مكتفٍ بذاته، تحركه عوامل غريزية.

كارن هروني: استعملت طريقة فرويد خمسة عشر عاماً في أوروبا وأمريكا إلا أنها أعادت النظر فيها إذ وضعت نظرية جديدة تحرر فيها التطبيق العلاجي من كثير من القيود التي تفرضها النظرية الفرويدية.

وعلى الرغم من ذلك فإن الفرويديين المحدثين ما يزالون متمسكين بأشياء كثيرة من نظرية فرويد الأصلية مثل:
1- أهمية القوى الانفعالية بوصفها مضادة للدفع العقلي والارتكاسات الاشتراطية وتكوين العادات.
2- التداعي اللاشعوري.
3- الكبت والمقاومة وأهمية ذك في التحليل أثناء العلاج.
4- الاهتمام بالنزاعات الداخلية وأثرها على التكوين النفسي.
5- التأثير المستمر للخبرات الطفولية المبكرة.
6- طريقة التداعي الحر، وتحليل الأحلام، واستعمال حقيقة النقل.

الأفكار والمعتقدات:

الأسس النظرية:

الأسس الثلاثة التي تركز عليها المدرسة التحليلية هي: الجنس – الطفولة – الكبت. فهي مفاتيح السيكولوجية الفرويدية.

نظرية الكبت: هي دعامة نظرية التحليل النفسي وهي أهم قسم فيه إذ إنه لا بد من الرجوع إلى الطفولة المبكرة وإلى الهجمات الخيالية التي يراد بها إخفاء فاعليات العشق الذاتي أيام الطفولة الأولى إذ تظهر كل الحياة الجنسية للطفل من وراء هذه الخيالات.

يعتبر فرويد مص الأصابع لدى الطفل نوعاً من السرور الجنسي الفمي ومثل ذلك عض الأشياء، فيما يعد التغوط والتبول نوعاً من السرور الجنسي الأستي كما أن الحركات المنتظمة للرجلين واليدين عند الطفل إنما هي تعبيرات جنسية طفولية.

اللبيدو Libido طاقة جنسية أو جوع جنسي، وهي نظرية تعتمد على أساس التكوين البيولوجي للإنسان الذي تعتبره حيواناً بشرياً فهو يرى أن كل ما نصرح بحبه أو حب القيام به في أحاديثنا الدارجة يقع ضمن دائرة الدافع الجنسي. فالجنس عنده هو النشاط الذي يستهدف اللذة وهو يلازم الفرد منذ مولده إذ يصبح الأداة الرئيسية التي تربط الطفل بالعالم الخارجي في استجابته لمنبهاته.

الدفع: يقول بأن كل سلوك مدفوع، فإلى جانب الأفعال الإرادية التي توجهها الدوافع والتمنيات هناك الأفعال غير الإرادية أو العارضة. فكل هفوة مثلاً ترضي تمنياً وكل نسيان دافعه رغبة في إبعاد ذلك الشيء.

الشلل أو العمى لديه قد يكون سببه الهروب من حالة صعبة يعجز الإنسان عن تحقيقها، وهذا يسمى انقلاب الرغبة إلى عرض جسدي.

الحلم عنده هو انحراف عن الرغبة الأصلية المستكنة في أعماق النفس وهي رغبة مكبوتة يقاومها صاحبها في مستوى الشعور ويعيدها إلى اللاشعور، وأثناء النوم عندما تضعف الرقابة تأخذ طريقها باحثة لها عن مخرج.

يتكلم فرويد عن تطبيق مبدأين هما اللذة والواقع، فالإنسان يتجه بطبيعته نحو مبدأ اللذة العاجلة لمباشرة الرغبة لكنه يواجه بحقائق الطبيعة المحيطة به فيتجنب هذه اللذة التي تجلب له آلاماً أكبر منها أو يؤجل تحقيقها.

يفترض فرويد وجود غريزتين ينطوي فيهما كل ما يصدر عن الإنسان من سلوك وهما غريزة الحياة وغريزة الموت. غريزة الحياة تتضمن مفهوم اللبيدو وجزءً من غريزة حفظ الذات، أما غريزة الموت فتمثل نظرية العدوان والهدم موجهة أساساً إلى الذات ثم تنتقل إلى الآخرين.

الحرب لديه إنما هي محاولة جماعية للإبقاء على الذات نفسياً، والذي لا يحارب إنما يعرض نفسه لاتجاه العدوان إلى الداخل فيفني نفسه بالصراعات الداخلية، فالأولى به أن يفني غيره إذن، والانتحار هو مثل واضح لفشل الفرد في حفظ حياته. وهذا المفهوم إنما يعطي تبريراً يريح ضمائر اليهود أصحاب السلوك العدواني المدمر.

