عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-17-2011, 10:10 AM
الصورة الرمزية عمر عمار
عمر عمار عمر عمار غير متواجد حالياً
 





معدل تقييم المستوى: 40 عمر عمار على طريق التميز
افتراضي صلة الرحم معلقة بعرش الرحمن

فضائل صلة الرحم
أما فضائل صلة الرحم فحدث ولا حرج ؛ ففضائلها كثيرة ، وعوائدها جمة ، وهذه الفضائل تنتظم خيري الدنيا والآخرة ، ونصوص الكتاب والسنة في ذلك متظاهرة ، وكذلك أقوال العلماء والحكماء ، فمن تلك الفضائل ما يلي :

1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر : فعن أبى هريرة- رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه

2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر ، وبسط الرزق الواردين في الحديث ما يلي :

1- أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله في عمر الإنسان الواصل ، ويهبه قوة في الجسم ، ورجاحة في العقل ، ومضاء في العزيمة ، فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال .

2- أن الزيادة على حقيقتها ؛ فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره ، ويوسع له في رزقه .

ولا غرو في ذلك ؛ فكما أن الصحة وطيب الهواء ، وطيب الغذاء ، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب من أسباب طول العمر- فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببا ربانيا ؛ فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان : أمور محسوسة تدخل في إدراك الحواس ، ومدارك العقول . وأمور ربانية إلهية قدرها من هو على كل شيء قدير ، ومن جميع الأسباب وأمور العالم منقادة لمشيئته " .

وقد يشكل هذا الأمر على بعض الناس فيقول : إذا كانت الأرزاق مكتوبة ، والآجال مضروبة لا تزيد ولا تنقص ، كما في قوله- تعالى- : وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف :34] . فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث السابق .

والجواب : أن القدر قدران :

أحدهما : مثبت ، أو مبرم ، أو مطلق ، وهو ما في أم الكتاب - اللوح المحفوظ- الإمام المبين- فهذا لا يتبدل ولا يتغير .

والثاني : القدر المعلق ، أو المقيد ، وهو ما في صحف الملائكة ، فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات .

قال شيخ الإسلام- ابن تيمية- رحمه الله تعالى- : " والأجل أجلان : مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد ، وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم : من سرة أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه

فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا ، وقال : إن وصل رحمه زدته كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر ، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر " .

وقال في موطن آخر عندما سئل عن الرزق :

هل يزيد أو ينقص ؟

فأجاب :الرزق نوعان : أحدهما : ما علمه الله أن يرزقه ، فبهذا لا يتغير ، والثاني : ما كتبه ، وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب

ثم إن : " الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه ؛ فإن كان قد تقدم بأن يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب ، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب ، وما قدره له بغير اكتساب- كموت مورثه- يأتيه بغير اكتساب " .

" فلا مخالفة في ذلك لسبق العلم ، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها ، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب ، وقدر الولد بالوطء ، وقدر حصول الزرع بالبذر ، فهل يقول عاقل بأن ربط المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق ، أو ينافيه بوجه من الوجوه " .

3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؛ قالت : بلى ، قال : فذلك لك

4- صلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة : فعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم

5- صلة الرحم طاعة لله عزوجل : فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل .

قال- تعالى- مثنيا على الواصلين : وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [الرعد :21]

6- وهي من محاسن الدين : فالإسلام دين الصلة ، ودين البر والرحمة ، فهو يأمر بالصلة ، وينهى عن القطيعة ، مما يجعل جماعة المسلمين مترابطة ، متآلفة ، متراحمة ، بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق ، ولا توليه اهتمامها .

7- وهى مما اتفقت عليه الشرائع : فالشرائع السماوية كلها أمرت بالصلة ، وحذرت من ضدها ، وهذا يدل على فضلها ، وعظم شأنها .

8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل : فهي مكسبة للحمد ، مجلبة للثناء الحسن ، حتى إن أهل الجاهلية ليتمدحون بها ، ويثنون على أصحابها ؛ فهذا الأعشى يمدح الأسود بن المنذر بن يزيد اللخمي ، فيقول :

عنده الحزم والتقى وأسى الصرع

وحمل لمضلع الأثقال

وصلات الأرحام قد علم الناس

وفك الأسرى من الأغلال

9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة : فهي دليل كرم النفس ، وسعة الأفق ، وطيب المنبت ، وحسن الوفاء ، وصدق المعشر .

ولهذا قيل : " من لم يصلح لأهله لم يصلح لك ، ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك " .

10- شيوع المحبة بين الأقارب : فبسببها تشيع المحبة ، وتسود الألفة ، ويصبح الأقارب لحمة واحدة ، وبهذا يصفو عيشهم ، وتكثر مسراتهم .

11- رفعة الواصل : فإن الإنسان إذا وصل أرحامه ، وحرص على إعزازهم- أكرمه أرحامه ، وأعزوه ، وأجلوه ، وسودوه ، وكانوا عونا له .

ولم أر عزم لامرئ كعشيرة

ولم أر ذلا مثل نأي عن الأهل

12- عزة المتواصلين : فالأرحام المتواصلون ، المتوادون المتآلفون- يعلو قدرهم ، ويرتفع ذكرهم ، فيكون لهم شأن ، ويحسب لهم ألف حساب ، فلا يتجرأ أحد أن يسومهم خطة ضيق ، أو أن يمسهم بلفحة من نار ظلم ؛ فيظلون بأعز جوار ، وأمنع ذمار .

بخلاف ما إذا تقاطعوا ، وتدابروا ؛ فإنهم يذلون ويسترذلون ، فيلقون هوانا بعد عز ، وضعة بعد رفعة ، ونزولا بعد شمم .

 

 

رد مع اقتباس