منتديات الشبول سات

منتديات الشبول سات (https://www.shbool-sat.com/vb/index.php)
-   منتدى الطب النبوي والتداوي بالاعشاب (https://www.shbool-sat.com/vb/forumdisplay.php?f=80)
-   -   لعيون الغوالي الموضوع الشامل في الطب النبوي (https://www.shbool-sat.com/vb/showthread.php?t=90)

محمد قطيش 03-10-2010 09:40 PM

في هديه في علاج استطلاق البطن

في الصحيحين : من حديث أبي المتوكل ، عن أبي

سعيد الخدري ، " أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال : إن أخي يشتكي بطنه : وفي رواية : استطلق بطنه ، فقال :
اسقه عسلاً ، فذهب ثم رجع ، فقال : قد سقيته ، فلم يغن
عنه شيئاً. وفي لفظ : فلم يزده إلا استطلاقاً مرتين أو ثلاثاً ،
كل ذلك يقول له : اسقه عسلاً ، فقال له في الثالثة
أو الرابعة : صدق الله ، وكذب بطن أخيك " .



وفي صحيح مسلم في لفظ له : " إن أخي عرب بطنه " ،

أي فسد هضمه ، واعتلت معدته ،
والاسم العرب بفتح الراء ، والذرب أيضاً .

والعسل فيه منافع عظيمة ، فإنه جلاء للأوساخ التي في

العروق والأمعاء وغيرها ، محلل للرطوبات أكلاً وطلاءً ،
نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ، ومن كان مزاجه بارداً رطباً ،
وهو مغذ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما استودع فيه ،
مذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منق للكبد والصدر ، مدر للبول ،
موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حاراً
بدهن الورد ، نفع من نهش

الهوام وشرب الأفيون ، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء نفع من

عضة الكلب الكلب ، وأكل الفطر القتال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري ،
حفظ طراوته ثلاثة أشهر ، وكذلك إن جعل فيه القثاء ، والخيار ،
والقرع ، والباذنجان ، ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر ،
ويحفظ جثة الموتى ، ويسمى الحافظ الأمين . وإذا لطخ به
البدن المقمل والشعر ، قتل قمله وصئبانه ، وطول الشعر ، وحسنه ،
ونعمه ، وإن اكتحل به ، جلا ظلمة البصر ، وإن استن به ، بيض
الأسنان وصقلها ، وحفظ صحتها ، وصحة اللثة ، ويفتح أفواه العروق ،
ويدر الطمث ، ولعقه على الريق يذهب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ،
ويدفع الفضلات عنها ، ويسخنها تسخيناً معتدلاً ، ويفتح سددها ،
ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة ، وهو أقل ضرراً
لسدد الكبد والطحال من كل حلو .



وهو مع هذا كله مأمون الغائلة ، قليل المضار ، مضر بالعرض

للصفراويين ، ودفعها بالخل ونحوه ، فيعود حينئذ نافعاً له جداً .

وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ،

وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية ، ومفرح مع المفرحات ،
فما خلق لنا شئ فى في معناه أفضل منه ، ولا مثله ، ولا قريباً منه ،
ولم يكن معول القدماء إلا عليه ، وأكثر كتب القدماء لا ذكر فيها للسكر
البتة ، ولا يعرفونه ، فإنه حديث العهد حدث قريباً ، وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق ، وفي ذلك سر بديع في حفظ
الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل ، وسنذكر ذلك
إن شاء الله عند ذكر هديه في حفظ الصحة .



وفي سنن ابن ماجه مرفوعاً من حديث أبي هريرة " من لعق

العسل ثلاث غدوات كل شهر ، لم يصبه عظيم من البلاء " ،
وفي أثر آخر : " عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن " فجمع
بين الطب البشري والإلهي ، وبين طب الأبدان ،
وطب الأرواح ، وبين الدواء الأرضي والدواء السمائي .

محمد قطيش 03-10-2010 09:40 PM

إذا عرف هذا ، فهذا الذي وصف له النبي صلى الله عليه وسلم العسل ،
كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته عن امتلاء ، فأمره بشرب
العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء ، فإن
العسل فيه جلاء ، ودفع للفضول ، وكان قد أصاب المعدة أخلاط لزجة ،
تمنع استقرار الغذاء فيها للزوجتها ، فإن المعدة لها خمل كخمل
القطيفة ، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة ، أفسدتها وأفسدت الغذاء
، فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط ، والعسل جلاء ، والعسل
من أحسن ما عولج به هذا الداء ، لا سيما إن مزج بالماء الحار .

