الموضوع
:
مجلة رمضان
عرض مشاركة واحدة
08-06-2010, 04:12 AM
رقم المشاركة :
4
صدام عواوده
من ذاكرة رمضان1
ظهرت في بلاد فارس وأذربيجان في أواخر القرن الثاني الهجري سنة 192 هـ حركة باطنيّة خبيثة تؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح وتدعو إلى الإباحية الجنسية ، وكان زعيم هذه الحركة رجل يُدعى " بابك الخرميّ "، الذي نسبت إليه الحركة فأصبحت تعرف فيما بعد بـ " الخرميَّة " ، وقد شغلت هذه الحركة الخلافة العباسية فترة طويلة على مدى عشرين عاماً ، وتجمّع لديه نحواً من عشرين ألف مقاتل من غوغاء الناس والمجرمين وقطّاع الطرق ، وانضمّ إليه من الزنادقة والفسّاق العدد الكبير .
ولما توفي
المأمون
، ولي الخلافة بعده أخوه
المعتصم
فجعل من أولى مهامه القضاء على فتنة " بابك الخرميّ " ، حيث أرسل جيشًا ضخماً بقيادة
الإفشين
الذي عرف بحنكته وخبرته القتالية ، فاستطاع محاصرة " بابك " وأسره والقضاء على حركته ، ثم أحضره إلى الخليفة
المعتصم
الذي أمر بقطع رأسه ، وكان ذلك في العاشر من شوال سنة 222 هـ فقطع الله دابر هذه الفتنة ، وأراح الناس من شره .
وكان " بابك الخرميَّ " حين اشتد عليه الحصار وأيقن بالهلاك ، قد اتصل بإمبراطور الروم آنذاك يغريه بغزو بلاد المسلمين ، وانتهاز الفرصة بالهجوم على الثغور وأطراف البلاد ، وكان غرضه شغل الجيش الإسلامي ، وفتح جبهة أخرى تخفف عنه ما يلقاه .
فاستغل إمبراطور الروم الفرصة ، وتوجه بجيش عظيم قوامه مائة ألف ، وهاجم مدينة "زبطرة " ، وارتكب فيها الجرائم البشعة ، فقتل الصغير والكبير ، وسبى من النساء أكثر من ألف امرأة بعد أن ذبح أطفالهن ، ومثَّل بمن وقع في يده من المسلمين وسمل أعينهم وقطع أنوفهم وآذانهم ، ثم أغار على " ملطية " ففعل بها وبأهلها مثل ما فعل بـ " زبطرة" .
ولما بلغ
المعتصم
الخبر هاله ما حدث ، فنادى من ساعته النفير النفير ، وأحضر جماعة من أهل العلم والرأي وأشهدهم على أملاكه ، فجعل ثلثاً منها لولده ، وثلثاً لله ، وثلثاً لمواليه ، ثم بعث بنجدة لأهل الثغور المعتدى عليها يؤَمِّنهم ويُطمئنهم ويطلب منهم العودة إلى قراهم وديارهم التي فروا منها ، وجهّز جيشاً عظيماً لم يجهّزه أحد قبله ، وأخذ معه من آلات الحرب والأحمال والدواب شيئاً لم يسمع بمثله .
ثم سأل : أي بلاد الروم أمنع وأحصن ؟ فقيل : " عَمُّورية " ، لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الإسلام ، وهي عين النصرانية ، وهي أشرف عندهم من القسطنطينية ، فأمر بالسير إليها ، وكان خروجه في جمادى الأولى سنة 223 هـ .
وواصل السير بالجيش حتى وصل إلى نهر اللامس وهو الحد الفاصل بين الخلافة العباسية والدولة البيزنطية ، وهناك قسم
المعتصم
جيشه إلى فرقتين فرقة بقيادة
الأفشين
توجهت شمالاً صوب أنقرة ، وفرقه كان هو على رأسها ، وكان إمبراطور الروم قد خرج لمواجهة
الأفشين
فتقابلا عند " دزمون " في الخامس والعشرين من شعبان سنة 223 هـ ، وألحق به
الأفشين
هزيمة قوية ، هرب الإمبراطور على إثرها إلى " القسطنطينية " وترك جزءاً من جيشه في " عمورية " بقيادة " ياطس " .
وجاءت الأخبار إلى
المعتصم
بهزيمة الإمبراطور فسرَّه ذلك ، ثم ركب من فوره إلى أنقرة وتقابل مع
الأفشين
هناك ، فدخلها الجيش الإسلامي دون أي مقاومة ، بعد أن فرَّ أهلها عقب هزيمة إمبراطور الروم .
ثم توجه بعدها إلى " عمورية " فوصلها صبيحة الجمعة السادس من شهر رمضان المبارك سنة 223 هـ وضرب عليها حصارًا محكماً ، وفي تلك الأثناء بعث الإمبراطور برسالة إلى
المعتصم
يطلب منه الصلح ، ويعتذر له عما فعله بـ " زبطرة " ، وتعهّد أن يعيدها كما كانت ، وأن يفرج عن أسرى المسلمين الذين كانوا عنده ، إلا أن
المعتصم
أبى الصلح ، ولم يطلق سراح الرسول حتى فتح " عمورية " .
وكان
المعتصم
قد علم من أحد الذي كانوا يقيمون في " عمورية " أن موضعاً من سور المدينة جاءه سيل شديد فانهار ، فلم يحكم الروم بناءه كما كان ، وبقي هذا الجانب من السور ضعيفا ، وعندها ضرب المعتصم خيمته تجاه هذا الموضع ، ونصب عليه المجانيق ، وبدأ يقصفه قصفاً متواصلاً حتى تهدم وانفرج السور ، فهب المسلمون من ساعتهم لدخول المدينة ، ودوَّت الأصوات في جنباتها ، فدخلها المسلمون مكبرين رافعين رايات النصر في السابع عشر من شهر رمضان سنة 223هـ ، بعد أن استسلم قائدهم " ياطس " ، وقُتِل منهم خلق كثير ، وأمر
المعتصم
بهدم سائر نواحي المدينة وأسوارها ، وأخذ المسلمون أموالاً وغنائم لا تُحَدُّ ولا توصف ، فحملوا منها ما أمكنهم حمله وأحرقوا ما بقي من العتاد وآلات الحرب لئلا يتقوى بها الروم على قتال المسلمين ، ثم انصرف المعتصم راجعاً إلى " طرسوس " في أواخر شوال من هذه السنة ، منتصراً ظافراً ، بعد أن أعاد لدولة الإسلام هيبتها ، ولبَّى نداء الحرائر من المسلمات .
صدام عواوده
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات صدام عواوده