منتديات الشبول سات

منتديات الشبول سات (https://www.shbool-sat.com/vb/index.php)
-   القرأن الكريم والأحاديث النبوية (https://www.shbool-sat.com/vb/forumdisplay.php?f=114)
-   -   ضمن جولة في صحيح مسلم: الحياء أنواعه وبعض مباحثه (https://www.shbool-sat.com/vb/showthread.php?t=40357)

مصعب القعاونة 06-15-2011 06:33 PM

ضمن جولة في صحيح مسلم: الحياء أنواعه وبعض مباحثه
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي أمدَّنا بكثير من النعَم والعطايا، وردَّ عنَّا كثيرًا من النقَم والخزايا، أحمده حمدًا يليق بِجلاله، وأحتاج بعد أن أحْمَده إلى أن أحْمَده تارةً بعد تارة، وأراني عاجزًا عن تمام الشُّكر والحمد والثَّناء، فليس لي إلاَّ أن أتبرَّأ من حولي وقوَّتي إلى حولِه وقوَّته - سبحانه - فأقول: لا حول لي ولا قوَّة إلاَّ بك يا الله، فارزُقْني شكرًا وحمدًا تامَّين، كما رزقْتَني نعمةً ومنَّةً تامَّتين.

ثمَّ الصَّلاة والسَّلام على خير الشَّاكرين الحامِدين، الَّذي أُوتي خلقًا عظيمًا فدعا النَّاس، وممَّا دعا إليْه خلق الحياء الَّذي به ينال العبد كلَّ خير، فهو خلُق لا يأتي أبدًا إلاَّ بخير، كما قال المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومِن دونه يفقد العبدُ كلَّ خير.

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "فمَن لا حياءَ له ليس معه من الإنسانيَّة إلاَّ اللَّحم والدَّم وصورتهما الظَّاهرة، كما أنَّه ليس معه من الخير شيء".

وكماله حينما يكون حياءً من الله - تعالى - فبه يكون كلّ حياء، ويتفاوت النَّاس فيه على مراتِبَ شتَّى، ولَكَم شكوْنا في زمانِنا من غياب هذا الخلُق العظيم، في الأسْواق والأعراس، وفي العلاقات الأسريَّة بين الآباء والأبْناء، وبين الإخوة والأقارب والأصدقاء، وفي محاضِنِ التعليم بين الطلاَّب، بل - ومع الأسف - حتَّى بين بعض المربِّين للأجيال - إن سمِّي مربيًا تجاوزًا - حتَّى نشأ ناشئُ الفتيان فينا على ذاك.

وتباعًا لما سبق من الموضوعات الَّتي هي نتاج جوْلة في "صحيح مسلم
" في التوضيح والبيان، اخترتُ هذا الحديثَ لأتكلَّم عليه على نسق ما سبقه من طرْح، فاللهَ أسألُ أن يرزُقني وإيَّاك تمام الحياء، ومنه كل خير.

فإليْك - أخي المبارك - هذا الحديثَ مع شيءٍ من مباحث الحياء.


عن عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنْه - عنِ النَّبِيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّهُ قالَ: ((الحَياءُ لا يَأْتي إلاَّ بِخَيْرٍ))، فقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: إنَّهُ مَكْتوبٌ في الحِكْمةِ: أنَّ مِنْهُ وَقارًا وَمِنْهُ سَكِينَةً، فَقالَ عِمْرانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسولِ اللهِ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وتُحَدِّثُني عَن صُحُفِكَ؟!
وفي رواية لمسلم: قالَ رَسُولُ اللّهِ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((الحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ))، قالَ: أوْ قَالَ: ((الحَياءُ كُلُّهُ خَيْر)).


أولاً: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان، بابُ بيان عدد شُعَب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان"، حديث (37)، وأخرجه البخاري في "كتاب الأدب، باب الحياء"، حديث (6117).