وفي تكرار سقيه العسل معنى طبي بديع ، وهو أن الدواء يجب

أن يكون له مقدار ، وكمية بحسب حال الداء ، إن قصر عنه ،
لم يزله بالكلية ، وإن جاوزه . أوهى القوى ، فأحدث ضرراً آخر ،
فلما أمره أن يسقيه العسل ، سقاه مقداراً لا يفي بمقاومة الداء ،
ولا يبلغ الغرض ، فلما أخبره ، علم أن الذي سقاه لا يبلغ مقدار
الحاجة ، فلما تكرر ترداده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،
أكد عليه المعاودة ليصل إلى المقدار المقاوم للداء ، فلما
تكررت الشربات بحسب مادة الداء ، برأ ، بإذن الله ، واعتبار
مقادير الأدوية ، وكيفياتها ، ومقدار قوة
المرض مرض من أكبر قواعد الطب .



وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " صدق الله وكذب بطن أخيك

" ، إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء ، وأن بقاء الداء ليس
لقصور الدواء في نفسه ، ولكن لكذب البطن ، و كثرة
المادة الفاسدة فيه ، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة .

وليس طبه صلى الله عليه وسلم كطب الأطباء ، فإن طب النبي

صلى الله عليه وسلم متيقن قطعي إلهي ، صادر عن الوحي ،
ومشكاة النبوة ، وكمال العقل . وطب غيره ، أكثره حدس وظنون ،
وتجارب ، ولا ينكر عدم انتفاع كثير من المرضى بطب النبوة ،
فإنه إنما ينتفع به من تلقاه بالقبول ، واعتقاد الشفاء به ، وكمال
التلقي له بالإيمان والإذعان ، فهذا القرآن الذي هو شفاء لما في
الصدور - إن لم يتلق هذا التلقي - لم يحصل به شفاء الصدور
من أدوائها ، بل لا يزيد المنافقين إلا
رجساً إلى رجسهم ، ومرضاً
إلى مرضهم ، وأين يقع طب الأبدان منه ، فطب النبوة لا يناسب
إلا الأبدان الطبية ، كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا الأرواح
الطبية والقلوب الحية ، فإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضهم
عن طب الإستشفاء بالقرآن الذي هو الشفاء النافع ، وليس ذلك لقصور
فى الدواء ، ولكن لخبث الطبيعة ، وفساد المحل ،
وعدم قبوله ، والله الموفق .



***




في هديه في داء الإستسقاء وعلاجه


في الصحيحين : من حديث أنس بن مالك ، قال : قدم رهط من

عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فاجتووا المدينة ،
فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لو خرجتم إلى
إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها ، ففعلوا ، فلما صحوا ،
عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم ، واستاقوا الإبل ، وحاربو الله ورسوله ،
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم ، فأخذوا ، فقطع
أيديهم ، وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وألقاهم في الشمس حتى ماتوا " .

والدليل على أن هذا المرض كان الإستسقاء ، ما رواه مسلم في

صحيحه في هذا الحديث أنهم قالوا : إنا اجتوينا المدينة ، فعظمت
بطوننا ، وارتهشت أعضاؤنا ، وذكر تمام الحديث . . .



محمد قطيش 03-10-2010 09:41 PM

قال الرازي : لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد ، وفساد المزاج ،
وقال الإسرائيلي : لبن اللقاح أرق الألبان ، وأكثرها مائية وحدة ،
وأقلها غذاء ، فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول ، وإطلاق
البطن ، وتفتيح السدد ، ويدل على ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه
لإفراط حرارة حيوانية بالطبع ، ولذلك صار أخص الألبان بتطرية
الكبد ، وتفتيح سددها ، وتحليل صلابة الطحال إذا كان حديثاً ،
والنفع من الإستسقاء خاصة إذا استعمل لحرارته التي يخرج
بها من الضرع مع بول الفصيل ، وهو حار كما يخرج من الحيوان ،
فإن ذلك مما يزيد في ملوحته ، وتقطيعه الفضول ، وإطلاقه البطن ،
فإن تعذر انحداره وإطلاقه البطن ، وجب أن يطلق بدواء مسهل .



قال صاحب القانون : ولا يلتفت إلى ما يقال : من أن طبيعة اللبن

مضادة لعلاج الإستسقاء . قال : واعلم أن لبن النوق دواء نافع
لما فيه من الجلاء برفق ، وما فيه من خاصية ، وأن هذا اللبن
شديد المنفعة ، فلو أن إنساناً أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به ،
وقد جرب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب ، فقادتهم الضرورة
إلى ذلك ، فعوفوا . وأنفع الأبوال : بول الجمل
الأعرابي ، وهو النجيب ، انتهى .

وفي القصة : دليل على التداوي والتطبب ، وعلى طهارة بول مأكول

اللحم ، فإن التداوي بالمحرمات غير جائز ، ولم يؤمروا مع قرب
عهدهم بالإسلام بغسل أفواههم ، وما أصابته ثيابهم من
أبوالها للصلاة ، وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة .

وعلى مقاتلة الجاني بمثل ما فعل ، فإن هؤلاء قتلوا الراعي ،

وسملوا عينيه ، ثبت ذلك في صحيح مسلم .

وعلى قتل الجماعة ، وأخذ أطرافهم بالواحد .


وعلى أنه إذا اجتمع في حق الجاني حد وقصاص استوفيا معاً ، فإن

النبي صلى الله عليه وسلم قطع أيديهم وأرجلهم حداً
لله على حرابهم ، وقتلهم لقتلهم الراعي .

وعلى أن المحارب إذا أخذ المال ، وقتل ،

قطعت يده ورجله في مقام واحد وقتل .

وعلى أن الجنايات إذا تعددت ، تغلظت عقوباتها ، فإن هؤلاء ارتدوا

بعد إسلامهم ، وقتلوا النفس ، ومثلوا بالمقتول ،
وأخذوا المال ، وجاهروا بالمحاربة .

وعلى أن حكم ردء المحاربين حكم مباشرهم ، فإنه من المعلوم

أن كل واحد منهم لم يباشر القتل بنفسه ،
ولا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

وعلى أن قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حداً ، فلا يسقطه العفو ،

ولا تعتبر فيه المكافأة ، وهذا مذهب أهل المدينة ، وأحد
الوجهين فى مذهب أحمد ، اختاره شيخنا ، وأفتى به .



***






في هديه في العلاج بشرب العسل ، والحجامة ، والكي


في صحيح البخاري : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن

النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الشفاء في ثلاث : شربة عسل ،
وشرطة محجم ، وكية نار ، وأنا أنهى أمتي عن الكي " .

قال أبو عبد الله المازري : الأمراض الإمتلائية : إما أن تكون دموية ،

أو صفراوية ، أو بلغمية ، أو سوداوية . فإن كانت دموية ، فشفاؤها
إخراج الدم ، وإن كانت من الأقسام الثلاثة الباقية ، فشفاؤها بالإسهال
الذي يليق بكل خلط منها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم بالعسل على
المسهلات ، وبالحجامة على الفصد ، وقد قال بعض الناس :
إن الفصد يدخل في قوله : شرطة محجم . فإذا أعيا الدواء ،
فآخر الطب الكي ، فذكره صلى الله عليه وسلم في الأدوية ،
لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية ، وحيث لا ينفع
الدواء المشروب . وقوله : وأنا أنهى أمتي عن الكي ،
وفي الحديث الآخر : وما أحب أن أكتوي ، إشارة إلى أن
يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ، ولا يعجل التداوي
به لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع
ألم قد يكون أضعف من ألم الكي ، انتهى كلامه .

وقال بعض الأطباء : الأمراض المزاجية : إما أن تكون بمادة ،

أو بغير مادة ، والمادية منها : إما حارة ، أو باردة ، أو رطبة ،
أو يابسة ، أو ما تركب منها ، وهذه الكيفيات الأربع ، منها
كيفيتان فاعلتان : وهما الحرارة والبرودة ، وكيفيتان منفعلتان ،
وهما الرطوبة واليبوسة ، ويلزم من غلبة إحدى الكيفيتين
الفاعلتين استصحاب كيفية منفعلة معها ، وكذلك كان لكل
واحد من الأخلاط الموجودة في البدن ،
وسائر المركبات كيفيتان : فاعلة ومنفعلة .


