عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2010, 09:35 PM   رقم المشاركة : 7
محمد قطيش
 
الصورة الرمزية محمد قطيش






محمد قطيش غير متواجد حالياً

محمد قطيش سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي


الوجه الثالث : أنه لو كان في الحيوان والنبات جزء ناري بالفعل ،

لكان مغلوباً بالجزء المائي الذي فيه ، وكان الجزء الناري مقهوراً به ،
وغلبة بعض الطبائع والعناصر على بعض يقتضي انقلاب طبيعة
المغلوب إلى طبيعة الغالب ، فكان يلزم بالضرورة انقلاب تلك الأجزاء
النارية القليلة جداً إلى طبيعة الماء الذي هو ضد النار



الوجه الرابع : أن الله سبحانه وتعالى ذكر خلق الإنسان في كتابه في

مواضع متعددة ، يخبر في بعضها أنه خلقه من ماء ، وفي بعضها
أنه خلقه من تراب ، وفي بعضها أنه خلقه من المركب منهما وهو
الطين ، وفي بعضها أنه خلقه من صلصال كالفخار ، وهو الطين الذي
ضربته الشمس والريح حتى صار صلصالاً كالفخار ، ولم يخبر في
موضع واحد أنه خلقه من نار ، بل جعل ذلك خاصية إبليس .
وثبت في صحيح مسلم : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ،
وخلق آدم مما وصف لكم " ، وهذا صريح في أنه خلق مما وصفه الله في
كتابه فقط ، ولم يصف لنا سبحانه أنه خلقه من نار ،
ولا أن في مادته شيئاً من النار .



الوجه الخامس : أن غاية ما يستدلون به ما يشاهدون من الحرارة

في أبدان الحيوان ، وهي دليل على الأجزاء النارية ، وهذا لا يدل ،
فإن أسباب الحرارة أعم من النار ، فإنها تكون عن النار تارة ،
وعن الحركة أخرى ، وعن انعكاس الأشعة ، وعن سخونة الهواء ،
وعن مجاورة النار ، وذلك بواسطة سخونة الهواء أيضاً ،
وتكون عن أسباب أخر ، فلا يلزم من الحرارة النار .



قال أصحاب النار : من المعلوم أن التراب والماء إذا اختلطا فلا بد

لهما من حرارة تقتضي طبخهما وامتزاجهما ، وإلا كان كل منهما
غير ممازج للآخر ، ولا متحداً به ، وكذلك إذا ألقينا البذر في
الطين بحيث لا يصل إليه الهواء ولا الشمس فسد ، فلا يخلو ،
إما أن يحصل في المركب جسم منضج طابخ بالطبع أو لا ، فإن
حصل ، فهو الجزء الناري ، وإن لم يحصل ، لم يكن المركب مسخناً
بطبعه ، بل إن سخن كان التسخين عرضياً ، فإذا زال التسخين
العرضي ، لم يكن الشيء حاراً في طبعه ، ولا في كيفيته ،
وكان بارداً مطلقاً ، لكن من الأغذية والأدوية ما يكون حاراً بالطبع ،
فعلمنا أن حرارتها إنما كانت ، لأن فيها جوهراً نارياً .



وأيضاً فلو لم يكن في البدن جزء مسخن لوجب أن يكون في نهاية

البرد ، لأن الطبيعة إذا كانت مقتضية للبرد ، وكانت خالية عن
المعاون والمعارض ، وجب انتهاء البرد إلى أقصى الغاية ،
ولو كان كذلك لما حصل لها الإحساس بالبرد ، لأن البرد الواصل
إليه إذا كان في الغاية كان مثله ، والشئ لا ينفعل عن مثله ،
وإذا لم ينفعل عنه لم يحس به ، وإذا لم يحس به لم يتألم عنه ،
وإن كان دونه فعدم الإنفعال يكون أولى ، فلو لم يكن في البدن جزء
مسخن بالطبع لما انفعل عن البرد ، ولا تألم به . قالوا : وأدلتكم
إنما تبطل قول من يقول : الأجزاء النارية باقية في هذه المركبات
على حالها ، وطبيعتها النارية ، ونحن لا نقول بذلك ،
بل نقول : إن صورتها النوعية تفسد عند الإمتزاج .



قال الآخرون : لم لا يجوز أن يقال : إن الأرض والماء والهواء

إذا اختلطت ، فالحرارة المنضجة الطابخة لها هي حرارة الشمس
وسائر الكواكب ، ثم ذلك المركب عند كمال نضجه مستعد لقبول
الهيئة التركيبية بواسطة السخونة نباتاً كان أو حيواناً أو معدناً ،
وما المانع أن تلك السخونة والحرارة التي في المركبات هي بسبب
خواص وقوى يحدثها الله تعالى عند ذلك الإمتزاج لا من أجزاء
نارية بالفعل ؟ ولا سبيل لكم إلى إبطال هذا الإمكان البتة ،
وقد اعترف جماعة من فضلاء الأطباء بذلك .



وأما حديث إحساس البدن بالبرد ، فنقول : هذا يدل على أن في

البدن حرارة وتسخيناً ، ومن ينكر ذلك ؟ لكن ما الدليل على
انحصار المسخن في النار ، فإنه وإن كان كل نار مسخناً ، فإن
هذه القضية لا تنعكس كلية ، بل عكسها الصادق بعض المسخن نار .

وأما قولكم بفساد صورة النار النوعية ، فأكثر الأطباء على بقاء

صورتها النوعية ، والقول بفسادها قول فاسد قد اعترف بفساده
أفضل متأخريكم في كتابه المسمى بالشفا ، وبرهن على بقاء
الأركان أجمع على طبائعها في المركبات . وبالله التوفيق .



وكان علاجه صلى الله عليه وسلم للمرض ثلاثة أنواع . . .


أحدها : بالأدوية الطبيعية .


والثاني : بالأدوية الإلهية .


والثالث : بالمركب من الأمرين .


ونحن نذكر الأنواع الثلاثة من هديه صلى الله عليه وسلم ، فنبدأ

بذكر الأدوية الطبيعية التي وصفها واستعملها ،
ثم نذكر الأدوية الإلهية ، ثم المركبة .

وهذا إنما نشير إليه إشارة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما

بعث هادياً ، وداعياً إلى الله ، وإلى جنته ، ومعرفاً بالله ، ومبيناً
للأمة مواقع رضاه وآمراً لهم بها ، ومواقع سخطه وناهياً لهم عنها ،
ومخبرهم أخبار الأنبياء والرسل وأحوالهم مع أممهم ،

وأخبار تخليق العالم ، وأمر المبدأ والمعاد ، وكيفية

شقاوة النفوس وسعادتها ، وأسباب ذلك .

وأما طب الأبدان : فجاء من تكميل شريعته ، ومقصوداً لغيره ،

بحيث إنما يستعمل عند الحاجة إليه ، فإذا قدر على الإستغناء عنه،
كان صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب والأرواح ، وحفظ
صحتها ، ودفع أسقامها ، وحميتها مما يفسدها هو المقصود
بالقصد الأول ، وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع ،
وفساد البدن مع إصلاح القلب مضرته يسيرة جداً ، وهي
مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة التامة ، وبالله التوفيق .
رد مع اقتباس