عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-01-2010, 11:55 AM
الصورة الرمزية dododa
dododa dododa غير متواجد حالياً
 





معدل تقييم المستوى: 15 dododa على طريق التميز
افتراضي فرضيات عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً (2


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد:
فيالحلقة الأولى تطرقنا إلى أن شرح الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة...حتى تعود أرض العربمروجاً وأنهاراً " سيكون من خلال نافذتين النافذة الأولى: (الماضي) ملخص التاريخالمناخي لأرض العرب. والنافذة الثانية: (المستقبل) فرضيات تغير المناخ في أرضالعرب.

ملخّص التاريخ المناخي لأرض العرب


توضح الصورة الفضائية وقوع الجزيرة العربية في النطاق الصحراوي.


قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون الموقع الفلكي والجغرافيلأرض العرب في نطاق ما يُسمى بشبه المداري الجاف الصحراوي، والذي يتصف بارتفاع درجةالحرارة معظم السنة وقلة الرطوبة الجوية وجفاف الرياح السائدة وبالتالي قلة الأمطارالهاطلة؛ كل هذا رسم بإذن الله تعالى بيئة صحراوية قاحلة ومتطرفة في أرض العرب.
المناخ الجاف المسيطر على أرض العرب ليس وليد العصرالحديث بل هو قديم، ومن خلال استقراء أدبيات العرب وتاريخهم القديم قبل 1400 سنة،نجد أن الظروف المناخية السائدة آنذاك لا تختلف كثيراً عن الحاضر، فلقد قرأناكثيراً عن تلكم المصطلحات: قحط، جوع، جفاف، استسقاء، بئر، مورد ماء، عام الرمادة،فقر، حر شديد ... الخ والتي تعكس بوضوح الظروف المناخية آنذاك. بالمقابل لم ترد فيتاريخ العرب هذه المصطلحات: بحيرة، نهر، شلال، ثلج، جليد، غابة... الخ. هذا من جهة،ومن جهة أخرى ومن خلال الاستقراء العلمي التاريخي الطبيعي للجزيرة العربية يوحيكذلك أن الظروف المناخية قبل 1400 سنة لم تكن تختلف كثيراً عن اليوم.
وعندما نتوغل أكثر في تاريخ الجزيرة العربية المناخي لانجد أيضاً إشارة إلى أن الأمم السابقة من العرب العاربة والمستعربة أو حتى العربالبائدة يتقلبون في أجواء رطبة غنية بأمطارها وأنهارها وأشجارها وأزهارها بخلافالحال في قارة أوروبا اليوم. والاستقراء التاريخي أيضاً يشير إلى أنه قبل 2500 سنةتقريباً لم تكن الظروف المناخية في أرض العرب مروجاً وأنهاراً بل صحراءً وجفافاًوآباراً متواضعة يزدحمون عليها قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَعَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِتَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءوَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}.
وعندما نتوغل أكثر في القدم نجد الظروف المناخية السائدةـ على الأقل في غرب الجزيرة العربية ـ كما وصفها إبراهيم عليه السلام {رَّبَّنَاإِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَالْمُحَرَّمِ}. وقبل نبي الله إبراهيم صالح عليهما السلام إذ قال: {قَالَ هَذِهِنَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}. وفي الأحقاف جنوبالجزيرة العربية قوم عاد كانوا يتطلعون إلى المطر والغيث قال تعالى: {فَلَمَّارَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌمُّمْطِرُنَا}، وقال عز وجل: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُبِالْأَحْقَافِ} والأَحْقافُ: "رمال بظاهر بلاد اليمن كانت عاد تنزل بها والحِقْفُأَصْلُ الرَّمْلِ" (لسان العرب)، وهذا يعكس واقع الظروف المناخية الجافة والصحراويةفي أرض العرب قبل حوالي 4500 سنة والله أعلم.
ولم يذكر التاريخ القديم ـ حسب علمي المتواضع ـ أن سكانالجزيرة العربية من العرب البائدة ومن قبلهم أنهم كانوا ينعمون بالمروج والأنهار. والسؤال هنا ... أي فترة تاريخية كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقصد ويشير فيمعرض الحديث السابق؟ أحسِب أن الظروف المناخية الجافة والقاحلة والحارة للجزيرةالعربية كانت هي السائدة ـ والله أعلم ـ منذ نزول آدم عليه السلام. والفترة الزمنيةالتي كانت حافلة بالرطوبة والأمطار والأنهار في أرض العرب قديمة جداً قبل أن يستخلفالله الإنسان على الأرض والله أعلم.
لذا تكمن عظمة النبوءة في الحديث السابق والتي نحن بصددها (تعود) أن النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم كشف للصحابة وللعالم من بعدهم سراًمن أسرار تاريخ الأرض الطبيعي والمناخي قبل أن يأتي الإنسان ويستعمر الأرض، فالنبيعليه الصلاة والسلام لم ينقل لنا خبر المروج والأنهار من كتب سماوية سابقة، ولا حتىمن أساطير الأولين الغابرة، ولكنه وحي من خالق الأرض والسماء السابعة {وَمَايَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
والمسلم يُصدق نبوءة نبيه عليه الصلاة والسلام الواردةبالنقل الصحيح سواءً شهد لها الحس والعقل أم لا. وفي الوقت نفسه المسلم مأموربالتفكر في خلق الله قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَبَدَأَ الْخَلْقَ} السير والتفكر بكل وسائله، عبر الميدان الجغرافي بعمق تاريخي،والنظر من خلال العين والعينة، والصورة والخريطة، والمقياس والميزان، والمعملوالحاسب، والتحليل والتصنيف، كل هذا للجواب عن السؤال الكبير {كَيْفَ بَدَأَالْخَلْقَ؟}. والعلم الحديث كشف لنا في آخر القرن الماضي ما يُصدق حديث الصادقالمصدوق عليه الصلاة والسلام عن الظروف المناخية السائدة في جزيرة العرب وغيرها قبلآلاف السنيين فماذا قال؟.
العصور الجليديّةIce Ages

