عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2011, 09:21 PM   رقم المشاركة : 35
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

حزب البعث العربي الاشتراكي
التعريف:

حزب البعث حزب (*) قومي علماني، يدعو إلى الانقلاب الشامل في المفاهيم والقيم العربية لصهرها وتحويلها إلى التوجه الاشتراكي، شعاره المعلن (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) وهي رسالة الحزب، أما أهدافه فتتمثل في الوحدة والحرية والاشتراكية.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

في سنة 1932م عاد من باريس قادماً إلى دمشق كل من ميشيل عفلق (نصراني ينتمي إلى الكنيسة (*) الشرقية) ، وصلاح البيطار (سني) وذلك بعد دراستهم العالية محملين بأفكار قومية وثقافة أجنبية.
ـ عمل كل من عفلق والبيطار في التدريس، ومن خلاله أخذا ينشران أفكارهما بين الزملاء والطلاب والشباب.
ـ أصدر التجمع الذي أنشأه عفلق والبيطار مجلة الطليعة مع الماركسيين سنة 1934م وكانوا يطلقون على أنفسهم اسم (جماعة الإحياء العربي).
ـ في نيسان 1947م تم تأسيس الحزب تحت اسم (حزب البعث العربي)، وقد كان من المؤسسين: ميشيل عفلق، صلاح البيطار، جلال السيد، زكي الأرسوزي كما قرروا إصدار مجلة باسم البعث.

ـ كان لهم بعد ذلك دور فاعل في الحكومات التي طرأت على سوريا بعد الاستقلال سنة 1946م وهذه الحكومات هي:
1 ـ حكومة شكري القوتلي: من 1946م وحتى 29/3/1949م.
2 ـ حكومة حسني الزعيم: استلم السلطة عدة شهور من سنة 1949م.
3 ـ حكومة اللواء سامي الحناوي: بدأ حكمه وانتهى في نفس عام 1949م.
4 ـ حكومة أديب الشيشكلي: استمر حكمه حتى سنة 1954م.
5 ـ حكومة شكري القوتلي: عاد إلى الحكم مرة ثانية واستمر إلى توقيع اتفاقية الوحدة مع مصر سنة 1958م.
6 ـ حكومة الوحدة برئاسة جمال عبد الناصر: 1958ـ 1961م.
7 ـ حكومة الانفصال برئاسة الدكتور ناظم القدسي: وقد دام الانفصال من 28/9/1961م وحتى 8/3/1963م. وقد قاد حركة الانفصال عبد الكريم النحلاوي.

منذ 8/3/1963م وإلى اليوم فقد وقعت سوريا تحت حكم حزب (*) البعث، وقد مرت هذه الفترة بعدة حكومات بعثية هي:
ـ حكومة قيادة الثورة: 1963م وفيها برز صلاح البيطار كرئيس للوزراء.
ـ حكومة أمين الحافظ: من 1963م وحتى 1966م.
ـ حكومة نور الدين الأتاسي: 1966مـ 1970م حيث لعبت القيادة القطرية للحزب دوراً بارزاً في الحكم، وقد برز في هذه الفترة كل من صلاح جديد الذي عمل أميناً عاماً للقيادة القطرية وحافظ الأسد الذي عمل وزيراً للدفاع.
ـ حكومة حافظ الأسد: من سنة 1970م وإلى يومنا هذا.