محمد قطيش 03-10-2010 09:42 PM

فحصل من ذلك أن أصل الأمراض المزاجية هي التابعة
لأقوى كيفيات الأخلاط التي هي الحرارة والبرودة ، فجاء
كلام النبوة في أصل معالجة الأمراض التي هي الحارة
والباردة على طريق التمثيل ، فإن كان المرض حاراً ،
عالجناه بإخراج الدم ، بالفصد كان أو بالحجامة ، لأن في
ذلك استفراغاً للمادة ، وتبريداً للمزاج . وإن كان بارداً
عالجناه بالتسخين ، وذلك موجود في العسل ، فإن كان
يحتاج مع ذلك إلى استفراغ المادة الباردة ، فالعسل
أيضاً يفعل في ذلك لما فيه من الإنضاج ، والتقطيع ،
والتلطيف، والجلاء، والتليين ، فيحصل بذلك
استفراغ تلك المادة برفق وأمن من نكاية المسهلات القوية .



وأما الكي : فلأن كل واحد من الأمراض المادية ،

إما أن يكون حاداً فيكون سريع الإفضاء لأحد الطرفين ،
فلا يحتاج إليه فيه ، وإما أن يكون مزمناً ، وأفضل علاجه
بعد الإستفراغ الكي في الأعضاء التي يجوز فيها الكي ،
لأنه لا يكون مزمناً إلا عن مادة باردة غليظة قد رسخت
في العضو ، وأفسدت مزاجه ، وأحالت جميع ما يصل إليه
إلى مشابهة جوهرها ، فيشتعل في ذلك العضو، فيستخرج بالكي
تلك المادة من ذلك المكان الذي هو فيه
بإفناء الجزء الناري الموجود بالكي لتلك المادة .

فتعلمنا بهذا الحديث الشريف أخذ معالجة الأمراض المادية

جميعها ، كما استنبطنا معالجة الأمراض الساذجة من قوله
صلى الله عليه وسلم : " إن شدة الحمى
من فيح جهنم ، فأبردوها بالماء " .



***






وأما الحجامة ، ففي سنن ابن ماجه من حديث جبارة بن

المغلس ، - وهو ضعيف - عن كثير بن سليم ، قال : سمعت
أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما مررت ليلة أسري بي بملإ إلا قالوا :
يا محمد ! مر أمتك بالحجامة " .

وروى الترمذي في جامعه من حديث ابن عباس هذا

الحديث : وقال فيه : "عليك بالحجامة يا محمد " .

وفي الصحيحين : من حديث طاووس ، عن ابن عباس ،

أن النبي صلى الله عليه وسلم : " احتجم وأعطى الحجام أجره " .

وفي الصحيحين أيضاً ، عن حميد الطويل ، عن أنس ،

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة ، فأمر
له بصاعين من طعام ، وكلم مواليه ، فخففوا
عنه من ضريبته ، وقال : " خير ما تداويتم به الحجامة " .



وفي جامع الترمذي عن عباد بن منصور ، قال : سمعت

عكرمة يقول : كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون ،
فكان اثنان يغلان عليه ، وعلى أهله ، وواحد لحجمه ،
وحجم أهله . قال : وقال ابن عباس : قال نبي الله صلى
الله عليه وسلم : " نعم العبد الحجام يذهب بالدم ، ويخف
الصلب ، ويجلو البصر " ، وقال : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم حيث عرج به ، ما مر على ملإ من الملائكه
إلا قالوا : " عليك بالحجامة " ، وقال : " إن خير ما
تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ، ويوم تسع عشرة ،
ويوم إحدى وعشرين " ، وقال : " إن خير ما تداويتم
به السعوط واللدود والحجامة والمشي " ، وإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لد فقال: " من لدني ؟ فكلهم أمسكوا ،
فقال : لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا العباس
" . قال : هذا حديث غريب ، ورواه ابن ماجه .



محمد قطيش 03-10-2010 09:42 PM


وأما منافع الحجامة : فإنها تنقي سطح البدن أكثر من الفصد ،

والفصد لأعماق البدن أفضل ، والحجامة
تستخرج الدم من نواحي الجلد .