قال تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِوَالأَرْضِ}، وقال سبحانه وتعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَبَدَأَ الْخَلْقَ} وقال عز وجل: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداًوَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِرَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وعلماء الجغرافيا والجيولوجيا والجيومورفلوجيا ساروا ونظروا وتفكروا ودرسوا وحللواوقدروا عمر كوكب الأرض بحوالي 4.6 بليون سنة والله أعلم. وقسّم علماء الجيولوجياهذه السنوات الطويلة إلى عصور متمايزة، يهمنا منها العصر الحديث (الرابع) وهوالأخير، والذي يقدر العلماء أنه بدأ منذ 1.6 مليون سنة حتى الوقت الحاضر. في هذاالعصر اكتشف العالم السويسري لويس أجاسيز ما يُسمى بالعصور الجليدية Ïce Âge التيبدأت منذ 1.6 مليون سنة وأنتهى آخرها قبل 10000 سنة تقريباً والله أعلم.
وتعريف العصور الجليدية: أنها حالة جوية دورية تتصفبالبرد القارس، هذه الحالة تسود في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، مما يؤدي إلىتجمدها وانتشار الغطاءات الجليدية وزحفها إلى أماكن شاسعة وجديدة تفوق مساحتهاالحالية بثلاثة أضعاف، (مساحة الجليد الحالي 10% من مساحة اليابس، بينما في العصرالجليدي 30%). في النصف الكرة الشمالي مثلاً تتسع الغطاءات أو القلانس الجليديةلتزحف باتجاه الجنوب، لتغطي شمال أوروبا وروسيا وأمريكا الشمالية، لتصبح أراضٍمتجمدة، وبالمقابل تصبح المناطق الجنوبية منها مناطق معتدلة ورطبة وهي العروض شبهالمدارية والصحراوية مثل الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

اللون الأبيض يمثل الغطاءات الجليدية فترة العصر الجليدي والذي يكسو كل من: كندا وشمال الولايات المتحدة وبريطانيا وشمال أوروبا وروسيا.

هذه العصور الجليدية المتكررة وفق سنن إلاهية عندما تحدثبإذن الله تعالى تكون أرض العرب مروجاً وأنهاراً، وعندما تنحسر تكون أرض العربصحراءً وأحقافاً ... وأثبت العلماء أننا نعيش اليوم في عصر دفيء يقع بين عصرينجليديين بمعنى أن الأرض مقبلة على عصر جليدي جديد امتداداً للعصور الماضية، فإنسألت عن وقتها؟ فهذا {مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّقَلِيلاً}. وآخر عصر مطير في أرض العرب حدث قبل 10000سنة تقريباً ((وقد)) يكون هوالمعني بالحديث الشريف! فمن علم النبي الأمي محمداً صلى الله عليه وسلم بغيب طوله10000 سنة؟ علمه الذي {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}.
ما سلف كان شرحاً للحديث عبر النافذة الزمنية التاريخية،أما عن المستقبل وكيف ومتى ستعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً؟ هذا ما سنقرأه فيالحلقات التالية إن شاء الله تعالى في موضوع فرضيات عودة أرض العرب مروجاًوأنهاراً، وعلى دروب العلم نلتقي.

 

 

رد مع اقتباس