وأمَّا رواية: ((الحياء خير كله)) أو قال: ((الحياء كله خير))، فانفرد بها مسلم عن البخاري في نفس الباب والكتاب السَّابقين، وأخرجها أبو داود في "كتاب الأدب، باب في الحياء" حديث (4796).

ثانيًا: شرح ألفاظ الحديث:

(
بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ): بُشير: بضمِّ الباء أحد كبار التَّابعين وفضلائِهم.
(
الحِكْمَة
): هي في الأصل إصابة الحقّ عن طريق النَّظر الثاقب والعِلْم.
(
أنَّ مِنْهُ وَقَارًا وَمِنْهُ سَكِينَةً
): أي: إنَّ الحياء منه ما يحمِل صاحبَه على أن يوقِّر غيره، ويتوقَّر هو في نفسه، ومنْه ما يحمل على أن يسكُن عن كثيرٍ من المنهيَّات والمكْروهات والأشياء الَّتي لا تليق بذي المروءة.

ثالثًا: من فوائد الحديث:

الفائدة الأولى: الحديث دليلٌ على فضل الحياء وأنَّه محمود على كلّ حال، وهذا الحياء الشَّرعي؛ حيث قال النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ)) و ((الحَياءُ كُلُّهُ خَيْرٌ))، وفي الصَّحيحَين من حديث ابنِ عُمر - رضي الله عنهما - قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الحياء من الإيمان)).

فإن قيل:
هُناك مِن الحياء ما يَمنع صاحبه من قوْل الحقّ أو الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر، فكيف نجمع بيْنه وبين كون الحياء لا يأْتي إلاَّ بخير، وأنَّه خيرٌ كلّه؟
والجواب:
أنَّ هذا الحياء ليس هو الحياء الشَّرعي الَّذي هو خير كلّه، بل هو خجَل وخور وعجْز ومهانة، وسمِّي حياءً مجازًا وتشبيها؛ لأنَّه يشترك مع الحياء الشَّرعي في معنى الانكسار والانقباض، وتعارف عند النَّاس أنَّه حياءٌ لكنَّه ليس حياءً شرعيًّا، وإن سمي حياءً، فهو حياء مذْموم ليس مقصودًا في الحديث.

الفائدة الثانية:
اختُلف في سبب إنكار عمران بن حصين - رضي الله عنه - وغضبه على بُشير بن كعب حينما قال له: "إنَّهُ مَكْتُوبٌ في الحِكْمةِ: أنَّ مِنْهُ وَقَارًا ومِنْهُ سَكِينَةً".

اختلف فيه على عدَّة أقوال:

فقيل: لأنَّ بُشيرًا قال: "أَنَّ مِنْهُ وَقارًا ومِنْهُ سَكِينَةً" و(من) للتَّبعيض؛ فيفهم منه أنَّ من الحياء ما يُنافي الوقار والسَّكينة؛ ولذلك أنكر عليه، ويؤيِّده رواية مسلم الأُخرى: "فقال بشيرُ بن كعب: إنَّا لنجِد في بعض الكتُب أو الحكمة: أنَّ منه سكينةً ووقارًا لله، ومنه ضَعْفٌ، فغضب عمران".

اسامه النمراوي 06-15-2011 08:53 PM

بارك الله فيك اخي مصعب على الموضوع المميز

ابو فارس 06-15-2011 09:17 PM

لك جزيل الشكر على كل جديد ومميز
لك مني أبو فارس أجمل تحيه وتقدير للجهود الجبارة
أرجو منك أن تزودنا بكل جديد لكي لا ننحرم من المرور على صفحاتك
سلمت يداك أخي وسلمت لنا وللمنتدى وأعضائه أشكرك جزيل الشكر

vigeta 06-15-2011 11:57 PM

الف شكر لك اخي مصعب والله يعطيك العافية

عبده فودة 05-19-2023 01:04 AM

شكرا لك اخى الكريم
وجزاك الله خيرا


الساعة الآن 05:06 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.