قال ابن القيم : الشيطان يَشُمّ قلب العبد ويَخْتَبِرَه .
فإن الشيطان يشم القلوب وينظر في مداخلها ويتحسس ثغراتها ومناطق ضعفها .
فلكل قلب ثغرة ، ولكل شخص – غالباً – شهوة ، يَضعُف أمامها ،
فتزيد الحاجة إلى قوّة المدافَعَة ، وإلى شدّة الحرص ، وإلى مزيد من اليَقَظَـة .
فاحرص رعاك الله على إغلاق المنافذ حتى لا يدخل فيروس الشيطان ! ،
وعلى اليقظة والحرص حتى لا يكون لهجماته المرتدّة أثَــر ، فاجعل الذِّكْر حارَس قلبِك ،
حتى يَخنس إبليس ويَضْعف ، ولا يوسوس . واجعل الاستغفار الضربة القاضية على إبليس ،
حيث أخبَر أنه أهلكه الاستغفار ، كما في بعض الآثار .
واجعل السجود فَـرَح قلبِك بالانتصار ، وبُـكـاء إبليس بالهزيمة والفِرار !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فَسَجَدَ ، اعتزل الشيطان يبكي ،
يقول : يا ويله - وفي رواية : يا ويلي – أَمِـرَ ابن آدم بالسجود فَسَجَدَ ، فَلَهُ الجنة ،
وأمِـرْت بالسجود فَأَبَيْتُ ، فَلِي النار " . رواه مسلم .
فتذكّر أن خُسران هذه الجَولَة وانتصار الشيطان يعني الخُسران المبِين
وأن انتصارك على الشيطان مآله رِفعة الدّرَجات ، واعلم أن الشيطان لا ييأس ،
بل لديه صبر وجَلَد ، فهو يُحاول الفوز والانتصار على بني آدم حتى تَخرج أرواحهم من أجسادهم .
وتذكّر أخيرا – حفظك الله – أن موسم الخيرات على الأبواب ، فلتكن الجولة فيه لك لا لعدوِّك .
وليكن الفوز من نصيبك لا من نصيب إبليس .. عِــدْ نفسك أن يكون هذا الشهر هو وداع المعاصي ،
وهو نهاية المطاف في السَّير في رَكْب إبليس !
والله يتولاّك ....
ها هو شهر رمضان قد اقترب .. فنسأل الله أن يبلغنا هذا الشهر ، لما فيه من عظيم الجود و النعم ،
من فتح أبواب الجنان ، و تصفيد الشياطين ، و مغفرة الذنوب ، و غيرها من النعم و المنن التي لا تحصى ،
فلك الحمد يا رب كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك .