عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2010, 01:45 AM   رقم المشاركة : 3
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

وأخرجه أيضاً النِّسائي والبَغَوي ومُسَدِّد في مسنده كما في الإِصابة . وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوّة (ص 77) من طريق الواقدي قال: حدّثني محمد بن سُلَيط عن أبيه عن عبد الرحمن العدوي قال: قال ضِمَاد: قدمت مكة معتمراً فجلست مجلساً فيه أبو جهل وعتبة بن ربيعة وأُميّة بن خَلَف، فقال أبو جهل: هذا الرجل الذي فرَّق جماعتنا، وسفَّه أحلامنا، وأضلَّ من مات، منا، وعاب آلهتنا؛ فقال أُمية: الرجل مجنون غير شكَ. قال ضماد: فوقعتْ في نفسي كلمتُه وقلت: إني رجل أعالج من الريح، فقمت من ذلك المجلس وأطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُصادفه ذلك اليوم حتى كان الغد، فجئته فوجدته جالساً خلف المَقَام يصلِّي، فجلست حتى فرغ ثم جلست إليه فقلت: يا ابن عبد المطلب، فأقبل عليّ فقال: ما تشاء؟ فقلت: إنِّي أعالج من الريح، فإن أحببت عالجتك ولا تُكبِرنَّ ما بك فقد عالجت من كان به أشدّ مما بك فبرأ، وسمعت قومك يذكرون فيك خصالاً سيئة: من تسفيه أحلامهم، وتفريق جماعتهم، وتضليل من مات منهم، وعيب آلهتهم، فقلت: ما فعل هذا إلا رجل به جِنَّة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله». قال ضماد: فسمعت كلاماً لم أسمع كلاماً قطُّ أحسن منه فاستعدته الكلام فأعاد عليّ، فقلت: إلامَ تدعو؟ قال: «إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، وتخلع الأوثان من رقبتك، وتشهد أنِّي رسول الله». فقلت: فماذا لي إن فعلت؟ قال: «لك الجنة»، قلت: فإنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأخلع الأوثان من رقبتي وأبرأ منها، وأشهد أنَّك عبد الله ورسوله. فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُلِّمت سوراً كثيرة من القرآن، ثم رجعت إلى قومي. قال عبد الله بن عبد الرحمن العدوي: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه في سريّة وأصابوا عشرين بعيراً بموضع واستاقوها، وبلغ عليَّ بن أبي طالب أنَّهم قوم ضِمَاد فقال: ردّوها إليهم، فرُدَّت.

دعوته صلى الله عليه وسلم لُحُصَين والد عمران رضي الله عنهما

أخرج بن خُزَيْمةَ عن عِمران بن خالد بن طُلَيق بن محمد بن عمران بن حصين قال: حدثني أبي عن أبيه عن حهد: أن قريشاً جاءت إلى الحُصَين ــــ وكانت تعظِّمه ــــ فقالوا له: كلِّم لنا هذا الرجل فإنَّه يذكر آلهتنا ويسبُّهم، فجاؤوا معه حتى جلسوا قريباً من باب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أوسعوا للشيخ ــــ وعمران وأصحابه متوافرون ــــ فقال حُصين: ما هذا الذي بلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك حصينة وخيراً؟ فقال: «يا حُصَين، إنَّ أبي وأباك في النار؛ يا حصين، كم تعبد من إله»؟ قال: سبعاً في الأرض وواحداً في السماء، قال: «فإذا أصابك الضرّ من تدعو؟» قال: الذي في السماء، قال: «فيستجيب لك وحده وتشركهم معه، أَرضيته في الشكر أم تخاف أن يغلب عليك؟» قال: ولا واحدة من هاتين؛ قال: وعلمت أنِّي لم أكلم مثله، قال: «يا حُصَين، أسلم تسلم»، قال: إنَّ لي قوماً وعشيرةً فماذا أقول؟ قال: «قل: اللَّهمَّ، أستهديك لأرشد أمري وزدني علماً ينفعني» فقالها حصين فلم يقم حتى أسلم. فقام إليه عِمْران فقبَّل رأسه ويديه ورجليه، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بكى، وقال: «بكيت من صنيع عمران، دخل حصين وهو كافر فلم يقم إليه عمران ولم يلتفت ناحيته، فلمَّا أسلم قضَى حقَّه فدخلني من ذلك الرِّقَّة». فلما أراد حصين أن يخرج قال لأصحابه: «قوموا فشيِّعوه إلى منزله»، فلما خرج من سُدَّة الباب رأته قريش فقالوا: صبأ وتفرقوا عنه كذا في الإصابة .