قلت : والتحقيق في أمرها وأمر الفصد ، أنهما يختلفان باختلاف

الزمان ، والمكان ، والأسنان ، والأمزجة ،
فالبلاد الحارة ، والأزمنة الحارة ، والأمزجة
الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج
الحجامة فيها أنفع من الفصد بكثير ، فإن الدم ينضج
ويرق ويخرج إلى سطح الجسد الداخل ، فتخرج الحجامة ما
لا يخرجه الفصد ، ولذلك كانت أنفع للصبيان من الفصد ،
ولمن لا يقوى على الفصد ، وقد نص الأطباء على أن البلاد
الحارة الحجامة فيها أنفع وأفضل من الفصد ، وتستحب
في وسط الشهر ، وبعد وسطه . وبالجملة ، في الربع الثالث
من أرباع الشهر ، لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج
وتبيغ ، وفي آخره يكون قد سكن .
وأما في وسطه وبعيده ، فيكون في نهاية التزيد .



قال صاحب القانون : ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول

الشهر ، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في
آخره لأنها تكون قد نقصت ، بل في وسط الشهر حين تكون
الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزيد النور في جرم القمر .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
" خير ما تداويتم به الحجامة والفصد " .
وفي حديث : " خير الدواء الحجامة والفصد " . انتهى .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " خير ما تداويتم به الحجامة

" إشارة إلى أهل الحجاز ، والبلاد الحارة ، لأن دماءهم
رقيقة ، وهي أميل الى ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة
الخارجة لها إلى سطح الجسد ، واجتماعها
في نواحي الجلد ، ولأن مسام أبدانهم واسعة ،
وقواهم متخلخلة ، ففي الفصد لهم خطر ،
والحجامة تفرق اتصالي إرادي يتبعه استفراغ
كلي من العروق ، وخاصة العروق التي لا تفصد كثيراً ،
ولفصد كل واحد منها نفع خاص ، ففصد الباسليق : ينفع
من حرارة الكبد والطحال والأورام الكائنة فيهما من الدم ،
وينفع من أورام الرئة ، وينفع من الشوصة وذات الجنب
وجميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك .

وفصد الأكحل : ينفع من الإمتلاء العارض في جميع

البدن إذا كان دموياً ، وكذلك إذا كان الدم قد فسد في جميع البدن .

وفصد القيفال : ينفع من العلل العارضة

في الرأس والرقبة من كثرة الدم أو فساده .

وفصد الودجين : ينفع من وجع

الطحال ، والربو ، والبهر ، ووجع الجبين .

والحجامة على الكاهل :

تنفع من وجع المنكب والحلق .

والحجامة على الأخدعين ، تنفع من أمراض الرأس ،

وأجزائه ، كالوجه ، والأسنان ، والأذنين ، والعينين ،
والأنف ، والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم
أو فساده ، أو عنهما جميعاً . قال أنس رضي الله تعالى عنه :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل .



وفي الصحيحين عنه : كان رسول الله صلى الله عليه

وسلم يحتجم ثلاثاً : واحدة على كاهله ، واثنتين على الأخدعين .

وفي الصحيح : عنه ، أنه

احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به .

وفي سنن ابن ماجه عن علي ، نزل جبريل

على النبي صلى الله عليه وسلم بحجامة الأخدعين والكاهل .

وفي سنن أبي داود من حديث جابر ، أن النبي

صلى الله عليه وسلم : " احتجم في وركه من وثء كان به " .



***

محمد قطيش 03-10-2010 09:46 PM



واختلف الأطباء فى الحجامة على نقرة القفا ، وهى القمحدوة .

وذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي حديثاً مرفوعاً
" عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ،
فإنها تشفي من خمسة أدواء " ، ذكر منها الجذام .

وفي حديث آخر :
" عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ،
فإنها شفاء من اثنين وسبعين داء " .

فطائفة منهم استحسنته وقالت : إنها تنفع من جحظ العين ،
والنتوء العارض فيها ، وكثير من أمراضها ، ومن ثقل
الحاجبين والجفن ، وتنفع من جربه . وروي أن أحمد بن
حنبل احتاج إليها ، فاحتجم في جانبي قفاه ، ولم يحتجم في
النقرة ، وممن كرهها صاحب القانون وقال : إنها تورث
النسيان حقاً ، كما قال سيدنا ومولانا وصاحب شريعتنا
محمد صلى الله عليه وسلم ، ، فإن مؤخر
الدماغ موضع الحفط ، والحجامة تذهبه ، انتهى كلامه .



