|
#1
|
||||
|
||||
لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث الاسلامية
|
05-24-2010, 09:51 AM | رقم المشاركة : 2 | |
|
الزكاة في الإسلام فقه زكاة الأنعام والثروة الحيوانية الأنعاموالثروة الحيوانية شروط وجوبزكاة الأنعام النصابومقدار الزكاة الأنعامالمعدة للتجارة فقه زكاة الأنعام والثروة الحيوانية الأنعام هي الإبل (وتشمل البخاتي) والبقر (وتشمل الجواميس), والغنم (وتشمل الماعز) شروط وجوب زكاة الأنعام لوجوب زكاة الأنعام شروط تتحقق بها مصلحة الفقراء والمساكين وغيرهم من أهل استحقاق الزكاة, وتحول دون الإجحاف بصاحب الأنعام, فيؤدي الزكاة طيبة بها نفسه, وهذه الشروط هي: 1- أن تبلغ النصاب: والنصاب هو الحد الأدنى لما تجب فيه الزكاة فمن كان لا يملك النصاب فلا تجب عليه الزكاة لأن الزكاة تجب على الأغنياء, ونصاب الإبل خمسة ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة, ونصاب الغنم أربعون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة, ونصاب البقر ثلاثون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة 2- أن يحول عليها الحول: بمعنى أن يمضي على تملكها عام كامل من بدء الملكية فلو لم يمض الحول على تملكها لم تجب فيها الزكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) أخرجه الترمذي والإمام مالك, والحكمة في اشتراط الحول أن يتكامل نماء المال وأما أولاد الأنعام فتضم إلى أمهاتها وتتبعها في الحول, ولو زال الملك عن الماشية في الحول ببيع أو غيره ثم عاد بشراء أو مبادلة صحيحة, ولم يكن ذلك بقصد الفرار من الزكاة استأنف حولا جديدا لانقطاع الحول الأول بما فعله, فصار ملكا جديدا من حول جديد للحديث السابق 3- ألاّ تكون عاملة: والعوامل من الإبل والبقر هي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض أو السقي أو الحمل وما شابه ذلك من الأشغال, فليس في الأنعام العاملة زكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس على العوامل شيء) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة النصاب ومقدار الزكاة نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيها: يكون نصاب زكاة الإبل ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو الآتي: أ - من 1 إلى 4 لا شيء فيها, ومن 5 إلى 9 يجب فيها شاة واحدة, ومن 10 إلى 14 شاتان, وفي 15 إلى 19 ثلاث شياه, وفي 20 إلى 24 أربع شياه, ويلاحظ أن الواجب هنا (وهي الشياه) من غير جنس الإبل لأن إيجاب شيء من الإبل فيه إجحاف بالغني, وعدم إيجاب شيء فيه تضييع للفقراء ب - إذا بلغ نصاب الإبل 25 حتى 35 وجب فيها بنت مخاض, وفي 36 حتى 45 بنت لبون, وفي 46 حتى 60 حقة, وفي 61 حتى 75 جذعة, وفي 76 حتى 90 بنتا لبون, وفي 91 حتى 120 حقتان, وفي 121 حتى 129 ثلاث بنات لبون, وفي 130 حتى 139 حقة + بنتا لبون, وفي 140 حتى 149 حقتان + بنت لبون, وفي 150 حتى 159 ثلاث حقاق, وفي 160 حتى 169 أربع بنات لبون, وفي 170 حتى 179 ثلاث بنات لبون + حقة, وفي 180 حتى 189 بنتا لبون + حقتان, وفي 190 حتى 199 ثلاث حقاق + بنت لبون, وفي 200 حتى 209 أربع حقاق أو خمس بنات لبون ج - وهكذا ما زاد على ذلك يكون في كل خمسين حقة, وفي كل أربعين بنت لبون نصاب البقر ومقدار الزكاة فيها: يكون نصاب زكاة البقر ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو التالي: أ - من 1 إلى 29 لا شيء فيه, ومن 30 حتى 39 يجب إخراج تبيع أو تبيعة, ومن 40 حتى 59 مسنة, ومن 60 حتى 69 تبيعان أو تبيعتان, ومن 70 حتى 79 مسنة وتبيع, ومن 80 حتى 89 مسنتان, ومن 90 حتى 99 ثلاثة أتباع, ومن 100 حتى 109 مسنة وتبيعان أو تبيعتان, ومن 110 حتى 119 مسنتان وتبيع, ومن 120 حتى 129 ثلاث مسنات أو أربع أتباع ب - وهكذا ما زاد عن ذلك في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة, وفي كل أربعين مسنة نصاب الغنم ومقدار الزكاة فيها: يكون نصاب الغنم ومقدار الزكاة الواجبة فيه على النحو التالي: أ - من 1 إلى 39 لا شيء فيه, ومن 40 إلى 120 يجب إخراج شاة واحدة, ومن 121 إلى 200 شاتان, ومن 201 إلى 399 ثلاث شياه, ومن 400 إلى 499 أربع شياه, ومن 500 إلى 599 خمس شياه ب - وهكذا ما زاد عن ذلك في كل مائة شاة, شاة واحدة الأنعام المعدة للتجارة تعامل الأنعام المعدة للتجارة معاملة عروض التجارة, وتحسب زكاتها بالقيمة لا بعدد الرءوس المملوكة, لذا لا يشترط النصاب العددي المذكور سالفا لوجوب الزكاة فيها, بل يكفي أن تبلغ قيمتها نصاب زكاة النقود (وهو ما قيمته 85 جرام من الذهب الخالص) لتجب الزكاة فيها, فيضمها مالكها إلى ما عنده من عروض التجارة والنقود, ويخرج الزكاة عنها بنسبة ربع العشر (2.5%) متى ما استوفت شروط وجوب زكاة عروض التجارة من بلوغ النصاب وحولان الحول لكن إن كان ما عند المالك من الأنعام لا تبلغ قيمته نصابا من النقد وبلغ نصابا بالعدد, فيخرج زكاتها كسائر الأنعام التي ليست للتجارة بالمقادير المبينة سابقا أ - تشمل الثروة المعدنية كل ما يوجد في باطن الأرض أو باطن البحر من معادن, سواء أكانت المعادن سائلة كالنفط أم جامدة كالملح أم غازًا كالبوتان, وسواء أكانت تنطبع كالحديد أم لا تنطبع كالكبريت ب - النصاب في زكاة المعادن هو ما تبلغ قيمته نصاب الزكاة في الذهب, أي ما قيمته تعادل قيمة 85 جراما من الذهب ويراعى النصاب فيما استخرج دفعة واحدة, كما يراعى فيما استخرج تباعًا دون ترك على سبيل الإهمال, إذ يضم هذا المتتابع لتوافر النصاب, فإن انقطع العمل لأمر طارئ, كإصلاح المعدات أو توقف العاملين لم يؤثر ذلك في ضم الخارج بعضه إلى بعض أما إذا انقطع للانتقال إلى حرفة أخرى لليأس من ظهور المعدن أو لسبب آخر فهذا الانقطاع مؤثر, فيراعى وجود النصاب عند استئناف الاستخراج ج - لا يشترط الحول في زكاة المعادن, فتجب الزكاة بمجرد الاستخراج للمعدن وتصفيته لأن الحول يعتبر لتكميل النماء, والنماء هنا يتكامل دفعة واحدة كالزروع والثمار فلا يعتبر الحول فيهما د - مقدار زكاة المعادن هو (2.5%) ربع العشر طبقا لمذهب جمهور الفقهاء هـ - تشمل المعادن ما يستخرج من اليابسة أو من البحر مما وجد في باطن قاعه, أما ما يستخرج من البحر نفسه كاللؤلؤ والسمك والعنبر والمرجان فقد سبق أنه يزكى زكاة عروض التجارة فقه زكاة الركاز - الركاز كل ما يدفن في الأرض من الكنوز - ولا يشترط لزكاته حول ولا نصاب - والقدر الواجب إخراجه الخمس (20%) باتفاق الفقهاء لحديث (وفي الركاز الخمس) أخرجه الجماعة |
|
05-24-2010, 09:52 AM | رقم المشاركة : 3 | |
|
كيف بدأ الربا.. وكيف انتشر؟.. الربا في اللغة هو الزيادة ، وفي الشرع عبارة عن عقد فاسد بصفة سواء كان هناك زيادة ، أو لا ألا ترى أن بيع الدراهم بالدراهم نسيئة ربا وليس فيه زيادة والربا حرام بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله : تعالى وحرم الربا ، وأما السنة فقول الرسول : (أكل درهم واحد من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنية يزنيها الرجل ومن نبت لحمه من حرام فالنار أولى به) وقال ابن مسعود آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده إذا علموا به ملعونون على لسان محمد إلى يوم القيامة كذا في النهاية . قال رحمه الله : ( الربا محرم في كل مكيل وموزون إذا بيع بجنسه متفاضلا ) سواء كان مأكولا ، أو غير مأكول . قوله : ( فالعلة فيه الكيل مع الجنس ، أو الوزن مع الجنس ) ويقال : القدر مع الجنس وهو أشمل ; لأنه يتناول الكيل ، والوزن معا بخلاف لفظ الكيل فإنه لا يتناول الوزن ولفظ الوزن لا يتناول الكيل ، وأما لفظ القدر فيشملهما معا. وقال الشافعي العلة الطعم مع الجنس في المطعومات والثمنية في الأثمان وقال مالك العلة الاقتيات والادخار مع الجنس وفائدته فيمن باع قفيز نورة بقفيزي نورة لا يجوز عندنا لوجود الكيل مع الجنس وعند الشافعي يجوز لعدم الطعم وكذا يجوز بيع بطيخة ببطيختين وبيضة ببيضتين وحفنة بحفنتين عندنا لعدم الكيل ولا يجوز عنده لوجود الطعم قال في الهداية وما دون نصف صاع في حكم الحفنة ; لأنه لا تقدير في الشرع بما دونه حتى لو باع خمس حفنات من الحنطة بست حفنات منها وهما لا يبلغان حد نصف صاع جاز البيع ولو باع حفنة بقفيز لا يجوز كذا في النهاية قال : لأنه إذا كان أحد البدلين لا يبلغ حد نصف صاع ، والآخر يبلغه ، أو يزيد عليه فبيع أحدهما بالآخر لا يجوز وكذا ما يدخل تحت الوزن كالحديد والرصاص فإن الربا يثبت فيه عندنا لوجود القدر وهو الوزن والجنس وعنده لا يثبت فيه لعدم الطعم والثمنية والجنس بانفراده يحرم النساء عندنا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحرم النساء بيانه إذا باع هرويا بهروي ، أو مرويا بمروي نسيئة لا يجوز عندنا وعنده يجوز وكذا إذا باع شاة بشاة نسيئة لا يجوز عندنا وعنده يجوز وكذا إذا باع عبدا بعبد إلى أجل لا يجوز لوجود الجنسية وهي بانفرادها تحرم النساء وأجمعوا على أن التفاضل يحل. عندما ينشأ مجتمع يتعامل بالربا تنشأ به طبقة من الرأسماليين الذين يمتصون ثروات المجتمع دون عمل يؤدونه للمجتمع مقابل هذا المال الذي يحصولون عليه دون جهد أو خبرة. فيزداد الفقراء فقرا ويزداد الأثرياء ثراءا وتنشأ الطبقية البغيضة في المجتمع. تتفكك على إثره الروابط الاجتماعية وينعدم فيه الأمن. قبل أن نطلع على حقيقة الربا وآثاره في الناس.. لننظر أولا في حكم الربا في الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية، وكيف بدأ وانتشر؟…. لقد حرم الله الربا على اليهود، وهم يعلمون ذلك، وينهون عنه فيما بينهم، لكنهم يبيحونه مع غيرهم، جاء في سفر التثنية: الإصحاح الثالث والعشرين: " للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بالربا". ومنشأ هذا أنهم ينظرون إلى غيرهم نظرة استعلاء واحتقار، والتوراة وإن كانت قد حرفت إلا أن شيئا منها بقي كما هو لم يحرف، منها تحريم الربا، لكنهم حرفوا النص حينما أباحوه مع غير اليهودي… والدين النصراني كذلك يحرمه، ففي إنجيل لوقا: " إذا أقرضتم الذين ترجون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟… ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها… وإذاً يكون ثوابكم جزيلا" . وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريم الربا تحريما قاطعا، حتى إن الآباء اليسوعيين وردت عنهم عبارات صارخة في حق المرابين، يقول الأب بوني: " إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة، إنهم ليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم" .. ولم يكن تحريم الربا قاصرا على أرباب الديانتين، بل كذلك حرمه من اشتهر في التاريخ بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلاسفة، منهم أرسطو، وأفلاطون الفيلسوف اليوناني الذي قال في كتابه القانون: " لا يحل لشخص أن يقرض بربا" .. وأما العرب في جاهليتهم على الرغم من تعاملهم به إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة ازدراء، وليس أدل على ذلك أنه عندما تهدم سور الكعبة وأرادت قريش إعادة بنائه حرصت على أن تجمع الأموال اللازمة لذلك من البيوت التي لا تتعامل بالربا، حتى لا يدخل في بناء البيت مال حرام، فقد قال أبو وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم: " يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس" .. وإذا كان الأمر على هذا النحو، وأصحاب الديانات كلهم يحرمون الربا، كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟.. -------------------------------------------------------------------------------- لقد كانت الجاهلية تتعامل بالربا مع قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحرمه كما هو معلوم بالنصوص، وسد كل أبوابه ووسائله وذرائعه ومنافذه، حتى ما كان فيه شبهة من ربا منعه وحرمه، كمنعه عليه الصلاة والسلام من بيع صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد .. فامتثل الناس لذلك، وتلاشى الربا، وحل محله البيع والقرض الحسن والصدقة والزكاة.. وكما قلنا كانت أوربا التي تدين بالنصرانية تحرم الربا وتنهى عن التعامل به، أما اليهود ـ والذين كانوا يمتنعون من التعامل بالربا فيما بينهم ـ كانوا ممنوعين من التعامل به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوا فيه.. لكن ومنذ أواخر القرن السادس عشر ميلادي بدأت أوربا بالتمرد على هذا الحكم الإلهي.. ففي عام 1593م وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين، فصار يباح تثميرها بالربا، بإذن من القاضي، فكان هذا خرقا للتحريم.. ثم تبع ذلك استغلال الكبار لنفوذهم، فقد كان بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربا علنا، فهذا لويس الرابع عشر اقترض بالربا في 1692م، والبابا بي التاسع تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م. كانت تلك محاولات وخروقات فردية.. لكن الربا لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على الدين والحكم الإقطاعي والملكي.. وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك، إذ إن اليهود كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم، من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر: فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون. صدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عن الحياة إلى كل أوربا، ومن ذلك التمرد على تحريم الربا، وقد كان اليهود في ذلك الحين من أصحاب المال، وبدأت الثورة الصناعية، واحتاج أصحاب الصناعات إلى المال لتمويل مشاريعهم، فأحجم أصحاب المال من غير اليهود عن تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسارة.. أما اليهود فبادروا بإقراضهم بالربا، ففي قروض الربا الربح مضمون، ولو خسر المقترض، وقد كانت أوربا في ذلك الحين مستحوذة على بلدان العالم بقوة السلاح، فارضة عليها إرادتها، فلما تملك اليهود أمرها وتحكموا في إرادتها كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمع، ومن ثم فرضوا التعامل الربا على جميع البلاد التي تقع تحت سيطرة الغرب، فانتشر الربا وشاع في كل المبادلات التجارية والبنوك، فاليهود كانوا ولا زالوا إلى اليوم يملكون اقتصاد العالم وبنوكه.. إذن.. اليهود هم وراء نشر النظام الربوي في العالم، وكل المتعاملين بالربا هم من خدمة اليهود والعاملين على زيادة أرصدة اليهود ليسخروها في ضرب الإسلام والمسلمين وكافة الشعوب.. انتشر الربا وانتشر معه كافة الأمراض الاقتصادية والسياسية والأخلاقية الاجتماعية.. نبذة عن نشأة المصارف والبنوك: المصارف جمع مصرف، وهو يطلق على المؤسسات التي تخصصت في إقراض واقتراض النقود، وتسمى أيضا بالبنوك.. ولفظ البنك مشتقة من اللفظة الإيطالية "بنكو" أي مائدة، إذ كان لكل صيرفي في القرون الوسطى مائدة يضعها في الطريق عليها نقود يتجر فيها، وقد كان معظم الصيارفة من اليهود، وصناعة الصيرفة ترجع إلى العهد الذي نشأت فيه العلاقات التجارية بين الجماعات البشرية.. وقد عرف البابليون والإغريق والرومان علميات البنوك، وبوجه عام كان الطابع الغالب على وظيفة البنوك في العصور القديمة حفظ الودائع الثمينة والنقود والمحصولات الزراعية، بالإضافة إلى الحوالات المالية.. فقد صارت البنوك على مر الأيام مكانا آمنا لحفظ المدخرات من ذهب وفضة وجواهر ثمينة نظير أجر معين، وكان هؤلاء الصيارفة يعطون كل من يودع شيئا من المال سندات فيها توثيق الودائع، تستخدم في سحب ما يحتاج إليه من نقود.. ثم تطورت العملية فبدأ هؤلاء التجار المودعون يتداولون هذه السندات بينهم في البيوع ووفاء الديون وتصفية الحسابات، لأن تداولها أخف من تداول الذهب والفضة، شعر الصيارفة بوجود المال الكثير في صناديقهم.. وقد ألف المودعون التعامل بالسندات قبضا وتسليما، والمال باق عند الصيارفة لفترات طويلة، قلما يأتي مودع يطلب نقوده، ففكروا في استغلالها والانتفاع بها بأنفسهم، فبدءوا يعطونها الناس قروضا بفائدة، ويتصرفون فيها، وكأنهم أصحابها.. وهكذا أصبح الصيارفة يأخذون على الذهب المودع أجرين: أجر على الحفظ، وأجر مقابل القرض، فلما تطورت هذه العملية وأصبحت السندات تقوم مقام الذهب في المعاملات.. بدأ الصيارفة يقرضون الناس السندات الورقية بدل أن يقرضوهم ذهبا.. وبهذه الطريقة تضخمت ثرواتهم التي لم تكن في أصلها إلا أموال المودعين، وبدؤوا يدفعون فائدة للمودعين لإغرائهم بالإيداع، وتحولت عملية الإيداع إلى علمية إقراض.. وبذلك أصبح دور الصيارفة هو التوسط بين الأشخاص الذين لديهم أموال لايمكنهم استثمارها بأنفسهم، وبين الأشخاص المحتاجين إلى أموال لتثميرها ويستحلون الفرق بين الفائدتين.. وبتطور التجارة وأشكالها تعددت أعمال المصارف وأنواعها، فمنها المصارف التجارية، وهي التي تمارس جميع الأعمال المتصلة بالتجارة، وتتميز عن سواها من حيث استعدادها لقبول الودائع النقدية من الأفراد أو الشركات وتخويل المودع حق السحب عليها.. وهناك المصارف الزراعية والصناعية والعقارية، وهي التي تقرض نظير فائدة، ولا تستقبل الودائع النقدية. هذا باختصار حقيقة المصارف.. وفي المرة القادمة إن شاء الله نتطرق إلى صور الربا.. |
|
05-24-2010, 09:52 AM | رقم المشاركة : 4 | |
|
