عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-12-2010, 09:02 PM
الصورة الرمزية عماد قطيش
عماد قطيش عماد قطيش غير متواجد حالياً
 





معدل تقييم المستوى: 37 عماد قطيش على طريق التميز
افتراضي وصينا الانسان بوالديه




(ووصينا الإنسان بوالديه , حملته أمه وهنا على وهن , وفصاله في عامين , أن اشكر لي ولوالديك , إلي المصير . وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما , وصاحبهما في الدنيا معروفا , واتبع سبيل من أناب إلي . ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون). .

وتوصية الولد بالوالدين تتكرر في القرآن الكريم , وفي وصايا رسول الله [ ص ] ولم ترد توصية الوالدين بالولد إلا قليلا . ومعظمها في حالة الوأد - وهي حالة خاصة في ظروف خاصة - ذلك أن الفطرة تتكفل وحدها برعاية الوليد من والديه . فالفطرة مدفوعة إلى رعاية الجيل الناشىء لضمان امتداد الحياة , كما يريدها الله ; وإن الوالدين ليبذلان لوليدهما من أجسامهما وأعصابهما وأعمارهما ومن كل ما يملكان من عزيز وغال , في غير تأفف ولا شكوى ; بل في غير انتباه ولا شعور بما يبذلان ! بل في نشاط وفرح وسرور كأنهما هما اللذان يأخذان ! فالفطرة وحدها كفيلة بتوصية الوالدين دون وصاة ! فأما الوليد فهو في حاجة إلى الوصية المكررة ليلتفت إلى الجيل المضحي المدبر المولي الذاهب في أدبار الحياة , بعدما سكب عصارة عمره وروحه وأعصابه للجيل المتجه إلى مستقبل الحياة ! وما يملك الوليد وما يبلغ أن يعوض الوالدين بعض ما بذلاه , ولو وقف عمره عليهما . وهذه الصورة الموحية: (حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين)ترسم ظلال هذا البذل النبيل . والأم بطبيعة الحال تحتمل النصيب الأوفر ; وتجود به في انعطاف أشد وأعمق وأحنى وأرفق . . روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده - بإسناده - عن بريد عن أبيه أن رجلا كان في الطواف حاملا أمه يطوف بها , فسأل النبي [ ص ] هل أديت حقها ? قال:" لا . ولا بزفرة واحدة " . هكذا . . ولا بزفرة . . في حمل أو في وضع , وهي تحمله وهنا على وهن .

وفي ظلال تلك الصورة الحانية يوجه إلى شكر الله المنعم الأول , وشكر الوالدين المنعمين التاليين ; ويرتب الواجبات , فيجيء شكر الله أولا ويتلوه شكر الوالدين . . (أن اشكر لي ولوالديك). . ويربط بهذه الحقيقة حقيقة الآخرة: (إلي المصير)حيث ينفع رصيد الشكر المذخور .

ولكن رابطة الوالدين بالوليد - على كل هذا الانعطاف وكل هذه الكرامة - إنما تأتي في ترتيبها بعد وشيجة العقيدة . فبقية الوصية للإنسان في علاقته بوالديه: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما). . فإلى هنا ويسقط واجب الطاعة , وتعلو وشيجة العقيدة على كل وشيجة . فمهما بذل الوالدان

 

 

رد مع اقتباس