ومن الشخصيات السورية البارزة التي ظهرت في تاريخ الحزب:
ـ سامي الجندي: تقلد منصب وزير الإعلام بعد انقلاب 1963م.
ـ حمود الشوفي: عمل سكرتيراً عاماً للقيادة القطرية الأولى إلا أنه انشق وجماعته عن الحزب في آذار سنة 1964م، وهو الآن في العراق.
ـ منيف الرزاز: (أردني سني) عمل سكرتيراً عاماً للقيادة القومية للحزب من نيسان 1965م إلى شباط 1966م.
ـ مصطفى طلاس: (سني): ولد سنة 1932م، درس في الكلية العسكرية بحمص، انضم إلى الحزب في سنة 1947م وعمل رئيساً لمحكمة الأمن القومي للمنطقة الوسطى من 1963م، ورئيس أركان اللواء المدرع الخامس من 1964م ـ 1966م ورئيس الأركان للقوات المسلحة من شباط 1968م ونائب وزير الدفاع من 1968ـ 1972م وفي آذار 1973م وصار وزيراً للدفاع .
ـ اللواء يوسف شكور: خلف مصطفى طلاس في رئاسة الأركان وهو من منطقة حمص.
ـ اللواء ناجي جميل: من دير الزور، كان قائداً لسلاح الجو من تشرين الثاني 1970م وحتى آذار 1978م.
ـ سليم حاطوم: حاول أن يقود انقلاباً عام 1966م لكنه فشل في ذلك. وقد أعدم في عام 1967م.
ـ زكي الأرسوزي: (من لواء إسكندرون) مؤسس مع ميشيل عفلق ومنافس له.
ـ شبلي العيسمي: ولد عام 1930م، عمل وزيراً للإصلاح الزراعي ثم وزيراً للمعارف، ثم وزيراً للثقافة والإرشاد القومي 1963مـ 1964م ونائباً للأمين العام لحزب البعث 1965م.
ـ عبد الكريم الجندي: من أنصار صلاح جديد، انتهى منتحراً عام 1969م.
ـ سليمان العيسى: (من لواء إسكندرون) منظّر ومفكّر وشاعر.
ـ أحمد الخطيب: استلم رئاسة الجمهورية من تشرين الثاني 1970م واستقال في شباط 1971م وهي الفترة الانتقالية بين حكومة نور الدين الأتاسي وحكومة حافظ الأسد، وقد كان عضو القيادة القطرية الموسعة من 1965م كما استلم رئاسة مجلس الشعب لفترة قصيرة.
ـ يوسف زعين: مولود في البوكمال 1931م طبيب، عمل وزيراً للإصلاح الزراعي 1963ـ 1964م، وسفيراً في بريطانيا، وفي 1965م انتخب عضواً في القيادة القطرية، ومن شباط 1966م إلى تشرين الأول 1968م، كان رئيساً للوزراء حتى عام 1970م.
ـ جلال السيد: عضو مؤسس في حزب (*) البعث وهو من مدينة دير الزور وقد ترك الحزب لكنه بقي نشيطاً في السياسة السورية.
ـ عبد الحليم خدام: ولد 1932م في بانياس، خريج كلية الحقوق بدمشق تنقل في عدة وظائف حيث عمل محافظاً لمدينة حماة ومحافظاً لمدينة القنيطرة ومحافظاً لمدينة دمشق 1964م ووزيراً للاقتصاد 1969م ووزيراً للخارجية من 1970م وهو عضو القيادة القطرية منذ عام 1969م وقد ارتقى عام 1984م ليكون نائب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية.
ـ حافظ الأسد: ولد بالقرداحة من قرى اللاذقية سنة 1930، تخرج في الكلية العسكرية بحمص 1955م عمل قائداً لقاعدة الضمير الجوية 1963م، وقائداً لسلاح الطيران 1964م، انضم إلى المجلس الوطني لقيادة الثورة (*) 1965م، انضم إلى صلاح جديد في انقلاب 1966م وصار وزيراً للدفاع من 1966م إلى 1970م. ومن تشرين الثاني 1970م صار رئيساً للجمهورية بعد قيادته الحركة التغييرية التي أوصلته إلى السلطة.
ـ زهير مشارقة من حلب، عين مؤخراً نائب رئيس الجمهورية لشؤون الحزب.

لقد اندمج في سنة 1953م كل من (حزب (*) البعث) و (الحزب العربي الاشتراكي) الذي كان يقوده أكرم الحوراني في حزب واحد أسمياه (حزب البعث العربي الاشتراكي).

أما عن الجناح العراقي من حزب البعث فقد استولى على السلطة في العراق بعد أحداث دامية سارت على النحو التالي:

استيلاء حزب البعث على ناصية الحكم في العراق:
ـ في الرابع عشر من شهر يوليو عام 1958م دخل لواء بقيادة عبد السلام عارف إلى بغداد قادماً من الأردن واستولى على محطة الإذاعة وأعلن الثورة (*) على النظام الملكي وقتل الملك فيصل الثاني وولي عهده عبد الإله ونوري السعيد وأعوانه وأسقط النظام الملكي وبذلك انتهى عهد الملك فيصل ودخل العراق دوامة الانقلابات العسكرية.
ـ وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر يوليو عام 1958م أي بعد عشرة أيام من نشوب الثورة وصل ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث وزعيمه إلى بغداد وحاول إقناع أركان النظام الجديد بالانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) ولكن الحزب الشيوعي العراقي أحبط مساعيه ونادى بعبد الكريم قاسم زعيماً أوحد للعراق.
ـ وفي اليوم الثامن من شهر فبراير لعام سنة 1963م قام حزب البعث بانقلاب على نظام عبد الكريم قاسم وقد شهد هذا الانقلاب قتالاً شرساً دار في شوارع بغداد، وبعد نجاح هذا الانقلاب تشكلت أول حكومة بعثية، و سرعان ما نشب خلاف بين الجناح المعتدل والجناح المتطرف من حزب البعث فاغتنم عبد السلام عارف هذه الفرصة وأسقط أول حكومة بعثية في تاريخ العراق في 18 نوفمبر سنة 1963م وعين عبد السلام عارف أحمد حسن البكر أحد الضباط البعثيين المعتدلين نائباً لرئيس الجمهورية.
ـ في شهر فبراير سنة 1964م أوصى ميشيل عفلق بتعيين صدام حسين عضواً في القيادة القطرية لفرع حزب البعث العراقي.
ـ في شهر سبتمبر سنة 1966م قام حزب البعث العراقي بالتحالف مع ضباط غير بعثيين بانقلاب ناجح أسقط نظام عارف.
ـ وفي اليوم الثلاثين من شهر يوليو عام 1968م طرد حزب البعث كافة من تعاونوا معه في انقلابه الناجح على عبد السلام عارف وعين أحمد حسن البكر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للجيش وأصبح صدام حسين نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤولاً عن الأمن الداخلي.
ـ وفي 15 أكتوبر سنة 1970م تم اغتيال الفريق حردان التكريتي في مدينة الكويت وكان من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي وعضواً في مجلس قيادة الثورة ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع.
ـ وفي شهر نوفمبر من عام 1971م تم اغتيال السيد فؤاد الركابي وكان المنظّر الأول للحزب وأحد أبرز قادته في العراق وقد تم اغتياله داخل السجن.
ـ وفي 8 يوليو سنة 1973م جرى إعدام ناظم كزار رئيس الحكومة وجهاز الأمن الداخلي وخمسة وثلاثين شخصاً من أنصاره وذلك في أعقاب فشل الانقلاب الذي حاولوا القيام به.
ـ وفي 8 يوليو السادس من شهر مارس عام 1975م وقّعت الحكومة البعثية العراقية مع شاه إيران الاتفاقية المعروفة باتفاقية الجزائر وقد وقعها عن العراق صدام حسين وتقضي الاتفاقية المذكورة بأن يوافق العراق على المطالب الإقليمية للشاه في مقابل وقف الشاه مساندته للأكراد في ثورتهم على النظام العراقي.
ـ في شهر أكتوبر لعام 1978م طردت الحكومة البعثية الخميني من العراق وقامت في شهر فبراير عام 1979م الثورة (*) الخمينية في إيران.
ـ وفي شهر يونيو عام 1979م أصبح صدام حسين رئيساً للجمهورية العراقية بعد إعفاء البكر من جميع مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله.
ـ في يوليو سنة 1979م قام صدام حسين بحملة إعدامات واسعة طالت ثلث أعضاء مجلس قيادة الثورة وأكثر من خمسمائة عضو من أبرز أعضاء حزب البعث العراقي.
ـ وفي اليوم الثامن من شهر أغسطس من العام نفسه أقدم صدام حسين على إعدام غانم عبد الجليل وزير التعليم ومحمد محجوب وزير التربية ومحمد عايش وزير الصناعة وصديقه الحميم عدنان الحمداني والدكتور ناصر الحاني سعيد، ثم قتل مرتضى سعيد الباقي تحت التعذيب، وقد سبق لكل من الأخيرين أن شغلا منصب وزير الخارجية، وقد بلغ عدد من أعدمهم صدام حسين خلال أقل من شهر واحد ستة وخمسين مسؤولاً حزبياً، ولم يبق على قيد الحياة من الذين شاركوا في انقلاب عام 1968م سوى عزت إبراهيم الدوري وطه ياسين رمضان وطارق حنا عزيز.
ـ وفي اليوم التاسع من شهر إبريل عام 1980م قام صدام حسين بإعدام محمد باقر الصدر أحد أبرز علماء الشيعة وأخته زينب الصدر المعروفة باسم (بنت الهدى).
ـ وفي يوم 22 سبتمبر سنة 1980م شن صدام حسين حربه على إيران التي أسفرت عن سقوط ما يقارب نصف المليون من أزاهير شباب العراق فضلاً عن سبعمائة ألف من المعاقين والمشوهين، إضافة إلى نفقات الحرب التي تجاوزت المائتي ألف مليون من الدولارات وكذلك تجميد كل تنمية طوال مدة زمنية تجاوزت الثماني سنوات، خرج صدام بعد كل هذه التضحيات ليعلن للعالم أن حربه مع إيران كانت خطأ وأن الحق كل الحق في العودة إلى الاتفاقية المبرمة بينهما ـ اتفاقية الجزائر ـ.
ـ وفي أثناء حربه مع إيران أنزل بالمواطنين الأكراد أبشع أنواع القتل والبطش والتنكيل والإبادة باستخدام الغازات السامة والكيماوية .
ـ وفي 2 أغسطس سنة 1990م (11 محرم سنة 1411هـ) قام باجتياح دولة الكويت واستباحة أرضها وطرد شعبها ، إلى أن تم تحريرها .
ـ قامت أمريكا أخيرًا بإسقاط صدام ونظامه البعثي ، واحتلت العراق ، ونصبت حكومة علمانية موالية لها ؛ وسط مقاومة عظيمة من الشعب العراقي السني المسلم .