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن" " أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله حديث شريف هو ابـن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولد قبل البعثة النبوية بعشـر سنين وأقام في بيت النبوة فكان أول من أجاب الى الاسلام من الصبيان ، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وزوجته فاطمة الزهراء ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم-000 ووالد الحسن والحسين سيدي شباب الجنة000 الرسول يضمه إليه كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدق بما جاءه من الله تعالى : علي بن أبي طالب رضوان الله وسلامه عليه ، وهو يومئذ ابن عشر سنين ، فقد أصابت قريشاً أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال الرسول الكريم للعباس عمه : يا عباس ، إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمـة ، فانطلق بنا إليه فلنخفـف عنه من عياله ، آخذ من بنيـه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكفهما عنه )000فقال العباس :( نعم )000فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له :( إنا نريد أن نخفف من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه )000فقال لهما أبو طالب :( إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما )000فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- علياً فضمه إليه ، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبياً ، فاتبعه علي -رضي الله عنه- وآمن به وصدقه ، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا حضرت الصلاة خرج الى شعاب مكة ، وخرج علي معه مستخفياً من أبيه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات معا ، فإذا أمسيا رجعا000 منزلته من الرسول لمّا آخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه قال لعلي :( أنت أخي )000 وكان يكتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وشهد الغزوات كلها ما عدا غزوة تبوك حيث استخلفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أهله وقال له :( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى )000 وكان مثالا في الشجاعة و الفروسية ما بارز أحد الا صرعه ، وكان زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- :( من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله )000 دعاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوجته فاطمة وابنيه ( الحسن والحسين ) وجلَّلهم بكساء وقال :( اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهِّرْهُم تطهيراً )000وذلك عندما نزلت الآية الكريمة000 قال تعالى :( إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرِّجسَ أهلَ البيت )000 كما قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-:( اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة : إلى علي ، وعمّار وبلال )000 ليلة الهجرة في ليلة الهجرة ، اجتمع رأي المشركين في دار الندوة على أن يقتلوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فراشه ، فأتى جبريل -عليه السلام- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( لا تبيت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه )000فلما كانت عتمة من الليل اجتمع المشركون على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه ، فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي :( نم على فراشي ، وتَسَجَّ ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه ، فإنه لن يَخْلُصَ إليك شيء تكرهه منهم )000ونام علي -رضي الله عنه- تلك الليلة بفراش رسول الله ، واستطاع الرسول -صلى الله عليه سلم- من الخروج من الدار ومن مكة ، وفي الصباح تفاجأ المشركون بعلي في فراش الرسول الكريم000وأقام علي -كرّم الله وجهه- بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الودائع التي كانت عنده للناس ، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله في قباء000 أبو تراب دخل علي على فاطمة -رضي الله عنهما- ، ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :( أين ابن عمك )000قالت :( في المسجد )000فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره ، وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول :( اجلس يا أبا تراب )000مرتين000 يوم خيبر في غزوة خيبـر قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- :( لأُعْطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويُحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، أو على يديه )000فكان رضي الله عنه هو المُعْطَى وفُتِحَت على يديه000 خلافته لما استشهد عثمان -رضي الله عنه- سنة ( 35 هـ ) بايعه الصحابة والمهاجرين و الأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين ، يعمل جاهدا على توحيد كلمة المسلمين واطفاء نار الفتنة ، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى 000 ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى مكة المكرمة لتأدية العمرة في شهر محرم عام 36 هجري ، ولما فرغت من ذلك عادت الى المدينة ، وفي الطريق علمت باستشهاد عثمان واختيار علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين ، فعادت ثانية الى مكة حيث لحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام -رضي الله عنهما- وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا في الخروج على الخليفة عثمان -رضي الله عنه- ، وكان من رأي الخليفة الجديد عدم التسرع في ذلك ، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين ،وتستقر الأوضاع في الدولة الاسلامية ، غير أنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه الى البصرة ، فساروا اليها مع أتباعهم 000 معركة الجمل خرج الخليفة من المدينة المنورة على رأس قوة من المسلمين على أمل أن يدرك السيدة عائشة -رضي الله عنها- ، ويعيدها ومن معها الى مكة المكرمة ، ولكنه لم يلحق بهم ، فعسكر بقواته في ( ذي قار ) قرب البصرة ، وجرت محاولات للتفاهم بين الطرفين ولكن الأمر لم يتم ، ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل في شهر جمادي الآخرة عام 36 هجري ، وسميت بذلك نسبة الى الجمل الذي كانت تركبه السيدة عائشة -رضي الله عنها- خلال الموقعة ، التي انتهت بانتصار قوات الخليفة ، وقد أحسن علي -رضي الله عنه- استقبال السيدة عائشة وأعادها الى المدينة المنورة معززة مكرمة ، بعد أن جهزها بكل ما تحتاج اليه ، ثم توجه بعد ذلك الى الكوفة في العراق ، واستقر بها ، وبذلك أصبحت عاصمة الدولة الاسلامية 0 مواجهة معاوية قرر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ( بعد توليه الخلافة ) عزل معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام ، غير أن معاوية رفض ذلك ، كما امتنع عن مبايعته بالخلافة ، وطالب بتسليم قتلة عثمان -رضي الله عنه- ليقوم معاوية باقامة الحد عليهم ، فأرسل الخليفة الى أهل الشام يدعوهم الى مبايعته ، وحقن دماء المسلمين ، ولكنهم رفضوا 000 فقرر المسير بقواته اليهم وحملهم على الطاعة ، وعدم الخروج على جماعة المسلمين ، والتقت قوات الطرفين عند ( صفين ) بالقرب من الضفة الغربية لنهر الفرات ، وبدأ بينهما القتال يوم الأربعاء (1 صفر عام 37 هجري ) 000 وحينما رأى معاوية أن تطور القتال يسير لصالح علي وجنده ، أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح ، وقد أدرك الخليفة خدعتهم وحذر جنوده منها وأمرهم بالاستمرار في القتال ، لكن فريقا من رجاله ، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم ، بينما رفضه فريق آخر 000 وفي رمضان عام 37 هجري اجتمع عمر بن العاص ممثلا عن معاوية وأهل الشام ، وأبو موسى الأشعري عن علي وأهل العراق ، واتفقا على أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماع في شهر رمضان من نفس العام ، وعادت قوات الطرفين الى دمشق والكوفة ، فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانية ، وكانت نتيجة التحكيم لصالح معاوية 0 الخوارج أعلن فريق من جند علي رفضهم للتحكيم بعد أن اجبروا عليا -رضي الله عنه- على قبوله ، وخرجوا على طاعته ، فعرفوا لذلك باسم الخوارج ، وكان عددهم آنذاك حوالي اثني عشر ألفا ، حاربهم الخليفة وهزمهم في معركة (النهر وان) عام 38 هجري ، وقضى على معظمهم ، ولكن تمكن بعضهم من النجاة والهرب 000 وأصبحوا منذ ذلك الحين مصدر كثير من القلاقل في الدولة الإسلامية 000 استشهاده لم يسلم الخليفة من شر هؤلاء الخوارج اذ اتفقوا فيما بينهم على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص في ليلة واحدة ، ظنا منهم أن ذلك يحسم الخلاف ويوحد كلمة المسلمين على خليفة جديد ترتضيه كل الأمة ، وحددوا لذلك ثلاثة من بينهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، ونجح عبد الرحمن بن ملجم فيما كلف به ، اذ تمكن من طعن علي -رضي الله عنه- بالسيف وهو خارج لصلاة الفجر من يوم الجمعة الثامن عشر من رمضان عام أربعين هجرية بينما أخفق الآخران ، وعندما هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه نهاهم علي قائلا :( ان أعش فأنا أولى بدمه قصاصا أو عفوا ، وان مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ، ولا تقتلوا بي سواه ، ان الله لا يحب المعتدين )000وحينما طلبوا منه أن يستخلف عليهم وهو في لحظاته الأخيرة قال لهم :( لا آمركم ولا أنهاكم ، أنتم بأموركم أبصر )000 واختلف في مكان قبره000وباستشهاده -رضي الله عنه- انتهى عهد الخلفاء الراشدين000 |
|
05-24-2010, 09:53 AM | رقم المشاركة : 5 | |
|
معركة بدر الكبرى غزوة بدر موقع معركة بدر الصراع: بين المسلمين و قريش التاريخ: 17 مارس 624 ، 17 رمضان سنة 2هـ المكان: آبار بدر ، 120 كم جنوب غرب المدينة المنورة النتيجة: انتصار المسلمين المتحاربون المسلمون قريش القادة رسول الله عليه الصلاة والسلام عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القوى 170 من الخزرج 78 من المهاجرين 71 من الأوس ـــــــــــــــــ المجموع: 318 900 راجل 100 فارس ـــــــــــــــــ لمجموع: 1,000 النتائج 17 شهيد 70 قتيل 70 اسير معركة بدر هي معركة وقعت بين المسلمين بقيادة محمد بن عبد الله و بين قريش بقيادة عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي عند آبار بدر جنوب المدينة في 13 مارس 624 ، 17 رمضان 2 للهجرة إنتهت بانتصار المسلمين و مقتل سيد قريش عمرو بن هشام بن المغيرة المخزوميٍ أساب المعركة وصل الخبر للمسلمين بأن أبو سفيان بن حرب جاء من الشام في قافلة ضخمة لقريش، تحمل أموال و تجارة لهم، و قُدّر عدد الرجال بها ما بين ثلاثين إلى أربعين رجلا من قريش، منهم مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص. فلما وصل الخبر للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) ندب المسلمين إليهم، وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله يُنْفِلُكُموها. فبدأ الناس ييستعدون للإنطلاق، البعض جهز سلاحا والبعض الأخر لم يجهز سلاح بل وسيلة نقل من ناقة و خلافة، إذ أنهم لم يعتقدوا بإحتمالية قيام الحرب. وكان أبو سفيان حينما يقترب من الحجاز كعادته يتحسس الأخبار ممن كان يلقى من المسافرين و القوافل، تخوفا على أموال قريش من العربان و المسلمين. و وصله من بعض المسافرين أن محمد قد استنفر المسلمين للقافلة، فأخذ حذره، و استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى مكة ، ليستنفر قريش للدفاع عن أموالهم، وليخبرهم بأن محمدا قد يهاجم القافلة. فإنطلق ضمضم سريعا إلى مكة. ما أن وصل ضمضم مكة حتى جدع بعيره، وحوّل رحله، وشق قيمصه ، و وقف فوق بعيره ببطن الوادي و هو يصرخ: يا معشر قريش ، اللطيمةَ اللطيمةَ ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها ، الغوثَ الغوثَ و قد ذكرت عدة مصادر أن عاتكة بنت عبدالمطلب، قبل ثلاث أيام من وصول ضمضم، رأت حلما شاهدت فيه صخرة تقع في مكة، فتتحطم و يدخل جميع بيوت مكة قطعة منها. إستعداد قريش للخروج بدأت قريش بتجهيز سلاحها و رجالها للقتال، وقالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي ، كلا والله ليعلمن غير ذلك. و أتفقوا أن يخرج جميع رجالها و ساداتها إلى محمد، فمن تخلف أرسل مكانه رجلا أخر، فلم يتخلف أحد من أشرافها عن الخروج إلا أبو لهب، حيث أرسل العاصي بن هشام ابن المغيرة بدلا عنه، و ذلك لكون العاصي مدينا له بأربعة آلاف درهم، فاستأجره أبو لهب بها. و حاول أمية بن خلف التخلف، فقد كان شيخا ثقيلا ، فأتاه عقبة بن أبي معيط ، وهو جالس في المسجد، بمجمرة يحملها ، و وضعها بين يديه قائلا: يا أبا علي ، استجمر ، فإنما أنت من النساء، فرد عليه أمية: قبحك الله وقبح ما جئت به، ثم جهز سلاحه و فرسه وخرج مع الناس. عند بدء التحرك تخوف البعض بسبب الحرب بين قريش و بين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة، إذ إعتقدوا ان يغدر بهم بنو بكر و هم منشغلون بملاقاة المسلمين. فقال سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، و هو أحد أشراف بني كنانة: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ تكرهونه. يؤمن الكثير من المسلمين بأن من أجار قريش من بني بكر لم يكن سراقة بل كان إبليس، الشيطان، و هم يعتقدون أنه تقمص شكل سراقة و قال ما قال لقريش. حال المسلمين عند مغادرتهم المدينة يُعتقدُ بأن المسلمين غادروا المدينة يوم الأثنين الثامن من رمضان. و قد قام محمد (صلى الله عليه وسلم) بالطلب من عمرو بن أم مكتوم بإمامة الصلاة، بعض المصادر تذكر أن إسمه هو عبدالله بن أم مكتوم، و وضع المدينة تحت إدارة أبا لبابة. تذكر المصادر أن اللواء سُلّم إلى مصعب بن عمير وكان أبيض اللون، بينما تذكر مصادرأخرى أنه كان أمام محمد (صلى الله عليه وسلم) رايتان سوداوان ، واحدة مع علي بن أبي طالب تسمى العقاب، والأخرى مع الأنصار، و قيل أنها كانت مع سعد بن معاذ. إستعمل المسلمون سبعين بعيرا للسفر، و كانوا يتناوبون الركوب عليها، فمثلا كان محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتناوبون على ركوب بعير ، و أيضا كان حمزة بن عبدالمطلب وزيد بن حارثة ، وأبو كبشة وأنسة ، موليا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يتناوبون ركوب بعير، وأبو بكر ، وعمر ، وعبدالرحمن بن عوف يتناوبون ركوب بعير أخر. طريق المسلمين إلى بدر إنطلق المسلمون من المدينة بإتجاه مكة، مرورا بنقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذي الحليفة، ثم على أولات الجيش (و قيل أم إسمها ذات الجيش). ثم مر على تُرْبان، ثم على ملل، ثم غَميس الحمام من مريين، ثم على صخيرات اليمام، ثم على السيَّالة، ثم على فج الروحاء، إلى أن وصلو إلى عرق الظبية. هنالك وجد المسلمون أعرابيا، فسألوه عن قافلة قريش فلم يعرف، فطلبوا منه السلام على محمد (صلى الله عليه وسلم)، فسألهم إن كان من ضمنهم، فأجابوه بذلك، فسلم عليه ثم قال: إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه. رد عليه سلمة بن سلامة بن وقش بأن لا يسأل النبي محمد، بل يدعه هو يخبره ما في بطنها. فوافق الأعرابي. فإذا بسلمة يخبره بأنه (أي الأعرابي) قد واقع الناقة، و هي حبلى منه بسخلة ، فقال محمد لسلمة: مه ، أفحشت على الرجل، ثم أعرض عنه. ثم أكمل المسلمون طريقهم فمروا بسجسج، وهي بئر الروحاء، ثم وصلوا المنصرف، هنالك تركوا طريق مكة بيسار، و اتجهوا يمينا من خلال النازية بإتجاه بدر، إلى أن وصلوا وادي رُحْقان، و هو وادٍ بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم وصلوا إلى المضيق، إلى أن إقتربوا من قرية الصفراء. هنا بعث محمد (صلى الله عليه وسلم) بسبس بن الجهني ،(من بني ساعدة) ، وعدي بن أبي الزغباء الجهني، (من بني النجار)، بمهمة إستكشافية إلى بدر ليحضرا له أخبار قافل أبي سفيان بن حرب. لدى وصول المسلمون قرية الصفراء، وهي تقع بين جبلي ، سأل محد (صلى الله عليه وسلم) عن اسم الجبلين وعن أهل القرية، فأخبروه بأن الجبلين أحدما يطلق عليه اسم مسلح والآخر مخرىء، أما أهل القرية فهم بنو النار وبنو حراق، بطنان من بني غفار ، فكره المرور بينهم. ثم تركهم و إتجه نحو اليمين إلى واد ذَفِران. وصول خبر خروج قريش للمسلمين وحذرهم وصل خبر خروج جيش قريش إلى المسلمين، و لم يكن خروج المسلمين لقتال قريش هو خيار مطروح في الأصل، بل كان الخروج من أجل الغنيمة بالقافلة. كما أن الأنصار في بيعة العقبة إشترطوا حماية النبي محمد في المدينة فقط و تبرؤا من ذلك حتى دخوله اليهم في المدينة حيث قالوا له وقتها: يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا ، فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بإستشارة من معه، فتكلم كل من أبو بكر و عمر بن الخطاب، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ههنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ثم وجه النبي كلامه إلى الأنصار قائلا :أشيروا علي أيها الناس، فقال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ فقال النبي محمد : أجل فقال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء . لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . فقال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم أكمل بعدها المسلمون طريقهم من ذفران، فمروا بمنطقة تسمى الأصافر، ثم إلى بلد تسمى الدبة ثم جعلوا كثيب عظيم كالجبل العظيم يسمى الحنان على يمينهم، و نزلوا قريبا من بدر. و أنطلق بعدها النبي محمد و أبو بكر الصديق حتى وصلا إلى سفيان الضمري، أحد شيوخ العرب في المنطقة، فسأله النبي محمد عن قريش ، وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الضمري: لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما ؟ فقال له: إذا أخبرتنا أخبرناك فقال الضمري: أذاك بذاك ؟ ليجيبه محمد: نعم. فقال الضمري: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني ، فهم اليوم بمكان كذا وكذا ، (و هو المكان الذي وصله المسلمون فعلا) وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا ، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش . فلما فرغ من خبره قال: ممن أنتما ؟ فقالا: نحن من ماء، ثم إنطلقا فلما عادا إلى معسكر المسلمين، خرج علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص، إلى ماء بدر فأسروا غلمان لقريش يحضرون الماء منهم أسلم، و هو غلام بني الحجاج وعريض أبو يسار ، و هو غلام بني العاص بن سعيد، فأعادوهم إلى معسكر المسلمين، و كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يصلي، فأستجوبوهما فقالا : نحن سقاة قريش ، بعثونا نسقيهم من الماء. فلم يصدقوهما و ضربوهما. فإضطر الرجلان للكذب و قول أنهما ملك لأبي سفيان، ليطمع المسلمون بافدية فلا يضربوهم. فلما أنها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) صلاته قال لعلي و أصحابه:إذا صدقاكم ضربتموهما ، وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا ، والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش ؟ قالا : هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى - والكثيب العقنقل - فقال لهما النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): كم القوم ؟ قالا : كثير قال: ما عدتهم ؟ قالا : لا ندري ; قال: كم ينحرون كل يوم ؟ قالا : يوما تسعا ، ويوما عشرا ، فقال: القوم فيما بين التسع مئة والألف . ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش ؟ قالا : عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ، ونوفل بن خويلد ، والحارث بن عامر بن نوفل ، وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود ، وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، وسهيل بن عمرو ، وعمرو بن عبد ود . فخرج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى المسلمين و قال لهم: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها . هروب أبو سفيان بالقافلة و طلبه من قريش العودة وصول الجيشين إلى بدر المعركة وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ". قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله . إعتقاد المسلمين بحضور الملائكة و نكوص إبليس ولقد اعتقد المسلمون بان الله قد ارسل لهم ملائكه كثيرون فان كان احدهم اقبل على رجل كي يقتله كان قد قتل ولقد اكد الله انه اسل لهم ملائكه لتساعدهم العودة إلى المدينة فداء الأسرى ولقد اعطى الرسول الاسرى الحريه واطلق صراحهم بشرط ان كل من يعرف الكتابه والقرائه فل يعلم 10 من المسلمين الاميين مراجع القران الكريم الرحيق المختوم تم الاسترجاع من فهرس 1 أساب المعركة 2 إستعداد قريش للخروج 3 حال المسلمين عند مغادرتهم المدينة 4 طريق المسلمين إلى بدر 5 وصول خبر خروج قريش للمسلمين وحذرهم 6 هروب أبو سفيان بالقافلة و طلبه من قريش العودة 7 وصول الجيشين إلى بدر 8 المعركة 9 إعتقاد المسلمين بحضور الملائكة و نكوص إبليس 10 العودة إلى المدينة 11 فداء الأسرى 12 مراجع |
|
05-24-2010, 09:53 AM | رقم المشاركة : 6 | |
|
أبو ذر الغفاري أبو ذر الغفاري ، جندب بن جنادة الغفاري أحد السابقين الأولين وخامس خمسة في الإسلام . إسلامه كان يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث من هنا وهناك ما دله على محمد بن عبد الله ، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه. و في صبيحة يوم ذهب إلى مكة فوجد هناك الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده, فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب ، ورد عليه الرسول السلام وسأله من أين أنت؟ فقال : من غفار وهي قبيلة مشهورة في السطو ، فتعجب الرسول أن يأتيه أحد قطاع الطرق يريد الإسلام في بداية الدعوة التي كانت سرا ولم يجهر بها ، ولكن الله يهدي من يشاء فقد كان متمردا على عبادة الأصنام وما أن سمع بوجود نبي يسفه عبادة الأصنام حتى أتاه وأعلن إسلامه عند رسول الله فكان ترتيبه الخامس أو السادس . فقال له الرسول (يا أبا ذر أكتم هذا الأمر ، وأرجع إلى قومك ،وإذا بلغك ظهورنا فأقبل) فقال والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم ، فصاح يا معشر قريش أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقاموا على ضربه حتى خلصه العباس عم النبي بحيلة أنكم تجار وستمرون في طريقكم على غفار وهذا من رجالها فتركوه. وهكذا بدأت شخصية أبو ذر بالقوة بالحق وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم في الحق ، مع حدة وصلابة تميز بها ، فعاد أبو ذر مسلما إلى قومه . المدينة المنورة بعد مرور الأيام و هجرة الرسول إلى المدينة واستقرار المسلمين فيها ، يأتي يوم وإذا صفوف من المشاة والركبان فيها قبيلة غفار برجالها ونسائها وقبيلة أسلم يقودهم أبو ذر إلى المدينة مسلمين ، فتعجب الرسول من صنيع ودعوة أبو ذر ، وأستقبلهم ونظر إلى قبيلة غفار .وقال غفار غفر الله لها. ثم إلى قبيلة أسلم فقال: وأسلم سالمها الله ، ثم قال الرسول لأبي ذر : ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر . كن أبا ذر في غزوة تبوك أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم ، وكانت أيام عسر وشقة وحر شديد وتخلف فيها من تخلف من المنافقين والمعذورين ، وكان منهم أبو ذر الذي تخلف وأبطا به بعيره فما كان منه إلا أن نزل من فوق ظهر البعير, وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه, مهرولا, وسط صحراء ملتهبة حتى يدرك الرسول وصحبه ، فتوقف الرسول والصحابة وقفة أستراحة حتى رأى أحدهم رجل يمشي على الطريق وحده فقال الرسول : ( كن أبا ذر ) فلما أقبل كان هو أبو ذر . فقال الرسول عليه السلام ( يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده ) . الحديث النبوي روى عنه: حذيفةُ بن أَسِيد الغِفاري، وابنُ عباس، وأنسُ بنُ مالك، وابنُ عمر، وجُبـير بن نُفير، وأبو مسلم الخَولاني، وزيدُ بنُ وهب، وأبو الأسود الدُّئِلي، ورِبعيُّ بنُ حِراش، والمعرورُ بن سُويد، وزِرُّ بن حُبـيش، وأبو سالم الجَيْشاني سُفيان بن هانىء، وعبدُ الرحمن بن غَنْم، والأحنفُ بنُ قيس، وقيسُ بن عُبَاد، وعبدُ الله بن الصامت، وأبو عثمان النَّهدي، وسُويد بنُ غَفَلة، وأبو مُراوح، وأبو إدريس الخولاني، وسعيدُ بنُ المُسيِّب، وخَرَشةَ بن الحُرِّ، وزيدُ بن ظبـيان، وصعصعةُ بنُ معاوية، وأبو السَّليل ضُريبُ بن نُفَير، وعبدُ الله بن شقيق، وعبدُ الرحمن بن أبـي ليلى، وعُبـيد بن عمير، وغُضيفُ بن الحارث، وعاصمُ بنُ سفيان، وعُبـيدُ بن الخَشخاش، وأبو مسلم الجَذْمِيُّ، وعطاءُ بنُ يسار، وموسى بنُ طلحة، وأبو الشعثاء المُحاربـي، ومُوَرِّقُ العِجلي، ويزيدُ بن شَريك التيمي، وأبو الأحوص المدني ـ شيخٌ للزهري ـ وأبو أسماء الرَّحَبـيُّ، وأبو بَصرة الغِفاري، وأبو العالية الرِّياحي، وابنُ الحوتكية، وجَسرةُ بنتُ دجاجة. مع الأمراء تبدأ قصة أبو ذر وخلافه مع الأمراء و مال المسلمين بحد يث للرسول عليه السلام ، حيث ألقى الرسول يوما هذا السؤال: يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء؟ فأجاب قائلا: اذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي . فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: أفلا أدلك على خير من ذلك..؟ اصبر حتى تلقاني . ومضى عهد الرسول, ومن بعده عصر أبي بكر, وعصر عمر وفيها مراقبة صارمة لولاتهم في العراق, و الشام, و صنعاء ، والبلاد النائية ، وبعد الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق عمر والسلطة والثروات في الأقطار الأسلامية بدأت الأموال تفسد المجتمع ، والسلطة والجاه وغيرها فكان أبو ذر يتوجه إلى أقاليم المسلمين و ولاتها ويحذرهم من السلطة والمال ومعارضا للولاة ، فكان يردد (بشّر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة ) ، وتوجه إلى الشام . الشام أغلب صراعه ومعارضته كانت في الشام ، حيث الخيرات والأموال في ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وكان ذلك في حكم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان معاوية يعطي الأموال ويوزعها بغير حساب, يتألف بها الناس ، وكان أبو ذر يعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط ، وأنهم جميعا شركاء في الرزق ، وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى ، وكانت الجموع تلتف حوله ولو أراد ثورة أو سلطة أو إمارة لأخذها ولكنه أراد النصح لولي الأمر, فحدث الخلاف بين أبو ذر ومعاوية فكان أبو ذر يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما, ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية إلى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع ، ويستشعر معاوية الخطر, ولكنه يعرف له قدره, فلا يقرّ به بسوء, ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له: ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام ، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة ، وأطاع أبو ذر أمر خليفته ، ومما سمع عثمان من شكاوى ضد أبو ذر ومشايعة الجماهير لآرائه ، دار الحوار بين عثمان وأبو ذر وأستقر راي عثمان على نفيه إلى الربذة . قال ابن العربى المالكى في كتاب العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحبة بعد موقف النبى صلى الله عليه وسلم في معرض رده على الإتهامات التى وجهت إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه فقال:{5-وأما نفيه أبو ذر إلى الربذة فلم يفعل(1)كان أبو ذر زاهدا وكان يقرّع عمال عثمان ويتلوا عليهم{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} ويراهم يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا فينكر ذلك عليهم ويريد تفريق جميع ذلك من بين يديهم وهو غير لازم. قال ابن عمر وغيره من الصحابة:"إن ما أديت زكاته فليس بكنز". فوقع بين أبى ذر ومعاوية رضى الله عنها كلاما بالشام, فخرج إلى المدينة فاجتمع الناس إليه فجعل يسلك تلك الطرق, فقال له عثمان رضى الله عنه:"لو اعتزلت". معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس, فإن للخلطة شروطا وللعزلة مثلها, ومن كان على طريقة أبى ذر فحاله يقتضى أن ينفرد بنفسه, أو يخالط ويسلّم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة. فخرج إلى الربذة زاهدا فاضلا, وترك جلة فضلاء, وكل على خير وبركة وفضل, وحال أبى ذر أفضل. ولا تمكن لجميع الخلق, فلو كانوا عليها لهلكوا فسبحان مرتب المنازل.} قال المعلق الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله عز وجل (وإنما اختار أبو ذر أن يعتزل في الربذة فوافق عثمان على ذلك كما صح في حديث عبادة بن الصامت عند ابن حبان فأكرمه عثمان وجهزه بما فيه راحته (1549:موارد الظمآن) أقواله والذي نفسي بيده, لو وضعتم السيف فوق عنقي, ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها..!! لله درك يا أبا ذر أي رجل كنت رضى الله عنك ، ونحن الآن بحاجة إلى أبي ذر لا يخشى في الله لومة لائم وفاته مات في الربذة حيث جلست زوجته بجواره تبكي, وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق ؟ ، فتجيبه بأنها تبكي: لأنك تموت, وليس عندي ثوب يسعك كفنا ، لا تبكي, فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض, تشهده عصابة من المؤمنين. فأتت قافلة على رأسهم عبدالله بن مسعود . فعرفه و وقف على جثمانه قائلا : صدق رسول الله ، تمشي وحدك, وتموت وحدك, وتبعث وحدك . فهرس 1 إسلامه 2 المدينة المنورة 3 كن أبا ذر 4 الحديث النبوي 5 مع الأمراء 5.1 الشام 6 أقواله 7 وفاته |
|
05-24-2010, 09:55 AM | رقم المشاركة : 7 | |
|
الفرق بين النبي والرسول مقدمة الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْنمْ مُسْلِمُونَ " " يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا ونِسَاءً وَاتقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائَـلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبا " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " ، أما بعد : فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . الفرق بين النبي والرسول مسألة علمية بحتة لا طائل تحتها وما كنت لأشمر لبحث هذه المسألة لولا أنني رأيت ما كتبه أحد الاخوة الفضلاء حيث أنه كتب رأي أحد العلماء المعاصرين وانتصر له وجاوز الحد في ذلك ؛ فأحببت أن أبين من خلال هذا البحث الميسر أن هذه المسألة خلافية منذ وقت طويل ، وأن الأقوال التي ذهب لها العلماء هي مجرد اجتهادات من خلال فهم للنصوص ولا نص صريح في المسألة يفصل بينهم . والواجب علينا معاشر طلبة العلم أن نقدر علمائنا ونجلهم ؛ ولكن لا نتعصب لأقوالهم بل نتعصب لقول ربنا عز وجل ونبينا محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أما العلماء فهم يتفاوتون في فهمهم لكلام الشارع الحكيم ، فتجد أن المسألة تعرض على عالمين يذهب كل واحد منهم لمذهب غير مذهب صاحبه ، والحق مع أحدهم . وكم أهلك التعصب أمة محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وجعلها جامدة حتى نادا من نادا بأن الاجتهاد قد أوصدت دونه الأبواب ، وكم حورب عالم من أجل قول آخر وكم ترك الحق من أجل أن فلان يقول بغيره فتابعه الناس . وسأتناول هذه المسألة من خلال المطالب التالية : أولا :عرفت معنى كلمة النبي ومعنىكلمة الرسول من الناحية اللغوية . ثانيا : بينت أن عامة أهل العلم يقلون بالفرق بين النبي والرسول وشذ من قال بعدم الفرق وسأذكر الرد على مقال بعدم الفرق . ثم أبين رأي العلماء في الفرق بين النبي والرسول ، ثم أذكر الراجح من الأقوال وهو أقربها بإذن الله هذا والله اسأل أن يرزقني وجميع إخواني من طلبة العلم الأدب وسعة الأفق في التعامل مع المخالف ، وأن يعيذنا من قلة الأدب وسوء التعامل مع الإخوة المخالفين من أهل السنة ، وأن ينفع الكاتب والقارئ بهذه الكلمات . ولا يسعني في الختام إلا أن أشكر طابع هذه الكمات راجي الثواب من ربه سبحانه وتعالى شقيقي عبدالرؤوف بن محمد بن عليّ الهرفي أسكنه الله الفردوس الأعلى من الجنة .. آمين وكتب عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي الدمام 2/1/1421هـ المطلب الأول : التعريف اللغوي لكلمة النبي والرسول قال المناوي في التعاريف : ( الرسول لغة من يبلغ أخبار من بعثه لمقصود سمي به النبي المرسل لتتابع الوحي عليه إذ هو فعول بمعنى مفعول ، والرسول رجل بعث إلى الخلق لتبليغ الأحكام ) ( ) وقال الجرجاني في التعريفات : ( النبي من أوحي إليه بملك أو ألهم في قلبه أو نبه بالرؤيا الصالحة فالرسول أفضل بالوحي الخاص الذي فوق وحي النبوة لأن الرسول هو من أوحي إليه جبرائيل خاصة بتنزيل الكتاب من الله ) ( ) وقال ابن منظور في لسان العرب : ( الرسول بمعنى الرسالة يؤنث ويذكر فمن أنث جمعه أرسلا قال الشاعر : قد أتتها أرسلي ، ويقال : هي رسولك . وتراسل القوم أرسل بعضهم إلى بعض . وفي التنـزيل العزيز : "فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ومعناه إنا رسالة رب العالمين أي ذوا رسالة رب العالمين . ولم يقل رُسُلُ فوضع الواحد موضع الجمع لأن فعولا وفعيلا يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع . والجمع أَرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاءِ الأخيرة عن ابن الأعرابي وقد يكون للواحد والجمع . وسمي الرسول رسولا لأنه ذو رسول أي ذو رسالة والرسول اسم من أرسلت وكذلك الرسالة وأرسلت فلانا في رسالة فهو مرسل و رسول وقوله عز : "وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءَايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا " قال الزجاج : يدل هذا اللفظ على أن قوم نوح قد كذبوا غير نوح ـ عليه السلام ـ بقوله الرسل ويجوز أن يعنى به نوح وحده لأن من كذب بنبي فقد كذب بجميع الأنبياء لأنه مخالف للأنبياء لأن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يؤمنون بالله وبجميع رسله ويجوز أن يكون يعني به الواحد) ( ) وقال الراغب في مفردات القرآن : ( أصل الرسل الانبعاث على تؤدة يقال ناقة رسلة سهلة السير ومنه الرسول المنبعث ) ( ) . وقال ابن منظور : ( النبيء المخبر عن عز وجل لأنه أنبأ عنه وهو فعيل بمعنى فاعل قال ابن بري صوابه أن يقول فعيل بمعنى مفعل مثل نذير بمعنى منذر وأليم بمعنى مؤلم ، وفي النهاية فعيل بمعنى فاعل للمبالغة من النبإ الخبر لأنه أنبأ عن الله أي أخبر قال ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه يقال نبأ و نبأ و أنبأ قال سيبويه : ليس أحد من العرب إلا ويقول تنبأ مسيلمة بالهمز غير أنهم تركوا الهمز في النبي ؛ إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهمزون غيرها ويخالفون العرب في ذلك . قال والهمز في النبيء لغة رديئة يعني لقلة استعمالها لا لأن القياس يمنع من ذلك ألا ترى إلى قول سيدنا رسول الله وقد قيل : يا نبيء الله فقال : " له لا تنبر باسمي فإنما أنا نبي الله " وفي رواية فقال : "لست بنبيء الله ولكني نبي الله " وذلك أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنكر الهمز في اسمه فرده على قائله لأنه لم يدر بما سماه فأشفق أن يمسك على ذلك ، والجمع أنبئاء و نبآء العلة كعيد وأعياد النبي هو من أنبأ عن فترك همزه ، وإن أخذ من النبوة و النباوة وهي الارتفاع عن الأرض أي إنه أشرف على سائر الخلق فأصله غير الهمز ) ( ) . وقال زكريا الأنصاري في الحدود الأنيقة : ( الرسالة انبعاث أمر من المرسل إلى المرسل إليه وأصلها المجلة أي الصحيفة المشتملة على قليل من المسائل التي تكون من نوع واحد . والرسول لغة من يبلغ أخبار من بعثه لمقصود سمي به . والنبي المرسل لتتابع الوحي عليه إذ هو فعول بمعنى مفعول . والرسول باعتبار الملائكة أعم من النبي إذ قد يكون من الملائكة بخلافه وباعتبار البشر أخص منه إذ الرسول رجل بعث إلى الخلق لتبليغ الأحكام الرسول في الفقه من أمره المرسل بأداء الرسالة بالتسليم والقبض الرسم نعت يجري في الأبد بما يجري في الأزل أي في سابق علمه تعالى) ( ) . المطلب الثاني : يفرق عامة أهل العلم بين النبي والرسول ـ وشذ من لم يفرق ـ ويعتمدون في تفريقهم على بعض الآيات ـ ستأتي فيما بعد ـ وحديث أبي ذر وأبي أمامة ـ رضي الله عنهما ـ وهما مقبولان بالجملة وسنورد كلام أهل العلم عنهما فيما يأتي . وسنذكر في هذا المطلب قول من قال بعدم الفرق ثم نورد الرد عليه ثم نبدأ بذكر أقوال أهل العلم في التفريق ، وأحب أن أبين أنه لا دليل يرجع له في التفريق وكل قول عليه اعتراضات وقد لا يسلم شيء منها من اعتراض ولكن التفريق للأغلب . وأقوال أهل العلم في التفريق بين النبي والرسول كالتالي : القول الأول : أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ والرسول من أوحي إليه وأمر بالبلاغ . القول الثاني : النبي من بعث بواسطة جبرائيل ـ عليه السلام ـ والنبي من بعث مناما . وهو أضعف الأقوال . القول الثالث : أن الرسول من بعث لقوم مخالفين والنبي من أرسل لقوم موافقين . القول الرابع : أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل . هذه الأقوال التى وقفت عليها وسنبدأ بقول من قال بعدم الفرق . قال الشيخ العلامة رئيس محاكم قطر ابن محمود ـ رحمه الله ـ : ( كل نبي فإنه رسول وأنه لا فرق بين الرسول والنبي إلا بمجرد الاسم والمسمى واحد ) ( ) !!. قال الشيخ العلامة حمود التويجري ـ رحمه الله وغفر له ـ : ( فجوابه من وحهين أحدهما أن يقال قد دل القرآن والسنة على التفريق بين الرسول والنبي ، والقرآن الكريم هو حجة الله على العالمين . فأما الدليل من القرآن فقد قال الله تعالى في سورة الحج { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشطان أمنيته } الآية فقد فرق تبارك وتعالى بين الرسول والنبي وعطف النبي على الرسول والعطف يقتضي المغايرة ( ) . قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في كتب الإيمان : ( وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما ) . وسيأتي قول الرازي : ( أن عطف النبي على الرسول يوجب المغايرة وهو من باب عطف العام على الخاص ) . وادخال حرف " لا " بين الواو والعطف والمعطوف صريح في التفريق بين الرسول والنبي كقوله تعالى : { مالك من الله من ولي ولا نصير } وقوله : { مالهم من دونه من ولي ولا شفيع } وقوله تعالى : { مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } وقوله تعالى : { فما له من قوة ولا ناصر } وأمثال هذه الآيات . وقد جاء في " تنوير المقباس . من تفسير ابن عباس " ما نصه : (( { وما أسلنا من قبلك } يا محمد { من رسول } مرسل { ولا نبي } محدث ليس بمرسل { إلا إذا تمنى } قرأ الرسول أو حدث النبي { ألقى الشيطان أمنيته } في قراءة الرسول وحديث النبي ) . وقال ابن جرير في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان أمنيته } الآية : ( فتأويل الكلام ولم يرسل يا محمد من قبلك من رسول إلى أمة من الأمم ولا نبي محدث وليس برسل إلا إذا تمنى ) ( ) . وقال القاضي عياض : ( المعنى وما أرسلنا من رسول إلى أمة أو نبي ليس مرسل إلى أحد ) . وقال الثعالي في تفسير قوله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } : ( الرسول الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل عيانا وما ورثه إياه شفاها ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ) . وقال الواحدي في قول الله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } : ( الرسول الذي أرسل إلى الخلق بارسال جبريل إليه عيانا ومحاورته شفاها ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ) قال وهذا معنى قول القراء : ( الرسول النبي المرسل ، والنبي المحدث الذي لم يرسل ) انتهى منقولا من " تهذيب الأسماء واللغات " لأبي زكريا النووي . وقال البغوي في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول } : [ وهو الذي يأتيه جبريل بالوحي عيانا ( ولا نبي ) وهو الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما ، وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ] ( ) . وقال الزمخشري في قوله تعالى : { من رسول ولا نبي } : ( دليل بين على تغاير الرسول والنبي ) . وقال الرازي في تفسير هذه الآية { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( المسألة الأولى من الناس من قال الرسول هو الذي حدث وأرسل ، والنبي هو الذي لم يرسل ولكنه ألهم أو رأى في النوم ، ومن الناس من قال إن كل نبي يكون رسولا وهو قول الكلبي والفراء ، وقالت المعتزلة : كل رسول نبي وكل نبي رسولا ولا فرق بينهما ثم ذكر الرازي أن هذه الآية دالة على أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول رسولا ، وقال لأنه عطف على الرسول وذلك يوجب المغايرة وهو من باب عطف العام على الخاص . وقال في موضع آخر : ( وكم أرسلنا من نبي في الأولين ) وذلك يدل على أنه كان نبيا فجعله الله مرسلا وهو يدل على قولنا ) . وقال القرطبي في تفسيره عند قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( وقال الفراء الرسول الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل إليه عيانا ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، قال المهدوي وهذا الصحيح أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، وكذا ذكر القاضي عياض في كتاب الشفاء ، قال والصحيح والذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا واحتج بحديث أبي ذر وأن الرسل من الأنبياء ثلاثمائة وثلاثة عشر أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقال عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي المتوفى سنة سبعمائة وعشر في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } : ( هذا دليل بين على ثبوت التغاير بين الرسل والنبي بخلاف ما يقول البعض أنهما واحد ) . وقال ابن جزيء الكلبي الغرناطي في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : ( النبي أعم من الرسول فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا فقدم الرسول لمناسبته لقوله وما أرسلنا وأخر النبي لتحصيل العموم لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبيا غير رسول ) . وفي تفسير مجاهد عند قول الله تعالى في سورة مريم { وكان رسولا نبيا } قال : النبي هو الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل ، والرسول هو الذي يرسل . وقد قال سفيان الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ، وروى محمد بن اسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إل خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها ، وروى ابن جرير عن أبن أبي مليكة قال رأيت مجاهدا سأل عن ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال فيقول له ابن عباس أكتب حتى سأله عن التفسير كله . وعلى هذا فقول مجاهد في تفسير الآية من سورة مريم يحتمل أنه مما أخذه عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم . وقال القرطبي في تفسير سورة الأعراف عند قوله تعالى :{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ } الآية قال : ( والرسول والنبي إسمان لمعنيين فإن الرسول أخص من النبي وقدم الرسول اهتماما لمعنى الرسالة وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على البراء حين قال : " وبرسولك الذي أرسلت " فقال : " قل بنبيك الذي أرسلت " خرجه في الصحيح ، وأيضا فإن قوله [ وبرسولك الذي أرسلت ] تكرير الرسالة وهو معنى واحد فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه بخلاف [ ونبيك الذي أرسلت ] فإنهما لا تكرار فيهما وعلى هذا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا لأن الرسول والنبي يشتركان في أمر عام وهو النبأ وافترقا في أمر وهي الرسالة فإذا قلت محمد رسول من عند الله تضمن ذلك أنه نبي ورسول وكذلك غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ] . وقال ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب عند قول الله تعالى { ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } : ( فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ) . وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة المدثر بعد ما قرر أن أول من نزل من القرآن أول سورة { أقرأ } قال : ( وقوله تعالى : { قم فأنذر } أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة ) . وأما الدليل من السنة ففي عدة أحاديث أحدها ما رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضؤك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول " فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت قال " لا ، ونبيك الذي أرسلت " ، وفي رواية الترمذي قال البراء فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال فطعن بيده في صدري ثم قال " وبنبيك الذي أرسلت " . وهذا الحديث صريح في التفريق بين الرسول والنبي وقد استدل به غير واحد من أكابر العلماء على التفريق بينهما ، وقد تقدم كلام القرطبي في ذلك تقريبا . وقال الخطابي : ( والفرق بين النبي والرسول أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبئ وأخبر به ، والنبي هو المخبر ولم يؤمر بالتبليغ ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . قال ومعنى رده على البراء من رسولك إلى نبيك أن الرسول من باب المضاف فهو ينبئ عن المرسل والمرسل إليه فلو قال ورسولك ثم قال الذي أرسلت لصار البيان مكررا معادا ، فقال ونبيك الذي أرسلت إذ قد كان نبيا قبل أن يكون رسولا ليجمع له الثناء بالإسمين معا ويكون تعديدا للنعمة في الحالين وتعظيما للمنة على الوجهين ). وقد نقله عنه ابن الاثير في جامع الأصول وأقره . وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في قوله وبرسولك الذي أرسلت قال " لا وبنبيك الذي أرسلت " : ( قال القرطبي تبعا لغيره هذا حجة لمن لم يجز نقل الحديث بالمعنى وهو الصحيح من مذهب مالك ، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع فإن النبوة من النبأ وهو الخبر ، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا ، وإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول وإلا فهو نبي غير رسول ، وعلى هذا فكل رسول نبي بلا عكس ، فإن النبي والرسول إشتركا في أمر عام وهو النبأ وافترقا في الرسالة فإذا قلت فلان رسول تضمن أنه نبي رسول ، وإذا قلت فلان نبي لم يستلزم أنه رسول فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ لاجتماعهما فيه حتى يفهم من كل واحد منهما من حيث النسق ما وضع له وليخرج عما يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة ) . القول الأول : أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ والرسول من أوحي إليه وأمر بالبلاغ قال السفاريني ـ رحمه الله ـ : ( لفظ النبي قال في المطلع يهمز ولا يهمز فمن جعله من النبأ همزه لأنه ينبئ الناس عن الله ولأنه ينبأ هو بالوحي ومن لم يهمز فإما سهله وإما أخذه من النبوة وهي الرفعة لارتفاع منازل الأنبياء على الخلق ، وقيل مأخوذ من النبي الذي هو الطريق لأنهم الطرق الموصلة إلى الله تعالى . وهو إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بتبليغه فهو رسول أيضا على المشهور بين النبي والرسول عموم وخصوص مطلق ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . والرسول أفضل من النبي اجماعا لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة على الأصح خلافا لابن عبد السلام ووجه تفضيل الرسالة لأنها تثمر هداية الأمة والنبوة قاصرة على النبي فنسبتها إلى النبوة كنسبة العالم العابد ، ثم أن محل الخلاف فيهما مع اتحاد محلهما وقيامهما معا بشخص واحد أما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة ضرورة مأخوذ من الصفوة مثلثة مع زيادة )( ) قال الإمام ابن أبي العز : ( وقد ذكروا فروقا بين النبي والرسول ، أحسنها : أن من نبأه الله بخير السماء إن أمره أن يبلغ غيره ، فهو نبي رسول ، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره ، فهو نبي وليس برسول . فالرسول أخص من النبي ، فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا ، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها ، فالنبوة جزء من الرسالة ، إذ الرسالة في تتناول النبوة وغيرها ، بخلاف الرسل ، فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم ، بل الأمر بالعكس . فالرسالة أعم من جهة نفسها , وأخص من جهة أهلها .وإرسال الرسل من أعظم نعم الله على خلقه ، وخصوصا محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ، كما قال تعالى : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } ( آل عمران : 164 ) . وقال تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 ) ).( ) وسل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : هل هناك فرق بين الرسول والنبي ؟ فقال : ( نعم ، فأهل العلم يقولون : إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ . والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به . فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا ، والأنبياء أكثر من الرسل ، وقد قص الله بعض الرسل في القرآن ولم يقصص البعض الآخر . قال تعالى - : { ولقد أرسلنا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } . وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول . ) واعترض عليه بقوله كيف لا يؤمر النبي بتبليغ الشرع وقد أوحي إليه ؟؟؟ فأجاب بقوله : ( أوحى الله إلى النبي بالشرع من أجل إحياء الشرع بمعنى أن من رآه واقتدى به واتبعه دون أن يلزم بإبلاغه ، ومن ذلك ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام ، فإن آدم نبيا مكلما كما جاء ذلك عن رسول الله ، ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ، ومع هذا فليس من الرسل لأنه قد دلت السنة بل دل القرآن ، والسنة ، وإجماع الأمة على أن أول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام . وآدم لابد أن يكون متعبدا لله بوحي من الله فيكون قد أوحى إليه ولم يؤمر بالتبليغ ولهذا لا يعد من الرسل . ) ( ) القول الثاني : أن الرسول من أوحي إليه بواسطة جبريل والنبي من أوحي إليه مناما قال الإمام عبدالقاهر البغدادي ( وقالوا في الفرق بين الرسول والنبي : إن كل من نزل عليه الوحي من الله تعالى على لسان ملك من الملائكة وكان مؤيدا بنوع من الكرامات الناقضة للعادات فهو نبي ، ومن حصلت له هذا الصفة وخص أيضا بشرع جديد أو ينسخ بعض أحكام شريعة كانت قبله فهو رسول ، وقالوا :إن الأنبياء كثير ، والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وأول الرسل أبو جميع البشر هو آدم عليه السلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، على خلاف قول المجوس في دعواهم أبو جميع البشر كيومرت الملقب بكاشاء ، وخلاف قولهم : إن آخر الرسل زرادشت ، وخلاف قول من زعم من الخرمية أن الرسل تترى لا آخر لهم( ) ) القول الثالث : أن الرسول من بعث لقوم مخالفين ، والنبي من بعث لقوم موافقين قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله وقدس روحه ـ : ( فالنبي هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول وأما إذا كان انما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته }وقوله {من رسول ولا نبي} فذكر إرسالا يعم النوعين وقد خص أحدهما بأنه رسول فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته الى من خالف الله كنوح . وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث الى أهل الأرض وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس ـ عليهما السلام _ وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول . وكذلك أنبياء بني اسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى الى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود . فالانبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره ونهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله به من الخبر والامر والنهي فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر أو مجنون} وقال {ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك} فان الرسل ترسل الى مخالفين فيكذبهم بعضهم . وقال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ(109)حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ " { انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد }فقوله {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولا عند الاطلاق لانه لم يرسل الى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " العلماء ورثة الانبياء " وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا } وقال تعالى { انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان النبوات وآتينا داود زبورا . ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما } . والإرسال اسم عام يتناول إرسال الملائكة وإرسال الرياح وإرسال الشياطين وإرسال النار قال تعالى { يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس } وقال تعالى { جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة } فهنا جعل الملائكة كلهم رسلا والملك في اللغة هو حامل الألوكة وهي الرسالة وقد قال في موضع آخر { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } . فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء } وقال تعالى { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } وقال تعالى { إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين توزهم أزا} . لكن الرسول المضاف الى الله اذا قيل رسول الله فهم من يأتي برسالة من الله من الملائكة والبشر كما قال { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } وقالت الملائكة { يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا اليك } . وأما عموم الملائكة والرياح والجن فإن إرسالها لتفعل فعلا لا لتبلغ رسالة قال تعالى { اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا } . فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ونهيه هم رسل الله عند الاطلاق وأما من أرسله الله ليفعل فعلا بمشيئة الله وقدرته فهذا عام يتناول كل الخلق كما أنهم كلهم يفعلون بمشيئته وإذنه المتضمن لمشيئته لكن أهل الايمان يفعلون بأمره ما يحبه ويرضاه ويعبدونه وحده ويطيعون رسله والشياطين يفعلون بأهوائهم وهم عاصون لامره متبعون لما يسخطه وان كانوا يفعلون بمشيئته وقدرته ) ( ) القول الرابع : الرسول من أوحي إليه بشرع جديد وأمر بالتبليغ والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل . وقال النسفي ـ رحمه الله ـ : ( … وسئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الانبياء فقال مائة الف وأربعة وعشرون ألفا فقيل فكم الرسل منهم فقال ثلثمائة وثلاثة عشر والفرق بينهما أن الرسول من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه والنبي من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر ان يدعو إلى شريعة من قبله وقيل الرسول واضع شرع والنبى حافظ شرع غيره ) ( ) وقال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ : ( قال تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية . يدل على أن كلا منهما مرسل ، وانهما مع ذلك بينهما تغاير واستظهر بعضهم أن النبي الذي هو رسول أنزل إليه كتاب وشرع مستقل مع المعجزة التي ثبتت بها نبوته ، وأن النبي المرسل الذي هو غير الرسول ، وهم من لم ينزل عليه كتاب وإنما وأوحي إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله ، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة ، كما بينه تعالى بقوله : { يحكم بها النبيون الذين أسلموا } الآية ) ( ) . وقال الشيخ عبدالرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ : ( النبي : مشتق من النبأ ، بمعنى : الخبر ، فإذا كان المراد أنه يخبر أمته بما أوحى الله إليه ، فهو فعيل ، بمعنى : فاعل ، وإن كان المراد أن الله يخبره بما يوحى إليه ، فهو فعيل ، بمعنى : مفعول ، ويصح أن يكون مأخوذا من النبء ( بالهمزة وسكون الباء ) ، أو النبوة ، أو النباوة ( بالواو ) ، وكلها بمعنى : الارتفاع والظهور ، وذلك لرفعة قدر النبي ، وظهور شأنه ، وعلو منزلته . والفرق بين النبي والرسول : أن الرسول من بعثه الله إلى قوم ، وأنزل عليه كتابا ، أو لم ينزل عليه كتابا لكن أوحى إليه بحكم لم يكن في شريعة من قبله ؛ والنبي من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة دون أن ينزل عليه كتابا ، أو يوحى إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ ، وعلى ذلك ، فكل رسول نبي ن ولا عكس , وقيل : هما مترادفان ، والأول أصح . ) ( ) قال الشيخ الأستاذ الدكتور عمر الأشقر : ( النبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل ؛ والرسول من بعث بشرع جديد للأتي : الأول : أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ " فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ فإن الإرسال يقتضي من النبي الإبلاغ . الثاني : أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى ، والله لا ينـزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس ، ثم يموت هذا العلم بموته . ( ) الثالث : أن عوام بني إسرائيل أخذ عليهم الميثاق فكيف بالأنبياء ؟. قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ" آل عمران (187) . الرابع : ومن الأدلة القاطعة كذلك ما أخرجه البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ . " ( ) فهذا النبي معه الرهط من أتباعه فكيف يتبعوه لولا البلاغ ؟ . الخامس : وقد كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما مات نبي قام نبي آخر أخرج البخاري عن أَبَي هُرَيْرَةَ قال : قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي " قال الحافظ ـ رحمه الله ـ ( قوله : ( تسوسهم الأنبياء ) أي أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيا لهم يقيم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة ) . وقال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) " البقرة ، علم هذا النبي بأمر طالوت بالوحي ثم بلّغ أمر ربه جل وعلا ، وقال تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112) " الأنعام الجواب على من قال أنه لا فرق بين النبي والرسول : وفي تفسير مجاهد عند قول الله تعالى في سورة مريم { وكان رسولا نبيا } قال : النبي هو الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل ، والرسول هو الذي يرسل . وقد قال سفيان الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .وعلى هذا فقول مجاهد في تفسير الآية من سورة مريم يحتمل أنه مما أخذه عن ابن عباس رضي الله عنهما والله أعلم . قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في كتب الإيمان : ( وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذكر لهما ) . قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ( ولم يبق في الآية الكريمة المسئول عنها إشكال إلا ما يقتضيه ظاهرها من رسالة الرسول ورسالة النبي المغاير للرسول ، إذ معنى الكلام { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا أرسلنا من قبلك من نبي } فما عليه أكثر العلماء من أن النبي أعم من الرسول مطلقا وأن الرسول أخص من النبي مطلقا ، وأن النبي هو من أوحي إليه وحي أمر بتبليغه أم لا ؟ والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ خاصة لا تساعده هذه الآية الكريمة لأنها تقتضي رسالة الرسول ، ورسالة النبي المغاير للرسول ، وللعلماء عن هذا الإشكال أجوبة بتعين حمل المعنى على بعضها منها أن الرسول هو الذي يأتيه جبريل بالوحي عيانا ، والنبي هو الذي تكون نبوته إلهاماً أو مناماً ، ومنها أن الرسول من بعث بشرع جديد ، والنبي من بعث لتقرير شرع من قبله كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يوحى إليهم أن يعملوا بما أنزل قبلهم في التوراة . ومنها أن الرسول من بعث بكتاب ، والنبي من بعث بغير كتاب ، وعلى كل من هذه الأوجه فلا إشكال في الآية الكريمة( ) ) قال الألوسي 17 / 173 : وعطف نبي على رسول يدل على المغايرة بينهما وهو الشائع ويدل على المغايرة أيضا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأنبياء فقال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل فكم الرسل منهم قال ثلثمائة وثلاثة عشرة جما غفيرا وقد أخرج ذلك كما قال السيوطي أحمد وابن راهوية في مسنديهما من حديث أبي أمامة وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر وزعم ابن الجوزي أنه موضوع وليس كذلك نعم قيل في سندع ضعف جبر بالمتابعة وجاء في رواية الرسل ثلثمائة وخمسة عشر واختلفوا هنا في تفسير كل منهما فقيل الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام وقيل الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم وإن لم يكن جديدا في نفسه كإسماعيل عليه السلام إذ بعث لجرهم أولا والنبي يعمه ومن بعث بشرع غير جديد كذلك وقيل الرسول ذكر حر له تبليغ في الجملة وإن كان بيانا وتفصيلا لشرع سابق والنبي من أوحى إليه ولم يؤمر بتبليغ أصلا أو أعم منه ومن الرسول وقيل الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبي غير الرسول من لا كتاب له وقيل الرسول من له كتاب أو نسخ في الجملة والنبي من لا كتاب له ولا نسخ وقيل من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناما وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي وأنت تعلم أن المشهور أن النبي في عرف الشرع أعم من الرسول فإنه من أوحى إليه سواء أمر بالتبليغ أم لا والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ ولا يصح إرادة ذلك لأنه إذا قوبل العام بالخاص يراد بالعام ما عدا الخاص فمتى أريد بالنبي ما عدا الرسول كان المراد به من لم يؤمر بالتبليغ وحيث تعلق به الإرسال صار مأمورا بالتبليغ فيكون رسولا فلم يبق في الآية بعد تعلق الإرسال رسول ونبي مقابل له فلا بد لتحقيق المقابلة أن يراد بالرسول من بعث بشرع جديد وبالنبي من بعث لتقرير شرع من قبله أو يراد بالرسول من بعث بكتاب وبالنبي من بعث بغير كتاب أو يراد نحو ذلك مما يحصل به المقابلة مع تعلق الإرسال( ) .) وقال ابن جزيء الكلبي الغرناطي في تفسيره في الكلام على قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } الآية : [ النبي أعم من الرسول فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا فقدم الرسول لمناسبته لقوله وما أرسلنا وأخر النبي لتحصيل العموم لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبيا غير رسول ] انتهى . وأما الدليل من السنة ففي عدة أحاديث أحدها ما رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضؤك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول " فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت قال " لا ، ونبيك الذي أرسلت " ، وفي رواية الترمذي قال البراء فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال فطعن بيده في صدري ثم قال " وبنبيك الذي أرسلت " . وهذا الحديث صريح في التفريق بين الرسول والنبي وقد استدل به غير واحد من أكابر العلماء على التفريق بينهما ، وقد تقدم كلام القرطبي في ذلك تقريبا . وقال الخطابي : [ والفرق بين النبي والرسول أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبئ وأخبر به ، والنبي هو المخبر ولم يؤمر بالتبليغ ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . قال ومعنى رده على البراء من رسولك إلى نبيك أن الرسول من باب المضاف فهو ينبئ عن المرسل والمرسل إليه فلو قال ورسولك ثم قال الذي أرسلت لصار البيان مكررا معادا ، فقال ونبيك الذي أرسلت إذ قد كان نبيا قبل أن يكون رسولا ليجمع له الثناء بالإسمين معا ويكون تعديدا للنعمة في الحالين وتعظيما للمنة على الوجهين ] انتهى وقد نقله عنه ابن الاثير في جامع الأصول وأقره ) إلى أن قال : وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في قوله وبرسولك الذي أرسلت قال " لا وبنبيك الذي أرسلت " وقال ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب عند قول الله تعالى { ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } [ فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس ) . وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة المدثر بعد ما قرر أن أول من نزل من القرآن أول سورة { أقرأ } قال : [ وقوله تعالى : { قم فأنذر } أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة ). الترجيج : هذا سرد للآراء ظهر لنا فيه كثرة الأقوال وأنها كلها اجتهادية و تستطيع أن نقول بأن الفرق ثابت بين النبي والرسول ولا مجال لنفيه حيث يوجد ما يقوي إثباته من حديث أبي ذر الذي أقل ما يقال فيه بأنه يستأنس به استأناساُ . إن لم يكن دليلا قاطعا . ولكن تحديد الفرق هو الشيء الذي لا نستطيع الجزم به حيث لا دليل يمكن الجزم به ، ولكن لعلنا من واقع ما مر معنا من أقوال نستطيع أن نعرّف النبي والرسول بهذين التعريفين التقريقبيين فنقول وبالله التوفيق : الرسول : من أرسل إلى قوم مخالفين أو كافرين ، ويدعو الناس إلى شرعٍ معه ، ويكذبه بعض قومه ويخاصمونه وهو مأمور بالتبليغ والإنذار ، وقد يكون معه كتاب ـ وهو الأقرب ـ وقد لا يكون ، وقد يكون شرعه جديدا وقد يكون مكملا لشرع سابق ـ أي فيه زيادة ونسخ ـ . أما النبي فهو : أوحي إليه ويبعث في قوم مؤمنين يحكم بشريعة سابقة له يدعو إليها ويحييها ، وقد يؤمر بالتبليغ والإنذار ، وقد يكون معه كتاب . هذا ما منّ الله تعالى به ، والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من ى نبي بعده وبعد . |
|
05-24-2010, 09:56 AM | رقم المشاركة : 8 | |
|
الوسطية في الاسلام المقدمـــةالحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على خير عباد الله أجمعين، محمد بن عبد الله عليه وعلى سائر أنبياء الله أفضل الصلاة والسلام. أمابعد: فإن موضوع الوسطية في الإسلام من المواضيع التي طرقها القرآن كثيراً، وفي هذا البحث المتواضع الذي حاولت فيه جاهداً أن أجمع ما أستطيع في هذا الشأن، وحاولت كذلك أن أجعل هذا الموضوع علمياً بحتاً، وليس مجرد تعبير جاف أو رص كلمات، وهذا البحث هو باكورة أعمالي؛ لذلك فأنا متأكد أني سأخطئ فيه كثيراً، ولكن -باعتبارنا طلاباً في الجامعة- لا بد من المحاولة حتى نتعلم. وقد رتبت هذا البحث على محاور ستة، وهي: 1. أهمية الموضوع. 2. خصائص الإسلام. 3. الإسلام وسط بين الأمم (اليهود والنصارى). 4. أهل السنة وسط في العقيدة. 5. الوسطية في المنهج. 6. الوسطية في العبادة. وذكر الإمام الرباني شيخ الإسلام الثاني ابن القيم في كتابه القيم الموسوم (بالفوائد) خير الأمور الوسط: (والأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط، وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة، بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به؛ فإنه متى خرج بعض أخلاطه عن العدل وجاوزه أو نقص عنه ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك) ( ). وأملي من الله عز وجل أن ينفع بهذا البحث المتواضع، وأن يأجر كاتبه وكل من ساعد فيه. وكتبه عبدالرحمن بن محمد الهرفي الهفوف : 1412هـ أهمية الموضوع فإن هذه الأمة المحمدية، منذ بعثة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، ونزول القرآن الكريم؛ وهي تحمل المشعل المضيء في الظلام الحالك، المحيط بها ذات اليمين وذات الشمال، فكانت أمة الخير بشهادة القرآن لها. فقال تعالى: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ))[آل عمران:110]. فوصفها بالخيرية التي رفعتها عن الحضيض، أو العيش في حثالة التاريخ أو مخلفاته، ومع ذلك فهي لا تزال أمة من سائر الأمم، لم تتطاول إلى ما فوق مكانتها، ولم تدَّعِ لنفسها رتبة غير رتبتها، ولم تخرج عن قدرها لتقول عن نفسها كما قال اليهود والنصارى: (( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ )) [المائدة:18]. بل اختارت الوصف الوسط، وجعلته سمة من أبرز سماتها، والتي تحرص على تحقيقها في حياة الأفراد والجماعات والتي تعنى بالتوازن والاعتدال( ). إن مبدأ الوسطية التي أفردت له هنا بحثاً مستقلاً، قد شغل حيزاً كبيراً في آيات الكتاب الكريم، بل بلغ الاهتمام به أن أخذ مكاناً بارزاً في فاتحة الكتاب التي يتلوها كل مؤمن في اليوم الواحد سبع عشر مرة على الأقل: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7]. أليست هذه دعوة إلى الوسطية؟ وهي تعتبر بحق طريق النجاة والاستقامة والسلامة، إذ أنها تجانب طريقين: طريق نهايته حلول الغضب من الله، وطريق آخر نهايته الضلال، والمسلم يسير بينهما على وجل وحذر من الوقوع فيهما، ولذلك شرع الله له أن يقرأ ذلكم الداء في سورة الفاتحة مراراً في كل يوم وليلة، حتى يضع أول قدميه في الجنة وعندئذٍ تحصل الطمأنينة والنعيم والحبور. خصائص الإسلام أ- رباني المصدر( ): فهو وحي من الله سبحانه وتعالى: لفظاً ومعنى، وهو القرآن الكريم، أو معنى فقط، وهو السنة المطهرة، إذ لا مدخل فيه لعقول البشر. ب- أنه دين شامل لجميع أمور الحياة في الدنيا والآخرة( ): فلا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا وضع لها نظاماً بأروع إحكام، فهو مهيمن على الأعمال والأقوال والسلوك، وكل أمور الحياة، ولا يتم إيمان العبد إلا عندما يُخضع كل أمور حياته لهذا الدين. ج- أنه عام لجميع البشر( ): من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً )) [سبأ:28]. فليس خاصاً بفئة من الناس، ولا بزمان معين، وليس كتلك الرسالات السابقة التي كانت تنزل لمكان محدود، أو لفئة خاصة من الناس. د- أنه دين وسط بين الإفراط والتفريط: وسط في عقائده، ووسط في منهجه، ووسط في عبادته، وسط في أنظمته وأخلاقه: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )) [البقرة:143]. فهو دين العدل والخيرية والكمال، قال الشوكاني: (أمة وسطاً) أي: كما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطاً، والوسط: الخيار أو العدل. والآية محتملة المعنيين). ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير، كان محموداً، أي أن هذه الأمة لم تغلُ غلو النصارى في عيسى عليه السلام، ولم تقصر تقصير اليهود في أنبيائهم، ويقال: وسط قومه، أي: خيارهم( ). قال الإمام الحافظ ابن كثير: (والوسط هنا: الخيار الأجود، كما يقال: قريش وسط العرب نسباً وداراً، أي: خيرهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه، ولما جعل الله عز وجل هذه الأمة وسطاً خصها بأكمل الشرائع، وأقوى المناهج، وأوضح المذاهب) ( )، وقال صاحب الظلال: (يحدث الله عز وجل هذه الأمة عن حقيقتها الكبيرة في هذا الكون، وعن وظيفتها الضخمة في هذه الأرض وعن دورها الأساسي في حياة الناس، وهي صاحبة شخصية خاصة بها لا التي تتلقى من الناس تصوراتها وقيمها وموازينها. (أمة وسطاً) في التصور والاعتقاد؛ لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة بلا تفريط ولا إفراط. (أمة وسطاً) في التفكير والشعور؛ لا تجمد على ما علمت وتغلق منافذ؛ التجربة والمعرفة، ولا تتبع كذلك كل ناعق. أو تقلد تقليد القردة المضحك. (أمة وسطاً) في الارتباط والعلاقات؛ لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تطلقه كذلك فرداً جشعاً لا هم له إلا ذاته. (أمة وسطاً) في المكان؛ في كرة الأرض وفي أوسط بقاعها، وما تزال هذه الأمة التي عمر أرضها الإسلام إلى هذه اللحظة تتوسط العالم)( ). الإسلام وسط بين الأمم ذكرنا آنفاً أن القرآن الكريم طرق موضوع الوسطية في عدة آيات من كتاب الله عز وجل وذكر هذا الموضوع في أم الكتاب -السبع المثاني- وهي قوله تعالى: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7]. يقول الشيخ خليل هراس شارح الواسطية: (هذه الأمة وسطٌ بين: الأمم التي تجنح إلى الغلو الضار، والأمم التي تميل إلى التفريط المهلك؛ فإن من الأمم من غلا في المخلوقين وجعل لهم من صفات الخالق وحقوقه، كالنصارى الذين غلوا في المسيح والرهبان. ومنهم من جفا الأنبياء وأتباعهم حتى قتلهم، وردَّ دعوتهم كاليهود الذين قتلوا زكريا، ويحيى، وحاولوا قتل المسيح ورموه بالبهتان، أما هذه الأمة فقد آمنت بكل الرسل واعتقدت رسالتهم. ومن الأمم من استحلت كل خبيث وطيب. ومنها ما حرم الطيبات غلواً ومجاوزة، وأما هذه الأمة فقد أحل الله لها الطيبات وحرم عليها الخبائث. إلى غير ذلك من الأمور التي منَّ الله بها على هذه الأمة الكاملة بالتوسط فيها( ). يقول الدكتور السحيمي في كتابه تنبيه أولي الأبصار( ): (لقد نظر الإسلام للأنبياء والعلماء والدعاة نظرة عالية قويمة لا إفراط فيها ولا تفريط، وأنزلهم المنزلة التي تليق بهم من غير تفريط كاليهود ولا إفراط كالنصارى. أما اليهود فقد كذبوا أنبياءهم ودعاتهم، وعذبوهم وقتلوهم وأهانوا مصلحيهم كلما أمروهم بالقسط، ولقد فضحهم الله عز وجل في كتابه حيث قال: (( وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ )) [البقرة:88]، وهكذا موقفهم دائماً من الذين يدعونهم، وذكرهم الله كذلك بقولهم: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )) [آل عمران:21-22]، وعلى النقيض فالنصارى غلوا وأفرطوا في المسيح عليه السلام، فقد عظموه حتى جعلوا منه إلهاً يعبد، فخرجوا بذلك عن الصراط المستقيم إلى الكفر، قال تعالى: (( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) [المائدة:72-74]، ولم يقف الأمر إلى هذا الحد، بل أعطوا علماءهم حق التشريع من دون الله ولو خالف كلام الله عز وجل بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم ووصفهم الله تعالى بقوله: (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [التوبة:31]. وقد وصل بهم الحال من الغلو إلى حد اعتقاد العصمة للبابا، ولم يقف عند هذا الحد بل قدسوهم أمواتاً كذلك. أما موقف أهل السنة وعقيدتهم فهي: أن الإسلام وقف مع الأنبياء، فقد أكرمهم وأنزلهم منزلة سامية لا يدانيهم فيها أحد من البشر، وهي: أنهم صفوة الله من خلقه، ومع هذا فإنهم بشر يجري عليهم ما يجري على سائر البشر، من الحاجة إلى الطعام والشراب، والنوم والنكاح، والمرض والموت.. ونحو ذلك مما جَبَلَ الله عليه البشر، أما الموت ففي قوله تعالى: وهو يحكي عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) [آل عمران:144]، وقد رفع الإسلام مكانة الأنبياء في القلوب، حتى جعل تقديم حب الله ورسوله على كل شيء، بل وجعله سبباً من أسباب تذوق حلاوة الإيمان، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)، وهل يؤثر عن أمة من الأمم، أو منهج من المناهج أنه أنصف علماءه ودعاته مثل الإسلام؛ فهو وسط بين ظلم اليهود وجورهم، وإفراط النصارى وغلوهم، ونجد عدل الإسلام واعتداله، وتوسطه واتزانه، فيما يتحدث به عن مكانة العلماء والمصلحين كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، وبجانب هذه المكانة أكد الإسلام عدة أمور تعصم من السقوط في المزالق، هي: أ- الطاعة لله ورسوله فقط. ب- العصمة للأنبياء فقط. ج- من عدا الأنبياء يصيبون ويخطئون، ولا يقلل هذا من شأنهم، ولا يمحو حسناتهم، ولا يبخسهم حقهم، فيطاعون فيما أصابوا فيه منهج الله، ويستغفر لهم فيما جانبهم الصواب فيه. د- وعند الاختلاف يرجع الأمر إلى كتاب الله والسنة المطهرة( )، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) [النساء:59]. الوسطية في العقيدة سنتطرق في هذا الموضوع إلى ضلال بعض الفرق، وسنذكر كيف توسط أهل السنة بينهم، ونرتبها على الشكل التالي: أ- في باب الأسماء والصفات لله تعالى. ب- في باب أفعال العباد. ج- في باب وعيد الله. د- في باب أسماء الإيمان والدين. ه- في باب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر شيخ الإسلام وشامة الشام وعلامة الأنام: (أن أهل السنة وسط، بمعنى عدول خيار، وبمعنى: أنهم متوسطون بين فريقي الإفراط والتفريط؛ فهم وسط بين الفرق المنتسبة للإسلام وكذلك وسط بين أهل البدع الذين حادوا عن الحق) ( ). وسط في باب الأسماء والصفات: أهل السنة وسط في باب الأسماء والصفات بين الجهمية والمشبهة. الجهمية: (نسبة لجهم بن صفوان) وهؤلاء غلوا وأفرطوا في التنزيه حتى نفوا أسماء الله وصفاته حذراً من التشبيه بزعمهم)( )، (لا يثبتون صفات الله عز وجل، بل يعطلونها هروباً من التشبيه)( )، فوقعوا في بدعة لرد بدعة أخرى. المشبهة: هؤلاء غلوا في صفات الله عز وجل، حتى شبهوا المخلوق بصفات الخالق)( )، (غلوا في إثبات الصفات فشبهوا صفات الله بصفات المخلوقات)( ). الأشاعرة: ينفون بعضها ويثبتون بعضها( ). المعتزلة: ينفون الصفات دون الأسماء( ). أهل السنة والجماعة: توسطوا بين الفرق، فأثبتوا صفات الله عز وجل على الشكل اللائق بجلاله، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل) ( )، يثبتون صفات الله عز وجل وينفون، مماثلتها للمخلوقات( ). وقوله: (بين التشبيه والتعطيل) ( )؛ أنه تعالى يحب أن يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تشبيه، فلا يقال: سمع كسمعنا، ولا بصر كبصرنا.. ونحوه. ومن غير تعطيل، فلا ينفى عنه ما وصف به نفسه، أو وصفه به أعرف الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك تعطيل. ونظير هذا القول قوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه) ( )، وهذا المعنى مفهوم من قوله تعالى: (( فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنْ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) [الشورى:11] فقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على المشبهة، وقوله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) رد على المعطلة( ). وسط في باب أفعال العباد: أهل السنة وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية. الجبرية: (أتباع الجهم ينفون فعل العبد الاختياري ويقولون: إنه مجبور على فعله، وأن أفعاله نفس أفعال الله) ( )، ولفظ الجبرية: (نسبة إلى الجبر؛ لأنهم غلوا في إثبات الفعل لله عز وجل، ونفوا الفعل من العباد، وأن العبد مجبور على فعله فحركاته كحركات المرتعش) ( ). القدرية: (يقولون: إن العبد يخلق أفعاله ويجعلها دون مشيئة الله، وقدرته لهذا سمو مجوس هذه الأمة) ( )، ولفظ القدرية: (نسبة إلى القدر، فقد غلوا فيه حتى قالوا: إن العبد يخلق الفعل بنفسه بدون مشيئة الله( )، ويقولون: إن الأمر أُنُف، وكذلك يعتقدون أن الله عز وجل لا يعلم بالفعل إلا بعد وقوعه). أهل السنة والجماعة: توسطوا فقالوا: أن للعبد مشيئةً وأفعالاً، ولكن لا يفعل شيئاً بدون إرادة الله عز وجل ومشيئته( ) (( وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )) [الصافات:96]؛ للعبد قدرة وإرادة وفعل وهبها الله له لتكون أفعاله حقيقة لا مجازاً، فهي من العبد كسباً ومن الله خلقاً، مع اعتقادهم أن الله خلق كل شيء )) ( ). وسط في باب وعيد الله: أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية. المرجئة: (نسبة للإرجاء، وهو: التأخير. وسموا بذلك لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة) ( ). (أتباع جهم أيضاً قالوا: لا تضر الذنوب مع الإيمان، فالناس سواء فاسقهم وصالحهم، ولا يعاقب مرتكب الكبيرة؛ فالأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان عندهم) ( ). (والإيمان هو: الإقرار باللسان، وهو التصديق، وأن المعرفة بالله عز وجل ليست من الإيمان) ( ). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان هاهنا) أشار إلى قلبه. الوعيدية: (فهم الذين قالوا بانقاذ الوعيد على العاصي، وشددوا في ذلك حتى قالوا: إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب فهو مخلد في نار جهنم، ويحكمون بخروجه من الإيمان في الدنيا) ( )، (مرتكب الكبيرة إذا مات كان مخلداً في النار لخروجه عن الإيمان كلية) ( ). أهل السنة: (كانوا وسطاً، فقالوا: مرتكب الكبيرة يسمى: (فاسقاً) وينقص إيمانه، ولكنه لا يخرج من الإيمان ولا من دينه؛ فهو تحت المشيئة) ( )، (ومرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان، ويسمى فاسقاً لا كافراً، وإذا مات على كبيرة فهو تحت مشيئة الله عز وجل) ( ). وقال أهل السنة والجماعة: وإخلاف الوعيد كرم، بخلاف إخلاف الوعد؛ فإنه يمدح بإخلاف الوعيد بخلاف الوعد( ). قال الشاعر: وإنــي إن أوعـدتــه أو وعـدتـــه لمخلف إيعادي ومنجز موعدي وسط في باب أسماء الإيمان والدين: أهل السنة وسط في باب أسماء الإيمان والدين بين الخوارج والمرجئة. الخوارج (الحرورية): (نسبة للمكان الذي خرجوا فيه على علي رضي الله عنه، وهم طائفة من الخوارج، يقولون: مرتكب الكبيرة مخلد في النار، ويحكمون بكفره؛ لأنهم ينفون الإيمان عن مرتكب الكبيرة بالكلية) ( )، (ويعتقدون أن صاحب الكبيرة خالداً في نار جهنم) ( ). المعتزلة: (يقولون: أن صاحب الكبيرة بين منزلة الكفر والإيمان، وإن مات كان مخلداً في النار) ( )، (قالوا في أسماء الإيمان: هناك منزلة بين منزلتين: الإيمان والكفر فلا هو مؤمن ولا كافر) ( ). المرجئة والجهمية: (يقولون: مرتكب الكبيرة كامل الإيمان، ولا يستحق عقوبة عندهم، بل إيمانه كالأنبياء) ( )، (تساهلوا في ذلك وقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية؛ لأن الإيمان عندهم: تصديق بالقلب فقط، أو مع النطق باللسان، على خلاف بينهم) ( ). أهل السنة والجماعة: (يقولون: مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان؛ ينقص إيمانه بقدر المعصية، وأمره في الآخرة مفوض إلى الله) ( )، (وقالوا: إن المعاصي لا تخرج من الإيمان لمجرد المعصية، وهو تحت المشيئة، ولا يخلد في النار كقول الخوارج والمعتزلة، والمعاصي تنقص الإيمان، ويستحق صاحبها دخول النار إلا أن يعفو الله عنه، وصاحب الكبيرة فاسق ناقص الإيمان) ( ). وسط في أصحاب رسول الله: أهل السنة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج. الرافضة -قبحهم الله-: (غلوا في علي رضي الله عنه وفي آل البيت، ونصبوا العداوة لباقي الصحابة، وخاصة الشيخين وذي النورين -رضي الله عنهم أجمعين-) ( ). (قالوا لزيد بن علي بن الحسين: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، فقال: بل نواليهما ونتبرأ ممن تبرأ منهما، فقالوا: إذاً نرفضك، وسموا رافضة) ( ). الخوارج: (كفروا علياً وكثيراً من الصحابة، واستحلوا دماءهم وأموالهم) ( )، و(يكفرون عثمان وعلياً ومعاوية وكثيراً من الصحابة، بل يستحلون دماءهم وأموالهم) ( ). أهل السنة والجماعة: (تولوا جميع الصحابة، ولم يكفروا أحداً منهم، وأنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيهم) ( )، (يعترفون بفضل الصحابة، ويترضون عليهم بما قاموا به من مناصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة الإسلامية) ( ). وأجمع علماء السلف على خير هذه الأمة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. وقد كان علي رضي الله عنه يقول: (لا أجد أحداً يفضلني على الشيخين إلا أقمت عليه حد المفتري). وبعدما تعرفنا على أنواع الانحراف وعرفنا توسط أهل السنة، فما هو سبب هذا الانحراف؟ تعال معي لنعرفها من كتاب اللالكائي( ) وقد أجملها في أمور، منها: الأول: الغلو ويمثله الخوارج والرافضة. أ. الخوارج: فقد غلوا في فهم آيات الوعيد، وأعرضوا عن آيات الرجاء. ب. الرافضة: فقد غلوا في علي بن أبي طالب وآل البيت، حتى وصل الغلو إلى رفع الأئمة إلى درجة النبوة، بل وإلى مقام الألوهية. الثاني: الرد على البدعة ببدعة مثلها أو أشد منها، وكان ذلك واضحاً في بدعة المعتزلة كخط وسط بين الخوارج والمرجئة. الثالث: المؤثرات الأجنبية، ونعني بذلك: تأثير أرباب الأديان والمذاهب الأخرى في عقائد الفرق المنحرفة. الوسطية في المنهج (تتلخص وسطية الإسلام في قضية المنهج في الركن الأول من أركان الإسلام، وهو: (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، هذه الوسطية تتضمن إفراد الله -سبحانه وتعالى- بالعبادة، والقصد؛ لتكون كل الأعمال المقصود منها والغاية إنما هو رضا الله -سبحانه وتعالى- وتتضمن في جزئها الثاني: إفراد محمد صلى الله عليه وسلم في التلقي عن الله في كيفية أداء هذه العبادة المطلوبة، فلا يعبد إلا وفق ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال بعض العلماء: إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى) نصف الدين، ونصفه الآخر وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، لأن الأول يتضمن المقاصد، والثاني يتضمن المتابعة، وكلاهما شرط في صلاح العمل وتهيئته للقبول، وقد قال بعض السلف: (ما من فعلة وإن صغرت، إلا وينشر لها ديوانان. (لم؟) و(كيف؟) أي: لم فعلت؟ وكيف فعلت؟ فالأول: سؤال عن علة الفعل، وباعثه، وداعيه، هل هو حظ عاجل؟ أم الباعث على الفعل القيام بحق العبودية. والثاني: سؤال عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك التعبد. وهذا هو الذي بينه القرآن الكريم في قوله تعالى: (( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )) [الملك:2] وهذا الأحسن بتضمن أمرين، كما فسر ذلك الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى، عندما قال: (أحسنه، أي: أخلصه وأصوبه) فأخلصه هو: (لا إله إلا الله) وأصوبه: (محمد رسول الله)، وهو الذي أشارت إليه سورة الفاتحة -أم القرآن الكريم- وفيها: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ )) [الفاتحة:6، 7]. الطريق الأول: طريق العباد الروحانيين من نصرانية محرمة، أو شعوذة، أو صوفية باطلة، أساسها الجهل فزاغت عن الطريق، وتجنبت الإصابة المنشودة، وإن صلحت نياتهم ومقاصدهم، خلصوهم من كل شائبة شرك لأحد آخر، فهم قد صدقوا في الإجابة على (لم؟) أي لم فعلت؟ لكن ليس عندهم إجابة عن كيف؟ أي كيف فعلت؟ الطريق الثاني: ويذكر عادة كمثال لهؤلاء السالكين اليهود، الذين غضب الله عليهم، لتنكبهم الصراط المستقيم عن علم، أما الوسط فهو الصراط المستقيم عن علم، الذي جمع بين (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أو بين (العلم والعمل)، أو (الإصابة والإخلاص)، وهو أحسن العمل الذي تعبد الله عباده به، وهو الذي يتمكن من الإجابة في النهاية على السؤالين معاً بطمأنينة وراحة بـ(لم فعلت؟ وكيف فعلت؟). الوسطية في العبادة (لقد سيطرت فكرة الانفصال بين الروح والجسد سيطرة كبيرة على كثير من العقائد والفلسفات، وانبعث من هذا الانفصام جنوح شديد إلى أحدهما على حساب الآخر، وبالتالي يظهر لنا أن هناك اتجاهين بارزين: أحدهما أغرق وبالغ في حق الجسم. والآخر على النقيض، إذ كان كل اهتمامه في حق الروح، وإليك بيان هذين المنهجين: 1- اليهودية: فبعد تحريف الكتاب طغت كل بنودها في تقديس المادية، فلا تقرأ في أسفار التوراة ذكراً للآخرة، حتى الوعد والوعيد فيها للمطيعين والعصاة إنما هو في الدنيا فقط، فلا يعمل الشخص إلا لتحقيق كسب حسي عاجل، أو خوف عقوبة حسية عاجلة من فقر أو مرض.. ونحوهما. 2- النصرانية: وهو المنهج القائم على الروحانيات وإعلائها وتمجيدها، وإن كان المنهج الأول تزعمته اليهودية فإن المنهج الثاني تزعمته النصرانية، وذلك أن اليهودية قامت على الماديات، وجاءت النصرانية متممة لها فلا بد أن تركز على الجوانب الروحانية، قال تعالى: (( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ * وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ )) [آل عمران:49-50]. فقد كان مجيء المسيح عليه السلام ليعدل انصراف اليهود إلى المادية البحتة، لكن اليهود عادوا المسيح وأتباعه؛ فضلت اليهودية في ماديتها، وضلت النصرانية في رهبانيتها وروحانيتها، ولم تقف الدعوة عند هذا الحد، بل ابتدع أتباع النصارى رهبانية قاسية على النفس: تحرم الزواج، وتكبت الغرائز، وترفض كل أشكال الزينة وطيبات الرزق.. وأمام هذا الغلو اليهودي الملحد وغلو المسيحيين في الترهب المبتدع جاء الإسلام ليصحح المسألة ويهدي الناس إلى أقوم السبل الطريق الوسط بين عبادة المادة وبين إرهاق الروح، ليعطي كل ذي حق حقه، قال تعالى: (( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا )) [القصص:77]). الخاتمـة لا يتسع المقام في بحث قصير مثل هذا أن يستوعب كل مجالات الوسطية في الإسلام! وإنما أردت في هذا البحث أن أخرج بنتيجة ناصعة وهي البرهان على وسطية الإسلام في كل أمور الحياة من خلال ضرب المثال، وخرجت كذلك بنتيجة أخرى أظن أن لها أهميتها، ألا وهي: أن هذه الوسطية ثابتة راسخة، حتى فيما يستحدث من نظم يضعها الخلق، ويحاولون فيها وضع مناهج حياة الناس، فمن شقاء البشرية أن يطلعوا على الإسلام -وهو بين أيديهم- فيعرضوا عنه ويضعوا أنظمتهم المتعددة دون الاعتماد عليه، ومما لا شك فيه أنك تجد من خلال استقراء بعض هذه النظم أن منها ما سلك أحد طريقي الانحراف، لتسلك مجموعة أخرى الطريق الآخر، وليبقى الوسط -الخير والعدل- محفوظاً، لا يستطيع أن يسير فيه إلا من اتبع منهج الله سبحانه وتعالى، وبذلك يبقى ثبات هذه الوسطية دائماً حتى مع ما يتجدد ويضعه الناس من نظم وتشريعات، فإن كثيراً من المجالات التي أشرتُ إليها متأخر عن صدر الإسلام، ونزول الوحي، ومع ذلك فالإسلام باقٍ، وسطاً عدلاً في كل عَصْرٍ ومِصْرٍ، وفي كل حال ومآل. المراجـــع 1- القرآن الكريم. 2- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن (محمد فؤاد عبد الباقي) (دار الفكر) (1407هـ). 3- تفسير القرآن العظيم (الإمام إسماعيل بن كثير رحمه الله) (دار المعرفة الطبعة الثالثة) (1409هـ). 4- تفسير فتح القدير (الإمام الشوكاني رحمه الله) عالم الكتب. 5- تفسير في ظلال القرآن (للأستاذ سيد قطب رحمه الله) دار الشروق الطبعة السادسة عشرة (1410هـ). 6- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح د/ صالح الفوزان -مكتبة المعارف الطبعة الخامسة (1410هـ). 7- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح العلامة محمد خليل هراس - دار الهجرة الطبعة الأولى (1410هـ). 8- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح مصطفى العالم - دار المجتمع الطبعة السادسة (1405هـ). 9- العقيدة الواسطية (لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه) شرح سعيد بن علي بن وهب القحطاني. 10- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) مجموعة علماء - المكتب الإسلامي (1408هـ). 11- شرح الطحاوية في العقيدة السلفية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) تحقيق أحمد محمد شاكر - مكتب الرياض الحديثة. 12- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله) - شعيب الأرنؤوط- مكتبة البيان، الطبعة الأولى(1401هـ). 13- شرح الطحاوية في العقيدة السلفية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى) عبد الرحمن عميرة - مكتبة المعارف الطبعة الثانية (1407هـ). 14- شرح العقيدة الطحاوية (للعلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى) بشير محمد عيون - مكتبة المؤيد الطبعة الثانية (1408هـ). 15- أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (الإمام اللالكائي) تحقيق د/ أحمد سعد حمدان (ج 1-ج2). 16- تنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار - د/ صالح بن سعد السحيمي- دار ابن حزم الطبعة الأولى (1410هـ). 17- الوسطية في ميزان الإسلام - د/ زيد بن عبد الكريم الزيد - دار العاصمة، الطبعة الأولى (1412هـ). 18- الفوائد (ابن القيم الجوزية رضي الله عنه) دار النفائس، الطبعة السابعة. 19- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة - الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الطبعة الثانية (1409هـ). |