ورد عليه آخرون ، وقالوا : الحديث لا يثبت ، وإن ثبث
فالحجامة ، إنما تضعف مؤخر الدماغ إذا استعملت
لغير ضرورة ، فأما إذا استعملت لغلبة الدم عليه ،
فإنها نافعة له طباً وشرعاً ، فقد ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه احتجم في عدة أماكن من قفاه
بحسب ما اقتضاه الحال في ذلك ، واحتجم
في غير القفا بحسب ما دعت إليه حاجته .


***



والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم ،
إذا استعملت في وقتها ، وتنقي الرأس والفكين ، والحجامة
على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن ، وهو عرق
عظيم عند الكعب ، وتنفع من قروح الفخذين والساقين ،
وانقطاع الطمث ، والحكة العارضة في الإنثيين ، والحجامة
في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ ،
وجربه وبثوره ، ومن النقرس والبواسير ، والفيل وحكة الظهر .


***


في هديه في أوقات الحجامة

روى الترمذي في جامعه : من حديث ابن عباس يرفعه :
" إن خير ما تحتجمون في يوم سابع عشرة ،
أو تاسع عشرة ، ويوم إحدى وعشرين " .

وفيه "عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في
الأخدعين والكاهل ، وكان يحتجم لسبعة عشر ،
وتسعة عشر ، وفي إحدى وعشرين " .

وفي سنن ابن ماجه عن أنس مرفوعاً : " من أراد الحجامة
فليتحر سبعة عشر ، أو تسعة عشر ،
أو إحدى وعشرين ، لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله " .

وفي سنن أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً :
" من احتجم لسبع عشرة ، أو تسع عشرة ، أو إحدى
وعشرين ، كانت شفاء من كل داء " ،
وهذا معناه من كل داء سببه غلبة الدم .

وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء ، أن الحجامة
في النصف الثاني ، وما يليه من الربع الثالث من أرباعه
أنفع من أوله وآخره ، وإذا استعملت عند
الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره .

قال الخلال : أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ،
قال : كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم
أي وقت هاج به الدم ، وأي ساعة كانت .

محمد قطيش 03-10-2010 09:47 PM

وقال صاحب القانون : أوقاتها في النهار : الساعة الثانية
أو الثالثة ، ويجب توقيها بعد الحمام إلا فيمن دمه
غليط ، فيجب أن يستحم ، ثم يستجم ساعة ، ثم يحتجم ، انتهى .

وتكره عندهم الحجامة على الشبع ، فإنها ربما أورثت

سدداً وأمراضاً رديئة ، لا سيما إذا كان الغذاء رديئاً غليظاً .
وفي أثر : " الحجامة على الريق دواء ،
وعلى الشبع داء ، وفي سبعة عشر من الشهر شفاء " .

واختيار هذه الأوقات للحجامة ، فيما إذا كانت على

سبيل الإحتياط والتحرز من الأذى ، وحفظاً للصحة .
وأما في مداواة الأمراض ، فحيثما وجد الإحتياح إليها
وجب استعمالها . وفي قوله : " لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله
" دلالة على ذلك ، يعني لئلا يتبيغ ، فحذف حرف الجر مع
( أن ) ، ثم حذفت ( أن ) . والتبيغ : الهيج ، وهو مقلوب البغي ،
وهو بمعناه ، فإنه بغي الدم وهيجانه . وقد تقدم
أن الإمام أحمد كان يحتجم أي وقت احتاج من الشهر .



***






وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة ، فقال الخلال في جامعه :

أخبرنا حرب بن إسماعيل ، قال : قلت لأحمد : تكره الحجامة
في شء من الأيام ؟ قال : قد جاء في الأربعاء والسبت .

وفيه : عن الحسين بن حسان ، أنه سأل أبا عبد الله عن الحجامة :

أي يوم تكره ؟ فقال : في يوم السبت ، ويوم الأربعاء ،
ويقولون : يوم الجمعة .



وروى الخلال ، عن أبي سلمة وأبي سعيد المقبري ،

عن أبي هريرة مرفوعاً : " من احتجم يوم الأربعاء
أو يوم السبت ، فأصابه بياض أو برص ، فلا يلومن إلا نفسه " .

وقال الخلال : أخبرنا محمد بن علي بن جعفر ، أن يعقوب

بن بختان حدثهم ، قال : سئل أحمد عن النورة والحجامة
يوم السبت ويوم الأربعاء ؟ فكرهها . وقال : بلغني عن
رجل أنه تنور ، واحتجم يعني يوم الأربعاء ،
فأصابه البرص . قلت له : كأنه تهاون بالحديث ؟ قال : نعم .