سلوكيات ومبادئ حزب البعث العراقي:
ـ نادى مؤسس الحزب بضرورة الأخذ بنظام الحزب الواحد لأنه كما يقول: (إن القدر الذي حمّلنا هذه الرسالة خولنا أيضاً حق الأمر والكلام بقوة والعمل بقسوة) لفرض تعليمات الحزب ومن ثم لا يوجد أي مواطن عراقي يتمتع بأبسط قدر من الحرية الشخصية أو السياسية فكل شيء في دولة حزب البعث العراقي يخضع لرقابة بوليسية صارمة، تشكل دوائر المباحث والمخابرات والأمن قنوات الاتصالات الوحيدة بين المواطنين والنظام.
ـ تركيز سياسة الحزب (*) على قطع كافة الروابط بين العروبة والإسلام، والمناداة بفصل الدين عن السياسة، والمساواة في نظرتها للأمور بين شريعة حمورابي وشعر الجاهلية وبين دين محمد عليه والصلاة والسلام وبين ثقافة المأمون وجعلها جميعاً تتساوى في بعث الأمة العربية وفي التعبير عن شعورها بالحياة.
ـ ادّعت سياسة الحزب أن تحقيق الاشتراكية (*) شرط أساسي لبقاء الأمة العربية ولإمكان تقدمها، مع أن النتيجة الحتمية للسياسة الاشتراكية التي طبقت في العراق لم تجلب الرخاء للشعب ولم ترفع مستوى الفقراء ولكنها ساوت الجميع في الفقر، وبعد أن كان العراق قمة في الثراء ووفرة الموارد والثروات أصبح بطيش حزب البعث عاجزاً عن توفير القوت الأساسي لشعبه.
ـ قيامه بتجريد الدستور العراقي من كل القوانين التي تمت إلى الإسلام بصلة، وأصبحت العلمانية هي دستور العراق ومعتقدات البعث ومبادئه هي مصدر التشريع لقوانينه.
ـ ورد في التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع والمنعقد في بغداد في شهر يونيو من عام 1982م ما يلي:
( وأما الظاهرة الدينية في العصر الراهن فإنها ظاهرة سلفية (*) ومتخلفة في النظرة والممارسة).
(ومن الأخطاء التي ارتكبت في هذا الميدان أن بعض الحزبيين صاروا يمارسون الطقوس الدينية وشيئاً فشيئاً صارت المفاهيم الدينية تغلب على المفاهيم الحزبية).
( إن النضال ضد هذه الظاهرة ـ يقصد الظاهرة الدينية ـ يجب أن يستهدفها (الحزب) حيث وجدت.. لأنها كلها تعبر عن موقف معادٍ للشعب وللحزب وللثورة وللقضية القومية).
ـ حزب (*) البعث العربي الاشتراكي حزب قومي علماني انقلابي له طروحات فكرية متعددة يتعذر الجمع بينها أحياناً فضلاً عن الإقناع بها، لقد كُتِبَ عنه كثيراً وتحدث زعماؤه طويلاً، ولكن هناك بون واسع بين ممارسات وأقوال فترة ما قبل السلطة، وممارسات وأقوال فترة ما بعدها.
ـ الرابطة القومية عنده هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة وتكبح جماح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية حتى قال شاعرهم:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له *** وبالعروبة ديناً ما لــه ثان
ـ تعلن سياسة الحزب التربوية أنها ترمي إلى خلق جيل عربي جديد مؤمن بوحدة أمته وخلود رسالتها أخذاً بالتفكير العلمي، طليقاً من قيود الخرافات والتقاليد والرجعية، مشبعاً بروح التفاؤل والنضال والتضامن مع مواطنيه في سبيل تحقيق الانقلاب العربي الشامل وتقدم الإنسانية، "والطريق الوحيد لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي هو خلق الإنسان الاشتراكي العربي الجديد الذي يؤمن بأن الله والأديان والإقطاع ورأس المال وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ".(إبراهيم خلاص ـ فيلسوف الحزب في العراق).