اللاشعور: هو مستودع الدوافع البدائية الجنسية وهو مقر الرغبات والحاجات الانفعالية المكبوتة التي تظهر في عثرات اللسان والأخطاء الصغيرة والهفوات وأثناء بعض المظاهر الغامضة لسلوك الإنسان. إنه مستودع ذو قوة ميكانيكية دافعة وليس مجرد مكان تلقى إليه الأفكار والذكريات غير الهامة.

الـ (هو): مجموعة من الدوافع الغريزية الموجودة لدى الطفل عند ولادته التي تحتاج إلى الشعور الموجه، وهي غرائز يشترك فيها الجنس البشري بكافة. إنها باطن النفس، وقد نتجت عن (الأنا) إلا أنها تبقى ممزوجة بها في الأعماق أي حينما تكون (الأنا) لا شعورية، وهي تشمل القوى الغريزية الدافعة، فإذا ما كبتت هذه الرغبات فإنها تعود إلى الـ (هو) (Ego).

(الأنا): بعد قليل من ميلاد الطفل يزداد شعوراً بالواقع الخارجي فينفصل جزء من مجموعة الدوافع الـ (هي) لتصبح ذاتاً ووظيفتها الرئيسية هي اختيار الواقع حتى يستطيع الطفل بذلك تحويل استجاباته إلى سلوك منظم يرتبط بحقائق الواقع ومقتضياته، إنها ظاهرة النفس التي ترتبط بالمحيط.

(الأنا العليا): هي الضمير الذي يوجه سلوك الفرد والجانب الأكبر منه لا شعوري وهو ما نسميه بالضمير أو الوجدان الأخلاقي، لها زواجر وأوامر تفرضها على (الأنا)، وهي سمة خاصة بالإنسان، إذ إنها أمور حتمية صادرة من العالم الداخلي.

النقل: وهي أن المريض قد ينقل حبَّه أو بغضه المكبوت في أعماق الذكريات إلى الطبيب مثلاً خلال عملية المعالجة. وقد تعرض بروير لحب واحدة من اللواتي كان يعالجهن إذ نقلت عواطفها المكبوتة إليه، فكان ذلك سبباً في انصرافه عن هذه الطريقة بينما تابع فرويد عمله بمعالجة الواحدة منهن بنقل عواطفها مرة أخرى والوصول بها إلى الواقع.

استفاد كثيراً من عقدة أوديب تلك الأسطورة التي تقول بأن شخصاً قد قتل أباه وتزوج أمه وأنجب منها وهو لا دري. ولما علم بحقيقة ما فعل سمل عينيه، فقد استغلها فرويد في إسقاطات نفسية كثيرة واعتبرها مركزاً لتحليلاته المختلفة.

شخصية الإنسان هي حصيلة صراع بين قوى ثلاث: دوافع غريزية، واقع خارجي، ضمير، وهي أمور رئيسية تتحدد بشكل ثابت بانتهاء الموقف الأوديبي حوالي السنة الخامسة أو السادسة من العمر.

الآثار السلبية للفرويدية:

لم ترد في كتب وتحليلات فرويد أية دعوة صريحة إلى الانحلال – كما يتبادر إلى الذهن – وإنما كانت هناك إيماءات تحليلية كثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية تدعو إلى ذلك. وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغري الناس بالتحلل من القيم وييسر لهم سبله بعيداً عن تعذيب الضمير.

كان يتظاهر بالإلحاد ليعطي لتفكيره روحاً علمانية، ولكنه على الرغم من ذلك كان غارقاً في يهوديته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.

كان يناقش فكرة معاداة السامية وهي ظاهرة كراهية اليهود، هذه النغمة التي يعزف اليهود عليها لاستدرار العطف عليهم، وقد ردّ هذه الظاهرة نفسياً إلى اللاشعور وذلك لعدة أسباب:

1- غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم أكبر أبناء الله وآثرهم عنده حاشا لله.

2- تمسّك اليهود بطقس الختان الذي ينبه لدى الشعوب الأخرى خوف الخصاء ويقصد بذلك النصارى لأنهم لا يختتنون.

3- كراهية الشعوب لليهود هو في الأصل كراهية للنصارى المسيحيين(*)، وذلك عن طريق النقل إذ أن الشعوب التي تُنزِل الاضطهاد النازي باليهود إنما كانت شعوباً وثنية(*) في الأصل، ثم تحولت إلى النصرانية بالقوة الدموية، فصارت هذه الشعوب بعد ذلك حاقدة على النصرانية لكنها بعد أن توحدت معها نقلت الحقد إلى الأصل الذي تعتمد عليه النصرانية ألا وهو اليهودية.

يركن إلى إشباع الرغبة الجنسية، وذلك لأن الإنسان صاحب الطاقة الجنسية القوية والذي لا تسمح له النصرانية إلا بزوجة واحدة؛ إما أن يرفض قيود المدنية ويتحرر منها بإشباع رغباته الجنسية وإما أن يكون ذا طبيعة ضعيفة لا يستطيع الخروج على هذه القيود فيسقط صاحبها فريسة للمرض النفسي ونهباً للعقد النفسية.

يقول بأن الامتناع عن الاتصال الجنسي قبل الزواج قد يؤدي إلى تعطيل الغرائز عند الزواج.

عقد فصلاً عن تحريم العذرة وقال بأنها تحمل مشكلات وأمراضاً لكلا الطرفين، واستدل على ذلك بأن بعض الأقوام البدائية كانت تقوم بإسناد أمر فض البكارة لشخص آخر غير الزوج، وذلك ضمن احتفال وطقس رسمي.

لقد برَّر عشق المحارم لأن اليهود أكثر الشعوب ممارسة له بسبب انغلاق مجتمعهم الذي يحرم الزواج على أفراده خارج دائرة اليهود، وهو يرجع هذا التحريم إلى قيود شديدة كانت تغل الروح وتعطلها، وهو بذلك يساعد اليهود أولاً على التحرر من مشاعر الخطيئة كما يسهل للآخرين اقتحام هذا الباب الخطير بإسقاط كل التحريمات واعتبارها قيوداً وأغلالاً وهمية. وقد استغل اليهود هذه النظرية وقاموا بإنتاج عدد من الأفلام الجنسية الفاضحة التي تعرض نماذج من الزنى بالمحارم.

لم يعتبر التصعيد أو الإعلاء – كما يسميه – إلا طريقاً ضعيفاً للتخلص من ضغط الدافع الجنسي إذ أن هذا الطريق لن يتيسر خلال مرحلة الشباب إلا لقلَّة ضئيلة من الناس وفي فترات متقطعة وبأكبر قدر من العنت والمشقَّة ، أما الباقون – وهم الغالبية العظمى – فليس أمامهم إلا المرض النفسي يقعون صرعاه. كما أن أصحاب التصعيد هؤلاء إنما هم ضعاف يضيعون في زحمة الجماهير التي تنزع إلى السير بإرادة مسلوبة وراء زعامة الأقوياء.

في كفاحه ضد القيود، والأوامر العليا الموجهة إلى النفس، صار إلى محاربة الدين(*) واعتباره لوناً من العصاب النفسي الوسواسي.

تطورت فكرة الألوهية لديه على النحو التالي:

1- كان الأب هو السيد الذي يملك كل الإناث في القبيلة ويحرمها على ذكورها.

2- قام الأبناء بقتل الأب، ثم التهموا جزءً نيئاً من لحمه للتوحد معه لأنهم يحبونه.

3- صار هذا الأب موضع تبجيل وتقدير باعتباره أباهم أصلاً.

4- ومن ثم اختاروا حيواناً مرهوباً لينقلوا إليه هذا التبجيل فكان الحيوان هو الطوطم(*).

5- الطوطمية أول صورة للدين في التاريخ البشري.

6- كانت الخطوة الأولى بعد ذلك هي التطوُّر نحو الإله(*) الفرد، فتطورت معها فكرة الموت الذي صار بهذا الاعتبار خطوة إلى حياة أخرى يلقى الإنسان فيها جزاء ما قدم.

7- الله – إذن – هو بديل الأب أو بعبارة أصح هو أب عظيم، أو هو صورة الأب كما عرفها المرء في طفولته.

نخلص من هذا إلى أن العقائد الدينية – في نظره – أوهام لا دليل عليها، فبعضها بعيد عن الاحتمال ولا يتفق مع حقائق الحياة، وهي تقارن بالهذيان، ومعظمها لا يمكن التحقق من صحته، ولابدّ من مجيء اليوم الذي يصغي فيه الإنسان لصوت العقل(*).

حديثه عن الكبت فيه إيحاءات قوية وصارخة بأن الوقاية منه تكمن في الانطلاق والتحرر من كل القيود، كما يحرم الإدانة الخلقية على أي عمل يأتيه المريض مركِّزاً على الآثار النفسية المترتبة على هذه الإدانة في توريثه العقد المختلفة مما يحرفه عن السلوك السوي.

مما ساعد على انتشار أفكاره ما يلي:

1- الفكر الدارويني الذي أرجع الإنسان إلى أصول حيوانية مادية.

2- الاتجاه العقلاني الذي ساد أوروبا حينذاك.

