عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2010, 09:57 PM   رقم المشاركة : 27
محمد قطيش
 
الصورة الرمزية محمد قطيش






محمد قطيش غير متواجد حالياً

محمد قطيش سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

في هديه صلى الله عليه وسلم في دفع ضرر الأغذية
والفاكهة وإصلاحها بما يدفع ضررها ، ويقوي نفعها

ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن جعفر ،
قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يأكل الرطب بالقثاء .

والرطب : حار رطب في الثانية ، يقوي المعدة الباردة ،
ويوافقها ، ويزيد في الباه ، ولكنه سريع التعفن ،
معطش معكر للدم ، مصدع مولد للسدد ، ووجع المثانة ،
ومضر بالأسنان ، والقثاء بارد رطب في الثانية ،
مسكن للعطش ، منعش للقوى بشمه لما فيه من العطرية ،
مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة ، وإذا جفف بزره ،
ودق واستحلب بالماء ، وشرب ، سكن العطش ،
وأدر البول ، ونفع من وجع المثانة . وإذا دق ونخل ،
ودلك به الأسنان ، جلاها ، وإذا دق ورقه وعمل منه
ضماد مع الميبختج ، نفع من عضة الكلب الكلب .

وبالجملة : فهذا حار ، وهذا بارد ، وفي كل منهما
صلاح للآخر ، وإزالة لأكثر ضرره ، ومقاومة كل كيفية
بضدها ، ودفع سورتها بالأخرى ، وهذا أصل العلاج كله ،
وهو أصل في حفظ الصحة ، بل علم الطب كله
يستفاد من هذا . وفي استعمال ذلك وأمثاله في الأغذية
والأدوية إصلاح لها وتعديل ، ودفع لما فيها من الكيفيات
المضرة لما يقابلها ، وفي ذلك عون على صحة البدن ،
وقوته وخصبه ، قالت عائشة رضي الله عنها :
سمنوني بكل شئ ، فلم أسمن ، فسمنوني بالقثاء
والرطب ، فسمنت .

وبالجملة : فدفع ضرر البارد بالحار ، والحار بالبارد ،
والرطب باليابس ، واليابس بالرطب ، وتعديل أحدهما
بالآخر من أبلغ أنواع العلاجات ، وحفظ الصحة ،
ونظير هذا ما تقدم من أمره بالسنا والسنوت ، وهو
العسل الذي فيه شئ من السمن يصلح به السنا ، ويعدله ،
فصلوات الله وسلامه على من بعث بعمارة القلوب والأبدان ،
وبمصالح الدنيا والآخرة .









في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية


الدواء كله شيئان : حمية وحفظ صحة . فإذا وقع
التخليط ، احتيج إلى الإستفراغ الموافق ، وكذلك مدار
الطب كله على هذه القواعد الثلاثة . والحمية : حميتان :
حمية عما يجلب المرض ، وحمية عما يزيده ، فيقف
على حاله ، فالأول : حمية الأصحاء . والثانية : حمية
المرضى ، فإن المريض إذا احتمى ، وقف مرضه عن
التزايد ، وأخذت القوى في دفعه . والأصل في الحمية قوله
تعالى : " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم
من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا
طيبا " [ النساء : 43 ، المائدة : 6 ] ، فحمى المريض من
استعمال الماء ، لأنه يضره.



وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أم المنذر بنت قيس
الأنصارية ، قالت : " دخل علي رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومعه علي ، وعلي ناقه من مرض ، ولنا دوالي
معلقة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها ،
وقام علي يأكل منها ، فطفق رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول لعلي : إنك ناقة حتى كف . قالت : وصنعت
شعيراً وسلقاً ، فجئت به ، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم لعلي : من هذا أصب ، فإنه أنفع لك " وفي لفظ فقال :
" من هذا فأصب ، فإنه أوفق لك " .



وفي سنن ابن ماجه أيضاً عن صهيب قال : " قدمت على
النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر ، فقال :
ادن فكل ، فأخذت تمراً فأكلت ، فقال : أتأكل تمراً وبك
رمد ؟ فقلت : يا رسول الله ! أمضع من الناحية الأخرى ،
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" .

وفي حديث محفوظ عنه صلى الله عليه وسلم : " إن الله
إذا أحب عبداً ، حماه من الدنيا ، كما يحمي أحدكم مريضه
عن الطعام والشراب " . وفي لفظ : " إن الله يحمي
عبده المؤمن من الدنيا " .



وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس : الحمية
رأس الدواء ، والمعدة بيت الداء ، وعودوا كل جسم ما
اعتاد فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث بن كلدة طبيب
العرب ، ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله
غير واحد من أئمة الحديث . ويذكر عن النبي صلى الله عليه
وسلم : " أن المعدة حوض البدن ، والعروق إليها واردة ،
فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة ، وإذا سقمت المعدة ،
صدرت العروق بالسقم " .

وقال الحارث : رأس الطب الحمية ، والحمية عندهم للصحيح
في المضرة بمنزلة التخليط للمريض والناقه ، وأنفع ما تكون
الحمية للناقه من المرض ، فإن طبيعته لم ترجع بعد إلى قوتها
، والقوة الهاضمة ضعيفة ، والطبيعة قابلة ، والأعضاء
مستعدة ، فتخليطه يوجب انتكاسها ، وهو أصعب
من ابتداء مرضه .

واعلم أن في رفع النبي صلى الله عليه وسلم لعلي
من الأكل من الدوالي ، وهو ناقه أحسن التدبير ، فان
الدوالي أقناء من الرطب تعلق في البيت للأكل بمنزلة
عناقيد العنب ، والفاكهة تضر بالناقه من المرض لسرعة
استحالتها ، وضعف الطبيعة عن دفعها ، فإنها لم تتمكن
بعد من قوتها ، وهي مشغولة بدفع آثار العلة ،
وإزالتها من البدن .

رد مع اقتباس