من التوصيات العامة لمقررات المؤتمر القومي الرابع:
ـ تقول التوصية الرابعة: "يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي والعمل على علمانية الحزب، خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي".
ـ التوصية التاسعة تقول: "إن أفضل سبيل لتوضيح فكرتنا القومية هو شرح وإبراز مفهومها التقدمي العلماني وتجنب الأسلوب التقليدي الرومنطيقي في عرض الفكرة القومية وعلى ذلك سيكون نضالنا في هذه المرحلة مركزاً حول علمانية حركتنا ومضمونها الاشتراكي لاستقطاب قاعدة شعبية لا طائفية من كل فئات الشعب".
ـ أما عن الوحدة فهم يقولون: ليست الوحدة العربية مجرد تجميع ولصق لأجزاء الوطن العربي، بل هي التحام فصهر لهذه الأجزاء، لذا فإن الوحدة ثورة بكل أبعادها ومعانيها ومستوياتها، وهي ثورة لأنها قضاء على مصالح إقليمية عاشت وتوسعت وترسبت عبر القرون، وهي ثورة لأنها تجابه مصالح وطبقات تعارض الوحدة وتقف في وجهها (المنطلقات النظرية للمؤتمر القومي السادس).
ـ وأما الاشتراكية فهي تعني تربية المواطن تربية اشتراكية علمية تعتقه من كافة الأطر والتقاليد الاجتماعية الموروثة والمتأخرة لكي يمكن خلق إنسان عربي جديد يعقل علمي متفتح، ويتمتع بأخلاق اشتراكية جديدة ويؤمن بقيم جماعية.
ـ الرسالة الخالدة: يفسرونها بأن الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ ترمي إلى تجديد القيم الإنسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الأمم.
· هذا ويمكن ملاحظة ما يلي:
ـ إن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في صلب الدستور السوري أو العراقي.
ـ كلمة الإيمان بالله على عموميتها لم ترد في صلب الدستور، لا في تفصيلاته ولا في عمومياته، مما يؤكد على الاتجاه العلماني لديه.
ـ في بناء الأسرة لا يشيرون إلى تحريم الزنى ولا يشيرون إلى آثاره السلبية.
ـ في السياسة الخارجية لا يشيرون إلى أية صلة مع العالم الإسلامي.
ـ لا يشيرون إلى التاريخ الإسلامي الذي أكسب الأمة العربية مكانة وقدراً بين الشعوب.
ـ رغم مطالبة الحزب بإتاحة أكبر قدر من الحرية للمواطنين، فإن ممارساته القمعية فاقت كل تصور وانتهكت كل الحرمات ووأدت كل الحريات وألجأت الكثيرين إلى الهجرة والفرار بعقيدتهم من الظلم والاضطهاد.
ـ القوانين في البلاد التي يحكمها البعث علمانية وحانات بيع الخمور مفتوحة ليل نهار، والنظام المالي ربوي ودعاة الإسلام مضطهدون بشكل سافر.

الجذور الفكرية والعقائدية:
1ـ يعتمد الحزب على الفكر القومي الذي ظهر وبرز بعد سقوط الدولة العثمانية في العالم العربي والذي نادت به أوروبا، والذي نادى به منظَّر القومية العربية في العالم العربي آنذاك ساطع الحصري.
2ـ يعتمد الحزب على الفكر العلماني إذ ينحي مسألة العقيدة الدينية جانباً ولا يقيم لها أي وزن سواء على صعيد الفكر الحزبي أو على صعيد الانتساب إلى الحزب أو على صعيد التطبيق العملي.
3ـ يستلهم الحزب تصوراته من الفكر الاشتراكي ويترسم طريق الماركسية رغم انهيارها، والخلاف الوحيد بينهما أن اتجاهات الماركسية أممية، أما البعث فقومي، وفيما عدا ذلك فإن الأفكار الماركسية تمثل العمود الفقري في فكر الحزب ومعتقده، وهي لا تزال كذلك رغم انهيار البنيان الماركسي فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي.
4ـ لقد كان الحزب واجهة انضوت تحته كل الاتجاهات الطائفية (درزية ـ نصيرية ـ إسماعيلية ـ مسيحية) وأخذ هؤلاء يتحركون من خلاله بدوافع باطينة يطرحونها ويطبقونها تحت شعار الثورة والوحدة والحرية والاشتراكية والتقدمية وقد كانت الطائفة النصيرية أقدر هذا الطوائف على استغلال الحزب لتحقيق أهدافها وترسيخ وجودها.

الانتشار ومواقع النفوذ:
1 ـ للحزب أعضاء ينتشرون في معظم الأقطار العربية، بعضهم يعمل بشكل علني وبعضهم الآخر سري، ويتفاوت وجودهم وتأثيرهم من بلد إلى آخر على حسب طبيعة البلد ونوعية حكمه.
2 ـ يحكم حزب البعث بلدين عربيين مهمين هما سوريا والعراق، وقد عجز الحزب عن تحقيق الوحدة بين فصائله، بل إن الصراع بين شطري البعث مستمر وعلى أشده، واتهامات الخيانة بين الطرفين لا تنقضي، وإذا كان هذا هو شأن الحزب في بلدين يخضعان له فهو من باب أولى عاجز عن تحقيق وحدة الأمة العربية بكاملها.
والبعثيون يتطلعون إلى استلام السلطة في جميع أرجاء الوطن العربي باعتبار ذلك جزءً لا يتجزأ من طموحاتهم البعيدة، وقد أدت بهم هذه الرغبة العارمة إلى السقوط في حمأة الإنذار المقنع والتهديد السافر والعدوان الصريح وربما يكون حزب البعث في العراق أسوأ ما شهده التاريخ.