|
05-24-2010, 09:57 AM | رقم المشاركة : 9 | |
|
الإستشراق والإعجاز في القرآن الكريم المقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محَمَّد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد: فهذه وقفات حول النقد الذاتي للاستشراق, تتمحور حول نظرات الأوائل من المستشرقين حول القرآن الكريم, من حيث كونُه كلامَ الله تعالى, منزَّلاً على رسوله محَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, من خلال وسيلة هي جبريل –عليه السلام-, ومحاولات طلائع المستشرقين إنكار أنْ يكونَ القرآن الكريم كتابًا منزَّلاً من عند الله تعالى, ومن ثمَّ إنكار أنْ يشتمل على أيِّ نوع من أنواع الإعجاز, بالإضافة إلى الادِّعاء بأنَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد استعان, في "تأليف" هذا الكتاب المجيد, ببعض معاصريه من أهل الكتاب. وسعى هذا البحثُ إلى التركيز على ردِّ المستشرقين على المستشرقين, فيما يمكن أنْ يدخُل في مفهوم النقد الذاتي للاستشراق. تأتي هذه الوقفاتُ استجابةً لدعوةٍٍ كريمةٍ مشكورة من الأستاذ الدكتور محَمَّد عبدالرحيم محَمَّد عميد كلِّية دار العلوم بجامعة المنيا بجمهورية مصر العربية, رئيس المؤتمر الدولي الثالث عن العلوم الإسلامية وقضايا الإعجاز في القرآن والسنَّة بين التراث والمعاصرة, الذي يُعقد في رحاب جامعة المنيا, كلِّية دار العلوم. آمل أنْ أكون قد وفِّقت في إثارة هذا الموضوع, بما يفتح المجال إلى مزيد من التركيز, من قبَل الباحثين العرب والمسلمين, على نظرة المستشرقين المعاصرين لأسلافهم من طلائع المستشرقين, في مواقفهم من الإسلام والقرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة, وما طرأ على هذه النظرة من تطوُّر أملته الحالة الثقافية المعولمة, التي برزت في الزمن المعاصر, دون اللجوء إلى التعميم في الأحكام, الإيجابية أو السلبية, على الاستشراق, وبما يكْفُل قدرًا من الإنصاف والاعتدال, في ضوء هذا التلاقُح الثقافي والحضاري بين الأمم, مما يستدعي قدرًا غيرَ مستهانٍ به من التسامُح والعدل في الأحكام العلمية وصنوف التعامُل الأخرى. نقل المعلومة الشرعية من وسائل نشر المعلومة الشرعية نقلُها لغويًا, من اللغة العربية إلى لغات أخرى, يتحدَّثها من لا يتحدَّثون العربية, من المنتمين للإسلام، ومن غير المنتمين إلى الإسلام. وتسمَّى هذه الوسيلة بالنقل والترجمة(1). وأوَّل ما يتبادر إلى الذهن في مسألة ترجمة المعلومة الشرعية ترجمة معاني القرآن الكريم من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى(2). القرآن الكريم كلامُ الله تعالى, المنزَّلُ من عنده, بواسطة جبريل –عليه السلام- إلى محَمَّد بن عبدالله-صلى الله عليه وسلم- النبيِّ الأمِّيِّ, لا يرقى إليه كلامُ المخلوقين, من حيث الصياغةُ والمعنى والمدلولُ والديمومةُ، وفيه ألفاظ ودلالات لا مقابلَ لها في اللغات الأخرى, ولا تتهيَّأ ترجمته إلى أيِّ لغة أخرى ترجمةً حرفية غير ميسورة, مهما قامت المحاولات, قديمًا وحديثًا, ولذا كانت هناك محاولات للتعامُل مع هذه الاستحالة بتفسير القرآن الكريم بلغات أخرى, كما اصطلح المسلمون على محاولات الترجمة, خروجًا من هذا الحرج, بأنَّها تعامُلٌ مع المعنى(3). من سمات الإعجاز في القرآن الكريم إعجازه العلمي, بالمفهوم العلمي العام الذي لا يقتصر على العلوم التطبيقية والبحتة, إذ لا بُدَّ من التوكيد على توسيع رقعة المفهوم العلمي, من حيث كونُه إعجازًا قرآنيًا ليشمل السمات العلمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية والتربوية, التي جاءت إشارات لها في كتاب الله تعالى, دون الاقتصار فقط على العلوم التطبيقية (التجريبية) والبحتة. يختلف التفسير العلمي للقرآن الكريم عن الإعجاز العلمي لكتاب الله, إذ إنَّ التفسير العلمي «هو الكشف عن معاني الآية في ضوء ما ترجَّحت صحَّته من نظريات العلوم الكونية. أما الإعجاز العلمي: فهو إخبار القرآن الكريم بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيرًا, وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول –صلى الله عليه وسلم-»(4). تعالج هذه الصفحات موقفَ بعض المستشرقين من الإعجاز في القرآن الكريم, مع التركيز على نقد جهود المستشرقين في التعاطي مع القرآن الكريم بصفته وحيًا منزَّلاً على سيِّدنا رسول الله محَمَّد ابن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, بما في ذلك نقد جهود هؤلاء المستشرقين في مصدرية القرآن الكريم, من حيث نزولُه وحيًا من عند الله تعالى, في مقابل كونه تأليفًا من رسول الله محَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, أعانه عليه قوم آخرون. العناية بكتاب الله تعالى منذ أنْ ختم الله تعالى الأديان كلَّها بالإسلام, وختم الأنبياء والرسُل كلَّهم بمحَمَّد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-, وختم الكتبَ السماويةَ كلَّها, بالقرآن الكريم، وهذا الكتاب المنزَّل هو محطُّ اهتمام المسلمين, وغير المسلمين, بالتفسير والتحليل, والسعي إلى فهمه وتمثُّله من المسلمين, والوقوف على أسرار تأثيره في النفوس من غير المسلمين(5). تَعرَّفَ كثيرٌ من المستشرقين الأوائل على النصِّ القرآني من خلال ترجمة المستشرقين أنفسهم لمعانيه إلى اللغات الأوروبية, التي اعتمد لاحقها على سابقها, مما كان سببًا من أسباب الالتفات عن الإعجاز في القرآن الكريم. ويمكن القول إنَّه من تعرَّض لنصِّ القرآن الكريم, من المستشرقين والعلماء الغربيين, بلغته العربية كانت له مواقفُ أكثر نزاهةً ممَّن تعرَّضوا للنص القرآني مترجَمًا من مستشرقين. الذين تعرَّضوا للقرآن الكريم من منطلق أدبي كانوا أكثر تركيزًا على إعجاز القرآن الكريم. ولا تكاد دراسات المستشرقين عن أدب العصر الجاهلي تخلو من التعرُّض للقرآن الكريم, على اعتبار أنَّ القرآن الكريم معجزٌ بلاغةً, كما أنَّه معجز من نواحٍ أخرى مختلفة(6). لا يتوسَّع هذا البحث للحديث عن الإعجاز نفسه, فمنذ أنْ درس المسلمون الإعجاز البياني في القرآن الكريم, منذ علي بن عيسى الرمَّاني الإخشيدي الورَّاق (276 ـ 384هـ) في كتابه: الجامع لعلم القرآن, وحمد بن محَمَّد بن إبراهيم بن الخطَّاب البُستي "الخطَّابي" (319 ـ 388هـ) في كتابه: إعجاز القرآن, ومحَمَّد بن الطيِّب بن محَمَّد بن جعفر بن القاسم البصري الباقلاَّني (338 ـ 403هـ), في كتابه: إعجاز القرآن, والإنتاج العلمي في هذا المجال يزداد مع الزمن(7). يمكن القول, دون تعميم: إنَّ دراسات المستشرقين الأوائل حول المعلومة الشرعية لا تكاد تخلو من الخلل, إمَّا أن يكون غير مقصود, أو يكون متعمَّدًا. ذلك أنَّ هؤلاء الدارسين للمعلومة قد افتقدوا إلى عاملين مهمَّين؛ أوَّلهما: الافتقار إلى الانتماء إلى هذه المعلومة, وما تمثِّله من ثقافة، ومن ثمَّ أعطاهم عدمُ الانتماء الجرأةَ في الحكم والتحليل, دون النظر إلى التأثير, ولو كان هذا التأثير سلبيًا. العامل الثاني: هو افتقارهم إلى الإلمام باللغة التي جاءت بها المعلومة الشرعية، وهي, هنا, اللغة العربية، رغم محاولاتهم الجادَّة للسيطرة عليها(8). هذا العامل الثاني أخفُّ بكثير من العامل الأوَّل، ولكنَّ تأثيرَه بدا واضحًا, من خلال اضطرار المستشرقين إلى الاستعانة بالضليعين باللغة العربية من العلماء والأدباء العرب, يقرأون لهم, وينسخون ما يكتبون. وقد حرصوا على أصحاب الخطوط الجميلة, في ضوء تعميم المطبعة ووسائل الاستنساخ الحديثة, ومن هؤلاء العلماء والأدباء (مرتَّبة أسماؤهم هجائيًا): إبراهيم شيُّوخ, وابن أبي شنب, وأحمد تيمور, وأحمد زكي, وأحمد عبيد, وإحسان عبَّاس, والقاضي إسماعيل الأكوع, وحسن حسني عبدالوهَّاب, وحمد الجاسر, وصلاح الدين المنجِّد, والشيخ طاهر الجزائري, والعابد الفاسي, وعبدالحيّ الكتَّاني, وفؤاد سيِّد, والفقيه التطواني, وقاسم الرجب, وكوركيس عوَّاد, ومحَمَّد إبراهيم الكتَّاني, ومحَمَّد رشاد عبدالمطلِّب, ومحَمَّد محمود بن التلاميذ التركزي الشنقيطي, ومحَمَّد المنوني, ومحَمَّد يوسف نجم, ومحمود محَمَّد الطناحي(9). يقول رشيد رضا في كتابه: الوحي المحَمَّدي: «إنَّ ترجمات القرآن التي يعتمد عليها الإفرنج في فهم القرآن كلها قاصرة عن أداء معانيه التي تؤدِّيها عباراته العليا وأسلوبه المعجز للبشر. وهي إنما تؤدِّي بعض ما يفهمه المترجم له منهم, إنْ كان يريد بيان ما يفهمه. وإنَّه لمن الثابت عندنا أنَّ بعضهم تعمَّدوا تحريف كلمه عن مواضعه. على أنَّه قلَّما يكون فهمهم تامًّا صحيحًا. ويكثر هذا فيمن لم يكن به مؤمنًا, بل يجتمع لكلٍّ منهم القصوران كلاهما: قصور فهمه وقصور لغته»(10). يعترف المستشرق الفرنسي المعاصر جاك بيرك أنَّ محاولته ترجمة معاني القرآن الكريم «ليست غير محاولة لتفسير معاني القرآن الكريم؛ لأنَّ الترجمة الحقيقية للنصِّ القرآني مستحيلة, فألفاظ وعبارات القرآن الكريم لها مدلولات ومؤشِّرات عميقة, ولا تستطيع اللغة (القابلة) أنْ تنقلها بكلِّ ما تحتويه من معانٍ ظاهرة وخافية»(11). يقول مصطفى عبدالغني: «إنَّ مراجعة ترجمة جاك بيرك, هنا, تشير إلى أنَّه ـ مثل عدد من المستشرقين ـ رغم استخدامه لعدد من المناهج الغربية الجديدة على النصِّ, فإنَّه ما زال يحمل رواسبَ تاريخيةً واجتماعيةً خاصَّةً في التفسير أكثر من محاولة صارمة في المنهج»(12). اصطَلَح المسلمون على أنْ يطلقوا على عملية نقل القرآن الكريم, وترجمته من اللغة العربية إلى أيِّ لغة أخرى, ترجمة معاني القرآن الكريم(13), ويتحرَّج المسلم العالِمُ من إطلاق الترجمة على القرآن الكريم, دون أن تكون مقيَّدةً بترجمة المعنى(14). كان هذا مخرَجًا حفِظَ للقرآن الكريم مكانته, بلغته العربية، ودفع كثيرين من غير العرب إلى تعلُّم اللغة العربية, ليستطيعوا تذوَّق القرآن الكريم, باللغة التي نزل بها. كما أنَّه كان مخرجًا لتعدُّد ترجمات المعاني في اللغة الواحدة, على أيدي أبنائها وغير أبنائها، بل ربَّما تعدَّدت ترجمة المعاني باللغة الواحدة على يد مترجم واحد، حيث يتبيَّن له دائمًا التقصير الذي يعتريه, مع كل ترجمة للمعاني. وهذا من طبع البشر(15). يقول عبدالله بن عبدالمحسن التركي في مقدِّمته للتفسير الميسَّر: «كان غير العرب ـ بمجرَّد دخولهم في الإسلام ـ يتعلَّمون لغة العرب, ليقرؤوا القرآن ويفهموه ويعملوا به. وحينما انحسر المدُّ الإسلامي, وضعُف المسلمون, وقلَّ الاهتمام بالعلوم الإسلامية ولغتها العربية, ظهرت الحاجة إلى ترجمة معاني كتاب الله لمن لا يتكلَّم اللغة العربية ولا يفهمها, إسهامًا في تبليغ رسالة الإسلام للناس كافَّة, ودعوةً لهم إلى هدي الله وصراطه المستقيم. وتعدَّدت الترجمات, ودخل في الميدان من ليس أهلاً له, بل قام بذلك أناسٌ من غير المسلمين, ممَّا جعل الحاجة ملحَّةً إلى أنْ يعتني المسلمون بتوفير ترجمات صحيحة لمعاني كتاب الله, وبيان ما في بعض الترجمات من أخطاء وافتراء ودسٍّ على كتاب الله الكريم, ورسالة نبيِّنا محَمَّد –صلى الله عليه وسلم-»(16). الاهتمام بالقرآن الكريم من قبل الغربيين أدَّى إلى ترجمتهم لمعانيه إلى لغاتهم, وهم غربيون, بمفهوم أنَّهم غير مسلمين. ورغم كثرتها إلا أنَّ أبرزها ترجمة المستشرق الإنجليزي جورج سيل (1697 ـ 1736م) إلى اللغة الإنجليزية, التي وضع لها مقدِّمة, قرَّر فيها أنَّ سيِّدنا محَمَّد بنَ عبدالله –صلى الله عليه وسلم- هو الذي ألَّف القرآن الكريم ـ كما سيأتي ذكره ـ وإنْ كان لم يستبعد أنْ يكونَ قد عاونه أحد من حكماء عصره, من بني قومه, أو من اليهود والنصارى! (17) "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ" [ النحل: ١٠٣]. أعقب ذلك نقولٌ أخرى عن هذه الترجمة. وكان هذا التأثير سلبيًا، ولعلَّه كان مقصودًا؛ لصرف الآخر عن التعلُّق بالإسلام, من خلال تقديم المعلومة الشرعية الصحيحة, بالترجمة الدقيقة للمصدر الأوَّل لهذه المعلومة. هذا في ضوء غياب جهود المسلمين القادرين على تقديم المعلومة الصحيحة, من خلال الترجمة الدقيقة لمعاني القرآن الكريم, وانشغال المسلمين, في حينها, بالنظر في مشروعية النقل والترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى. لا شكَّ في أنَّ هذا الموقف من المعلومة الشرعية كان له, في مجتمع هؤلاء الدارسين, تأثيره السلبي عليها، إذ أسهم هذا الأسلوب في إبعاد الناس عن المعلومة الشرعية الصحيحة، بما في ذلك الالتفات إلى الوقفات العلمية الكونية القائمة وقت نزول الوحي على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-, أو تلك الحقائق العلمية التي تحقَّق بعضها بعد نزول الوحي, أو تلك التي لا تزال تخضع للاكتشاف المتواصل مع التقدُّم العلمي والتقاني. هذا الالتفات عن هذا الجانب الحيوي في كتاب الله تعالى أسهم في ضعف فهم الإسلام, أو في سوء فهمه من قبل الغربيين، مما كان له تأثيره على الإقبال على هذا الدين, الذي يقوم على المعلومة الشرعية الصحيحة. التركيز, هنا, مخصَّص لمحاولات فهم الجانب الإعجازي في القرآن الكريم من أولئك الذين لا ينتمون إليه، ولا يتحدَّثون لغته العربية، ممَّا أدَّى إلى قيام محاولات لترجمة معانيه إلى لغاتهم, تعود إلى القرن السادس الهجري (سنة 536هـ), الثاني عشر الميلادي (سنة 1141م), حينما بدأ بطرس المحترم الكلوني هذا الجهد، وتولَّى الترجمة له الراهب الإنجليزي روبرت (روبرتوس كيتينيسيس) الكلوني, وكان, هو والراهب الآخر هيرمان الدالماتي, الذي ترجم النبذة المختصرة, ملمِّين باللغة العربية, وكانت هذه الترجمة «تزخر بأخطاء جسيمة, سواءٌ في المعنى أو في المبنى, ولم يكن أمينًا, إذ أغفل ترجمة العديد من المفردات, كما لم يتقيَّد بأصل السياق, ولم يُقم وزنًا لخصوصيات الأدب», كما يقول يوهان فوك(18). يُضيف عبدالرحمن بدوي إليهما كلاًّ من روبرت كينت, وعربي مسلم يُدعى محَمَّدا, «ولا يُعرف له لقب ولا كنية ولا اسم آخر»(19). ويذكر محَمَّد عبدالواحد العسري أنَّ من التراجمة أحدَ المسلمين المنقلبين عن دينهم الأصلي إلى النصرانية(20). كما يذكر محَمَّد عوني عبدالرؤوف «أنَّ أحد المغاربة من المتفقِّهين في التفسير والدين كان يمُدُّ له يدَ المساعدة دائمًا»(21). ومع هذا فلم تكن هذه الترجمة أمينةً, «فقد كانت تعاني من نقص شديد في مواطنَ كثيرةٍ, فهي شرح للقرآن أكثر من كونها ترجمةً. لم يُعنَ بأمانة الترجمة ولا بتركيب الجملة, ولم يُعِر البيانَ القرآنيَّ أيَّ التفات, بل اجتهد في ترجمة معاني السور وتلخيصها, بصرف النظر عن موضوع الآيات التي تعبِّر عن هذه المعاني بالسورة نفسها»(22). إلا أنَّ هذه الترجمة لم يتمّ طبعها إلا بعد أربع مئة سنة من ترجمتها, أي في منتصف القرن العاشر الهجري, (سنة 950هـ), منتصف القرن السادس عشر الميلادي (سنة 1543م), حيث طبعت في بازل بسويسرا, إذ تولَّد جدل لدى رجال الدين في الكنيسة حول جواز نشر القرآن الكريم بين رعايا الكنيسة, ومدى تأثيره على مشروع حماية النصارى من الإسلام(23). ثمَّ صدرت الطبعة الثانية منها, في بازل بسويسرا, كذلك, سنة 957هـ/1550م(24). تلاها, مباشرة, محاولة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللاتينية، وقام بها جمعٌ من رهبان ريتينا. وقيل إنَّ هذه الترجمة قد أُحرقت(25). تعاقبت الترجمات, مستندة إلى ترجمة روبرتوس الكلوني, وعلى أيدي المستشرقين, فقد صدرت أقدمُ ترجمة إلى الإيطالية سنة 954هـ/1547م, ثم صدرت عن الترجمة الإيطالية ترجمة ألمانية سنة 1025هـ/1616م, على يد سالومون شفايجر, وعن الألمانية صدرت ترجمة إلى الهولندية سنة 