وفي كتاب الأفراد للدارقطني ، من حديث نافع قال :

قال لي عبد الله بن عمر : تبيغ بي الدم ، فابغ لي حجاماً ،
ولا يكن صبياً ولا شيخاً كببراً ، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : " الحجامة تزيد الحافظ حفظاً ،
والعاقل عقلاً ، فاحتجموا على اسم الله تعالى ، ولا تحتجموا
الخميس ، والجمعة ، والسبت ، والأحد ، واحتجموا الإثنين ،
وما كان من جذام ولا برص ، إلا نزل يوم الأربعاء " .
قال الدارقطني : تفرد به زياد بن يحيى ، وقد رواه
أيوب عن نافع ، وقال فيه : " واحتجموا
يوم الإثنين والثلاثاء ، ولا تحتجموا يوم الأربعاء " .

وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي بكرة ، أنه كان

يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم " .



***



وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ،

واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي
يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم ، وإن آل إلى
قطع شئ من الشعر ، فإن ذلك جائز . وفي وجوب الفدية
عليه نظر ، ولا يقوى الوجوب ، وجواز احتجام الصائم ،
فإن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ،
أم لا ؟ مسألة أخرى ، الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض ،
وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم ، ولكن
لا يدل على عدم الفطر إلا بعد أربعة أمور . أحدها :
أن الصوم كان فرضاً . الثاني : أنه كان مقيماً . الثالث :
أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة . الرابع :
أن هذا الحديث متأخر عن قوله : " أفطر الحاجم والمحجوم " .

محمد قطيش 03-10-2010 09:47 PM


فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع ، أمكن الإستدلال بفعله صلى

الله عليه وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة ، وإلا فما
المانع أن يكون الصوم نفلاً يجوز الخروج منه بالحجامة
وغيرها ، أو من رمضان لكنه في السفر ، أو من رمضان
في الحضر ، لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجة من به
مرض إلى الفطر ، أو يكون فرضاً من رمضان في الحضر
من غير حاجة إليها ، لكنه مبقى على الأصل . وقوله :
" أفطر الحاجم والمحجوم " ، ناقل ومتأخر ، فيتعين
المصير إليه ، ولا سبيل إلى إثبات واحدة من
هذه المقدمات الأربع ، فكيف بإثباتها كلها .

وفيها دليل على استئجار الطبيب وغيره من غير

عقد إجازة ، بل يعطيه أجرة المثل ، أو ما يرضيه .



وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة ، وإن كان

لا يطيب للحر أكل أجرته من غير تحريم عليه ، فإن النبي
صلى الله عليه وسلم أعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله ،
وتسميته إياه خبيثاً كتسميته للثوم
والبصل خبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما .

وفيها دليل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كل

يوم شيئاً معلوماً بقدر طاقته ، وأن العبد أن يتصرف فيما
زاد على خراجه ، ولو منع من التصرف ، لكان كسبه كله
خراجاً ولم يكن لتقديره فائدة ، بل ما زاد على خراجه ،
فهو تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد ، والله أعلم .



***






في هديه صلى الله عليه وسلم في قطع العروق والكي


ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله ، أن النبي

صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي بن كعب طبيباً ،
فقطع له عرقاً وكواه عليه .

ولما رمي سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبي صلى الله عليه

وسلم ثم ورمت ، فحسمه الثانية . والحسم : هو الكي .

وفي طريق آخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن

معاذ في أكحله بمشقص ، ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه .

وفي لفظ آخر : أن رجلاً من الأنصار رمي في أكحله

بمشقص ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فكوي .

وقال أبو عبيد : وقد أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل

نعت له الكي ، فقال : " اكووه وارضفوه " . قال أبو عبيد :
الرضف: الحجارة تسخن ، ثم يكمد بها .


محمد قطيش 03-10-2010 09:48 PM

وقال الفضل بن دكين : حدثنا سفيان ، عن أبي ال**ير ،
عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كواه في أكحله .

وفي صحيح البخاري من حديث أنس ، أنه كوي
من ذات الجنب والنبى صلى الله عليه وسلم حي .