ويتضح مما سبق:
أن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قومي سلطوي يحاد الله ورسوله ويسعى إلى قلب الأوضاع في العالم العربي ويتخذ العلمانية وتحقيق الاشتراكية مطلباً يبرر سياسته القمعية، ورسالته التي يصفها، على خلاف الحقيقة، بالتقدمية ويجعل من الوحدة العربية هدفاً ينفذه بالضم والإرغام رغم إرادة الشعوب.
والعلاقة معه يجب أن يحكمها قول الله سبحانه: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله) الآية.

الناصرية
التعريف:

الناصرية حركة(*) قومية عربية، نشأت في ظل حكم جمال عبد الناصر (رئيس مصر من عام 1952مـ 1970م) واستمرت بعد وفاته واشتقت اسمها من اسمه وتبنت الأفكار التي كان ينادي بها وهي: الحرية (*) والاشتراكية والوحدة وهي نفس أفكار الأحزاب (*) القومية اليسارية العربية الأخرى.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

أول من أطلق لفظ (الناصرية) محمد حسنين هيكل، الصحفي الذي رافق عبد الناصر إبان حكمه، وأصبح له شهرة في العالم العربي، وذلك بمقال له في جريدة الأهرام في 14/1/1972م.

جاء بعده كمال رفعت وأصدر في عام 1976م كتيباً بعنوان ناصريون ذكر فيه مبادئ الناصرية وأهدافها.

وبلور الدكتور عبد القادر حاتم الذي كان وزيراً في عهد عبد الناصر المذهب (*) الناصري في تأبينه لعبد الناصر، كما جاء في جريدة الأخبار (2/10/1970م) حينما قال: " أصبح في العالم اليوم مذهب (*) سياسي متميز ينتسب إلى عبد الناصر ".

وقد وافق القضاء المصري على إعلان الناصرية كحزب باسم (الحزب الديمقراطي الناصري) وذلك في يوم الاثنين 18/شوال/1412هـ (20/4/1992م) برئاسة ضياء الدين داود المحامي، وعضو مجلس الشعب المصري.

وهناك من قادة الدول العربية ـ مثل معمر القذافي رئيس الجماهرية الليبية ـ من يصرح بأنه على منهج عبد الناصر !!.

نظرة تاريخية على مؤسس الناصرية:

ـ جمال عبد الناصر: وكان يتردد على مركز الإخوان المسلمين لسماع حديث الثلاثاء منذ عام 1942م. (مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف).

ـ في أوائل عام 1946م بايع الإخوان المسلمين على التضحية في سبيل الدعوة الإسلامية مجموعةٌ من الضباط منهم جمال عبد الناصر. (مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف).

ـ بدأت علاقة عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية منذ آذار (مارس) 1952م أي قبل قيام الثورة (*) بأربعة أشهر، كما اعترف بذلك أحد رفاقه وهو خالد محي الدين. وتحدث اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد الثورة عن هذه العلاقة في مذكراته، وأنهم هم الذين كانوا يرسمون له الخطط الأمنية ويدعمون حرسه بالسيارات والأسلحة الجديدة.

ـ في 27 يوليو 1954م عقد اتفاقية الجلاء مع بريطانيا وعارضه فيها الإخوان المسلمون.

ـ في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1954م أعفي محمد نجيب من منصبه كرئيس للجمهورية ليصبح عبد الناصر فرعون مصر الجديد ـ على حد تعبير رفاقه ـ كمال الدين حسين وحسن التهامي.ـ

ـ في 8 كانون الأول (ديسمبر) 1954م (12 ربيع الآخر 1374هـ) نفذ عبد الناصر حكم الإعدام في ستة من قادة جماعة الإخوان المسلمين منهم عبد القادر عودة مؤلف التشريع الجنائي في الإسلام. فضلاً عن الاعتقالات التي شملت الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعد اتهامهم بالتآمر على قتله في حادث المنشية بالإسكندرية (في نفس العام) والتي قيل بأنها مسرحية دبرها عبد الناصر مع المخابرات المركزية للتخلص من الإخوان المسلمين الذين كانوا يشكلون عقبة كبيرة لحكمه الفردي البعيد عن الدين، ولتلميع شخصيته كزعيم وطني حتى تتعلق به الجماهير.

