عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2010, 09:32 PM   رقم المشاركة : 2
محمد قطيش
 
الصورة الرمزية محمد قطيش






محمد قطيش غير متواجد حالياً

محمد قطيش سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي



وأما الحمية : فقال تعالى في آية الوضوء : " وإن كنتم مرضى أو
على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا
ماء فتيمموا صعيدا طيبا " [ النساء : 43 ) ، فأباح للمريض العدول
عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه ، وهذا تنبيه
على الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج ، فقد أرشد - سبحانه -
عباده إلى أصول الطب ومجامع قواعده ، ونحن نذكر هدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ونبين أن هديه فيه أكمل هدي .



فأما طب القلوب ، فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ،
ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم ، فإن صلاح القلوب
أن تكون عارفة بربها ، وفاطرها ، وبأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ،
وأحكامه ، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه ، متجنبة لمناهيه
ومساخطه ، ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ، ولا سبيل إلى
تلقيه إلا من جهة الرسل ، وما يظن من حصول صحة

القلب بدون اتباعهم ، فغلط ممن يظن ذلك ، وإنما ذلك حياة نفسه
البهيمية الشهوانية ، وصحتها وقوتها ، وحياة قلبه وصحته ،
وقوته عن ذلك بمعزل ، ومن لم يميز بين هذا وهذا ، فليبك على
حياة قلبه ، فإنه من الأموات ، وعلى نوره ، فإنه منغمس في بحار الظلمات .





وأما طب الأبدان : فإنه نوعان :

نوع قد فطر الله عليه الحيوان ناطقه وبهيمه ، فهذا لا يحتاج فيه
إلى معالجة طبيب ، كطب الجوع ، والعطش ، والبرد ، والتعب
بأضدادها وما يزيلها .



والثاني : ما يحتاج إلى فكر وتأمل ، كدفع الأمراض المتشابهة
الحادثة في المزاج ، بحيث يخرج بها عن الإعتدال ، إما إلى حرارة ،
أو برودة ، أو يبوسة ، أو رطوبة ، أو ما يتركب من اثنين منها ،
وهي نوعان : إما مادية ، وإما كيفية ، أعني إما أن يكون بانصباب مادة
، أو بحدوث كيفية ، والفرق بينهما أن أمراض الكيفية تكون بعد زوال
المواد التي أوجبتها ، فتزول موادها ، ويبقى أثرها كيفية في المزاج .



وأمراض المادة أسبابها معها تمدها ، وإذا كان سبب المرض معه ،
فالنظر في السبب ينبغي أن يقع أولاً ، ثم في المرض ثانياً ، ثم في
الدواء ثالثاً . أو الأمراض الآلية وهي التي تخرج العضو عن هيئته ،
إما في شكل ، أو تجويف ، أو مجرى ، أو خشونة ، أو ملاسة ، أو
عدد ، أو عظم ، أو وضع ، فإن هذه الأعضاء إذا تألفت وكان منها
البدن سمي تألفها اتصالاً ، والخروج عن الإعتدال فيه يسمى تفرق
الإتصال ، أو الأمراض العامة التي تعم المتشابهة والآلية .



والأمراض المتشابهة : هي التي يخرج بها المزاج عن الإعتدال ،
وهذا الخروج يسمى مرضاً بعد أن يضر بالفعل إضراراً محسوساً .

وهي على ثمانية أضرب : أربعة بسيطة ، وأربعة مركبة ، فالبسيطة :
البارد ، والحار ، والرطب ، واليابس ، والمركبة : الحار الرطب ،
والحار اليابس ، والبارد الرطب ، والبارد اليابس ، وهي إما أن تكون
بانصباب مادة ، أو بغير انصباب مادة ، وإن لم يضر المرض بالفعل
يسمى خروجاً عن الإعتدال صحة .



وللبدن ثلاثة أحوال : حال طبيعية ، وحال خارجة عن الطبيعية ،
وحال متوسطة بين الأمرين . فالأولى : بها يكون البدن صحيحاً ،
والثانية : بها يكون مريضاً . والحال الثالثة : هي متوسطة بين
الحالتين ، فإن الضد لا ينتقل إلى ضده إلا بمتوسط ، وسبب خروج
البدن عن طبيعته ، إما من داخله ، لأنه مركب من الحار والبارد ،
والرطب واليابس ، وإما من خارج ، فلأن ما يلقاه قد يكون موافقاً ،
وقد يكون غير موافق ، والضرر الذي يلحق الإنسان قد يكون من
سوء المزاج بخروجه عن الإعتدال ، وقد يكون من فساد في العضو ،
وقد يكون من ضعف في القوى ، أو الأرواح الحاملة لها ، ويرجع ذلك
إلى زيادة ما الإعتدال في عدم زيادته ، أو نقصان ما الإعتدال في عدم
نقصانه ، أو تفرق ما الإعتدال في اتصاله ، أو اتصال ما الإعتدال في
تفرقه ، أو امتداد ما الإعتدال في انقباضه ، أو خروج ذي وضع وشكل
عن وضعه وشكله بحيث يخرجه عن اعتداله .
رد مع اقتباس