دعوته صلى الله عليه وسلم لرجل لم يسم

أخرج أحمد عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من قومه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أو قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وأتاه رجل فقال: أنت رسول الله؟ ــــ أو قال أنت محمد ــــ؟ فقال: «نعم»، قال: ما تدعو؟ قال: «أدعو الله عزّ وجلّ وحده، مَنْ إذا كان لك ضُرٌّ فدعوته كشفه عنك، ومن إذا أصابك عام فدعوته أنبتَ لك، ومن إذا كنت في أرض قفر فأضللتَ فدعوته ردَّ عليك». فأسلم الرجل ثم قال: أوصني يا رسول الله، فقال: «ولا تسبنَّ شيئاً» ــــ أو قال: «أحداً»، شكَّ الحكم ــــ قال: فما سببتُ بعيراً ولا شاة منذ أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي : وفيه الحكم بن فُضَيل وثَّقه أبو داود وغيره وضعَّفه أبو زُرعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح ا هـ.

دعوته صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حَيْدة رضي الله عنه

أخرج ابن عبد البَرّ في الإستيعاب ــــ وصحّه ــــ عن معاوية بن حَيْدة القُشَيري قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عدد الأنامل ــــ وطبَّق بين كفَّيه إحداهما على الأخرى ــــ أن لا آتيك ولا آتي دينك فقد أتيتك أمرأً لا أعقل شيئاً إلا ما علمني الله، وإنِّي أسألك بوجه الله العظيم بِم بعثك ربُّنا إلينا؟ قال: «بدين الإِسلام»، قال: وما دين الإِسلام؟ قال: «أن تقول: أسلمت وجهي لله وتخلَّيت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وكلُّ مسلم على كلِّ مسلم محرّم، أخوان نصيران، لا يقبل الله ممَّن أشرك بعد ما أسلم عملاً حتى يفارق المشركين. ما لي أمسك بحُجَزِكم عن النَّار؟ ألا وإِنَّ ربي داعيّ وإِنَّه سائلي هل بلَّغت عبادي؟ فأقول: ربِّ قد بلَّغت. ألا فليبلِّغْ شاهُدكم غائِبَكم. ألا ثم إنَّكم تُدعَون مُفْدَمةً أفواهُكم بالفِدام، ثم إنَّ أول شيء ينبىء عن أحدكم لَفَخِذُه وكفُّه». قال: قلت: يا رسول الله، هذا ديننا؟ قال: «هذا دينك وأينا تُحْسنْ يَكْفِك» ــــ وذكر تمام الحديث.
فهذا هو الحديث الصحيح بالإِسناد الثابت المعروف، وإنما هو لمعاوية بن حيدة لا لحكيم أبي معاوية، وقد أخرج قبله حديث حكيم هذا أنه قال: يا رسول الله؟ ربنا بِمَ أرسلك؟ قال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وكلُّ مسلم على كلِّ مسلم محرَّم، هذا دينك وأينما تكن يكفك»، هكذا ذكره ابن أبي خيثمة، وعلى هذا الإِسناد عوَّل فيه وهو إسناد ضعيف، كذا في الإستيعاب . وقال الحافظ في الإِصابة : ولكن يحتمل أن يكون هذا آخر ولا بُعد في أن يتوارد إثنان على سؤال واحد، ولا سيما مع تباين المخرِّج، وقد ذكره ابن أبي عاصم في الوحدان، وأخرج الحديث عن عبد الوهاب بن نجدة وهو الحوطي شيخ ابن أبي خيثة فيه. انتهى.