ـ في عام 1956م كان الاعتداء الثلاثي على مصر من قبل انجلترا وفرنسا وإسرائيل.. ولم ينسحب المعتدون إلا بعد استيلاء إسرائيل على شرم الشيخ في سيناء، وجزيرة تيران في البحر الأحمر.

ـ شارك في الحرب اليمنية: التي قتل فيها الآلاف من الشعب المصري المسلم.. وخسرت فيها الملايين.

ـ في عام 1965م أقدم عبد الناصر على إعدام ثلاثة من كبار الإخوان المسلمين منهم سيد قطب مؤلف في ظلال القرآن.

ـ في نفس العام صدر القرار الجمهوري (نيسان ـ أبريل ـ 1965م) بالعفو الشامل عن جميع العقوبات الأصلية والتبعية ضد الشيوعيين في مصر، ودخل الماركسيون في جميع مجالات الحياة في مصر بعد ذلك.

ـ في عام 1967م كانت النكبة الثانية للعرب والمسلمين، فقد احتلت دولة اليهود في فلسطين المحتلة، ثلاثة أمثال ما اغتصبوه عام 1948م (سيناء والجولان والضفة الغربية) وسقطت القدس بلا قتال.

ـ وتوفي عبد الناصر سنة 1970م بعد أن غرقت مصر في الديون وبعد أن خرّب مصر سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً، وملأ العالم العربي بالشعارات الجوفاء.

ومن أخلاق عبد الناصر على لسان رفاق حياته ومعاصريه:

ـ يقول حسن التهامي وهو من أقرب المقربين لعبد الناصر: " إن عبد الناصر هو الذي أمر القوات المصرية بالانسحاب إلى الضفة الغربية من قناة السويس عام 1967م. وأن عبد الناصر هو الذي دس السم لعبد الحكيم عامر، في بيت عبد الناصر نفسه ". الأهرام 5/8/1977م.

ـ حسين الشافعي وهو أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بالانقلاب العسكري سنة 1952م يقول في محاضرة له في جمعية الشبان المسلمين: " انقلوا عني: أن الجيش المصري لم يحارب في معركة 1967م بل هزم بسبب الإهمال والخيانة، وأقول الخيانة وأضع تحتها عشرة خطوط ".

ـ خالد محيي الدين: زعيم التنظيم اليساري في مصر وهو أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، يقول: " إن عبد الناصر كانت له علاقة بالمخابرات الأمريكية منذ مارس 1952م أي قبل قيام الثورة (*) بأربعة أشهر ".

الأفكار والمعتقدات:

من مبادئ الناصرية:
ـ الحرية (*) والاشتراكية (*) والوحدة، للقضاء على مشكلات العالم العربي الأربعة: وهي الاستعمار (*) والتخلف والطبقية والتجزئة بين أقطار العالم العربي. (وهي نفسها أفكار حزب (*) البعث القومي اليساري: الوحدة، الحرية، الاشتراكية).

ـ الحرية المطلوبة هي حرية الناصريين وليست حرية الشعب بكامله، إذ أن الناصرية القديمة (في عهد عبد الناصر نفسه) رفعت شعارات لا حرية لأعداء الحرية، وهي تعتقد بأن كل معارض لها من أعداء الحرية.

الاشتراكية أساس التقدم الاقتصادي.. وهي أساس بناء مجتمع الكفاية والعدل، والمجتمع الذي ترفرف عليه الرفاهية كما يزعمون.

ـ ونادت الناصرية بتوزيع الثروة الوطنية لتحقيق التغيير الاجتماعي.

ـ ونادت بالاشتراكية العلمية (*).. وهي خليط من الاشتراكية الماركسية والليبرالية (*) الغربية والأفكار والوطنية مع شيء من الأفكار الدينية.

ـ الوحدة هي أساس القوة العربية.. والعروبة أو القومية العربية هي أساس قيام الوحدة. وأغفلت الناصرية رباط العقيدة التي لا تؤمن الشعوب العربية إلا بها ولا تجتمع إلا حول رايتها. وهي أساس وحدة العرب في الصدر الأول.

ـ نادت الناصرية بالديمقراطية (*) ومفهوم الديمقراطية لديها هو ديمقراطية التحالف السياسي، تبعاً لتحالف القوى الاجتماعية.. أو كما وصفها محمد حسنين هيكل بديمقراطية الموافقة: أي أن الزعيم الحاكم ينفرد بالحكم وبإصدار القرارات المصيرية.. ودور الشعب يقتصر على تأييد هذه القرارات. لأنه يفترض في الزعيم العصمة والصواب والحكمة وتجسيد إرادة الشعب وحقوق التعبير عنها.