1051هـ/1641م, غير معلومة اسم المترجم, ثم إلى الفرنسية, حيث ترجمها رير سنة 1057هـ/1647م(26). وكلُّها كانت عالةً على ترجمة روبرتوس, حتى ظهرت ترجمة لودفيجو ماراتشي إلى الإيطالية سنة 1110هـ/1698م, «التي لا سبيل إلى مقارنتها, من حيث صحَّتُها, مع أيِّ ترجمة أخرى قبلها»(27). الدافع لترجمة معاني القرآن يُعيد الدارسون ترجمةَ معاني القرآن الكريم, المتقدِّمة تاريخيًا, إلى دوافع تنصيرية بالدرجة الأولى، وهذا مبني على القول بأنَّ الاستشراقَ قد انطلق من الدافع التنصيري، والديني بصورة أعمَّ. يقول ريجي بلاشير عن بوادر ترجمة معاني القرآن الكريم التي انطلقت من بطرس المحترم سنة 536 ـ 538هـ/1141 ـ 1143م: «كانت المبادرة قد انبثقت عن ذهنية الحروب الصليبية. هذا ما تثبته الرسالة التي وجَّهها بطرس المحترم إلى القدِّيس برنار, مرفقةً بنسخة من الترجمة التي كانت قد أُعِدَّت, كما انبثقت في الوقت ذاته عن الرغبة الشديدة لإزالة كل أثر للإيمان الأول, من أذهان المسلمين المهتدين. وفي رأينا أنَّ الأهميَّة التي اتَّخذها القرآن في هذا المجال قد تجلَّت في الروح العسكرية التي استمرَّت حميَّتها حتَّى بداية القرن الرابع عشر, دليلنا على ذلك في الحماسة التبشيرية عند ريمون لول المتوفَّى في بورجي سنة 1315م»(28). يقول يوهان فوك, حول هذا الارتباط, أيضًا: «ولقد كانت فكرة التبشير هي الدافع الحقيقي خلف انشغال الكنيسة بترجمة القرآن واللغة العربية. فكلَّما تلاشى الأمل في تحقيق نصر نهائي بقوَّة السلاح, بدا واضحًا أنَّ احتلال البقاع المقدَّسة لم يؤدِّ إلى ثني المسلمين عن دينهم, بقدر ما أدَّى إلى عكس ذلك, وهو تأثُّر المقاتلين الصليبيين بحضارة المسلمين وتقاليدهم ومعيشتهم في حلبات الفكر»(29). تنطلق ترجمة معاني القرآن الكريم, بعد أفول حملات الفرنجة (الصليبيين)، وبالتحديد من دير كلوني, بأمر من رئيس الدير بطرس المحترم/الموقَّر, كما مرَّ ذكره(30). ويؤكِّد محَمَّد ياسين عريبي في كتابه: الاستشراق وتغريب العقل التاريخي العربي، ارتباط ترجمات معاني القرآن الكريم بالتنصير(31). كما يؤيِّده في هذا محَمَّد عوني عبدالرؤوف في أنَّ «الفكرة من الترجمة إذًا قد كانت من الكنيسة بعد أنْ اقتنعت أنَّ النصر لن يكون بالسلاح»(32). يؤكِّده, كذلك, الباحثُ الدكتور محَمَّد بن حمَّادي الفقير التمسماني, في بحث له بعنوان: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها وخطرها. حيث يجعل «حملات التبشير النصرانية, أحد أسباب بداية نشأة الاستشراق»(33). يؤيِّده على هذا التوجُّه الأستاذ الدكتور محَمَّد مهر علي, في بحث له بعنوان: ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون: لمحات تاريخية وتحليلية ، حيث يؤكِّد الأستاذ الباحث أنَّ ترجمات معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين لم تلقَ إقبالاً إلا لدى الدوائر التنصيرية(34). يؤيِّدهما, كذلك, الدكتور عبد الراضي بن محَمَّد عبدالمحسن في بحث له بعنوان: مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية، الذي يرى أنَّ التنصيرَ كان وراء ترجمة معاني القرآن الكريم، حيث انطلقت الترجمة في رحلتها الأولى والثانية من الأديرة, وعلى أيادي القسُس, وأنَّ فكرة التنصير كانت وراء ترجمة معاني القرآن الكريم(35). هذا يؤكِّد أهمية اضطلاع المسلمين أنفسِهم بمهمَّة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغات العالم، كما قام به بعض أبناء هذه الأُمَّة مؤخَّرًا، وكما تقوم به مؤسَّسات علمية عربية وإسلامية, لها اعتباراتها المرجعية, ومنها, على سبيل المثال, الأزهر الشريف ومجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة, حيث وصلت ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عن هذا المجمَّع إلى أكثر من أربعين لغة. وهذا جهد يذكر ويشكر. الأصل أنْ تكون هناك ترجمة واحدة, قابلة للمراجعة ومعتمدة, لمعاني القرآن الكريم لكلِّ لغة، قصدًا إلى الحيلولة دون الاختلاف في المعنى باختلاف اللفظ، يأتي هذا في ضوء وجود أكثر من مئة وعشرين (120) ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى لغات العالم، بعضها مكرَّر في لغة واحدة، قام بها عدد من المستشرقين، وبعض المسلمين, كالإنجليزية, التي زادت عدد الترجمات بها عن 80 ترجمة(36). وصلت طبعاتُها سنة 1423هـ/2002م إلى ما يزيد عن 890 طبعة, بعد أنْ كانت قد وصلت سنة 1400هـ/1980م إلى ما يزيد عن 269 طبعة, «سجَّلت تفاصيلَها المرجعيةَ بدقَّة الببليوجرافيا العالميةُ لترجمات معاني القرآن الكريم: الترجمات المطبوعة»(37). ثم تتركَّز الترجمة في اللغة الواحدة بترجمة واحدة, بفضل من الله تعالى, الذي تكفَّل بحفظ هذا الذكر العظيم؛ "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: ٩]. ثمَّ إلى هذه الثُّلَّة من علماء المسلمين, مدعومين من الحكومات العربية والإسلامية, ومن المعنيين بالشأن العلمي والثقافي والفكري ممن أقاموا مراكز الدراسات والبحوث الإسلامية؛ خدمةً لهذا الدين الحنيف. |1|2| -------------------------------------------------------------------------------- (*) أستاذ المعلومات والمكتبات. (1) انظر في مناقشة قضية النقل والترجمة في الحضارة الإسلامية: علي بن إبراهيم النملة. النقل والترجمة في الحضارة الإسلامية. ـ ط 3. ـ الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية, 1427هـ/2006م. ـ 204 ص. (2) انظر في مناقشة هذه القضية: إبراهيم بن صالح الحميدان. مواصفات الترجمة المعدَّة للاستعمال في مجال الدعوة. ـ 69 ص. في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المدينة المنورة: مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف, 1423هـ/ 2002م. (3) انظر, مثلاً: عُبادة بن أيُّوب الكبيسي. إمعان النظر في فواتح السوَر. ـ مجلَّة الدراسات الإسلامية. ـ مج 25 ع 2 (1410هـ). ـ ص 5 ـ 42. وانظر, أيضًا: عبد الفتاح عطية يونس. سر إعجاز القرآن الكريم في فواتح السور. ـ منار الإسلام. ـ مج 5 (5/ 1409هـ ـ 12/ 1988م). ـ ص 6 ـ 15. (4) انظر: عبدالله بن الزبير بن عبدالرحمن. تفسير القرآن الكريم: مصادره واتِّجاهاته. ـ مكَّة المكرَّمة: رابطة العالم الإسلامي, 1423هـ. ـ ص 139. ـ (سلسلة دعوة الحقِّ؛ 202). (5) تتَّكئ هذه الوقفات, في أصلها ومقدِّمتها, على دراسة للباحث حول القرآن الكريم والمستشرقين, تنشرها مجلَّة البحوث والدراسات القرآنية الصادرة عن مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة. ـ ع 3 (محرَّم 1428هـ ـ فبراير 2007م). (6) انظر: عبدالرحمن بدوي. دراسات المستشرقين حول صحَّة الشعر الجاهلي. ـ ط 2. ـ بيروت: دار العلم للملايين, 1986م. ـ 327 ص. وتعرَّض مرجليوث للإعجاز البياني في مقالته: أصول الشعر العربي, كما تعرَّض له جوستاف فون جرونباوم في: دراسات في الأدب العربي, وله, كذلك, نقد الشعر في إعجاز القرآن للباقلاَّني, وأنجليكا نويفرت في مقالتها: طريقة الباقلاَّني في إظهار إعجاز القرآن. (7) انظر مقدِّمة المحقِّق السيِّد أحمد صقر. ـ ص 5 ـ 95. في: الباقلاَّني, أبو بكر محَمَّد بن الطيِّب. إعجاز القرآن/ تحقيق السيِّد أحمد صقر. ـ ط 5. ـ القاهرة: دار المعارف, 1981م. ــ 395 ص. (8) انظر مناقشة البعد اللغوي لترجمةٍ من آخر ما ظهر لمعاني القرآن الكريم لدى: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ ع 49 (شتاء 2001م ـ 1421/1422هـ). ـ ص 129 ـ 135. (9) انظر: محمود محَمَّد الطناحي. مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي مع محاضرة عن التصحيف والتحريف. ـ القاهرة: مكتبة الخانجي, 1405هـ/1984م. ـ ص 223 ـ 224. (10) انظر: محَمَّد رشيد رضا. الوحي المحَمَّدي. ـ ط 6. ـ القاهرة: مطبعة نهضة مصر, 1375هـ/1956م. ـ ص 24. (11) انظر: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ مرجع سابق ـ ص 115 ـ 137. والنصُّ من ص 119, نقلاً عن: سعيد اللاوندي. محاكمة جاك بيرك: إشكالية ترجمة معاني القرآن الكريم. ـ مخطوطة. (12) انظر: مصطفى عبدالغني. ترجمة جاك بيرك للقرآن: من القراءة إلى التفسير. ـ الاجتهاد. ـ مرجع سابق. ـ ص 129. (13) انظر: مصطفى صبري. مسألة ترجمة القرآن. ـ القاهرة: المطبعة السلفية، 1351هـ. (14) انظر: محَمَّد سليمان. كتاب حدث الأحداث في الإسلام: الإقدام على ترجمة القرآن. ـ القاهرة: مطبعة جريدة مصر الحرَّة، 1355هـ. (15) انظر: محَمَّد صالح البنداق. المستشرقون وترجمة القرآن الكريم: عرض موجز بالمستندات لمواقف وآراء وفتاوى بشأن ترجمة القرآن الكريم مع نماذج لترجمة تفسير معاني الفاتحة في ستِّ وثلاثين لغة شرقية وغربية. ـ ط 2. ـ بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1403هـ/ 1983م. ـ 338 ص. (16) انظر: عبدالله بن عبد المحسن التركي, مشرف. التفسير الميسَّر/ تأليف نخبة من العلماء. ـ المدينة المنوَّرة: مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف, 1418هـ. ـ ص و. (17) انظر: عبدالحكيم فرحات. إشكالية تأثُّر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث. ـ 23 ص. في: ندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية المنعقدة في مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوَّرة في المدَّة من 16 ـ 18/10/1427هـ الموافق 7 ـ 9/11/2006م. ـ المدينة المنوَّرة: المجمَّع, 1427هـ/2006م. (18) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق: الدراسات العربية والإسلامية في أوروبَّا حتَّى بداية القرن العشرين/ تعريب عمر لطفي العالم.ـ ط 2.ـ دمشق: دار قتيبة, 1417هـ/1997م.ـ ص 18. (19) انظر: انظر: عبدالرحمن بدوي. موسوعة المستشرقين.ـ ط 4.ـ بيروت: المؤسَّسة العربية للدراسات والنشر, 2003م.ـ ص 441. (20) انظر: محَمَّد عبدالواحد العسري. الإسلام في تصوُّرات الاستشراق الإسباني. ـ مرجع سابق. ـ ص 122. (21) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ ط 2. ـ القاهرة: مكتبة الآداب, 2006م. ـ ص 67. (22) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ المرجع السابق. ـ ص 67. (23) انظر: قاسم السامرَّائي. الطباعة العربية في أوروبا. ـ ص 45 ـ 108. في: ندوة تاريخ الطباعة العربية حتَّى انتهاء القرن التاسع عشر, 28 ـ 29 جمادى الأولى 1416هـ/22 ـ 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1995م. ـ أبو ظبي: المجمع الثقافي, 1996م. (24) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 15 ـ 20. (25) انظر: عبدالرحمن بدوي. موسوعة المستشرقين. ـ مرجع سابق. ـ ص 438 ـ 445. (26) انظر: محَمَّد عوني عبدالرؤوف. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي. ـ مرجع سابق. ـ ص 67. (27) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 20. وانظر : ص 97 ـ 98. (28) انظر: بلاشير. القرآن: نزوله, تدوينه, ترجمته وتأثيره/ نقله إلى العربية رضا سعادة, أشرف على الترجمة الأب فريد جبر, حقَّقه وراجعه محَمَّد علي الزعبي. ـ بيروت: دار الكتاب اللبناني, 1974م. ـ ص 15. (29) انظر: يوهان فوك. تاريخ حركة الاستشراق. ـ مرجع سابق. ـ ص 16 ـ 17. (30) انظر: معلوف, أمين. الحروب الصليبية كما رآها العرب/ ترجمة عفيف دمشقية. ــ الجزائر: المؤسَّسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار, 2001م. ــ 352 ص. (31) انظر: محَمَّد ياسين عريبي. الاستشراق وتغريب العقل التاريخي العربي. ـ الرباط: المركز القومي للثقافة, 1411هـ/1991م. ـ ص 144 ـ 148. (32) انظر: عبدالرؤوف, محَمَّد عوني. فريدريش ريكرت عاشق الأدب العربي.. ـ مرجع سابق. ـ ص 67. (33) انظر: محَمَّد حمَّادي الفقير التمسماني. تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها وخطرها. ـ 51 ص. في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ مرجع سابق. (34) انظر: محَمَّد مهر علي. ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون: لمحات تاريخية وتحليلية. ـ 50 ص. في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق. (35) انظر: عبدالراضي بن محَمَّد عبد المحسن. مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية. ـ 64 ص. في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق. (36) انظر: عادل بن محَمَّد عطا إلياس. تجربتي مع تقويم ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية. ـ 28 ص. في: ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي, وتخطيط للمستقبل. ـ المرجع السابق. (37) انظر: عبدالرحيم القدوائي. مقدِّمة في الاتِّجاهات المعاصرة في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية/ ترجمة وليد بن بليهش العمْري. ـ مجلَّة البحوث والدراسات القرآنية. ـ مج 1 ع 1 (1/1427هـ ـ 2/2006م). ـ ص 217 ـ 229. والنصُّ من ص 218. |
|
05-24-2010, 09:58 AM | رقم المشاركة : 10 | |
|
جعفر بن أبي طالب جعفر بن أبي طالب هو أبو عبد الله جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله (ص)، أمه السيِّدة فاطمة بنت أسد، ولد سنة 33ق. هـ، واستشهد في غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة 8هـ عن عمر ناهز 41 سنة. هاجر الهجرتين، الحبشة و المدينة. وهو الذي اقنع نجاشي الحبشة بإستقبال المسلمين المهاجرين. كان احد القادة في معركة مؤته حيث أستشهد. و المسلمون يؤمنون بأن الله ابدل يداه جناحين يطير بهما في الجنة و ذلك بدل يديه اللتين قطعتا و هو يحمل اللواء في معركة مؤته. و يوجد مقامه في مدينة المزار الجنوبي 140 كم جنوب العاصمة الاردنية عمان. مُؤتة في السنة الثامنة من الهجرة النبويّة الشريفة كانت واقعة ( مُؤْتة ) التي أبلى فيها الشهيد جعفر بن أبي طالب ( الطيّار ) رضوان الله تعالى عليه فيها بلاءً حسناً حتّى قُطِعَت يمينه فتناول الراية بشماله فقُطعت، فضمّها إلى صدره. وهي راية الإسلام الحنيف ورمز رسالة محمّد المصطفى صلّى الله عليه وآله.. حتّى هوى صريعاً شهيداً في سبيل الله عزّوجلّ وفي بدنه تسعون ضربةًوطعنة، فحزن عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله حزناً شديداً، ودعا إلى إقامة العزاء عليه وقال: على مِثل جعفر فلتَبْكِ البواكي.. ثمّ قال: قد أبدله تعالى عن يديه بجناحين من الزُّمُرُّد الأخضر، فهو الآن يطير بهما في الجنّة مع الملائكة كيف يشاء. موقع مؤتة قيل: مؤْتة هي قرية تقع إلى جنوبي الكَرك بالأُردنّ، وهي إحدى مزارات منطقة الكرك، فيها قبور: زيد بن حارثة وعبدالله بن رَواحة وجعفر الطيّار، الذين استُشهِدوا في معركة مؤْتة سنة ثمانٍ للهجرة ( عام 629 م )، ومؤْتة اليوم من المزارات المقصودة لا سيّما من قِبل محبّي أهل البيت عليهم السّلام. وفي بعض الكتب الأثريّة: بالقرب من الكرك نجد مزاراً جليلاً يُقارَن اسمه بتلك البقعة وقد نال شأناً رفيعاً، فهو قبر جعفر الطيّار.. وهو مكان تاريخي، حيث ذكر المؤرّخون أنّه في السنة الثامنة للهجرة خرج المجاهدون في الجزيرة لمحاربة الروم، فالتحم الجمعان في بقعة تُدعى « مُؤْتة »، سقط فيها من الجانبين عدد وافر، وكان في المعركة قائدٌ مشهودٌ له في المعارك يُدعى ( جعفر ). مرقدة الطاهر موقعة يقع المشهد140 كم جنوب العاصمة الاردنية عمان في مؤتة جنوب مدينة الكرك نحو 10كم وعلى بُعد كيلو متر واحد إلى الشرق من الشارع العام المؤدي إلى بلدة المزار. تاريخ البناء تاريخ الموقع يعود إلى عصر الأيوبيين والمماليك حيث قاموا ببناء الضريح والقبة ومن بعدهم العثمانيين الذين اهتموا بهذا المزار فبنوا القباب وغطوا الأضرحة ببلاطات رخامية، وقد هدم هذا المقام إمّا بفعل الزلازل أو عند احتلال الصليبيين لمنطقة الكرك. التوسعة والاعمار قام قسم الآثار الإسلامية في وزارة الأوقاف الأردنية بإجراء حفريات أثرية أسفرت عن اكتشافات مهمة منها إبراز الواجهة الشمالية وإظهارها وبشكل كامل للموقع، وتـمّ العثور على بوابة تؤدي إلى ممر مبلط يصل إلى ساحة المسجد في منتصف الواجهة الشمالية، وكذلك تـمّ العثور على قبة تعلو أقواساً أربعة أحدها ظاهر والثلاثة الباقية منهدمة وأرضيتها مبلطة بالرخام، كما عثر على محراب المسجد الذي يبلغ ارتفاعه 2م تقريباً وكذلك العثور على عدد من قطع العملة والأسرجة الفخارية والنقوش الأثرية.
المشهد مُقام على مساحة من الأرض قدرها 34375م2 والموقع عبارة عن تلة صغيرة من الحجارة والتراب يظهر في أعلاها بقايا قوس، في داخل قبة المقام بني ضريح من المرمر لسيِّدنا جعفر الطيار (ع) كدليل على المكان الذي استشهد فيه (وهذا الضريح هو بناء رمزي)، أمّا بالنسبة إلى رفات الشهيد جعفر الطيار (ع) فهي مدفونة في المزار. وإلى الجنوب من المشهد بما يقرب من 500م يقع مسجد عبد اللّه بن رواحة (رض) في الموقع الذي استشهد فيه، وكذلك قبر زيد بن حارثة (رض). فهرس
|
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
للبحوث, مخصصه, لعيونك, الاسلامية, ابو, اصيل, يا, صفحه |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
صفحه مخصصه لفلاشات الصيني " k600 - k300 - D66 - A200 - T33 "+ ما يخص الاجهزة الصينيه من شرح | ابو فارس | منتدى اعطال وصيانة الجوال | 8 | 12-03-2012 04:00 PM |
ابو اصيل لعيونك بدائل العالج فى اجهزة النوكيا | ابو فارس | منتدى اعطال وصيانة الجوال | 7 | 06-27-2010 05:10 PM |
لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث العلمية | ابو فارس | منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية | 11 | 06-06-2010 08:18 PM |
لعيونك يا ابو اصيل صفحه مخصصه للبحوث الطبيعية | ابو فارس | منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية | 11 | 06-06-2010 08:17 PM |
لعيونك يا ابو اصيل مواضيع شامله عن ابحاث انسانية واجتماعية | ابو فارس | منتدى الأبحاث والكتب والبرامج التعليمية | 3 | 05-24-2010 10:31 AM |