دعوته صلى الله عليه وسلم لعديِّ بن حاتم رضي الله عنه

أخرج أحمد عن عديِّ بن حاتم قال: لمَّا بلغني خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهت خروجه كراهية شديدة، فخرجت حتى وقعت ناحية الروم ــــ وفي رواية: حتى قدمت على قيصر ــــ قال: فكرهت مكاني ذلك أشدّ من كراهتي لخروجه، قال: قلت: والله لولا أتيت هذا الرجل فإن كان كاذباً لم يضرني وإن كان صادقاً علمت، قال: فقدت فأتيته. فلما قدمت قال الناس: عديُّ بن حاتم، عدي بن حاتم قال: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا عديُّ بن حاتم، أسلم تسلم ــــ ثلاثاً ــــ قال: قلت: إنِّي على دين. قال: «أنا أعلم بدينك منك» فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: نعم، ألستَ من الرَّكوسِيَّة وأنت تأكل مِرْباع قومك؟» قلت: بلى، قال: «هذا لا يحل لك في دينك»، قال: فلم يَعْدُ أن قالها فتواضعتُ لها، فقال: أما إنِّي أعلم الذي يمنعك من الإِسلام. تقول: إنَّما أتَّبعه ضَعَفَةُ الناس ومن لا قوة لهم وقد رمتهم العرب. أتعرفُ الحيرة؟» قلت: لم أرها وقد سمعت بها. قال: «فوالذي نفسي بيده ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظَّعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، وَلَيُفْتَحَنَّ كنوز كسرى بن هُرْمُز»، قال: قلت: كسرى بن هُرْمُز؟ قال: «نعم كسرى بن هرمز، ولَيُبذَلَنَّ المال حتى لا يقبله أحد».
قال عديُّ بن حاتم: فهذه الظعينة تأتي من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى، والذي نفسي بيده لتكونَّن الثالثة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها، كذا في البداية وأخرجه البغوي أيضاً في معجمه بمعناه، كما في الإِصابة .

وأخرج أحمد أيضاً عن عديِّ بن حاتم، قال: جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب فأخذوا عمَّتي وناساً فلما أتَوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصُفُّوا له. قالت: يا رسول الله، بانَ الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خِدْمة، فَمُنَّ عليَّ مَنَّ الله عليك، فقال: «ومن وافدك؟» قالت: عديُّ بن حاتم، قال: «الذي فرَّ من الله ورسوله؟» قالت: فَمُنَّ عليَّ، فلما رجعَ ورجُلٌ إلى جنبه نرى أنه علي ــــ قال: سَلِيه حُمْلاناً، قال: فسألتْه فأمَر لها. قال عديّ: فأتتني فقالت: لقد فعلتَ فعلةً ما كان أبوك يفعلها وقالت: إِيته راغباً أو راهباً، فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه، قال: فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيان ــــ أو صبي ــــ، فذكر قربهم منه ــــ، فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر. فقال له: «يا عديُّ بن حاتم، ما أفرَّك؟ أفرَّك أن يقال: لا إله إلا الله فهل من إله إلا الله؟. ما أفرك؟ أفرك أن يقال: الله أكبر. فهل شيء هو أكبر من الله عزّ وجلّ؟» قال: فأَسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال: «إِنَّ المغضوب عليهم اليهود، وإنَّ الضالين النَّصارى.
قال: ثم سألوه: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد فلكم أيُّها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ امرؤ بصاع، ببعض صاع، بقبضة، ببعض قبضة» ــــ قال شعبة: «وأكثر علمي أنه قال «بتمرة، بشقِّ تمرة» وإنَّ أحدكم لاقى الله فقائل ما أقول: ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فماذا قدَّمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئاً، فما يتَّقي النار إلا بوجهه، فاتقوا النَّار ولو بشقِّ تمرة، فإِن لم تجدوه فبكلمة ليِّنة، إني لا أخشى عليكم الفاقة؛ لينصرنَّكم الله وليعطينَّكم ــــ أو ليفتحنَّ عليكم ــــ حتى تسير الظَّعينة بين الحيرة ويثرب، أو أكثر. ما تخاف السَرَق على ظعينتها». وقد رواه الترمذي وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك. وأخرج البيهقي شيئاً منه من آخره، وهكذا أخرجه البخاري مختصراً كما في البداية .

دعوته صلى الله عليه وسلم لذي الجَوْشَن الضبابي رضي الله عنه

أخرج الطبراني عن ذي الجَوْشَن الضبابي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال لها «القَرْحاء»، فقلت: يا محمد، قد جئتك بابن القرحاء لتتخذه، قال: «لا حاجة لي فيه وإن أردتَ أقيضك بها المختار من دروع بدر فعلتُ». فقلت: ما كنت لأقيضه اليوم بغُرة، قال: «لا حاجة لي فيه» ثم قال: «يا ذا الجوشن، ألا تسلم فتكون من أول أهل هذا الأمر؟» فقالت: لا، قال: «لم؟» قال: قلتُ رأيتُ قومك قد وَلِعوا بك. قال: «فكيف بلغك عن مصارعهم ببدر؟» قلت: قد بلغني، قال: «فإنا نُهدي لك»، قلت: إِن تغلب على الكعبة وتقطنها، قال: «لعلك إن عشت ترى ذلك، ثم قال: «يا بلال، خذ حقيبة الرجل فزوده من العجوة»، فلما أدبرت قال: «أما إِنَّه من خير فرسان بني عامر». قال: فوالله إنِّي بأهلي بالغور إذ أقبل راكب، فقلت: ما فعل الناس؟ قال: والله قد غلب محمد على الكعبة وقطنها، فقلت: هَبِلَتْني أمي ولو أسلمت يومئذٍ ثم أسأله الحير لأقطعنيها.
وفي رواية: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «ما يمنعك من ذلك؟» قال: رأيت قومك قد كذَّبوك وأخرجوك وقاتلوك فانظر ماذا تصنع؟ فإن ظهرتَ عليهم آمنت بك واتبعتك، وإن ظهروا عليك لم أتبعك. قال الهيثمي : رواه عبد الله بن أحمد وأبوه ــــ ولم يسق المتن ــــ والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح، وروى أبو داود بعضه. انتهى.

دعوته صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخَصَاصِيَة رضي الله عنه

أخرج ابن عساكر عن بشير بن الخَصاصِيَة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام، ثم قال لي: «ما اسمك؟» قلت: نذير، قال: «بل أنت بشير» فأنزلني بالصُّفَّة، فكان إذا أتته هديّة أشركنا فيها وإذا أتته صدقة صرفها إلينا، فخرج ذات ليلة فتبعته فأتى البقيع فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنَّا بكم لاحقون، وإنَّا لله وإِنَّا إِليه راجعون. لقد أصبتم خيراً بجيلاً، وسبقتم شرّاً طويلاً». ثم التفت إليَّ فقال: «من هذا؟» فقلت: بشير، فقال: «أما ترضَى أن أخذ الله سمعَك وقلبَك وبصرك إِلى الإِسلام من بين ربيعة الفَرَس الذين يقولون: أن لولاهم لائتفكت الأرض بأهلها»، قلت: بلى، يا رسول الله، قال: «ما جاء بك؟» قلت: خفتُ أن تُنكب أو تصيبك هامةٌ من هوامِّ الأرض. وعنده أيضاً والطبراني والبيهقي: «يا بشير، ألا تحمد الله الذي أخذ بناصيتك إلى الإِسلام من بين ربيعة؛ قوم يرَون أن لولاهم لائتفكتِ الأرضُ بمن عليها». كذا في المنتخب .

دعوته صلى الله عليه وسلم لرجل لم يسم

أخرج أبو يَعْلى عن حرب بن سُريج قال: حدثني رجل من بلْعَدَوِيَّة، قال: حدثني جدِّي قال: انطلقت إلى المدينة فنزلت عند الوادي، فإذا رجلان بينهما عنز واحدة وإِذا المشتري يقول للبائع؛ أحسن مبايعتي، قال: فقلت في نفسي: هذا الهاشمي الذي قد أضلَّ الناس أهو هو؟ قال: فنظرت فإذا رجل حسن الجسم عظيم الجبهة، دقيق الأنف، دقيق الحاجبين، وإذا من ثُعْرة نحره إلى سُرّته مثل الخيط الأسود شعر أسود، وإِذ هو بين طِمْرين قال: فدنا منا فقال: السلام عليكم، فرددنا عليه، فلم ألبث أن دعا المشتري فقال: يا رسول الله، قل له: يحسن مبايعتي، فمدَّ يده وقال: «أموالكم تملكون، إنِّي أرجو أن ألقى الله عزّ وجلّ يوم القيامة لا يطلبني أحد منكم بشيء ظلمته في مال ولا في دم ولا عرض إلا بحقه. رحم الله أمرأ سهل البيع، سهل الشراء، سهل الأخذ، سهل العطاء، سهل القضاء، سهل التقاضي»، ثم مضى.
فقلت: والله لأقضينَّ هذا فإنه حسن القول، فتبعته فقلت: يا محمد، فالتفت إليَّ بجميعه فقال: «ما تشاء؟» فقلت: أنت الذي أضللتَ الناس وأهلكتَهم وصدَدتهم عمَّا كان يعبد آباؤهم؟ قال: «ذاك الله». قال: ما تدعو إليه؟ قال: «أدو عباد الله إلى الله» قال: قلت: ما تقول؟ قال: «أشهد أن لا إله إلا الله وأنِّي محمد رسول الله، وتؤمن بما أنزله عليَّ، وتفكر باللات والعُزَّى، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة». قال: قلت: وما الزكاة؟ قال: «يردّ غنينا على فقيرنا»؛ قال: قلت: نِعمَ الشيء تدعو إليه. قال: فلقد كان وما في الأرض أحد يتنفس أبغض إليّ منه، فما برح حتى كان أحب إليّ من ولدي ووالديَّ ومن الناس أجمعين. قال: فقلت: قد عرفتُ؛ قال «قد عرفتَ؟» قلت نعم؛ قال: «تشهد أن لا إِله إِلا الله وأنِّي محمد رسول الله، وتؤمن بما أُنزل عليّ»، قال: قلت: نعم، يا رسول الله، إنِّي أرد ماءً عليه كثير من الناس فأدعوهم إلى ما دعوتني إليه، فإنِّي أرجو أن يتَّبعوك، قال: نعم، فادعهم»؛ فأسلم أهل ذلك الماء رجالهم ونساؤهم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه. قال الهيثمي وفيه: راوٍ لم يسمَّ، وبقية رجاله وُثِّقوا. انتهى.
وأخرج أحمد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا خال، قل: (لا إله إلا الله)»، فقال: خالٌ أنا أو عمٌّ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا، بل خال»؛ فقال: قل: (لا إله إلا الله)»، قال: هو خيرٌ لي؟ قال: «نعم». قال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

وأخرج البخاري وأبو داود عن أنس رضي الله عنه أن غلاماً من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه يعوده، ففقعد عند رأسه فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطِعْ أبا القاسم؛ فأسلم. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار». كذا في جمع الفوائد .
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أنس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أسلم تسلم»، قال: إني أجدني كارهاً، قال: «إن كنت كارهاً». قال الهيثمي : رجالهما رجال الصحيح.

دعوته صلى الله عليه وسلم لأبي قحافة رضي الله عنه
أخرج الطبراني عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما كان يوم الفتح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي قُحافة: «أسلم تسلم». قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح. انتهى. وعند ابن سعد : عن أسماء قالت: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة واطمأنَّ وجلس في المسجد أتاه أبو بكر بأبي قحافة، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أبا بكر، ألا تركتَ الشيخ حتى أكون أنا الذي أمشي إليه؟» قال يا رسول الله، هو أحقُّ أن يمشي إِليك من أن تمشي إليه. فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ووضع يده على قلبه ثم قال: «يا أبا قحافة، أسلم تسلم»؛ قال: فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: وأُدخل عليه ورأسه لحيته كأنَّهما ثُغامة، فقالت: غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد».

دعوته صلى الله عليه وسلم لأفراد المشركين ممَّن لم سلم دعوته عليه السلام لأبي جهل

أخرج البيهقي عن الميغرة بن شعبة قال: إِنَّ أول يوم عرفت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل: «يا أبا الحَكَم، هَلُمَّ إلى الله وإلى رسوله، أدعوك إلى الله»، فقال أبو جهل: يا محمد، هل أنت مُنتهٍ عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنَّك قد بلّغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت، وفوالله لو أنِّي أعلم أنَّ ما تقول حقٌّ لاتبعتك.
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عليَّ فقال: والله إني لأعلم أنّ ما يقول حقٌّ، ولكن يمنعني شيء: أنَّ بني قُصَيّ قالوا: فينا الحجابة فقلنا: نعم، ثم قالوا: فينا السِّقاية، فقلنا نعم؛ ثمَّ قالوا: فينا النَّدوة، فقلنا: نعم، ثم قالوا: فينا اللِّواء فقلنا: نعم، ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكَّت الرُّكَب قالوا: منا نبي، والله لا أفعل. كذا في البداية .
وأخرجه أيضاً بن أبي شيبة بنحوه، كما في الكنز وفي حديثه: «يا أبا الحَكَم هَلُمَّ إلى الله وإلى رسوله وإلى كتابه، أدعوك إلى الله».