ـ العلمانية ـ أو اللادينية ـ من أسس الناصرية أيضاَ.. فليس للدين (*) علاقة بالمجتمع وقوانينه ونظام حياته، وإنما هو طقوس تعبدية في المسجد فحسب.

الجذور الفكرية والعقائدية:
الناصرية حركة قومية يسارية علمانية برزت بعد وفاة عبد الناصر لذلك فهي تعتمد على الفكر القومي الذي ظهر بعد سقوط الدولة العثمانية.

الفكر الماركسي المادي (*) أحد روافد فكرها الذي تلبسه الثوب القومي.

الناصرية أبعدت الدين من كل مبادئها وممارساتها، من هنا جاء وصفها بالعلمانية (أو اللادينية).

النفوذ وأماكن الانتشار:
نشأت الناصرية في مصر وانتشرت في باقي البلاد العربية، وإن كان أتباعها في البلاد العربية قلة من المنتفعين، وقد طالب بعض الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه بتشكيل حزب ناصري في مصر وقد سمح لهم بذلك.

ويتضح مما سبق:
أن الناصرية تتجسد في حفنة من الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه وأظهروا الولاء لشخصه فلما سمح بالتعددية الحزبية في مصر اتفقوا على التجمع باسم القومية العربية وتحت لواء الحرية (*) والاشتراكية (*) والوحدة دون تحديد واضح لمضمون هذه الأهداف. ولكنهم على أية حال يدينون بالولاء لعبد الناصر ويعتبرونه رائدهم مشيدين بمواقفه الإيجابية بحكم أنه أنهى الملكية الفاسدة في مصر وأمم قناة السويس، وأنهى الاحتلال البريطاني، وبنى السد العالي، وحرر اليمن الشمالي، وحقق مكاسب للعمال والفلاحين. ولكنهم يتغافلون عن سلبيات حكمه الفظيعة، التي تتمثل في إعلان الحرب على الاتجاه الإسلامي في الداخل والخارج، وتعذيب حملة لوائه عذاباً نكراً، تقتيل فطاحل علمائه من أمثال عبد القادر عودة وسيد قطب وغيرهم بعد محاكمات صورية.

كما دأب على الوقوف دائماً في صف أعداء الإسلام ومناصرة سياستهم فأيد نهرو في مواقفه الجائرة ضد باكستان، وأيد نيريري الذي قام بمذبحة ضد مسلمي زنجبار، وأيد مكاريوس الذي كافح من أجل إضاعة حقوق المسلمين في قبرص.
وأحيا جاهلية (*) القرن العشرين بإثارة نعرة القومية العربية وإعلان الحرب على ملوك البلدان الإسلامية وتشجيع المؤامرات الانقلابية.

ورغم أنه في أول حكم الثورة (*) كان قد جعل الديمقراطية (*) أحد مبادئها، إلا أنه لم يسمح ببزوغ فجرها ووأدها في مهدها وقضى على كافة الأحزاب المطالبة بها، وأنشأ الحزب (*) الشمولي وألغى الدستور وجمع السلطة كلها في يده وظل طوال حكمه مثال الحاكم المستبد الذي يضرب خصومه بيد من حديد، دون أدنى مراعاة للقيم الأخلاقية ويفتعل المؤامرات للقضاء عليهم قضاء مبرماً.

وانتشر في عهده التحلل الأخلاقي والتفكك الأسري والتزلف النفعي والفساد، وقام بإلغاء الأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية، وأضعف كيان الأزهر، وأصبح للمخابرات والمباحث العامة والأمن القومي السيطرة على كل المؤسسات في الدولة، وقاصمة الظهر في هذا كله أنه عرَّض الجيش المصري لهزيمة ساحقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً وضاعت بسببها الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والقدس الشريف وتمكنت إسرائيل من توسيع رقعتها بما لم تكن تحلم به.

ويعتبر مسؤولاً عن انفصال السودان عن مصر وعن حرب اليمن وعن السماح لإسرائيل باستعمال مضيق تيران.

والمؤمل، إذا تجملت الناصرية ـ بعد أن سمح لها من جديد بتشكيل حزب سياسي في مصر ـ أن تفتح أنصارها عيونهم على هذه الحقائق المؤلمة ويصححوا مسارها نحو فهم جديد مستند للإسلام كأهم عنصر إيجابي في تحقيق حكم نظيف قوامه العدالة الاجتماعية وإنجاز الحرية والشورى كأساس متين لتجمع المسلمين ووحدتهم. ولعلهم بذلك يخفون وجه الناصرية القبيح ويقضون على آثارها المتعفنة ورموزها القذرة، ولهم في ماضيهم عبرة وفيما حدث في الكويت تبصرة وذكرى (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).

يتبـــع ------->
رد مع اقتباس