3- الفكر العلماني الذي صبغ الحياة بثورته ضد الكنيسة (*) أولاً وضد المفاهيم الدينية ثانياً.

4- اليهود الذين قدَّموا فكرة للإنسانية باستخدام مختلف الوسائل الإعلامية بغية نشر الرذيلة والفساد وتسهيل ذلك على ضمير البشرية ليسهل عليهم قيادة هذه الرعاع من الشعوب اللاهثة وراء الجنس، المتحللة من كل القيود والقيم.

من أكبر الآثار المدمرة لآراء فرويد، أن الإنسان حين كان يقع في الإثم كان يشعر بالذنب وتأنيب الضمير، فجاء فرويد ليريحه من ذلك، ويوهمه بأنه يقوم بعمل طبيعي لا غبار عليه، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى توبة، وبذلك أضفى على الفساد صفة أخلاقية إذا صح التعبير.

ألَّف نحو ثلاثين كتاباً في الدراسات النفسية من أشهرها: الذات والذات السفلى والطواطم(*) والمحرمات وتفسير الأحلام، وثلاث مقالات في النظرية الحسية والأمراض النفسية المنتشرة في الحياة اليومية. وكلها تدور – من زوايا مختلفة- حول موضوع واحد مكرر فيها جميعاً هو التفسير الجنسي للسلوك البشري.

الجذور الفكرية والعقائدية:

لقد دخل التنويم المغناطيسي إلى حقل العلم والطب على يد مسمر Mesmer 1780م إلا أنه قد مزج بكثير من الدجل مما نزع بالأطباء إلى أن ينصرفوا عنه انصرافاً دام حتى أيام مدرستي باريس ونانسي.

لقد كان الدكتور شاركوت Charcot 1825 – 1893م أبرز شخصيات مدرسة باريس، إذ كان يعالج المصابين بالهستيريا عن طريق التنويم المغناطيسي(*).

من تلاميذ شاركوت بيير جانه Pierr Janet الذي اهتم بالأفعال العصبية غير الشعورية والتي سماها الآليات العقلية.

ساهمت مدرسة نانسي بفرنسا في التنويم المغناطيسي المعتدل وقالت إنه أمر يمكن أن يحدث لكل الأسوياء، ذلك لأنه ليس إلا حالة انفعال وتلقٍّ منشؤها الإيحاء، وقد استعملته هذه المدرسة في معالجة الحالات العصبية.

أما فرويد فقد أخذ الأسس النظرية ممن سبقه، وأدخل أفكاره في تحليل التنويم المغناطيسي باستخدام طريقة التداعي الحرّ. لكن لهذا الوجه العلميِّ الظاهر وجه آخر هو التراث اليهودي الذي استوحاه فرويد واستخلص منه معظم نظرياته التي قدمها للبشرية خدمة لأهداف صهيون.

الانتشار ومواقع النفوذ:

بدأت هذه الحركة في فيينا، وانتقلت إلى سويسرا، ومن ثم عمت أوروبا، وصارت لها مدارس في أمريكا.

وقد حملت الأيام هذه النظرية إلى العالم كله عن طريق الطلاب الذين يذهبون إلى هناك ويعودون لنشرها في بلادهم.

تلاقي هذه الحركة اعتراضات قوية من عدد من علماء النفس الغربيين اليوم.

ويتضح مما سبق:

أن الفرويدية تدعو إلى التحرر من كل القيود لأنها تسبب العقد النفسية والاضطرابات العصبية، وبذلك تريد للمجتمع أن يكون بلا دين(*) ولا أخلاق (*) ولا تقاليد فتتسع هوة الرذيلة والفساد وتسهل لليهود السيطرة على الشعوب المتحللة خدمة لأهداف الصهيونية. وبطبيعة الحال فإنها تنادي بأن الدين الذي يضع الضوابط لطاقة الجنس لا يستحق الإتباع ولا يستوجب الاحترام.

ي ت ب ع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اكبر موسوعه برامج دينية محمد قطيش مواضيع وبرامج دينية عامة 18 04-21-2023 02:20 PM
مكتبة دينية مفيدة marj مواضيع وبرامج دينية عامة 1 11-22-2014 02:41 PM
قناة دينية جديد النايل سات عماد العراقي منتدى الترددات والقنوات الفضائية 3 02-01-2014 12:03 AM
iraq نغمات دينية - نغمات اسلامية - ادعية دينية - دعاء اسلامي - تحميل نغمات ادعية دينية منيب الشبول منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 3 08-18-2010 05:42 AM
رنة موبايل دينية :: اجعلها على موبايلك abu.kaled منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 0 03-23-2010 10:46 PM


الساعة الآن 07:48 PM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.