دعوته عليه السلام للوليد بن الغيرة

وأخرج إسحاق بن راهَوَيْه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رَقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عمّ، إنَّ قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ؟ قال: ليعطوكَهُ، فإنَّك أتيت محمداً لتعرِضَ ما قِبَلَه، قال: قد عَلِمت قريش أني من أكثرها مالاً. قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنَّك مُنكر له، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه لا بقصيده من لا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إنَّ لقوله الذي يقول حلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّه لمثمرٌ أعلاه، مُغْدِقٌ أسفله، وإنه لَيَعلُو ولا يُعلى، وإنه ليحطِم ما تحته. قال: لا رضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: قف عني حتى أفكر فيه، فلما فكَّر قال: إنْ هذا إلا سحر يُؤثر، يأثره عن غيره، فنزلت: «ذَرْني ومَنْ خَلَقْتُ وحيداً. وجعلتُ له مالاً ممدوداً. وبنين شهوداً» ــــ الآيات. هكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن عبد الله بن محمد الصنعاني بمكة عن إسحاق. وقد رواه حمَّاد بن زيد عن أيوب عن عِكرمة ــــ مرسلاً ــــ فيه أنّه قرأ عليه: «إنَّ الله يأمرُ بالعدلِ والإِحسانِ وإيتاءِ ذي القُربَى، وينهى عن الفَحْشاءِ والمنكرِ والبَغْي، يَعِظُكُم لعلَّكُم تَذكَّرون». كذا في البداية . وأخرجه ابن جرير عن عكرمة كما في التفسير لابن كثير .

دعوته صلى الله عليه وسلم الإثنين دعوته عليه السلام لأبي سفيان وهند

أخرج ابن عساكر عن معاوية رضي الله عنه قال: خرج أبو سفيان إلى بادية له مردفاً هنداً، وخرجت أسير أمامهما وأنا غلام على حمارة لي إذ سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان: أنزل يا معاوية حتى يركب محمد، فنزلت عن الحمارة وركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار أمامنا هنيهة، ثم التفت إِلينا فقال: «يا أبا سفيان بن حرب، ويا هند بنت عُتبة، والله لتموتنَّن ثم لتبعثنَّ، ثم ليدخلنَّ المحسن الجنة والمسيء النار، وأنا أقول لكم بحقَ وإنَّكم لأولُ من أُنذرتم»، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {حم تَنزِيلٌ مّنَ الرحمن الرَّحِيمِ } (فصلت: 1، 2) ــــ حتى بلغ ــــ قالتا أَتَيْنا طائعين»، فقال له أبو سفيان: أفَرَغْت يا محمد؟ قال: نعم، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمارة وركبتها، وأقبلت هند على أبي سفيان فقالت: ألهذا الساحر أنزلتَ إبني؟ قال: لا والله ما هو بساحر، ولا كذَّاب؛ كذا في الكنز.
وأخرجه الطبراني أيضاً مثله. قال الهيثمي : حُمَيد بن مُنْهب لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

دعوته عليه السلام لعثان وطلحة
وأخرج ابن سعد عن يزيد بن رومان قال: خرج عثمان بن عفان وطلحة بن عُبيد الله رضي الله عنهما على إثر الزبير بن العوام رضي الله عنه، فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام، وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإِسلام، ووعدهما الكرامة من الله. فآمَنَا وصدّقا، فقال عثمان يا رسول الله، قدمتُ حديثاً من الشام، فلما كنا بين مَعَان والزرقاء فنحن كالنيام إِذا منادٍ ينادينا أيُّها النيام. هُبوا فإن أحمدَ قد خرج بمكة، فقدنا فسمعنا بك. وكان إسلام عثمان قديمً قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم.