وفي الترمذي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم :
" كوى أسعد بن زرارة من الشوكة " ، وقد تقدم الحديث
المتفق عليه وفيه " وما أحب أن أكتوي
" وفي لفظ آخر : " وأنا أنهى أمتي عن الكي " .

وفي جامع الترمذي وغيره عن عمران بن حصين ، أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي قال : فابتلينا فاكتوينا
فما أفلحنا ، ولا أنجحنا . وفي لفظ :
نهينا عن الكي وقال : فما أفلحن ولا أنجحن .

قال الخطابي : إنما كوى سعداً ليرقأ الدم من جرحه ،
وخاف عليه أن ينزف فيهلك . والكي مستعمل في
هذا الباب ، كما يكوى من تقطع يده أو رجله .



وأما النهي عن الكي ، فهو أن يكتوي طلباً للشفاء ،
وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو ، هلك ،
فنهاهم عنه لأجل هذه النية .

وقيل : إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة ،
لأنه كان به ناصور ، وكان موضعه خطراً ،
فنهاه عن كيه ، فيشبه أن يكون النهي منصرفاً إلى
الموضع المخوف منه ، والله أعلم .

وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي الصحيح لئلا يعتل ،
فهذا الذي قيل فيه : لم يتوكل من اكتوى ،
لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه .

والثاني : كي الجرح إذا نغل ،
والعضو إذا قطع ، ففي هذا الشفاء .

وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع ،
ويجوز أن لا ينجع ، فإنه إلى الكراهة أقرب . انتهى .

وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة
بغير حساب "أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون ،
وعلى ربهم يتوكلون ".



فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع ، أحدها : فعله ، والثاني :
عدم محبته له ، والثالث : الثناء على من تركه ، والرابع :
النهي عنه ، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى ، فإن فعله يدل
على جوازه ، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه . وأما الثناء
على تاركه ، فيدل على أن تركه أولى وأفضل . وأما النهي عنه ،
فعلى سبيل الإختيار والكراهة ، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه ،
بل يفعل خوفاً من حدوث الداء ، والله أعلم .



محمد قطيش 03-10-2010 09:49 PM


في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع


أخرجا في الصحيحين من حديث عطاء بن أبي رباح ، قال : قال

ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال :
هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي ، فقال : " إن شئت
صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ، فقالت :
أصبر . قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها " .

قلت : الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية ،

وصرع من الأخلاط الرديئة . والثاني : هو
الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه .



وأما صرع الأرواح ، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ،

ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية
لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدافع آثارها ، وتعارض أفعالها
وتبطلها ، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض
علاج الصرع ، وقال : هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه
الأخلاط والمادة . وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ،
فلا ينفع فيه هذا العلاج .

وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة ،

فأولئك ينكرون صرع الأرواح ، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع ،
وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ،
والحس والوجود شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض
الأخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه لا في كلها .



وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع : المرض الإلهي ،

وقالوا : إنه من الأرواح ، وأما جالينوس وغيره ، فتأولوا عليهم
هذه التسمية ، وقالوا : إنما سموه بالمرض الإلهي لكون هذه
العلة تحدث في الرأس ، فنضر بالجزء الإلهي الطاهر الذي مسكنه الدماغ.

وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواح وأحكامها ، وتأثيراتها ،

وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده .

ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك

من جهل هؤلاء وضعف عقولهم .



وعلاج هذا النوع يكون بأمرين : أمر من جهة المصروع ، وأمر

من جهة المعالج ، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه ،
وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها ، والتعوذ الصحيح
الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ، فإن هذا نوع محاربة ،
والمحارب لا يتم له الإنتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين :
أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً ، وأن يكون الساعد قوياً ،
فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل ، فكيف إذا عدم
الأمران جميعاً : يكون القلب خراباً من التوحيد ،
والتوكل ، والتقوى ، والتوجه ، ولا سلاح له .

والثاني : من جهة المعالج ، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً ،

حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله : اخرج منه . أو بقول:
بسم الله أو بقول لا حول ولا قوة إلا بالله ، والنبى صلى الله عليه
وسلم كان يقول : " اخرج عدو الله أنا رسول الله " .

وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ،

ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي ، فإن هذا لا يحل لك ، فيفيق
المصروع ، وربما خاطبها بنفسه ، وربما كانت الروح ماردة
فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحس بألم ،
وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً .


الساعة الآن 03:24 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.