منتديات الشبول سات

منتديات الشبول سات (https://www.shbool-sat.com/vb/index.php)
-   مواضيع وبرامج دينية عامة (https://www.shbool-sat.com/vb/forumdisplay.php?f=70)
-   -   الاختلاف.. لا يفسد للود قضية (https://www.shbool-sat.com/vb/showthread.php?t=10571)

عايش الجزائري 05-23-2010 02:44 AM

الاختلاف.. لا يفسد للود قضية
 
قديمًا قالوا: ''الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية''، كان الاختلاف بين السلف في العقول ولم يكن في القلوب، لقد اختلف الأئمة الأعلام، والفقهاء العظام آلاف المسائل، وتلك مصنفاتهم وموسعاتهم شاهدة على تعدّد مذاهبهم واجتهاداتهم، لقد اختلف مالك والشافعي وأحمد وابن تيمية رحمهم الله ورغم ذلك كان وثاق الأخوة يجمعهم، وكلمة الإسلام توحّدهم وجميعهم يقول: ''قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب''، وهم بين الأجر والأجرين ما دام الاختلاف لا يخرج عن أصول الشرع ووفق ضوابطه، لأنّ الله تعالى خلق الخلق في تباين في القدرات والمواهب والمؤهلات، وجبلهم المولى في علاه على اختلاف في المدارك والعقول والنفوس والطبائع، وهذا هو السبب في اختلاف الأداء والأعمال، ولهذا كان الصحابة أهل تخصصات: فأبي بن كعب رضي الله عنه كان أقرأهم، ومعاذ أعلمهم بالحلال والحرام، وأقدرهم علي بن أبي طالب في حل المعضلات والمشكلات، وخالد بن الوليد رجل السيف والرمح والمعارك، وحسان بن ثابت أستاذ القوافي، وزيد بن ثابت عالم المواريث، وأبو بكر وعمر أئمة السياسة والعدل، ولا ينكر بعضهم على بعض.
عاتب رجل الإمام مالكًا رحمه الله، لمّا رأى فيه من انصراف كلّي إلى العلم، فأجابه الإمام بجواب حكيم، يدرك أسرار الله في الكون وطبيعة والحياة، فقال: ''إن الله قسّم بين النّاس الأعمال، كما يقسّم بينهم الأرزاق، فرُبّ رجل فتح له في الصّلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر في الصدقة وآخر في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر ورضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه دون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير''.
أيُّها النّاس: لقد أدرك النّاس من كلّ ملّة أن هذا التباين هو الّذي يُحقّق مصالحهم الدينية والدنيوية، فهو توزيع إلاهي حكيم من لدن عليم خبير، حيث يحصل به الائتلاف والتعاون والتكامل، لأن تفاوت الخلق يستلزم تفاوت الأعمال، إذ عطاء بعض النّاس يكون في عقولهم والبعض الآخر في قوّة سواعدهم، ومن صلح لأمر قد لا يصلح لآخر، ومن سدّ ثغرًا لا سد كل الثغور، وهذا التباين هو الّذي يحقّق للبشر مصالحهم، وقد قالت العرب قديمًا: ''لايزال النّاس بخير ما تباينوا فإن تساووا هلكوا''.
لمّا حجّ عثمان سنة تسع وعشرين أتَمّ الصّلاة في منى وعرفة أربع ركعات، فتكلّم النّاس في ذلك وعاب عليه جمع من الصحاب، وقال عليّ رضي الله عنه: ''لقد أحدثت أمرًا والعهد برسول الله قريب، وإنّك قد عهدت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين، وأنت صليتَ ركعتين صدرًا من خلافتك''، فقال عثمان: ''هذا رأي رأيته'' وفي بعض الروايات أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ناقشه بنحو ما قال عليّ رضي الله عنه، فقال عثمان: ''إنّي أخبرتُ أنّ بعض مَن حج من اليمن وجفاة النّاس قالوا: ''إنّ الصّلاة للمقيم ركعتان واحتجوا بصلاتي وقد اتّخذت بمكة أهلاً''، فقال عبد الرّحمن: ''ما في هذا عذر'' فخرج عبد الرحمن فلقي عبد الله بن مسعود، فقال يا أبا محمد: ''لقد غيّر ما نعلم''، قال ابن مسعود: فماذا أصنع؟ قال: ''اعمل بما ترى وتعلَم''، قال ابن مسعود: ''الخلاف شرٌّ كلّه، وقد صليتُ بأصحابي أربعًا'' فقال عبد الرحمن: ''قد صليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسأصلي أربعًا''.
أيها الناس: ألاَ يسَعُنا ما وسع السلف؟، ألاَ يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلف فيه، ممّا يستساغ فيه الخلاف كما كان من قبلنا؟، ولَن يصلح حال هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أولها.
، فيا أيُّها النّاس: جُل مَن لا يخطئ، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، العبرة بما غلب، إنّ البحث عن الأخطاء والعيوب والهنات، وتحريف الكلم وتأويل النصوص من أجل التشهير والتنقيص خطيئة، لا تكونوا كجيران السُّوء مع إخوانكم إذا رأوا خيرًا دفنوه، وإذا رأوا شرًّا طاروا به وأذاعوه، يقول سعيد بن المُسَيِّب: ''ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلاّ وفيه عيب، ولكن مَن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنّ مَن غلب عليه نقصانه ذهب فضله''. إنّ الأمّة بحاجة إلى مواهب وأعمال الرجال كلّهم، كلّنا في ثغر ينافح عن هذا الدِّين، ما دامَت الطاقات متنوعة، والآراء متفاوتة، والمهارات متعددة في العمل والكسب، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه ما دام الأمر مستساغًا، إنّ المسلك العدل الحق أن نستفيد من كلّ مسلم، في ميدان تخصّصه وحيثما وُجد، وإنّ الأعمال لا يمكن أن يقوم بها فرد أو جماعة.
اللّهمّ ألِّف بين قلوبنا.

قطر ندى 05-23-2010 05:34 PM

اتمنى لك التوفيق في انتقاء مواضيعك

عايش الجزائري 05-25-2010 12:13 PM

مشكورين على المرور الطيب و الله يخليكم


الساعة الآن 02:01 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.