دعوته عليه السلام لعمار وصهيب

وأخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار قال: قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: لقيت صهيب بن سنان رضي الله عنه على باب دار الأرقم ورسول الله فيها فقلت له: ما تريد، قال لي: ما تريد أنت، فقلت: أردت أن أدخل على محمد فأسمعَ كلامه، قال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه فعرض علينا الإِسلام فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مُسْتَخْفُون؛ فكان إِسلام عمار وصهيب بعد بضعة وثلاثين رجلاً. رضي الله عنهم.

دعوته عليه السلام وسعد بن زُرَارة وذَكْوان بن عبد قيس
وأخرج ابن سعد عن خُبَيب بن عبد الرحمن قال: خرج أسعد بن زُرَارة وذَكْوان بن عبد قيس إلى مكة يتنافران إلى عُتبة بن ربيعة، فسمعا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأتياه، فعرض عليهما السلام وقرأ عليهما القرآن، فأسلما ولم يقربا عتبة بن ربيعة، ورجعا إلى المدينة؛ فكانا أول من قدم بالإِسلام بالدينة.

عرضه صلى الله عليه وسلم الدعوة على الجماعة مخاصمة رؤساء قريش النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لهم وما أجابهم

أخرح بن جرير عن ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، ورجلاً من بني عبد الدار، وأبا البَخْتري أخا بني الأسد، والأسود بن عبد المطَّلب بن أسد، وزَمْعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أُمية، وأميةَ بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيها ومُنَبَّها ابني الحجَّاج السَّهُمِيَيْن، اجتمعوا ــــ أو من اجتمع منهم ــــ بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلِّموه وخاصموه حتى تُعذروا فيه، فبعثوا إليه أنَّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلِّموك، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعاً وهو يظنُّ أنَّه قد بَدَا في أمره بَدَاء ــــ وكان عليهم حرصاً يحب رُشدهم ويَعزُّ عليه عَنَتُهم ــــ حتى جلس إليهم. فقالوا: يا محمد، إنَّا قد بعثنا إليك لنُعذِر فيك، وإِنَّا ــــ والله ــــ ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمتَ الآباء، وعبتَ الدين، وسفَّهت الأحلام، وشتمتَ الآلهة، وفرّقتَ الجماعة، فما بقي من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك. فإنْ كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً. وإنْ كنت إنَّما تطلب الشرف فينا سوَّدْناك علينا. وإنْ كنت تريد ملكاً ملَّكناك علينا. وإِن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رَئِيَّاً تراه قد غلب عليك ــــ وكانوا يسمُون التابع من الجنِّ «الرَئيّ» ــــ فربما كان ذلك، وبذلنا أموالنا في طلب الطبِّ حتى نبرئك منه أو نُعذر فيك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكنَّ الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليَّ كتاباً، وأمرني أنْ أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلَّغتكم رسالاتِ ربي، ونصحتُ لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظُّكم من الدنيا والآخرة، وإنْ تردُّوه عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم» ــــ أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا: يا محمد، فإنْ كنت غير قابل منَّا ما عرضنا عليك فقد علمتَ أنه ليس أحدٌ من الناس أضيقَ بلاداً، ولا أقلَّ مالاً، ولا أشد عيشاً منا؛ فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فلْيُسيِّر عنا هذه الجبال التي قد ضيَّقت علينا، وليبسط لنا بلادَنا، وليُفَجِّر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق، وليبعثْ لنا من مضى من آبائنا، وليكنْ فيمن يبعث لنا منهم قصيُّ بن كلاب فإنه كان شيخاً صدوقاً؛ فنسألهم عمَّا تقول أحقٌ هو أم باطل؟ فإن صنعت ما سألناك وصدَّقوك صدَّقناك، وعرفنا به منزلتك عند الله وأنَّه بعثك رسولاً كما تقول. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما بهذا بعثت، إِنَّما جئتكم من عند الله با بعثني به، فقد بلغتكم ما أُرسلت به إِليكم؛ فإن تقبلوه فهو حظُّكم في الدنيا والآخرة، وإن تردُّوه عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم».

قالوا فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فسَلْ ربك أن يبعث مَلَكاً يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، وتسأله فيجعل لك جناتٍ وكنوزاً وقصرواً من ذهب وفضة، ويغنيك به عما نراك تبتغي ــــ

رد مع اقتباس